![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - ص 161 - 167
الشكر وهو عرفان النعمة من المنعم ، وحمده عليها ، واستعمالها في مرضاته . وهو من خلال الكمال ، وسمات الطيبة والنبل ، وموجبات ازدياد النعم واستدامتها . والشكر واجب مقدس للمنعم المخلوق ، فكيف بالمنعم الخالق ، الذي لا تحصى نعماؤه ولا تعد آلاؤه . والشكر لا يجدي المولى عز وجل ، لاستغنائه المطلق عن الخلق ، وإنما يعود عليهم بالنفع ، لاعرابه عن تقديرهم للنعم الإلهية ، واستعمالها في طاعته ورضاه ، وفي ذلك سعادتهم وازدهار حياتهم . لذلك دعت الشريعة إلى التخلق بالشكر والتحلي به كتابا وسنة : قال تعالى : (واشكروا لي ولا تكفرون) ( البقرة : 152 ) . وقال عز وجل : (كلوا من رزق ربكم واشكروا له) ( سبأ : 15 ) . وقال تعالى ![]() وقال تعالى : (وقليل من عبادي الشكور) ( سبأ : 13 ) . وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الطاعم الشاكر له من الأجر ، كأجر الصائم المحتسب ، والمعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر ، والمعطى الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع ( 1 ) . وقال الصادق عليه السلام : من أعطى الشكر أعطي الزيادة ، يقول الله عز وجل لئن شكرتم لأزيدنكم ( إبراهيم : 7 ) ( 2 ) . وقال عليه السلام : شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عز وجل عليها ( 3 ) . وقال عليه السلام : ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت فحمد الله عليها ، الا كان حمد الله أفضل من تلك النعمة وأوزن ( 4 ) . وقال الباقر عليه السلام : تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن تسمعه : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، ولو شاء فعل . قال : من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا ( 5 ) . وقال الصادق عليه السلام : إن الرجل منكم ليشرب الشربة من الماء ، فيوجب الله له بها الجنة ، ثم قال : إنه ليأخذ الاناء ، فيضعه على فيه ، فيسمي ثم يشرب ، فينحيه وهو يشتهيه ، فيحمد الله ، ثم يعود ، ثم ينحيه فيحمد الله ، ثم يعود فيشرب ، ثم ينحيه فيحمد الله ‹ صفحة 163 › فيوجب الله عز وجل له بها الجنة ( 1 ) . أقسام الشكر : ينقسم الشكر إلى ثلاثة أقسام : شكر القلب . وشكر اللسان . وشكر الجوارح . ذلك أنه متى امتلأت نفس الأسنان وعيا وإدراكا بعظم نعم الله تعالى ، وجزيل آلائه عليه ، فاضت على اللسان بالحمد والشكر للمنعم الوهاب . ومتى تجاوبت النفس واللسان في مشاعر الغبطة والشكر ، سرى إيحاؤها إلى الجوارح ، فغدت تعرب عن شكرها للمولى عز وجل بانقيادها واستجابتها لطاعته . من أجل ذلك اختلفت صور الشكر ، وتنوعت أساليبه : أ : فشكر القلب هو : تصور النعمة ، وأنها من الله تعالى . ب - وشكر اللسان : حمد المنعم والثناء عليه . ج : وشكر الجوارح : إعمالها في طاعة الله ، والتحرج بها عن معاصيه : كاستعمال العين في مجالات التبصر والاعتبار ، وغضها عن المحارم ، واستعمال اللسان في حسن المقال ، وتعففه عن الفحش ، والبذاء ، واستعمال اليد في المآرب المباحة ، وكفها عن الأذى والشرور . وهكذا يجدر الشكر على كل نعمة من نعم الله تعالى ، بما يلائمها من صور الشكر ومظاهره : فشكر المال : إنفاقه في سبل طاعة الله ومرضاته . وشكر العلم : نشره وإذاعة مفاهيمه النافعة . وشكر الجاه : مناصرة الضعفاء والمضطهدين ، وانقاذهم من ظلاماتهم . ومهما بالغ المرء في الشكر ، فإنه لن يستطيع أن يوفي النعم شكرها الحق ، إذ الشكر نفسه من مظاهر نعم الله وتوفيقه ، لذلك يعجز الانسان عن أداء واقع شكرها : كما قال الصادق عليه السلام أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام : يا موسى اشكرني حق شكري . فقال : يا رب وكيف أشكرك حق شكرك ، وليس من شكر أشكرك به ، الا وأنت أنعمت به علي . قال : يا موسى الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني ( 1 ) . فضيلة الشكر : من خصائص النفوس الكريمة تقدير النعم والألطاف ، وشكر مسديها ، وكلما تعاظمت النعم ، كانت أحق بالتقدير ، وأجدر بالشكر الجزيل ، حتى تتسامى إلى النعم الإلهية التي يقصر الانسان عن تقييمها وشكرها . فكل نظرة يسرحها الطرف ، أو كلمة ينطق بها الفم ، أو عضو تحركه الإرادة ، أو نفس يردده المرء ، كلها منح ربانية عظيمة ، لا يثمنها الا العاطلون منها . ولئن وجب الشكر للمخلوق فكيف بالمنعم الخالق ، الذي لا تحصى نعماؤه ولا تقدر آلاؤه . والشكر بعد هذا من موجبات الزلفى والرضا من المولى عز وجل ، ومضاعفة نعمه وآلائه على الشكور . أما كفران النعم فإنه من سمات النفوس اللئيمة الوضيعة ، ودلائل الجهل بقيم النعم وأقدارها وضرورة شكرها . أنظر كيف يخبر القران الكريم : أن كفران النعم هو سبب دمار الأمم ومحق خيراتها : (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) ( النحل : 112 ) . وسئل الصادق عليه السلام : عن قول الله عز وجل : (قالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم )الآية ( سبأ : 19 ) فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ، ينظر بعضهم إلى بعض ، وأنهار جارية ، وأموال ظاهرة ، فكفروا نعم الله عز وجل ، وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله ، فغير الله ما بهم من نعمة ، وإن الله لا يغير ما بقوم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فأرسل الله عليهم سيل العرم ففرق قراهم ، وخرب ديارهم ، وذهب بأموالهم ، وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل ، ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي الا الكفور ( 1 ) . وقال الصادق عليه السلام في حديث له : إن قوما أفرغت عليهم النعمة وهم ( أهل الثرثار ) فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبز هجاء فجعلوا ينجون به صبيانهم ، حتى اجتمع من ذلك جبل ، فمر رجل على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم اتقوا الله لا تغيروا ما بكم من نعمة ، فقالت : كأنك تخوفنا بالجوع ، أما ما دام ثرثارنا يجري فانا لا نخاف الجوع . قال : فأسف الله عز وجل ، وضعف لهم الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض ، قال فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوه ، ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل فإنه كان ليقسم بينهم بالميزان ( 1 ) . وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال قال النبي ( ص ) : أسرع الذنوب عقوبة كفران النعم ( 2 ) . كيف نتحلى بالشكر : إليك بعض النصائح لاكتساب فضيلة الشكر والتحلي به : 1 - التفكر فيما أغدقه الله على عباده من صنوف النعم ، وألوان الرعاية واللطف . 2 - ترك التطلع إلى المترفين والمنعمين في وسائل العيش ، وزخارف الحياة ، والنظر إلى البؤساء والمعوزين ، ومن هو دون الناظر في مستوى الحياة والمعاش ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : وأكثر أن تنظر إلى من فضلت عليه في الرزق ، فإن ذلك من أبواب الشكر ( 1 ) . 3 - تذكر الانسان الأمراض ، والشدائد التي أنجاه الله منها بلطفه ، فأبدله بالسقم صحة ، وبالشدة رخاءا وأمنا . 4 - التأمل في محاسن الشكر ، وجميل آثاره في استجلاب ود المنعم ، وازدياد نعمه ، وآلائه ، وفي مساوئ كفران النعم واقتضائه مقت المنعم وزوال نعمه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 162 › ( 1 ) الوافي ج 3 ص 67 عن الكافي . ( 2 ) الوافي ج 3 ص 67 عن الكافي . ( 3 ) الوافي ج 3 ص 67 عن الكافي . ( 4 ) الوافي ج 3 ص 69 عن الكافي . ( 5 ) البحار م 15 ج 2 ص 135 عن ثواب الأعمال للصدوق . ‹ هامش ص 163 › ( 1 ) البحار م 15 ج 2 ص 131 عن الكافي . ‹ هامش ص 164 › ( 1 ) الوافي ج 3 ص 68 عن الكافي . ‹ هامش ص 165 › ( 1 ) الوافي ج 3 ص 167 عن الكافي . ‹ هامش ص 166 › ( 1 ) البحار عن محاسن البرقي . ( 2 ) البحار عن أمالي ابن الشيخ الطوسي . ‹ هامش ص 167 › ( 1 ) نهج البلاغة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |