تكملة البحث
فلا نستبعد أن تكون آية التطهير نزلت مرتين أو أكثر ، لأنا نبحث على ضوء الأحاديث الواردة ، فكما ذكرت لكم ، بعض الأحاديث تقول أن النبي جمعهم تحت الكساء ثم نزلت الآية، وبعض الأحاديث تقول أن الآية نزلت فجمع رسول الله عليا وفاطمة والحسنين وألقى عليهم الكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي .
فالحديث في :
1 - صحيح مسلم ( 3 ) .
2 - مسند أحمد ، في أكثر من موضع ( 4 ) .
3 - مستدرك الحاكم ( 5 ) ، مع إقرار الذهبي وتأييده لتصحيح الحاكم لهذا الحديث ( 6 ) .
4 - صحيح الترمذي ، مع تصريحه بصحته ( 7 ) .
5 - سنن النسائي ( 8 ) ، الذي اشترط في سننه شرطا هو أشد منشرط الشيخين في صحيحيهما ، كما ذكره الذهبي بترجمة النسائي في كتاب تذكرة الحفاظ ( 9 ) .
ولا يخفى عليكم أن كتاب الخصائص الموجود الآن بين أيدينا الذي هو من تأليف النسائي ، هذا جزء من صحيحه ، إلا أنه نشر أو انتشر بهذه الصورة بالاستقلال ، وإلا فهو جزء من صحيحه الذي اشترط فيه ، وكان شرطه في هذا الكتاب أشد من شرط الشيخين في صحيحيهما .
6 - تفسير الطبري ، حيث روى هذا الحديث من أربعة عشر
طريقا ( 10 ) .
7 - كتاب الدر المنثور للسيوطي ، يرويه عن كثير من كبارالأئمة الحفاظ من أهل السنة ( 11 ) .
وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أن أم سلمة
أرادت الدخول معهم تحت الكساء ، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول ، وقال لها : وإنك على خير أو إلى خير ( 12 )والحديث أيضا وارد عن عائشة كذلك ( 13 ) . .
واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرسل إلى فاطمة ، وأمرها بأن تدعو عليا والحسنين ، وتأتي بهم إلى النبي ، فلما اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي مما يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضية ،ولما أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها ، لم يأمرها بأن تدعو أحدا غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ،وأزواجه في البيت عنده ، وحتى أنه لم يأذن لأم سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء .
إذن ، هذه القضية تدل على أمر وشأن ومقام لا يعم مثل أم سلمة ، تلك المرأة المحترمة المعظمة المكرمة عند جميع المسلمين .
إلى هنا تم لنا المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة .
وهذا الاستدلال فيه جهة إثبات وجهة نفي ، أما جهة الإثبات ،فإن الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الآية في حقهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين فقط ، وأما جهة النفي ، فإنه لم يأذن النبي لأن يكون مع هؤلاء أحد .
في جهة الإثبات وفي جهة النفي أيضا ، تكفينا نصوص الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها من الأحاديث التي نصوا على صحتها سندا ، فكانت تلك الأحاديث صحيحة ،وكانت مورد قبول عند الطرفين .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هامش
( 3 ) صحيح مسلم 7 / 130
( 4 ) مسند أحمد 1 / 330 و 6 / 292 و 323
( 5 ) المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
( 6 ) تلخيص المستدرك ( ط مع المستدرك ) 2 / 416 .
( 7 ) صحيح الترمذي 5 / 327 كتاب التفسير و 627 و 656 كتاب المناقب .
( 8 ) خصائص علي من سنن النسائي : 49 و 62 و 81 ، ط الغري .
( 9 ) تذكرة الحفاظ 1 / 700 .
( 10 ) تفسير الطبري 22 / 5 - 7 .
( 12 ) الدر المنثور 5 / 199 .
( 13 ) أحمد 6 / 292 ، والترمذي ، وغيرهما .
( 14 ) صحيح مسلم 7 / 130 .
|