الدرس الثلاثون : السيدة عائشة وموقفها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم
أما قول بعضهم : بأن هذا الأثر موقوف على عائشة وهي صحابية ، وعمل الصحابة ليس بحجة ، فالجواب هو أنه وإن كان رأيا لعائشة إلا أنها رضي الله عنها معروفة بغزارة العلم ، وفعلت ذلك في المدينة بين علماء الصحابة ، ويكفينا من هذه القصة أنها دليل على أن عائشة أم المؤمنين تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لازال بعد وفاته رحيما وشافعا لأمته وأن من زاره واستشفع به شفع له ، كما فعلت أم المؤمنين ، وليس هو من قبيل الشرك أو من وسائل الشرك كما يغلط به هؤلاء المكفرون المضللون ، فإن عائشة ومن شهدها لم يكونوا ممن يجهلون الشرك ولا مايمت إليه .
فالقصة تدمغ هؤلاء وتثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بأمته في قبره حتى بعد وفاته ، وقد ثبت أن أم المؤمنين عائشة قالت : كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأضع ثيابي ، وأقول إنما هو زوجي وأبي ، فلما دفن عمر معهما فوالله مادخلت إلا وأنا مشدودة حياء من عمر . رواه أحمد
قال الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ج8ص26 ) ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يعترضه الذهبي بشئ ( ج4ص7 ) .
ولم تعمل عائشة هذا باطلا بل هي تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه يعلمان من هو عند قبورهم .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله لليمن : فلعلك تمر بقبري ومسجدي ( رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات إلا يزيد لم يسمع من معاذ )
( كذا في مجمع الزوائد ج 10 ص 55) فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء معاذ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم باكيا وشاهده عمر بن الخطاب على هذا الحال وجرت بينهما هذه المحادثة كما رواها زيد بن اسلم عن أبيه قال : خرج عمر إلى المسجد فوجد معاذ بن جبل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يبكي ، قال : مايبكيك ؟ قال : حديث سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : اليسير من الرياء شرك . قال الحاكم : صحيح ولا يعرف له علة ، ووافقه الذهبي فقال : صحيح ولا علة له ، ( كذا في المستدرك ج 1 ص 4 ) .
وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رواه ابن ماجة والبيهقي والحاكم وقال : صحيح لا علة له وأقره أعني المنذري ( ج 1 ص 32 )
|