عندما تصبح الحياة حبا

عندما تصبح الحياة حباً

الحب شمس الحياة الثانية ، ليس هذا مجر غناء شاعر، فهو حقيقة علمية تشير إليها الدراسات النفسية والطب نفسية في البيت ، والمجتمع، وبين البشر والأحياء جميعا.

لو استمعت إلى ما يقوله الحب، وفكرت فيه ، ووعيت رسالته ، لفزت بالكثير ، لكن ما هو الحب؟ تقول معاجم علم النفس: إن الحب شعور وجداني قوي نحو شخص أو موضوع مع رغبة في الارتباط بهذا الشخص أو الموضوع . ويعرف الحب في علم النفس بأنه سلوك.
لنبدأ بدراسة دواوين الشعر لنرى ماذا يقول الشعراء عن الحب. وسأختار لك قصيدة" لجورج شابمان" اعتبر عالم الأنثربولوجيو "أشلي مونتاجيو" أنه لو لم يكتب جورج شابمان سوى هذه القصيدة لخلدته سطورها. ويرى أنه لم يقم أحد بتقديم وصف للحب دقيق وممتلئ بالتبصر مثلما فعل شامان ، فعالم السلوك لا يستطيع وصف الحب بمثل هذه الكلمات ، وكثيرون تحدثوا عن الحب بكلمات بلهاء موحين بأفكار عن الكيمياء والتشيرح وعلم الغدد والأعراق والسلوك وغير ذلك من العلوم تسهم بإفلاسها في فهم هذه الظاهرة التي تعمل على الاستخفاف بها.
عاش جورج شابمان من عام 1559 إلى عام 1634، وكان صديقا وزميلا لشكسبير . ومترجما لهوميروس . كان كاتبا مسرحيا من أفضل من وصفوا الطبيعة وأثرها في الحب . وقد جاء هذا الوصف على لسان فاليريو ابن الفارس كانستازيو في مسرحية شامبانall fools.
لنستمع إلى شابمان يقول في الحب:

إني أخبرك أن الحب هو شمس الطبيعة الثانية
يفجر ينبوعا من الفضائل حينما بشرق
وكما أنه بدون الشمس عين العالم الكبير
يصبح كل ما في الفن الطبيعة من ألوان وجمال
عبثا في نظر الرجال ، كذالك فإنه بدون الحب يصبح كل ما في النساء من جمال عبثا
وتصبح كل الفضائل التي اكتسبها الرجال خاملة
لأن الحب يظهرها مثلما تظهر الشمس الألوان
وكما تعكس الشمس على العالم أشعتها الدافئة
وتنمي الفواكه والأزهار
فإن الحب حينما يشع جيدا في داخل الإنسان
يولد فيه كل الثمار والأفكار السامية
إنه تصميم شعاع وحديث إلهي
آه.. إنه الفردوس والجنة في الأرض

لو استمعت إلى مقالة الحب وفكرت فيها ووعيتها،لفزت بالكثير . ستكون متصلا بأعماق إنسانيتك، أصيلا تعرف الحياة ، كما أنت بلا قناع أو زيف ، وستكون سعيدا دائما ، متقد الذهن حيوي القلب ، متألق الوجه بابتسامة تأسر الإنسان طفلا كان أو شيخا ، ستكون دائما متألق.
الحب يطيل الأعمار
قال لي أستاذي جلبرت رن ، وهو ينتشي بعامة التاسع والتسعين ، إن الحب يجعلك في صحة جيدة ويطيل عمرك ، تكون دائما في حالة راحة ، أعصابك هادئة، وعملياتك الحيوية تعمل بانتظام وكفاءة..التوترات تختفي، والتفاؤل ينشر في وجدانك وأفكارك ، ويدفعك إلى العمل المثمر الذي يمتعك ويمتع الآخرين . ويؤيد رن عالم الاجتماع بتورم سروكون الذي أفاد بأن القساوسة ورجال الدين المسيحيين كان متوسط أعمارهم أكبر من متوسط أعمار الأفراد الذين عاشوا في زمانهم ، وذلك في حقبة من حقب التاريخ ، لماذا ؟ لأنهم كانوا يعيشون بالحب وللحب ، حب الناس والعمل لخيرهم ، هذا الحب الذي سماه سوروكون" الحب الغيري"
في بلادنا حينما يذكر " الحب " تقفز إلى الذهن كلمة " الجنس" ، ومن ثم يصبح الحب مدانا يقترن لا ذنب والخجل والشهوة ، ويصبح بعيدا عن الحديث ذو البحث والدرس العملي ، مستعصيا على الفهم .
ليس خطأ أن يقترن الحب لا جنس ، بكن الحب أعم من الجنس.
لنستمع إلى الشاعر الإنجليزي شيلي وهز يتحدث عن "فلسفة الحب":

انظري إلى النافورة وهي تختلط بمياه النهر
والأنهار وهي تمتزج بالمحيطات
ورياح السماء تمتزج أبدا
بعواطف عذبة
لا يوجد في العالم شيء وحيد
فالقانون الإلهي يجعل الأشياء كلها
تلتقي وتتمازج في روح واحدة
فلماذا لا تلقي أنت بي
انظري إلى الأرض وهي تقبل السماء في ارتفاعها
والأمواج وهي تعانق بعضها بعضا
لن تغفر الحياة لزهرة
أن تزدري أخاها
وها هو ضوء الشمس يصافح الأرض
وأشعة القمر تقبل مياه البحر
ماذا تعني كل هذه الأعمال الحلوة
إذا لم تقبليني أنت
الحب هو علاقة الإنسان بالآخر، وقد يكون الآخر إنسانا أو حيوانا أو مكانا أو وطنا أو فكرة أو رسالة. إنه أي إنسان أو أي فكرة أو أي شيء تشعر نحو المودة والألفة ، وتستمد منه أفكارا ومشاعر تدفعك إلى أن تعانق الحياة في تمامها وتضيف إلها مشيدا أبنية من الخير والنماء . الحب أي كائن يرتبط به وتحرص على تنميته، هو ينبوع حب لك ، من فيض حبك يتألق.
هذا هو الحب
البداية هي أن تعرف به
وتكسب نفسك الشجاعة لكي تعانقه
لأنك عندئذ ستعانق الحياة في تمامها
البداية أن تعرف به ، لأن هذا الاعتراف سيدفعك إلى البحث عنه
وأنت لا تحتاج إليه دون شك ، كل منا يحتاج إليه ،وفي كل لحظة من لحظات حياته، لكنك قد تنكر حاجتك إله ، ومن ثم تعيش محروما منه ، ستكون دراستك عبثا ثقيلا لو لم تشعر نحوها بالحب وستكون علاقتك بالآخر انتهازية أو وصولية أو استغلالا أو خداعا لو لم تشعر نحوه أو نحوها بالحب .
وفي الوقت الذي تعترف فيه بالحب وتبحث عنه ، ستفكر فيه وتفلسفه ، وتحاول فمه وتمارس في كل مظاهر حياتك ، وسينشط العلماء لفهم هذه القوة الساحرة والطاقة الكبرى، التي تربط الإنسان وأسرته وعلمه ووطنه وإخوته في الإنسانية ، بين الإنسان والحياة .
وإذا استمعنا إلى العلماء يفسرون مقالة الحب، والشعراء يعزفون أنغامه، والأدباء ينشرون سحره وبيانه ، إذا استمعنا إلى مقالة الحب تنفذ في أعماق قلوبنا وعقولنا ووجداننا ، إذا استمعنا إلى الحب ، أمكن أن نعيشه بفاعلية ، وتصبح الحياة حبا( مجلة العربي العدد545 _ أبريل 2004 _ صفحة 172)




أقول لقد أعطى رسوله الله صلى الله عليه وآله النجاة للأمة يوم القيامة ببضع كلمات حيث قال وهو خير قائل:: من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله( تاريخ مدينة دمشق ابن عساكر ج 24 ص 271 )(وإذا غضب الله على أحد فمصيره جهنم)

عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب ( الجامع الصغير جلال الدين السيوطي ج 2 ص 182 )

حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب .( كنز العمال المتقي الهندي ج 11 ص 621 )عن ( تمام وابن عساكر عن أبي ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات )

ما وضع حب علي في ميزان أحد إلا رجح على سيئاته ، ولا وضع بغضه في ميزان أحد إلا رجح على حسناته( تفسير الإمام العسكري (ع) المنسوب الى الإمام العسكري (ع) ص 21)

من أحب عليا أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة( ميزان الاعتدال الذهبي ج 3 ص 467 )

عن الحسن بن صالح يقول سمعت جعفر بن محمد يقول حب علي عبادة وافضل العبادة ما كتم ( تاريخ بغداد الخطيب البغدادي ج 21 ص 346 )


عن يحيى بن عبد الرحمن الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من أحب عليا محياه ومماته كتب الله تعالى له الامن والايمان ما طلعت الشمس وما غربت ومن أبغض عليا محياه ومماته فميتته جاهلية وحوسب بما أحدث في الاسلام ( أسد الغابة ابن الاثير ج 5 ص 10)


عن أبي جعفر محمد ابن علي قال ما ثبت حب علي في لقب مؤمن فزلت قدمه( تصحيفات المحدثين-العسكري ص 477 )

عن علي (عليه السلام)قال : والله والذي خلق الحبة وبرأ النسمة انه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم : انه لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق(خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) النسائي ص 104

طبعا لا نقصد بالحب هو فقط قول ذالك، بل المقصود العمل ، أي أن نتبع ما يأمرنا به الإمام علي ؛ ، الذي أمره من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله من أمر الله عز وجل .

وكما قال الشاعر( أبو العتاهية)

تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاَ لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع

عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب
( الجامع الصغير جلال الدين السيوطي ج 2 ص 182 )

اللهم صل على محمد وآل محمد وهل بعد هذا الحب حب ؟
وقد قال نبينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله :
"من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله"
احسنت اخي عباس في اختيار العنوان : عندما تصبح الحياة حبا
وهل تصبح الحياة حبا الا في حب من احب الله ورسوله ؟
اللهم صل على محمد وآل محمد

السلام عليك يا امامي يا امير المؤمنين
وعلى اهل بيتك الطيبين الطاهرين

اخي الطيب السيد عباس بارك الله بكم في عملكم الطيب
انه جهد كريم وجميل جمعتم به اجمل معاني الحب

اختك في الله سلام الحاج
متأهلة من الدكتور محمد علي الموسوي
من لبنان