![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
العاشر
إن الإمام الحسين (ع) كان يعلم بأن القاسم بن الحسن (ع) سيقتل، فما المصلحة في تزويجه؟ وما الغاية من مجرد إجراء العقد؟ (تجاربي مع المنبر ص100) الجواب: إن الاعتراض مبني أساسا على أن التزويج كان باختيار الإمام (ع) ولم يكن امتثالا لوصية لازمة، وهو خلاف الواقع كما هو صريح القصة المنقولة، على أنه لو افترضنا أن التزويج كان اختياريا لأمكن الجواب بأن الإمام (ع) أراد أن يحظى القاسم بن الحسن بفضل دخول الجنة متزوجا، فإن للتزويج بحسب ما ورد في روايات أهل البيت (ع) فضلا عظيما يدركه المراجع لها، وذاك الفضل كاف في جعله باعثا لإجراء صيغة العقد. هذا مضافا إلى ما دل من القرآن والحديث أن الشخص الصالح ستلحقه زوجته الصالحة في الآخرة، وفي هذا الإلحاق مصلحة للطرفين، وخاصة في طرف بنت الإمام الحسين (ع) ويعد هذا نوع من إحسان الإمام الحسن (ع) لرحمه. كنا قد ذكرنا فيما مضى أن المصدر الأصلي لهذه الحادثة - فيما بين أيدينا وبحسب حدود تتبعنا المتواضع - هو ما ذكره ملا حسين الكاشفي السبزواري في كتاب روضة الشهداء، ومن الضروري النظر في مدى تطابق الموجود في المنتخب وكتاب تحفة اللباب للشدقمي مع ما سنقوم به من تعريب للنص الفارسي الأصلي للقصة من كتاب روضة الشهداء، إذ أن المقارنة بينها تسلط الضوء على تحديد المصدر الأصلي ومستوى الترجمة مضافا إلى النقطة الأهم وهي أن تعدد التراجم لم تغير من المحتوى الأصلي للقصة فكلها متقاربة من حيث المضمون إلى حد كبير جدا. وقبل عرض التعريب لابد من التذكير بأن الكاشفي اعتاد في كتابه روضة الشهداء على نقل وقائع كربلاء بأسلوب أدبي فارسي يطعمه أحيانا بأبيات من الشعر، ولقد قمنا بحذف الأشعار الفارسية لتكون القصة أقرب إلى النص العربي الأصلي الذي قام الكاشفي بترجمته إلى الفارسية. قال الكاشفي ما ترجمته: " يقول الراوي: لما نظر القاسم بن الحسن عليه السلام إلى وجه أخيه الذي كان زهرة وادعة في الروض وقد ذبلت بشوكة تلك الحادثة الفتاكة تأوه وأقبل نحو عمه العزيز، وقال باكيا وقد احترق قلبه من نار الحسرة: يا مولاي ويا إمام الكون، ليس لي طاقة بفراق الأقارب (الأحبة)، ولقد أنزلني الزمان من سرير بهجتي إلى تراب الغم والمصيبة، فأذن لي كي أنفس عن الغل الذي خلفه مقتل أخي ولكي أجيب طلب أهل الضلال بحد السنان، فقال الإمام الحسين (ع): يا عزيز عمه، إنك الذكرى من أخي وأنت أنيس قلبي في هذه الصحراء، فكيف آذن لك وأضع حرقة فراقك في صدري، وخرجت أم القاسم من الخيمة مهرولة وقد واحتضنت بيديها ولدها وصاحت: يا من حل محل قلبي ارفق بي ولا تبتعد عن ناظري ولأنك دواء لقلبي فكن دواء عيني. والقصة: أن القاسم لم يحظ بإذن الحرب، وكان إخوة الحسين يتهيئون لخوض الحرب، فجاء القاسم إلى الخيمة ووضع رأسه على ركبتيه مهموما، وحينها تذكر أن أباه قد ربط عوذة على ذراعه، وكان قد أخبره: حينما يكون الغم عليك شديدا وأحاط بك اليأس فحل هذه العوذة واقرأها واعمل بما فيها، فقال القاسم لنفسه: طوال فترة حياتي لم يصبني مثل هذا الحال ولم يلم بي غم كهذا، لأقرأ هذا التعويذ وأفهم ما فيه، فحل العوذة من ذراعه وفضها فرأى مكتوبا فيها وبخط يد الإمام الحسن (ع): "يا قاسم أوصيك إذا رأيت أخي وعمك الإمام الحسين (ع) في فلاة كربلاء وقد ابتلي بأهل الشام الملعونين وأهل الكوفة الغادرين فانهض وضع رأسك عند أقدامه وابذل روحك رخيصة، وكلما منعك من القتال معه فبالغ في طلبك وازدد في إلحاحك فإن فداء الحسين (ع) مفتاح باب الشهادة وطريق لإدراك السعادة. وحينما قرأ القاسم هذه الوصية لم يتمالك نفسه من شدة الفرح، فنهض من مجلسه على الفور وتوجه نحو الإمام الحسين (ع) وهو يقبل تلك العوذة حال تسليمها، وحينما نظر الإمام الحسين في تلك الرسالة، زفر وتأوه وانتحب بصوت عال ثم قال: "يا بن الأخ، إن هذه وصية أبيك إليك، وأنت تريد العمل بها، وإن لي وصية أخرى منه لك، وإنني أريد العمل بها، فتعال معي إلى هذه الخيمة ونعمل بتلك الوصية، ثم أخذ بيد القاسم إلى الخيمة وطلب إخوته عونا والعباس، وقال لأم القاسم: ألبسي القاسم ثيابه الجدد، وقال لأخته زينب: ائتيني بعيبة أخي في الحال، فأحضروه له ففتح رأس الصندوق وأخرج منه قباء ثمينا للإمام الحسن (ع) وألبسه القاسم، ووضع على رأسه عمامة الإمام الحسن (ع) بيديه المباركتين، وأخذ بيد البنت المسماة للقاسم وقال: وإن هذه أمانة أبيك التي أوصاك بها، ولقد كانت عندي حتى هذه الساعة سلوة، ثم عقد البنت له، ووضع يدها بيد القاسم وخرج من الخيمة. كان القاسم ممسكا بيد زوجته ويبكي في وجهها ثم يومئ برأسه نحو الأرض، وإذا به يسمع صيحة من جيش عمر بن سعد: هل من مبارز؟ رفع القاسم يده عن يد زوجته وأراد الخروج من الخيمة، فأمسكت زوجته بذيله وقالت: يا قاسم، ما الذي يدور في خلدك؟ وإلى أين أنت عازم؟ قال القاسم: يا نور عيني، إنني عازم على الميدان، وهمتي محاربة الأعداء، فاتركي ذيلي فإن عرسنا قد تأجل إلى الآخرة. فقالت الزوجة: إنك تقول أن عرسنا قد تأجل للقيامة، فأين ألقاك في غد القيامة؟ وبأي علامة أعرفك؟ فقال: اطلبيني عند أبي وجدي، واعرفيني بهذا الكم المقطوع، ثم مد يده وقطع كمه وخرج عن زوجته مسرعا. (روضة الشهداء ص400) أما النص الذي ذكره الشيخ فخر الدين الطريحي المتوفى سنة 1085 هـ فهو التالي: "ونقل أيضا لما آل أمر الحسين إلى القتال بكربلاء وقتل جميع أصحابه ووقعت النوبة على أولاد أخيه جاء القاسم بن الحسن وقال: ياعم الإجازة لأمضي إلى هؤلاء الكفرة، فقال له الحسين (ع): يا بن الأخ، أنت من أخي علامة وأريد أن تبقى لأتسلى بك ولم يعطه إجازة للبراز، حزين القلب، وأجاز الحسين إخوته للبراز ولم يجزه، فجلس القاسم متألما ووضع رأسه على رجليه وذكر أن أباه قد ربط له عوذة في كتفه الأيمن، وقال له: إذا أصابك ألم وهم فعليك بحل العوذة وقراءتها وفهم معناها واعمل بكل ما تراه مكتوبا فيها، فقال القاسم لنفسه: مضى سنين علي ولم يصبني من مثل هذا الألم، فحل العوذة وفضها ونظر إلى كتابتها، وإذا فيها: "يا ولدي قاسم، أوصيك إذا رأيت عمك الحسين (ع) في كربلاء وقد أحاطت به الأعداء فلا تترك البراز والجهاد لأعداء رسول الله ولا تبخل عليه بروحك، وكلما نهاك عن البراز عاوده ليأذن لك في البراز لتحظى السعادة الأبدية، فقام القاسم من ساعته وأتى إلى الحسين (ع) وعرض ما كتب الحسن (ع) على عمه الحسين (ع)، فلما قرأ الحسين (ع) العوذة بكى بكاءا شديدا، ونادى بالويل والثبور وتنفس الصعداء، وقال: يا بن الأخ هذه الوصية لك من أبيك، وعندي وصية أخرى منه لك ولابد من إنفاذها، فمسك الحسين (ع) على يد القاسم وأدخله الخيمة وطلب عونا وعباسا، وقال لأم القاسم: ليس للقاسم ثياب جدد، قالت: لا، فقال لأخته زينب: إيتيني بالصندوق فأتته به ووضع بين يديه، ففتحه وأخرج منه قباء الحسن وألبسه القاسم ولف على رأسه عمامة الحسن ومسك بيد ابنته التي كانت مسماة للقاسم فعقد له عليها، وأفرد له خيمة وأخذ بيد البنت ووضعها بيد القاسم وخرج عنهما، فعاد القاسم ينظر إلى ابنة عمه ويبكي إلى أن سمع الأعداء يقولون: هل من مبارز فرمى بيد زوجته وأراد الخروج وهي تقول له: ما يخطر ببالك؟ وما الذي تريد أن تفعله؟ قال لها: أريد ملاقاة الأعداء فإنهم يطلبون البراز، وأني أريد ملاقاتهم، فلزمته ابنة عمه، فقال لها: خلي ذيلي، فإن عرسنا أخرناه إلى الآخرة، فصاحت وناحت وأنت من قلب حزين ودموعها جارية على خديها وهي تقول: يا قاسم، أنت تقول عرسنا أخرناه إلى الآخرة، وفي القيامة بأي شيء أعرفك؟ وفي أي مكان أراك؟ فمسك القاسم يده وضربها على ردنه وقطعها، وقال: يا بنة العم إعرفيني بهذه الردن المقطوعة، قال: فانفجع أهل البيت بالبكاء لفعل القاسم وبكوا بكاء شديدا ونادوا بالويل والثبور". ( المنتخب ص 365 ، عنه مدينة المعاجز للبحراني ج3 ص 366 المعجزة الرابعة والثمانون برقم 931 / 93). أما النص الذي ذكره ضامن بن شدقم الشدقمي الحسيني المتوفى بعد الشيخ الطريحي بفترة ليست بالطويلة فهو التالي: "قد حضر مع عمه الحسين (ع) وقعة الطف، فاستأذنه في البراز، فقال له (ع): يا بن أخي أنت لي من أخي علامة، فأريد أن تبقى لأتسلى بك، فجلس مهموما مغموما واضعا رأسه بين ركبتيه، حزين القلب باكيا. فذكر أن أباه (ع) قد عقد له عوذة في عضده الأيمن، وقد قال له: يا بني إذا أصابك ألم أو هم فحلها واقرأها وافهم معناها واعمل بكل ما تراه مكتوبا فيها، فعند ذلك حلها وقرأها، فهذا ما وجده مكتوبا فيها: "يا ولدي يا قاسم أوصيك بتقوى الله عز وجل، فإذا رأيت عمك الحسين (ع) بكربلاء وقد أحاطته الأعداء، فاطلب منه البراز ولا تترك الجهاد بين يديه على أعداء الله ورسوله وأعدائه، ولا تبخل عليه بروحك، فإذا نهاك فعاوده حتى يأذن لك لتحظى بالسعادة الأبدية". فنهض القاسم إلى عمه وعرض عليه العوذة، فتنفس الصعداء، وقال له: يا بني، هذه وصية لك من أبيك، وعندي وصية أخرى منه لك، فلابد من إنفاذها، ثم نهض (ع) آخذا بيده وبيد أخويه عون والعباس ودخل بهم الخيمة، وأمر أخته زينب بإحضار الصندوق، وفتحه واستخرج منه قباء أخيه الحسن (ع) وعمامته، فألبسهما القاسم وعقد له على ابنته، وأدخله عليها وخرج عنهما. فجعل القاسم ينظر إليها وهو يبكي، فسمع القوم ينادون هل من مبارز؟ يا قوم ما من مبارز؟ إن القوم قد ذلوا، فنهض مسرعا يقول: إن هذا وقت البراز إلى القتال، ليس فيه أعراس ولا حطة عقال، وسنلتقي إن شاء الله الواحد المتعال". (تحفة اللباب في ذكر نسب السادة الأنجاب ص217) فنحن لا نريد أن نقول أن القصة حقيقة على نحو الجزم ولكننا نرفض ادعاء كذبها أو نسبتها للخرافة من غير دليل، فما يعتبره بعض المعترضين دليلا على دعوى الخرافة والأسطورة الملفقة لهو أهون من بيت العنكبوت، بل نؤكد على ما قاله آية الله العظمى التبريزي حيث سئل عن هذا الموضوع، بالسؤال التالي: سؤال: من المتعارف عندنا في الخليج في شهر محرم الحرام تخصيص اليوم الثامن لشبيه القاسم بن الحسن (ع)، ولإثارة الندبة والنياحة، يطرح الخطباء على المنابر مصيبته وينقلونها حسب ما ذكره المؤرخون، ومنها زواجه بابنة عمه المسماة له في يوم الطف، وربما يدخلون ما يعبر عن مراسيم الزواج كالشموع في وسط المجلس، فيزداد حزن الناس، إلا أنه في عصرنا كثر المعترضون على مثل هذه الروايات والتعبير عنها بالضعف، وكأنه الشغل الشاغل لهم، بل بلغ الأمر إلى الاستشكال في قراءة مثل هذه الرواية، فبم تنصحون أمثال هؤلاء حيث أن مصيبة الطف جامعة لكل المصائب؟ فأجاب حفظه الله: "بسمه تعالى: لا بأس بقراءة هذا المجلس على القاسم بن الحسن، ولكن حسب ما ورد في الكتب التاريخية، بحيث لاتكون قراءته على نحو يترسخ في أذهان الناس أنها حتمية الحصول، بل على نحو الاحتمال، والمسائل المتيقنة والمطمئن بها غير قليلة، فليكن الاهتمام بها أكثر للترسخ في الأذهان للأجيال القادمة لدفع الشبهات التي تحيط بهم، والله الموفق". (الأنوار الإلهية ص168) فهل يملك المعترضون بعد كل هذا دليلا على نسبة القصة للخرافة كما يزعمون؟ ملاحظة : قد أخذت شبكة أنصار الحسين عليه السلام نسخة من الكتيب من المؤلف قبل الإخراج النهائي ، و من الممكن أن تضاف إليه بعض التعديلات فيما إذا صدر مخرجاً . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |