سر النفي بلن ، و لا "وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً "وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً " - :: منتديات ثار الله الإسلامي ::
هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
Trendole متجرك الإلكتروني [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 37 ]       »     حدود الاستفزاز المتعمد واستدرا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 42 ]       »     دورة : مقدمة في هندسة الجودة [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 91 ]       »     دورة : إدارة الخدمات اللوجستية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 91 ]       »     دورة : التسويقات الجردية والأخ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 89 ]       »     دورة : الهندسة الإكلينيكية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 91 ]       »     دورة : التسويق الإلكتروني [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 121 ]       »     دورة : تحقيق أقصى قدر من الكفا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 130 ]       »     دورة : المحاسبة والتحليل المال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 169 ]       »     دورة : الادارة الفنية الحديثة ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 149 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات
غنيمة عبدالرحمان من: الكويتبسم الله الرحمن الرحيم وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ(117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(118)فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ(119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ...         ام وعدد من: مغربhttp://store2.up-00.com/2016-08/1472404284262.png بسم الله الرحمن الرحيم كما وعدنا الدكتور العلامة شيخنا الجليل ( عمرو المغربي ) عضو الأتحاد العالمي لعلماء الفلك بأمريكا وعضو الهيئة العلمية في اوربا www.amrelmaghrbii.blogspot.com والحائز على شهادة...         محبه اهل البيترمضان كريم.......ليش هذا المنتدى مهجور ولااحد يدخل له انا و عمر الصعيدي ومحمد بشار فتحنا المنتدى في الامس ولا تزال القابنا موجوده اكثر الاعضاء تواجدا ليــــــــــــــــش ماتدخلون         الحوراء من: من بيت اهلناسلام حبيت عيد بكل الحبايب كل سنة وانت بخير بس ليه المنتدى ميت ماله روحو وينكم عنا         محبه اهل البيتالسلام عليكم عيد سعيد بمناسبه حلول راس السنه ولاكن تهناتي كانت متاخره ولاكن لاباس عيد سعيد         محبه اهل البيت من: العراقانا اعتذر من الاخوات حرت بين السهم والجود وعقيله الطالبين وشمس قمر وشمس الازل كل الاعتذار واتمنى يسامحني اختكن محبه اهل البيت         الحوراء من: من امام شاشتيسلام لما هذا المنزل الجميل مهجور وهو حق ان يعمر ادخلووتواجد وانورة بحضوركم         الحوراء من: من بيتنا المتواضعقال الإمام السجاد (عليه السلام) : ما من خطوةٍ أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من خطوتين : خطوةٌ يسدّ بها المؤمن صفّاً في الله ، وخطوةٌ إلى ذي رحمٍ قاطع         محبه اهل البيتالسلام عليكم ورحمه الله وبركاته نهنئكم بتتويج الامام المهدي (عج)         محبه اهل البيت من: العراق (بلد الرافدين)السلام عليكم ورحمه الله وبركاته نهنئكم بمولد الرسول الاعضم محمد(ص)        


العودة   :: منتديات ثار الله الإسلامي :: > الاقسام الشيعية التخصصية > مقالات مكتوبة > مقالات قرآنية

يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-18-2011, 06:03 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5531 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي سر النفي بلن ، و لا "وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً "وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً "



سر النفي بلن ، و لا

موقع أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم

قال الله عز وجل في حق اليهود :﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (البقرة:94-95) . وقال سبحانه في الآية الأخرى :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾(الجمعة:6-7) ، فنفى سبحانه تمنيهم الموت مرة بـ( لن ) ، ومرة أخرى بـ( لا ) .
ولسائل أن يسأل : لم أتى هذا النفي في سورة البقرة بـ( لن ) ، وأتى في سورة الجمعة بـ( لا ) ، وكلاهما إخبار عن شيء واحد ، وهو نفي تمني اليهود الموت ؟ وقبل الإجابة عن ذلك نقول بعون الله وتعليمه :
أولاً- كان اليهود يدَّعون في جملة ما يدَّعون أن لهم الدار الآخرة خالصة عند الله تعالى ، وأنهم أولياء لله من دون الناس ، وكان النصارى بقولون مثل قولهم هذا ، وقد أخبر الله تعالى بذلك عن الطائفتين ، فقال جلَّ ثناؤه في آية :﴿ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى (البقرة :111) . وقال في آية أخرى :﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (المائدة:18) .
ولما أراد الله عز وجل أن يبطل ادِّعاء الطائفتين ويبين فساد أقوالهم ويفضح أمرهم ، أمر نبيه صلى الله عليه[وآله] وسلم أن يدعو وفد نجران من النصارى إلى المباهلة بقوله سبحانه :﴿ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (آل عمران:61) . والمباهلة : الملاعنة ، وهي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا لعنة الله على الظالم منا . فلما دعاهم إليها ، أبوا منها ورضوا بدفع الجزية . وأما اليهود فأمره سبحانه أن يدعوهم إلى تمني الموت ، بقوله :﴿ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾
وللمفسرين في هذا التمني قولان : أحدهما : قول ابن عباس :« إنهم أمروا بأن يَدْعُوَ الفريقان بالموت على الفرقة الكاذبة » . والثاني : أن يقولوا :« ليتنا نموت » . وذهب ابن كثير إلى أن قول ابن عباس قي تفسير الآية هو المتعين ، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم ، أو من المسلمين على وجه المباهلة . وذهب ابن عادل في تفسير اللباب إلى أن القول الثاني أولى ؛ لأنه أقرب إلى موافقة اللفظ . وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قال في اليهود:« لو تمنوا الموت ، لغصَّ كل إنسان بريقه فمات مكانه ،وما بقي على وجه الأرض يهوديٌّ إلا مات » ، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر :« لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يُباهلون رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً » .
والمراد منتمنيهم الموت أن يتمنوه بألسنتهم ، لا بقلوبهم ؛ لأن التمني في لغة العرب لا يعرف إلا بما يظهر بالقول ؛ كما أن الخبر لا يعرف إلا بما يظهر بالقول . وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال :« لو تمنَّوا الموت لشرقوا به ولماتوا » . أي : لو تمنوه بقلوبهم لأظهروه بألسنتهم ، ردًّا على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وإبطالاً لحجّته .
وقد بلغت الأخبار الواردة في أنهم ما تمنوا الموت مبلغ التواتر ، وما ذلك إلا لأنهم كانوا موقنين بصدق النبي عليه الصلاة والسلام ، فعلموا أنهم لو تمنوا الموت ، لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد . فانكشف بذلك لمن كان مشكلاً عليه أمر اليهود يومئذ كذبهم وبهتانهم وبغيهم على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وظهرت حجة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وحجة أصحابه عليهم ، ولم تزل- والحمد لله- الحجة ظاهرة عليهم ، وعلى غيرهم من الملاحدة والكفرة والمشركين إلى يوم الدين . ومن هنا كان هذا الإخبار من الله تعالى عن اليهود من المعجزات التي دلَّت على نبوة محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وصدق رسالته ؛ لأنه إخبار بالغيب ، والإخبار بالغيب معجز .
ثانيًا- وظاهر قوله تعالى في البقرة ﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ ، وقوله تعالى في الجمعة ﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ يدل على أن بين القولين فرقًا في اللفظ ، فهل ينبني على هذا الفرق بينهما فرق في المعنى ؟ ولعلماء النحو والتفسير في الإجابة عن ذلك والتعليل له قولان مشهوران :
القول الأول : أنه لا فرق بين القولين إلا من حيث الإعراب ، وأما من حيث المعنى فلا فرق بينهما . وعلى هذا القول جمهور علماء النحو والتفسير ، وهو مبني على أن ( لن ) عندهم أخت ( لا ) في نفي الأفعال المستقبلة عند الإطلاق ، بدون دلالة على تأكيد أو تأبيد ، فيستوي بذلك عندهم المنفي بهما . قال أبو حيان في البحر المحيط :« وهو الصحيح » ، وتابعه في ذلك الزركشي في البرهان . وإلى هذا القول ذهب الدكتور محمد هداية في برنامج ( طريق الهداية ) الذي تبثُّه إحدى القنوات الفضائية ، فقال :« والفرق بين ( لَا يَتَمَنَّوْنَهُ )، و( لَن يَتَمَنَّوْهُ ) هو في الإعراب » .
وعلى هذا يكون نفي تمني الموت تارة بـ( لن ) ، وتارة أخرى بـ( لا ) من باب ( التفنن في التعبير ) ، وهذا ما صرح به الألوسي عند تأويل قوله تعالى :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾، فقال في ذلك ما نصُّه :« وجاء نفي هذا التمني في آية أخرى بـ( لن ) ، وهو من باب التفنن ، على القول المشهور ، في أن كلاً من ( لا ) ، و( لن ) لنفي المستقبل من غير تأكيد » .
والقول الثاني : أن ( لن ) ، و( لا ) ، وإن كانتا أختين في نفي الأفعال المستقبلة ، وأنه لا فرق بينهما في ذلك ، إلا أن في ( لن ) تأكيدًا وتشديدًا ليس في ( لا ) ، فأتى نفي تمنيهم الموت مرة بلفظ التأكيد، ومرة بغير لفظه . وإلى هذا القول ذهب الزمخشري ، وتابعه الفخر الرازي ، وعلل مع صاحب المنتخب لنفي الأول يـ( لن ) ، والثاني بـ( لا ) بأن اليهود ادعوا في سورة البقرة أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس ، وادعوا في سورة الجمعة أنهم أولياء لله من دون الناس . ودعواهم الأولى أعظم من دعواهم الثانية ؛ لأن السعادة القصوى فوق مرتبة الولاية ؛ لأن الثانية تراد لحصول الأولى . ولما كانت ( لن) أبلغ في النفي من ( لا ) ، جعلها الله تعالى لنفي الأعظم ؛ لأنها أقوى الألفاظ النافية ، على حد قول الرازي .
ويتفق الرازي والزمخشري في أن كلاً من ( لن ) ، و( لا ) لنفي المستقبل ، وأن ( لن ) أشد تأكيدًا في نفيه من ( لا ) ، أو أقوى وأبلغ ، ثم يختلفان في أن ( لن ) عند الرازي لتأبيد النفي في الدنيا ، وعند الزمخشري لتأبيد النفي في الدنيا والآخرة . وعليه فإن قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ عند الرازي يكون نفيًا لتمني اليهود الموت أبد الحياة الدنيا ، وعلى هذا مذهب أهل السنة . وأما عند الزمخشري فيكون نفيًا لتمنيهم الموت أبد الحياة الدنيا والآخرة ، وعلى هذا مذهب المعتزلة .
ثالثًا-أما القول بأن في ( لن ) تأكيدًا وتشديدًا ليس في ( لا ) ، وأنها أبلغ في النفي وأقوى من ( لا ) ، فهو دعوى بعيدة لا تقوم على دليل ، ويحتاج كما قال أبو حيان في رده على الزمخشري :« إلى نقل عن مستقري اللسان » . وأما قولهم :« تقول : لا أفعل ، فإذا أردت تأكيد النفي ، قلت : لن أفعل » فلا يستقيم إلا إذا ثبت أن كلاً من ( لا ) ، و( لن ) موضوع لنفي المستقبل ، وأنه لا فرق بينهما في نفي الأفعال المستقبلة .. وتحقيق القول في ذلك :
أن ( لا ) ينفَى بها الحال والمستقبل ، و( لن ) ينفَى بها المستقبل خاصَّة . تقول :( لا يفعل ) إذا أردت نفي فعله في الحال والمستقبل ، وتقول :( لن يفعل ) ، إذا أردت نفي فعله في المستقبل دون الحال . فإذا قيل : قوله تعالى :﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا(مريم:26) يدل على نفي الحال ؛ لأنه مقيَّد بـ( اليوم ) ، قيل : المراد بهذا النفي : المستقبل ، بدليل مجيئه في سياق الجملة الشرطية ؛ وهي قوله تعالى :﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا(مريم:26) .
وذهب الشيخ السهيلي في نتائج الفكر في النحو ، وتبعه ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد إلى أن من خواصِّ ( لن ) تخليصها الفعل للاستقبال ، بعد أن كان محتملا للحال ، فأغنت عن السين وسوف . وهذا يعني : أن ( يفعل ) يحتمل الحال والاستقبال ، وأن ( سيفعل ) مخلَص للاستقبال ، ونفي الأول لا يفعل ) ، ونفي الثاني لن يفعل ) . وهذا ما نصَّ عليه سيبويه في باب ( نفي الفعل ) ، فقال :« وإذا قال : سوف يفعل ، فإنَّ نفيه : لن يفعل » . وحكى عن الخليل قوله في قولهم :( سيفعل ) ، فقال :« وزعم الخليل أنها جواب : لن يفعل » . وليس في ذلك ما يشير إلى أن السين في :( سيفعل ) ، للتأكيد ، فجوابها ( لن يفعل ) كذلك ؛ كما فهم ذلك بعضهم من قول سيبويه .
وأما ما ذهب إليه سيبويه في قول آخر من أنه « إذا قال : هو يفعل ، ولم يكن الفعل واقعًا ، فنفيه : لا يفعل » ، فظاهره أن ( لا يفعل ) نفي للمستقبل دون الحال ، وهذا ما أشكل فهمه على الجمهور والزمخشري ، فزعموا أن ( لا ) مثل ( لن ) في نفي المستقبل . وقد أجيب عنه بأنه إنما نبَّه إلى الأوْلى في رأيه ، والأكثر في الاستعمال ، بدليل أنه نفسه قد ذكر أن من أدوات الاستثناء ( لا يكون ) ، ولا يمكن حمل النفي فيه على الاستقبال ؛ لأنه بمعنى ( إلا ) ، فهو للإنشاء ، وإذا كان للإنشاء ، فهو حال . وهذا يعني : أن ( لا يفعل ) يصلح للحال والاستقبال ، كما ذكرت سابقًا ، وهو مذهب الأخفش والمبرد ، وتبعهما ابن مالك . قال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد :« وإذا نفي المضارع بـ( لا ) ، فهل يختص في الاستقبال ، أو يصلح له وللحال ؟ مذهبان للنحاة :
مذهب الأخفش : صلاحيته لهما ، ووافقه ابن مالك وزعم أنه لازم لسيبويه ، محتجًّا بإجماعهم على صحة : قام القوم لا يكون زيد ، فهو بمعنى : إلا زيدًا ؛ ومن ذلك قولهم : أتحبه أم لا تحبه ؟ لا ريب أنه بمعنى الحال . وقولهم : ما لك لا تقبل . قال تعالى :﴿ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ ﴾(المائدة:84)، و﴿ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ﴾(النمل:20) ، و﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾(يس:22) .
وزعم الزمخشري أنه يتخلص بها للاستقبال آخِذًا من قول سيبويه :( وإذا قال : هو يفعل ، ولم يكن الفعل واقعًا ، فإن نفيه : لا يفعل ) . وهذا ليس صريحًا في اختصاصه بالمستقبل ؛ فإن ( لا ) تنفي الحال والاستقبال ، وهو لم يقل : لا تنفي الحال ؛ وإنما أراد سيبويه أن يفرق بين نفي الفعل بـ( ما ) ، ونفيه بـ( لا ) في أكثر الأمر ، فقال :( وإذا قال : هو يفعل . أي : هو في حال فعل ، كان نفيه : ما يفعل . وإذا قال : هو يفعل ، ولم يكن الفعل واقعًا ، فإن نفيه : لا يفعل ) . ومعلوم أن ( ما ) لا يخلص الفعل المنفي بها للحال ، وسيبويه قد جعلها في فعل الحال ؛ كـ( لا ) في فعل الاستقبال ، فعلم أنه إنما أراد الأكثر من استعمال الحرفين » .
فتبين بذلك أن ( لا يفعل ) يصلح لنفي الحال والمستقبل ، وأن ( لن يفعل ) خاص بنفي المستقبل ، وإذا كان كذلك ، فليس في ( لن ) تأكيدًا وتشديدًا ليس في ( لا ) ، وأنها أقوى في النفي من ( لا ) وأبلغ .
<font size="4">
وأما القول بأن ( لن ) لتأبيد النفي فهو موضع نزاع بين علماء العربية ، فمذهب الجمهور أنها لا تفيد التأبيد مطلقًا ، وأنها لمجرد النفي عن الأفعال المستقبلة ، مثلها في ذلك مثل ( لا )<font color="black"><font face="simplified arabic"> ، وأن التأبيد وعدمه يؤخذان من دليل خارج . ومذهب الزمخشري والمعتزلة أنها تفيد التأبيد مطلقًا ، وزعموا أنه منقول عن أهل اللغ



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








آخر تعديل السيد عباس ابو الحسن يوم 10-18-2011 في 10:43 PM.
رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 06:04 PM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



قال الرازي عند تفسير آية الأعراف السابقة :« ما نقل عن أهل اللغة بأن ( لن ) للتأبيد ، قال الواحدي رحمه الله : هذه دعوى باطلة على أهل اللغة ، وليس يشهد بصحته كتاب معتبر ، ولا نقل صحيح . وقال أصحابنا : الدليل على فساده قوله تعالى في صفة اليهود :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ ، مع أنهم يتمنون الموت يوم القيامة » .
ولهذا حمل المعارضون لهم من أهل السنة ( لن ) في قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ ، وقوله :﴿ لَنْ تَرَانِي على تأبيد النفي في الحياة الدنيا . قال ابن كثير عند تفسير آية الأعراف :« وقد أشكل حرف ( لن ) هاهنا على كثير من العلماء ؛ لأنها موضوعة لنفي التأبيد ، فاستدل به المعتزلة على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة . وهذا أضعف الأقوال ؛ لأنه قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم بأن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة . وقيل : إنها لنفي التأبيد في الدنيا ، جمعًا بين هذه الآية ، وبين الدليل القاطع على صحة الرؤية في الدار الآخرة » .
وقال الشيخ ابن عطية :« وقوله عز وجل :﴿ لَنْ تَرَانِي نصٌّ من الله تعالى على منعه الرؤية في الدنيا ، و( لن ) تنفي الفعل المستقبل . ولو بقينا مع هذا النفي بمجرده ، لقضينا أنه لا يراه ( موسى ) أبدًا ، ولا في الآخرة ؛ لكن ورد من جهة أخرى بالحديث المتواتر أن أهل الإيمان يرون الله تعالى يوم القيامة ، فموسى- عليه السلام- أحرى برؤيته » .
وقال الزجاج :« في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة رسالته صلى الله عليه[وآله] وسلم ؛ لأنه قال لهم : فتمنوا الموت ، وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبداً ، فلم يتمنه واحد منهم . وفي هذه الآية دليل أن ( لن ) لا تدل على التأبيد ؛ لأنهم يتمنون الموت في الآخرة ، خلافًا لقول المعتزلة في قولهم : لن تراني . ويقال : إن قوله ( لن ) إنما يقع على الحياة الدنيا خاصة ، ولم يقع على الآخرة ؛ لأنهم يتمنون الموت في النار ، إذا كانوا في جهنم » .
ولكن ذلك كله لا ينافي أن تكون ( لن ) للتأبيد الذي يفيد استغراق النفي في جميع أجزاء الزمن المستقبل ؛ كما تكون ( لا ) للتأبيد الذي يفيد استغراق النفي في جميع أجزاء الزمن الحاضر والمستقبل ؛ وذلك في كل موضع استعملتا فيه ؛ سواء قيِّد النفي بهما بـ( أبدًا ) ، أو لم يقيد . وإلى هذا ذهب الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان ، فذكر أن ( لن ) تفيد تأبيد النفي ، في موضع لم يعارضها فيه نصٌّ ، وذكر أن قول النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم لأبي ذرٍّ :« ولن تجزئ عن أحد بعدك »صريح في استمرار منع الإجزاء عن غيره ؛ لأن لفظة ( لن ) تدل على نفي الفعل في المستقبل من الزمن ، فهي دليل صريح على استمرار عدم الإجزاء عن غيره في المستقبل من الزمن . قال :« ويؤيد ذلك أن قوله : عن أحد بعدك نكرة في سياق النفي ، فهي تعم كل أحد في كل وقت كما ترى » .
وأما القول بأنه لا فرق في النفي بين ( لا ) ، و( لن ) فهو مردود - كما تقدم- بأن ( لا ) تنفي الحال والمستقبل ، وأن ( لن ) تنفي المستقبل فقط ؛ وإذ ثبت ذلك فإن ( لا ) تكون لنفي ما طال وبعُد ، و( لن ) تكون لنفي ما قصُر وقرُب ، فلا يمتد النفي بها امتداده في ( لا ) . وسر ذلك كما قال ابن الزملكاني في التبيان :« أن الألفاظ مشاكلة للمعاني ، و( لا ) آخرها الألف ، والألف يمكن امتداد الصوت بها ، بخلاف النون ، فطابق كل لفظ معناه » .
وهذا القول خلاف ما ذهب إليه الزمخشري والمعتزلة من القول بأن ( لن ) لتأبيد النفي على الإطلاق ، وهو ألطف منه وأحسن ، وهو أصح مما ذهب إليه الجمهور من القول بأن ( لا ) مثل ( لن ) في نفي الأفعال المستقبلة ، وإليه ذهب الشيخ السهيلي ، فذكر في نتائج الفكر في النحو من خواصِّ ( لن ) :« أنها تنفي ما قرب ، ولا يمتد معنى النفي فيها كامتداد معنى النفي في ( لا ) ، إذا قلت : لا يقوم زيد أبدًا . فـ( لا ) هي لامٌ بعدها ألفٌ ، يمتدُّ بها الصوت ما لم يقطعه تضييق النفَس ؛ فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها ، و( لن ) يعكس ذلك .. فتأمله ، فإنه معنى لطيف وغرض شريف » .
واستطرد الشيخ السهيلي قائلاً :« ألا ترى كيف جاء في القرآن البديع نظمه الفائق على كل العلوم علمه :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ بحرف ( لا ) ، في الموضع الذي اقترن فيه حرف الشرط بالفعل ، فصار من صيغ العموم ، فانسحب على جميع الأزمنة ، وهو قوله عز وجل :﴿ إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ﴾ ؛ كأنه يقول : متى زعموا ذلك لوقت من الأوقات أو زمن من الأزمان ، وقيل لهم : تمنوا الموت ، فلا يتمنونه أبدًا ، وحرف الشرط دل على هذا المعنى ، وحرف ( لا ) في الجواب بإزاء صيغة العموم ، لاتساع معنى النفي فيها .
وقال تعالى في سورة البقرة :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ﴾ ، فقصَّر من سعة النفي وقرَّب ؛ لأن قبله في النظم :﴿ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ ﴾ ، وليست ( إن ) ههنا مع ( كان ) من صيغ العموم كما كانت مع ( زعمتم ) في آية الجمعة ؛ لأن ( كان ) ليست بدالة على الحدث ؛ فكأنه يقول عز وجل : إن كانت وجبت لكم الدار الآخرة ، وثبتت لكم في علم الله تعالى ، فتمنوا الموت الآن . ثم قال في الجواب :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ﴾ ، فانتظم معنى الجواب بمعنى الخطاب في الآيتين . وليس في قوله :( أَبَدًا ) ما يناقض ما قلناه ، فقد يكون ( أَبَدًا ) بعد فعل الحال . تقول : زيد يقوم أبدًا ، ويصلي أبدًا » .
وذكر ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد قول الشيخ السهيلي ، وعقَّب عليه قائلاً :« ومن أجل ما تقدم من قصور معنى النفي في ( لن ) ، وطوله في ( لا ) يعلم المُوفَّقُ قصورَ المعتزلة في فهم كلام الله تعالى ، حيث جعلوا ( لن ) تدل على النفي على الدوام ، واحتجوا بقوله :﴿ لَنْ تَرَانِي(الأعراف:143) ، وعلمت بهذا أن بدعتهم الخبيثة حالت بينهم ، وبين فهم كلام الله كما ينبغي .. وهكذا كل صاحب بدعة تجده محجوبًا عن فهم القرآن » .
وأضاف ابن قيم الجوزية قائلاً :« وتأمل قوله تعالى :﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ(الأنعام:103) ، كيف نفى فعل الإدراك بـ( لا ) الدالة على طول النفي ودوامه ؛ فإنه لا يدرك أبدًا . وإن رآه المؤمنون فأبصارهم لا تدركه ، تعالى عن أن يحيط به مخلوق .. وكيف نفى الرؤية بـ( لن ) ، فقال :﴿ لَنْ تَرَانِي(الأعراف:143) ؛ لأن النفي بها لا يتأبد ، وقد كذبهم الله في قولهم بتأبيد النفي بـ( لن ) بقوله :﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾(الزخرف:77) ؛ فهذا تمن للموت ، فلو اقتضت ( لن ) دوام النفي ، تناقض الكلام » .
ثم ذكر أن اقتران قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ بالتأبيد لا ينافي تمنيهم الموت في النار ؛ لأن التأبيد على ما قال :« قد يراد به : التأبيد المقيد ، والتأبيد المطلق . فالمقيد كالتأبيد بمدة الحياة مقيد كقولك : والله لا أكلمه أبدًا ، والمطلق كقولك : والله لا أكفر بربي أبدًا . وإذا كان كذلك ، فالآية إنما اقتضت نفي تمني الموت أبد الحياة الدنيا ، ولم يتعرض للآخرة أصلاً ؛ وذلك لأنهم لحبهم الحياة وكراهتهم للجزاء ، لا يتمنون ، وهذا منتف في الآخرة .. فهكذا ينبغي أن يفهم كلام الله ، لا كفهم المحرفين له عن مواضعه » .
رابعًا- نخلص مما تقدم إلى أن كلاً من قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ ، وقوله :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ خبر قاطع عن أن ذلك لا يقع منهم ، ولن يقع في الحياة الدنيا أبدًا ، وليس في السياق ما يشير إلى عدم تمنيهم الموت في الآخرة ، بدليل ما حكاه القرآن عنهم من قولهم ، وهم في النار يصطرخون :﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾(الزخرف:77) ، وبدليل ما حكاه القرآن عن الكفار عامة من قولهم :﴿ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾(الحاقة:27) ، فالكفار بصورة عامة ، واليهود بصورة خاصة ، لا يتمنون الموت في الحياة الدنيا ، لشدة حرصهم على الحياة ، وخوفهم من الجزاء ؛ ولكنهم إذا فارقوا الدنيا ، وصاروا إلى الآخرة ، وأدخلوا النار بما قدمت أيديهم ، تمنوا الموت ، ويبدو الفرق بين النفيين من وجهين :
أحدهما : أن قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ إخبار بحال اليهود المستقبلة ، وأما قوله :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ فهو إخبار بحال اليهود الحاضرة والمستقبلة ، وعليه فإن الأول يقتضي نفي تمنيهم الموت فيما يستقبل من أعمارهم ، وإن الثاني يقتضي نفي تمنيهم الموت مدة حياتهم في الدنيا ؛ لأن ( لا ) هي لام ، بعدها ألف يمتد بها الصوت ما لم يقطعه ضيق النفس ، فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها ، و( لن ) بعكس ذلك .
ونظير ذلك قوله تعالى :﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ ﴾(البقرة:24) . فقوله :﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾ نفي لفعلهم في الحال والمستقبل ، كما كان قوله :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ نفي لتمنيهم الموت في الحال والمستقبل . وقوله تعالى :﴿ وَلَنْ تَفْعَلُوا ﴾ نفي لفعلهم في المستقبل ؛ كما كان قوله :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ نفي لتمنيهم الموت في المستقبل ، فثبت بذلك أن النفي الأول إخبار بحالهم الدائمة المستمرة ، والنفي الثاني إخبار بحالهم المستقبلة .
والثاني : أن الغرض من قوله تعالى :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ هو إبطال ادعاء اليهود أنهم أولياء لله من دون الناس . وأما قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ فالغرض منه إبطال ادعائهم أن لهم الدار الآخرة خالصة عند الله من دون الناس . وواضح من سياق الآيات أن ادعاءهم الأول متعلق بالحياة الدنيا ، وأن ادعاءهم الثاني متعلق بالدار الآخرة ، فناسب الأول نفي تمنيهم الموت بـ( لا ) التي ينفى بها الحال والمستقبل ، ولم ينف بـ( ما ) الخاصة بالحال ؛ لأنهم أرادوا أنهم أولياء لله من دون الناس مستمرون على ذلك إلى آخر حياتهم ، فكذِّبوا بما ينفي ذلك . وناسب الثاني نفي تمنيهم الموت بـ( لن ) الخاصة بنفي المستقبل ، فدل على أنهم يتمنون الموت في الدار الآخرة التي ادعوا أنها لهم عند الله خالصة من دون الناس . ولو أتى هذا النفي هنا بـ( لا ) بدلا من ( لن ) ، كما في آية الجمعة ، لدل على عدم تمنيهم الموت مدة الحياة الدنيا ، ومدة الحياة الآخرة ، وهذا خلاف المراد .
خامسًا- بقي أن تعلم أن ( التأبيد ) مأخوذ من الأبد . والأبد- في اللغة كما قال الراغب في مفرداته- هو عبارة عن مدة الزمان الممتد الذي لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان ؛ وذلك أنه يقال : زمان كذا ، ولا يقال : أبد كذا . ويقع الأبد للقليل والكثير ، ماضيًا كان ، أو حاضرًا ، أو مستقبلاً . تقول في الماضي : ما فعلته أبدًا ، ولم أفعله أبدًا . وتقول في الحاضر والمستقبل : ما أفعله أبدًا ، ولا أفعله أبدًا . وتقول في المستقبل : لن أفعله أبدًا . ويقال : تأبَّد الشيء . أي : بقى أبدًا . أي : مدة قد تطول ، وقد تقصر . فإن أرادوا به الدوام ، قالوا : أبد آبد ، وأبد أبيد . أي : دائم ؛ وذلك على التأكيد .
تأمل بعد ذلك قوله تعالى في حق اليهود :﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ(المائدة:22) ، ثم قوله :﴿ قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا ﴾(المائدة:24) ، تجد كيف نفوا في الآية الأولى دخولهم الأول الأرض المقدسة بـ( لن ) ، فقالوا :﴿ لَن نَّدْخُلَهَا ، وقيدوه بخروج القوم الجبارين منها ، وهم من بقايا قوم عاد ، فقالوا :﴿ حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا . ولما كُرِّر عليهم أمر القتال في الآية التي تلت الأولى :﴿ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ (المائدة:23) ، كرَّروا في الآية الثالثة امتناعهم الدخول على سبيل التوكيد بالظرف المختص بالاستقبال ، وحقيقته التأبيد ( أبدًا ) ، فقالوا :﴿ لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا ﴾ ، ثم رجعوا إلى تعليق ذلك بديمومة الجبارين فيها ، فقالوا :﴿ مَّا دَامُواْ فِيهَا ﴾ . أي : لن ندخلها أبدًا مدة وجود الجبارين فيها ، فأبدلوا زمانًا مقيدًا ، من زمان هو ظاهر في العموم في الزمان المستقبل ، فهو بدل بعض من كل .
ولو أنه قالوا في الآية الأولى :( لا ندخلها ) ، وفي الثالثة :( لا ندخلها أبدًا ) ، فنفوا دخولهم الأول والثاني بـ( لا ) بدلاً من ( لن ) ، لأفاد قولهم استغراق نفي دخولهم جميع أجزاء الزمن الحاضر والمستقبل ؛ فـ( لا ) في نفي الأفعال مثل ( لا ) التبرئة في نفي النكرات ، بخلاف ( لن ) . وأما ( أبدًا ) فهو ظرف للمستقبل مع ( لن ) ، وللحال والمستقبل مع ( لا ) ، والغرض منه تأكيد ما دل عليه النفي بهما من التأبيد ؛ لأنه يقع للقليل والكثير ، كما تقدم .
وتأمل قوله تعالى في حق المشركين :﴿ َيا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾(الحج :73) ، تجد كيف نفى عجزهم عن خلق الذباب بـ( لن ) التي تفيد استغراق النفي فيما استقبل من أزمان أعمارهم ، وكيف نفى عجزهم عن استنقاذ ما يسلبهم الذباب بـ( لا ) التي تفيد استغراق النفي مدة حياتهم كلها ؛ فما كان ممكنًا في ظنهم نُفِيَ بـ( لن ) ، وما كان مستحيلاً استحالة مطلقة نُفِيَ بـ( لا ) ، والدليل على ذلك أن الذباب ، وإن كان مخلوقًا ضعيفًا ، فإنه قد انفرد عن سائر الحيوان بأنه يفرز الهواضم على جزئيَّات طعامه ، فيهضمه في مكانه قبل أن يمتصه بخرطومه ، فهو لا يمتصه بخرطومه إلا متحوِّلاً مهضومًا ؛ ولذلك فإنه متى سلب شيئًا وامتصَّه ، فقد سلبه متغيِّرًا متحوِّلاً ، تعجز كل وسائل العلم وأجهزته عن استنقاذه منه ؛ فإنه قد صار مهضومَ طعام ذباب ، ولم يعد جزيئة من سكر أو زعفران أو عسل أو دقيق ، أو غير ذلك ؛ وذلك قمة التحدِّي والإعجاز . وكلا النفيين لم يقيَّد بالأبد .
نخلص من ذلك إلى أن قوله تعالى :﴿ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ يفيد نفي تمنيهم الموت فيما يستقبل من أزمان أعمارهم على سبيل الاستغراق والشمول ، وهو زمن يكون فيه الإنسان أقل حرصًا على التمسك بالحياة من أيام الشباب والكهولة . وأما قوله تعالى :﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ﴾ فيفيد نفي تمنيهم الموت مدة حياتهم في الدنيا على سبيل الاستغراق والشمول . أي من أول عمرهم إلى موتهم . وبهذا يظهر لك سر الفرق بين القولين ، فتأمله ، وقس عليه ما يرد عليك من نظائره في كلام الله الذي أعجز أرباب الفصاحة والبيان ، فحنوا له الرقاب .. نسأله سبحانه أن يجعلنا من الذين يفقهون كلامه ، ويدركون أسرار بيانه ، والحمد لله رب العالمين !
بقلم : محمد إسماعيل عتوك


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







التعديل الأخير تم بواسطة السيد عباس ابو الحسن ; 10-18-2011 الساعة 10:36 PM

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 02:39 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية