![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
الجواب:
الاخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جواب الشبهة الأولى: 1- ان الإمامية يستدلون بحديث (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) بان مفاده لزوم وجود إمام في كلّ زمان وذلك لإضافة الإمام إلى زمان الشخص المراد في (من مات) الظاهر في اختصاص كلّ زمان بإمام، ولا يتمسكون به على إثبات غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) مباشرة وبالاستقلال، فان لإثبات الغيبة أدلّة خاصة أخر، نعم أن مفاد الحديث مقدمة من المقدمات التي تؤدي إلى أثبات وجود إمام غائب (عجل الله فرجه)، فبعد ثبوت وجود إمام في كلّ زمان بمعنى عدم خلو زمان من إمام وثبوت إمامة الأئمة الأحد عشر قبله وان عددهم اثني عشر وثبوت ولادة وإمامة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) وعدم وفاته وعدم ثبوت إمامة آخر بعده إضافة إلى مفاد حديث الثقلين من أنهم لا يفترقون عن الكتاب إلى يوم القيامة, وبعد وضوح إن الإمام الآن ليس ظاهراً معلناً بثبت أنه مستور غائب. فهذا هو أحد أوجه الإستدلال على غيبة الإمام, والحديث كما قدمنا مقدمة من مقدماته فما قاله هذا الزيدي (أن هذا الحديث من أشهر ما يتمسك به أهل الغيبة من الجعفرية في دعواهم) فيه ما لا يخفى. 2- من الواضح أن استدلال الإمامية بهذا الحديث جاء من إضافة الإمام إلى زمان الشخص، ولفظ الإمام هنا نكرة يراد به جنس الإمام (عليه السلام) وهو مطلق لم يقيد من جهة الحضور والغياب، ولكن هذا الزيدي حاول تقيد لفظة الإمام (بالظاهر) بقرينة منفصلة بما أورده من روايتي الإمام الصادق (عليه السلام). ولكن قبل أن نتكلم في ثبوت التقييد أو عدمه نود الإشارة إلى نكتة مهمة فنقول: لو سلمنا أن التقييد بالقرينة الخارجية حاصل هنا كما يدعي الزيدي, بل لو فرضنا أن التقييد كان بقرينة داخلية وان لفظة (الظاهر) كانت في نفس منطوق الحديث كما لو قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (من مات ولم يعرف إمام زمانه (الظاهر) مات ميتة جاهلية) فهل سيكون مفاد الحديث وجوب وجود إمام ظاهر في كلّ زمان كما يرى الزيدي أو لا؟ لاحظ انه حتّى لو قلنا بأن الإمام المقيد بالظهور (أي الإمام الظاهر) مضاف إلى زمان الشخص فانه لا يفيد لا بدية وجود إمام ظاهر في كلّ زمان فقط لوضوح أن هناك قسم آخر من الإمام وهو الإمام الغائب، إذ أن جنس الإمام بعد التقييد بالظاهر انقسم إلى قسمين ظاهر وغائب فوجوب معرفة الظاهر منهما لا ينفي وجود الغائب, لأن عدم المعرفة ستكون متعلقة بغير الإمام وبالإمام الغائب, ويكون مفهوم الحديث عندئذٍ أن (من لم يعرف إمام زمانه غير الظاهر (الغائب) لم يمت موته جاهلية) هذا لو قلنا بثبوت المفهوم للوصف ولا نقول به (راجع أصول الفقه)، ومع التسليم بهذا المفهوم فهو خارج عن مساق كلام الزيدي أصلاً. لان كلامه ليس في وقوع الموتة الجاهلية من عدمها بل في إثبات إمام ظاهر فقط في كلّ زمان. وهذا المنطوق المفروض (أي لو أضيف الظاهر) لا يدل عليه. وهذا بخلاف المنطوق الصادر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير المقيد بالظاهر, فان وجوب المعرفة سيكون متعلق بجنس الإمام المطلق وعدم وجوب المعرفة متعلق بغير الإمام من الناس فلا وجود لمعنى دال على وجود قسمين من الإمام هنا تعلق بأحدهما وجوب المعرفة ولم يتعلق بالآخر مع بقية الناس. وهذا كما لو قال قائل (من لم يطع أمير بلده عد عاصياً) فانه يدل على وجود أمير لكل بلد، بخلاف ما لو قال (من لم يطع أمير بلده العادل عد عاصياً) فلا يدل على لابدية وجود أمير عادل لكل بلد لاحتمال وجود أمير للبلد غير عادل. فلاحظ . ومن هنا يثبت أن مفاد قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (من مات ولم يعرف إمام زمانه) الذي يستدل به الإمامية آبٍ عن التقييد بالمعنى الذي يريده الزيدي من لابدية وجود إمام ظاهر في كلّ زمان. هذا كله كان على فرض التسليم بحصول التقييد وإما الكلام في أصل ثبوت التقييد من عدمه: فنقول:أن التقييد لا يثبت أصلاً لأن حديث (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) مسلم عند جميع المسلمين بمنطوقة المطلق ( أي غير المقيد بالإمام الظاهر) بل أنّه متواتر معنى فضلاً عن أن بعض ألفاظه عند المسلمين شيعة وسنة واضحة في امتناعها عن التقييد مثل ما ورد عن المحاسن (ص154) (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية) و(من مات بغير إمام جماعة مات ميتة جاهلية)، وفي مسند أحمد (4/ 96) (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية) وفي المستدرك على الصحيحين (1: 117) ومجمع الزوائد (5: 18) (من مات وليس عليه إمام فان موتته موتة جاهلية) وفي صحيح مسلم (3: 1478) (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). مع وجود روايات متواترة سنداً ونصاً في الدلالة تنفي التقييد كما في قولهم (عليه السلام) (لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله اما ظاهر مشهور وأما خائف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته) (انظر البحار ج23: باب الاضطرار إلى الحجة). 3- ولو ادعى الزيدي أنّه لا يريد التقييد وان ما ذكره من روايتي الإمام الصادق (عليه السلام) تعارض ما يتمسك به الإمامية من مفاد الروايات. نقول: لا يستقر التعارض إلّا إذا تكافأت النصوص وهذا غير حاصل هنا فان النصوص المطلقة أكثر عدداً بل متواترة معناً كما ذكرنا, وكذلك فان روايتي الإمام الصادق (عليه السلام) معارضة أيضاً بالروايات المتواترة والناصة على لأبدية وجود الإمام الظاهر والغائب كما بينا أيضاً, ومن هنا لا تتم دعوى التعارض أيضاً. 4- إذا بطلت دعوى التقييد ودعوى التعارض فلابد من بيان المراد من قول الإمام الصادق (عليه السلام) (من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية) وكذا مراده من جوابه (عليه السلام) تقريراً لسؤال السائل (تخلو الأرض من عالم منكم حي ظاهر تفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم؟ فقال: لا). فنقول: أما الأول فقد ورد في معناه روايات, منها ما رواه البرقي في المحاسن عن الباقر عيه السلام (من مات وليس له إمام فموته ميتة جاهلية، ولا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم ومن مات وهو عارف لإمامه لا يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر ومن مات عارفاً لإمامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه) (البحار 23: 77). وما ورد في الإختصاص عن أبي الحسن الأول عليه السلام: (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية إمام حي يعرفه... الخ) (البحار 23: 92). وأما الروايات التي جاءت بلسان الثاني فكثيرة منها ما ورد في الإختصاص عن أبي عبد الله (عليه السلام) (أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلّا بإمام حي يعرف) (البحار 23: 2). وفي قرب الإسناد عن أبي جعفر عليه السلام: (ان الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلّا بإمام حي يعرفونه) (البحار 23: 30). وفي بصائر الدرجات عن الرضا (عليه السلام): (ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلّا بإمام حتّى يعرف) (البحار 23: 51). ومن مجموع هذه الروايات يتضح ان مدار الحجية هو كون الإمام معروفاً غير مجهول لا كونه معلناً مع التأكيد على لابدية كونه حّياً, وهو ما أكدت عليه الرواية التي نقلها الزيدي عن الإمام الصادق (عليه السلام) ونعيد ذكرها تنبيهاً على ذلك (من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية, قيل: إمام حي قال: إمام حي إمام حي) حيث يتضح أن مراد الإمام بيان الحياة لا الظهور بمعنى العلى كما يريده الزيدي والإ لأكده الإمام أيضاً إذا كان داخلاً في المطلوب، فلاحظ . فيكون معنى لفظ (الظاهر) الوارد في الروايتين بمعنى أنه (معروف) وهو ما يقابل المجهولة وليس بالمعنى المقابل (للستر والغيبة) كما فهمه الزيدي. 5- وأما ما ادعاه الزيدي من توقف استمرار عبادة الله على الإمام الحي الظاهر (بمعنى المعلن) في الرواية الثانية كما قال (( وهنا تصريح بأن إمام كلّ زمان لابدّ ان يكون حياً ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم فيما اشتبه والتبس عليهم من الدين، ثمّ يقول الإمام جعفر روحي له الفداء اذاً لا يعبد الله بغير هذا الإمام الظاهر )) غير صحيح ألبته. بعد ما بينا أن مناط الحجية يتوقف على الحياة والمعروضية لا الحياة والظهور, والإ لو كان كما يدعي الزيدي فكيف يصح قول الإمام الصادق (عليه السلام) نفسه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) قال: ( نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين ... ثمّ قال (عليه السلام): ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور, ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها, ولولا ذلك كم يعبد الله )، قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال (عليه السلام): ( كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب ) (البحار 23: 5). اذ لو كانت دعوى الزيدي صحيحة لما صح كلام زين العابدين (عليه السلام) (معاذ الله), ولا مجال هنا لتأويل الغائب المستور بأي تأويل كان كما سيحاوله الزيدي لاحقاً لما في تمثيل الصادق (عليه السلام) له بالشمس من حصر للمعنى بالغيبة وعدم الظهور إلى العلن. فلاحظ . ولما صح قول الصادق عليه السلام: (معاذ الله) أيضاً: كان بين عيسى وبين محمّد صلى الله عليه وآله وسلم خمسمائة عام منها مائتان وخمسون عاماً ليس فيها نبيّ ولا عالم ظاهر, قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مستمسكين بدين عيسى (عليه السلام), قلت: فما كانوا؟ قال: مؤمنين, ثمّ قال عليه السلام: ( ولا تكون الأرض إلّا وفيها عالم ) (البحار 23: 33). فانظر إلى قوله (عليه السلام) (مؤمنين)، والى قوله عليه السلام: (ولا تكون الأرض إلّا وفيها عالم), فإذا لم يكن ظاهر فهو مستور غائب. فلاحظ . وأما الإخبار عن فزع الناس إليه فهو إخبار عن شأن الإمام وموقعه إذا لم يمنع من ذلك مانع لا عن فعلية ذلك على كلّ حال حتّى ولو متعه الناس من وظيفته. ثمّ أنّه إن أراد أنّه يفزع إليه كلّ الناس فقد ذكر المحال وهو لا ينطبق أيضاً على أئمة الزيدية, وان أراد بعض الناس فنحن لا ننفي وقوع ذلك من أولياء الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) كما لا ننفي أنه (عليه السلام) يبين بين أمور الدين بما يستطيع بأي طريقة كانت فإن غيبته لا تمنع من ذلك خاصة عن طريق بعض أولياءه . وسيأتي الكلام عن ذلك لاحقاً. 6- وننقض على مذهب الزيدي بالأئمة من أولاد الحسين (عليه السلام) من الإمام السجاد زين العابدين (عليه السلام) إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فلم يكونوا غائبين بل ظاهرين, فلماذا لم يؤمن بهم الزيدية؟! 7- وننقض عليه أيضاً باشتراطنا في الأئمة عليهم السلام العصمة, وهو لا يدعي ذلك لأئمته, فأين الإمام الظاهر عند الزيدي الآن وفيما سبق من زمن زيد بن علي (عليه السلام) والى يوم القيامة؟ فان من يدع الزيدية له الإمامة من السادة العلوية لا يفرقون بشيء عن مراجعنا العظام, بل نقطع بأن مراجعنا أعلم منهم. والآن في الوقت الحاضر يوجد من السادة العلوية المجتهدين ما عنده من بسط اليد بما لا يوجد معشاره عند أئمة الزيدية, فلماذا لا يأتمون بهم؟ فهذا السيّد الإمام السيستاني في العراق له من النفوذ والسلطة على ساسة الدولة بما لا يخفى, بل هذا الإمام السيّد الخامنئي حاكم فعلي على أكبر دولة في المنطقة شاهر سيفه معلن للعداء مع الكفار ؛ فيلزم الزيدي على مبناه أن يأتم بهؤلاء السادة العلوية, وهؤلاء السادة المجتهدين قائمون بالأمر، فتتم الحجة لله على الزيدية، لأنهم لا تشترطون أكثر من تلك الشروط, ومن هنا فلا يبقى أي مجالٍ للتعلل من الزيدي! 8- ثمّ أنّه نقل من الصادق (عليه السلام) رواية أخرى, قال (عليه السلام): (أن الله لا يدع الأرض إلّا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان فإذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم... الرواية) ونحن نقول بذلك وأن الأرض لا تخلو من حجة لله، ولكن ليس في الرواية دلالة على الملازمة بين ثبوت الإمامة وبين ظهوره للناس بحيث يعرفوه شخصه ويأخذون منه مباشرة، وانما فيها دلالة على أن شأن الإمام من قبل الله هو بيان وحفظ الدين للمؤمنين, ولولا وجوب وجود مثل هذا الإمام لاختلط الأمر على المؤمنين ولم يفرقوا بين الحق والباطل. ونحن كما قلنا سابقاً لا نمنع وقوع ذلك بالفعل بأي طريق كان على نحو الموجبة الجزئية لبعض أولياءه, بل يكفي في حفظ الدين تعين نواب عامين عنه كما هو الحال في المجتهدين. وفي الرواية نص على حفظ الدين على المؤمنين ولكن الزيدي حرفها إلى المسلمين لتوائم ما يريده من معنى والإ فهي بذكر المؤمنين أتم دلالة على ما يقوله الشيعة الإمامية. وأما ما ذكره بعد ذلك من عدم وجود إمام لدى الإمامية له صفات الخطابة يوم الجمعة وأنه يجلس بعد الصلاة للتدريس ورد الشبهات والقضاء وانه يقود الإمامية للجهاد ويقيم الحدود ويجمع الزكاة فانها لم يرد منها ذكر في الرواية وإنما هي من بنات أفكار هذا الزيدي . وأما قوله: (( فان قلتم لا نعلم ذلك – ولن تقولوا الا ذلك – فأقول ابحثوا عن الإمام الظاهر... الخ )). نقول: سلمنا ولكنا بحثنا ولم نجده في أئمة الزيدية بل في أئمتنا المجتهدين فهم أعلم وأقدر وأكفاء من أئمة الزيدية، فما الدليل على لزوم إتباعنا لأئمة الزيدية. 9- ثمّ نقل رواية أخرى من أبي الحسن الأول قال عليه السلام: (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية إمام حي يعرف – الى أن قال (عليه السلام): قد والله قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية) والجواب عليها نفس الجواب السابق وهل ترى أن الإمامية يقولون بعدم وجوب طاعة الإمام الغائب المهدي عليه السلام؟! ويا عجباً من حمله السمع والطاعة على الوقوع الفعلي, وليس هناك ما يدل عليها في الرواية بل ظاهرها الواضح الالتزام بالسمع والطاعة للإمام وان ذلك من شأنه سواء تحقق أمره في الخارج او لم يتحقق. فلاحظ. 10- وما ذكره من مثال الطفل أوضح في قولنا وأدل: فلو قال شخص لطفل (اسمع كلام والديك) فهل يفهم الطفل إلّا أنّه لو أمراه فانه يجب أن يسمع ويطيع لا أنّه لابدّ لهما من الأمر حتّى يطيع، فان مثل هذه الأوامر ظاهرة في الأمر بالالتزام القلبي عند العرب لا بلابدية حدوث الأمر والنهي في الخارج. ومع ذلك فان ما ذكره من مثال على طوله صوره حسب وهمه, ونحن لا نقول بذلك بحسب هذه الصورة والوهم: وانما نقول على وفق مثاله: لو أمر رجل طفلاً أن يسمع كلام والديه ويتعلم منهما حميد الأخلاق ووالداه عنه مسافران إلى بلدٍ بعيد ومع ذلك فهما يراقبان ولدهما ويحصيان تحركاته وسكناته عن طريق تقنيات ووسائل حديثة بحيث يرونه ولا يراهم ووضعوا له تعليمات خاصة مكتوبة وأمراه بان يأخذ ما أشكل عليه من هذه التعليمات من وصيّ جعلاه عليه او وكيل عنهما او معلم خصصاه له. وبينا للطفل أن سفرهما كان عن غير إرادة منهما ولا اختيار. فكبر الطفل وبلغ أشده ونشأ على المعاصي والفساد الأخلاقي فأتاه نفس الرجل بعد عشرات السنين وسأله: ماذا تعلمت من والديك في هذه الفترة يا بني؟ فرد عليه الصبي قائلاً: لم أرهما حتّى أتعلم منهما؟ فكان لابدّ للرجل من أن يقول له: الم يتركا لك من الوصايا والتعليمات ما يكفيك في التعلم وألم يرشداك إلى وصيهما أو ذاك المعلم الخاص؟ فلا يكون للصبي حجة في الجواب. واذا سأله الرجل قائلاً: ولماذا تخلقت بهذه الأخلاق المشينة وارتكبت من المعاصي ما يغضب الله؟ فلا يمكن للصبي ان يجيبه بـ: هذه البيئة التي نشأت فيها أدارتني حيث ودارت تركني والديّ ولم يقوما بحق الله عليّ من التعليم وحسن التأديب، لأنه سيكون كاذباً بكل وضوح بدون حاجة لان يجيبه الرجل بقوله: كيف يا بني الم يخبراك بأنهما ذهبا اضطراراً لا اختياراً وتركا لك ما يكفي من وصايا لتعليمك وتأديبك بل لم يكتفيا بذلك وانما وضعاك في كنف وصي مؤتمن ومعلم كفؤ وأخبراك بأن أخبار ما ستفعله ستصل إليهما وهما يراقبان سلوكك, فلماذا تركت كلّ ذلك وراء ظهرك ونشأت على الفساد والمعاصي؟ فعند ذلك يسكت الصبي, ولا يحق له أن يزري على والديه ويحملهما الذنب بأنهما تركاه كما يتصوره هذا الزيدي بعد وضوح أن الأمر لم يكن اختيارياً وإنهما وفرا له كلّ ما باستطاعتهما لنيل الكمال ومدا له يد العون بأكمل ما يستطيعان حسب ما تسمح به ظروف الحياة الدنيا, بل لا يستطيع أحدا الا أن ينسب التقصير للصبي دون والديه، وبطل بذلك ما تصوره الزيدي من مثال, بل لو كان المثال حسب ما تصوره الإمامية لكان كلّ العقلاء يصوبونهم في ذلك ويعطونهم الحق, ولما كان منهم إلّا الإزراء والتعريفي بهذا الزيدي على كذبه وتدليسه في المثال وعدم بيانه حقيقة الأمر. جواب الشبهة الثانية: وهي في تفسيره لقول الإمام علي عليه السلام: لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة اما ظاهراً مشهوراً واما خائفاً مغموراً... الرواية). فنقول: أن معنى (الظاهر المشهور) من كلام أمير البلغاء علي (عليه السلام) واضح لا يحتاج إلى بيان فليس معنى الظاهر إلّا المعلن عند الناس، واما ما أضافه الزيدي من شروط كالشاهر لعقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتماع الانصار والخطب على المنابر وجمع الزكاة وتطبيق الحدود وغيرها فلا دخل لها في معنى (الظاهر) لغة وعرفاً وهو من تحميل المعنى ما لا يحتمل جاء نتيجة ما يتصوره في وهمه من مفهوم الإمامة عند الزيدية والا فهذه معاجم اللغة فليراجعها في معنى الظاهر، كما أنها ليست من لوازم الظهور التي لا تنفك قطعاً. وهذا المعنى المراد عند الإمامية واضح من قضية المقابلة مع القسم الأخر من الإمام وهو الخائف المغمور، فان (الظاهر) يقابل (الخائف) و(المشهور) يقابل (المغمور) فان من مقتضيات الخوف التقية والخفاء والغياب، لا كما تصور الزيدي من المقابلة بين (الظاهر) و(المغمور) بعد تفسير (المغمور) بالذي ليس له قدرة وأنصار وبقية الشروط التي ذكرها. ولا يتم التقسيم بالاثنينية إلّا بهذه المقابلة إذ لو كان للشروط التي ذكرها دخل في معنى الظهور لأصبحت الأقسام أكثر من اثنين إذ لا يخلو الواقع من تحقق كلّ الشروط التي ذكرها في الإمام او بعضها على الاختلاف أو لا تتحقق كلها. فقد يكون الإمام معلناً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتمع له الأنصار وقبلت دعوته وخطب على المنابر وطبق الحدود وإقام الجمعة والجماعة وغيرها وقد يكون مثلاً معلناً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخطب على المنابر وأقام الجمعة ولكن لم يجتمع له أنصار ولا قبلت دعوته ولم يقم الحدود، وقد يكون كذلك معلنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومع ذلك لم يقم الجمع والجماعة وهكذا يتعدد الإمام بتعدد تحقق الشروط وهذه الأقسام أكثر من الاثنين في كلام علي (عليه السلام) فأيهم يكون الظاهر هل الذي تحققت فيه كلّ الشروط والصفات أو بعضها. واما جمعه بين علي والحسن والحسين عليهم السلام وبين الحسن بن الحسن وزيد ويحيى والنفس الزكية وغيرهم غير صحيح فان علي والحسن والحسين عليهم السلام معصومون عندنا وغيرهم ليسوا كذلك وليس كلّ من دعا لنفسه وقام وشهر السيف إمام عندنا. والعجب من دعواه أن الحجية من الإمام على العباد لا تكون إلّا بالظهور قدر الإمكان وحمل هذه الدعوى على كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أن كلامه (عليه السلام) صريح في بطلانها وردها. فانه (عليه السلام) يقول (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة اما ظاهر ومشهوراً أو خائفاً مغموراً) ووضوح أن (إما) هنا للتقسيم لا يخفى, فكيف يجعل القسمين قسماً واحداً ويلغي الفائدة من هذا التقسيم في كلام سيد البلغاء, أليس هذا أوضح مثال على لي عنق الألفاظ وحرفها عن معانيها. ولا يخلو كلام هذا الزيدي من خلط وتداخل فانه يقول (على اختلاف ما يتيسر لهم من صلاحيات في الظهور والاستحكام... ولكنا نقول ان النية معقودة...) ويقول أيضاً (لن تكون إلّا بالظهور قدر الإمكان) فهو قيد الظهور بالنية المعقودة والإمكان وعليه فما معنى الغياب وأي مصداق له يتحقق فان النية والإمكان موجودة عند إمامنا الغائب وهو يدخل على هذا بالظاهر عندكم، فأي اعتراض لكم إذن؟! والذي يظهر لي من وراء كلامه أنّه يريد أن للظاهر معنيين احدهما عام ليشمل الظاهر والمغمور في كلام علي (عليه السلام) ويدخل تحته كلّ أئمة الزيدية والأخر خاص هو ما يقصده علي من (ظاهراً مشهوراً) وقد مثل له بما ذكره من أئمة عنده, ولكن لا نعلم دليله من هذا التقسيم إلّا التلاعب بالألفاظ وما ذكره من تقرير القاسم الرسي وحفيده لا يصلح دليلاً لأنه بيان وجه نظر الزيدية وما يعتقدون وليس بدليل . واما قول الإمام الرضا (عليه السلام) فهو في شأن الإمام ومكانه بين المسلمين وتحققها في شخص الإمام لا في لابدية وقوعها في الخارج وان منع منها مانع، ومثله قول الصادق عليه السلام. وبعبارة أخرى: أن هذه الصفات والشروط مقومة لشخص الإمام في نفسه, اذ لابد من وجود مبادي هذه الصفات والقابليات فيه, لا أن تحقق أثرها في الخارج هو المقوم للإمام, فان من شأن كلّ نبي الهداية وقيادة المجتمع فلا تسلب منه النبوة أذا لم يهتد به أحد ولم تتحقق منه القيادة, وهذا واضح. وعجيب الخلط في كلامه فبعد أن ذكر كفاية عقد النية والإمكان لتحقق الظهور اعترض على عد الإمامية أئمتهم الأحد عشر قبل الغائب من الظاهرين وقال (فهذا خيال غالب)، فان نفي عقد النية والتصرف حسب الإمكان عن ائمتنا من السرف في الظاهر والتجني الفاضح. بل أنّه حاول نفي تصرفات للأئمة مجمع عليها فيها دلائل واضحة من الروايات, كنفي جبابة الأموال لهم وإرسال الدعاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذه روايات الأئمة عليهم السلام موجودة وأسماء وكلائهم سواء المختصين بجمع حقوق الله أو العلماء الرواة منهم معروفة فهل رأيت دفعاً بالصدور أكثر من هذا؟ واذا كنت تدعي الجهل بذلك فما ذنبنا؟!. وعجب أيضاً دعواه أن المقربين إليهم وتلامذتهم لا يعلمون شيئاً عن حجيتهم!! فياليته جاء بشاهد غير الدعوى, ثمّ مع ذلك متى كان إنكار أي منكر لإمامة احد الأئمة مبطلاً لإمامته, فيا ترى هل أبطل إنكار ابن نوح نبوة نوح عليه السلام؟ فيا عجباً مالكم كيف تحكمون!! ومما قدمنا يظهر ما في كلامه على معنى (واما خائفاً مغموراً) فلا نعيد, ولكن نريد أن يتبين مدى خلطه هنا بين المعنى الحقيقي للمغمور وبين الاستعمال, فانه أورد شواهد أهل اللغة على الاستعمال كما عن لسان العرب (المغمور من الرجال: الذي ليس بمشهور) وعن القاموس (المغمور: الخامل) وفرق واضح بين المعنى الحقيقي والاستعمال مبين في أوائل مسائل علم الأصول, وياليته ألتزم بالمعنى الذي أورده الشريف الرضي من معنى المغمور (غمره الظلم أي غطاه فهو لا يظهر) فلا أدل منه على المعنى المراد عند الإمامية. وبالنتيجة يكون ما صوره من معنى المغمور عند الزيدية وانه مقابل لمعنى الظهور عندهم وهم في وهم وتحميل للمعنى ما لا يحتمل ولا نطيل أكثر من ذلك. وملخص كلامه أنّه أدعى أن المراد بالظاهر هو المعلن القادر على التصرف والمغمور هو المعلن غير القادر على التصرف, ونحن لا نسلم له بذلك, وهو خلاف ظاهر مراد الإمام علي (عليه السلام) بل أن المراد بالظاهر هو المعلن والمراد بالمغمور هو الغائب ولنا على ذلك إضافة على الظهور شواهد من الروايات منها تشبيه الغياب بالشمس إذا سترها السحاب. ودمتم برعاية الله |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |