هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : تحليل وتقييم المخاطر وت... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 20 ]       »     دورة : إدارة منظومة العلاقات ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 27 ]       »     دورة : مشرف السلامة والصحة الم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 16 ]       »     دورة : مشرف السلامة والصحة الم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 15 ]       »     دورة : مشرف السلامة والصحة الم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 16 ]       »     دورة : مهارات التفسير والتحليل... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 12 ]       »     دورة : إدارة مخاطر المؤسسات [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 14 ]       »     دورة : أنظمة التوزيع الكهربائي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 14 ]       »     دورة : المدير المعتمد في الجود... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 12 ]       »     السيرة الذاتية ل اود خالد تفا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 53 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-03-2011, 11:14 AM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5406 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي السؤال: رد على إشكالات بعض الوهابية على الآية



السؤال: رد على إشكالات بعض الوهابية على الآية
بطلان استدلال الشيعة بحديث الكساء على إمامة علي وعصمة آل البيت
ومن الأدلة التي يستدلون بها على الإمامة: آية التطهير، وآية التطهير هي قوله تبارك وتعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) يقولون: إن أهل البيت هم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، بدلالة حديث الكساء.
حديث الكساء ترويه أم المؤمنين عائشة ، وهذا الحديث يخرجه الإمام مسلم .
عائشة تروي: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءه علي فأدخله في عباءته –أي: في كسائه- ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاءه الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جللهم-أي: غطاهم-صلوات الله وسلامه عليه بالكساء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) فقالوا: هذا الحديث يفسر الآية وهي قول الله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) .
ثم الاستدلال الآخر وهو: أن إذهاب الرجس والتطهير، أي: العصمة، فيكونون بذلك معصومين، ويكون علي رضي الله عنه معصوماً، وكذا الحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين، فإذا كان الأمر كذلك فهم إذاً أولى بالإمامة من غيرهم، ثم أخرجوا فاطمة رضي الله عنها وقالوا: إن الإمامة في علي والحسن والحسين، ثم في أولاد الحسين كما هو معلوم عند الكثيرين.
هذه الآية هل هي فعلاً في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أو في غيرهم؟
كما قلنا في قول الله تبارك وتعالى: (( إنَّمَا وَليّكم اللَّه وَرَسوله وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وَيؤتونَ الزَّكَاةَ وَهم رَاكعونَ )) (المائدة:55) ثم اقرءوا ما قبل هذه الآية، تدبروا القرآن، فنحن لا نريد أكثر من ذلك، أفليس الله تبارك وتعالى يقول: (( أََفلا يَتَدَبَّرونَ القرآنَ أَم عَلَى قلوب أَقفالهَا )) (محمد:24)؟ ويقول: (( أََفلا يَتَدَبَّرونَ القرآنَ وَلَو كَانَ من عند غَير اللَّه لَوَجَدوا يه اختلافاً كَثيراً )) (النساء:82)؟ إن هذا الخطاب من الله جل وعلا ليس متوجهاً فقط ء ?لى أناس معنيين هم الذين يحق لهم أن يتدبروا القرآن، بل إن الله تعالى يطلب من جميع المسلمين -بل ومن غير المسلمين- أن يتدبروا القرآن، ويتعرفوا على الله جل وعلا من خلال هذا القرآن، فإنهم إذا قرءوا القرآن وتدبروه وعرفوه حق المعرفة وعرفوا قدره ومكانته لن يجدوا بداً من الانصياع إليه واتباعه والإقرار بكماله وحسن رصه، وغير ذلك من الأمور.
كذلك الأمر هنا، نحن لا نريد منكم أكثر من أن تتدبروا القرآن -أنا أعنيكم يا عوام الشيعة- دعوا علماءكم جانباً، ارجعوا إلى كتاب ربكم جل وعلا واقرءوه، وافتحوا هذا القرآن الكريم، على سورة الأحزاب، فعندما نفتح الآن على سورة الأحزاب في الجزء الثاني والعشرين سنجد أن الله تبارك وتعالى يقول: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا وَزينَتَهَا َفتَعَالَينَ أمَتّعكنَّ وَأسَرّحكنَّ سَرَاحاً جَميلاً * وَإن كنتنَّ تردنَ اللَّهَ وَرَسولَه وَالدَّارَ الآخرَةَ فإنَّ اللَّهَ أعَدَّ للمحسنَات منكنَّ أَجراً عَظيماً * يَا نسَاءَ النَّبيّ مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة مبَيّنَة يضَاعَف لَهَا العَذَاب ضعَين وَكَانَ ذَلكَ عَلَى اللَّه يَسيراً * وَمَن يَقنت منكنَّ للَّه وَرَسوله وَتَعمَل صَالحاً نؤتهَا أَجرَهَا مَرَّتَين وَأَعتَدنَا لَهَا رزقاً كَريماً * يَا نسَاءَ النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد من النّسَاء إن اتَّقَيتنَّ فلا تَخضَعنَ بالقَول فيَطمَعَ الَّذي في قَلبه مَرَضٌ وَقلنَ قَولاً مَعروفاً * وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرّجَ الجَاهليَّة الأولَى وَأَقمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكَاةَ وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً * وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ من آيَات اللَّه وَالحكمَة إنَّ اللَّهَ كَانَ لَطفياً خَبيراً )) (الأحزاب:28-34) نجد أن كل الآيات متناسقة، آيات في نساء النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله: (( يَا نسَاءَ النبيّ )) , (( يَا نسَاءَ النبيّ )) , (( وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ )) ثم قال: (( وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً * وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ )) (الأحزاب:33-34) فنجد الآيات في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف لأحد أن يدعي بعد ذلك أن هذه الآية، بل هذا المقطع من الآية؛ لأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33) ليست آية إنما هي جزء من آية: (( وَقَرنَ في بيوتكنَّ )) تلكم الآية، فكيف تقبلون في كلام الله جل وعلا أن يكون الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا )) (الأحزاب:28) ثم يقول: (( يَا نسَاءَ النَّبيّ مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة مبَيّنَة )) (الأحزاب:30) .. (( يَا نسَاءَ النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد من النّسَاء * وَقَرنَ في بيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرّجَ الجَاهليَّة الأولَى وَأَقمنَ الصَّلاةَ وَآتينَ الزَّكَاةَ وَأَطعنَ اللَّهَ وَرَسولَه إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:32-33) يا علي.. يا فاطمة .. يا حسين، ثم يعود مرة ثانية: (( وَاذكرنَ مَا يتلَى في بيوتكنَّ )) (الأحزاب:34) ما الذي أدخل علياً والحسن الحسين وفاطمة في خطاب موجه لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما مناسبة هذه الفقرة بين هذه الآيات؟ لا توجد مناسبة؛ ماذا علينا أن نفعل؟ هل نطعن في كلام الله أو نطعن في الذين فهموا هذا الفهم وادعوا دعوى غير صحيحة؛ لأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33)؟ نقول: هذه دعوى باطلة، ف! هذه في نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذلك كان مجاهد رحمه الله تعالى -مجاهد بن جبر- يقول: (هي في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء باهلته). أي: في هذه الآية.
* من هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
القصد هذه الآية هي في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث الكساء لعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وبهذا نجمع بين الأمرين، أن علياً وفاطمة، والحسن والحسين من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل حديث الكساء، وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والدليل: الآيات المذكورة سابقاً، وغيرهم يدخل أيضاً في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كالفضل بن العباس، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه لما منعهما من الزكاة أن يكونا عاملين عليها وقال: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) ! ويدخل كذلك في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آل جعفر وآل عقيل وآل العباس بحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه وأرضاه، فقصر هذه الآية على علي والحسن والحسين وفاطمة لا يستقيم معه نص الآية؛ ولذلك نقول: إن هذا القول مردود.
* حل إشكال ورد شبهة:
هنا إشكال وهو: إذا كان الأمر كذلك وهي في نساء النبي صلى الله عليه وسلم فما مفهوم: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم )) (الأحزاب:33) ولم يقل: عنكن؟ وهذا هو الذي يدندنون عليه، لماذا قال: عنكم، ولم يقل: عنكن؟ وهذه قد ذكر أهل العلم لها معانف كثيرة منها:
أولاً: -وهو أصح هذه الأقوال-: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم داخل معهن، وذلك أن الخطاب كان للنساء، ثم لما تكلم على البيت دخل سيد البيت وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا دخل صلوات الله وسلامه عليه مع النساء في الخطاب فطبيعي جداً أن تلغى نون النسوة وتأتي بدلها ميم الجمع: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت )) (الأحزاب:33) أي: يا نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومعكن سيدكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتصح أيضاً لما قال الله تبارك وتعالى لما قال عن امرأة إبراهيم: (( رَحمَة اللَّه وَبَرَكَاته عَلَيكم أَهلَ البَيت )) (هود:73) وهي امرأة إبراهيم، لم جاء بميم الجمع هنا: (عليكم) ولم يقل: (عليكن)، ولا (عليكف) أيضاً، وإنما (عليكم)؟ يريد أهل البيت، يريد مراعاة اللفظ، واللفظ (أهل).
وعلى كل حال إن نون النسوة هنا لم يؤت بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل معهن.
*عدم دلالة آية التطهير على عصمة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كذلك بالنسبة للتطهير: الله سبحانه يريد أن يذهب الرجس، ويريد أن يطهر سبحانه وتعالى، فهل هم مطهرون خلقة أو يريد الله الآن أن يطهرهم؟ القوم يدعون أنهم مطهرون خلقة، أي: خلقوا مطهرون، فإذا كانوا خلقوا مطهرين فما معنى قوله وتعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) بعد أوامر ونواهف قال: يريد أن يذهب عنكم الرجس أي: طهركم وأذهب عنكم الرجس، إذاً: ما معنى حديث الكساء، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جللهم بالكساء ثم قال: اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) لماذا يدعو وبماذا؟ يدعو بإذهاب الرجس الذي هو أصلاً ذاهب عنه! م؛ لأنهم مطهرون خلقة؟! فكيف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلب من الله أن يذهب عنهم الرجس؟ تحصيل حاصل لا ينبغي أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً: هذه الآية لا تدل على العصمة، كيف تدل على العصمة وعلي رضي الله عنه يقول: ( (وإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن من أن يقع مني ذلك)) يقول ذلك في الكافي الجزء الثامن صفحة: (293)، ويقول للحسن ابنه: ( ( ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (576)، وقال له أيضاً: ( ( فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء وتتورط الظناء )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (577)، وقال له كذلك: ( ( فإن أشكل عليك من ذلك-يعني: أمر-فاحمله على جهالتك به، فإنك أول ما خلقت جاهلاً ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك، و! يضل فيه بصرك )) وهذا في نهج البلاغة صفحة: (578).
وهذا من يسمونه بالشهيد الثاني: زين الدين بن علي العاملي، يقول: ( ( فإن كثيراً منهم ما كانوا يعتقدون بعصمتهم لخفائها عليهم، بل كانوا يعتقدون أنهم علماء أبرار )). وهذا في حقائق الإيمان صفحة: (151).
* معنى الرجس:
يقول الله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) ما هو الرجس؟ الرجس: قال أهل اللغة: هو القذر.. الذنب .. الإثم .. الفسق .. الشك ..الشرك .. الشيطان، كل هذا يدخل في مسمى الرجس.
وردت كلمة الرجس في القرآن في مواضع عدة، فقد وردت في قول الله تعالى: (( يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا إنَّمَا الخَمر وَالمَيسر وَالأَنصَاب وَالأَزلام رجسٌ من عَمَل الشَّيطَان )) (المائدة:90) وقال تعالى: (( كَذَلكَ يَجعَل اللَّه الرّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يؤمنونَ )) (الأنعام:125) وقال سبحانه وتعالى: (( قل لا أَجد في مَا أوحيَ إلَيَّ محَرَّماً عَلَى طَاعم يَطعَمه إلاَّ أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَماً مَسوحاً أَو لَحمَ خنزير َإنَّه رجسٌ أَو سقاً أهلَّ لغَير اللَّه به )) (الأنعام:145)، وكذلك يقول سبحانه وتعالى على الكفار من اليهود: (( قَالَ قَد وَقَعَ عَلَيكم من رَبّكم رجسٌ وَغَضَبٌ أَتجَادلونَني في أَسمَاء سَمَّيتموهَا أَنتم وَآبَاؤكم مَا نَزَّلَ اللَّه بهَا من سلطَان فَانتَظروا إنّي مَعَكم من المنتَظرينَ )) (الأعراف:71) ويقول تعالى: (( سَيَحفلونَ باللَّه لَكم إذَا انقَلَبتم إلَيهم لتعرضوا عَنهم فأَعرضوا عَنهم إنَّهم رجسٌ )) (التوبة:95) وجاءت آيات أخرى تبين معنى الرجس، وهو: الإثم.. الذنب.. القذر.. الشك.. الشيطان.. الشرك، وما شابهها من ! المعاني؛ ولذلك جاء عن جعفر الصادق رضي الله عنه ورحمه أنه قال: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ )) (الأحزاب:33) قال: هو الشك, وقال الباقر: (الرجس: هو الشك، والله)




رد مع اقتباس
قديم 06-03-2011, 11:15 AM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الجواب:
الأخ بو عقيل المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الشبهات المطروحة ليست جديدة وقد تقولها عثمان الخميس في كتاب (حقبة من التاريخ) منذ سنين ونحن نجيب عليها بالإضافة لما أجبنا عنها سابقاً. ما ذنب الشيعة والأحاديث الصحيحة صريحة في هذا المعنى المتنازع عليه بأن أهل البيت (عليهم السلام) هم علي وفاطمة والحسن والحسين بالإضافة إلى سيد البيت النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله) فهذه رواية عائشة في مسلم التي حكت فعل النبي (صلى الله عليه وآله) بأصحاب الكساء ثم تلاوته لآية التطهير من سورة الأحزاب، تعاضدها النصوص الصحيحة التي رواها أئمة السنن والآثار حين نقلوا قول النبي(صلى الله عليه وآله) وبطرق مختلفة: ((اللهمّ هؤلاء أهل بيتي))، حين جللهم بالكساء وحين قرأ آية التطهير عليهم خاصة.. وهذا اللفظ منه (صلى الله عليه وآله) يفيد الحصر وتعيين المذكورين فقط بأنهم أهل البيت دون غيرهم، وقد نصَّ العلماء بأن تعريف الجزأين يفيد الحصر (انظر الاتقان في علوم القرآن للسيوطي: 583).
وقد صرّح جمع من علماء أهل السنة بهذا المعنى أيضاً أي بأنّ المراد بأهل البيت هم أصحاب الكساء دون غيرهم، وفي هذا يقول الحاكم النيسابوري في كتابه (المستدرك على الصحيحين)، بعد أن ذكر جملة من الأخبار والروايات الصحيحة الصريحة في أن أهل البيت هم خصوص أصحاب الكساء فقط، وأنهم أيضاً المرادون بمصطلح (آل محمد) دون غيرهم. قال بعد إيرادة لحديث كيفية الصلاة على أهل البيت: ((وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعاً هم)) (المستدرك على الصحيحين 3: 160).
وفي هذا المعنى أيضاً يقول الآلوسي صاحب التفسير: ((وأخبار إدخاله (صلى الله عليه وآله) عليّاً وفاطمة وابنيهما أرضي الله تعالى عنهم، تحت الكساء، وقوله عليه الصلاة والسلام: (اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي) ودعائه لهم، وعدم إدخال أمّ سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصصه لعموم أهل البيت بأي معنى كان البيت، فالمراد بهم من شملهم الكساء ولا يدخل فيهم أزواجه(صلى الله عليه وآله))). (تفسير روح المعاني للآلوسي ج12 ص18).
وأما الاحتجاج بوحدة السياق، وأنّ هذه الآية الكريمة وردت ضمن آيات جاءت تتحدث عن نساء النبي(صلى الله عليه وآله)، فيكون المراد بانهن المقصودات بهذه الآية الكريمة بالاضافة إلى النبي(صلى الله عليه وآله) لمحل التذكير في الضمائر الذي يستفاد منه الشمول للذكر والأنثى، فنقول:
إنَّ من الضروري للاستدلال بوحدة السياق لهذه الآيات، بل وللاستدلال بها في كل آيات القرآن الكريم اثبات نزول الآيات المستدل بها دفعة واحدة، وفي مناسبة واحدة، ليكون بعضها قرينة على البعض الآخر، وأما احتمال تعدد الكلام في مناسبات مختلفة، فهو ينسف الاستدلال بوحدة السياق، ولا يمكن اثبات المدّعى في هذا المقام وفي كل مقام .. ومن المعلوم أن ترتيب الآيات القرآنية في المصحف الشريف لم يكن بحسب التسلسل الزمني لنزولها، فرب آية مدنية وضعت بين آيات مكية وبالعكس .. وهذا الأمر يمكن ملاحظته بأدنى مراجعة لأسباب نزول الآيات التي ذكرها العلماء في الكتب الخاصة بهذا الشأن.
وفي مقامنا: من العسير جداً اثبات نزول آية التطهير (وهي الآية 33 من سورة الأحزاب) مع الآيات الواردة في نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، بل هناك من الأدلة ما يشير إلى نزول آية التطهير قبل آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله): قال السيوطي في (الدر المنثور 5: 199): أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها جاء النبي (صلى الله عليه وآله) إلى بابها يقول: (السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة رحمكم الله، (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33), أنا حرب لما حاربتم، وسلم لما سالمتم).
فإذا علمنا أن زواج فاطمة من علي (عليهما السلام) كان بعد رجوع النبي (صلى الله عليه وآله) من غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، ـ كما يروي ذلك أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين ص30)، أو على رأس اثنين وعشرين شهراً من الهجرة ـ بحسب رواية الطبري في (تاريخه 2: 117) ـ وعلمنا أيضاً أن نزول الآيات المرتبطة بنساء النبي (صلى الله عليه وآله) كان بعد زواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمجموعة منهن ـ بل ذهب بعض المفسرين إلى كونهن تسعة عند نزول هذه الآيات (الدر المنثوره: 199) ـ ولم يختلّف أحد في وجود (حفصة) آنذاك، وأنّها من جملة النساء اللآتي خيّرهنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الدنيا والآخرة .. وقد صرّح الطبري وغيره أن زواج النبي(صلى الله عليه وآله) من حفصة كان في السنة الثالثة من الهجرة قبل الخروج إلى أحد ، أي أن التأريخ متأخر عن زواج فاطمة (عليها السلام) بما يقارب السنة الواحدة أو يزيد عليها.. يتبين لنا من ملاحظة هذين الأمرين أي من تاريخ زواج علي من فاطمة (عليهما السلام) وتاريخ زواج النبي(صلى الله عليه وآله) من حفصة، أنه لا يمكن المصير أو القول بأن آية التطهير قد نزلت دفعت واحدة مع آيات نساء النبي(صلى الله عليه وآله).
وهذا الأشكال الوارد على وحدة السياق لهذه الآية مع تلك الآيات إن ثبت على نحو الجزم، فهو مانع من الاستدلال به في المقام وان لم يثبت على نحو الجزم فلا أقل من كونه احتمالاً مانعاً من تمامية الاستدلال بوحدة السياق في المقام.
وأيضاً يوجد هناك أمران آخران يمنعان من الاستدلال بوحدة السياق لهذه الآيات الكريمات:
الأول: وهو عدم وحدة الخطاب بينها، أي بين آيات النساء وآية التطهير، فالملاحظ أن المولى سبحانه أرجع الإرادة في آيات النساء إليهن لا إليه ـ عز وجل ـ ، إذ قال تعالى: (( يَا أَيّهَا النَّبيّ قل لأَزوَاجكَ إن كنتنَّ تردنَ الحَيَاةَ الدّنيَا ... وَإن كنتنَّ تردنَ اللَّهَ وَرَسولَه... مَن يَأت منكنَّ بَفاحشَة )) (الأحزاب:28-29-30) وبينما في آية التطهير كان الخطاب يحكي عن تعلّق الإرادة الإلهية ذاتها بالتطهير وإذهاب الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام) فقد قال تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً )) (الأحزاب:33).
الثاني: ان آيات النساء وردت في سياق الزجر والتحذير، بينما آية التطهير ـ بالاتفاق ـ قد وردت في سياق المدح والتفضيل.. وشتان بين السياقين إذا اعتبرنا إن المخاطب في كلا الموردين واحد وليس متعدداً.
وبشكل عام لكي يتم الاحتجاج بوحدة السياق بين آيات ما في القرآن الكريم فهذا الأمر يحتاج إلى شيئين: الأول: الوحدة في النزول، الثاني: الوحدة في الخطاب.. وهما مفقودان في المقام.
وأما دعوى أن مجاهد بن جبر كان يقول: ((هي في نساء النبي(صلى الله عليه وآله) ومن شاء باهلته)). فالصحيح أن هذا الرأي هو لعكرمه مولى ابن عباس كان يجاهر به وينادي به في الأسواق، وهو ـ أي عكرمه ـ معروف بانحرافه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل بيته لأنه كان يرى رأي الخوارج والنصب ظاهر من كلماته وألفاظه في هذه المسألة، وإلا أي شيء يستدعي أجراء المباهلة لغرض بيان تفسير آية من آيات القرآن انها نزلت في فلان دون فلان سوى النصب والعداء الذي كانت تجاهر به الخوارج تجاه أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصةًً وأهل البيت عامةً وبالذات رأي نجدة الحروري ـ والذي كان عكرمة يرى رأيه ـ الذي يعد أشد الآراء بغضاً لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالإضافة إلى تكفير جميع المسلمين من غير الخوارج، وقد اشتهر عن عكرمة أيضاً كذبه ووضعه للحديث لذا وصفه يحيى بن سعيد الأنصاري بأنّه كذاب. (انظر ترجمة عكرمة في ميزان الأعتدال للذهبي والمعارف لابن قتيبة). فمن المعيب بل من الاجحاف الركون إلى هذا الرأي الصادر عن هذا الكذاب الناصبي وترك تلك النصوص الصريحة المستفيضة الصادرة عن النبي(صلى الله عليه وآله) في تفسير آية التطهير بالخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم مع أن في قوله - أي عكرمة - دلالة على أن كافة المسلمين كانوا على خلاف في ذلك ولذلك كان يقول: ليس ما تذهبون إليه.. ثم يطلب المباهلة.
ودعوى عود ضمير الجمع ((عنكم.. يطهركم)) إلى ما يشمل الذكور ـ النبي(صلى الله عليه وآله) ـ بالإضافة للزوجات وانه جاء على لسان الخطاب مع زوجة إبراهيم (عليه السلام) في قوله تعالى: (( أتعجبين من أمر الله، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت )) (هود:73).
نقول: ان استفهام الملائكة من تعجب سارة (زوجة إبراهيم (عليه السلام) ) إنما كان لقرابتها منه (عليه السلام) ولاصطفائها، وهذا المعنى يتطابق مع الواقع الخارجي لسارة ـ لكونها ابنة عم إبراهيم (عليه السلام) ـ وأيضاً مع المدلول اللغوي لكلمة (أهل بيت الرجل) التي نصَّ اللغويون على أن المراد منها أخصّ الناس به ـ أي بالرجل الذي نسبوا على أنهم من أهل بيته ـ، ولا شك أن الارتباط مع الرجل بوشيجة النسب أخص منه في وشيجة السبب ـ كالزواج وغيره ـ، وعلى هذا يكون الخطاب في الآية 73 من (سورة هود) شاهد على أن المراد بأهل البيت (عليهم السلام) في آية التطهير (33 من سورة الأحزاب) هم المرتبطون بالنبي (صلى الله عليه وآله) من حيث النسب لا من حيث السبب كما هو الشأن في سارة زوجة إبراهيم (عليه السلام) المرتبطة بإبراهيم (عليه السلام) من حيث النسب والسبب معاً لا بالسبب وحده.
ولو سلم شمول آية التطهير لزوجات النبي(صلى الله عليه وآله) بالاستناد إلى عموم اللفظ. نقول: قد خصص هذا العموم بالأحاديث الصحيحة المتضافرة من السنّة الشريفة بأنّ المراد بـ (أهل البيت) في الآية الكريمة هم الخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم.. فلا يتم مطلوب المناهض لهذا الرأي على أية حال.
وأيضاً الاستدلال بأنّ (أهل البيت) يشمل آل جعفر وآل عقيل وآل العباس - كما رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم – فهذا لا يعدو أن يكون رأياً لزيد رآه لا يقوى على مناهضة الأحاديث الصحيحة الصريحة الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) التي فسرت أهل البيت بالخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم.
وهذا الرأي لزيد يمكن الاستدلال به على نفي المراد بأهل البيت نساؤه (صلى الله عليه وآله) فإنّ لزيد بن أرقم في هذه المسألة روايتان، في واحدة منها ينفي أن يكون المراد بأهل بيته (صلى الله عليه وآله) نسائه، وفي الثانية يثبت فيها أنّ أهل بيته هم من حرم الصدقة بعده بالاضافة إلى اثباته بأنّ نسائه من أهل بيته، وقد يبدو التعارض والتناقض بين الروايتين ، ومن هنا قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: ((وأمّا قوله في الرواية الأخرى: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة. قال: وفي الرواية الأخرى: فقلنا مَن أهل بيته نساؤه؟ قال: لا. فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساؤه لسن من أهل بيته، فتتأول الرواية الأولى أنهنّ من أهل بيته الذين يساكنون ويعولهم... ولايدخلن فيمن حرم الصدقة)) (صحيح مسلم بشرح النووي 15: 180)، فالملاحظ من هذا الشرح أن الرواية المعروفة والمشهورة عن زيد أن نسائه لسن من أهل بيته, ولكن لورودها في صحيح مسلم على خلاف المعروف والمشهور - كما أشار النووي في شرحه - احتاجت إلى التأويل.
وقد فصل زيد بين أهل البيت بمعنيين: بين من يسكن معه في بيت واحد ويعولهم, وبين من حرم الصدقة بعده, فالمراد بأهل البيت في الحديث - الذي يرويه زيد - هم مَن حرم الصدقة بعده، وهو المعنى الذي أراد بيانه ونصّ عليه شارح مسلم النووي.. ومن المعلوم أن نسائه (صلى الله عليه وآله) لا تحرم عليهن الصدقة بالإجماع، فإذن هنَّ لسن المرادات من مفهوم ((اهل البيت)) الوارد في حديث الثـقلين وكذلك في آية التطهير، بل في كل الأحاديث الواردة في هذا الشأن. وأما القول بأن قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت وَيطَهّرَكم تَطهيراً ))(الأحزاب: من الآية33) بعد أوامر ونواه، فهذا الأمر قد تبين حاله من الأجوبة السابقة بان آية التطهير لم يكن نزولها مع آيات النساء والمشتملة على تلك الأوامر والنواهي، وهو الأمر الذي اعتبرناه مؤشراً واضحاً على اختلاف السياقين وان سياق (آية التطهير) هو سياق المدح والثناء وهو الذي فهمه كل العلماء والمحدّثين فأوردوا الأحاديث التي وردت فيها هذه الآية بحق أهل البيت (عليهم السلام) في باب مناقبهم وفضائلهم . فتدبر.
وكذلك الأتيان بلفظة ((يريد)) في الآية لا تدل على وقوع المراد في المستقبل فقط، إذ يمكن أن يؤتى بصيغة الأستقبال ويراد بها الماضي والحال كما في قوله تعالى: (( إنَّمَا يريد الشَّيطَان أَن يوقعَ بَينَكم العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمر وَالمَيسر )) (المائدة:91), مع أن الشيطان قد أوقع العداوة في الماضي بسبب الخمر فلا تدل الآية على ارادة الوقوع في المستقبل فقط مع أن اللفظ جاء بصيغة الاستقبال. وأيضاً قوله تعالى: (( يريد اللَّه أَن يخََّفف عَنكم )) (النساء:28), فالارادة فيه للحال لا للاستقبال مع أن الصيغة صيغة استقبال.. وهكذا غيرها من الموارد المذكورة في القرآن الكريم. فراجع ثمة.
وكذلك كونه (صلى الله عليه واله) دعا لهم بإذهاب الرجس والتطهير ـ كما في بعض نصوص هذه الروايات ـ لايدل على ان الرجس كان ثابتاً عندهم والنبي (صلى الله عليه وآله) يطلب إذهابه، بل نقول ان لسانه (صلى الله عليه وآله) هنا يجري مجرى قول القائل: أذهب الله عنكم كل مرض.. مع أنه لم يكن حاصلاً له أي مرض.
وما نقل عن الشهيد الثاني في كتابه (حقائق الإيمان) بخفاء معنى العصمة عن كثير من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ليس دليلاً على عدم الدليل، فقد يخفى فهم الدليل على بعض ويدركه البعض الآخر وإلا لما دعا المولى سبحانه إلى التدبر والتفكر في آيات الله وسؤال أهل الذكر ووصف قوماً بالراسخين في العلم دون غيرهم!. وأما قولهم: إن عليّاً (عليه السلام) نفى عن نفسه العصمة كما هو الوارد في (نهج البلاغة) أنه قال: (وإني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ، ولا آمن من أن يقع مني ذلك...).
نقول: هذا النص الوارد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة فيه استثناء يدل على العصمة ولكن غالب المستشهدين به يقتطعونه لغرض التلبيس على العوام، فقد قال (عليه السلام) بالنص - كما في النسخة المحققة والتي علّق عليها الشيخ محمد عبده المصري - : (فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلى إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني)(2: 201).
قال الشيخ محمد عبده في تعليقته: يقول: لا آمن من الخطأ في أفعالي، إلا إذا كان يسر الله لنفسي فعلاً هو أشد ملكاً مني، فقد كفاني الله ذلك الفعل فأكون على أمن من الخطأ فيه. (انتهى).
نقول: فهل كفى الله عز وجل أمير المؤمنين (عليه السلام) من نفسه ما هو أملك به منه، ويسّر له فعلاً هو أشد ملكاً منه ينتصر به على نفسه ويأمن الخطأ في فعله كما هو مراد الاستثناء في كلامه (عليه السلام) الذي يغض عنه الطرف المغرضون عمداً وتعمية ؟!
وفي الجواب نقول: فليرجع هؤلاء إلى (نهج البلاغة) نفسه الذي استشهدوا بهذه العبارة منه وليستمعوا إلى أقوال أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الجانب وليلاحظوا العبارات التي يعبّر بها (عليه السلام) عن نفسه بما يفيد نفس معنى العصمة الذي يقول به الإمامية له (عليه السلام).
قال (عليه السلام): (واني لعلى بيّنة من ربي، ومنهاج من نبّي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطاً) (1:189).
ويقول (عليه السلام) في كلام له وقد جمع الناس وحضّهم على الجهاد فسكتوا ملياً: (..لقد حملتكم على الطريق الواضح التي لا يهلك عليها إلا هالك، من استقام فإلى الجنة، ومن زلَّ فإلى النار)(1: 233).
ويقول (عليه السلام) في كلام له لبعض أصحابه: (فإن ترتفع عنا وعنهم محن البلوى، أحملهم من الحق على محضّه): (2: 64).
ويقول (عليه السلام): (ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد(صلى الله عليه وآله) إنّي لم أردّ على الله ولا على رسوله ساعة قط) (2: 171).
ويقول (عليه السلام) في خطبته المسماة بـ (القاصعة) التي ذكر فيها قربه من النبي(صلى الله عليه وآله) وملازمته إياه منذ الصغر: (وكان ـ أي النبي(ص)) يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل) (2: 157).
ويقول (عليه السلام) في كلام له ينبه فيه على فضيلته لقبول قوله وأمره ونهيه: (فو الذّي لا إله إلا هو إني لعلى جادة الحق وإنهم لعلى مزلة الباطل) (2: 172).
ويقول(عليه السلام) في حق أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله): (انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم، واتّبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، ولا يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، لا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا) (1: 189).
وهكذا نجد غير هذه الكلمات والنصوص الصادرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في (نهج البلاغة) وهي تدل بشكل واضح على عصمته وعصمة أهل بيته الكرام (عليهم السلام).
وأيضاً نقول عن الشبهة الأخرى: بأنه تحمل أقواله (عليه السلام) في وصيته لابن الحسن (عليه السلام) على اللسان المعروف في الخطاب: (إياك أعني واسمعي يا جارة) , وقد ورد هذا الخطاب من الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله) في موارد كثيرة في القرآن مع الجزم بعصمة النبي(صلى الله عليه وآله) وعدم تصور اشتماله بالمضمون المخاطب به كمثل قوله تعالى: (( لَئن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلكَ )) (الزمر:65), فإننا نجزم بأنَّ النبي(صلى الله عليه وآله) لا يشرك ولا يمكن أن نتصور منه الشرك وإلا لما جعل نبيا وقد سبق من الله سبحانه أن عهد النبوة أو الإمامة لا يناله ظالم كما في قوله تعالى: (( لا يَنَال عَهدي الظَّالمينَ ))(البقرة:124), والشرك يعد ظلماً عظيماً لقوله تعالى: ((إنَّ الشّركَ لَظلمٌ عَظيمٌ)) (لقمان:13) , فإن كان الأمر كذلك فلا يمكن أن تصل النوبة إلى تقليد عهد النبوة أو الإمامة لرجل سبق في علم الله انه سيكون من الظالمين، وإنما الخطاب المتصور في (الآية 65 من سورة الزمر) إنما هو لمغيرة وليس له (صلى الله عليه وآله) وقد ورد على الطريقة المعروفة التي اشرنا اليها في الخطاب، وكذلك يفهم كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع ابنه الحسن (عليه السلام) بل هكذا ينبغي أن تفهم كلماتهم وادعيتهم (عليهم السلام) التي يوجد فيها الطلب بالمغفرة للذنوب وما أشبه ذلك، وذلك بعد ثبوت الأدلة على عصمتهم كآية التطهير وحديث الثقلين وحديث السفينة وأحاديث أخرى صحيحة.
وأما ما جاء في بيان كلمة (الرجس) والمراد منها فإننا لم نفهم محل التعليق عليه فإنهم قد ذكروا معاني متعددة للرجس بحسب ما جاء في اللغة فيكون الحال ـ بهذا اللحاظ ـ أنّه سبحانه قد أذهب كل هذه الأمور التي يشتمل عليها معنى الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام)، فما ذكروه هو عليهم لا لهم.
فإنَّ لفظ (الرجس) ـ الذي هو متعلق التطهير ـ قد ورد في الآية مطلقاً محلى بألف ولام الجنس ، فالآية الشريفة إذن هي تعلن نفي ماهية الرجس بنحو العام الاستيعابي لكل ما هو داخل تحت هذا الأسم عن أهل البيت المذكورين في الآية.. وأوضح منه في افادة العموم، قوله عز وجل (( ويطهركم تطهيراً ))، وهذا لا يحصل برفع بعض الأقذار دون بعض، وإنما يتحقق ـ أي التطهير ـ برفع جميع الاقذار ودفعه عن المحل.. فالآية تدل على نفي عموم الخبائث والنقائص والقبائح عن أهل البيت ظاهراً وباطناً وبجميع المراتب.. وهذا المعنى أيضاً يمكن استفادته بملاحظة آيات اخرى وردت في القرآن الكريم، فإننا عندما نلاحظ قوله تعالى: (( وَأَمَّا الَّذينَ في قلوبهم مَرَضٌ فزَادَتهم رجساً إلَى رجسهم ))(التوبة:125), يتبين لنا أنَّ للرجس مراتب وأنّه من الأمور المتفاوته أي بمعنى أنه ليس بمرتبة واحدة وإلا لا تصح الزيادة في الآية الكريمة آنفاً (وزادتهم)، وكذلك نستفيد أن للرجس ظاهر وباطن، إذ بحسب تفسير الرجس بالأثم نستفيد دلالة ذلك كما في قوله تعالى: (( وَذَروا ظَاهرَ الأثم وَبَاطنَه )) (الأنعام:120), وهذا كله قد أذهبه الله عز وجل ـ بدلالة آية التطهيرـ عن أهل البيت (عليهم السلام).
وما ذكروه عن تفسير الإمام الباقر (عليه السلام) للرجس بالشرك فإننا نفهم هذا التفسير بعد ملاحظة شمول معنى الرجس للذنوب والمعاصي والشكوك وهو بحسب ما جاء في كلمات أهل اللغة من باب تفسير اللفظ بأبرز مصاديقه لا أنه يحصر مفهوم الرجس بهذا المصداق كيف والقرآن الكريم يعطي هذا المفهوم تلك المصاديق الكثيرة كما هو واضح من الآيات الكريمة التي أوردوا هم بعضها.
ولمزيد الاطلاع على ردود اخرى حول الشبهات الواردة راجع كتاب (رد اباطيل عثمان الخميس) على آية التطهير وحديث الكساء لكاتبه حسن بن عبد الله بن علي .
ودمتم في رعاية الله


 

رد مع اقتباس
قديم 06-03-2011, 11:15 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



تعليق على الجواب (1)
الاخوة في مركز الابحاث نسأل الله لكم الهداية وأود أن أخبركم انني من المتابعين الجادين لهذا المركز على أصل الى الحق الذي يرضاه الله لي ويبرئ ذمتى عند الله يوم القيامة غير أني لم استسغ كثير من الافكار التي تحومون حولها خصوصا العصمة والنص وغير ذلك ويعلم الله أنني لست متحاملا على هذا المذهب بقدر ما قررت في نفسي بأني لو وجدت ما يريحني من حيرتي لسلكت ذلك السبيل عن قناعة ورضى
ايها الاخوة كماقلت لكم لماذا هذه المقدمات الكبيرة كالعصمة والنص وغير ذلك وأنتم لم تأتونا بنص جلي على العصمة لا في القرآن ولا في السنة وأنما كله استنباط كما أن التطهير وأذهاب الرجس يدل على العصمة فلم لا يقول الله علي معصوم ويريج الناس في هذا الامر الذي عددتموه أصلا من أصول المذهب فمتى كانت الطهارة تعني العصمة أترى أن قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرم وتزكيهم بها هل يعني هذا تجعلهم معصومين واني اعلم انكم ستفلسفون هذه الايه وتجدون مخرجا ولكن كل ما أريد أن أقوله أن الاصول لا بد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة والا صار الدين مجرد ألغاز وطلاسم لا تفهم ألا بنصوص أخرى وتلك الاخرى تحتاج الى أخرى وهكذا تتسلسل النصوص الى أن يأتي النص القاطع في الحكم من هنا اقتضت الحكمة الالهية أن تأتي النصوص الكلية والاصول في الاسلام ظاهرة محكمة يفهما كل الناس وأنما يحتاج الى الفقه والاجتهاد في مسائل فرعية وقضايا لا يبنى عليها ايمان ولا كفر .
ولذا أيها الاخوة تأملت كثيرا في أصول مذهبكم وأصول مذهب السنة فوجدت أن الاصول في السنة كلها مقبولة عقلا وشرعا والادلة عليها سهلة وواضحة في القرآن والسنة يصل اليها كل أحد بخلاف أصولكم التي لا تصح ألا بمقدمات خارج الدليل بحادة الى دليل آخر وذلك باطراد ويعلم الله أنني مع كثر اطلاعي وقراتي في كتبكم ومراجعكم لم أجد دليلا واحدا خاصة من القران مستقلا بذاته بل بحاجة الى نص من السنة ولقد رجعت الى احد الكتب المعتبرة وهو منهاج الكرامة لابن المطهر الحلي وقرات ما كتبه في البراهين الدالة على امامة علي من القران الكريم وقد أورد المصنف أكثر من ثلاثين برهاناعلى حد قوله من القران الكريم والغريب أني لم أجد برهانا من تلك البرهين الا في اخبار من كتب الثعلبي وأبي نعيم فأين القرأن وهو قد حدد أنها من القران لكن لم أجد شيئا منها من القران
فأقول ايها الاخوة لماذا الاتكاء على أمور محتملة وجعلها من أصول الدين دعوني أصارحكم بما يدور في راسي الان بعيدا عن النصوص ولنات الى الواقع الذي عاشه علي وغيره ودعونا نتأمل أهكذا يكون المعصوم ؟
1- تولى علي الخلافة بعد مقتل عثمان وكانت الامة واحدة موحدة مجتمعة على امامها فصارت الامة ثلاثه أقسام مع علي قسم بايعه وقاتل معه وقسم رقض مبايعته وهم أهل الشام وقسم لا معه ولا عليه وهم اكثر السابقين الاولين وهنا يرد تساؤل : كيف ساغ لاكثر الناس أن يتخلفوا عن البيعة لامام معصوم وقد بايعوا من لم يكن معصوما قبله ولماذا لم يحتج عليهم علي بأنه معصوم واجب البيعة
2- المهم نحن نعلم أن عليا كاد أن يحسم الامر لصالحه في صفين لولا الحيلة الذكية من معاويه ومن معه في رفع المصاحف والدعوة الى التحكيم هنالك توقف القتال وأدى التحكيم الى ما أدى اليه من عدم حصول المصلحة منه بل تفرق الناس على علي وبايعوا معاوية خليفة بعد ان اتفق الحكمان على عزل كل من علي ومعاوية وترك الامر شوري بين المسلمين والسؤال هنا
جرى الصلح بموافقة علي ام لا فان كان الاول فما هكذا يكون عمل المعصوم الذي لا يخطئ بل كان الحزم من علي أن يكمل المعركة ويحسم الامر لا أن يجر على نفسه من المتاعب والخسارة ماجره وقف المعركة وقصة التحكيم فأنه من المعلوم أنة منذ ذلك الوقت [التحكيم ] بدأ امر علي في الصعف وأمر معاوية في القوة حتى انتهى الامر بخروج مصر واليمن والمدينة ومكة وغيرها من أمر على وصارت في أمر معاوية
أما أن كان الثاني أي ان الصلح تم بدون رضاه وانه اكره على ذلك فهذابلغ في الحجة عليكم في أن أصحاب على الذين حاربوا معه كانوا لا يعلمون له عصمة والا لما جادلوه في الامر واكرهوه على التحكيم بل كانوا اشد تحمسا للحرب معه كونهم يعلمون أنهم يقاتلون مع معصوم .
فكيف تفسرون لنا موقف علي من الصلح وبأي حق ساغ لعلي أن يجعل الامر في الصلح لابي موسى وهو الذي عزله بعد ذلك عن الخلافة حتى يكون الامر شورى بين المسلمين أكان أبو موسى موثوقا من علي فكيف ساغ له عزل المعصوم وان كان غير ذلك فلماذا اختاره على على غيره .
ارأيتم ايها الاخوة كيف ان الامر لا يستفيم بالقول بعصمة عليى وانما الامر بغير ذلك اقرب الى الصواب والفهم وهو الواقع الذي حدث فاهل السنة ينظرون الى علي أنه كان احق بالامر من غيره آنذاك ولكنه بلي بقوم لا يطيعونه في الغالب وجروه الى بعض الامور التي كان يرى ان الصواب في خلافها ومع ذلك اجتهد في كل اموره وسياجره الله عليها على كل حال فما كان في مقدوره في اصلاح امر الامة اكثر من ذلك رضي الله عنه وارضاه
أما عندالشيعة فلا يمكن ان يفهم موقف على من تلك الاحداث كما بينا الا ان يكون المعصوم مقهورا حتى من اصحابه لا تفيده عصمته ولا تفيد اصحابه بل يامرون بخلافها وهو لا يمانع ولا يملك من أمر نفسه شيئا مع معرفته بالحق ولكمه يسلك معهم حيث يريدون بخلاف الحق الدي يعلمه فاي عصمة هذه وما أفادت الامة من المصالح خاصة وان الائمة الثلاثه السابقين مع كونهم ليسوا معصومين لكن حال الامة معهم اصلح واقوى الجهاد ماض والاسلام عزيز والناس يدخلون فيه افواجا والامة متحدة في كل شؤنها على خليفتها بعكس الامر ايام علي فكيف صلحت امور الناس واستقامت مع غير المعصومين واضطربت واختلفت مع المعصوم فاذا كان الامر كذلك كان امر الامة بلا معصوم افضل واقوم
واخيرا قد تقولون ما اعتدنا عليه دائما من أن كل تلك الامور التي جرت كان علي يعلمها ويرضاها لانها مما كتبه الله عليه وعلى الامة كما تقولون في الحسين بن على بأنه كان يعلم أنه سيقتل ولكنه نفد المشيئة فنقول : ان الله لا يرضى الا بالطاعة ولا يرضى بالمعصية فان كان وقف القتال في صفين والرضا بالتحكيم مما يرضاه الله فقد فعل علي الصواب ولم تنفعه عصمته هنا وكان ذلك حجة لمعاوية ومن معه ممن قاتل عليا وأن كان ذلك مما لا يرضى به الله بل كان يرضى الحسم وخلافة على فقد ترك علي ما يرضى الله بعد أن قهره اصحابه على رايهم الاخر وما ذلك شان المعصوم


 

رد مع اقتباس
قديم 06-03-2011, 11:16 AM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الجواب:
الأخ علي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: نشكرك على هذا الاهتمام بالموقع ونسأل الله أن يهديك إلى صراطه المستقيم والحق الذي يرضاه.
ثانياً: نراك قد أوردت تعليقك تحت موضوع آية التطهير, مع أنك لم تتطرق إلى ما مذكور من بحث حولها والإجابة على الإشكالات الواردة هناك إلا بالإشارة من بعيد, إلى أنها استنباط أو تفلسف, وإن الطهارة لا تعني العصمة بدلالة آية الصدق. وسيأتي بعض الجواب على ما قلته بالتسلسل.
ولكن إذا كان ما نقوله استنباط أفلا يحتاج إلى جواب ! ثم من أين لك أن الإستنباط ليس بحجة؟ أليس ما يفعله العلماء كلهم سوى الاستنباط.
إن الاستنباط قسمان: استنباط صحيح وثبتت حجية مقدماته فهو حجة, واستنباط خاطيء وأن مقدماته ليست بحجة فهو ليس بحجة. والمعلوم أن النقاش العلمي يكون في إثبات حجية وصحة الاستنباط من عدمه لا في أصل الاستنباط, فما هذا إلا من الخطأ في فهم المنهج العلمي والشرعي إذا لم نقل من الغفلة والشبهة.
وعلى كل فإنا نراك لم تناقش في الأدلة التي أقامها العلماء على اثبات العصمة وهي المعول في البحث العلمي وتركتها جانباً, واقتصرت على ذكر بعض ما تصورته من النقوض الجزئية لرد القول بالعصمة, وهذه النقوض لا تصمد عن كونها أوهام دائرة الآن في الساحة على الإنترنيت لا تصمد أمام البحث. وسنبين ما فيها لاحقاً.
ومن هنا تبين لنا أن المشكلة عندك ليست في الأدلة! إذ لم تناقشها إلا لماماً, وإنما المشكلة هي في المنهج المتبع أو عدم إدراك كليات وقواعد المنهج اللازم اتباعه في البحث العلمي عموماً والبحث العلمي في علم الكلام أو كل علوم الشريعة خصوصاً, وقد تستنكر ذلك الآن وترفضه! ولكن سنوضح لك ذلك بما يسعنا من وقت. ولنبدأ من بداية كلامك بالتسلسل:
ثالثاً: بعد المقدمة التي ذكرتها في سطر ونصف تقريباً قلت: ((غير اني لم استسغ كثيراً من الأفكار التي تحومون حولها)).
فنقول: إننا سنأخذ كلامك على المعنى المفهوم من ظاهر الألفاظ التي ذكرتها التي يتعامل ويتعاطى بها أصحاب اللغة العربية, نقول هذا إذ لعلك لا تقصد بالحرف المعنى الذي سوف نفهمه من ظاهر اللفظ وإنما ذكرته من جهة المسامحة في التعبير وهي منتشرة كثيراً عند الكتاب, ولكن نحن لا نعلم الغيب وإنما نأخذ بظاهر الكلام.
فأنت تقول: ((إني لم استسغ)), فمتى كان الدليل العلمي يقيم بالاستساغة أو عدمها, أو التفاعل, أو الحبّ, أو الرغبة, وما إلى ذلك؟! إن حجية الدليل تتم بسلامة مقدماته مادة وصورة فإذا أورثت القطع فهو المطلوب, أو ترجع بالنهاية إلى دليل قطعي كما في الحجج الظنية في الفروع, ونحن لا نطرح في موقعنا أفكاراً مجردة للترف العلمي, وإنما نطرح أدلة علمية قطعية تكفي للحجية في باب العقائد وأصول الدين والشريعة, فلاحظ, خاصة ما نطرحه في باب النص على الإمامة والتي من لوازمها العصمة, فإن هذه المسألة مما لا يتسامح بها في الدين والعقيدة.
ثم قلت: ((التي تحومون حولها)), فنحن لا نحوم حول هذه المسائل, بل نستدل عليها مباشرة من دون تعريض ونثبتها بالقطع بكل صراحة ووضوح.
رابعاً: قلت: ((ويعلم الله أنني لست متحاملاً على هذا المذهب...الخ)), فهذا هو الانصاف والحيادية وهو المطلوب من كل أحد يريد السلامة لدينه ويخاف يوم المعاد ويوم لا تنفع الأشهاد, ونشد على يدك في ذلك, ولكن هل استطعت أن تخرج عن ميلك إلى جانب معين وتلتزم الحياد في كل مسألة؟ سنرى فيما يأتي!
خامساً: قلت: ((أيها الأخوة كما قلت لكم لماذا هذه المقدمات الكبيرة كالعصمة والنص)), نحن لا نقدم مقدمات! فليس الأمر هو مقالة صحفية حتى نقدم لها مقدمات تهيئ ذهن القارئ, وإنما هي الأدلة إذا صحت لزم المطلوب وتمت الحجة.
سادساً: قولك: ((وانتم لم تاتونا بنص جلي على العصمة لا في القرآن ولا في السنة وإنما كله استنباط)), هنا لابد من أن نبين بعض القواعد والمباني المستخدمة في الإستدلال كما وعدناك والمبحوث بعضها في علم الكلام وعلوم القرآن وأكثرها في علم أصول الفقه:
من الواضح أنك حصرت موضوع كلامك على الدليل النقلي ولم تتطرق إلى الدليل العقلي, إذ قولك: ((بنص جلي...الخ)) يدل على ذلك, ونحن نحبّ أن ننبهك إلى وجود أدلة عقلية عندنا على وجوب الإمامة ولزوم عصمة الإمام, ولا تتم الحجة عندك إلا بالبحث فيها وردها أو قبولها, ولكن بما أنك لم تذكر شيئاً منها فاننا سنعطف عنان القلم إلى القواعد المستخدمة في الاستدلال من الدليل النقلي, فقول:
إن الدليل النقلي يأخذ من القرآن ومن السنة بأقسامها من القول والفعل والتقرير, والظاهر من كلامك أنك ترى حجيتها معاً, فقولك: (( لا في القرآن ولا في السنة)) يدل على ذلك! على العكس من بعض المتشدقين هذه الأيام الذين يطالبون بالدليل من القرآن ويعزلون السنة عن حجيتها ودلالتها, ولذا فنحن سوف نترك الرد عليهم لعدم الدعوى عليه هنا.
ثم إن الدليل النقلي ينقسم من حيث الصدور إلى: قطعي الصدور, وظني الصدور. وقطعي الصدور كالقرآن والسنة المتواترة, والظني الصدور كالخبر الواحد.
وينقسم أيضاً من حيث الدلالة إلى: نص قطعي الدلالة, وظاهر ظني الدلالة. والقطعي الصدور حجة بذاته لقطعيته, والظني الصدور لابد أن يرجع إلى دليل قطعي يدل على حجيته, كما في الخبر الواحد الذي قامت الأدلة القطعية على حجية الموثق أو الصحيح على الاختلاف بين المدارس الفقهية.
والنص القطعي حجة لقطعيته أيضا, والظاهر حجة أيضاً وإن كان ظناً لمّا قامت الأدلة القطعية على حجيته كاتفاق أهل اللغة وسيرة العقلاء وأهل الدين, وهو واضح من جهة تعامل الفقهاء والعلماء, بل كل الناس مع ظواهر القرآن وظواهر السنة.
وعليه فالدليل القطعي التام الدلالة يجب أن يكون قطعي الصدور ونص في المطلوب, ولا يكون قطعياً إذا كان ظنيّاً من أحد الجهتين سواء كان ظني الصدور أم ظاهر في الدلالة, ولكن هذا حكم القطع, ولا يعني عدم حجية الدليل المظنون من جهة الصدور أو الدلالة مطلقاً, وهناك عبارة مشهورة تبين مقدار حجية الظن وهي: (ان الظن لا يورث علماً ولكن يوجب عملاً), أي يجب العمل به في الفروع والفقه ولا يجب الأخذ به في العقائد, ولكن هذا المبنى خالف فيه البعض خاصة أهل الحديث سابقاً والوهابية لاحقاً, فانهم يتمسكون بالخبر الصحيح في العقائد مع أنه ظني الصدور وفي أغلب الأحيان ظني الدلالة أيضاً.
وأما الشيعة الإمامية فأنهم في العقائد لا يقبلون إلا الدليل القطعي صدوراً ودلالة, نعم يعملون بالظنون المعتبرة في الفروع, والدليل القطعي في أصول الدين عندهم أعم من الدليل العقلي والدليل النقلي, المهم أنه يجب أن يورث القطع, وهم يدّعون وجود الأدلة القطعية على عقائدهم من كلا النوعين عقلاً ونقلاً.
والدليل النقلي من السنة عندهم ربما يكون قطعيّاً صدوراً لأنه نص متواتر ويسمونه متواتراً لفظيّاً ربما يكون متواتراً معناً ومضموناً ويسمونه المتواتر المعنوي, والمتواتر اللفظي ربما يكون نص في الدلالة لا يحتاج إلى استدلال فيطلق عليه الدليل الجلي, على بعض الاصطلاحات مقابل ما يحتاج إلى استدلال فيسمى النص الخفي, وهو حجة أيضاً إذا تم الاستدلال. فلا تتوهم اقتصار الدليل المقبول على النص الجلي! وأيضاً إن الظواهر المتعددة إذا تعددت ووصلت حداً يورث القطع دخلت في الدليل القطعي.
فما قلته من ((لم تأتونا بنص جلي على العصمة....الخ)), إن كنت تريد النص الجلي باصطلاحنا؟ فقد ذكر علمائنا عدة نصوص جلية على الإمامة والعصمة, ذكر بعضها المرتضى في (الشافي), فراجع, هذا أولاً. وثانياً: أننا لم نقصر الدليل على الجلي وإنما الخفي أيضاً دليل تام عندنا بعد الاستدلال, وهذا كثير في كلامنا.
وإن كنت تريد أن تأسس لقاعدة عندك وهي أنه لابد في أصول الدين من نص واضح صريح في المطلوب غير ظاهر ولا يحتاج إلى استدلال, فيجب عليك أولاً أن تأسس لهذه القاعدة وتستدل عليها ثم تطالب الآخرين بها, وأما إذا لم تقم الدليل عليها أو ثبت بطلانها فلا تستطيع أن تحصر الدليل على عقائدك بها, وأمامك أقوال علماء المسلمين في الكلام والقرآن والفقه وأصوله كلها تنقض هذه القاعدة, بل أن التمسك بها والاقتصار على النصوص في المطلوب يؤدي إلى ضياع معظم عقائد المسلمين, بل ذهاب علم الكلام وتفسير القرآن من أساسه فضلاً عن الفقه.
والقرآن نفسه يدحض كلامك! فالقرآن حمال أوجه, استدلت به كل فرق المسلمين منزهٍ ومشبه قدري وجهمي, واستدل به الإمامية والمعتزلة والأشاعرة والخوارج والكرامية وغيرهم, فأين النصوص الظاهرة المدعاة عند كل هذه الفرق؟
ومن الذي اقتصر عليها من هذه الفرق, حتى تطالب الشيعة هم وحدهم بها؟! مع أن الشيعة لديهم من النصوص الظاهرة الواضحة ما هو مسطور في كتبهم, ولا يخدش في ذلك إنكار منكر أو ادعاء مدع بعدم نصيتها ووضوحها, كما لا يضر الأمر البديهي إذا أنكر شخص ما بداهته, فإن هذا لا ينبع إلا عن عناد أو غفلة أو شبهة.
ومما قدمنا يظهر ما في كلامك: ((ان الأصول لابد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة)) من خلط!! فإن النص غير الظاهر, إلا إذا كنت تريد من (الظاهر) الوضوح والصراحة فيرجع إلى كلامك الأول, وقد اجبنا عليه وانه دعوى غير مثبته لا غير. ونحن نعلم منبت هذه الدعوى, فإنها انتشرت وسادت في السنين المتأخرة على الإنترنيت لما دخله أناس غير متخصصين بعلم الكلام سطحيين في التفكير, وقفوا عاجزين أمام أدلة الشيعة الإمامية, فلم يجدوا إلا المطالبة بالنصوص على إمامة علي (عليه السلام) باسمه من القرآن, ووسعوا طلبهم بالمطالبة بوجود نص من القرآن على الإمامة والعصمة, وغفلوا لما كانوا غير مطلعين على أن علماء الكلام اشترطوا في الدليل ما يورث العلم وهو الدليل القطعي من أي طريق كان وبأي نحو أتى, ولكن الغرض لم يكن الاستدلال والعلم ومعرفة الحق وإنما محاولة إحراج الشيعة! ولذا عندما أورد الشيعة النصوص القرآنية الصريحة في الإمامة, بدأوا بالخدشة فيها والمناقشة والتأويل وتحريف الظاهر بما كان يفعله من كان قبلهم من الفرق, ولكن كما قلنا أن هذا لا يؤثر في الدليل من حيث االدلالة في نفسه.
ومن الظريف أنهم أخذوا يطالبون بالنص الواضح من الشيعة مع أنّهم يتمسكون بالظني الظاهري في العقائد كما في الخبر الصحيح عندهم!!
وأظرف من هذا أنهم أخذوا يطالبون بآيات من القرآن تذكر بعض الألفاظ المصطلحة كالعصمة, وغفلوا أن المراد في العقائد هو المعاني والمفاهيم لا الألفاظ البحتة والمصطلحات الكلامية!!
فإذا استدل الشيعة بآية العهد مثلاً: (( لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) (البقرة:124), قالوا: ان العهد ليس الإمامة.
وإذا استدلوا بآية التطهير: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33), قالوا: لم ترد كلمة العصمة في هذه الآية.
وغفلوا عن الدلالة والمعنى! وهذا مما يضحك الثكلى, وهو مرض نابع من كثرة ما يلهجون بالظواهر اجتمع مع جمود فكر وتبلد ذهن أدى إلى هذا التحجر على الالفاظ وعدم عبورهم إلى ما وراء الأذن إلى العقل والقلب, فلعمري بماذا أبتلينا!!
سابعاً: قولك: ((وإنما كله استنباط كما أن التطهير واذهاب الرجس يدل على العصمة فلم لا يقول الله علي معصوم ويريح الناس في هذا الأمر)), فقد بيّنا ما يتعلق بالاستنباط, وانه من الطرق الشرعية لإثبات مسائل الدين, وهو حجة إذا كان صحيحاً بإتفاق علماء المسلمين, والكلام فيه إذا كان هناك كلام يكون في بيان خطأ الاستنباط. فكان الأجدى بك أن تبين أن التطهير واذهاب الرجس لا يدل على العصمة كما فعل الكثير قبلك وأجبناهم!
ثم إن المطلوب في العقائد هو الإيمان بالمفاهيم والمعاني المرتبطة بها وما تدل عليه من مصاديق واقعية لا الإيمان بالألفاظ والاعتقاد بها, ومن ثم ان المطلوب منا الاعتقاد بمفهوم ومعنى العصمة لا لفظ العصمة, فإن المسلم غير العربي مثلاً لا يسأل يوم القيامة عن لفظة العصمة وإنما يسأل عن ما اعتقده من مفهوم العصمة بأي طريقة وصل إليه, المهم هو عقد القلب على المعنى والمفهوم المراد منه, فإذا كانت هناك ألفاظ وتراكيب لغوية تدل على مفهوم ومعنى معين, وضع له اصطلاح من الاصطلاحات كالعصمة مثلاً من قبل العلماء, كانت الغاية الأساس هو المفهوم لا الاصطلاح, ويكون البحث في الأدلة التي تدل على هذا المفهوم والمعنى, فإذا ثبت وجب الاعتقاد به, وهذا ليس من الاستنباط في شيء! وإنما هو فهم للمعنى الظاهر, وللاستنباط معنى آخر مذكور في الفقه وأصوله ويتضح ذلك - أي أنه فهم للمعنى - بما يلي :
العصمة لغة: هي المنع, كما يقال: ماء معصوم, وجاء في القرآن بهذا المعنى, قال تعالى: (( وَاللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) (المائدة:67), أي يمنعك. وفي الاصطلاح: المنع من ارتكاب الذنوب والآثام والفواحش والرذائل بل كل أنواع الرجس, فهو يعود إلى المعنى اللغوي استخدمه العلماء في الدلالة على خلو هذا الإنسان وتطهره مما عددنا آنفاً.
فإذا وردت آية في القرآن مثلاً تدل على خلو أشخاص معينين من جميع أنواع الرجس وأنهم مطهرون بأعلى درجات التطهير, ثبت هذا المفهوم والمعنى لهم, وثبت وصفهم بهذا المعنى الاصطلاحي عند العلماء, فمن الغفلة حينئذٍ المطالبة بورود نص باللفظ الاصطلاحي المعني في القرآن, بل لرب قائل يقول لك: لا نريد منك الإيمان باللفظ فلا مشاحة بالاصطلاحات ولكن نريد منك الإيمان بالمفهوم والمعنى واثباته لمن ثبت له!!
فقولك: ((لم لا يقول الله علي معصوم ويريح الناس؟)), فيه أولاً: تحكم على الله وحجر على لغة القرآن بما تشتهي أنفسكم, ولسان حالكم يقول: أننا لا نؤمن بالعصمة إلا بهذا اللفظ. وثانياً يكون الجواب: أنه قد جاءت تلك العقيدة التي تطالبون بها في القرآن بما يوصل المعنى المراد من دون شبهة, فإذهاب جميع أنواع الرجس وأعلى درجات التطهير عصمة بلا ريب, وهل لها معنى آخر يا ترى؟! ودعك عن المعاني المدعاة على لسان القوم كما سنذكرها لاحقاً.
ثامناً: قولك: ((الذي عددتموه أصلاً من أصول المذهب)), إن الذي عددناه أصلاً من أصول المذهب هو الإمامة ووجوب وجود إمام, وأما كونه معصوماً فهو لازم لهذا المنصب له أدلته الخاصة, فالعصمة مسألة من مسائل الإمامة لاحقةٌ بها وليست هي الأصل الذي عدّ من الأصول.
تاسعاً: قولك: ((فمتى كانت الطهارة تعني العصمة)), إن الطهارة لا تعني العصمة, ولكن الطهارة بأعلى درجاتها, ومن كل الآثام والرذائل والفواحش, تعني العصمة الاصطلاحية المدعاة.
والتحقيق: ان هناك خلطاً بين الطهارة كتشريع المرادة من مثل الوضوء, وبين تحقق الطهارة المعنوية والابتعاد عن الرذائل والذنوب, وإن كانت الطهارة كتشريع لها أثر تكويني في الطهارة المعنوية.
والكلام في تحقق الطهارة المعنوية: وهي لها عرض عريض من أدنى المراتب إلى أعلاها, فهي مشككة, فإذا قلنا مثلاً: أن هذا الشخص طاهر عن الكذب أبدا, يعني أنه معصوم من الكذب. وهكذا كلما زاد في التطهر عن بقية الذنوب والفواحش والرذائل يكون معصوماً بدرجة أعلى, حتى أن العدالة لإمام الجماعة أو للقاضي نوع من العصمة, حتى إذا تطهر عن أنواع الشرك الخفي وصل إلى درجة العصمة في الإيمان مثلاً, وهكذا إذا أرتفع عنه النسيان والغفلة والخطاء في التطبيق وصل إلى مرحلة أعلى, فالطهارة وإن كان مفهومها غير مفهوم العصمة ولكنها تعني الحصول على العصمة بمرتبة ما, فلاحظ .
ومن هنا تبين لك ما في المعاني التي يذكرها القوم لبعض الآيات وخلطهم بين رتب الطهارة, بل بين الطهارة كارادة تشريعية, والطهارة كارادة تكوينية, وتفصيله تجده على موقعنا فلا نكرر.
فما ذكرت من الآية: (( خُذ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُم وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) (التوبة:103), فيها الطهارة كارادة تشريعية ولو ثبتوا عليها دائماً لحصلت لهم رتبة من العصمة بقدرها.
وقولك: ((إني أعلم أنكم ستفلسفون هذه الآية)), فهل تجد فيما ذكرنا نوع فلسفة؟ أو هو فهم صحيح مطلوب منا عندما أمرنا بالتدبر في القرآن؟
عاشراً: قولك: ((لابد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة)), وإن كنا ذكرنا ما فيه سابقاً, ولكن هنا نود أن نلفت انتباهك إلى ما غفلت عنه! فإن جميع المسلمين قاطبة يثبتون العصمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) على اختلافهم في مراتبها, وأقلها العصمة في التبليغ والعصمة عن الكبائر, فهل يا ترى تستطيع أن تردهم بعقيدتهم وتقول لهم: (لابد أن يرد النص الظاهر في الثبوت والدلالة) من القرآن؟! ولم لا يقول الله (محمد معصوم في التبليغ ويريح الناس)؟! ونحن هنا نوكل الجواب للمسلمين, فما يقولونه لك فنحن نقوله, وإذا استدلوا عليك بالآية (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى )) (النجم:3-4), فنرجو أن لا تعتبرها نص ظاهر واضح في الدلالة, فليس فيها لفظة العصمة كما تريد, ولا هي خلت من النقاش والاستنباط, أو على قولك التفلسف في كلام علماء المسلمين!!
ومع ذلك فاننا نرى أن كلامك أخذ بالسير باتجاه وحيد وحصر الدليل من خلال القرآن, خاصة قولك: ((لم لا يقول الله....الخ))! وإلا قد كنا أرضيناك وذكرنا لك النصوص من الروايات التي عندنا بلفظ العصمة.
الحادي عشر: قولك: ((والا صار الدين مجرد ألغاز وطلاسم لا تفهم إلا بنصوص أخرى...الخ).
لابد أنك لا تقصد من كون الدين طلاسم المعنى الحرفي, إذ أن الدين مفاهيم اعتقادية وأحكام شرعية لا تصبح طلاسم إلا إذا كانت مبهمة, لا أن الأدلة عليها غير واضحة مثلاً, فالظاهر أن مرادك أن الأدلة التي تقام على مفاهيم الدين إذا كانت غير واضحة أصبحت طلاسم بمعنى ألغاز تحتاج إلى حل, ولكن الأدلة لا تكون هكذا إلا إذا كانت غامضة معبراًعنها بالرموز, وهذا ما يدعيه أصحاب التفسير الباطن, ونحن لا ندعيه ونرفضه رفضاً باتاً, وإن كان البعض يتهمنا به تعميماً علينا لما عند بعض الفرق المنسوبة للشيعة, أو لعدم فهم ٍ منه لسياقات أدلتنا.
واما أن الأدلة اللفظية المحتاجة إلى تفسير وتوضيح أو المفاهيم التي تحتاج إلى استدلال أو الأحكام التي تستنبط أستنباطاً فليست هي من الألغاز, بل ان ديدن البشرية في التعامل مع النصوص في كافة العلوم على الشرح والتفسير والاستدلال, ولا يوجد دين ولا عقيدة ولا ايدلوجية في العالم تورد جميع المعاني الجزئية في نصوص وأدلة لفظية مبسوطة.
وهذا القرآن أمامك فهو كتاب هداية جاءت الآيات فيه على شكل قواعد ومعاني كلية في أغلبها, ولم يأت بالتفصيل لكل شيء, وإلا لما انتهت آياته بالملايين, بل أن من مرتكزات المسلمين أن القرآن يحتاج إلى مبين ومفسر, وأول من فسره وبينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنص القرآن الذي أمرنا بإتباع سنته وما بينه, وتفصيل البحث هنا يطول مذكور في علوم القرآن.
ومن مرتكزاتهم وجود المحكم والمتشابه والعام والخاص والمطلق والمقيد فيه, بل من مرتكزاتهم أنه يجب التعامل معه بكل ما يشمله معنى التدبر الوارد فيه من مصاديق, وغير ذلك من الشواهد ما لو أردنا إيراده لطال بنا الأمر.
والأمر بالتدبر يشمل مقارنة الآيات مع بعضها وفهم القرآن فهماً كلياً لا جزئياً, بل يشمل الاستعانة بنصوص السنة ولغة العرب وأساليبها, ولا يرجع الأمر إلى الاستعانة بالنصوص على النصوص إلى غير نهاية كما تدعي! بل هو الاستعانة والتعرف على القرائن المختلفة وهو فعل طبيعي عند كل البشر, ثم إن في السنة ما يكفي للوقوف على المعنى المراد وهو حجة, فلا يستمر الامر إلى ما لا نهاية حتى تدعي المشابهة للألغاز والطلاسم, فالسنة شارحة للقرآن لا تفرق حجيتها عن حجيته, فلاحظ.
ودعواك: ((أن تأتي النصوص الكلية والأصول في الإسلام ظاهرة محكمة...الخ)) حسبما تقصده من معنى وضوحها, ليس لها مورد واحد على اطلاقه في القرآن, وإلا لما أختلف المسلمون في أبرز مسائل التوحيد بين مجسم ومشبهة ومنزه, وكلهم يستدلون بآيات القرآن.
فقل لي بربك أتدعي مثلاً أن الآية (( عَلَى العَرشِ استَوَى )) (طه:5) أو (( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) (القيامة:23) نص ظاهر في القرآن؟ وإلا كيف تفعل بقوله تعالى: (( لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) (الشورى:11)؟! وإذا حاولت أن تجمع بين هذه وهذه فهذا الذي فررت منه وقلت أنه ألغاز وطلاسم.
إنّ القرآن حمال أوجه كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما أمر ابن عباس بمناظرة الخوارج بالسنة لا بالقرآن.
ومع ذلك فنحن لا ندعي عدم وضوح القرآن بحسب الظاهر وانه غير حجة ـ معاذ الله ـ, وإنما نقول: ان فيه علوماً واستدلالات تشمل كل العلوم, لا يعرفها على وجهها إلا الراسخون في العلم. كما لا ننكر وجود درجة من الوضوح في آياته تكفي للاستدلال والحجية في العقائد بما تكفي بإلزام المكلف بها يوم القيامة.
بل الذي ننكره وجود ما تدّعون وتقصدون من الوضوح, فإنكم تطالبون بنصوص توضح كل ما يخطر في أذهانكم, أو نصوص لا يوجد من لا يفهم معناها ولا يوجد من يخالفها كما تزعمون! فان مثل هكذا نصوص لا توجد في الدنيا! فما من نص مهما كان أحكامه إلا وتجد من يتأول أو يخالف فيه.
ونحن لا ننكر وجود آيات محكمة, فهي موجودة بنص القرآن, ولكن ننكر عدم وجود من يخالف فيها لشبهة ما أو لعصبية, وهذا لا يخدش في احكامها ووضوحها ودلالتها وحجيتها, فالأمر كما قلنا في البديهي أنه لا يخدش فيه إن أنكره منكر.
فليس النص الواضح بالتشهي وإنما بمقدار وضوح الدلالة عند أهل اللسان بما يكفي في الحجية, فقوله تعالى: (( وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )) (السجدة:24) نص واضح ظاهر محكم في الدالة على الإمامة وإن أنكرته كما هو الحال في قوله تعالى: (( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الأمر منكم )) (النساء:59) وإن جادلت في مصداق أولي الأمر.
وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) نص واضح ظاهر محكم جلي على الولاية والإمامة وإن أنكره منكر, أو أوردت عليه الشبهة لمدة ألف وأربعمائة سنة, ولا يخدش في وضوحه ودلالته إدعائك أنه يحتاج إلى استنباط أو إلى مقدمات من خارج, فإن ما تدعيه من الاحتياج إلى استنباط ليس إلا رد الشبهات عنه لا كونه استنباطاً بالحقيقة, وإن توهم ذلك بعد بُعد الزمان.
ونحن لا نستطيع أن نورد لك كل ما ندعيه لأن الأمر سيطول, ولكن لو بدأت معنا من البداية ونقحت المنهج المتبع لديك وحددت القواعد والأصول فيه لجاريناك فيه بالتدريج والأمر في بدايته لو أردت.
ثم إن قولك: ((النصوص الكلية والأصول)) ينقض كلامك! فما هو مرادك من الكلية؟ وما هو مرادك من الأصول؟ هل هما بمعنى واحد عندك, وهو القواعد الكلية مثلاً, أو تريد بالكلية أمهات المطالب وبالأصول أصول الدين مثلاً؟ وهلا سقت على ما تريد أمثلة.
وقولك: ((يفهمها كل الناس)), ليس على إطلاقه, بل المراد يفهمها أهل اللغة مستقيمي السليقة غير مسبوقين بالشبهة, وهذا واضح لا كل الناس على إطلاقهم عاميهم وخاصهم.
ويظهر في قولك: ((إنما يحتاج إلى الفقه والاجتهاد في المسائل الفرعية...الخ)), خلطك بين معنى الاستنباط المصطلح في الفقه والأصول, وبين الاستدلال في العقائد.
الثاني عشر: قولك: ((ولذا أيها الأخوة تأملت كثيراً في أصول مذهبكم وأصول مذهب السنة فوجدت أن الاصول في السنة كلها مقبولة عقلاً وشرعاً والأدلة عليها محكمة....الخ)). هذا هو الذي أردنا تنبيهك عليه من عدم الحيادية!! وإلا ماذا تسمي إرسال الدعوى بدون دليل؟! فهلا ذكرت الأمثلة لتوضح ذلك؟
ومثل ذلك قولك: ((بخلاف أصولكم التي لا تصح إلا بمقدمات خارج الدليل بحاجة إلى دليل آخر وذلك بأطراد)), فهلا مثلت لذلك مثالاً؟
ولنذكر نحن لك المثال: فان أبرز العقائد المختلف عليها بيننا هو أصل الإمامة والحاكمية بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), فهلا بينت لنا ما هو الدليل الواضح على اعتقاد أهل السنة بالشورى أو بيعة أهل الحلّ والعقد أو بيعة الواحد أو الاستيلاء بالقوة على السلطة من القرآن كما تدعي؟ أليس ما نذكره نحن من الآيات في الإمامة أقوى وأوضح وأحكم وأكثر مما تدعونه في الشورى! بل لا يوجد أي استدلال ببيعه أهل الحل والعقد وعددهم وشروطهم مثلاً, فهلا أنصفت!!
وقولك: ((ويعلم الله أنني مع كثرة اطلاعي وقراءتي في كتبكم ومراجعكم)), لا نستطيع أن نصدقه!! إذ على الأقل كان يظهر في كلامك إدراك ولو بسيط لأصولنا ومنهجنا في العقائد, وهذا ما لم نجد منه شيئاً في ما قلته, بل بالعكس وجدنا عدم فهم بل عدم معرفة واطلاع عليها!
الثالث عشر: ((قولك لم أجد دليلاً واحداً خاصة من القرآن مستقلاً بذاته...)), دعوى لا نريد أن ندخل في تفاصيلها الآن, وإلا كان لابد من تحديد المراد من إستقلالية الدليل في القرآن أولاً, وهل يوجد مثل ذلك عند المقابل؟ ثم هل يوجد مثل هذا الدليل عند الشيعة أو لا؟
ولكن نريد أن نعرف لماذا القرآن والقرآن فقط؟ فهل هذا تطبيق لمقولة ((حسبنا كتاب الله)), أم ماذا؟! وإذا فرضنا وفرض المحال ليس محال أنه لا يوجد في القرآن دليل على عقيدة ما ووجد ذلك الدليل في السنة, فهل نسقط هذه العقيدة ونرمي السنة وراء ظهورنا؟ هذه أسئلة نحتاج إلى جواب فيها منك لكي تحدد لنا منهجك, إذ في ذلك مفارقة لم يلتفت إليها مدعيها أو لا يريد الإلتفات إليها لما فيه نقض غرضه من اللجاج مع الشيعة.
الرابع عشر: قولك عند كلامك عن كتاب العلامة الحلي ابن المطهر: ((أورد المصنف أكثر من ثلاثين برهاناً على حد قوله من القرآن الكريم والغريب اني لم أجد برهاناً من تلك البراهين إلا في اخبار من كتب الثعلبي وابن نعيم فأين هذا القرآن)), بالله عليك! ألم يستدل ابن المطهر الحلي مثلاً بالآية: (( إنّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55) على الإمامة؟ وهل احتاج إلى غير القرآن في تحديد معنى الولاية في (وليكم) بأنه الدال على الإمامة؟ وهل استدل بغير (إنما) في الآية على الحصر؟ وهل استدل على تحديد صفة الولي بعد النبي(صلى الله عليه وآله) بغير قوله في الآية: (( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) ؟.
ولا أظنك إلا ستنتفض وتقول: انه لم يحدد المراد بهذا المصداق وانه علي (عليه السلام) إلا من السنة, ونسيت أنه أولاً ذكر لمورد النزول - وكل آية في القرآن فيها مورد للنزول وهو غير خارج عن القرآن - ثم انه تحديد للمصداق الخارجي لفاعل التصدق لا لصفات الإمام التي تكفل القرآن بذكرها ولا لمفهوم ومعنى الإمامة الكلي فانه معلوم من الآية.
وهو المراد الأصلي من ذكره في أصول الدين, فلا تغفل.
وأما ايراده الروايات من طريق أهل السنة كالثعلبي وأبو نعيم فما هو إلا للإلزام لا غير, وإلا فنحن لا نحتاج إلى تلك الروايات فإن عندنا ما يغنينا عنها.
الخامس عشر: قولك: ((فأقول أيها الأخوة لماذا الأتكاء على أمور محتملة وجعلها من أصول الدين)), نحن لا نعتقد بأمور محتملة, فإن العلم والقطع شرط عندنا في العقيدة, ولو كنت اطلعت على كتب الشيعة كما تقول لعرفت ما نشترط في صحة العقيدة.
وربما تقول: انها محتلمة عندي. فهلا احتملت أيضاً عدم فهمك للأدلة أو عدم استقصائك لها أو إنك لا تؤمن بها لوجود شبه في مقابلها عندك؟
السادس عشر: هنا ذكرت عدة نقاط زعمت أنها من الواقع, وحاولت أن تجعلها نقوضاً على القول بالعصمة, ونحن سنجيبك عليها كما وعدناك:
1- هذه النقطة فيها عدة أمور: فيها قولك: ((تولي علي الخلافة بعد مقتل عثمان وكانت الأمة واحدة موحدة مجتمعة على إمامها)), إن كنت تقصد أنها كانت موحدة قبل تولي الإمام (عليه السلام) مباشرة, فمن يا ترى قتل عثمان؟! أليس الصحابة اشتركوا في قتله وقتله أهل مصر والعراق!
وإن كنت تقصد أنها اجتمعت على خلافة من كان قبله, فهذا محض إدعاء, فلا هم أجتمعوا في بيعة أبي بكر يوم السقيفة التي خالف فيها الأنصار وتخلف عنها بنو هاشم وعلى رأسهم علي (عليه السلام), ولا أجتمعوا على بيعة عمر وإنما ولاه أبو بكر عنوة وعلى كره من المسلمين حتى عاتبه عبد الرحمن بن عوف على ذلك, ولا اجتمعوا يوم الشورى حينما جمعها عمر بين ستة دون المسلمين وأمرهم بقتل من خالف وكانت على مكيدة منه ومن عبد الرحمن وكره من علي (عليه السلام), ولم يجتمع من بيده البيعة من الأنصار والمهاجرين ومعهم من جاء من مصر والعراق على بيعة سوى بيعة علي (عليه السلام) العامة في المسجد, فراجع السيرة والتاريخ ثم تكلم!
وإن كنت تقصد أن الأمة كانت مجتمعة بعد بيعتهم للثلاثة المتقدمين وفي زمن حكمهم, فلعمري هذا لا يعطي الحجية لولاية أحد! فان أخذ البيعة بالإكراه من الآخرين حتى يستتب الأمر لمن أستبد به مناقض لشرع الله والإسلام, وستكون حجة لكل متغلب بعدهم, وهو ما دعاه معاوية بعد أن قاتل الحسن (عليه السلام) واستخدم كل وسيلة لإجباره على الهدنة وهذا ما حصل.
ومن هذا يظهر ما في قولك: ((فصارت الأمة ثلاثة أقسام مع علي...)) من كذب على الواقع والحقيقة! فمتى أصبحت الأمة ثلاثة أقسام؟!! هل في البيعة لعلي (عليه السلام) في المسجد؟ أم بعد أن عصى معاوية ولم يبايع للخليفة الحق كما هو رأي إجماع المسلمين؟ فاستقلال معاوية في الشام بعدم البيعة لا يجعله ومن معه قسم من الأمة لها حرية في أن تنقض البيعة بعد أن بايع أهل الحل والعقد حسب مباني أهل السنة, أم أصبحوا ثلاث فرق بعد خروج أم المؤمنين عائشة مع طلحة والزبير إلى البصرة؟ فهل يا ترى يحق لأم المؤمنين الخروج على الخليفة الشرعي؟ أو هل يحق لطلحة والزبير نقض البيعة؟ وهل يصبحوا عند ذلك فرقة يعتد برأيها وخلافها؟.
نعم, ان من كانوا ظاهراً من المسلمين انقسموا في خلافة علي (عليه السلام) على الباطل وخلافاً للحق وطمعاً في الدنيا, ولكن هذا لا يعطي الحجية بحيث يبنى عليه في إتخاذ موقف في العقائد وهو غايتنا, فلاحظ.
فقولك: ((قسم بايعه وقاتل معه)), فهم المجمعون على بيعته من أهل الحل والعقد.
وقولك: ((وقسم رفض مبايعته)), وهم أهل الشام, ولا يحق لهم ذلك في الدين بُعيد انعقاد البيعة الشرعية, فهم فساق عصاة خارجون على الإمام.
وقولك: ((وقسم لا معه ولا عليه وهم اكثر السابقين الأولين)), فهذا كذب صريح! فياليتك ذكرت هؤلاء السابقين الذين لم يبايعوا؟ فان من تخلف عنه هم سعد بن أبي وقاص وأسامه بن زيد ومحمد بن سلمة مع عدة آخرين, وهم ليسوا بكثير وإنما وصفوهم بالعدة, ولاهم بأكثر السابقين الأولين, فلماذا هذا التعامي والادعاء الكاذب على حقائق التاريخ؟
إن مبنى نقضك يتركز على قولك: ((كيف ساغ لأكثر الناس أن يتخلفوا عن البيعة))! وقد بينا لك عدم صحة ذلك, وإنما هي دعوى كاذبة لا تكون حجة لمدعيها يوم القيامة.
وقولك: ((ان يتخلفوا عن البيعة لإمام معصوم وقد بايعوا من لم يكن معصوماً قبله)), قد بينا ما فيه, فهم أولاً قد بايعوا بالإجماع إلا معاوية الذي استقل في الشام وأهل الشام تبعوه عن عمى لا يدرون شيئاً.
وثانياً: قد بينا كيفية مبايعة من كان قبله وهو غير معصوم.
وثالثاً: إن من كان يعتقد ويعرف أن الإمام (عليه السلام) معصوم وهو الأحق بالخلافة لم يبايع السابقين إلا بعد الإكراه كإمامهم علي (عليه السلام), ولم يتخلوا قاطبة عن بيعة علي (عليه السلام) وهم خلص أصحابه, والذي ندعي نحن الشيعة أنهم سلفنا, وأما الجمع الغفير من المسلمين غيرهم فقد بايعوه بيعة عامة لما يظنون من أنها تعطي الحجية لمن يبايعون ليكون خليفة, فلم يكن لهم أحسن من علي (عليه السلام) بعد مقتل عثمان, ونحن لا ندعي أن كل من بايع علياً(عليه السلام) فهو من الشيعة, فلاحظ ولا تتعجل.
وأمّا قولك: ((ولماذا لم يحتج عليهم علي بأنه معصوم واجب البيعة), فمن اعجب العجب!! وكيف يحتج بالعصمة وهم رفضوا الأوضح والأصرح منها وهو تولية النبي(صلى الله عليه وآله) له يوم الغدير؟! ثم من قال لك أنه لم يحتج بالعصمة؟ ومؤداها في كلامه وهو كثير في احتجاجاته عليهم, بل أن فاطمة (عليها السلام) ذكرته لهم في خطبتها ونوهت به حسب مفاهيم القوم يوم ذاك.
2- يرحمك الله على قولك: ((لولا الحيلة الذكية من معاوية ومن معه في رفع المصاحف)), ولكن ننبهك أنها لم تنطل على علي (عليه السلام) وقد حذرهم منها وبيّن لهم أنها خدعة كما هو منصوص في كتب التاريخ, وان من انخدع بها هم ضعفاء العقول والإيمان من أهل الكوفة بقيادة الأشعث, وأما توقف القتال فقد كان بالإكراه منهم لعلي (عليه السلام) حتى أنهم هددوا بتسليمه الى معاوية وأحاطوا بخيمته إن لم يرجع الأشتر, وقد كان فتح الله عليه ووصل الى فسطاط معاوية واستعد معاوية للهرب, وإن الأشتر رفض الرجوع وقال أمهلوني ساعة للنصر النهائي, فأجابه علي (عليه السلام): أيهما أحب إليك أن ترجع بالنصر أو ترجع بقتل إمامك! وأمامك كتب التاريخ فانصفنا وأنصف نفسك.
ثم إن الإمام (عليه السلام) لم يوافق على التحكيم بعد أن لم يوافق على إنهاء القتال, ولكنهم أجبروه على القبول, بل رفضوا مرشحه للتحكيم وهو ابن عباس وأصروا على إختيار أبي موسى الأشعري تصوراً منهم بأنه منتهى في النزاهة والحيادية! وأنه خالف علياً (عليه السلام) واعتزله في القتال. فيالِ سذاجتهم وغبائهم مقابل دهاء معاوية واختياره لعمرو بن العاص الغادر, ثم رجعوا يتلاومون بعد التحكيم. ولم يبايعوا معاوية كما أدعيت! وإنما بايعه أهل الشام بالخلافة على باب اللّد, وقد نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على وجوب قتل الثاني الذي يبايع بالخلافة كما في الصحيح عندكم وعلي (عليه السلام) لم يزل خليفة حينذاك.
والحكمان وان اتفقا على عزل علي (عليه السلام) ومعاوية, ولكن العزل وقع من أبي موسى فقط وغدر به عمرو بن العاص, وقد كان عملهما معاً خلاف القرآن, لأن علي (عليه السلام) اشترط عليهما أن يحكما بالقرآن لا بغيره, فلاحظ.
ومن هنا يتضح ما في قولك: ((جرى الصلح بموافقة علي أم لا؟)), من مجانبة للحقيقة, فإنه (عليه السلام) لم يوافق على الصلح, بل أجبر عليه أولاً, ثم إنه شرط عليهما عدم الخروج عن القرآن ثانياً.
ومن المضحك القول بأن عمل المعصوم يجب أن لا يخضع للإكراه والإجبار والإضطرار! فهل راجعت سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الأنبياء السابقين قبل أن تحكم؟!! ثم أي حزم تريد من علي (عليه السلام) بقولك: ((بل كان الحزم من علي أن يكمل معركته)) بعد أن هدد بالقتل أو التسليم لعدوه وانقسم الجيش ووقعت الفتنة؟!
فهل العصمة تنتقض بالعمل الإختياري أو بالعمل الإضطراري والإكراه؟ راجع تعريف العصمة لو كان عندك وهم في ذلك؟ وهل خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) العصمة عندما صالح المشركين في الحديبية أو لا ؟ وأين كان حزم رسول الله (صلى الله عليه وآله) - نعوذ بالله - على فرضك؟ والأمثلة أكثر من أن تحصى.
وهل ضعف جانب الحق لقوة أهل الضلال يخدش العصمة؟ فعلى هذا لم يبق نبيّ معصوم, لأن أكثرهم وصلوا إلى جانب من الضعف في الموازين الدنيوية حتى قتلوا, والقرآن ينص على إستضعافهم بآيات عديدة فهل راجعتها؟
ثم من قال لك اننا ندعي أن أصحاب علي (عليه السلام) الذين بايعوه بالخلافة وقاتلوا معه كانوا يعتقدون بالعصمة, وهل يعقل مثل هكذا إدعاء بعد وضوح خلافهم في صفين في قصة التحكيم ورفع المصاحف! فما فرعته من ثانياً ليس به بالغ الحجة علينا إلا في ذهنك ووهمك!
وإذا كان معظم أصحابه لا يعلمون شيئاً عن عصمته بل عن إمامته الإلهية سوى أنه خليفة بايعه المسلمين, فما هي الحجة علينا في ذلك؟ بل أن أكثر المسلمين الآن لا يعتقدون بعصمة النبي(صلى الله عليه وآله) إلا في التبليغ؟ فما هي الحجة علينا من إعتقادهم بعد أن كانوا مخطئين؟
وما ذكرنا يتضح أن علياً (عليه السلام) لم يوافق على الصلح وإنما أجبر ولم يوافق على أبي موسى الأشعري, بل كان يعرفة بالخيانة والغفلة وقد نبه أصحابه على ذلك ولكنهم أصروا عليه, ويظهر أيضاً أن رأي علي (عليه السلام) من البداية كان هو الصواب وانه يتكلم عن علم ودراية بما سدده الله من العصمة, وحاله حال الأنبياء المعصومين عند عصيان أممهم ليس عليهم إلا إقامة الحجة وبذل الجهد معهم ما استطاعوا, وليس في الأمر اجتهاد أو إجالة فكر وتصويب رأي.
وظهر أيضاً وضوح موقف الشيعة في فهم تلك الأحداث حسب مبناهم بعصمة الإمام (عليه السلام), وأنه لا إشكال في أن يكون الإمام أو النبي (صلى الله عليه وآله) مقهوراً, وهي سنة من سنن الله, وان العصمة لطف من الله للأمة يكون في تصرفات الإمام يحصلون عليه لو أطاعوا إمامهم, وليس القول بثبوت العصمة للإمام يلزم منه القول بوجوب وقوع الطاعة من قبل المكلفين بالجبر, وإنما معرفتهم بالعصمة وترتيب أثرها عنهم يكون بالإختيار حاله حال ما وضعه الله من العقل في نفوسنا إذا استخدمناه فلحنا وإذا عزلناه سقطنا, وليس لقائل أن ينفي وجود العقل لما يجده من إعراض الناس عنه.
وأما ما دعيته على علي (عليه السلام) من أنه: ((لا يمانع ولا يمتلك من أمر نفسه شيئاً مع معرفته بالحق ولكنه يسلك معهم حيث يريدون بخلاف الحق الذي يعلمه)), ليس بصحيح بأن خطأه وبطلانه مما قدمنا.
وقولك: ((وان الأئمة الثلاثة السابقين مع كونهم ليسوا معصومين لكن حال الأمة معهم أصلح وأقوى...)) غير صحيح أيضاً! بل كان أمر الأمة إلى سفال بعد أن انقلبت بعد وفاة نبيها وما جرى في زمن علي (عليه السلام) إلى زماننا مما جنته أيديهم لما عملوا بآرائهم واختيارهم مقابل اختيار الله, وهل كان يصل حال المسلمين لما وصل إليه الآن لو لا ما فعلوا من غصب الخلافة! وقد اخبرتهم فاطمة الزهراء (عليها السلام) بذلك في خطبتها المشهورة, فراجع.
ونشوء الدول وبقائها وقوتها لأمد محدود ليس راجعاً لعصمة الإمام, وإنما صلاح الدين والاستقامة على الطريق ومن ثم صلاح الدنيا مرتبط بعصمة الإمام والرئيس, ولم يكن حال الأمة قبل المعصوم أفضل وأقوم, وإنما كان ينقص عندهم الدين من أطرافه وتحرّف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته شيئاً فشيئاً حتى ثار المسلمون على عثمان, ولولا ما مهد له ولمعاوية من كان قبله لما وصل الأمر إلى هذا الحال من الفتنة, فجهد المعصوم لرد المسلمين إلى طريق الحق ما إستطاع ولكن سنة الله قد مضت في الأولين والآخرين.
3- فيما قلته أخيراً: ((قد تقولون ما اعتدنا عليه دائما من أن كل تلك الأمور التي جرت على علي كان يعلمها ويرضاها لأنها مما كتبه الله عليه وعلى الأمة)), فهو صحيح, من جهة أنه (عليه السلام) يعلمها مما علمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره به, وهذا ليس ببعيد وعندنا عليه أدلة كثيرة, بل بعضها في روايات أهل السنة. وأما إنه يرضاها فليس معناه أنه يوافق عليها, وإنما معناه أنه راضٍ بقضاء الله مسلم لأمره صابر على ما يبتلى به, لا أن رأيه كان مطابقاً لما حصل كيف وبعضها كان فيه معصية لله من قبل الأمة, فكيف يرضى بها ونحن نقول بعصمته؟! فتأمل. ولا تتقول علينا ما لا نقوله!! والأمر ينطبق تماماً على ما فعله الحسين (عليه السلام) فهو راضٍ بالقضاء الذي يعلمه الله قبل خلق الخلق وهو لا يريد شيئاً ولا يشاء إلا ما شاء الله. فما توهمته ليس في محله.
نعم, إن الله لا يرضى إلا بالطاعة, ومن قال لك إن المعصومين لم يرضوا بالطاعة؟! أو لم يجروا عليها طيلة حياتهم؟ بل من قال لك أنهم رضوا بالمعصية؟ فان وقف القتال في صفين بعد أن أجبر عليه وأكره غير خارج عن رضى الله وليس هو معصية كما كان حال الصلح مع قريش يوم الحديبية من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله), فما أضطر إليه المعصوم ليس بمعصية وهو رضا الله من جهته, وأما من جهتة الأمة فهو معصية يحل بها عليهم غضب الله.
وكيف لم تنفع علي (عليه السلام) عصمته هنا!! وهو قد بين للأمة الخطأ فيما تفعل وحاول جاهداً منعهم من النكوص والمعصية مبيناً لهم الصواب في الرأي, ولم يمض معهم في خطوة ولو صغيرة إلا بعد أن يجبروه, فكان لا يتخذ رأياً كلياً عاماً وإنما يتدرج معهم مرحلة مرحلة حتى إذا أجبروه أنتقل إلى مرحلة أخرى محاولاً تفادي الخطأ فيها وهكذا, مبيناً لهم أن رضا الله كان في قتال البغاة وأنهم أضر على دين الله وأكثر مفسدة من مفسدة القتال.
ولا نعرف كيف أصبحت المعصية والمكر حجة لمعاوية حيث قلت: ((وكان ذلك حجة لمعاوية ومن معه ممن قاتل عليّاً))؟!! نعم, إن الباطل يحتج بكل شيء, وكلامنا في الحجة الشرعية المرضية عند الله وهي كانت مع علي (عليه السلام).
ثم لو فرضنا أن عليّاً (عليه السلام) فعل ما تراه أنت صواباً ولم يوافق على التحكيم مجبراً, أليس كانوا قد قتلوه أو سلموه وأصبح حاله حال عثمان بعد أن أجمع المسلمون على قتله وليس له حجة, كيف؟! وبما فعله علي (عليه السلام) استمرت الحجة وبان الحق ووضح إلى هذا اليوم.
ودمتم برعاية الله


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:42 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية