هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التقنيات الحديثة لعمليا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 406 ]       »     دورة : المهارات القيادية والإش... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 318 ]       »     دورة : تسويق الخدمات المالية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 303 ]       »     دورة : إدارة المستشفيات والمرا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 326 ]       »     Trendole متجرك الإلكتروني [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 438 ]       »     حدود الاستفزاز المتعمد واستدرا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 582 ]       »     دورة : مقدمة في هندسة الجودة [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 510 ]       »     دورة : إدارة الخدمات اللوجستية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 552 ]       »     دورة : التسويقات الجردية والأخ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 542 ]       »     دورة : الهندسة الإكلينيكية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 528 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-15-2010, 10:54 AM
محمود الحسيني
مشرف عام
محمود الحسيني غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 فترة الأقامة : 5533 يوم
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي



فلمّا شهد الكتاب بصدق الخبر، وهذه الشواهد الأخر، لزم على الأمّة الإقرار بها ضرورةً، إذ كانت هذه الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة، ووافقت القرآن والقرآن وافقها. ثم وردت حقائق الأخبار عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، عن الصادقين (عليهم السلام)، ونقلها قوم ثقات معروفون، فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضاً واجباً على كلّ مؤمن ومؤمنةٍ، لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد. وذلك أنّ أقاويل آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) متّصلة بقول الله، وذلك مثل قوله في محكم كتابه: (إنّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مّهيناً)(40). ووجدنا نظير هذه الآية قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من آذى عليّاً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن ينتقم منه!.. وكذلك قوله (صلّى الله عليه وآله): من أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله؛ ومثل قوله (صلّى الله عليه وآله) في بني وليعة: لأبعثنّ اليوم رجلاً كنفسي يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله؛ قم يا عليّ فسر إليهم. وقوله (صلّى الله عليه وآله) يوم خيبر: لأبعثنّ إليهم غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرّاراً غير فرّارٍ، لا يرجع حتّى يفتح الله عليه.. فقضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالفتح قبل التوجيه، فاستشرف لكلامه أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فلمّا كان من الغد دعا عليّاً (عليه السلام) فبعثه إليهم، فاصطفاه بهذه المنقبة(41) وسمّاه كرّاراً غير فرّارٍ، فسمّاه محبّاً لله ورسوله، وأخبر أنّ الله ورسوله يحبّانه.

وإنّما قدّمنا هذا الشرح والبيان، دليلاً على ما أردناه، وقوّةً لما نحن مبيّنوه من أمر الجبر والتفويض والمنزلة بين المنزلتين. وبالله العون والقوّة، وعليه نتوكّل في جميع أمورنا.
فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصادق (عليه السلام): لا جبر ولا تفويض، ولكن منزلة بين المنزلتين: وهي صحّة الخلقة، وتخلية السّرب، والمهلة في الوقت، والزاد، مثل الراحلة، والسبب المهيّج للفاعل على فعله.

فهذه خمسة أشياءٍ جمع بها الصادق (عليه السلام) جوامع الفضل. فإذا نقص العبد منها خلّةً، كان العمل عنه مطروحاً بحسبه. فأخبر الصادق (عليه السلام) بأصل ما يجب على النّاس من طلب معرفته، ونطق الكتاب بتصديقه، فشهد بذلك محكمات آيات رسوله، لأنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وأهل بيته (عليهم السلام)، لا يعدو شيء من قوله وأقاويلهم حدود القرآن.

فإذا وردت حقائق الأخبار، والتمست شواهدها من التنزيل، فوجد لها موافقّاً وعليها دليلاً، كان الاقتداء بها فرضاً لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد، كما ذكرنا في أول الكتاب.

ولمّا التمسنا تحقيق ما قاله الصادق (عليه السلام) من المنزلة بين المنزلتين، وإنكاره الجبر والتفويض، وجدنا الكتاب قد شهد له وصدّق مقالته في هذا.

وخبر عنه أيضاً موافق لهذا: أنّ الصادق (عليه السلام) سئل: هل أجبر الله العباد على المعاصي؟

فقال الصادق (عليه السلام): هو أعدل من ذلك.

فقيل له: فهل فوّض إليهم؟

فقال (عليه السلام): هو أعز وأقهر لهم من ذلك!

وروي عنه أنّه قال: النّاس في القدر على ثلاثة أوجه:

رجل يزعم أنّ الأمر مفوّض إليه، فقد وهّن الله في سلطانه، فهو هالك.

ورجل يزعم أنّ الله جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصي وكلّفهم ما لا يطيقون، فقد ظلم الله في حكمه، فهو هالك.

ورجل يزعم أنّ الله كلّف العباد ما يطيقون، ولم يكلّفهم ما لا يطيقون. فإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله، فهذا مسلم بالغ.

فأخبر (عليه السلام) أنّ من تقلّد الجبر والتفويض ودان بهما، فهو على خلاف الحقّ.

فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، وأنّ الذي يتقلّد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما.

ثم قال (عليه السلام): وأضرب لكلّ بابٍ من هذه الأبواب مثلاً يقرّب المعنى للطالب ويسهّل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات آيات الكتاب، وتحقّق تصديقه عند ذوي الألباب، وبالله التوفيق والعصمة.

فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ، فهو قول من زعم أنّ الله جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها!. ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله في حكمه، وكذّبه وردّ عليه قوله (ولا يظلم ربّك أحداً)(42) وقوله: (ذلك بما قدّمت يداك وأنّ الله ليس بظلّم للعبيد)(43)، وقوله: (إنّ الله لا يظلم النّاس شيئاً ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون)(44) مع آيٍ كثيرةٍ بذكر هذا.. فمن زعم أنّه مجبر على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله، وقد ظلمه في عقوبته. ومن ظلم الله فقد كذّب كتابه، ومن كذّب كتابه فقد لزمه الكفر باجتماع الأمّة.

ومثل ذلك مثل رجلٍ ملك عبداً مملوكاً، لا يملك نفسه ولا يملك عرضاً من عرض الدّنيا، ويعلم ذلك مولاه منه. فأمره، على علمٍ منه، بالمصير إلى السّوق لحاجةٍ يأتيه بها، ولم يملّكه ثمن ما يأتيه به من حاجته. وعلم المالك أنّ على الحاجة رقيباً، لا يطمع أحد في أخذها منه إلاّ بما يرضى به من الثّمن. وقد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل والنّصفة وإظهار الحكمة، ونفي الجور. وأوعد عبده إن لم يأتيه بحاجته أن يعاقبه، على علم منه بالرّقيب الذي على حاجته أنّه سيمنعه، وعلم أنّ المملوك لا يملك ثمنها ولم يملّكه ذلك.

فلمّا صار العبد إلى السوق، وجاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولى لها، وجد عليها مانعاً يمنع منها إلاّ بشراءٍ، وليس يملك العبد ثمنها!. فانصرف إلى مولاه خائباً، بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه من ذلك وعاقبه عليه!. أليس يجب في عدله وحكمه أن لا يعاقبه وهو يعلم أنّ عبده لا يملك عرضاً من عروض الدّنيا ولم يملّكه ثمن حاجته؟ فإن عاقبه كان ظالماً متعدّياً عليه، مبطلاً لما وصف من عدله وحكمته ونصفته!. وإن لم يعاقبه كذّب نفسه في وعيده إيّاه حين أوعده بالكذب والظّلم اللّذين ينفيان العدل والحكمة!. تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً.

فمن دان بالجبر، أو ما يدعو إلى الجبر، فقد ظلم الله ونسبه إلى الجور والعدوان، إذا أوجب على من أجبره العقوبة. ومن زعم أنّ الله أجبر العباد، فقد أوجب على قياس قوله: إنّ الله يدفع عنهم العقوبة. ومن زعم أنّ الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب، فقد كذّب الله في وعيده حيث يقول: (بلى من كسب سيّئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النّار هم فيها خلدون)(45) وقوله: (إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)(46)، وقوله: (إنّ الّذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إنّ الله كان عزيزاً)(47) مع آيٍ كثيرةٍ في هذا الفنّ ممّن كذّب وعيد الله. ويلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله الكفر، وهو ممّن قال الله: (أفتؤمنون ببعض الكتب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافلٍ عمّا تعملون)(48).

بل نقول: إنّ الله جلّ وعزّ جازى - يجازي - العباد على أعمالهم، ويعاقبهم على أفعالهم بالاستطاعة التي ملّكهم إيّاها. فأمرهم ونهاهم بذلك - أي بالاستطاعة وبما يطيقون - ونطق كتابه: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلاّ مثلها وهم لا يظلمون)(49). وقال جلّ ذكره: (يوم تجد كلّ نفس مّا عملت من خير مّحضراً وما عملت من سوءٍ تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذّركم الله نفسه)(50) وقال: (اليوم تجزى كلّ نفس بما كسبت لا ظلم اليوم..)(51) فهذه آيات محكمات تنفي الجبر ومن دان به.

ومثلها في القرآن كثير، اختصرنا ذلك لئلاّ يطول الكتاب، وبالله التوفيق.

وأمّا التفويض الذي أبطله الصادق (عليه السلام)، وخطّأ من دان به وتقلّده، فهو قول القائل: إنّ الله جلّ ذكّره فوّض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم!. وفي هذا كلام دقيق لمن يذهب إلى تحريره ودقّته.

وإلى هذا ذهب الأئمّة المهديّون عترة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فإنّهم قالوا: لو فوّض إليهم على جهة الإهمال، لكان لازماً له رضى ما اختاروه واستوجبوا منه الثواب - به الثواب - ولم يكن عليهم فيه العقاب، إذا كان الإهمال واقعاً.. وتنصرف هذه المقالة على معنيين:

إمّا أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورةً، كره ذلك أم أحبّ، فقد لزمه الوهن!. أو يكون جلّ وعزّ عجز عن تعبّدهم بالأمر والنهي على إرادته، كرهوا أو أحبّوا، ففوّض أمره - ونهيه - إليهم، وأجراهما على محبّتهم إذ عجز عن تعبّدهم بإرادته فجعل الاختيار إليهم في الكفر والإيمان!.



 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم

رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 10:58 AM   #2
محمود الحسيني
مشرف عام


الصورة الرمزية محمود الحسيني
محمود الحسيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ومثل ذلك مثل رجل ملك عبداً ابتاعه ليخدمه ويعرف له فضل ولايته ويقف عند أمره ونهيه، وادّعى مالك العبد أنّه قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده ونهاه ووعده على اتّباع أمره عظيم الثّواب، وأوعده على معصيته أليم العقاب؛ فخالف العبد إرادة مالكه، ولم يقف عند أمره ونهيه، فأيّ أمر أمره، أو أيّ نهي نهاه عنه، لم يأته على إرادة المولى. بل كان العبد يتّبع إرادة نفسه واتّباع أمره ونهيه إليه، ورضي منه بكلّ ما فعله، على إرادة العبد، لا على إرادته، ففوّض اختيار حوائجه وسمّى له الحاجة، فخالف على مولاه وقصد لإرادة نفسه واتّبع هواه.

فلمّا رجع إلى مولاه، نظر إلى ما أتاه به، فإذا هو على خلاف ما أمره به!. فقال له: لم أتيتني بخلاف ما أمرتك؟

فقال العبد: اتّكلت على تفويضك الأمر إليّ فاتّبعت هواي وإرادتي، لأنّ المفوّض إليه غير محظورٍ عليه.. فاستحال التفويض.

أو ليس يجب على هذا السبب إمّا أن يكون المالك للعبد قادراً يأمر عبده باتّباع أمره ونهيه على إرادته، لا على إرادة العبد، ويملّكه من الطاقة بقدر ما يأمره به وينهاه عنه، فإذا أمره بأمرٍ ونهاه عن نهيٍ عرّفه الثواب والعقاب عليهما: وحذّره ورغّبه بصفةٍ ثوابه وعقابه ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملّكه من الطاقة - من الطاعة - لأمره ونهيه وترغيبه وترهيبه، فيكون عدله وإنصافه شاملاً له، وحجته واضحةً عليه للإعذار والإنذار؛ فإذا اتّبع العبد أمر مولاه جازاه، وإذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه.. أو يكون عاجزاً غير قادرٍ، ففوّض إليه أحسن أم أساء، أطاع أم عصى، عاجزاً عن عقوبته وردّه إلى أتّباع أمره.

وفي إثبات العجز نفي القدرة والتّألّه، وإبطال الأمر والنهي والثواب والعقاب، ومخالفة الكتاب إذ يقول: (ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم)(52)، وقوله عزّ وجلّ: (اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مّسلمون)(53)، وقوله: (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ما أريد منهم من رّزقٍ وما أريد أن يطعمون)(54)، وقوله: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)(55)، وقوله: (أطيعوا الله ورسوله ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون)(56).

فمن دان بالتفويض على هذا المعنى فقد أبطل جميع ما ذكرنا من وعده ووعيده، وأمره ونهيه، وهو من أهل هذه الآية: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافلٍ عمّا تعملون)(57)، تعالى الله عمّا يدين به أهل التفويض علوّاً كبيراً.

لكن نقول: إنّ الله جلّ وعزّ خلق الخلق بقدرته، وملّكهم استطاعة تعبّدهم بها. فأمرهم ونهاهم بما أراد(58)، فقبل منهم اتّباع أمره ورضي بذلك لهم، ونهاهم عن معصيته وذمّ من عصاه وعاقبه عليها. ولله الخيرة في الأمر والنهي، يختار ما يريد ويأمر به، وينهى عمّا يكره ويعاقب عليه بالاستطاعة التي ملّكها عباده لاتّباع أمره واجتناب معاصيه، لأنّه ظاهر العدل والنّصفة والحكمة البالغة، بالغ الحجّة بالإعذار والإنذار، وإليه الصّفوة يصطفى من عباده من يشاء لتبليغ رسالته واحتجاجه على عباده: اصطفى محمداً (صلّى الله عليه وآله) وبعثه برسالاته إلى خلقه، فقال من قال من كفّار قومه حسداً واستكباراً: (لولا نزّل هذا القرآن على رجل مّن القريتين عظيم)(59) يعني بذلك أمية بن أبي الصلت، وأبا مسعود الثقفي، فأبطل الله اختيارهم ولم يجز لهم آراءهم حيث يقول: (أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم مّعيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريّاً ورحمت ربّك خير مّمّا يجمعون)(60). ولذلك اختار من الأمور ما أحبّ، ونهى عمّا كره، فمن أطاعة أثابه، ومن عصاه عاقبه. ولو فوّض اختيار أمره إلى عباده لأجاز لقريشٍ اختيار أميّة بن أبي الصلت وأبي مسعود الثقفي إذ كانا عندهم أفضل من محمدٍ (صلّى الله عليه وآله).

فلمّا أدّب الله المؤمنين بقوله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)(61). فلم يجز لهم الاختيار بأهوائهم، ولم يقبل منهم إلاّ اتّباع أمره واجتناب نهيه على يدي من اصطفاه. فمن أطاعه رشد، ومن عصاه ضلّ وغوى ولزمته الحجّة بما ملّكه من الاستطاعة لاتّباع أمره واجتناب نهيه. فمن أجل ذلك حرمه ثوابه وأنزل به عقابه.

وهذا القول بين القولين ليس بجبرٍ ولا تفويض؛ وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعيّ الأسديّ حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):

سألت عن الاستطاعة، تملكها من دون الله أو مع الله؟

فسكت عباية؛ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): قل يا عباية.

قال: وما أقول؟!.

قال (عليه السلام): إن قلت إنّك تملكها مع الله قتلتك!. وإن قلت تملكها دون الله قتلتُك!

قال عباية: فما أقول يا أمير المؤمنين؟!.

قال (عليه السلام): تقول إنّك تملكها بالله الذي يملكها من دونك. فإن يملّكها إياّك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه.. هو المالك لما ملّكك، والقادر على ما عليه أقدرك. أما سمعت الناس يسألون الحول والقوّة حين يقولون: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله؟!.

قال عباية: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟

قال (عليه السلام): لا حول عن معاصي الله إلاّ بعصمة الله، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلاّ بعون الله.

قال: فوثب عباية فقبّل يديه ورجليه.

وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة الله، قال: أي أمير المؤمنين بم عرفت ربّك؟

قال (عليه السلام): بالتمييز الذي خوّلني، والعقل الذي دلّني.

قال: أمجبول أنت عليه؟
قال: لو كنت مجبولاً لما كنت محموداً على إحسان، ولا مذموماً على إساءة، وكان المحسن أولى باللائمة من المسيء. فعلمت أنّ الله قائم باقٍ، وما دونه حدث حائل زائل. وليس القديم الباقي، كالحدث الزائل.

قال نجدة: أجدك أصبحت حكيماً يا أمير المؤمنين.

قال: أصبحت مخيّراً، فإن أتيت السيئة مكان الحسنة فأنا المعاقب عليها.

وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال لرجلٍ بعد انصرافه من الشام، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا بخروجنا إلى الشام، بقضاءٍ وقدر؟


 
 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 10:59 AM   #3
محمود الحسيني
مشرف عام


الصورة الرمزية محمود الحسيني
محمود الحسيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فقام الشيخ فقبّل رأس أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأنشأ يقول:

أنــــت الإمام الّذي نرجـــو بطاعته يوم النّجاة من الرحمن غــــــفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملـــتبساً جـــــزاك ربّك عنّا فيـــــــه رضوانا

فليس معذرةً في فعـــــــل فاحشــــةٍ قد كنت راكـــبها ظلماً وعـــــصيانا


 
 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 03:19 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية