كيف كانت ميتة أبي بكر

ص 30

خلاصة ما تقدم:

فكون خلافة ابي بكر حقاً هو من الأمر الذي اختلف فيه المسلمون ,وحديث من مات ولم يبايع إمام زمانه مات ميتة جاهلية اتفق عليه المسلمون ,وعدم مبايعة الزهراء عليها السلام لأبي بكر ومفارقتها الدنيا وهي هاجرة له واجدة عليه مما اتفق عليه المسلمون ايضاً, فخلافة أبي بكر على اقل تقدير هي محل للشك عند فريق من المسلمين, ولكن الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين موضع وفاق بين الجميع.
اذن ,فقد بطلت خلافة ابي بكر لإجماع المسلمين على ان فاطمة الزهراء عليها الفسلام وهي سيدة نساء اهل الجنة لم تبايعه أصلاً.
وابو بكر لم يبايع احداً من الأنس, وهذا محل اتفاق بيننا وبينكم ,وبعد بطلان خلافته تكون ميتته ميتة من ليس في عنقه بيعة لإمام حق,او فقل لمطلق إمام ,ومن مات كذلك مات ميتة جاهلية.
واذا كان سيدنا محمد بن عبدالله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى, فكيف نطق عن الهوى في حق ابنته فاطمة عليها السلام بناءً على ما تلتزمون به؟!
وان كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيما اثبته لبضعته فاطمة ناطقاً عن المولى تعالى- وهو كذلك قطعاً -, فكيف تكون فاطمة عند الله سبحانه سيدة نساء اهل الجنة, وهي عليها السلام قد ماتت ولم تبايع ابا بكر الصدّيق.
واذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وهو الناطق عن الحق تعالى – قد فرض لزوم مبايعة الخليفة الشرعي كما اثبته ابناء العامة, فهذا يعني ان الحق تعالى اثبت ميتة الجاهلية لمن مات ولم يبايع خليفة المسلمين.

ص 31

وفاطمة عليها السلام لم تبايع ابا بكر بإجماع المسلمين ,وهي سيدة نساء اهل الجنة,او من جملة الأربعة اللاتي هن سيدات اهل الجنة بإجماع المسلمين ايضاً,فلا مجال للتنازل عن الذي ثبت في حق الزهراء عليها السلام, ولا مجال لتكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك بعد إجماع الأمة على صحته.
وعليه فيتعين تكذيب المحرّفين الوضاعين فيما اخترعوه زوراً في حق ابي بكر, ويكفينا عدم إيمان سيدة نساء العالمين به, فلم يتم إجماع على حق ابي بكر في الخلافة ,وقد بطلت خلافته برواية مخلصي ابنائه, ولم يثبتوا في كتبهم انه بايع احداً من الأنس ,ومن مات ولا بيعة في عنقه إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
وأخيراً, فكون ابي بكر من اهل الجنة متوقف على صحة خلافته, لأنه ان لم تصح خلافته والمفروض انهلم يبايع هو احداً من الأنس ,فتكون ميتته ميتة جاهلية.
ولكن كون الزهراء عليها السلام من اهل الجنة لم يكن متوقّفاً على شيء ,وهو موضع اتفاق بين الأمة, وفي المقابل ثبت أنها عليها السلام فارقت الدنيا وهي ليس فقط لم تبايع ابا بكر ,بل كانت غاضبة عليه, تدعو الله تعالى عليه عقيب كل صلاة.
وحديث من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية لا مجال لتأويله, فلو كانت خلافة ابي بكر خلافة صحيحة لزم ان تكون الزهراء عليها السلام من اهل النار, لأن موتتها ستكون موتة جاهلية –ووالله ما خلفت الجنة إلا لأجلك سيدتي, بل انت الجنة والجنان , والروح والريحان – وللزم ان لا يكون ابوها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صادقاً – والعياذ بالله تعالى – في قوله إنها عليها السلام سيدة نساء اهل الجنة.

ص 32

ونحن لا نستطيع ان نردّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ما ثبت في حق الزهراء عليها السلام, وهو محل اجماع الأمة وثبت في محكم التنزيل بآية التطهير, ولا نستطيع ان نكذّب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله ان من مات وليس في عنقه بيعة فهو من اهل النار, لأنه أيضاً حديث ثابت بإجماع المسلمين ,ويدل عليه القرآن الكريم.
ولكننا اثبتنا من خلال ما أجمع أبناء العاغمة على صحته,ان ابا بكر لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ,وانه لم يكن تابعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وانه أغضب وآذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ,وهذا المعنى لا يمكن لأحد مهما جهد ان يدفعه أو يرده, فصحة خلافته مشكوكة على احسن التقادير.
ولما ان كانت صحة خلافته متوقفة على تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ما نطق به في حق بضعته فاطمة عليها السلام, وتكذيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر, فبطلت خلافة ابي بكر لتوقف صحتها على الكفر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ,ولنمسك عنان قلم التحقيق عن التفصيل , لئلا يبوح بنتائج قطيعة تلزم عما ذكرناه ,فالإمساك أولى, والتفكر أوجب وأولى ,والحمد لله رب العالمين , وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.