أركان الإجارة :
أركان الإجارة :
أركان الإجارة ثلاثة : العقد ،
المتعاقدان ، العوضان .
الركن الأول - العقد :
يحتاج عقد الإجارة - كسائر
العقود - إلى إيجاب وقبول .
واللفظ الصريح الدال على ذلك هو :
آجرتك وأكريتك ( 2 ) ، فيقول : آجرتك هذه
الدار أو أكريتك هذه الدابة وأمثال ذلك ،
فيقول القابل : قبلت أو استكريت أو
استأجرت .
ولا ينحصر لفظ الإيجاب والقبول
في ذلك بل يكفي كل ما دل عليه ، نعم
يشترط أن يكون دالا على مفهوم
الإجارة أما مثل " ملكتك " فلا يقع به
الإجارة ، لأنه يفيد نقل العين بينما تفيد
الإجارة نقل المنفعة ، فإذن لا يصح قصد
الإجارة بمثل " ملكتك هذه الدار " نعم
يصح لو قال : " ملكتك سكنى هذه الدار
سنة " مثلا لإفادته نقل المنفعة ( 1 ) . ومع ذلك
فقد احتمل في الجواهر انعقاد الإجارة
بذلك ونقله عن التحرير ( 2 ) .
المعاطاة في الإجارة :
بحث الفقهاء حول جريان المعاطاة
في الإجارة وعدمه ، ويرجع البحث في
ذلك إلى البحث عن جريان المعاطاة في
البيع وعدمه ، قال في مستند العروة معلقا
على كلام السيد اليزدي : " ويجري فيها
المعاطاة كسائر العقود " : " الكلام في
جريان المعاطاة في الإجارة هو الكلام في
جريانها في البيع ، إذ لا خصوصية فيه ،
فإن البحث المذكور هناك سار في كافة
المعاملات من العقود والإيقاعات بمناط
واحد ، وملخصه :
أنه إن ثبت في مورد بدليل خاص
اعتبار اللفظ أو اللفظ الخاص في تحقق
الإنشاء كما في الطلاق حيث يعتبر فيه لفظ
" طالق " بعد ذكر المرأة اسما أو وضعا ، وكما
في النذر وشبهه واليمين حيث يعتبر فيها
ذكر لفظ الجلالة ، وكما في الزواج الذي
تسالم الفقهاء على اعتبار لفظ ما وإلا
‹ صفحة 226 ›
خرج عن النكاح إلى السفاح فهو المتبع
ولا سبيل معه إلى جريان المعاطاة فيه
بوجه ، وأما ما لم يثبت فيه ذلك فمقتضى
الإطلاقات العامة كوجوب الوفاء بالعقود
وكذا إطلاقات نفوذ البيع مثل قوله تعالى :
( أحل الله البيع ) وغيره من أدلة العقود
من الإجارة وغيرها هو الحكم بالصحة
وإن لم يتحقق العقد باللفظ بل بالفعل المعبر
عنه بالمعاطاة " ( 1 ) .
وقال في المستمسك معلقا على كلام
السيد السابق : " كما صرح به غير واحد
بل قيل : لم يعرف متأمل في ذلك ،
ويقتضيه عموم أدلتها ، لعدم الفرق فيها بين
البيع والإجارة وغيرهما " ( 2 ) .
نعم المنقول عن المحقق النائيني هو
الاقتصار على إجارة الأموال فلا تجري
المعاطاة في إجارة الأعمال إذا كان الأجير
حرا كالخياطة والبناء و . . ( 3 ) .
الركن الثاني - المتعاقدان :
يعتبر في المتعاقدين توفر الشروط
العامة للأهلية وهي :
1 - البلوغ : لا إشكال في اشتراط
البلوغ لو كان العاقد عاقدا لنفسه ، إذ عقده
تصرف في ماله وغير البالغ ممنوع عن
التصرف في ماله على نحو الاستقلال بحيث
يكون هو المؤجر ( 1 ) .
وأما لو كان مجريا للصيغة فقط
سواء كان في ماله أو في مال غيره وكالة
فقد وقع البحث في صحته وعدمه ، فقد
نسب إلى المشهور عدم الجواز لرفع القلم
عن الصبي بينما اختار في مستند العروة
جوازه .
وكذا لو استقل الصبي في البيع
والإجارة ولكن وكالة عن الغير ،
فالمشهور عدم جوازه بينما اختار في مستند
العروة الجواز والصحة أيضا ( 2 ) .
2 - العقل : لا ينبغي الشك في
اشتراط العقل مقابل الجنون المانع من
تحقق القصد ، لتقوم العقد به ومع فقده لا
يتحقق العقد .
وأما إذا كان الجنون في حد لم يمنع
من تحقق القصد فقد جعل في المستمسك
‹ صفحة 227 ›
الكلام فيه كالكلام في عقد الصبي ( 1 ) .
3 - الاختيار : وهو من شرائط
الأهلية العامة أيضا فلا يصح عقد المكره
ولا إيقاعه .
هذا إذا كان عاقدا لنفسه ، أما لو
كان أكره على العقد لغيره ولم يكن - ذلك
الغير - مكرها على مضمون العقد ، ففي
مستند العروة : لا وجه للبطلان ( 2 ) .
4 - عدم الحجر : وهو من شرائط
الأهلية العامة - أيضا - فلا تصح إجارة
المحجور سواء كان سببه الفلس أو السفه
أو الرقية .
هذا إذا كان عاقدا لنفسه ، وأما إذا
كان عاقدا للغير وكالة فلا وجه للبطلان
- كما في مستند العروة ( 3 ) - إذ الأدلة إنما
قامت على منع هؤلاء المحجورين في
أموالهم لا في تصرفاتهم اللفظية التي لا
يترتب عليها تصرف مالي في أموالهم .
الركن الثالث - العوضان :
ويشترط فيهما ما يلي :
1 - ملكية العوضين :
ينبغي أن يكون المؤجر مالكا
للمنفعة التي يؤجرها إما تبعا لملك العين أو
استقلالا كالمالك لمنفعة الدار بالإجارة ، أو
يكون المؤجر مأذونا من قبل المالك
- كالوكيل - أو وليا عنه أو فضوليا يأذن
المالك له بعد ذلك ، وكذلك الأمر بالنسبة
إلى الأجرة .
2 - معلومية العوضين :
ينبغي أن يكون العوضان - في
الإجارة - معلومين ، وقد ادعي الإجماع
على ذلك ، وعليه فلا يجوز الإجارة على
المنفعة المجهولة فضلا عن المبهمة ( 1 ) .
ومعلومية كل شئ بحسبه ( 2 ) .
وتتحقق معلومية المنفعة إما بتقدير
المدة كسكنى الدار شهرا والخياطة
يوما . . . وإما بتقدير العمل كخياطة الثوب
المعلوم خصوصياته ، وإما بتقدير العدد
مثل استئجار الفحل للضراب المرة
والمرتين وأمثال ذلك ( 3 ) .
وعلى أي حال فالمعلومية المطلوبة
‹ صفحة 228 ›
هي الرافعة للجهالة لا الأكثر ( 1 ) فينبغي
تعيين المنفعة بحيث ترتفع الجهالة ولذلك
ينبغي تعيين العين المستأجرة وتشخيصها
فلا يصح إجارة أحد الدارين أو الدور
مثلا ، وينبغي ذكر مشخصاتها إن كانت
كلية أو غائبة على وجه يرتفع الغرر ، كما
يجب تعيين كيفية الانتفاع إذا كان مؤثرا
في الأجرة كإجارة الدابة للحمل أو
للحرث أو للسقي وكإجارة البيت للسكنى
أو العمل وغير ذلك .
وعلى أي حال يجب تشخيص كل
ما يلزم من عدم تشخيصه غرر أو ضرر
على المؤجر أو المستأجر ( 2 ) .
3 - القدرة على التسليم :
يشترط في صحة الإجارة قدرة
المتعاقدين على تسليم العوضين فلا يجوز
إجارة ما لم يقدر على تسليمه كالمال
المغصوب ، وكفاية الضميمة محل تأمل حتى
لو قيل به في باب البيع ، لقيام الدليل فيه
دونه وعدم إمكان التعدية .
ومما يتفرع على ذلك هو أنه : لو
استأجر دارا فمنعه ظالم - قبل قبضها - عن
الانتفاع بها كان بالخيار بين الفسخ وبين
الالتزام والرجوع على الظالم بأجرة المثل
عوضا عما استوفاه ، لأن العقد قد تم مع
تحقق الشرط وهو القدرة على التسليم وإنما
حدث المانع بعده ( 1 ) .
واحتمل في المستند ( 2 ) التفصيل بين
ما كان منع الظالم متوجها إلى خصوص
المستأجر فليس له الخيار وإنما له مطالبة
الظالم أجرة المثل ، وبين ما إذا توجه إليه
وإلى غيره ، فله أن يفسخ أو يرجع إلى
الظالم .
هذا إذا منعه قبل القبض ، وأما لو
منعه بعده فيبقى العقد على لزومه ، لعدم
وجود ما يوجب الفسخ من قبل المالك بل
له الرجوع على الظالم بأجرة المثل فقط ( 3 ) .
4 - إباحة المنفعة :
المعروف بين الفقهاء لزوم إباحة
المنفعة في صحة الإجارة فلا يجوز إجارة
البيت أو الحانوت ليعمل فيه الخمر ، أو
الدابة والسيارة لتحمل عليها ، وأمثال ذلك
‹ صفحة 229 ›
كاستئجار المغنية للغناء .
ولكن نسب إلى البعض حرمة ذلك
تكليفا وصحته وضعا ( 1 ) .
5 - بقاء العين مع استيفاء المنفعة :
ومن شرائط صحة الإجارة أن
تكون العين بحيث تبقى مع استيفاء المنفعة
وقد تقدم في بيان ضابط ما يصح إجارته :
أن كل ما يصح إعارته يصح إجارته ،
ومن المعلوم أن الإعارة لا تصح إلا فيما
تبقى فيه العين مع استيفاء المنفعة منها ،
ولذلك فلا يصح إعارة الخبز كما لا تصح
إجارته أيضا ، وكذا إجارة الحطب
للإشعال ، والشمع للإحراق و . . .
ويعد هذا - في الواقع - من مقومات
الإجارة لا من شرائطها ( 2 ) .
6 - إمكان استيفاء المنفعة من العين :
وهذا الشرط له طرفان :
الأول - إمكان استيفاء المستأجر
المنفعة من العين المستأجرة ، فإذا لم يتمكن
المستأجر من ذلك فلا تصح الإجارة ، كما
في استئجار المرأة الحائض لكنس
المسجد ( 1 ) .
الثاني - أن تكون العين مما يمكن
استيفاء المنفعة المقصودة بها ، فلا تصح
إجارة الأرض للزراعة إذا لم يمكن إيصال
الماء إليها ، لعدم إمكان الزراعة ، وهي
المنفعة المقصودة من مثل تلك الأرض
حسب الفرض ( 2 ) .
.............................................
هامش ص 225
( 2 ) الجواهر 27 : 204 .
( 1 ) الجواهر 27 : 205 .
( 2 ) نفس المصدر .
‹ هامش ص 226 ›
( 1 ) مستند العروة ، الإجارة : 16 .
( 2 ) المستمسك 12 : 5 .
( 3 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 19 ، المستمسك
12 : 5 .
( 1 ) المستمسك 12 : 6 ، مستند العروة : 27 .
( 2 ) مستند العروة : 28 .
‹ هامش ص 227 ›
( 1 ) المستمسك 12 : 6 .
( 2 ) مستند العروة : 27 .
( 3 ) مستند العروة : 26 .
( 1 ) الجواهر 27 : 261 .
( 2 ) العروة : الإجارة ، فصل 1 .
( 3 ) نفس المصدر .
‹ هامش ص 228 ›
( 1 ) مستند العروة : 32 .
( 2 ) الجواهر 27 : 279 - 283 .
( 1 ) الجواهر 27 : 309 .
( 2 ) مستند العروة : 189 .
( 3 ) الجواهر 27 : 310 ، المستمسك 12 : 56
ومستند العروة : 190 .
‹ هامش ص 229 ›
( 1 ) الجواهر 27 : 307 .
( 2 ) مستند العروة : 43 .
( 1 ) العروة : الإجارة ، فصل 1 ، المسألة 1 ،
والمستمسك 12 : 10 ، ومستند العروة ( الإجارة ) :
48 ، تحرير الوسيلة : الإجارة ، المسألة 2 .
( 2 ) المصادر السابقة .
|