من هو يزيد
من هو يزيد ؟ : هو يزيد بن معاوية بن صخر المكنى بأبي سفيان ، جدته لأبيه هند التي لاكت كبد حمزة عم النبي في معركة أحد ، نشأ نشأة مترفة في بيت أبيه معاوية الذي تربع على ولاية الشام قرابة عشرين عاما وعاش حياة الملوك المترفين ، وهيأ معاوية لابنه كل أسباب التعليم للمعارف المشهورة في عصره ، لأن معاوية كان يعد العدة للإنقضاض على منصب الخلافة ، ويهيئ الأسباب لتمويل الخلافة إلى ملك ينحصر في ذرية أبي سفيان أو البيت الأموي ، وكان يرجو أن يكون ابنه يزيد هو الملك الثاني بعد أبيه ! ! ! إلا أن الولد يزيد نشأ جانحا ، ميالا للعبث واللهو ، مستهترا ، وخليعا ، مدمنا على الصيد ، وشرب الخمر ، مولعا بالكلاب والقرود ، ملحدا في قرارة نفسه ، حاقدا على النبي محمد وعلى آله وأهل بيته خاصة وعلى الهاشميين عامة بعد أن عرف طبيعة الصراح الدامي الذي جرى بين رسول الله وآله والهاشميين من جهة وبين أبيه وجده وآل أبي سفيان والبيت الأموي من جهة أخرى ، وبعد أن عرف أن عليا وحمزة والهاشميين قتلوا أعمامه وأجداده وأقاربه ، ! ! ولكن يزيد كان من الذكاء بحيث إنه قد عرف بأن النبوة قد صارت طريقا للملك ، وأن الدين قد صار وسيلة لاستقرار هذا الملك ، فجاهر بعصيانه وعبثه واستهتاره وادعائه بأنه مسلم ، وكتم إلحاده وكفره ، ثم انكشفت حقيقته من زلات لسانه ! ! ! لما شاهد الرؤوس تحمل إليه ، قال : نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل * فقد اقتضيت من الحسين ديوني ‹ صفحة 20 › ومن هنا فقد حكم ابن الجوزي ، والقاضي أبو يعلى ، والتفتازاني ، وجلال الدين السيوطي بكفره ولعنه ( 1 ) وقد قال ابنه معاوية عندما مات والده واصفا إياه بقوله : " . . . ومن أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبؤس منقلبه وقد قتل عترة الرسول ، وأباح الخمر وخرب الكعبة . . . " ( 2 ) ثم إن رسول الله قد لعن يزيد باسمه فقال : " يزيد لا بارك الله بيزيد ، نعي إلي الحسين ، وأوتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله . . . وآها لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف ، بقتل خلفي وخلف الخلف " ( 3 ) . ولعنه رسول الله بالوصف ، فقال : " سبعة لعنتهم وكل نبي مجاب الدعوة . . . والمستحل من عترتي ما حرم الله " ( 4 ) . وأخرج الواقدي عن عبد الله بن حنظلة الغسيل ، قال : " والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء ، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة " تجد ذلك في " الصواعق المحرقة " لابن حجر ص 137 ، وقال الذهبي : " ولما فعل يزيد ما فعل بأهل المدينة مع شربه الخمر ، وإتيانه المنكرات اشتد عليه الناس " . وجاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم . إن يزيد رجل يشرب الخمر ، ويزني بالحرم ! ! ! راجع فضائل الخمسة ج / 3 ص 390 . هذه طبيعة يزيد الذي قاد جيش الخلافة في كربلاء ، وصنع مجزرتها ‹ صفحة 21 › الرهيبة ، فذبح آل محمد وأهل بيته ومن والاهم وأخذ بنات النبي سبايا ، بعد أن مثل بضحاياه شر تمثيل ! ! ! وقد ولي الحكم ثلاث سنوات ، ففي السنة الأولى من حكمه قتل أولاد النبي وأحفاده وبني عمومته ومن والاهم بمذبحة كربلاء ، وفي السنة الثانية ، استباح المدينة ، وفض جيشه ألف عذراء وقتل عشرة آلاف مسلم بيوم واحد وهو " يوم الحرة " ، وختم أعناق الصحابة وأخذ البيعة على أنهم خول وعبيد " لأمير المؤمنين " يتصرف بهم تصرف السيد بعبيده ، أما في السنة الثالثة فقد هدم الكعبة وأحرقها . وهذه أمور قد أجمعت الأمة على صحة وقوعها وتوثيقها ! ! ! . من هو والد يزيد ؟ وجده : معاوية هو والد يزيد ! وصخر بن أمية المكنى بأبي سفيان هو جد يزيد وكلاهما طليق ، ومن المؤلفة قلوبهم ، وكلاهما من أئمة الكفر بإجماع الأمة ! ! فالثابت بالإجماع أن الاثنين قد استسلما يوم فتح مكة ، فأعلنا إسلامهما بعد أن أغلقت أمامهما كل الأبواب ، والثابت كذلك أن الرجلين قد قاوما رسول الله ودينه بكل أساليب المقاومة ، وحارباه بكل فنون الحرب ، وكاداه بكل طرق الكيد طوال فترة 21 عاما وهي المدة الممتدة بين إعلان النبوة وفتح مكة ! ! وهذه حقائق لا ينكرها إلا تافه مريض . فأبو سفيان من أكابر تجار مكة ، وهو الوارث لمنصب قيادة البطون ، وبعد موت أبي جهل صار أبو سفيان زعيم جبهة الشرك بلا منازع ، فهل يعقل أن تتحد بطون قريش ال 23 ضد محمد ودينه وضد بني هاشم دون علمه وعلم أولاد حنظلة ويزيد ومعاوية وهم سادات مجتمع الكفر ! ! ! وهل يعقل أن تجري عمليات تعذيب المستضعفين قبل الهجرة دون علم وموافقة أبي سفيان وبنيه ! ! وهل يعقل أن تهدد بطون قريش بقتل محمد دون علم أبي سفيان وموافقته ! ! ! ومن يصدق بأن بطون قريش ال 23 المتحدة قد أجمعت على حصار النبي وبني هاشم ومقاطعتهم ثلاث سنين في شعب أبي طالب دون علم قائدها أبي سفيان وموافقته ! ! ! . ‹ صفحة 22 › وهل يعقل بأن تجري البطون اتصالات مع زعماء الطائف ليردوا النبي ردا مؤلما دون علم أبي سفيان ومباركته ! ! ! . ومن يصدق بأن بطون قريش قد أرسلت وفدا إلى النجاشي ليرد المهاجرين دون علم أبي سفيان وبنيه وموافقتهم ! ! ! . وهل يعقل أن تتآمر بطون قريش ال 23 على قتل النبي ليلة هجرته وأن تختار منها مائة رجل ليضربوا النبي ضربة رجل واحد دون علم أبي سفيان ومباركته ! ! ! . ألم يخرج أولاد أبي سفيان لقتال النبي في بدر ! ! ألم يقتل بكره حنظلة هنالك ! ! أليس هو قائد المشركين في أحد ! ! ! ألم تخرج عائلة أبي سفيان كلها مع جيش المشركين في أحد ! ! ! أليست زوجته هند هي التي بقرت بطن حمزة عم النبي وأخرجت كبده لتأكله من كيدها وحقدها ! ! ! . أليس أبو سفيان هو الذي جمع الأحزاب وقادها ، وانسحب بها بعد الهزيمة ، وأين كان بنوه ! ! ! . لقد أعلن أبو سفيان في داخل الكعبة كما يروي الواقدي ، وهو الذي قال لوفد اليهود : " إن أحب الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمد " ( 1 ) هذه عقيدة أبي سفيان وعقيدة بنيه : كره بلا حدود ، وحقد بلا حدود ، وحسد بلا حدود . كانت أفعال أبي سفيان وبنيه وبني عمومته واضحة في أذهان الجميع من سكان الجزيرة ، المسلم ، والمشرك ، واليهودي ، والنصراني . كانت جرائم أبي سفيان وبنيه جراحات دامية في قلب النبي وآله وبني هاشم وفي قلوب الذين آمنوا ، فمن الطبيعي أن يلعنهم الرسول وأن يدعوا عليهم لكشف حقيقتهم للأمة ، فلعنه الرسول في سبعة مواطن ( 2 ) ولعنه رسول الله في الركعة الثانية من صلاة ‹ صفحة 23 › الصبح ( 1 ) ، وقال السيوطي : وأخرج أحمد ، والبخاري ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، والبيهقي ، أن رسول الله قد قال يوم أحد : " اللهم العن أبا سفيان . . . " ( 2 ) ويروي نصر بن مزاحم عن البراء بن عازب ، قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية . فقال رسول الله ( ص ) : " اللهم العن التابع والمتبوع اللهم عليك بالأقيعس " فقال البراء لأبيه : من الأقيعس . قال : معاوية ؟ ( 3 ) وأخرج نصر بن مزاحم ، قال : نظر رسول الله إلى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه ، أحدهما قائد والآخر سائق . فلما نظر رسول الله إليهم قال : اللهم العن القائد والسائق والراكب " قلنا : أنت سمعت رسول الله ؟ قال : نعم ، وإلا فصمتا أذناي كما عميتا عيناي ( 4 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 20 › ( 1 ) راجع روح المعاني للآلوسي ج 26 ص 73 آية * ( فهل عسيتم إن توليتم ) * وقال : " إنما قتل بما قتله الرسول يوم بدر كجده وخاله وهذا كفر صريح ، ومثله تمثله بقول ابن الزبعرى قبل إسلامه : - ليت أشياخي ببدر شهدوا - " ، وراجع تذكرة الخواص لابن الجوزي ج 2 ص 148 ، وفتوح ابن أعثم ج 5 ص 241 . ( 2 ) راجع الصواعق المحرقة لابن حجر ص 134 . ( 3 ) راجع كنز العمال ج 6 ص 39 قال : أخرجه الطبراني ، وراجع مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 189 ، وأخرجه ابن عساكر ورواه عن أبي نعيم والديلمي . ( 4 ) راجع الصواعق المحرقة ص 143 ، وميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 119 ، وكنز العمال ج 6 ص 46 ، و ج 8 ص 191 - 192 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 1 ص 36 و ج 2 ص 525 و ج 4 ص 90 و 464 و 487 . ‹ هامش ص 22 › ( 1 ) راجع المغازي للواقدي ج 2 ص 442 ، وكتابنا المواجهة ص 184 . ( 2 ) الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ، ص 134 . ‹ هامش ص 23 › ( 1 ) المستدرك على الصحيحين ، ج 1 ص 36 . ( 2 ) الدر المنثور للسيوطي ، ج 2 ص 71 . وانظر : صحيح البخاري ، ج 5 ص 35 و 171 . وكتابنا : المواجهة ، ص 66 . ( 3 ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري ص 712 . ( 4 ) وقعة صفين ، ص 220 . وآراء علماء المسلمين للسيد مرتضى الرضوي ، ص 74 - 76 . ( 5 ) وقعة صفين ، ص 227 ، وتاريخ الطبري ج 6 ص 4 . وجمهرة الخطب ج 1 ص 161 ، والغدير في الكتاب والسنة والأدب ج 10 ص 191 . ( 6 ) وقعة صفين . ص 105 ، وجمهرة الخطب ، ج 1 ص 142 . ( 7 ) الإمامة والسياسة ، ج 1 ص 113 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 37 ، ج 1 ص 113 . ( 8 ) مقاتل الطالبيين ص 29 ، وشرح ابن أبي الحديد ج 4 ص 12 ، وجمهرة الرسائل ج 2 ص 49 . ( 9 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 280 .
|