![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
الإشكال الرابع :
إن معرفة الناس بثبوت الشفاعة لمن أذنب بواسطة الأنبياء والصالحين يخلق عندهم الجرأة على ارتكاب الذنب على أمل نيل الشفاعة منهم يوم القيامة . وهذا الأمر سيؤدي إلى عبثية الأحكام المتعلقة بالجزاء حيث سيضطرب النظام الاجتماعي ويشيع الفساد في الناس وتنتهك أحكام الله التي وضعها لعباده . والجواب عليه : إن مشكلة هذا الإشكال وضعفه : هو أنه تجاهل ظاهرة مهمة في الآيات القرآنية التي تناولت بصورة مباشرة موضوع الشفاعة وقبولها ، وكذلك الآيات التي تحدثت عن خلود الكافرين في النار . . وهذه الظاهرة هي : إن آيات الشفاعة لم تعين على سبيل التحديد أفراد الناس ومجاميعهم ممن تنالهم الشفاعة ، كما أنها لم تعين الذنوب التي تقبل الشفاعة فيها . . فإذا كان الأمر كذلك ، فكيف تطمئن نفس أن تنالها الشفاعة ، وكيف تطمئن أيضا إلى أن ذنبها الذي ترتكبه هو من الذنوب التي تقبل بها الشفاعة . ومن هنا فإن النفس والحال هذه ستبقى متعلقة ، وجلة تتملكها الخشية من ارتكاب الذنب والمعصية خوفا أن لا تكون ممن تنالها الشفاعة ، أو أن يكون ذنبها مما لا تقبل فيه الشفاعة . أما الآيات الشريفة التي تحدثت عن الكافرين وخلودهم في النار وأنواع العذاب ، وعدم غفران ذنوبهم ، فإنها شخصت الإطار العام للصفات والأفعال التي إذا تميز بها الإنسان فإنه يدخل النار ، ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى : * ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) * ( 1 ) . والآية كما ترى تتحدث عن المغفرة يوم القيامة ، وأنها لا تنال الذين ماتوا وهم مشركون . وعلى هذا فكيف تكون الشفاعة موجبة لجرأة الناس على الذنوب والمعاصي ؟ مع أن ارتكاب الذنب من قبل المؤمن لا بد أن تعقبه التوبة طلبا للغفران . . لأن هذه صفة المؤمن بالله تعالى واليوم الآخر ، فإنه دائما يراقب نفسه لئلا يقع في معصية ، فإن استولى عليه الشيطان وأغواه وارتكب المعصية تذكر وتاب إلى الله توبة نصوحا فضلا عن أن يصر على الذنب الواقع منه . فالإيمان ليس لونا نضفيه على الإنسان ، بل هو يتجسد في المحتوى الداخلي للإنسان وعلاقته بربه وسلوكه الاجتماعي المنضبط بأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه . ولعل ما يشير إلى ذلك الآية الشريفة : * ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) * ( 1 ) . فالآية القرآنية هنا تتحدث عن صنف من الناس حددت طبيعة سلوكهم ولم تعين أشخاصهم . . كما أنها لم تحدد نوع الفاحشة أو الظلم . . ولكنها تشير إلى أنهم بعد ارتكابهم الظلم والفاحشة يذكرون الله ويستغفرون لذنوبهم وأنهم لا يصرون عليها . . هؤلاء الناس يغفر الله ذنوبهم ، ولولا الاستغفار لما نالوا هذا الوعد الإلهي بغفران ذنوبهم . وإلى ذلك يشير الحديث الشريف ، فعن علي بن إبراهيم ، عن محمد ابن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت هل يخرجه ذلك من الإسلام ؟ وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين ، أم له مدة وانقطاع ؟ فقال ( عليه السلام ) : ( من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الإسلام وعذب أشد العذاب ، وإن كان معترفا أنه أذنب ومات عليه - أي مصرا على الذنب - أخرجه من الإيمان ولم يخرجه من الإسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأول ) ( 2 ) . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |