![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
الأصل الأول في تطور الجامعات في الجانب العلمي هو جهاد النفس
إذا عرف الجامعيون أسرار جهاد النفس ومدى تأثيره على قوّة الإنسان الروحية والفكرية، سوف يصبح جهاد النفس الأصل الأوّل في التطوّر العلمي في جميع الجامعات. وهذا ما قد أثبته علم النفس أيضا. يعتقد علماء النفس أن «نسبة الذكاء» لیست العامل الرئيس في النجاح والإبداع العلمي، بل هو مفهوم آخر وعندما يشرحون هذا المفهوم نجد أنه جهاد النفس بعينه. في أحد الاختبارات، جمع المحققون مجموعة من طلاب الابتدائية في غرفة وجعلوا فيها حلويّات، قم قالوا لهم: «العبوا ما شئتم ولكن لا تأكلوا الحلويّات حتى نرجع، ولكي نعطيكم جوائز». بعض الأطفال لم يبالوا بهذا القانون وبدأوا بأكل الحلويّات، وبعضهم صبروا فترة ثم بدأوا بأكلها بعد نفاد صبرهم وبقي قلة قليلة من الأطفال صبروا إلى النهاية ولم يأكلوا من الحلويّات شيئا. ثم بعد إجراء اختبارات عديدة أخرى على هؤلاء الأطفال ومتابعة حياتهم بدراسات وإحصاءات عديدة، خرجوا بنتيجة أن هؤلاء الأطفال الذين لم يستعجلوا بأكل الحلويّات كانوا في الواقع أكثر سيطرة على أنفسهم، وتوفّقوا أكثر في حياتهم حتى وإن كانت نسبة ذكائهم أقلّ من غيرهم. لماذا قال سماحة السيد القائد: «لا تروجوا الموسيقى في الجامعات»؟! لم يكن السبب هو حرمة بعض أنواع الموسيقى وحسب إذ لا خصوصية لحرمتها في الجامعات، فلعلّ السبب من ذكر الجامعات بالخصوص هو ضرورة حفظ المستوى العلمي والقدرة على إنتاج العلم في الجامعات. كان يقول الإمام الخميني(ره) وكذلك المرحوم شاه آبادي(ره) أن الشاب المدمن على الموسيقى قد هدم قسما من طاقاته الذهنية والروحية ولا تبقى له طاقة بعد للنشاط العلمي، إذ أن الموسيقى تسلب الإنسان قدرته على التركيز. قد يقول البعض: «بالعکس؛ الموسيقى تزيدنا تركيزا»! ولكن الحقيقة هي أننا لا ينبغي أن نتكل على الموسيقى من أجل التركيز، بل يجب أن نتدرب على التركيز بلا هذه العوامل، وإلا فسوف تضعف قوانا الذهنيّة. ولذلك كان يقول الإمام الخميني(ره) إن الشاب الذي يدمن على الموسيقى لا تبقى له قوّة وطاقة بعد؛ فقد قال الإمام الخميني(ره): «الإذاعة والتلفزيون التي ينبغي أن تكون معلّمة، يجب أن تقوّي الشباب وتمنحهم قوّة. لا ينبغي للتلفزيون أن يبث الموسيقى عشر ساعات، ويسلب شابّنا قوته ويجعله في حالة من النشوة والخلسة، فهذه تشبه المخدّرات ولا تفرق عنها كثيرا وتسبّب حالة من النشوة»[صحيفة الإمام(الفارسية)، ج9، ص205] وكذلك قال الإمام(ره): «ومن جملة القضايا التي تخدّر الأدمغة هي الموسيقى. فعندما استمع دماغ الإنسان إلى الموسيقى فترة من الزمان، يتحول هذا الدماغ إلى دماغ إنسان غير جادّ، فإنها تخرج الإنسان عن جدّيته وتلفته إلى قضايا أخرى. كل هذه الوسائل التي ذكرنا بعضها وقد أعدوا إلى ما شاء الله من هذه الوسائل، كلها في سبيل إغفال الشعب عن مقدّراته وإلفات أنظاره إلى قضايا أخرى وحرفه عن قضايا اليوم حتى لا يزاحمهم...»[صحيفة الإمام(الفارسية)ج9، ص200] وكذلك قال الإمام الخميني(ره): «الإنسان المدمن على المخدرات لا يهتمّ بالبلد. الإنسان الذي أدمن دماغه على الموسيقى لا يستطيع أن يفكر بالبلد»[صحيفة الإمام، ج9، ص464] طبعا كان الإمام الخميني(ره) يتخذ أحيانا مواقف أصلب وأشد تجاه الموسيقى، فعلى سبيل المثال قال: «إذا أردتم لبلدكم أن يكون سالما وبلدا حرّا وبلدا مستقلا، ينبغي أن تتعاملوا مع القضايا بجدّ وتبّدلوا الراديو والتلفزيون إلى أجهزة تعليميّة. احذفوا الموسيقى، ولا تخشوا من أن يرموكم بالرجعيّة لكوننا حذفنا الموسيقى. لا بأس أن نكون رجعيّين! فلا تخشوا. هذه الكلمات خطة لإرجاعكم عن العمل الجادّ. ما يقال من أنه إن حذفت الموسيقى من الراديو فسيحصل الناس على الموسيقى من أماكن أخرى، [فهو كلام غير صائب] دعوهم يأخذونها من مكان آخر، ولكن أنتم لا تلوّثوا أنفسكم، وبعد ذلك فسيرجع الآخرون إلى هنا شيئا فشيئا. ليس هذا بعذر صحيح أنه إن خلا الراديو من الموسيقى فسيذهب البعض إلى مكان آخر لتحصيلها. فإذا حصلوا على الموسيقى من مكان آخر، هل ينبغي لنا أن نقدم لهم الموسيقى؟! وهل يجوز لنا أن نخون؟! إن هذا السلوك لخيانة للبلد وخيانة لشبابنا. احذفوا الموسيقى بتاتا واستبدلوها بشيء تعليمي مفيد. وعوّدوا الناس وشبابنا شيئا فشيئا على التعلّم، وأرجعوهم من عادتهم الخبيثة تلك. عندما تلاحظون أن شبابنا يذهبون إلى نغمات أخرى إن فقدوها هنا، فإنما ذلك بسبب عادتهم! وهذا ما يدلّ على أنهم قد فسدوا. والآن فنحن مكلفون بإرجاع هذا الجيل الذي قد فسد إلى الصلاح، وأن لا نسمح لصغارنا أن يفسدوا ونقف أمام ذلك. لابدّ أن تحمل هذه المسائل على محمل الجدّ»[صحيفة الإمام،ج9، ص205] وكذلك قال في كلمة أخرى: «كانت الإذاعة والتلفزيون في زمن الطاغوت تباشر بنشاطات طاغوتية. كانت قد صبت نصف نشاطها في تضعيف شبابنا بالموسيقى. الموسيقى تضعّف روح الإنسان وتسلب الإنسان استقلاله الفكري. كان نصف نشاط الراديو والتلفزيون بث الموسيقى. حاولوا أن تتركوا الموسيقى. لا تزعموا أن الموسيقى هو أمر لازم للبلد المتطوّر. الموسيقى تخرّب أدمغة أطفالنا وتفسدها. إذا كانت الموسيقى تقرع أسماع الشابّ بشكل مستمر، فإنه لا يقدر على مواصلة العمل ولا يقدر على التفكير الجادّ. وهذا هو السبب من تأكيدى على حذفها. ولعلّى عشر مرّات أو أكثر قد أكدت على السيد قطب زاده (مسؤول الإذاعة والتلفزيون يومذاك) وقلت له أن احذف الموسيقى من الإذاعة، ولكنه يقول: «لا یمکن». أنا لا أعلم ما معنى «لا يمكن»؟ ولماذا لا يمكن؟ اسمعوا كلامي. أنا أقول إن عملنا بشيء لصلاح شعبنا، ثم جاء الغربيون أو المتغرّبون وعابوا علينا واتهموا فعلنا بالرجعيّة، فهل ينبغي أن نترك عملنا ونذهب وراءهم، أو يجب أن نرى مصلحتنا؟ يجب علينا أن نتأمل في أن هذا الجهاز الذي يجب أن يكون معلّما ومربّيا وبنّاء للشعب، لا ينبغي أن يديره الإنسان بطريقة بحيث يغفل الناس عن مقدّراتهم ويصبح همّهم هو الجلوس أمام التلفاز وتلقّي هذه البرامج بسمعهم وأبصارهم، ثم يفسد باطنهم بعد أيّام قليلة ويفرغ من محتواه. لا تخافوا من أن يرموكم بالرجعيّة. لق نسبوا لنا ذلك خمسين سنة، وليقولوا ذلك بعد هذا فها نحن كذلك. تلقوا هذه المسائل بجدّ ولا توجّهوا آذانكم إلى أوروبّا لتروا ماذا تقول. وإذا أردتم أن تحسنوا في العمل فلابدّ أن تفرّغوا الإذاعة والتلفزيون من القضايا المضعّفة لقلب الإنسان ولدماغة والتي تبعد الإنسان من إنسانيّته وتسلبه استقلاله الفكري.»[صحيفة الإمام(الفارسية)، ج9، ص156ـ158] كلما شاهد الإنسان أنه يعاني من ضعف غير معقول في حياته الدنيويّة، فليعرف بأنّه قد فرّ من جهاد النفس في أحد مواطنه. ![]() |
![]() |
#2 |
موالي فعال
![]() |
![]()
إليك ملخّص الجلسة السادسة عشر من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
الأهداف الدنيوية والأخروية لجهاد النفس لقد درسنا في الأبحاث السابقة لحد الآن ضرورة جهاد النفس وآثاره. وفي تكملة البحث نحن بصدد الحديث عن هدفين رئيسين لجهاد النفس؛ أحدهما الهدف الدنيوي والآخر الهدف الأخروي لجهاد النفس. لقد ذكرنا في الجلسة السابقة أحد الأهداف الرئيسة والمهمّة لجهاد النفس وجرى الحديث حوله باختصار. وكان الهدف عبارة عن أننا إذا سيطرنا على هوى نفسنا واستطعنا أن نسيطر على بعض رغباتنا الدانية، سوف نحظى بشخصيّة أقوى تمكّننا من نيل أهدافنا الدنيوية بشكل أفضل. وإن جهاد النفس هذا من أجل الحصول على الأهداف الدنيوية أمر ضروري لمجتمعنا وجميع المجتمعات البشريّة. إذا كان أهل العالم يمارسون المعاصي وينخدعون بمكائد إبليس، فذلك بسبب أن قد كُذِب عليهم بأن سوف يتمتعون بمزيد من اللذات في هذه الدنيا عبر المعاصي والذنوب، مع أن الواقع هو أن ترك جهاد النفس، يؤدي إلى قلة التذاذ الإنسان في هذه الدنيا فضلا عن الآخرة. إنّ استقبال المصاعب وإيجاد النظم والانضباط في الحياة وتكوين شخصية أقوى عبر جهاد النفس، هي من العوامل التي تقوّي الإنسان على الاستمتاع بلذائذ الحياة الدنيا. إن ترك اللذة تمهّد الإنسان للالتذاذ، إذن أحد أهداف جهاد النّفس المهمّة هو إعمار حياة الدنيا، إذ أنها تزيد الإنسان قوّة وقدرة على التركيز، في حين أن اتباع الهوى مدعاة لذلّ الإنسان وضعفه وهوانه وبالتالي عجزه عن إعمار دنياه. كما يمكن مشاهدة آثار جهاد النفس في مجال الصحة وسلامة النفس أيضا. فعلى سبيل المثال الإنسان الذي يجاهد نفسه ولا يكذب، يحظى باطمئنان ولا يتشوّش باله ولا شكّ في أن الحياة الأفضل بحاجة إلى هذا الاطمئنان. وإن كان أحد أهداف جهاد النفس المؤكدة هو الحصول على حياة أفضل في الدنيا، ولكنّه هدف فرعي، إذ سرعان ما ينتهي أمد الحياة الدنيا. وأيّ إنسان سليم يقنع بعمران دنياه فقط، مع أنه سرعان ما تمرّ وينتهي شوطها؟ فمثل هذا الهدف ليس بهدف سام وقيّم بأن نهدف إلى حياة أفضل في هذه الدنيا عبر جهاد النفس، فلا ينبغي أن نعتبر الحياة الدنيوية الأفضل هدفا رئيسا لجهاد النفس، بل ينبغي أن نعتبرها هدفا فرعيا وأحد فوائد جهاد النفس. بعض الأحيان عندما يشاهد الإنسان بعض هذه البرامج في القنوات والفضائيات والتي تستضيف شخصية موفقة وناجحة مثلا، يشعر بالمهانة من شدّة الأهداف النازلة التي تروج لها هذه البرامج. فتراهم يستضيفون الضيف الناجح والموفّق في الحياة ويصفق له الجمهور وهو يطرب لصوت التصفيق، وإذا به لم يصل إلّا إلى هدف بسيط جدا ومحدود بأيام قليلة من هذه الدنيا. وفي الواقع إنجازه هو أن يصفق له جمهور البرنامج ولا غير! ولا يسأل أحد عن مدى حفاظه على اطمئنانه وعقله وفطرته وصفا باطنه. ويودّ بعض الناس أن يدّنسوا ساحة السياسة بهذا الانحطاط، بحيث يحدّدوا نطاق النجاح السياسي ونجاح الناشط السياسي بإنجاز الأهداف المحدودة بهذه الدنيا. فتعسا لمثل هذا الفكر العار على البشر. لقد اجتاز البشر من هذه المرحلة. متى صارت الأهداف السياسية محدودة بإعمار الدنيا؟! فإنّ هذا الفكر هو عين الوثنية وعين الحماقة والجهل والسفاهة، ولابدّ من إيجاد ثورة على مثل هذه الرؤى المنحطّة، وإلا فلا تخلو أوساطنا السياسية من أناس منحطّين بحيث يقلّلون أهداف الإنسان السامية في شعاراتهم السياسية إلى مستوى هذه الدنيا الدنيّة. طبعا لا يقتصر هذا الكلام بموضوع السياسة، بل يجب أن تكون أهداف جميع النشاطات الاجتماعية والإنسانية أسمى من هذه الدنيا، وكذلك إن واجهنا أيّ مفهوم مرتبط بالنجاح والتوفيق، من قبيل مؤشرات الإنسان الموفّق، أو الأسرة الناجحة أو المجتمع السالم والمتطوّر، أو النظام السياسي الناجح، أو النظام الاقتصادي الناجح، لابدّ أن لا نحدّد التوفيق والنجاح في هذه الأصعدة المختلفة بالنجاح الدنيوي، وإلّا فيكون تعريفنا عن النجاح والتوفيق أقلّ من شأن الإنسان. لماذا نريد أن نجاهد أنفسنا؟ قسم صغير من آثار جهاد النفس هو تحسين الحياة الدنيا، ولابد من تحسين الدنيا لتحلو حياة المؤمنين وتزداد صفاء ولذّة وقوّة وتكون أفضل من حياة غير المؤمنين ونحن لا نغضّ الطرف عن هذا الجانب، ولكننا لا ننظر إلى هذا الجانب كهدف أصلا، بل ننظر إليه كواحدة من فوائد جهاد النفس. كما أنك عندما تريد أن تذهب إلى مشهد، لابدّ لك أن تمرّ بمدينة نيشابور، ولكن ليست نيشابور بهدف في سفرك، بل هي إحدى فوائد الذهاب إلى مشهد. فليس من الصحيح أن تقول أنا بصدد الذهاب إلى مشهد وكذلك الذهاب إلى نيشابور! إذ عندما تلاحظ الهدف الأقصى، عند ذلك تتحقق الفائدة ويُنجز الهدف المتوسط والداني بطبيعة الحال. لا ينبغي أن نحدّد الهدف من جهاد النفس باعتباره الطريق الوحيد، بتحسين الدنيا وإعمارها وتكوين حياة أيسر. فنحن بصدد جهاد النفس في سبيل تحقيق هدف مهمّ جدا. فما هو ذلك الهدف المهم الذي قدّر الله أن يكون الطريق إليه يمرّ من جهاد النفس؟ وما هو ذلك الحدث المهم الذي يجب أن نجاهد أنفسنا في سبيل تحقيقه، ونستمر بجهاد النفس حتى تعمّر آخرتنا فضلا عن دنيانا؟ لقد تمّ تحديد هذا الهدف السامي من قبل الله، ولكن يجب علينا معرفته فقط. صحيح أن بعض الناس قد لا يرتاح عندما يرى أنه لا دور له في تحديد الهدف الرئيس من حياته، ولكن لا مفرّ من ذلك، إذ يجب أن نسأل خالق الإنسان أن لأيّ غاية خلقنا؟ فإنك إن عرفت هذا الهدف جيّدا، تستطيع أن تعشقه. أمّا من كان باردا لا حافز له ولم يحمل القوّة والطاقة اللازمة لسلوك هذا الطريق الوحيد، فهو لم يتعلق بهذا الهدف بعد. إن جاذبية هذا الهدف أقوى من جاذبيّة الأرض التي تسحب الأشياء إليها وكذلك أقوى من جاذبية القمر الذي يسبب مدّ البحر. فهل لله جاذبية أيضا؟! نعم ومن المؤكد أن الله جذّاب. وقد خلقنا لنصل إلى الله ونلتذّ بالقرب منه. (إنّا لله وإنا إليه راجعون) و (و إليه المصير). إن يوم القيامة بمثابة الشارع الذي يجب أن نجتازه في سبيل الوصول إلى حيّنا وهي الجنة، وهناك يحدث الحدث الرائع الذي لا يوصف وهو لقاء الله سبحانه. لقد خُلِقت في سبيل لقاء الله وقد صنعت من أجله. إن خالقك هو الذي حدّد هدفك ولم يسمح لك بتحديد هدفك الرئيس. إلهي! لماذا خلقتني؟! فإن سألته يجبك: لقد جئت إلى هذه الدنيا لتستمتع بالراحة واللذة. لقد خُلِقت من أجل اللذة ولكنك تطلب اللذة الحقيقية، وأمّا اللذّات الفانية فتؤذيك وتضرّك. لقد صنعتك من أجل لذّة عظيمة جدا، وهي لذّة لقائي. فقد خلق الإنسان في سبيل لقاء الله. كلّ لذة تفنى وتنفد ما عدا لذة لقاء الله فإنها غير متناهية. يتبع إن شاء الله... |
![]() ![]() |
![]() |
#3 |
موالي فعال
![]() |
![]()
جميع الناس ـ شاءوا أم أبوا ـ سائرون في سبيل لقاء الله
يقول الله سبحانه في القرآن: (یا أَیُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ کادِحٌ إِلى رَبِّكَ کَدْحاً فَمُلاقیه)[الانشقاق/7] وكما تلاحظون لم يأت خطاب الآية بصيغة «یا أيها الذين آمنوا»، بل قد خاطب جميع الناس، يعني جميع الناس ـ شاءوا أم أبوا ـ سائرون في سبيل لقاء الله، ولكن بإمكان الإنسان أن يدير محنه ومصاعبه بحيث يحظى بلقاء أمتع وأجمل مع الله، وكذلك يستطيع أن يتجرّع المصاعب والمتاعب بلا هدف وبرمجة، وبلا أن تترك أثرا إيجابيا على لقائه مع الله. إن لقاء الله ممتع جدّا، وإنما أصحاب القلوب السوداء فقط لا يستطيعون أن يفكّرون بهذا اللقاء. فمن كان يحظى بشيء قليل من صفاء القلب قادر على إحساس حلاوة لقاء الله. طبعا إن حلاوة لقاء الله تختلف عن باقي اللذّات كلها، إذ أن الله هو الخلّاق. قد يصدف أن نرى إنسانا غير جميل يرسم لوحة جميلة جدّا، ولكن الله سبحانه ليس هكذا، إنه خالق الجمال ولا شك في أنه أجمل من كل جمالٍ خلقه. إن هيجان لقاء الله هيجان غير متناهٍ، بحيث يواجه المؤمن لذّة جديدة في أيّ لقاء، فينسى بها اللذّات السابقة. إن الله موجود غير محدود، وكذلك لا حدّ للذّة لقائه. قد يسأل سائل: ألا نضجر من الجنّة؟! كلا! لأننا سوف نتمتع في الجنة بلقاء الله ولن يصبح هذا اللقاء أمرا مكرّرا رتيبا، و نحن قد خلقنا من أجل الاستمتاع بلقاء الله نفسه. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يذيقك ـ أخي العزيز ـ شيئا قليلا من لذّة لقائه في الصلاة، فبعد ذلك تقطّع نفسك وترضى بكلّ شيء في سبيل أن تزداد حظّا من هذه اللذّة اللا نهائية. وبعد ذلك تبقى خجلا من الله سبحانه لشدّة منّه عليك ولا تزال تشعر بالبهجة والسرور بذلك اللقاء، وتقضي باقي أيام حياتك باشتياق هذا اللقاء وانتظار تجربة أخرى من ذلك اللقاء، وتبكي شوقا لساعة اللقاء وما أجملها من ساعة. ثم تُكرَه على البقاء في هذه الدنيا ولو كان الأمر بيدك لغادرتها شوقا إلى لقاء الله. وأساسا تتغير ماهية حياتك في هذه الدنيا بعد تجربة لقاء الله في الصلاة. أنا لا أدري ما الذي تريدون أن تفعلوه في سبيل نيل شيء من لقاء الله في هذه الدنيا، هل تريدون أن تذكروا الله كثيرا، أو تدمنون على دعاء جوشن الكبير مثلا، أو تريدون أن تصلّوا بكل أدب وخضوع، أو عزمتم على ترك بعض اللذات في سبيل إدراك تلك اللذة العظيمة، أو تريدون أن تقطّعوا أنفسكم إربا إربا... لا أدري ماذا سوف تفعلون، ولكن اسألوا الله أن يذيقكم طعم لقائه، وادعوا لي أنا المسكين الذي أكثر منكم حرمانا وخيبة. طبعا كل الناس جميعا يلاقون الله سبحانه، ولكن بعضهم سوف يلاقونه في أحسن الحال، وبعضهم يلاقونها في أسوأ الحال. ولقاء كل فرد بالله يختلف عن لقاء الفرد الآخر، فإذا أردنا أن نجسّد تلك الحقيقة الرائعة بألفاظنا الصغيرة نقول: إن البعض لا يجد في لقاء الله سوى ابتسامة ربّه في وجهه، وبعض يضمّه الله إليه، وبعض يباهي به الله وهذه هي ألذّ لذّات العالم. فيا أيها الإنسان الذي تطرب وتنتعش بتصفيق قاعة مليئة بالناس لك، فما تفعل إن صفّق الله لك؟ عند ذلك سوف لا تشتري أهل العالم بفلس أحمر، لشدّة غناك عنهم وشدّة لذّة لقاء الله. سوف يأتي اليوم الذي ندرك فيه كل هذه الحقائق وذلك يوم القيامة. في ذلك اليوم إذا امتنع الله من أن يكلّم أحدا، يكون أشدّ عليه من عذاب جهنّم. سوف ندرك في ذلك اليوم مدى لذة لقاء الله، فإذا امتنع الله من النظر إلى أحد سيكون أشدّ عليه من عذاب نار جهنّم. ليس لنا سوى طريق واحد للوصول إلى لقاء الله وهو جهاد النفس. فبعد أن التفتنا إلى هذا الهدف لابد أن نغض الطرف عن بعض الملذّات والرغائب. من أجل الوصول إلى لقاء الله لابدّ أن نزيد سعتنا، ولكن كيف يتمّ ذلك؟ طريق ذلك هو أن نتطهّر من الأنانيّات ونترك الرغائب حسب البرنامج الإلهي. فإذا أراد أحد أن ينظم برنامجا لجهاد النفس على أساس رأيه وقراراته الشخصيّة، يخاطبه عقله قائلا: «هل تريد أن تبرمج لنفسك بنفسك؟ فعندئذ تبقى أنانيتك على حالها. فإذا أردت «أنت» أن تترك بعض مشتهياتك، تبقى «إنيتك» على حالها وهذا نقض للغرض. لا ينبغي أن يبقى أثر لإنيتك في مقابل الله سبحانه، ولا يسمح الله لأحد أن يتشرّف بلقاء الله إلا بعد أن زالت أنانيته ورغباته أمام الله ومشيئته.لقد خطّط الله برنامجه بحيث تسيطر على شهواتك بأمره وتغض النظر عن بعض لذائذك ولابدّ أن يكون ذلك بأمر الله لا بأمرك، إذ أن طريق زوال «الأنا» هو استلام الأوامر من الله سبحانه. «الحافز» الرئيس في هذا الطريق الوحيد هو «لقاء الله»، ولا يحقّ لك أن تضع برنامجا في هذا الطريق، فإنك لو فعلت ذلك تتكبّر نفسك مرّة أخرى. ليس تكبّر النفس بشيء جيّد، إذ أن الله هو المتكبر ولا غير، فإنّك إن تكبّرت بمقدار ذرّة، لن تجد رائحة الجنة كما في الرواية. فقد قال رسول الله (ص): «یَا أَبَاذَرٍّ، مَنْ مَاتَ وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ کِبْرٍ، لَمْ یَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ یَتُوبَ قَبْلَ ذَلِك» [أمالي الطوسي/538] وكذلك قال الإمام الصادق(ع): «لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ کِبْر» الكافي/2/310] لابدّ أن يطاع الله بنفس برنامجه الذي حدّده؛ لا البرنامج الذي نحدّده نحن. فقد روي عن الإمام الصادق(ع) أن الله قد قال لإبليس: «إِنَّمَا أُرِیدُ أَنْ أُعْبَدَ مِنْ حَیْثُ أُرِیدُ لَا مِنْ حَیْثُ تُرِیدُ» [تفسیر القمي/1/42] فقد برمج الله المقرّرات والمقدّرات وأعلن عن الضوابط المتمثلة بالأحكام الإلهية في الدين. يتبع إن شاء الله... |
![]() ![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |