![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() [ اية التطهير ] آية التطهير - السيد علي الميلاني - ص 1 - 14 السيد علي الحسيني الميلاني بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين . قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيتويطهركم تطهيرا ) ( 1 ) . هذه الآية في القرآن الكريم ضمن آيات تتعلق بزوجاتالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أقرأ الآيات : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ) ( 2 ) صدق الله العلي العظيم . هذه الآية المباركة أيضا من جملة ما يستدل به من القرآنالكريم على إمامة أمير المؤمنين سلام الله عليه . وكما ذكرنا في الليلة الماضية حيث ذكرنا الخطوط التي لا بدوأن يجري البحث على أساسها ، ورسمنا تلك الخطوط ، وذكرنابأن القرآن الكريم لم يأت فيه اسم أحد ، وكل آية يستدل بها على إمامة أمير المؤمنين أو غير أمير المؤمنين ، لا بد وأن يرجع في دلالتها وفي شأن نزولها إلى السنة المفسرة لتلك الآية ، والسنةالمفسرة للآية أيضا يجب أن تكون مقبولة عند الطرفين المتنازعين المتخاصمين في مثل هذه المسألة المهمة . المراد من أهل البيت ( عليهم السلام ) في آية التطهيرإذن ، لا بد من بيان المراد من أهل البيت ( عليهم السلام ) في هذه الآيةالمباركة ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) . محل الاستدلال في هذه الآية المباركة نقطتان : النقطة الأولى : المراد من أهل البيت . النقطة الثانية : المراد من إذهاب الرجس . فإذا تم المدعى على ضوء القواعد المقررة في مثل هذه البحوث في تلك النقطتين ، تم الاستدلال بالآية المباركة على إمامةعلي أمير المؤمنين ، وإلا فلا يتم الاستدلال . المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة من ؟ لا بد هنا منالرجوع أيضا إلى كتب الحديث والتفسير ، وإلى كلمات العلماء من محدثين ومفسرين ومؤرخين ، لنعرف المراد من قوله تعالى فيهذه الآية ، أي : المخاطب بأهل البيت من هم ؟ ونحن كما قررنا منقبل ، نرجع أولا إلى الصحاح والمسانيد والسنن والتفاسير المعتبرةعند أهل السنة . وإذا ما رجعنا إلى صحيح مسلم ، وإلى صحيح الترمذي ، وإلىصحيح النسائي ، وإلى مسند أحمد بن حنبل ، وإلى مسند البزار ،وإلى مسند عبد بن حميد ، وإلى مستدرك الحاكم ، وإلى تلخيص المستدرك للذهبي ، وإلى تفسير الطبري ، وإلى تفسير ابن كثير ،وهكذا إلى الدر المنثور ، وغير هذه الكتب من تفاسير ومن كتب الحديث : نجد أنهم يروون عن ابن عباس ، وعن أبي سعيد ، وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، وعن سعد بن أبي وقاص ، وعن زيد بنأرقم ، وعن أم سلمة ، وعن عائشة ، وعن بعض الصحابة الآخرين :أنه لما نزلت هذه الآية المباركة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، جمع أهله - أي جمع عليا وفاطمة والحسن والحسين - وألقى عليهم كساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي . وفي بعض الروايات : ألقى الكساء على هؤلاء ، فنزلت الآيةالمباركة . والروايات بعضها تفيد أن الآية نزلت ففعل رسول الله هكذا .وبعضها تفيد أنه فعل رسول الله هكذا ، أي جمعهم تحت كساءفنزلت الآية المباركة . قد تكون القضية وقعت مرتين أو تكررت أكثر من مرتين أيضا ، والآية تكرر نزولها ، ولو راجعتم إلى كتاب الإتقان في علوم القرآن للجلال السيوطي لرأيتم فصلا فيه قسم من الآيات النازلةأكثر من مرة ، فيمكن أن تكون الآية نازلة أكثر من مرة والقضية متكررة . وسنقرأ إن شاء الله في البحوث الآتية عن حديث الثقلين : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا . . . إلى آخر الحديث ، قاله في مواطن متعددة . وقد ثبت عندنا أن النبي قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه أكثر من مرة ، وإن اشتهرت قضية غدير خم . وحديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى وارد عن رسول الله في مصادر أهل السنة في أكثر من خمسة عشر موطنا . ‹ هامش › ( 1 ) سورة الأحزاب : 33 . ( 2 ) سورة الأحزاب : 32 - 34 . |
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
فلا نستبعد أن تكون آية التطهير نزلت مرتين أو أكثر ، لأنا نبحث على ضوء الأحاديث الواردة ، فكما ذكرت لكم ، بعض الأحاديث تقول أن النبي جمعهم تحت الكساء ثم نزلت الآية، وبعض الأحاديث تقول أن الآية نزلت فجمع رسول الله عليا وفاطمة والحسنين وألقى عليهم الكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي .
فالحديث في : 1 - صحيح مسلم ( 3 ) . 2 - مسند أحمد ، في أكثر من موضع ( 4 ) . 3 - مستدرك الحاكم ( 5 ) ، مع إقرار الذهبي وتأييده لتصحيح الحاكم لهذا الحديث ( 6 ) . 4 - صحيح الترمذي ، مع تصريحه بصحته ( 7 ) . 5 - سنن النسائي ( 8 ) ، الذي اشترط في سننه شرطا هو أشد منشرط الشيخين في صحيحيهما ، كما ذكره الذهبي بترجمة النسائي في كتاب تذكرة الحفاظ ( 9 ) . ولا يخفى عليكم أن كتاب الخصائص الموجود الآن بين أيدينا الذي هو من تأليف النسائي ، هذا جزء من صحيحه ، إلا أنه نشر أو انتشر بهذه الصورة بالاستقلال ، وإلا فهو جزء من صحيحه الذي اشترط فيه ، وكان شرطه في هذا الكتاب أشد من شرط الشيخين في صحيحيهما . 6 - تفسير الطبري ، حيث روى هذا الحديث من أربعة عشر طريقا ( 10 ) . 7 - كتاب الدر المنثور للسيوطي ، يرويه عن كثير من كبارالأئمة الحفاظ من أهل السنة ( 11 ) . وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أن أم سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء ، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول ، وقال لها : وإنك على خير أو إلى خير ( 12 )والحديث أيضا وارد عن عائشة كذلك ( 13 ) . . واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرسل إلى فاطمة ، وأمرها بأن تدعو عليا والحسنين ، وتأتي بهم إلى النبي ، فلما اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي مما يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضية ،ولما أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها ، لم يأمرها بأن تدعو أحدا غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ،وأزواجه في البيت عنده ، وحتى أنه لم يأذن لأم سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء . إذن ، هذه القضية تدل على أمر وشأن ومقام لا يعم مثل أم سلمة ، تلك المرأة المحترمة المعظمة المكرمة عند جميع المسلمين . إلى هنا تم لنا المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة . وهذا الاستدلال فيه جهة إثبات وجهة نفي ، أما جهة الإثبات ،فإن الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الآية في حقهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين فقط ، وأما جهة النفي ، فإنه لم يأذن النبي لأن يكون مع هؤلاء أحد . في جهة الإثبات وفي جهة النفي أيضا ، تكفينا نصوص الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها من الأحاديث التي نصوا على صحتها سندا ، فكانت تلك الأحاديث صحيحة ،وكانت مورد قبول عند الطرفين . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . هامش ( 3 ) صحيح مسلم 7 / 130 ( 4 ) مسند أحمد 1 / 330 و 6 / 292 و 323 ( 5 ) المستدرك على الصحيحين 2 / 416 . ( 6 ) تلخيص المستدرك ( ط مع المستدرك ) 2 / 416 . ( 7 ) صحيح الترمذي 5 / 327 كتاب التفسير و 627 و 656 كتاب المناقب . ( 8 ) خصائص علي من سنن النسائي : 49 و 62 و 81 ، ط الغري . ( 9 ) تذكرة الحفاظ 1 / 700 . ( 10 ) تفسير الطبري 22 / 5 - 7 . ( 12 ) الدر المنثور 5 / 199 . ( 13 ) أحمد 6 / 292 ، والترمذي ، وغيرهما . ( 14 ) صحيح مسلم 7 / 130 . |
![]() |
![]() |
#3 |
خادم الحسين
![]() |
![]() [ اية التطهير وازواج النبي ص ] آية التطهير - السيد علي الميلاني - ص 14 - 24 آية التطهير وأزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكن يبقى هناك في جهة النفي بحث يتعلق بقولين : أحدهما : ما ينقل عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس ، فهذا كان يصر على أن الآية نازلة في خصوص أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى أنه كان يمشي في الأسواق ويعلن عن هذا الرأي ، ويخطئ الناس باعتقادهم باختصاص الآية المباركة بأهل البيت ، مما يدل على أن الرأي السائد عند المسلمين كان هذا الرأي ، حتى أنه كان يقول : من شاء باهلته في أن الآية نازلة في أزواج النبي خاصة ، وفي تفسيرالطبري : إنه كان ينادي في الأسواق بذلك ( 1 ) ، وفي تفسير ابن كثير إنه كان يقول : من شاء باهلته أنها نزلت في نساء النبي خاصة ( 2 ) ،وفي الدر المنثور ، كان يقول : ليس بالذي تذهبون إليه ، إنما هونساء النبي ( 3 ) . فهذا هو القول الأول . لكن هذا القول يبطله : أولا : إنه قول غير منقول عن أحد من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ثانيا : قول ترده الأحاديث الصحيحة المعتبرة المعتمدة المتفق عليها بين المسلمين . ثالثا : هذا الرجل كان منحرفا فكرا وعملا ، وكان معاديا لأهل البيت ومن دعاة الخوارج . أذكر لكم جملا مما ذكر بترجمة هذا الرجل : كان خارجيا بل من دعاتهم ، وإنما أخذ أهل أفريقية هذا الرأي- أي رأي الخوارج - من عكرمة ، ولكونه من الخوارج تركه مالك بن أنس ولم يرو عنه . قال الذهبي : قد تكلم الناس في عكرمة لأنه كان يرى رأي الخوارج ، بل كان هذا الرجل مستهترا بالدين ، طاعنا في الإسلام ،فقد نقلوا عنه قوله : إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به الناس ،وقال في وقت الموسم أي موسم الحج : وددت أني بالموسموبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا ، وإنهوقف على باب مسجد النبي وقال : ما فيه إلا كافر ، وذكر أنه كان لا يصلي ، وأنه كان يرتكب جملة من الكبائر . وقد نص كثير من أئمة القوم على أنه كان كذابا ، فقد كذب علىسيده عبد الله بن عباس حتى أوثقه علي بن عبد الله بن عباس على باب كنيف الدار ، فقيل له : أتفعلون هذا بمولاكم ؟ قال : إن هذايكذب على أبي . وعن سعيد بن المسيب أنه قال لمولاه : يا برد إياك أن تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس . وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الذي هو من فقهاء المدينةالمنورة : إن عكرمة كذاب . وعن ابن سيرين : كذاب . وعن مالك بن أنس : كذاب . وعن يحيى بن معين : كذاب . وعن ابن ذويب : كان غير ثقة . وحرم مالك الرواية عن عكرمة . وقال محمد بن سعد صاحب الطبقات : ليس يحتج بحديثه . هذه الكلمات بترجمة عكرمة نقلتها : من كتاب الطبقات لابن سعد ، من كلمات الضعفاء الكبير لأبي جعفر العقيلي ، من تهذيب الكمال للحافظ المزي ، من وفيات الأعيان ، من ميزان الاعتدال للذهبي ، المغني في الضعفاء للذهبي ، سير أعلام النبلاء للذهبي ،تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ( 4 ) . هذه خلاصة ترجمة هذا الشخص . لكن الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري ، في مقدمة هذا الشرح ( 5 ) ، له فصل يدافع فيه عن رجال صحيح البخاري المقدوح فيهم ، عن الرجال المشاهير المجروحين الذين اعتمدهم البخاري ، فيعنون هناك عكرمة مولى ابن عباس ويحاول الذب عن هذا الرجل بما أوتي من حول وقوة . إلا أنكم لو رجعتم إلى كلماته لوجدتموه متكلفا في أكثرها أو في كل تلك الكلمات ، وهذه مصادر ترجمة هذا الشخص ذكرتها لكم ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي ذكرتها . ومن طريف ما أحب أن أذكره هنا : إن عكرمة وإن أخرج عنه البخاري ، لم يخرج عنه مسلم ، عكرمة أعرض عنه مسلم وإن اعتمده البخاري ، ومن هنا قالوا : إن أصح الكتب كتاب البخاري وكتاب مسلم ، وأصحهما كتاب البخاري ، فلأمر ما قدمواالبخاري ! ! ولي أيضا شواهد على هذا . سأقرأ لكم حديث الثقلين من صحيح مسلم ، والبخاري لم يرو حديث الثقلين في صحيحه ، سأذكر لكم - إن شاء الله - حديثا عن صحيح مسلم فيه مطلب مهم جدا يتعلق بالشيخين ، وقد ذكرهالبخاري في صحيحه في مواضع متعددة وحرفه وذكره بألفاظ وأشكال مختلفة . إذن ، كون عكرمة من رجال البخاري لا يفيد البخاري ولا يفيدعكرمة إنه ربما يحتج لوثاقة عكرمة باعتماد البخاري عليه ، ولكن الأمر بالعكس ، إن رواية البخاري عن عكرمة من أسباب جرحنا للبخاري ، من أسباب عدم اعتمادنا على البخاري ، ولو أن بعض الكتاب المعاصرين - ولربما يكون أيضا من أصحابنا الإمامية -يحاولون الدفاع عن عكرمة ، فإنهم في اشتباه . وعلى كل حال ، فالقول باختصاص الآية المباركة بأزواج النبي ، هذا القول مردود ، إذ لم يرو إلا عن عكرمة ، وقد رفع عكرمة راية هذا القول ، وجعل ينشره بين الناس ، وطبيعي أن الذين يكونون على شاكلته سيتقبلون منه هذا القول . الهامش ( 1 ) تفسير الطبري 22 / 7 ، ابن كثير 3 / 415 . ( 2 ) ابن كثير 3 / 415 ، الدر المنثور 5 / 198 . ( 3 ) الدر المنثور 5 / 198 . ( 4 ) طبقات ابن سعد 5 / 287 ، تهذيب الكمال 20 / 264 ، تهذيب التهذيب 7 / 263 ،المغني في الضعفاء للذهبي 2 / 84 ، ميزان الاعتدال 3 / 93 ، وغيرها . ( 5 ) هدي الساري مقدمة فتح الباري : 524 . |
![]() |
![]() |
#4 |
خادم الحسين
![]() |
![]() [ اية التطهير وازواج النبي ص ] آية التطهير - السيد علي الميلاني - ص 14 - 24 آية التطهير وأزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكن يبقى هناك في جهة النفي بحث يتعلق بقولين : أحدهما : ما ينقل عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس ، فهذا كان يصر على أن الآية نازلة في خصوص أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى أنه كان يمشي في الأسواق ويعلن عن هذا الرأي ، ويخطئ الناس باعتقادهم باختصاص الآية المباركة بأهل البيت ، مما يدل على أن الرأي السائد عند المسلمين كان هذا الرأي ، حتى أنه كان يقول : من شاء باهلته في أن الآية نازلة في أزواج النبي خاصة ، وفي تفسيرالطبري : إنه كان ينادي في الأسواق بذلك ( 1 ) ، وفي تفسير ابن كثير إنه كان يقول : من شاء باهلته أنها نزلت في نساء النبي خاصة ( 2 ) ،وفي الدر المنثور ، كان يقول : ليس بالذي تذهبون إليه ، إنما هونساء النبي ( 3 ) . فهذا هو القول الأول . لكن هذا القول يبطله : أولا : إنه قول غير منقول عن أحد من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ثانيا : قول ترده الأحاديث الصحيحة المعتبرة المعتمدة المتفق عليها بين المسلمين . ثالثا : هذا الرجل كان منحرفا فكرا وعملا ، وكان معاديا لأهل البيت ومن دعاة الخوارج . أذكر لكم جملا مما ذكر بترجمة هذا الرجل : كان خارجيا بل من دعاتهم ، وإنما أخذ أهل أفريقية هذا الرأي- أي رأي الخوارج - من عكرمة ، ولكونه من الخوارج تركه مالك بن أنس ولم يرو عنه . قال الذهبي : قد تكلم الناس في عكرمة لأنه كان يرى رأي الخوارج ، بل كان هذا الرجل مستهترا بالدين ، طاعنا في الإسلام ،فقد نقلوا عنه قوله : إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به الناس ،وقال في وقت الموسم أي موسم الحج : وددت أني بالموسموبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا ، وإنهوقف على باب مسجد النبي وقال : ما فيه إلا كافر ، وذكر أنه كان لا يصلي ، وأنه كان يرتكب جملة من الكبائر . وقد نص كثير من أئمة القوم على أنه كان كذابا ، فقد كذب علىسيده عبد الله بن عباس حتى أوثقه علي بن عبد الله بن عباس على باب كنيف الدار ، فقيل له : أتفعلون هذا بمولاكم ؟ قال : إن هذايكذب على أبي . وعن سعيد بن المسيب أنه قال لمولاه : يا برد إياك أن تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس . وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الذي هو من فقهاء المدينةالمنورة : إن عكرمة كذاب . وعن ابن سيرين : كذاب . وعن مالك بن أنس : كذاب . وعن يحيى بن معين : كذاب . وعن ابن ذويب : كان غير ثقة . وحرم مالك الرواية عن عكرمة . وقال محمد بن سعد صاحب الطبقات : ليس يحتج بحديثه . هذه الكلمات بترجمة عكرمة نقلتها : من كتاب الطبقات لابن سعد ، من كلمات الضعفاء الكبير لأبي جعفر العقيلي ، من تهذيب الكمال للحافظ المزي ، من وفيات الأعيان ، من ميزان الاعتدال للذهبي ، المغني في الضعفاء للذهبي ، سير أعلام النبلاء للذهبي ،تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ( 4 ) . هذه خلاصة ترجمة هذا الشخص . لكن الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري ، في مقدمة هذا الشرح ( 5 ) ، له فصل يدافع فيه عن رجال صحيح البخاري المقدوح فيهم ، عن الرجال المشاهير المجروحين الذين اعتمدهم البخاري ، فيعنون هناك عكرمة مولى ابن عباس ويحاول الذب عن هذا الرجل بما أوتي من حول وقوة . إلا أنكم لو رجعتم إلى كلماته لوجدتموه متكلفا في أكثرها أو في كل تلك الكلمات ، وهذه مصادر ترجمة هذا الشخص ذكرتها لكم ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي ذكرتها . ومن طريف ما أحب أن أذكره هنا : إن عكرمة وإن أخرج عنه البخاري ، لم يخرج عنه مسلم ، عكرمة أعرض عنه مسلم وإن اعتمده البخاري ، ومن هنا قالوا : إن أصح الكتب كتاب البخاري وكتاب مسلم ، وأصحهما كتاب البخاري ، فلأمر ما قدمواالبخاري ! ! ولي أيضا شواهد على هذا . سأقرأ لكم حديث الثقلين من صحيح مسلم ، والبخاري لم يرو حديث الثقلين في صحيحه ، سأذكر لكم - إن شاء الله - حديثا عن صحيح مسلم فيه مطلب مهم جدا يتعلق بالشيخين ، وقد ذكرهالبخاري في صحيحه في مواضع متعددة وحرفه وذكره بألفاظ وأشكال مختلفة . إذن ، كون عكرمة من رجال البخاري لا يفيد البخاري ولا يفيدعكرمة إنه ربما يحتج لوثاقة عكرمة باعتماد البخاري عليه ، ولكن الأمر بالعكس ، إن رواية البخاري عن عكرمة من أسباب جرحنا للبخاري ، من أسباب عدم اعتمادنا على البخاري ، ولو أن بعض الكتاب المعاصرين - ولربما يكون أيضا من أصحابنا الإمامية -يحاولون الدفاع عن عكرمة ، فإنهم في اشتباه . وعلى كل حال ، فالقول باختصاص الآية المباركة بأزواج النبي ، هذا القول مردود ، إذ لم يرو إلا عن عكرمة ، وقد رفع عكرمة راية هذا القول ، وجعل ينشره بين الناس ، وطبيعي أن الذين يكونون على شاكلته سيتقبلون منه هذا القول . الهامش ( 1 ) تفسير الطبري 22 / 7 ، ابن كثير 3 / 415 . ( 2 ) ابن كثير 3 / 415 ، الدر المنثور 5 / 198 . ( 3 ) الدر المنثور 5 / 198 . ( 4 ) طبقات ابن سعد 5 / 287 ، تهذيب الكمال 20 / 264 ، تهذيب التهذيب 7 / 263 ،المغني في الضعفاء للذهبي 2 / 84 ، ميزان الاعتدال 3 / 93 ، وغيرها . ( 5 ) هدي الساري مقدمة فتح الباري : 524 . |
![]() |
![]() |
#5 |
خادم الحسين
![]() |
![]() الثاني : وهو القول بأن المراد من أهل البيت في هذه الآيةالمباركة : أهل البيت - أي علي وفاطمة والحسنان – والأزواجأيضا . هذا القول إذا رجعنا إلى التفاسير المعتبرة ، لوجدنا مثل ابنالجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير ( 6 ) ، الذي هو منالتفاسير المشهورة ، ينسب هذا القول إلى الضحاك فقط ، ولم نجدفي كتاب ابن الجوزي وأمثاله من يعزو هذا القول إلى غيرالضحاك . أترى أن قول الضحاك وحده يعارض ما روته الصحاحوالسنن والمسانيد عن ابن عباس ، وعن جابر بن عبد الله ، وعن زيد بن أرقم ، وعن سعد بن أبي وقاص ، وعن أم سلمة ، وعن عائشة ؟ وعجيب ، إن هؤلاء يحاولون أن يذكروا لزوجات النبي فضيلة ، والحال أن نفس الزوجات هن بأنفسهن ينفين هذا القول ،فأم سلمة وعائشة من جملة القائلين باختصاص الآية المباركةبأهل البيت ، وكم من عجيب عندهم ، وما أكثر العجب والعجيبعندهم ، يحاولون الدفاع عن الصحابة أجمعين أكتعين كما يعبرالسيد شرف الدين رحمة الله عليه : أجمعين أكتعين ، والحال أنالصحابة أنفسهم لا يرون مثل هذا المقام لهم ، نحن نقول بعدالتهمجميعا وهم لا يعلمون بعدالتهم ؟ ! فأم سلمة وعائشة تنفيان أن تكون الآية نازلة في حق أزواجالنبي ، ويأتي الضحاك ويضيف إلى أهل البيت أزواج النبي ، وكأنهيريد الاصلاح بين الطرفين ، وكأنه يريد الجمع بين الحقين . لكني وجدت في الدر المنثور ( 7 ) حديثا يرويه السيوطي عنعدة من أكابر المحدثين عن الضحاك ، يروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حديثايتنافى مع هذه النسبة إلى الضحاك . وأيضا : الضحاك الذي نسب إليه ابن الجوزي هذا القول فيتفسيره ، هذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه في كتاب الضعفاء ،وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء ، وأورده الذهبي في المغني فيالضعفاء ، وعن يحيى بن سعيد القطان الذي هو من كبار أئمتهم فيالجرح والتعديل أنه كان يجرح هذا الرجل ، وذكروا بترجمته أنهبقي في بطن أمه مدة سنتين . وهذا ما أدري يكون فضيلة له أو يكون طعنا له ، وكم عندهممن هذا القبيل ، يذكر عن مالك بن أنس أنه بقي في بطن أمه أكثر منسنتين أو ثلاث سنوات على ما أتذكر الآن ، وراجعوا كتاب وفياتالأعيان لابن خلكان وغيره . وعلى كل حال ، فإنا نرجع إلى ما في الصحاح ، والأفضل لهمأن يرجعوا إلى ما في الصحاح ، وهذا ما دعا مثل ابن تيمية إلى أنيعترف بصحة حديث نزول الآية في أهل البيت الأطهارواختصاصها بهم ، وأما عكرمة والضحاك وقول مثل هذين الرجلينالمجروحين المطعونين ، فإنما يذكر لتضعيف استدلال الإماميةبالآية المباركة ، والذاكرون أنفسهم يعلمون بعدم صلاحية مثل هذهالأقوال للاستدلال . الهامش ( 6 ) زاد المسير في علم التفسير 6 / 381 . ( 7 ) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5 / 199 . |
![]() |
![]() |
#6 |
خادم الحسين
![]() |
![]() بحث في مقتضى سياق الآية وقد قرأت لكم بنفسي الآيات السابقة على آية التطهير ، والكل يعلم وأنتم تعلمون بأن الآية الآن في القرآن الكريم جاءتفي ضمن الآيات التي خاطب الله سبحانه وتعالى نساء النبي ، وقدتعمدت قراءة الآية ، عندنا اصطلاح في علم الأصول ، يقولون : بأن السياق قرينة في الكلام ، أي أنه متى ما أردنا أن نفهم معنى كلام أومعنى كلمة ، نراها محفوفة بأي كلام ، وفي أي سياق ، فالألفاظ التي تحف بهذه الكلمة ، والسياق الذي جاءت الجملة في ذلك السياق ،يكون معينا لنا أو معينالنا على فهم المراد من تلك الكلمة أوالجملة ، هذا شئ يذكرونه في علم الأصول ، وهذا أيضا أمرصحيح في مورده ولا نقاش فيه . إلا أن الذين يقررون هذه القاعدة ، ينصون على أن السياق إنمايكون قرينة حيث لا يكون في مقابله نص يعارضه ، وهل منالصحيح أن نرفع اليد عما رواه أهل السنة في صحاحهم وفيمسانيدهم وفي سننهم وفي تفاسيرهم ، عن أم سلمة وعن عائشةوعن غيرهما من كبار الصحابة : أن الآية مختصة بالنبي وبالأربعةالأطهار من أهل البيت ، نرفع اليد عن جميع تلك الأحاديثالمعتبرة المعتمدة المتفق عليها بين المسلمين ، لأجل السياقوحده ، حتى ندعي شيئا لأم سلمة أو لعائشة ، وهن ينفين هذاالشئ الذي نريد أن ندعيه لهن ؟ !ليس هناك دليل أو وجه لهذا المدعى ، إلا إخراج الآيةالمباركة عن مدلولها ، عن معناها ، عن المراد الذي هو بحسبالأحاديث الواردة هو مراد الله سبحانه وتعالى . ولولا أن الآية المباركة تدل على معنى ، تدل على مقام ، تدلعلى مرتبة ، تدل على شأن ، لما كانت هذه المحاولات ، لا من مثلعكرمة الخارجي ، ولا من مثل ابن كثير الدمشقي ، الذي هو تلميذابن تيمية ، فالآية المباركة لا يراد من ( أهل البيت ) فيها إلا مندلت عليه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها ، المقبولة بين الطرفينالمتنازعين في هذه المسألة . |
![]() |
![]() |
#7 |
خادم الحسين
![]() |
![]() معنى إذهاب الرجس والإرادة ننتقل الآن إلى النقطة الثانية في الآية المباركة ، وهي معنى إذهاب الرجس ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، فتعين المراد من أهل البيت بقول رسول اللهوبفعل رسول الله ، فأصبحت السنة المتفق عليها مفسرة للآيةالمباركة . فما معنى إذهاب الرجس عن أهل البيت ؟ لا بد من التأمل في مفردات الآية المباركة :كلمة ( إنما ) تدل على الحصر ، وهذا مما لا إشكال فيه ولا خلاف من أحد . ( يريد الله ) الإرادة هنا إما إرادة تكوينية كقوله تعالى : ( إذاأراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ( 1 ) ، وإما هي تشريعية كقولهتعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ( 2 ) . فالإرادة ، تارة تكوينية ، وأخرى تشريعية ، وكلا القسمينواردان في القرآن الكريم ، ولله سبحانه وتعالى إرادة تكوينية وإرادة تشريعية ، ولا خلاف في هذه الناحية أيضا . لكن المراد من الإرادة في الآية لا يمكن أن يكون إلا الإرادة التكوينية ، لأن الإرادة التشريعية لا تختص بأهل البيت ،سواء كان المراد من أهل البيت هم الأربعة الأطهار ، أو غيرهم أيضا ، الإرادة التشريعية لا تختص بأحد دون أحد ، الإرادة التشريعية يعني ما يريد الله سبحانه وتعالى أن يفعله المكلف ، أويريد أن لا يفعله المكلف ، هذه الإرادة التشريعية ، أي الأحكام ، الأحكام عامة تعم جميع المكلفين ، لا معنى لأن تكون الإرادة هنا تشريعية ومختصة بأهل البيت أو غير أهل البيت كائنا من كان المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة ، إذ ليس هناك تشريعان ، تشريع يختص بأهل البيت في هذه الآية وتشريع يكون لسائر المسلمين المكلفين ، فالإرادة هنا تكون تكوينية لا محالة . ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ) و ( الرجس ) إذا رجعنا إلى اللغة ، فيعم الرجس ما يستقذر منه ويستقبح منه ،ويكون المراد في هذه الآية الذنوب ، ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ) ، أي إنما يريد الله بالإرادة التكوينية أن يذهب عنكمالذنوب أهل البيت ، ويطهركم من الذنوب تطهيرا ، فهذا يكونمحصل معنى الآية المباركة . إن إرادة الله التكوينية لا تتخلف ، وبعبارة أخرى : المرادلا يتخلف عن الإرادة الإلهية ، ( إذا أراد شيئا أن يقول له كنفيكون ) ( 3 ) . فإذا كانت الإرادة تكوينية ، والمراد إذهاب الرجس عن أهل البيت ، فهذا معناه طهارة أهل البيت عن مطلق الذنوب ، وهذا واقعالعصمة ، فتكون الآية دالة على العصمة . الإرادة التكوينية والجبر : ويبقى سؤال : إذا كانت الإرادة هذه تكوينية ، فمعنى ذلك أن نلتزم بالجبر ، وهذا لا يتناسب مع ما تذهب إليه الإمامية من أنه لاجبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ، هذه الشبهة موجودة في الكتب ، وممن تعرض لها ابن تيمية في منهاج السنة وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة في كتبهم بما ملخصه : . إن الله سبحانه وتعالى لما علم أن هؤلاء لا يفعلون إلا ما يؤمرون ، وليست أفعالهم إلا مطابقة للتشريعات الإلهية من الأفعالى والتروك ، وبعبارة أخرى : جميع أفعالهم وتروكهم تكون مجسدة للتشريعات الإلهية ، جميع ما يفعلون ويتركون ليس إلا ما يحبه الله سبحانه وتعالى أو يبغضه ويكرهه سبحانه وتعالى ، فلما علم سبحانه وتعالى منهم هذا المعنى لوجود تلك الحالات المعنوية في ذواتهم المطهرة ، تلك الحالة المانعة من الاقتحام في الذنوب والمعاصي ، جاز له سبحانه وتعالى أن ينسب إلى نفسه إرادةإذهاب الرجس عنهم . وهذا جواب علمي يعرفه أهله ويلتفت إليه من له مقدار من المعرفة في مثل هذه العلوم ، والبحث لغموضه لا يمكن أن نتكلم حوله بعبارات مبسطة أكثر مما ذكرته لكم ، لأنها اصطلاحات علمية ، ولا بد وأن يكون السامعون ( القارؤن) على معرفة ما بتلك المصطلحات العلمية الخاصة . وعلى كل حال لا يبقى شئ في الاستدلال ، إلا هذه الشبهة ، وهذه الشبهة قد أجاب عنها علماؤنا ، وبإمكانكم المراجعة إلى الكتب المعنية في هذا البحث بالخصوص ، حتى في كتب علم الأصول أيضا . أتذكر أن بعضهم يتعرض لمبحث آية التطهير بمناسبة حجية سنة الأئمة ، حجية سنة أهل البيت ، ومنهم العلامة الكبير السيد محمد تقي الحكيم في كتابه الأصول العامة للفقه المقارن ، هناكيطرح مبحث آية التطهير ، ويذكر هذه الشبهة ويجيب عنها بماذكرت لكم بعبارة مبسطة بقدر الإمكان ، وهناك أيضا موارد أخرىيتعرضون فيها لهذه الشبهة وللإجابة عنها . |
![]() |
![]() |
#8 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
وحينئذ ، إذا كان المراد من أهل البيت خصوص النبي والأربعة الأطهار ، وإذا كان المراد من إذهاب الرجس إذهاب الذنوب ،والإرادة هذه إرادة تكوينية لا تتخلف ، فلا محالة ستكون الآيةالمباركة دالة على عصمة الخمسة الأطهار فقط .
ومن يدعي العصمة لزوجات النبي ؟ ومن يتوهم العصمة فيحق الأزواج ، لا سيما التي خالفت قوله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ) ( 4 ) ، الآية المباركة الواردة في نفس السورة ، والتي تكون تكون آية التطهير في سياق تلك الآية ، وهل يكفي أن يقال بأنها ندمت عما فعلت وكانت تبكي ، فخروجها على إمام زمانها أمر ثابت بالضرورة ، وبكاؤها وتوبتها أمر يروونه هم ، ولنا أن لا نصدقهم ،ومتى كانت الرواية معارضة للدراية ؟ ومتى أمكننا رفع اليد عن الدراية بالرواية ؟ وكيف يدعى أن تكون تلك المرأة من جملة من أراده الله سبحانه وتعالى في آية التطهير . نعم ، يقول به مثل عكرمة الخارجي العدو لأمير المؤمنين بل للنبي وللإسلام . بعض التحريفات في كتب القوم ورأيت من المناسب أن أذكر لكم نقطة تتعلق بآية التطهير ،وبالحديث الوارد في ذيل الآية المباركة ، ومن خلال ذلك تطلعون على بعض التحريفات في كتب القوم . إن من جملة الأحاديث الواردة في مسألة آية التطهير ونزولها في أهل البيت : هذا الحديث عن سعد بن أبي وقاص ، وهو بسند صحيح ، مضافا إلى أنه في الكتب الصحيحة ، كصحيح مسلم ،وصحيح النسائي وغيره : يقول الراوي : عن سعد بن أبي وقاص : أمر معاوية سعدا فقال :ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ يعني عليا . يقول معاوية لسعد بن أبي وقاص لماذا لا تسب عليا ، وكأنه أمره أن يسب فامتنع ، فسأله عن وجه الامتناع . فقال : أما إن ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله فلن أسبه . يقول سعد : لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول له وخلفه في بعض مغازيه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلى آخره ، وسمعته يقول يوم خيبر : سأعطي الراية غدا رجلا إلى آخره ، الخصلة الثالثة : ولما نزلت : ( إنمايريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) دعا رسول الله عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال :اللهم هؤلاء أهل بيتي . هذا الحديث تجدونه في صحيح النسائي وفي غيره من المصادر . ترون في هذا اللفظ أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أو ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ بهذا اللفظ ، وهذا اللفظ ترونه في صحيح مسلم وفي غيره من المصادر أيضا . لكن النسائي يروي هذا الحديث بنفس السند في موضع آخر من كتابه يريد أن يلطف اللفظ ويهذب العبارة فيقول عن سعد :كنت جالسا ، فتنقصوا علي بن أبي طالب فقلت : قد سمعت رسول الله يقول فيه كذا وكذا . كنت جالسا فتنقصوا علي بن أبي طالب ، أين كان جالسا ؟ وعند من ؟ ومن الذي تنقص ؟ تصرف في الحديث . ثم يأتي ابن ماجة فيروي هذا الحديث باللفظ التالي : قدم معاوية في بعض حجاته ، فدخل عليه سعد . فذكروا عليا فنال منه ،فغضب سعد . فذكروا عليا ، من ذكر عليا ؟ غير معلوم ، فنال منه ، من نال من علي ؟ غير معلوم ، فغضب سعد وقال : تقولون هذا لرجل سمع ترسول الله يقول له كذا وكذا إلى آخر الحديث . ثم جاء ابن كثير ، فحذف منه جملة : فنال منه فغضب سعد ،فلفظه : قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد ، فذكرواعليا ، فقال سعد : سمعت رسول الله يقول في علي كذا وكذا . نص الحديث بنفس السند في نفس القضية . أترون من يروي القضية الواحدة بسند واحد بأشكال مختلفة ،أترونه قابلا للاعتماد ؟ أترونه يحكي لكم الوقائع كما وقعت ؟ أترونه ينقل شيئا يضر مذهبه أو يخالف مبناه أو ينفع خصمه ؟ ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أن تبقى فضائل أمير المؤمنينودلائل إمامته وولايته بعد رسول الله ، أن تبقى في نفس هذه الكتب ، وسنسعى بأي شكل من الأشكال لأن نستخرجها ، نستفيد منها ، نبلورها ، وننشرها ، وهذا ما يريده الله سبحانه وتعالى . ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نورهولو كره الكافرون ) ( 5 ) . وصلى الله على محمد وآله الطاهرين . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ›. ( 3 ) سورة يس : 82 . ( 4 ) سورة الأحزاب : 33 . ( 5 ) سورة التوبة : 32 . |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |