هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
قديم 12-20-2015, 11:34 AM   #21
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 19



2ـ الثروة
واحدة أخرى من أدوات القوة التي أصبح لها اليوم دور مهمّ جدا في المعادلات الجارية في العالم، هي الثروة أو بعبارة أخرى المكنة الاقتصادية. إن استخدام هذه الأداة على نطاق غير محدود أمر مشروع ومعترف به لدى الرؤية المادية الغربية. فبمقتضى هذه الرؤية لابدّ من صرف الأموال أحيانا في سبيل تسيير بعض الأهداف. وتارة لابدّ من قطع الرواتب والأجور في سبيل إرغام الناس على الطاعة. بيد أن في الرؤية الولائية لا ينبغي استخدام هذه الأداة بلا عنان وعلى نطاق غير محدود.
فعلى سبيل المثال لم يقطع أمير المؤمنين (ع) راتب الخوارج من بيت المال، مع أنهم لم يكونوا يعترفوا بحكومته (ع) وكانوا يبلّغون ضدّه بكلام سامّ. ولكن بالرغم من اعتراض بعض أصحاب أمير المؤمنين، لم ينفكّ الإمام عن مداراة الخوارج والتعامل معهم كباقي أفراد المجتمع ما داموا لم يشهروا السيف، وكان هذا التعامل الكريم في الوقت الذي لم ينقطع فيه عداء الخوارج تجاه أمير المؤمنين.
في زمن الخليفة الثاني وبعدما جاءت غنائم الانتصار على إيران إلى المدينة، استشار الخليفة بعض الشخصيات ليحدّد سياسة التوزيع. فقال له رجل: إني رأيت سياسة توزيع المال عند العجم (الفرس والروم) حيث إنهم فتحوا سجلّات وقد خصصوا لكل فرد من المجتمع حصّة بحسب مقامه وموقعه. فاستحسن الخليفة الثاني هذا الرأي وأمر بإنشاء دواوين، فبدأ بتقسيم بيت المال على أفراد المجتمع على أساس موقعهم وشأنهم.[1] فهو أوّل من اتخذ سياسة التمييز في تقسيم بيت المال في تاريخ الإسلام. فعندما سئل عن سبب ذلك قال: «إن أبا بكر رضي الله تعالى عنه رأى في هذا المال رأيا ولي فيه رأي آخر...» [2]دون أن يتطرق إلى سنّة رسول الله (ص). كما أن العقل أيضا يحكم في ظاهر الأمر بالتبعيض في سبيل حفظ الحكومة، بيد أنّ المنهج الولائي في إدارة المجتمع يأبى مثل هذا التبعيض ويخالفه بشدّة.
وبالمناسبة، يعتبر المحللون للأحداث التاريخية أنّ أحد أكبر أخطاء أمير المؤمنين (ع) بعد خلافته، هو سياسته الاقتصادية! حيث كان أمير المؤمنين (ع) يعطي طلحة والزبير من بيت المال بقدر ما يعطي عتقاءهما من العبيد. فمن الطبيعي أن لا يطيق هذه العدالة والمساواة من تمتّع بامتيازات كبيرة في المجتمع الإسلامي لمدة مديدة. هذا هو الأمر الذي أجّج حرب «الجمل» ما جرّأ معاوية على شنّ حرب «صفّین» والتي تمخّضت منها معركة «نهروان». يعني لو كان الإمام منذ البداية لم يتشدّد في مراعاة العدل والمساواة لما حدثت ولا واحدة من تلك المعارك. فهل لابدّ أن نفهم هذه الظاهرة تحت عنوان ضعف تدبير أمير المؤمنين (ع) أم هناك حقيقة أخرى وراءها؟
الحقيقة هي أنه تبدو إدارة المجتمع على أساس الدقائق التي تلتزم بها الولاية، أمرا غير ممكن وهي تقتضي رشد الناس. وبهذا السبب نفسه لم يظهر إمام العصر (عج) بعد. وهل يقدر أحد على مراعاة ذرّة من عدل أمير المؤمنين (ع)؟ ينقل في زمن السلسلة الصفوية التي كان ملوكها قد رفعوا راية التشيع واتباع أمير المؤمنين (ع)، استولى عمّال الحكومة في إحدى مناطق البلاد على أرض رجل، ومهما حاول صاحبها أن يسترجع حقّه لم يصل إلى نتيجة. إلى أن أوصل نفسه إلى قصر حاكم تلك المنطقة فحضر في مجلسه وأخذ يتحدّث بأعلى صوته عن عدل أمير المؤمنين (ع). فاستغرب الحاكم من فعل الرجل والتفت إليه بعد ختام المجلس وسأله هل لك مشكلة؟ فطرح مشكلته. فأمر الحاكم بإعادة أرضه إليه، ولكن طلب منه أن لا يبالغ بالحديث عن عدل أمير المؤمنين (ع). استغرب الرجل وقال له: «ألم تعتبروا أنفسكم من أتباع علي (ع)». فأجابه الحاكم: «بالتأكيد، ولكن قل لي كم سنة حكم علي (ع)». قال له الرجل: «خمس سنين». فقال الحاكم: «هنا القضية؛ فبسب عدل أمير المؤمنين لم تزدد حكومته عن خمس سنين. ونحن لا نريد أن نحكم بهذا القدر. نحن نريد أن نحكم الناس إلى ما شاء الله، ولهذا لا يمكننا أن نقيم دعائم الحكومة على أساس عدل علي (ع)».
طبعا إن الولاية تستخدم الأدوات الاقتصادية في سبيل تسيير أهدافها، ولكن هناك قيود كثيرة أمامها ولا يقوى على مراعاتها إلا من كان أهلا للولاية. فعلى سبيل المثال في أحكامنا الدينية هناك عنوان باسم «تأليف القلوب». ومعناه هو أن الحاكم الإسلامي له أن يعطي بعض أموال الزكاة والخرائج الإسلامية للراغبين عن الإسلام في سبيل تأليف قلوبهم إليه. ولكنّه لا يخلو من القيود والضوابط ولا تمارس الولاية هذا الحكم دون أن تلاحظ الحدود والقيود أبدا. وحريّ بنا أن نفتّش عن أسرار الولاية في مصاديق مراعاتها لهذه القيود والحدود.
يتبع إن شاء الله ...
[1] فتوح البلدان، ص436
[2] کتاب الخراج، ص53 و 54


 

رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 11:50 AM   #22
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 20



3ـ القانون



إحدى الأدوات التي يستخدمها السياسيون والحكام اليوم في جميع أرجاء العالم بلا أيّ حدود ونطاق، هي «القانون». إنها سياسة لا يستقبحها أحد، بينما استخدام القانون على سبيل الإفراط أمر قبيح وغير صحيح شأنه كشأن استخدام القوّة بلا عنان ولا حدود. صحيح أن القانون محترم، ولكن لا يحقّ لأحد أن يسيطر على أفعال الناس ويرغمهم على تغيير سلوكهم بفرض القوانين بما يفوق عن حدّ اللزوم.

أحد الحدود الموجودة في عملية وضع القوانين، هو إعطاء الفرصة للناس لتحسين سلوكهم. صحيح أن وضع القانون أمر لابدّ منه، ولكن لا ينبغي أن نسلب فرصة إصلاح الذات من الناس، في مسار تنفيذ القانون أو فرضه. لا يحقّ لنا أن نعمد على إصلاح السلوك الاجتماعيّ برمّته عن طريق فرض القوانين المتشدّدة. لا ينبغي أن نطلق عنان القانون في جميع شؤون المجتمع، بل لابدّ أن نكل كثيرا من التعاملات الاجتماعية إلى «الأخلاق».

إذا تشبّع المجتمع بالقانون، تموت الأخلاق فيه. فليس المفترض هو أن ندفع الناس إلى مراعاة الأعراف الاجتماعية مهما بلغ الثمن وحتى لو كان ذلك على حساب سلب اختيارهم الذي يمثل وجه تمايزهم عن الحيوانات. إن القوانين المتشدّدة وإن كانت قد تحقّق نظم المجتمع، بيد أنّها سوف تترك أثرها التدميري في ثقافة المجتمع وأخلاقه العامّة.

نجد في بلاد الغرب قد وضعوا القوانين لكلّ شيء، ويحسبون هذه الظاهرة حسنا لهم. في المقابل، تجد الناس يطبّقون القوانين بدقّة. فهل مجرّد العمل بالقوانين، كقوانين المرور يدلّ على كمال الشعوب الغربية؟ في بعض البلدان الغربية، إن خالف أحد قانون المرور، مثل أن يقف في مكان محظور الوقوف فيه، يغرّم بما يقارب سعر سيّارته. فبطبيعة الحال لن يسمح أحد لنفسه أن يقف في أماكن حظر الوقوف، ولكن هل يدلّ هذا على فضل وكمال؟ ففي الحقيقة قد سلبت قوّة الاختيار من الناس بهذه القوانين المتشدّدة، وهذا هو الذي نستنكره ولا نرضى به. طبعا إن هذا الكلام لا يعني الدفاع عن حالة عدم القانون، كلا، فكما ذكرنا مسبقا، لابدّ من وجود القانون، بيد أنه لا ينبغي أن يتمّ استخدام هذه الأداة على نطاق واسع غير محدود.

وحري بالذكر هنا أن القوانين الشديدة ليست بضمان دائم لتحقيق الهدف والمطلوب. فعلى سبيل المثال هل يمكن في مجال القضايا الثقافية كقضية الأسرة وحقوق المرأة، أن يرغموا الرجال على مراعاة حقوق النساء عن طريق فرض القوانين الشديدة؟ فهل قد استوفت المرأة الغربية جميع حقوقها وهل قد باتت تشعر بالسعادة في حياتها بعد هذا الكمّ الهائل من القوانين التي وضعت لحماية المرأة في الغرب؟ إن حلّ معضلة «تضييع حقوق المرأة في الأسرة» بحاجة إلى طرقه الثقافية ولابدّ من الحديث عنها بالتفصيل في مجال آخر، أمّا الشيء الواضح هو أن طريق حلّها ليس تكثير القوانين.

كذلك في مجال الاقتصاد، نحن بحاجة إلى قوانين واضحة تنظّم العلاقات والمعاملات الاقتصادية في إطار منضبط، ولكن إن التنمية الاقتصادية وفكّ العقد الاقتصادية لم تنجز عن طريق فرض القوانين وحسب. فعلى سبيل المثال، دائما ما كنا نشاهد ازدياد أسعار الفواكه في الأيام الأخيرة من السنة، ومهما كانت الدولة تفرض أشكال القوانين في سبيل حلّ هذه المشكلة، لم تزل مشكلة غلاء الأسعار باقية في مكانها. إلى أن قرّرت الدولة أن تسيطر على الأسعار من خلال استخدام طبيعة السوق نفسه، أي إيجاد وحفظ التعادل بين العرض والطلب. ولهذا نرى منذ كم سنة أن الدولة تشتري الفواكه من الزرّاع قبل أشهر من انتهاء السنة، ثم توزعها في السوق بالسعر المناسب. فبهذه السياسة انحلّت مشكلة ازدياد الأسعار بشكل تلقائي.

وكذلك الأمر في مجال التعليم والأوساط العلمية، حيث إن كثرة القوانين والمقررات لا تؤدي إلى التطوّر العلمي. فلا يمكن تنمية القابليات العلمية لدى الطلاب عن طريق تصعيب القوانين التعليمية. فعندما تكثر القوانين والمقررات التعليمية، تصبّ طاقات الطلاب والأساتذة في مراعاة القوانين وتلبية إلزامات المقررات، وحينها لا يبقى لهم شعور بالمسؤولية تجاه ارتقاء المستوى العلمي والدراسي.

وكذلك الأمر في باقي المجالات. فإن أدركنا هذه الحقيقة وهي أن القانون شيء جيّد أما كثرته فلا، عند ذلك نستطيع أن ندرك ونحلل سبب تساهل النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) في فترة حكمهما. فمن كان هدفه هو إصلاح المجتمع، لا يبالغ باستخدام القانون أكثر من اللزوم.

أصبحنا اليوم مع الأسف نقلّد الغرب في كثير من شؤوننا الاجتماعية، دون أن ندرس مدى صحة هذه القوانين من الناحية الإنسانية. فعلى سبيل المثال هل من الصحيح إنسانيا أن نعاقب الموظف الذي تأخر عن زمن دوامه ولو بدقيقة واحدة ونخصم من راتبه، ونشجّع الموظف الذي حضر الدوام في وقته بلا تأخير ومرّر بطاقته في الجهاز، ونعطيه راتبه بالكامل؟ وأساسا هل يؤيد الدينُ نظامَ الثواب والعقاب المباشرين هذا، الذي لم ينفكّ عن حياتنا منذ الطفولة في المدرسة الابتدائية وقد رسخ في وجودنا وكياننا؟ هل هذا الأسلوب التربويّ صحيح؟ بهذا الأسلوب يمكن تربية الحيوانات أيضا! ولكنه كم يُبعد الإنسانَ عن إنسانيته. إنها من القضايا التي لم نقف عندها مع الأسف، وإنما قلدنا النماذج الغربية فحسب. طبعا هذا الكلام لا يعني أن يصبح الجميع أحرارا في عدد ساعات دوامهم. كلا، لابدّ للجميع أن يلتزموا بالنظم والترتيب، ولكن الكلام هو هل من الصحيح أن ننظم الموظفين عن طريق نظام تمرير البطاقة وما يصحبه من العقاب والثواب؟

كما ذكرنا في الأبحاث المسبقة، لا نجد هذا الكمّ الهائل من القوانين في حكومة صاحب العصر والزمان (عج). فعندما يَرشُد الناسُ جميعا لا داعي حينئذ إلى هذا الكمّ من القوانين. كما لو التزم جميع الناس في زماننا هذا بالأحكام الدينية، لا داعي بعد ذلك إلى كلّ هذه القوانين بشأن المرور أو أن يقف شرطي في كلّ مفترق طرق. إذا رشد الناس جميعا بعد ذلك لا يسمح أحد لنفسه أن يتعدى على حقوق غيره. وهذا ما سوف يحصل في زمن حكومة صاحب العصر والزمان (أرواحنا له الفداء) إذ يندر ارتكاب الجرائم والمخالفات بسبب رشد المجتمع بشكل عام. سوف لا نحتاج إلى هذا القدر من القوانين بسبب ارتقاء معرفة الناس بماهية المخالفات والذنوب. ولهذا السبب حتى وإن تمّ وضع القوانين في ذلك المجتمع، لا شكّ في أنها لن تزيد عن الحدّ المطلوب.

يتبع إن شاء الله...



 
 توقيع : الرحيق المختوم



رد مع اقتباس
قديم 04-04-2016, 05:29 PM   #23
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 21



4ـ الدعايات


واحدة أخرى من الأدوات التي تستخدم في مسار إدارة المجتمع، والتي بات استخدامها على قدم وساق في عالمنا اليوم، هي «الدعايات». «الدعايات» هنا تشمل أساليب واسعة من نشر المعلومات والحرب النفسية والإفشاء واستخدام الفن وغيرها. فباعتبار أن جميع الحكّام وفي جميع الأنظمة الحكومية يتعاطون هذه الأداة على نطاق واسع وبلا أيّ حدود، ومن جانب آخر، في سبيل اتضاح البون الشاسع بين نموذج الحكومة الولائية وباقي النماذج، حري بنا أن نقف عند هذا الموضوع بمزيد من التفصيل.
الفاصل المميز بين نشر المعلومات وبين الإفشاء


الهدف من نشر المعلومات في أجواء المجتمع السياسية في الرؤية الولائية هو إعطاء الرؤية الصحيحة للشعب في سبيل ازدياد قدرة تشخيصه. فلا يوافق المنهج الولائي على إعطاء المعلومات الجزئية والتفصيلية التي قد تأخذ منحى «الإفشاء». وهذا هو منهج القرآن، حيث إنه عندما يريد أن يعرّف المنافقين، يكتفي ببيان خصائصهم ويكل تشخيص المصاديق إلى المؤمنين. وقد اعتمد نفس المنهج النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) في حكومتهما. فبرأيكم أما كان يستطيع النبي (صلى الله عليه وآله) أن يفضح المنافقين الذين كانوا حوله بأسمائهم وقد جاءت عشرات الآيات في بيان خصائصهم وبذلك يصون المجتمع الإسلامي من شرّهم؟ فلا شك في أنه كان قادرا على ذلك، أمّا هل كان هذا الموقف لصالح المجتمع الإسلامي؟ أولم يشكّل هذا الموقف حاجزا أمام نموّ وتطور المجتمع الإسلامي؟

فعلى سبيل المثال في قضيّة محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) بعد معركة تبوك، قد اطلع النبي (صلى الله عليه وآله) على مؤامرة المنافقين عن طريق الأمين جبرئيل وأبطل مؤامرتهم. وقد كان قد عرف حذيفة بعض المنافقين في تلك الواقعة حيث إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد ذكر له باقي أسمائهم ولكن عهد عليه أن لا يذيع بأسمائهم بين الناس.[1] فليس القرار في المجتمع الذي خضع للحكومة الولائية أن تسيّر فيه جميع الأمور عن طريق الإفشاء والفضيحة. إذ في مثل هذه الأجواء قد يكفّ بعض الناس عن الذنوب خوفا على سمعتهم، ولكن هل هذا الأسلوب يخدم حركة رشد المجتمع؟

كما ذكرنا سابقا، حتى القرآن لم يفضح المنافقين بشكل مباشر. طبعا كان يشخّصُ الناسُ في موارد كثيرة مصداق الآيات عن طريق شأن نزولها، ولكن لم يكن دأب القرآن هو تسيير حركة الدين عن طريق إفشاء المنافقين وفضحهم. لقد أشار القرآن إلى أن المنافقين كانوا يخافون من نزول سورة تفضح نفاقهم،[2] ولكن لم تنزل سورة بهذه المواصفات قط. حتى أن سورة «المنافقون» قد اكتفت بذكر خصائص المنافقين ولم تصرّح باسم أحدهم.

لن تعتمد الولاية على نشر المعلومات بدلا عن بصيرة الناس. فإنها تحاول تسيير الأمور من خلال إعطاء الرؤية الصحيحة للناس وتصعيد بصيرتهم. طبعا لا يرفض المنهج الولائيُّ أداة الإفشاء برمّتها، ولكن ليس الإفشاء بالأسلوب والمنهج الرئيس لكي يتعاطاه في كل شيء. فمن دأب الولي هو أن لا يصرح بكل شيء ويعطي الفرصة للناس حتى يرشدوا ويدركوا بعض الحقائق وذلك بسب احترامه لوعي الناس وعقلهم. ولهذا السبب نفسه نجد سماحة السيد الولي قد أشار بعد أحداث عام 88ش. في لقائه بعدد من النخبة العلميّة إلى أنه لم يصرّح بكثير من الحقائق.[3]

لعلّ هذا هو أحد أسباب عدم التصريح باسم أمير المؤمنين (عليه السلام) وباقي أئمة أهل البيت (عليهم السلام). طبعا هناك أوجه أخرى ذكرت لهذا الأمر من قبيل «صيانة القرآن عن التحريف» ولكن نحن الآن بصدد التركيز على هذا الوجه بالذات. فعلى أساس هذه الرؤية ليس من المفترض أن يصارح اللهُ عبادَه بكل شيء. إنه قد خلقنا بشرا ومنحنا العقل والقدرة على التفكير، ولهذا لم يصارحنا بكل شيء احتراما لفكرنا وعقلنا. فلابدّ للإنسان أن يسعى ويجاهد بنفسه في سبيل إدراك بعض الحقائق. هذا هو معنى احترام مقام الإنسان. نحن نعتقد أنّ الشعوب اليوم تعيش أيام جهلها ولا تشعر بكثير من مصاديق الظلم فلا تعتبرها ظلما من الأساس.
استخدام الدعايات بنطاق محدود


بسبب ضرورة الالتزام بهذه الحدود نجد أن النشاط الإعلامي في المجتمع الإسلامي ليس بعمل هيّن. النشاط الإعلامي واستخدام وسائل الإعلام لا يخلو من دقائق كثيرة ولا يصلح لها كل غاد ورائح. فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة القاصعة: «وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ الْعِقْيَانِ وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ وَ أَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ وَ وُحُوشَ الْأَرَضِينَ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَ بَطَلَ الْجَزَاء».[4]

إن العمل الإعلامي محدود بنطاق محدّد و فيه دقائق كثيرة يجب الالتفات إليها. فعلى سبيل المثال قد جرت العادة في إنتاج الأفلام والمسلسلات المرتبطة بأئمتنا الأطهار (عليهم السلام)، أن يميّز الإمام عن غيره بهالة من النور، وهذا ما يتناقض تماما مع خطبة القاصعة. إذ بهذا التمييز الواضح يقف ابني الصغير في حيرة من أمره متسائلا: «هل کان المؤمون العباسي أعمى بحيث لم ير نور وجه الإمام الرضا عليه السلام». وغدا عندما يظهر الإمام صاحب العصر والزمان (عج) قد يتساءل مستغربا: «لماذا هذا الرجل مثلنا، ولم تحط بوجهه هالة من النور كما كان الإمام الرضا (عليه السلام)؟».

يتبع إن شاء الله...





[1]المغازي، ج3، ص1045.

[2]«يحَْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنزََّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فىِ قُلُوبهِِم» (التوبة،64).

[3]«لا تتصوروا أن الكلام الذي تقوله مؤسسة الإذاعة و التلفزيون هو كل الكلام، لا، هناك الكثير من الكلام. ليس كل ما يشعر به الإنسان لا بد و أنه قاله أو يستطيع أن يقوله. هناك الكثير من الكلام.» (لقائه بالنخبة العلمية: 28/10/2009).

[4]نهج البلاغة، الخطبة 192، (خطبة القاصعة).





 
 توقيع : الرحيق المختوم



رد مع اقتباس
قديم 05-15-2016, 09:19 AM   #24
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 22



صحيح أن الله قد أنزل مع رسله البينات والمعاجز في سبيل إيمان الناس بهم، بيد أنه لم تكن تلك المعاجز بدرجة من الوضوح حتى تُغني الناس عن التفكير أو ترغمهم على الإيمان بسلب اختيارهم. نحن نجد هذه الحقيقة واضحة كلّ الوضوح في سيرة نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله). فعلى سبيل المثال لقد نقل المفسرون في شأن نزول سورة الكهف المباركة أنّ مشركي قريش أرسلو رسولين إلى يهود المدينة ليستفسروهم عن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله). فأجابهم اليهود أن اسألوه ثلاثة أسئلة، فإن كان رسولا من قبل الله فعلا سيجيبكم عنها، وإلا فلا. فعندما طرح مشركو قريش الأسئلة الثلاثة على النبي (صلى الله عليه وآله)، استمهلهم يوما وقال لهم سأجيبكم غدا، ولكن تأخّر نزول الوحي خمسة عشر يوما. فتمسك المشركون بهذه الذريعة لتكذيب الرسول (صلى الله عليه وآله).[1] أو كانوا يقولون في مواقف أخرى: إن كان هذا الرجل رسولا من قبل الله حقا، فلماذا لا ينزل عليه ملك يثبت أحقيته.[2] طيّب، فيا ترى أما كان الله قادرا على إنزال الوحي في حينه بلا تأخير، وألم يكن قادرا على إنزال ملك ظاهر على النبيّ وبذلك يرغم كلّ المخالفين على الإيمان؟ إنه كان قادرا بالتأكيد، ولكن لم يكن الله بصدد فرض الإيمان على الناس رغما على اختيارهم.
فبرأيكم هل أن هذه الأفلام والمسلسلات التي تحاول تجسيد حضور الشيطان بين الناس قد أصابت المنهج الصحيح؟ قد يبرر البعض أمثال هذه المسلسلات قائلا: «إن تجسيد الشيطان مدعاة لانتباه الناس وحذرهم». ولكن ألم يقدر الله على تجسيد الشيطان وإظهاره ما يدعو الناس إلى الانتباه والحذر؟ وقد يقول البعض: «على كلّ إن تأثير هذه المسلسلات تأثير إيجابي». ولكن حقيقة الأمر أنها لا تترك أثرا إيجابيا أبدا. إذ إن هذه البرامج تجعل عقل الإنسان في عينه. ولو كان الله بصدد إنجاز هذا المشروع لما خلق الإنسان ولاكتفى بخلق البهائم. حيث إن عقول البهائم في أعينهم وأنوفهم؛ يشتمّون ما حولهم فكلما مرّوا على طعام يأكلونه وإلا فيمرّون عنه. أما الإنسان فمن شأنه أن يدرك الشيطان بعقله لا بعينه.
إن عملية استخدام الدعايات وجميع العوامل المؤثّرة على الإنسان بشكل عام لابدّ أن تخضع لحدود معيّنة. لقد خاطب الله رسوله في القرآن الكريم: (وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى‏ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلين).[3] على أساس ما قاله العلامة الطباطبائي في تفسيره، المقصود بالآية في هذه الآية هو آية سحرية ترغمهم على الإيمان بسلب اختيارهم، وهذا ما لا ينسجم مع حكمة الله إذ أراد لهذه الدنيا أن تكون دار الاختيار وأن تجري الدعوة إلى الحق وقبولها على مجرى الاختيار.[4]

الغرب واستخدامه المطلق للدعاية والإعلام

لقد بات الغرب يستخدم الدعايات بشكل فضيع؛ حيث إن الدعايات و الحرب النفسية أصبحت تمثّل أهم عناصر نجاح الحكام والسياسيين في الغرب. فليس لعمالقة الإعلام الغربي اليوم شأن ودور غير إقناع الجمهور على السياسات العامة للحكّام. ومن جانب آخر نحن نعلم جميعا من هم أصحاب وسائل الإعلام وشركات الدعايات.
مهما ضيّق الله سبحانه نطاق استخدامه لوسائل الدعاية والإعلام احتراما لعقول الناس، نجد الغربيين قد تعاطوا هذه الأدوات على نطاق واسع غير محدود دون احترام لعقول الناس وإدراكهم. ثم يعتبرون فعلهم هذا «فنّا». هناك دروس جامعية أنشأوها في سبيل تعليم أحدث أساليب خداع الناس بالفنّ والدعايات، فيتعلم الطلاب عبر هذه الدروس أساليب خداع الناس من أجل ترغيبهم لشراء بضاعة أو إدلاء الصوت لصالح مرشح.
إن إنتاجات «هوليوود» السينمائية من أبرز مصاديق هذه الحقيقة. فإن هذه الأفلام السينمائية لا تحترم إنسانية المشاهدين. إن احترام الإنسان هو أن لا تخدعه بالفنّ حتى وإن كنت ترمي إلى هدف صحيح. هذا هو دأب الإسلام، حيث إنه يأبى استخدام الفنّ في سبيل خداع الناس وجرّهم إلى الصراط المستقيم، بينما ما يمارس في الغرب اليوم هو استغلال الفنّ في سبيل خداع الناس وإغوائهم إلى متاهات ومهالك. لاحظوا مدى البون الشاسع بيننا وبينهم. الإسلام يرفض الخداع حتى وإن كان ذلك في سبيل جرّ الناس إلى الله ورسوله، بينما في الغرب يستخدمون شتى أساليب الإغراء والخداع ليدفعوا الناس إلى قعر مستنقعات الفساد.
تنطوي جميع الأفلام المنتجة في العالم على أثر ظاهريّ يعيه أكثر المشاهدين، بيد أنه لا تقتصر آثارها إلى هذا الحدّ، فإنها تضمّ بين لقطاتها أثرا لاشعوريا يخفى عن أغلب المشاهدين. وإنّ الأمر الخطير جدا هو ما يتركه الفيلم من آثار على لاشعور الإنسان. الآثار اللاشعورية هي التي تدفع أكثر منتجي الأفلام إلى تقبّل أعباء الإنتاج وصرف المبالغ الباهضة والأوقات المديدة. وحري بالذكر أن بعض هذه الآثار الخفية قد خفيت حتى عن منتج الفيلم نفسه. فلم يرمِ المخرج إلى هذا الهدف الخفيّ، ولكن تجد الفيلم يترك الأثر على روح المشاهد من حيث لا يشعر، ومن دون أن يهدف إليه المخرج. فينبغي أن تكون هذه الحقيقة بمثابة صفارة الإنذار لتمنعنا عن مشاهد أيّ فيلم بكل بساطة.

يتبع إن شاء الله...

[1] تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏8، ص: 57.
[2] «وَ قَالُواْ لَوْ لَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَک» (انعام،9).
[3] الأنعام، 35.
[4] العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج7، ص64.


 
 توقيع : الرحيق المختوم



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:52 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية