هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 10-19-2011, 06:47 AM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الفرق بين جَرَحَ واجْتَرحَ في لغة التنزيل



الفرق بين جَرَحَ واجْتَرحَ في لغة التنزيل

موقع أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم

قال الله عز وجل :﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ (الأنعام:60) ، وقال سبحانه :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(الجاثـية:21) ، فدل على أن بين ( جرح ) ، و( اجترح ) فرقًا في المعنى ، فما هذا الفرق ؟
أولاً- ويجبب الدكتور أنس العمايرة عن ذلك فيقول :

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
( جَرَحَ و اجْتَرحَ ) فعلان قرآنيان متفقان في الجذر اللغوي :( جَرَحَ ) ، كثيرٌ من المفسرين فسر كلا الفعلين بمعنى الكسب . يقول ابن الجوزي- على سبيل المثال لا الحصر- :« وجرحتم بمعنى : كسبتم » ، ويقول :« واجترحوا بمعنى : اكتسبوا » . وإلى ذلك ذهب كثير من أصحاب المعاجم ، يقول أبو بكر الرازي في مختار الصحاح :« وجَرَحَ : اكتسب . وبابه أيضا قَطَعَ ، واجترح مثلُه » . ويقول ابن منظور في لسانه :« وجَرَح الشيءَ واجْتَرَحَه : كَسَبه ، وفي التنزيل :﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ(الأنعام:60) .. وفلان يَجْرَحُ لعياله ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ بمعنى ، وفي التنزيل :﴿ أَم حَسِبَ الذين اجْتَرَحُوا السيِّئات ﴾ . أَي : اكتسبوها » . ويقول الفيومي في المصباح المنير :« جَرَحَ واجْتَرَحَ : عمل بيده واكتسب » . ويقول الفيروز آبادي في القاموس المحيط : « وجَرَحَ كمنع ، واكتَسَبَ كاجْتَرَحَ » . ويقول مرتضى الزبيدي في تاج العروس من جواهر القاموس :« جَرَحَ الشَّيْءَ كَمنع : اكْتَسَبَ ، وهو مجازٌ كاجْتَرَحَ » .
وليس الأمر كذلك ؛ إذ إن لغة التنزيل تأبى ذلك الترادف ، وسنوضح ذلك كلاً في موضعه إن شاء الله تعالى .
حول الأصل اللغوي
( جَرَحَ و اجْتَرحَ ) أصلهما اللغوي من الأصوات الثلاثة :( ج ر ح ) ، وهي دالة- في أصل اللغة- على : شَقّ الجِلْد وتمزيقه بشيء حاد كالسكين وغيره ، ومن ذلك قوله تعالى :﴿ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ (المائدة:45) ؛ ومن هنا أُطلق على كل من يصيد من الطيور والسباع جارحة ؛ لأنها : تجرح الصيد وتشُقّ جِلْدَه ليُمسكه الصائد . ومن ذلك قوله Y :﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ(المائدة:4) ، ثم سُميت هذه الجَوَارِحُ : كَواسب ؛ لأنها تكسب لنفسها ولصاحبها ، فهي تَجْرَحُ لأَهلها . أَي : تَكْسِبُ وتجلب لهم الفريسة . ثم توسع في الاستعمال وشاع ذلك فأطلق على الكسب اسم الجَرح ، حتى أصبح يستعمل الفعل ( جَرَحَ ) بمعنى : عمل وكَسَب . وأصبحوا يقولون : فلان يَجْرَحُ لعياله . أي : يكسب لهم . وفلان جارحُ أَهلِه وجارِحَتُهم . أَي : كاسِبُهم . وفلان ما له جارحة . أَي : ما له كاسِبٌ .
وأُطلق على يدي الإنسان ورجليه : جوارح ، ومفردها : جارحة ؛ لأَنهن يقمن بالعمل والكسب ، ويَجْرَحْن الخير والشر . أَي : يكسبنه فسميت : الأعضاء الكاسبة ، ومنه قول الشاعر :
وكل فتى بما عملت يداه ... وما اجترحت عوامله رهين
يقول ابن فارس :« جرح : الجيم والراء والحاء أصلان : أحدهما : الكسب ، والثاني : شَقّ الجِلْد . فالأول قولهم : اجترح ؛ إذا عمل وكَسَبَ ، قال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ(الجاثـية:21)؛ وإنما سُمّي ذلك اجتراحًا ؛ لأنه عَمَلٌ بالجوَارح ، وهي الأعضاء الكواسب ... » .
جولة مع مادة ( جَرَحَ ) وتصريفاتها في القرآن الكريم
ورد هذا الجذر ( ج ر ح ) في القرآن بأربعة تصريفات ، هي : جَرَحَ ، اجْتَرحَ ، جُرُوحَ ، جَوَارِحِ . فجَرَحَ واجْتَرحَ هما محور الدراسة في هذا المطلب ؛ لذا سنبدأ بالتصريفين الآخرين إجمالا ثم ننتقل للفعلين ( جَرَحَ واجْتَرحَ ) تفصيلاً :
أولاً : ( جُرُوح ): وردت مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى :﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ(المائدة:45) ، وهي جمع : جُرح ، يقول الزبيدي في تاج العروس : « .. والاسم : الجُرْح ، بالضّمّ ، وجمعه : جُرُوحٌ ، وأَجْراحٌ ، وجِرَاحٌ . قيل : قَلَّ أَجْراحٌ إِلاّ ما جاءَ في شِعْرٍ . وتجمع كذلك على : جِراحاتٌ » . ويقال : رجل جَريح ، من قوم جَرْحى ، وامرأَة جَريح . ولا يجمع جمع السلامة ؛ لأَن مؤنثة لا تدخله الهاء ، ونِسْوة جَرْحى كرجال جَرْحى .
جاءت هذه الصيغة " جُرُوح " في الآية تحمل الأصل اللغوي للكلمة ، وهو : شَقّ الجِلْد وتمزيقه ، يقول الأصفهاني :« جرح: الجُرْحُ: أَثَرُ داء في الجلد يقال: جَرَحَه جُرحَا فهو جَرِيْح ومَجْرُوْح ... » . ويقول ابن منظور :« جرح ، الجَرْح الفعلُ : جَرَحه يَجْرَحُه جَرْحًا : أَثَّرَ فيه بالسلاح » ، ومنه قول الحُطَيئة :
مَلُّوا قِراهُ وهَرَّتْهُ كِلابُهمُ ... وجَرَّحوهُ بأَنْيابٍ وأَضْراسِ
قلت : الكلمة في الآية تحمل معنى : الشَقّ والتمزيق ، يقول السعدي رحمه الله :«﴿ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ، والاقتصاص : أن يفعل به كما فعل . فَمَنْ جرح غيره عمدًا : اقتص من الجارح جرحًا ، مثل جرحه للمجروح ، حدًا ، وموضعًا ، وطولاً ، وعرضًا ، وعمقًا » .
ثانيًا : ( جَوَارِحِ ): وردت مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى :﴿ يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (المائدة:4) .
فالْجَوَارِح في الآية جمع : جَارِحَة ، وهي تطلق على ذواتِ الصيد من الطير والسباع ذكرًا كان أم أنثى . وأطلق عليها هذا الاسم ؛ لأنها : تجرح الصيد وتشُقّ جِلْدَه لتأكله . وقيل ليُمسكه الصائد - كما قلنا سابقا - وقيل : لأَنها تَجْرَحُ لأَهلها . أَي : تَكْسِبُ لهم . إلا أن المعنى الأول أقرب عندي ؛ لأن الله أطلق عليها جميعها هذه الكلمة ، ثم خصص الإباحة لمن تم تعليمها على الصيد ، وبالتالي أفهم من ذلك أن من لم يتم تعليمها يطلق عليها جارحة أيضًا مع أنها لا تَجْرَحُ لأَهلها . أَي : لا تَكْسِبُ لهم ؛ لذلك علل الفيومي- رحمه الله- سبب تسميتها بذلك ؛ لأنها تكسب لنفسها ، فقال :« جَرَحَ و اجْتَرَحَ : عمل بيده واكتسب ، ومنه قيل لكواسب الطير والسباع : جَوَارِحُ ، جمع : جَارِحَةٍ ؛ لأنها تكتسب بيدها » .
وبالمجمل ، فالآية تبيح لنا أكلَ ما صاده الطير والسباع والكلاب ، بشريطة أن نعلمهن كيفية الاصطياد المشروع ، كعدم أكلهن من الفريسة عند صيدها ... إلخ . وكلمة ( مُكَلِّبِينَ ) حال للقانص ، وإن صاد بغير الكلاب . وكلمة ( الْجَوَارِح ) صفة للحيوانات الجارحة . أي : التي تجرح وتشق ، وبالتالي تكون قد حملت المعنى الأصلي للكلمة .
ثالثًا : ( جرح ، واجترج ) :
1- جَرَحَ ( كَسَبَ خيرًا أو شرًّا باستخدام جارحة له )
( جَرَحَ ) ، وهو الفعل الماضي الثلاثي ، فريدة من فرائد التعبير القرآني ، كونها لم ترد بالصيغة الفعلية إلا مرة واحدة ، وكان ورودها في سورة الأنعام ، قال تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (الأنعام:60).
هذه الفريدة لم يخصها كثير من المفسرين بشيء من الفروق ؛ بل فسرها أكثرهم بمعنى الكسب فقط ، ولم يفرقوا بينها ، وبين الفعل ( اجترح ) عند تفسيرهم للفعلين . قال مجاهد t :«﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ يعني : ما كسبتم . ﴿ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ يعني : في النهار » .
وممن ذهب إلى ذلك : النحاس في معاني القرآن ، وصاحب التبيان في تفسير غريب القرآن ، وابن الجوزي في زاد المسير ، والسيوطي في الدر المنثور ، وأبو السعود في إرشاد العقل السليم ، على حين ذهب جماعة من المفسرين إلى أن معنى الفعل ( جَرَحَ ) خاص في كسب الإثم ، ينسب ذلك لعبد الله بن عباس ، وقتادة t ؛ إذ روي عنه أنه قال :« ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ يعني : ما عملتم من الإثم بالنهار ، ﴿ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ في النهار ، والبعث : اليقظة » .. وإلى هذا التفسير ذهب الزمخشري ؛ إذ يقول :« ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ الخطاب للكفرة . أي : أنتم منسدحون الليل كله كالجيف . ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ . أي : ما كسبتم من الآثام فيه . ﴿ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ . أي : ثم يبعثكم من القبور في شأن ذلك الذي قطعتم به أعماركم من النوم بالليل وكسب الآثام بالنهار » . وإلى ذلك ذهب الألوسي أيضًا ، والنسفي ؛ إذ يقول الثاني :« ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَار ِ . أي : كسبتم فيه من الآثام » . وكذا : ابن عاشور ؛ إذ يقول :« ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ . أي: وهو يعلم ما تكتسبون من المناهي، ثم يردّكم ويمهلكم » ، وكأن البيضاوي يميل لذلك .
وقد استدلوا لهذا التفسير بسياق الآية ، فيرى الألوسي رحمه الله أن الآية جاءت في سياق التهديد والتوبيخ ، فناسب أن يكون معنى ( جرحتم ) : كسبتم الآثام . يقول رحمه الله :« ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَار ِ . أي : ما كسبتم وعملتم فيه من الإثم - كما أخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقتادة - وهو الذي يقتضيه سياق الآية ؛ فإنه للتهديد والتوبيخ ؛ ولهذا أوثر ( يتوفاكم ) على ( ينيمكم ) ... و جرحتم على كسبتم ، إدخالا للمخاطبين الكفرة في جنس جوارح الطير والسباع ، وبعضهم يجعل الخطاب عاما » . في حين أن الإمام ابن عاشور رحمه الله يرى أن الجملة التي ورد فيها الفعل جاءت امتنانا من الله بنعمة الإمهال ؛ إذ يقول :« وجملة ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ معترضة لقصد الامتنان بنعمة الإمهال . أي : ولولا فضله لما بعثكم في النهار مع علمه بأنكم تكتسبون في النهار عبادة غيره ، ويكتسب بعضكم بعض ما نهاهم عنه كالمؤمنين ... ففي الإخبار أنه يعلم ما يقع فيه تحذير من اكتساب ما لا يرضى الله باكتسابه بالنسبة للمؤمنين وتهديد للمشركين » .
والواقع أن هذا الذي ذهب إليه الفريقان قد يحتاج إلى إعادة نظر ؛ إذ إن الفريق الأول تعترضهم قاعدة « لا ترادف في القرآن الكريم » ؛ لأنه دليل على الحشو والزيادة ، وهي صورة من صور النقص والعجز في التعبير ، وكتاب الله أجلُ من ذلك وأكبر ، وحاشاه أن يتصف بذلك .
أما الفريق الثاني : فأرى أنهم ضيقوا واسعًا من غير دليل ؛ فصياغة الجملة في الآية عامة تشمل جميع الأفعال ﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَار ِ، والمعنى : ويعلم الله ما عملتم أيها البشر وكسبتم في النهار من خير ومن شر ؛ لأن أفعال البشر لا تقتصر على الشر وحده ولا الخير وحده ، فهي مترددة بينهما ، ولم تأت قرينة واضحة تصرفها عن ذلك ، ولم يأت مخصص يخصصها بأحدهما .
وبناء على ذلك أرى أن الفعل جاء بمعنى عام لا خاصٍ ، يشمل كَسْب الخير أو الشر . وهذا ما ذهب إليه الإمام ابن كثير فيقول :« وسميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن : جوارح . من الجرح ، وهو : الكسب ، كما تقول العرب : فلان جرح أهله خيرًا . أي : كسبهم خيرًا . ويقولون : فلان لا جارح له . أي : لا كاسب له . وقال الله تعالى :﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ . أي : ما كسبتم من خير وشر » .
وإلى ذلك ذهب الإمام الشوكاني في فتح القدير حيث يقول :« ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ. أي : كسبتم بجوارحكم من الخير والشر » . وكذا الثعالبي في الجواهر الحسان ، فيقول:« ومنه قوله تعالى : ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ. أي : ما كسبتم من حسنة وسيئة » .
2 : اجْتَرحَ: ( اكتسب الشر دون الخير باستخدام جارحة له )
( اجْتَرحَ ) فريدة من فرائد التعبير القرآني ؛ لأنها لم ترد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة ، وهي فعلٌ ماضٍ مزيد بحرفين على وزن ( افْتَعَل ) ، وردت في سورة الجاثية ، قال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (الجاثـية:21).
تسمى هذه الآية ( مبكاة العابدين ؛ لأن كثيرًا من العُبَّاد كانوا يبكون عند تلاوتها ، فقد روي أن " تميما الداري " قام الليل على هذه الآية ، لم يزل يكررها ، ويبكي حتى أصبح ، وهو عند المقام ، وكذا " الربيع بن خثيم ، ويروى أن " الفضل بن عياض " كان يقول لنفسه ، إذا قرأها :« ليت شعري مِن أي الفريقين أنت ؟ » .
نزلت هذه الآية ردًّا على بعض مشركي قريش للمسلمين عندما قالوا :« لئن كانت الآخرة- كما تزعمون- لنفضلن عليكم فيها ، كما فضلنا في الدنيا » ، فرد الله عليهم بأسلوب الاستفهام الإنكاري ، وبين أن لا يمكن عقلاً وشرعًا أن يُساوى بين المؤمنين والكافرين يوم الحساب .
لم يفرق جمهور المفسرين– إن لم يكن جميعُهم– بين ( اجْتَرَحُوا ) ، و( جرحوا ) ؛ إذ فسروا ( اجْتَرَحُوا ) : باكتسبوا . يقول النحاس في معاني القرآن :« اجترحوا السيئات . أي : كسبوا السيئات » . ويقول البغوي في معالم التنزيل :« ﴿ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ : اكتسبوا المعاصي والكفر » . وإلى ذلك ذهب كل من : الزمخشري ، وابن الجوزي ، والقرطبي ، والبيضاوي ، والشوكاني ، والألوسي ، والنسفي ، والثعالبي » .
في حين ذهب الإمام الراغب الأصفهاني إلى أن الاجتراح خاص بالإثم ، قال رحمه الله :« والاجْتِرَاحُ : اكتِسابُ الإثم ، وأصله من الجِراحة ... قال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ(الجاثـية:21) » .
وأنا أوافقه– رحمه الله- في ذلك ؛ لأنها خصصت بفعل السيئات في الآية ﴿ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ، فنطمئن عندما نقول : إن القرآن لم يستعمل الفعل ( اجْتَرَحَ ) إلا في الشر وكسب الإثم . والله تعالى أعلم !
الخلاصة
لا ترادف بين فعلي ( جَرَحَ ) ، و( اجْتَرحَ ) في لغة القرآن ؛ إذ كشفت الدراسة بعد الاستقراء أن :
أولاً : ( جَرَحَ ) معناها : كَسَبَ خيرًا أو شرًا ، باستخدام جارحة من جوارحه .
ثانيا ً: ( اجْتَرحَ ) معناها : اكتسب الشر دون الخير ، باستخدام جارحة من جوارحه .
ثالثا ً: ( جَرَحَ واجْتَرحَ ) : من أفعال الجوارح ، لا من أفعال القلوب . وهذا هو الفرق بينهما وبين ( كَسب ) ؛ إذ إن الكسب قد يكون بالهبة أو الميراث أو الهدية . أما الجرح فلا يكون إلا باستخدام جارحة . أي : أنه يفعل الشيء بجارحة من جوارحه .
بقلم : الدكتور أنس العمايرة
المصدر : موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1168
ثانيًا- وتعقيبًا على مقال الدكتور أنس أقول بعون الله وتعليمه :
1- أصل الجرح : عمل الرجل بجارحة من جوارحه ، ثم كثر ذلك حتى قيل لكل كاسب : جارح ، ولكل مكتسب شيئًا : مجترح . ويقال : امرأة لا جارح لها . أي : لا كاسب لها .. وظاهر عبارة ابن منظور في ( لسان العرب ) أن الجُرْح حقيقة في الكَسْب ، وأن جوارح الصيد سمِّيت جوارح ؛ لكسبها لنفسها ، أو لصاحبها الذي يصيد بها . والخيل والأنعام تسمَّى جوارح أيضًا ؛ لأن نتاجها هو كسبُها . والجرح كالكسب يطلق على الخير والشر ، نفل ذلك ابن منظور في ( لسان العرب ) عن الأزهري ، ومثله في ذلك الاجتراح . يقال : جرح ، واجترح ، مثل : كسب واكتسب .
وتخصيص الاجتراح بالشر أو الإثم خلاف الظاهر ، وهو خطأ لا وجه له ، خلافًا للزمخشري والراغب الأصفهاني ، ومن قال بقولهما . قال الشيخ محمد بن عطية في المحرِّر الوجيز :« وظاهر قوله : ( مَا جَرَحْتُمْ ) العموم في المكتسب ، خيرًا كان ، أو شرًّا » .
2-والفرق بين ( جرح واجترح ) ، كالفرق بين ( كسب واكتسب ) ، و( شرى واشترى ) ، من حيث أن الثاني المزيد مطاوع للأول المجرد ، ودال على المبالغة . جاء في ( الحلل في شرح أبيات الجمل ) للبطليوسي :« العرب إذا استعملت ( فعل ) ، و( افتعل ) ، بزيادة التاء ، وبغير زيادة ، كان الذي لا زيادة فيه يصلح للقليل والكثير ، والذي الزيادة فيه للكثير خاصة ؛ نحو : ( قدر واقتدر ) ، و( كسب واكتسب ) ، و( نهب وانتهب ) .. ومن ذلك قوله تعالى : ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾(البقرة:286) ، فالوجه فيه : أنه لما كان الإنسان يُجازَى على قليل الخير وكثيره ، استعمل فيه اللفظ الذي يصلح للقليل والكثير . ولما كان الإنسان لا يُجازَى في الشر إلا على الكبائر ، دون الصغائر ، والصغائر معفو عنها غير مجازى بها ، استعمل معها اللفظ الذي لا يكون إلا للكثير » .
وأضاف البطليوسي قائلاً :« وإنما يكون هذا في الأفعال التي تستعمل بالتاء تارة ، وبغير التاء تارة . وأما الأفعال التي لا تستعمل إلا بالتاء فخارجة عن هذا الحكم ؛ لأنها لا تصلح لما قلَّ وكثُر ؛ كقولك : استويت على الشيء ، واجتويت البلد ، إذا كرهته ، واكتريت الدابة ؛ فهذا الضرب من الأفعال لا يقال فيه : إنه للكثير خاصة ؛ لأنه لم يستعمل غير مزيد ، وكذلك قول من قال :﴿ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ : إن افتعل إنما يستعمل في الشر ، خطأ لا وجه له ؛ ألا ترى أنك تقول : استويت على ظهر الفرس ، واكتريت الدار ، وارتويت من الماء .. ؟ » .
واستطرد البطليوسي قائلاً :« فإن زعم هذا : أن الذي ذكر إنما هو فيما يستعمل بزيادة وبغير زيادة مما يتعدى ، انتقض عليه ما قال بقولهم : ( كسب المال وأكتسبه ) ، و( قدرت عليه واقتدرت عليه ) ، و( رميت وارتميت ) ، مع أنا لا نعلم أحدًا من النحويين قال : إن ( فعل ) للخير ، و( افتعل ) للشر ؛ وإنما قالوا : إن الزيادة تدل على المبالغة ، لا غير » .
2- فثبت بذلك أن الفرق بين ( جرح ) ، و( اجترح ) ليس هو كما كشفت عنه دراسة الدكتور عمارة بعد الاستقراء ، كما قال . وفرق ظاهر لمن يعرف جوهر الكلام ويدرك أسرار البيان بين أن يقال : إن كلاً من الاكتساب والاجتراح خاص بالإثم أو الشر ، وأن يقال : لما كان الإنسان لا يُجازَى في الشر إلا على الكبائر دون الصغائر ، استعمل معها اللفظ الذي لا يكون إلا للكثير .. والله تعالى أعلم !!!
بقلم : محمد إسماعيل عتوك



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:15 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية