الحيرة الموجودة لا تنفي وجود حكمتها
كميل / عمان السؤال: الحيرة الموجودة لا تنفي وجود حكمتها
حينما نستدل على الإمامة نقول بأنهم وجدوا لحفظ الإمة الإسلامية من التيه إذ لولا وجودهم لما عرفنا التفسير الصحيح للقرآن و لا الأحكام و العقائد الصحيحة.
السؤال هو: كيف يمكن التوفيق بين هذا و بين غيبة الإمام الحجة (عج) إذ أن الغيبة جعلتنا نحتار بين الحلال و الحرام و ليس هناك من يمحو هذه الحيرة مئة بالمئة؟ فالنتيجة هي أن الحكمة من وجودهم (ع.س) ليست لرفع الحيرة و إنما لشيء آخر.
فكيف تحلون هذا الإشكال؟
الجواب:
الأخ كميل المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ مصلحة وجود الأئمة (عليهم السلام) لا تنحصر في الجانب التشريعي ، بل وإنّهم بما لديهم من قدرات وصلاحيّات ، لهم التصرّف في الجانب التكويني أيضاً . فعليه، فحكمة وجود الإمام الغائب ترتبط إلى حدّ كبير بمقام وساطته في الفيض الإلهي للوجود ـ كما قرّر في محلّه ـ . ثم إنّ الغيبة بما هي معلولة لعدم التجاوب المطلوب من جانب الناس لخط الإمامة ، فكافّة آثارها السلبيّة ـ إن وجدت ـ فهي حصيلة هذا التخاذل والقعود عن الحق . أي بعبارة أوضح، فانّ الحيرة الموجودة لا تنفي وجود الحكمة في الأصل ، بل وإنّ كلّ الآثار السيّئة في هذه الفترة ترجع بالنتيجة إلى الناس أنفسهم ، كضوء الشمس المستتر أحياناً بالغيم ، إذ أنّ وجود الضوء ومصلحته لا يخالجه أيّ شك ، وأمّا عدم وصوله إلينا فعلتّه وجود الغيم ، وهنا لا يصحّ لنا أن ننكر حكمة وجود الشمس الممتنعة الضوء بالغيم ، بل وإنكارنا يجب أن ينصب دائماً على المانع في جميع المجالات . مضافاً إلى أنّ الله تبارك وتعالى ومن منطلق محبّته لعباده وإيصال المنافع لهم دائماً ، قد رتّب مصالح في هذه الغيبة حتى لا يخسر المؤمنون في هذه الفترة بالمرّة .فمنها توطيد المحبّة الولائية في نفوسهم حتى يتمهّد الطريق في المستقبل القريب ـ إن شاء الله ـ لحكم الإمام (عليه السلام) .ومنها اجتياز المراحل الصعبة في الامتحان الإلهي وثمّ إعطاء درجات الإيمان لهم .ومنها ترويضهم في هذه الفترة لمواجهة المشاكل والأمور الصعاب بأنفسهم حتى تترقّى قابلياتهم ويؤهلّوا لمرحلة تثبيت الحكم الإسلامي. إلى آخر ما هنالك من مصالح كليّة وجزئية جاءت جابرة إلى حدّ ما خسارة الناس من غيبة إمامهم (عليه السلام) .
ودمتم سالمين
|