![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - ص 168 - 177 التوكل هو : الاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور ، وتفويضها إليه ، والاعراض عما سواه . وباعثه قوة القلب واليقين ، وعدمه من ضعفهما أو ضعف القلب ، وتأثره بالمخاوف والأوهام . والتوكل هو : من دلائل الايمان ، وسمات المؤمنين ومزاياهم الرفيعة ، الباعثة على عزة نفوسهم ، وترفعهم عن استعطاف المخلوقين ، والتوكل على الخالق في كسب المنافع ودرء المضار . وقد تواترت الآيات والآثار في مدحه والتشويق إليه : قال تعالى : ومن يتوكل على الله فهو حسبه ( الطلاق : 3 ) . وقال : إن الله يحب المتوكلين ( آل عمران : 159 ) . وقال : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله ، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( التوبة : 51 ) . وقال تعالى : إن ينصركم الله فلا غالب لكم ، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( آل عمران : 160 ) . وقال الصادق عليه السلام : إن الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا ( 1 ) . وقال ( ع ) : أوحى الله إلى داود ( ع ) : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي ، عرفت ذلك من نيته ، ثم تكيده السماوات والأرض ، ومن فيهن ، الا جعلت له المخرج من بينهن . وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي ، عرفت ذلك من نيته ، الا قطعت أسباب السماوات من يديه ، وأسخت الأرض من تحته ، ولم أبال بأي واد هلك ( 1 ) . |وقال عليه السلام : من أعطي ثلاثا ، لم يمنع ثلاثا : من أعطي الدعاء أعطي الإجابة . ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة . ومن أعطي التوكل أعطي الكفاية . ثم قال : أتلوت كتاب الله تعالى ؟ : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) ( الطلاق : 3 ) . وقال : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ( إبراهيم : 7 ) ، وقال : ( أدعوني أستجب لكم ) ( غافر : 60 ) . ( 2 ) . وقال أمير المؤمنين في وصيته للحسن ( ع ) : وألجئ نفسك في الأمور كلها ، إلى إلهك ، فإنك تلجئها إلى كهف حريز ، ومانع عزيز ( 3 ) . وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : كان فيما وعظ به لقمان ابنه ، أن قال له : يا بني ليعتبر من قصر يقينه وضعفت نيته في طلب الرزق ، ان الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال ، ضمن أمره ، وآتاه رزقه ، ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة ، ان الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة : أما أول ذلك فإنه كان في رحم أمه ، يرزقه هناك في قرار مكين ، حيث لا يؤذيه حر ولا برد . ثم أخرجه من ذلك ، وأجرى له رزقا من لبن أمه ، يكفيه به ، ويربيه وينعشه ، من غير حول به ولا قوة . ثم فطم من ذلك ، فأجرى له رزقا من كسب أبويه ، برأفة ورحمة له من قلوبهما ، لا يملكان غير ذلك ، حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما ، في أحوال كثيرة ، حتى إذا كبر وعقل ، واكتسب لنفسه ، ضاق به أمره ، وظن الظنون بربه ، وجحد الحقوق في ماله ، وقتر على نفسه وعياله ، مخافة رزقه ، وسوء ظن ويقين بالخلف من الله تبارك وتعالى في العاجل والآجل ، فبئس العبد هذا يا بني ( 1 ) . حقيقة التوكل : ليس معنى التوكل اغفال الأسباب والوسائل الباعثة على تحقيق المنافع ، ودرء المضار ، وأن يقف المرء ازاء الأحداث والأزمات مكتوف اليدين . سليب الإرادة والعزم . وإنما التوكل هو : الثقة بالله عز وجل ، والركون إليه ، والتوكل عليه دون غيره من سائر الخلق والأسباب ، باعتبار أنه تعالى هو مصدر الخير ، ومسبب الأسباب ، وأنه وحده المصرف لأمور العباد ، والقادر على انجاح غاياتهم ومآربهم . ولا ينافي ذلك تذرع الانسان بالأسباب الطبيعية ، والوسائل الظاهرية لتحقيق أهدافه ومصالحه كالتزود للسفر ، والتسلح لمقاومة الأعداء ، والتداوي من المرض ، والتحرز من الأخطار والمضار ، فهذه كلها أسباب ضرورية لحماية الانسان ، وانجاز مقاصده ، وقد أبى الله عز وجل أن تجري الأمور الا بأسبابها . بيد أنه يجب أن تكون الثقة به تعالى ، والتوكل عليه ، في انجاح الغايات والمآرب ، دون الأسباب ، وآية ذلك أن أعرابيا أهمل عقل بعيره متوكلا على الله في حفظه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله ، له : إعقل وتوكل . درجات التوكل : يتفاوت الناس في مدارج التوكل تفاوتا كبيرا ، كتفاوتهم في درجات إيمانهم : فمنهم السباقون والمجلون في مجالات التوكل ، المنقطعون إلى الله تعالى ، والمعرضون عمن سواه ، وهم الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ، ومن دار في فلكهم من الأولياء . ومن أروع صور التوكل وأسماه ، ما روي عن إبراهيم عليه السلام : أنه لما ألقي في النار ، تلقاه جبرئيل في الهواء ، فقال : هل لك من حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، حسبي الله ونعم الوكيل . فاستقبله ميكائيل فقال : إن أردت أن أخمد النار فان خزائن الأمطار والمياه بيدي ، فقال : لا أريد . وأتاه ملك الريح فقال : لو شئت طيرت النار . فقال : لا أريد ، فقال جبرئيل : فاسأل الله . فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ( 1 ) . ومن الناس من هو عديم التوكل ، عاطل منه ، لضعف احساسه الروحي ، وهزال ايمانه . ومنهم بين هذا وذاك على تفاوت في مراقي التوكل . محاسن التوكل : الانسان في هذه الحياة ، عرضة للنوائب ، وهدف للمشاكل والأزمات ، لا ينفك عن جلادها ومقارعتها ، ينتصر عليها تارة وتصرعه أخرى ، وكثيرا ما ترديه لقا ، مهيض الجناح ، كسير القلب . فهو منها في قلق مضني ، وفزع رهيب ، يخشى الاخفاق ، ويخاف الفقر ، ويرهب المرض ، ويعاني ألوان المخاوف المهددة لأمنه ورخائه . ولئن استطاعت الحضارة الحديثة أن تخفف أعباء الحياة ، بتيسيراتها الحضارية ، وتوفير وسائل التسلية والترفيه ، فقد عجزت عن تزويد النفوس بالطمأنينة والاستقرار ، وإشعارها بالسكينة والسلام الروحيين ، فلا يزال القلق والخوف مخيما على النفوس ، آخذا بخناقها ، مما ضاعف الأمراض النفسية ، واحداث الجنون والانتحار في أرقى الممالك المتحضرة . ولكن الشريعة الاسلامية استطاعت بمبادئها السامية ، ودستورها الخلقي الرفيع - أن تخفف قلق النفوس ومخاوفها ، وتمدها بطاقات روحية ضخمة ، من الجلد والثبات ، والثقة والاطمئنان ، بالتوكل على الله ، والاعتماد عليه ، والاعتزاز بحسن تدبيره ، وجميل صنعه ، وجزيل آلائه ، وأنه له الخلق والأمر وهو على كل شئ قدير . وبهذا ترتاح النفوس ، وتستبدل بالخوف أمنا ، وبالقلق دعة ورخاء . والتوكل بعد هذا من أهم عوامل عزة النفس ، وسمو الكرامة ، وراحة الضمير ، وذلك بترفع المتوكلين عن الاستعانة بالمخلوق ، واللجوء إلى الخالق ، في جلب المنافع ، ودرء المضار . ولعل أجدر الناس بالتوكل أرباب الأقدار والمسؤوليات الكبيرة ، كالمصلحين ليستمدوا منه العزم والتصميم على مجابهة عنت الناس وإرهاقهم ، والمضي قدما في تحقيق أهدافهم الاصلاحية ، متخطين ما يعترضهم من أشواك وعوائق . كيف تكسب التوكل : 1 - استعراض الآيات والأخبار الناطقة بفضله وجميل أثره في كسب الطمأنينة والرخاء . ومن طريف ما نظم في التوكل قول الحسين عليه السلام : إذا ما عضك الدهر فلا تجنح إلى خلق * ولا تسأل سوى الله تعالى قاسم الرزق فلو عشت وطوفت من الغرب إلى الشرق * لما صادفت من يقدر أن يسعد أو يشقي ومما نسب لأمير المؤمنين عليه السلام : رضيت بما قسم الله لي * وفوضت أمري إلى خالقي كما أحسن الله فيما مضى * كذلك يحسن فيما بقي وقال بعض الأعلام : كن عن همومك معرضا * وكل الأمور إلى القضا فلرب أمر مسخط * لك في عواقبه رضا ولربما اتسع المضيق * وربما ضاق الفضا الله عودك الجميل * فقس على ما قد مضى * * * 2 - تقوية الايمان بالله عز وجل ، والثقة بحسن صنعه ، وحكمة تدبيره ، وجزيل حنانه ولطفه ، وأنه هو مصدر الخير ، ومسبب الأسباب ، وهو على كل شئ قدير . 3 - التنبه إلى جميل صنع الله تعالى ، وسمو عنايته بالانسان ، في جميع أطواره وشؤونه ، من لدن كان جنينا حتى آخر الحياة ، وأن من توكل عليه كفاه ، ومن استنجده أنجده وأغاثه . 4 - الاعتبار بتطور ظروف الحياة ، وتداول الأيام بين الناس ، ‹ صفحة 175 › فكم فقير صار غنيا ، وغني صار فقيرا ، وأمير غدا صعلوكا ، وصعلوك غدا أميرا متسلطا . وهكذا يجدر التنبه إلى عظمة القدرة الإلهية في أرزاق عبيده ، ودفع الأسواء عنهم ، ونحو ذلك من صور العبر والعظات الدالة على قدرة الله عز وجل ، وأنه وحده هو الجدير بالثقة ، والتوكل والاعتماد ، دون سواه . وآية حصول التوكل للمرء هي : الرضا بقضاء الله تعالى وقدره في المسرات والمكاره ، دون تضجر واعتراض ، وتلك منزلة سامية لا ينالها إلا الأفذاذ المقربون .
آخر تعديل الشيخ حسن العبد الله يوم
11-28-2010 في 08:30 PM.
|
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |