القسم الثالث : القائلون بالأمر بين الأمرين.
القسم الثالث : القائلون بالأمر بين الأمرين.
بعدما بيّنا معنى الجبر و معنى التفويض و عرفنا ردود الشيعة الإمامية عليهم علينا أن نبين الرأي المختار عندنا و هو رأي الأئمة عليهم أفضل الصلاة و السلام و لكن تعددت الآراء و التفاسير في قول الإمام الصادق :[لا جبر و لا تفويض بل أمر بين الأمرين] فكل عصر و زمن من الازمنة و كل عالم من العلماء قد فسر الأمر بين الأمرين على طبق مشربه و تأويله لروايات الأئمة.
المسلك الأول هو ما ذهب إليه الشيخ المفيد رحمة الله عليه في شرحه على الإعتقادات: قال الشيخ المفيد:[إن الله عزوجل أقدر الخلق على أفعالهم و مكنهم من أعمالهم و حدّ لهم الحدود في ذلك و نهاهم عن القبائح بالزجر و التخويف و الوعد و الوعيد فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها، و لم يفوض الأعمال إليهم لمنعهم من أكثرها و وضع الحدود لهم فيها و أمرهم بحسنها و نهاهم عن قبيحها فهذا هو الفصل بين الجبر و التفويض]
المسلك الثاني: و قال البعض بأن القصد من الأمر بين الأمرين هو أن الله تعالى قد جعل عباده مختارين في فعل الشيء و تركه مع قدرته في إجبارهم على الفعل أو الترك.
المسلك الثالث: ما ذهب إليه المحقق العراقي في تقريرات بحثه :[ بأنه يصح أن يقال لا جبر في البين لكون أحد مباديء الفعل هو إختيار الإنسان المنتهي إلى ذاته و لا تفويض بملاحظة كون بقية مبادئه الأخرى مستندة إليه تعالى و لا مانع من أن يكون ما ذكرناه هو المقصود بقوله عليه السلام:[ لا جبر و لا تفويض بل أمر بين الأمرين]
المسلك الرابع : هم مسلك القائلين بأن القصد من التفويض المنفي عنه هو تفويض الخلق في نظام الكون و في الخلق و في الصنع و في الصفات التي هي مختصة لله عزوجل فقط لا غير ذلك .
المسلك الخامس : هو مسلك الذين قالوا بأن كل فعل لا يصدر إلا بمجموع القدرتين أي بالقدرة الإلهية و القدرة و الشوق من العبد فالعبد لا يستطيع أن يفعل أي شيء دون دخالة قدرة الله و هو في نفس الوقت ليس مجبراً على ما يفعله بحيث يكون غير مؤثر في فعله.
المسلك السادس ما ذهب إليه المحدث الكاشاني في الوافي ، قال :[ قد ثبت أن ما يوجد في هذا العالم فقد قدر بهيئته و زمانه في عالم آخر فوق هذا العالم قبل وجوده و قد ثبت أن الله تعالى قادر على جميع الممكنات و لم يخرج شيء من الأشياء مصلحته و علمه و قدرته و إيجاده... فأفعالنا و أعمالنا كسائر الموجودات و أفاعيلها بقضائه و قدره و هي واجبة الصدور منّا بذلك و لكن بتوسط أسباب و علل من إدراكاتنا و تفكرنا و ت خيلنا فالفعل إختيار لنا فإن الله تعالى أعطانا القوة و القدرة و الإستطاعة ليبلونا أينا أحسن عملا مع إحاطة علمه، فوجوبه لا ينافي إمكانه و إضطراريته لا تدافع كونه إختيارياً، كيف و إنه ما وجب إلا و بالإختيار...فنحن في عين الإختيار مجبورون بمعنى أننا مجبورون على الإختيار]
|