هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : تحليل وتقييم المخاطر وت... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 26 ]       »     دورة : إدارة منظومة العلاقات ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 34 ]       »     دورة : مشرف السلامة والصحة الم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 22 ]       »     دورة : مشرف السلامة والصحة الم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 21 ]       »     دورة : مشرف السلامة والصحة الم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 20 ]       »     دورة : مهارات التفسير والتحليل... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 18 ]       »     دورة : إدارة مخاطر المؤسسات [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 22 ]       »     دورة : أنظمة التوزيع الكهربائي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 21 ]       »     دورة : المدير المعتمد في الجود... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 19 ]       »     السيرة الذاتية ل اود خالد تفا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 58 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
#1  
قديم 10-21-2011, 11:11 AM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5405 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي العدولُ في حروف المعاني[وآله]



العدولُ في حروف المعاني




مظهر من مظاهر الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم
د/ عبد الله علي الهتاري
أستاذ مساعد بكلية الآداب والألسن/ قسم اللغة العربية
جامعة ذمار/ اليمن
اللافت للنظر في التعبير القرآني دقته في تناول حروف المعاني والمغايرة بينها ؛ إذ نجده يستعمل الحرف لدلالة مقصودة في السياق ، ثم يعدل عنه إلى حرف آخر في السياق نفسه ، مما يدعو ذلك إلى التدبر وإعمال الفهم لإدراك ما وراء هذا العدول من مقاصد ودلالات . ويصعب في هذا المبحث تناول كل مواطن هذا العدول لكثرته وسعته ، وتكفي الإشارة إلى بعض صوره ونماذجه وفق التقسيم الآتي :
أولاً- العدول في حروف الجر :
يبرز هذا العدول من خلال المغايرة في حروف الجر في السياق القرآني وذلك بمجيء بعض الأفعال متعديًا بحرف ، ثم العدول عنه إلى حرف آخر في السياق نفسه ، وكذلك المغايرة لهذه الحروف في تعالقها بالأسماء في السياق نفسه . وهذه المخالفة في تعالق الأسماء والأفعال بالحروف في السياق توحى بدلالات تهمس بها هذه الحروف حينًا وتفصح عنها حيناً آخر ، وهي من الدقائق الداعية لإعمال الفكر والفهم العميق في تتبعها ومعرفة سر العدول فيها ؛ فمن تلك المواطن لهذا النوع من العدول :
1- العدول عن ( على ) إلى ( في ) :
من ذلك قوله تعالى :﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ [سبأ: 24] ، فقد ذكر مع الهدى حرف الجر ( على ) ، فقال :﴿ لَعَلَى هُدًى ، ثم عدل عنه إلى ( في ) مع الضلال ، فقال :﴿ أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ . ولو جرى السياق على نسق واحد ، لكان :( لعلى هدى ، أو على ضلال مبين ) . وقد وقف الزمخشري على سر هذا العدول ، فقال(1) :« لأن صاحب الحق كأنه مستعلٍ على فرس جواد يركضه حيث يشاء ، والضال كأنه منغمسٌ في ظلام مرتبكٌ فيه لا يدري أين يتوجه » .
يقول ابن القيم في سياق تفسيره قوله تعالى(2) :﴿ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ :« في أداة ( على ) سر لطيف ؛ وهو الإشعار بكون السالك على هذا الصراط ، على هدى ، وهو حق ؛ كما قال في حق المؤمنين :﴿ أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ [البقرة: 5]. وقال لرسول الله صلى الله عليه [وآله]وسلم :﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾[النمل: 79] ، والله عز وجل هو الحق ، وصراطه حق ، ودينه حق ، فمن استقام على صراطه ، فهو الحق والهدى ؛ فكان في أداة ( على ) على هذا المعنى ، ما ليس في أداة ( إلى ) ، فتأمله فإنه سر بديع ! » .
واستطرد ابن القيم قائلاً :« فإن قلت : فما الفائدة في ذكر ( على ) في ذلك أيضًا ، وكيف يكون المؤمن مستعليًا على الحق وعلى الهدى ؟ قلت : لما فيه من استعلائه وعلوه بالحق والهدى ، مع ثباته عليه ، واستقامته إليه ، فكان في الإتيان بأداة ( على ) ما يدل على علوه وثبوته واستقامته . وهذا بخلاف الضلال والريب ؛ فإنه يؤتى فيه بأداة ( في ) الدالة على انغماس صاحبه وانقماعه وتدسسه فيه ؛ كقوله تعالى :﴿ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة: 45] ، وقوله :﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ﴾[الأنعام: 39] ، وقولـه :﴿ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ﴾[المؤمنون: 54] ، وقولـه :﴿ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ [هود: 110] .. وتأمل قوله :﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾[سبأ: 24] ، فإن طريق الحق تأخذ علوًا صاعدة بصاحبها إلى العلي الكبير ، وطريق الضلال تأخذ سفلاً هاوية بسالكها في أسفل سافلين » .
ويضاف إلى هذا دلالة السياق وما يفيده من العلو ، في ﴿ لَعَلَى هُدًى ؛ فعلوُّ المكانة والمقام يستوجب علوَّ الإرادة ، ونفاذها واستعلاءها على نوازع التسفل والسقوط ، بإقبالهم على الهدى بمحض اختيارهم ، ويفيد انفساح الرؤية أمام أبصارهم ، فيدركون ما حولهم بوضوح دون حجب أو حواجز ؛ وذلك على النقيض من دلالة التسفل والظرفية في قوله :﴿ أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ ؛ إذ يستتبع ذلك دلالات سلب الإرادة ، وتقييد الحركة ، وانعدام وضوح الرؤية ، وفقدان حرية الفكر ؛ وذلك يؤدي إلى تمزق النفس وتخبطها .
2- العدول عن ( في ) إلى ( على ) :
من ذلك قوله تعالى :﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[النحل: 45- 47] . نجد في هذا السياق القرآني تعدِّي الفعل ( أخذ ) أولاً بحرف الجر ( في ) في قولـه :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ ، ثم العدول عنه إلى حرف الجر ( على ) في قوله :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ؛ لأن إيثار حرف الظرفية مع التقلب قصد به الإدلال على كمال القدرة الإلهية في الوصول بالانتقام إلى من يريد ، مهما بدا للمأخوذ أنه في كمال القدرة والقوة ؛ ذلك أن التقلب يعني حركة الحياة التي أقبل عليها مقترفوا السيئات ، مما يدل على أنهم في كامل صحتّهم وقوتهم ، وكمال سلطانهم وجبروتهم ، وهم في هذه الحال لا يستطيعون أن يفوتوا الله تعالى ويعجزوه هربًا ؛ لذلك ناسب مجيء الفاصلة القرآنية بعدها قوله :﴿ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ﴾(3) .
وأما العدول إلى ( على ) في قوله :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ فإن الاستعلاء فيها يدل على أن الله تعالى زادهم عذابًا فوق عذاب الخوف وآلامه ، وهو بلاء كان قد وقع بهم من قبل ، وأصابهم بأمراض الذعر والقلق وافتقاد الأمن والطمأنينة ، ثم جاء عقابه وأخذهم بما اقترفوه بلاء فوق البلاء ، وعذابًا على عذاب(4) ، فيكون معنى الظرفية في حرف الجر ( في ) قد دّل على كمال قدرة الله في الأخذ والبطش ، وأفاد معنى الاستعلاء في ( على ) الزيادة في التنكيل والعذاب ، فكل حرف قد جاء في موضعه المناسب له ، ولا يمكن أن يحل محله غيره .
وبهذا ندرك أن دلالة حروف الجر ليس في نفسها- كما هو الحال في الأسماء والأفعال- وإنما تكتسب دلالتها من خلال تعالقها بنظم الكلام في السياق ، ويظهر أثر السياق في تخصيص دلالة الحرف وتحديده . فمعنى الاستعلاء في حرف الجر ( على ) قد يفيد في سياق الخير العلو والتفضيل والتشريف ؛ كما هو الحال في قوله تعالى :﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى ﴾[سبأ: 24] ، وفي سياق الأخذ والعذاب ؛ كما هو الحال في قوله تعالى :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ ، أفاد شدَّة العذاب وزيادته ، وكذلك حرف الظرفية ( في ) في قوله :﴿ أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ ، أفاد معنى التسفل والسقوط ؛ لأن السياق سياق ذم وتوبيخ لحالهم ، وقد دلَّ على العكس من ذلك في قوله :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ (النحل: 46) ؛ إذ دلَّ على كمال القدرة في الأخذ والتعذيب ؛ لأن السياق سياق إبراز قدرة وقوة .
3- العدول عن ( في ) إلى ( الباء ) :
من ذلك قوله تعالى على لسان الملأ من قوم نوح في خطاب نبيهم :﴿ قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الأعراف: 60- 61] . فقد جاء حرف الجر ( في ) في كلام قوم نوح لنبيهم بقولهم :﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ، وهذا الحرف يفيد الظرفية ؛ فكأن الضلال أصبح ظرفًا لـه ، وهو مظروف فيه ، يحيط به من كل مكان ، فردَّ عليهم بقوله :﴿ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ ﴾ ، فعدل في جوابه لهم إلى ( الباء ) ، فلم يوافق جوابه قولهم فيكون :( ليس فيَّ ضلالة ) .
وفي هذا السياق نجد أن جواب نوح عليه السلام قد تضمن عدولين : عدولاً نحويًا متمثلاً في العدول عن حرف الجر ( في ) إلى حرف ( الباء ) . وعدولاً صرفيًا متمثلاً في العدول عن المصدر ( ضلال ) إلى اسم المرة ( ضلالة) ؛ وذلك أن اقتران جوابه بـ( الباء ) فيه إمعان في نفي لصوق أدنى ضلالة به ، فضلاً عن انغماسه في الضلال أصلاً . وهذا يؤكده مجيء اسم المرة ( ضلالة ) ؛ لذا ناسب مجيء جوابه لهم بـ( الباء ) عدولاً عن حرف الوعاء ، « مبالغة في نفي اقترابه من الضلال ، وتلبسه به »(5) ، ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الأعراف: 61] ، وهو ما يرد بكثرة في سياق خطاب الأنبياء لأقوامهم . من ذلك قول قوم هود لنبيهم :﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ﴾[الأعراف: 66] ، وجاء ردُّه عليهم :﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ ﴾[الأعراف: 67] .
4- العدول عن ( في ) إلى ( من ) :
ومنه قولـه تعالى :﴿ وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً.. وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾[النساء: 5- 8] . فقد قال ابتداء :﴿ وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا ، فأتى بحرف الجر ( في ) ، ثم عدل عنه إلى حرف الجر ( منه ) ، فقال :﴿ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ ﴾ .
وسر هذا : أن الآية الأولى هي خطاب للأولياء في أموال اليتامى ، بدليل قوله :﴿ وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾[النساء: 5] ، ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ …﴾[النساء: 6] ، ففي قوله :﴿ وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا دعوة إلى استثمار أموال اليتامى ، وأن ينفق عليهم من أرباح المال لا من أصله ، وهو ما أشار إليه الزمخشري بقوله(6) :« وارزقوهم فيها : واجعلوها مكانًا لرزقهم بأن تتجروا فيها ، وتتربحوا حتى يكون نفقتهم من الأرباح ، لا من صلب المال ، فلا يأكلها الإنفاق » .
وهذا المعنى ناشئ من تركيب الفعل (فارزقوهم) مع حرف الظرفية ( في ) ، فجعل الأموال ظرفًا للرزق ومكانًا له ، في حين عدل عن ( في ) إلى ( من ) بعد ذلك في قوله :﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ ﴾[النساء: 8] ؛ لأن المدفوع لذوي القربى واليتامى والمساكين حال حضورهم القسمة هو من أصل مال التركة ، فجاءت ( من ) التبعيضية للدلالة على إعطائهم من بعض الميراث على سبيل المواساة والإحسان .
5- العدول عن ( من ) إلى ( في ) :
من ذلك قوله تعالى:﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ … وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾[ [النحل: 84- 89] . فعدَّى الفعل ( نبعث) بـ( من ) في قوله :﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ﴾ ، ثم عدل عنه إلى ( في ) في قوله :﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ ﴾ .
وهنا ينشأ السؤال الآتي : لماذا لم يطرد السياق ، فيكون :( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً … وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم ) ؟‍ أشار السيوطي(7) إلى أن ( في ) هنا بمعنى :( من ) . فقوله :﴿ فِي كُلِّ أُمَّةٍ ﴾ . أي :( من كل أمة ) ، ويكون قولـه حينئذ :﴿ مِّنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ تكرارًا له .
ويرى الباحث أن القول بتناوب الحروف خروج عن تذوق البيان ، ومعرفة إعجاز القرآن . والذي يظهر- والله أعلم- أن هذا السياق القرآني يقرر الشهادة على مرحلتين : الأولى : مرحلة بعث الشهداء من أممهم ؛ فمن كل أمة يخرج الله شهيدًا منها ، وهذه مرحلة بعث وإخراج فقط . ثم تأتي المرحلة الأخرى والأهم ؛ وهي مرحلة إدلاء الشهادة ، فيدلي كل شهيد على وجه الخصوص بشهادته على أمته . والشهداء هم الرسل والأنبياء ؛ لذا كانت هذه المرحلة أشد من سابقتها على الشهداء والمشهود عليهم ؛ لأنها إدلاء بالشهادة وتقرير بحكم ؛ لذلك ناسب فيها التأكيد والإطناب في تفصيل جنس هؤلاء الشهداء فهم ﴿ فِي كُلِّ أُمَّةٍ ﴾ ، فأفاد حرف الجر ( في ) الظرفية والمخالطة والانغماس . فكل شهيد من هؤلاء قد خبر قومه وعرفهم وخالطهم فهو منهم ، وفيهم قد عاش ودرج ، فكانت ( في ) أدل على هذا المعنى من غيرها .
وأمعن السياق القرآني في تأكيد الشهادة ، وأنها شهادة إدلاء بقولـه أيضًا :﴿ شَهِيداً عَلَيْهِم ﴾ ، وقولـه أيضًا :﴿ مِّنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ ، في حين لم يذكر ذلك في الآية السابقة ؛ إذ اكتفى بالقول :﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ﴾ ، فحسب .
ومنه قوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ [النحل: 10] . وكان يقتضي السياق أن يطرد على نسق واحد فيقول :( منه تسميون ) ؛ لكنه عدل عن ( من ) إلى ( في ) لدلالة أوضحها ابن عاشور بقوله(8) :« والشّجر : يطلق على النبات ذي الساق الصلبة ، ويطلق على مطلق العشب والكلأ تغليبًا ، وروعي هذا التغليب هنا ؛ لأنه غالب مرعى أنعام أهل الحجاز ؛ لقلة الكلأ في أرضهم ، فهم يرعون الشعاري والغابات ، وفي حديث ضَالَّةُ الإِبلِ تَشْرَبُ الماءَ وترعى الشَّجَرَ حتى يأتيَها ربُّها “(9) . ومن الدقائق البلاغية الإتيان بحرف ( في ) الظرفية ، فالإسامة فيه تكون بالأكل منه ، والأكل مما تحته من العشب » .
وقد فهم ابن عاشور هذا المعنى الدقيق لحرف الجر ( في ) من معرفته بحياة بادية الحجاز التي تنزل فيها القرآن ، فجاء المقال موافقًا تمام الموافقة لمقتضى الحال .



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 12:59 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية