![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
![]() ![]() ![]() |
![]() ![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 72 -------------------------------------------------------------------------------- المسألة السابعة محاولته صرف حديث المنزلة عن مكانته قوله: وهناك طبعا وجهة نظر، أفلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ومحاولته صرف حديث المنزلة عن محله بالتأويل (1). فأقول للدكتور حديث المنزلة حديث رسول الأمة الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى تعتبره مجرد وجهة نظر فقط؟! أنسيت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ". إنه من النصوص الصريحة الجلية على وجود النص بتعيين علي بن أبي طالب خليفة للأمة. وهذا ما يرويه أهل السنة وحملة الآثار وهي من أهم الأحاديث الصريحة التي تثبت الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن نذكر جملة ليرى الدكتور البوطي وغيره من المعاندين الذين أسرتهم العصبية المذهبية، أن وجود النص الصريح أمر قضت به الضرورة العقلية والشرعية الأخذ به وأن المنكر لوجوده كالمنكر للشمس في رابعة النهار. ____________ (1) محاضرة بتاريخ: 2 / 10 / 1995 جامعة دمشق. |
![]() |
#2 |
مشرف عام
![]() |
![]()
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 73 -------------------------------------------------------------------------------- آراء وأحاديث يقول الدكتور أحمد محمود صبحي في تعليقه على حديث المنزلة: " إن بعض علمائهم - أي الشيعة - كعبد الحسين شرف الدين العاملي، يذكرون إضافة إلى متن الحديث غير مذكورة في النص السني أو حتى النص الذي بينه كثير من علماء الشيعة أنفسهم وهو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إلا أنه لا نبي بعدي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي " ولا شك إن هذه العبارة تجعل من الحديث نصا جليا في إمامة علي يحسم كل اختلاف ويضع حدا للتفسيرات المتباينة التي استخلصتها الفرق من دلالة الحديث، وينسب الموسوي العاملي هذه الإضافة إلى الحاكم في المستدرك والذهبي في الجزء الثالث من تلخيصه ص 143... " (1). هذا ما يقوله الدكتور أحمد صبحي، فهو ينفي أولا وجود مثل هذه الإضافة في كتب أهل السنة، كما ينفي وجودها في النصوص الشيعية. مع أنه كان يلزم الدكتور وهو في صدد بحث هذه المسألة الخطيرة، الرجوع إلى كتب أهل السنة أولا ليرى ما فيها ثم يعطي حكمه ثانيا خصوصا وقد عرف بوجود هذه الإضافة، ففي هذه الحالة. وقع له الشك في وجودها، ودفع الشك واجب عقلا إذ يتعين على الدكتور بمقتضى المنطق العقلي البحث عن وجود هذه الإضافة، ولكن مقتضى الصياغة التي سار عليها أكثر الباحثين، هي عدم الإطلاع على مثل ____________ (1) أحمد محمود صبحي: نظرية الإمامة - ص 225. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 74 -------------------------------------------------------------------------------- هذه الحقائق لئلا تصطدم با القاعدة الأساسية التي تبنى عليها العقيدة. والباحث هنا سوف يذكر العديد من الروايات التي ذكرها علماء أهل السنة وحفاظهم مع ذكر هذه الإضافة التي أنكرها الدكتور أحمد صبحي، تأكيدا لوجود النص الصريح والجلي على إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ناهيك لما تعرضت له النصوص الكثيرة التي أخفاها الأمويون والعباسيون، ومع هذا فقد نقل لنا أمناء الحديث من علماء أهل السنة ما بقي منها وإليك نبذة منها: أخرج الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. قال: وقال رسول الله: أنت وليي في كل مؤمن بعدي... قال: وقال: من كنت مولاه فإن مولاه علي... " (1). وقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة... " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (2). أي البخاري ومسلم. يقول الحافظ الذهبي في تلخيصه: "... قال - أي ابن عباس - وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تبوك فبكى علي، فقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وقال له أنت ولي على كل مؤمن بعدي ومؤمنة... صحيح " (3). وأنت ترى أن الحافظ الذهبي قد حكم بصحة هذا الحديث، ومن هنا يثبت النص الجلي على خلافة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). وأخرج الحافظ النسائي - وهو أحد أصحاب الصحاح الستة، قال: ____________ (1) الإمام أحمد: المسند - ج 1 - ص 33. (2) الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين - ج 3 - ص 133 - 134 - دار المعرفة بيروت. (3) تلخيص الحافظ الذهبي على المستدرك - ج 3 - ص 133 - 134. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 75 -------------------------------------------------------------------------------- " وخرج النبي - بالناس في غزوة تبوك، قال: فقال له علي: أخرج معك؟ فقال له نبي الله: لا، فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي " قال: " وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنت وليي في كل مؤمن بعدي " (1). وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الإصابة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي في غزوة تبوك: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنك لست بنبي أي لا ينبغي أن أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وقال له: أنت ولي كل مؤمن من بعدي " (2). وأخرج القندوزي الحنفي عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي لما خرج إلى غزوة تبوك وخرج الناس معه دون علي فبكى: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي " (3) وأخرج المحب الطبري (4) وابن حجر الهيتمي (5) والخطيب البغدادي (6)، والذهبي (7) عن الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "... ما تريدون من علي ثلاثا، إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي... وفي أخرى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لبريدة... لا تقع في علي، فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي ". وأخرج الإمام أحمد بن حنبل مسندا عن أبي بردة قال: خرج علي مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)... إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة وأنت خليفتي... " (8). ____________ (1) الحافظ النسائي: الخصائص - ص 17، 18. (2) ابن حجر العسقلاني: الإصابة - ج 4 - ص 568. (3) القندوزي: ينابع المودة - ج 2 - ص 58. (4) المحب الطبري: الرياض النضرة - ج 2 - ص 171. (5) ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة - ص 124. (6) الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد - ج 4 - ص 339. (7) الذهبي: ميزان الإعتدال - ج 1 - ص 104. (8) سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص - ص 19. والمسعودي: مروج الذهب - ج 2 - ص 437. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 76 -------------------------------------------------------------------------------- وعن أنس بن مالك قال: قلنا لسلمان الفارسي، سل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من وصيه؟ فسأل سلمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: من كان وصي موسى بن عمران؟ فقال: يوشع بن نون قال: إن وصيي ووارثي ومنجز وعدي علي بن أبي طالب... " (1). وعنه أيضا رفعه، إن الله اصطفاني على الأنبياء، فاختارني واختار لي وصيا، واخترت ابن عمي وصيي، يشد عضدي كما يشد عضد موسى بأخيه هارون، وهو خليفتي ووزيري... وعن عمر بن الخطاب (رض) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال: هذا علي أخي في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي ووصيي في أمتي ووارث علمي وقاضي ديني... " (2). وعن عمران بن حصين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ".. ما تريدون من علي ثلاثا، إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي،... وفي رواية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لبريدة: "... لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي " (3) وقد كتب عمرو بن العاص إلى معاوية بعدما استدعاه: ".... أما بعد فإني قرأت كتابك وفهمته، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي، والتهون معك في الضلالة، وإعانتي إياك على الباطل، واختراط السيف في وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهو أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووليه ووصيه ووارثه وقاضي دينه... " (4) وقد ذكر الوصية ابن عباس في كلامه مع معاوية عندما بلغه موت الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) في قوله: "... ولئن أصبنا به فلقد أصبنا ____________ (1) سبط ابن الجوزي: نفس المصدر - ص 43 - والمحب الطبري: والرياض النضرة - ج 2 ص 178. - وأيضا ابن المغازلي، الشافعي المناقب - ص 141. (2) القندوزي الحنفي - ينابيع المودة ة ج 2 - ص 75. (3) المحب الطبري - الرياض النضرة - ج 2 - ص 171 - وأيضا ابن المغازلي: المناقب - ص 152 وانظر العسقلاني: الإصابة - ج 4 - ص 569 - والمتقي الهندي - منتخب الكنز - ج 5 - ص 20. سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص - ص 86. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 77 -------------------------------------------------------------------------------- قبله بسيد المرسلين... ثم بعده بسيد الأوصياء " (1). وقول محمد بن أبي بكر في كتاب كتبه لمعاوية ذكر فيه الوصية لعلي: "... فكيف - يا لك الويل - تعدل نفسك بعلي وهو وارث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه وأبو ولده... " (2). وقول الإمام الحسين بن علي: "... ألست ابن بنت نبيكم (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن وصيه " (3) ولهذا جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لكل نبي وصي ووارث وإن عليا وصيي ووارثي " (4). ومن ذلك ما رواه ثابت بن معاذ الأنصاري من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي: " إنه أخي ووزيري وخليفتي في أهل بيتي وخير من أخلف بعدي " (5). يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن في تعليقه على حديث المنزلة: " ولهذا الحديث علاقة برحيل النبي إلى تبوك... وقد استخلف عليا على المدينة... فقال له النبي: إرجع يا أخي إلى مكانك: فإن المدينة لا تصلح إلا بك فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي، يعني المدينة، وقومي... الحديث ولو أراد عليه أن يستخلف عليا، فإنه لم يكن يرى من الصواب ذلك لمنافاته لروح العرب، والديمقراطية " (6). فالصياغة التي اتبعها الدكتور حسن إبراهيم، تجعل من الروح العربية هي الأساس في تحديد سلوكيات المسيرة الإسلامية، حتى ولو كانت مخالفة لروح الإسلام. مع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء بالإسلام الذي يخالف ما كانت عليه الروح العربية من انحراف في القيم والسلوك وعبادة الأصنام ووأد البنات، فالروح الإسلامية جاءت لتقتلع الروح العربية وتغير من سلوكياتها، إذن فمتى ____________ (1) المسعودي - مروج الذهب - ج 3 - ص 8. (2) نفس المصدر: ص 21. (3) تاريخ الطبري: ج 5 - ص 424. (4) الذهبي: ميزان الاعتدال - ج 3 - ص 273 - وأيضا القندوزي الحنفي: في ينابيع المودة ج 2 ص 32 - والمحب الطبري: ذخائر العقبى - ص 71. (5) ابن حجر العسقلاني: الإصابة: ج 1 ص 423 وأيضا ج 2 ص 609. (6) حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطمية ص 4. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 78 -------------------------------------------------------------------------------- كان للعرب الكلمة عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومتى وافقت مسيرة النبي الجهادية وكفاحه المستمر في تغيير الواقع لروح العرب - فالروح العربية التي يشير إليها الدكتور حسن إبراهيم هي التي حاربت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخرجته من دياره وأذاقته ألوان العذاب، لأنه سفه أحلامها، وأعاب آلهتها، ولم يلاحظ من كل ذلك هذه الروح التي لم تؤمن بالإسلام حتى فتح مكة. أيخضع النبي للروح العربية المجافية؟؟؟ فيه لروح الإسلام ويترك الأوامر الإلهية. لأن العرب لا يرضون بذلك. كما لم يرضوا بالرسول ولا برسالته. لأن رسالته كانت مخالفة لروح العرب. وعلى ذلك فلا بد وأن نقول: أنه ليس من الصواب حينما بعث الله سبحانه رسله إلى الناس، لأنهم يخالفون ما عليه الناس، مع أن الدكتور حسن إبراهيم، يعترف بأن خلافة المدينة لا تصلح إلا لعلي بنص من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا كانت الخلافة في حياة النبي لا تصلح إلا لعلي، فهذه الصلاحية مستمرة حتى بعد وفاته، مع قطع النظر عن جميع النصوص الواردة في ذلك، ولكن الله أراد شيئا والروح العربية والديمقراطية أرادت شيئا آخر. هذه نبذة مما رواه أهل الحديث وعلماء السير من أهل السنة عن حديث المنزلة والوصية اقتصرنا على ذكر الإضافة التي ذكرها الدكتور أحمد صبحي، ونفى وجودها في نصوص أهل السنة لتكون نصا صريحا كما يقول على خلافة الإمام علي (عليه السلام). |
![]() |
![]() |
#3 |
مشرف عام
![]() |
![]()
مناقشة حديث المنزلة
علينا أن ندخل في هذا الحديث بعمق، بعد أن بينا سند الحديث في صحاح أهل السنة - حتى يتجلى لسماحة الشيخ الدكتور الحق والصراط المستقيم. فأقول له من خلال ما نفهمه في هذا النص: من تتبع سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجده يصور عليا وهارون كالفرقدين في السماء، والعينين في الوجه لا يمتاز أحدهما في أمته عن الآخر بشئ ما. ألا ترى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبى أن تكون أسماء بني علي (عليه السلام) إلا -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 79 -------------------------------------------------------------------------------- كأسماء بني هارون فسماهم حسنا وحسينا ومحسنا وقال: " إنما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر (1) أراد بهذا تأكيد المشابهة بين الهارونين وتعميم الشبه بينهما في جميع المنازل وساتر الشؤون وأما عموم هذه المنازل فثابت في نص الحديث، وذلك لما تقرر في أصول الفريقين من أن اسم الجنس المنكر المضاف إلى المعرفة يفيد العموم وكلمة منزلة نكرة مضافة إلى هارون المعرفة، فهي تفيد الشمول والعموم لجميع تلك المنازل التي تقدم ذكرها ويؤكد هذا ويقرره الاستثناء فإنه لا يكون إلا من العموم هذا أولا. وثانيا: إن حديث المنزلة قد اشتمل على مستثنى منه ففيه عموم وخصوص، ولو صح ما ادعاه لزمه أن يقول ببطلان العموم والخصوص معا في الحديث، ونسبة اللغو إلى النبي، وذلك لأن كل عربي وغير عربي إذا درس لغة العرب، يفهم من القول المشتمل على مستثنى ومستثنى منه أنه يريد العموم، وأن الحكم فيه على الاستيعاب دون المستثنى، فالمستنثى يوجب خروجه من ذلك الحكم الوارد على المستثنى منه وهذا هو المفهوم من ذلك عند أهل اللسان بلا كلام. ولهذه الغاية نفسها قد اتخذ عليا أخاه وآثره بذلك على من سواه تحقيقا لعموم الشبه بين منازل الهارونين من أخويهما، وحرصا على أن يكون ثمة من فارق بينهما وحتى آخى بين أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرتين كما سمعت، وأنتم تعرفون الحسن والحسين لكن محسنا هذا غريب في أذهان أعلام السنة، فإنه أسقط بسبب ضربة قنفذ الحبشي لسيدة نساء العالمين (الزهراء) عليها أزكى السلام، بأمر من عمر بن الخطاب، وتوفيت وهي تشكو من كسر ضلع لها - وسقطها التي أجهض قبل أوانه. وهناك وجه شبه آخر بين وصي خاتم الأنبياء ووصي النبي موسى (عليه السلام). فإن يوشع بن نون كان مع موسى في جبل سيناء ولم يعبد العجل، ____________ (1) مسند أحمد: ج 2 ص 155. الفتح الكبير: للبناني ج 2 ص 161 مجمع الزوائد. ج 8 ص 52. الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 190 ط المحمدية. تذكرة الخواص - الجوزي الحنفي - ص 193. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 80 -------------------------------------------------------------------------------- وأمر الله نبيه موسى أن يعينه وصيا من بعده لئلا تكون جماعة الرب كالغنم بلا راع. وكان الإمام علي مع النبي في غار حراء ولم يعبد صنما قط، وأمر الله نبيه في رجوعه من حجة الوداع أن يعينه أمام الحجيج قائدا للأمة من بعده ولا يترك أمته هملا، وقد صرح بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غدير خم، وعينه وليا للعهد من بعده، وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل... " (1) وأما ما جاء من ذلك في شعر الصحابة فلا يمكن أن يحصى وإنما نذكر منه ما يتم به الفرض، وهو أن النص والوصية لعلي بن أبي طالب بذرها وأوجدها نفس صاحب الشريعة (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر من الله. والغريب أن الدكتور محمد عمارة الذي يرى أن التشيع نشأ في زمن الإمام الصادق، لأن القول بالوصية ينتهي إليه وإلى أبيه الباقر، يروي لنا هذا الشعر الذي قاله أحد الصحابة وهو الأشعث بن قيس، ويذكر فيه الوصية (2): أتانا الرسول رسول الوصي * علي المهذب من هاشم وزيد البني وذو صهره * وخير البرية والعالم ويقول علي بن أبي طالب في ذيل كتاب كتبه إلى معاوية (3): علي ولي الحميد المجيد * وصي النبي من العالمينا ويقول أبو الأسود الدؤلي (4): أحب محمدا حبا شديدا * وعباسا وحمزة والوصيا ويقول أبو الهيثم بن التيهان وكان بدريا (5): إن الوصي إمامنا وولينا * برح الخفاء وباحت الأسرار ____________ (1) خمسون ومائة صحابي مختلق: للمرتضى العسكري - المجلد: ص 269 - 289. (2) محمد عمارة: الإسلام وفلسفة الحكم - ص 4. (3) سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص - ص 85. (4) ابن الأنباري: نزهة الأولياء - ص 7 - وأيضا القفطي: أبناه الرواة - ج 1 - ص 17. المراجعات - عبد الحسين شرف الدين - ص 269 - 302. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 81 -------------------------------------------------------------------------------- وقال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وهو بدري: يا وصي النبي قد أجلت الحرب * الأعادي وسارت الأظفان إلى كثير من الأشعار التي قيلت في ذكر الوصية والنص على خلافة علي، ومن هذا يظهر فساد ما ذهب إليه الدكتور حسن إبراهيم في قوله: " نشر ابن سبأ بعد ذلك مذهب الوصاية الذي أخذه عن اليهودية دينه القديم بمعنى أن عليا وصي محمد... " (1) وهذا بعينه قول الشيخ محمد أبو زهرة: " أخذ - ابن سبأ - وأن عليا وصي محمد وأنه خير الأوصياء كما أن محمدا خير الأنبياء... " (2). ومما قدمناه من النصوص الواردة في كتب أهل السنة، يظهر فساد ما يقوله ابن خلدون وغيره في قوله: " بل يجب عليه تعيين الإمام لهم... وأن عليا (عليه السلام) هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويأولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة... " (3). فابن خلدون هنا يحاول أن ينكر الوصية بإنكاره للروايات، وقوله إن علماء السنة ونقلة الشريعة لم ينقلوا مثل هذه الروايات، وإنما هي من وضع الشيعة، فنقول لابن خلدون وغيره من دكاترة العصر... أليس الإمام أحمد ابن حنبل من نقلة الشريعة...؟ والإمام مسلم من نقلة الشريعة...؟ والحافظ النسائي أحد أصحاب الصحاح من نقلة الشريعة ومن جهابذة علماء أهل السنة؟ والحاكم النيسابوري والحافظ الذهبي والبيهقي والمتقي الهندي، وابن المغازلي الشافعي، والمحب الطبري والحافظ ابن حجر العسقلاني وغير هؤلاء، أليسوا من جهابذة علماء أهل السنة ونقلة الحديث منهم للذين نفى ابن خلدون وجودهم إما جهلا منه أو تجاهلا وعنادا للحق؟ وإن التسليم والاعتراف بمثل هذه الروايات يهدم أساسا من أسس ابن خلدون العقائدي، ولهذا حاول أن ينكر مثل هذه الأحاديث في كتب أهل ____________ (1) حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطمية - ص 2. (2) محمد أبو زهرة: أبو حنيفة - ص 127. ص 113 الفرقة السبئية. (3) ابن خلدون: المقدمة - ص 194. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 82 -------------------------------------------------------------------------------- السنة وسوف يأتي المزيد منها مما خرجه الحفاظ من جهابذة السنة ونقلة الشريعة منهم. |
![]() |
![]() |
#4 |
مشرف عام
![]() |
![]()
حديث المنزلة والشبه بين منزلة الهارونين
وبعد هذا العرض التاريخي للروايات لإثبات تواتر هذا الحديث من مصادر أهل السنة ومن أهم الصحاح عندهم... فهذا إلمام البخاري يحدثنا في صحيحه (1) ومسلم في صحيحه (2)... عن النبي (عليه السلام) " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " هذا بالنسبة للحديث. وأما أدلتنا من القرآن الكريم يقول تعالى وما بعدها حكاية عن كليمه موسى رسول الله (عليه السلام): (رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري) إلى قوله تعالى: - (قد أوتيت سؤلك يا موسى) (3). فأقول للدكتور سأعرض لك أوجه الشبه بين هارون سيدنا موسى وهارون سيدنا محمد وهو علي بن أبي طالب خليفة رسول الله (عليه السلام). وأنت تعلم علم اليقين أن منازل هارون من موسى كثيرة ومتعددة ويعرفها كل من تبحر بالعلم لتكون حجة عليه (يوم لا ينفع مال ولا بنون ____________ (1) صحيح البخاري ج 2 ص 197 في باب مناقب علي بن أبي طالب. (2) صحيح مسلم ج 2 الباب نفسه. (3) سورة طه: الآية 25 - 32. ومن مصادر الدعاء: - شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 179 ح 235. - تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 15. - نور الأبصار للشبلنجي ص 70 ط السعيدية وص 71 ط العثمانية. - الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 108. - الرياض النضرة ج 2 ص 214 ط 2. - مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 87، فرائد السمطين ج 1 ص 192 ح 151. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 83 -------------------------------------------------------------------------------- إلا من أتى الله بقلب سليم " ولنقطع دابر الشغب والقيل والقال ووجهات النظر في هذه النصوص الصريحة. فتعال معي أيها القارئ الكريم لنقرأ أوجه الشبه ونتدبر بها فإن للباطل جولة وللحق جولات. فهاك أيها القارئ، فهاك أيها الدكتور. أول منزلة: إن هارون (عليه السلام) كان شريكا لموسى (عليه السلام) في أمره، فكذلك علي (عليه السلام) شريك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أمره على الإمامة والخلافة من بعده لم يستثن سوى النبوة فقط. المنزلة الثانية: إن هارون (عليه السلام) كان أخا لموسى (عليه السلام) فكذلك علي (عليه السلام) كان أخا لرسول الله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدليل حديث المؤاخاة المتواتر نقله بين الفريقين، ولم يستثن الرسول من حديثه إلا النبوة وقد أخرج هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (1). عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس في حديث بضع عشرة فضيلة كانت لعلي (عليه السلام) لم تكن لغيره من الصحابة، وتحدث المحب الطبري في (الرياض النضرة) في باب فضائل علي من جزئه الثاني وغيره من حفاظ أهل السنة. المنزلة الثالثة: إن هارون (عليه السلام) كان وزيرا لموسى رسول الله (عليه السلام) فكذلك علي (عليه السلام) وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). المنزلة الرابعة: إن هارون (عليه السلام) كان أفضل قوم موسى (عليه السلام) عند الله تعالى وعند ____________ (1) مسند أحمد بن حنبل: ج 1 - ص 330 -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 84 -------------------------------------------------------------------------------- نبيه موسى (عليه السلام) فكذلك علي (عليه السلام) أفضل أمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الله تعالى وعند رسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). المنزلة الخامسة: إن هارون كان واجب الطاعة على يوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام) وغيره من أمته. فكذلك علي (عليه السلام) واجب الطاعة على الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان (رض) وغيرهم من أمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). المنزلة السادسة: إن هارون كان أعلم قوم موسى (عليه السلام) فكذلك علي أعلم أمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد صرح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك فقال: " أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب " وهذا ما أخرجه المتقي الهندي (1). المنزلة السابعة: إن هارون (عليه والسلام) كان هو القائم مقام موسى (عليه السلام) في غيبته مطلقا، فكذلك علي هو الذي يقوم مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غيبته مطلقا، وقد جاء التنصيص عليه جليا، واضحا لا يرتاب فيه اثنان من أهل الإيمان بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي " (2). المنزلة الثامنة: إن الله تعالى قد شد أزر نبيه موسى (عليه السلام) بأخيه هارون (عليه السلام) فكذلك شد أزر نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بأخيه علي (عليه السلام). المنزلة التاسعة: إن هارون (عليه السلام) كان ثاني موسى (عليه السلام) في قومه، فكذلك علي (عليه السلام) ثاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أخوته. ____________ (1) المتقي الهندي (منتخب كنز العمال، هامش ج 5 عن مسند أحمد بن حنبل ص 31. (2) مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج 1 ص 330 آخر الصفحة. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 85 -------------------------------------------------------------------------------- المنزلة العاشرة: إن هارون (عليه السلام) كان أحب الناس إلى الله تعالى وإلى كليمه موسى (عليه السلام). فكذلك علي (عليه السلام) أحب الناس إلى الله تعالى وإلى رسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). المنزلة الحادية عشرة: إن هارون (عليه السلام) كان معصوما من الخطأ والنسيان، والزلل والعصيان فكذلك علي (عليه السلام) يكون معصوما من الخطأ والنسيان والزلل والعصيان. المنزلة الثانية عشرة: تصوير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وهارون كالفرقدين في السماء والعينين في الوجه لا يمتاز أحدهما عن الآخر بشئ في أمته. المنزلة الثالثة عشرة: أبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن تكون أسماء بني علي (عليه السلام) إلا كأسماء بني هارون شبر وشبير ومشبر، فأراد بهذا تأكيد المشابهة بين الهارونين وتعميم الشبه بينهما في جميع المنازل وسائر الشؤون. المنزلة الرابعة عشرة: علكم تعلمون ما حدث لهارون مع بني إسرائيل بعد ذهاب موسى (عليه السلام) لميقات ربه وتلقيه التوراة. فقد حدث ما يشبهه لعلي (عليه السلام) بعد فقد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) سواء بصدهم عنه محاولة قتله: (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني). إذا فحديث المنزلة نص صريح على تعيين الخليفة وهل كان (هارون) غير خليفة موسى... إذن فما هو وجه الشبه بين محمد وعلي... في الحديث المذكور فأقول للذين يعتبرون هذا الحديث مجرد وجهة نظر!! إن تقديم المفضول على الفاضل... بدعة.. تخالف الشرع.. والعقل معا فالأول.. لقوله تعالى (هل يستوي الذي يعلمون والذين لا -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 86 -------------------------------------------------------------------------------- يعلمون)، وقوله تعالى (لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) وغير هذا فلا يصح إذن... تقديم غير الأعلم... على الأعلم... ولم نجد في كتب السنة وصحاحهم المعتبرة ما يدل على أعلمية... أبي بكر... أو عمر... أو عثمان أو غيرهم من الصحابة الحقيقيين على علي... ومن ادعى ذلك... لشخص ما... فليأت ببرهانه المقبول!! وأما في العقل... فإن في الجاهل نقص... وعماية... فلا يصح إذن تقديم الأعمى على البصير ولا الناقص على الكامل... لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب الأمور!! قال ابن أبي الحديد المعتزلي ما مضمونه: الحمد لله الذي قدم المفضول على الأفضل لحكمة اقتضاها التشريع!! فالفضل في الإسلام - لا يتعلق بالسن... بعد قوله تعالى... في حق نبي صبي (وآتيناه الحكم صبيا) في قصة يحيى... ومثل هذا... في قصة عيسى فصغر أسامة... وكبر... من انضم إلى لوائه... لا يدل على تقديم يحيى المفضول على الأفضل... لأنا لا نسلم بتفضيل أبي بكر... ونظرائه على أسامة فهذا يعني الرد على النبي... ونقض لسيرته ومنهجيته!! بل نعتبر الخليفة الأول خالف أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث امتنع ولم يلتحق به!!! وأختم قولي بدعاء للنبي: " اللهم إن أخي موسى سألك فقال: (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * وأحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * أشدد به أزري وأشركه في أمري) (1). ____________ (1) سورة طه: الآية 25 - 32. ومثل هذا الدعاء أخرجه أيضا البزار من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيد علي فقال: " إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون وإني سألت ربي أن يطهر مسجدي بك " ومصادر الدعاء في ص 94 من الكتاب. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 87 -------------------------------------------------------------------------------- فأوحيت إليه: (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا). اللهم وإني عبدك ورسولك محمد، فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي... الحديث (1). ومثله ما أخرجه البزار من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيد علي فقال: " إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون، وإني سألت ربي أن يطهر مسجدي بك " ثم أرسل إلى أبي بكر أن سد بابك، فاسترجع ثم قال سمعا وطاعة، ثم أرسل إلى عمر، ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما أنا سددت أبوابكم، وفتحت باب علي، ولكن الله فتح بابه، وسد أبوابكم " (2). ____________ (1) أخرجه الإمام: أبو إسحاق الثعلبي عن أبي ذر الغفاري في تفسير قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " في سورة المائدة من تفسيره الكبير. (2) هذا الحديث 6156 / من أحاديث الكنز ج 6 ص 48. مجمع الزوائد: ج 9 ص 14 منتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج 5 ص 55. الحاوي للفتاوى ج 2 ص 57 - 58. إحقاق الحق: ج 5 ص 557. الغدير: ج 3 ص 208. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 88 -------------------------------------------------------------------------------- |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |