هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 12-26-2011, 07:54 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي فلسفة دعاء المعصوم ( شبكة المنير )



فلسفة دعاء المعصوم
- 2010/07/29 -

فلسفة دعاء المعصوم عليه السلام 13 / 1 / 1424 هـ

بِسْمِ اللهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيْمِ

{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
صدق الله العلِي العظِيم


هناك ظاهرةٌ تستدعِي الانتباه وَتُثِير التساؤل ألاّ وَهِي ظاهرة أدعِية أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعياً ، إِذا قرأنا أدعية أهل البيت نجد أنها تتضمن اعتراف بِـالذنب والخطيئة ، الإِمام عَلِيُّ علِيّه السّلامُ فِي دعائه يقول " إلهِي ظلمت نفسِي وتجرأتٌ بِـجهلِي وسكنتٌ إِلى قديم ذكركَ لِي " .

الحُسَيْن عليه السّلامُ يقول فِيْ دعائه " بـأي شيء أستقبلك يا مولاي ، أببصرِي أم بِسمعِي أم بيدِي أم برجلِي ، أليس كلها نعمك عندِي وبكلها عصيتكَ " .

الإِمام زِين العَابِدِين فِيْ دعائه يقول " إلهِي كلما طال عمرِي كثرت خطاياي أما أن لِيّ أن أستحِي من ربِي" .

هذه الَألفاظ وهذه الفقرات تتضمن اعترافاً وإقرارناً بالذنب والخطأ ، فكيف نوفق بينها وبين ما دل على طهارة أهل البيت من الرجس بتمام أصنافه وأنواعه " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " كيف نجمع بين طهارتهم من الرجس وبين هذه الفقرات المتضمنة للاعتراف والإقرار بالذنوب والأخطاء والمعاصِي ؟!

هناك اتجاهات ثلاثة في تحليل هذه القضية :
1- الاتجاه التربوِي 2- الاتجاه العبادِي 3- الاتجاه الجمعِي

الاتجاه الأول ، هو الاتجاه التربوِي نحنُ عندما نقرأ قوله تعالى "هُو الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " الآية المُباركة تذكر ثلاثة أدوار إلى النبي :

1- الدور الإعلامِي " يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ "
2- الدور التربوِي " وَيُزَكِّيهِمْ "
3- الدور التعليمي " وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ "
الأول : الدور الإعلامِي واضح وهُو عبارة عن تبليغ آيات القرآن الكريم ، والدور التعليمِي واضح أيضاً يعلمهم الكتاب أي : يفسّر لهم الكتاب ، ويعلمهم المبادئ العقلية .

الثاني : الدور التربوي " وَيُزَكِّيهِمْ " ما معنى التزكية ؟ ، ما معنى الدور التربوي الذي يمارسه النبي صلى الله عليه وآلِه وهُو الذي عبر عنه القرآن بالتزكية " وَيُزَكِّيهِمْ "

التزكية : هِي عبارة عن الهداية الأمرية ، ما معنى الهداية الأمرية ؟

ذكرت أنا فيما سبق أن هناك عالمين ، عالم الخلق وعالم الأمر ، عالم الخلق هو عالم المادة ، وعالم الأمر هو ما وراء المادة ، القرآن الكريم يقول " أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ " له عالم الخلق وهو عالم المادة ، له عالم الأمر و هو ما وراء المادة ، الجسد من عالم الخلق ، "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين " ، الرُّوح التي تحرك هذا الجسد وتدير هذا الجسد ، الرُّوح من عالم الأمر لأنها ليست شيء مادِي ، وليست شيئاً يشغل حيزاً من الفراغ ، فالرُّوح ليست من عالم الخلق ، بل من عالم الأمر ، ولذلك القرآن يقول "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي" ولم يقل : من خلق ربّي ، " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً " .

عندنا عالم الخلق ، وعندنا عالم الأمر ، الخطاب المرتبط بعالم الخلق ، يسمى هداية تبليغية ، والخطاب المُرتبط بعالم الأمر ، يسمى هداية أمرية ، مثلاً إذا صعد المرشد على المنبر وبدأ بعض الناس ويرشدهم ويذكرهم بالآخرة ، هذا الوضع والإرشاد خطاب مع الخلق يعني خطاب مع الأسماع والأذان التي تصغِي وتلتفت إليه ، هذا خطاباً مع عالم الخلق ، هذا الذي يسمى بالهداية التبليغية ، وهذا ما كان يقوم به الأنبياء والرسل والمصلحون ...وإلى آخره .

وأما الخطاب مع الرُّوح ، إنسان يخاطب روحك ، الخطاب مع الروح هذا ليس هداية تبليغية ، هذه هداية أمرية ، كيف الخطاب مع الرُّوح ؟! أي : كما أن الله تبارك وتعالى أعطى الشيطان فرصة ، وهِي فرصة الخطاب الأمرِي .

لاحظ الشيطان يخاطب الأرواح ، لَا يخاطب الَأسماع ولَا يخاطب الخلق ،سورة الناس الشيطان يخاطب الرُّوح ، ولكن بخطاب الإغواء ، بخطاب الوسوسة فِي الصدور ، كما أنّ أعطى الله الشيطان فرصة الخطاب مع الرُّوح بخطاب الوسوسة والإغواء ، أعطى الَأئمة فرصة الخطاب مع الرُّوح بخطاب الهداية الأمرية " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا " يعني هداية أمرية وليست هداية تبليغية .

الَإمام يخاطب الرُّوح ويزرع فيها ، تماماً مُقابل الشيطان كما أن الشيطان يخاطب الرُّوح ويزرع فيها الوسوسة والَإغواء ، الَإمام والنبي يخاطب الرُّوح ويزرع بذور الهداية ، وبذور النُّور " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا " أي أن الِإمام يقوم بأساليب عاطفية ينفذ من خلالها إلى النفس ، يعبر إلى النفس ، هناك أساليب روحية يستخدمها الإمام للوصول إلى القلب ، فإِذا وصل إليها ، فإِذا وصل إليها زرع فيها بذور الهداية ، مقابل إِغواء الشيطان ، وَهذا ما نسميه بالهداية الأمرية " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا "

وهذه الهداية الأمرية هي التزكية ،التزكية التي كان يمارسها الرسول صلى الله عليه وآله " هُو الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ " كان الرسول يمارس الهداية الأمرية مع صفوة من أصحابه وصفوة من خلصائه ، كان يمارس معهم الهداية الأمرية .

الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السّلام من باب الاتجاه التربوي ، يعني من باب الهداية الأمرية ، يعني من باب الهداية الأمرية كيف ؟ ، يعني الإمام علي عليه السّلام ، عندما يجلس مع كميل بن زياد " دعاء كميل " ويبدأ الإمام يتحدث ، هذا ليس كلام فارغ " اللَّهُمَّ اغفر لِي الذنوب التي تهتك العصم ، اللَّهُمَّ اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم اللَّهُمَّ اغفر لي الذنوب التي تغير النعم اللَّهُمَّ اغفر لي الذنوب التي ... " ، اغفر واغفر .

هذا أساليب روحِية ينفذ بها إلى قلب كميل بن زياد ، ومن خلال هذا الأسلوب الروحِي يحول هذا الإنسان من إنسان آخر ، يخلق منه إِنسان هادياً مهدياً ، فَالهداية لأمريه هو أنك عندك إِنسان مريض ، المُذنب إِنسان مريض ، لماذا ؟

لأن المرض عدم التوازن بين العقل والنفس ، إذا طغت النفس على العقل أذنب الإِنسان ،المذنب يعيش مريض ، مرض عدم التوازن بين العقل وبين النفس ، هذا مريض أمامك ، كيف أصلح مرضه ؟ المريض الذي أمامي ، الإمام عندما يستلم هذا المريض ، يبثّ هذه الأساليب الروحيّة والنفسية الخاصة ليحوّل هذا القلب الذي لوثته الذنوب إلى قطعة بيضاء طاهِرة ، وهذا ما نسميه بالهداية الأمرية .

إذن هذه الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السّلام ، ليست اعتراف بالذنب ، وليست اعتراف بالخطأ والمعصية ، وإنما هِي أساليب نفسية لغزو الطرف المُقابل ،يضع يده على الجرح ، كما أنت لديك هموم ، أو لديك مشكلة في العمل، وتأتي لي وقبل أن تتكلم ، أنا أقول الإنسان يصاب بمشكلة في عمله ، وأتحدث عن نفس المرض الذي تعيش فيه ، أتحدث معك عن المشكلة التي أنت واقع فيها ، الهم الذي فيه ، أبدأ أشرح لك الأسباب والمناشئ والحالة النفسية التي أنت فيها ، أنت تتحول إلى إِنسان آخر ، تبدأ تتجاوب معِي في كل حرف وكل كلمة وكل لفظة أنطقها .

وحين إذٍ تفعل الهداية الأمرية فعلها ، وخصوصًا أدعية الإمام زين العابدِين ، كيف تتحدث عن النفس ، وفعلاً من يقرأ الإنسان الدعاء يجد نفسه في سطور الدعاء ، يجد أن الإمام يتحدث عن نوازعه وحالاته النفسية ، إذن الإمام ينفذ إلى الروح من خلال هذا الدعاء ، ينفذ إلى قلبي من خلال هذا الدعاء ، ويصلح قلبي وروحِي ، هذا ما نسميه بالاتجاه التربوِي أو بالهداية الأمرية .

لماذا هذه الأدعية الواردة عن أهل البيت عليه السّلام التي تتضمن اعتراف بالذنب والخطيئة ، مع أنهم طاهِرون معصومون مختارون منتخبون ، لماذا بكاءٌ ونحيب ٌ وتحسّف ؟!!

الاتجاه الثانِي : الاتجاه العبادِي ، ما معنى الاتجاه العبادي ؟!

العلاقة مع الله عز وجل على درجات متفاوتة ، على مراتب مختلفةٌ ، مثل النُّور ، النُّور له درجات مُتفاوتة ، نُّور الشمس أقوى من نُّور المصباح ، ونُّور المصباح أقوى من نُّور الشمعة ،النُّور له درجات ، كُلّ درجة من هذه الدرجات مشوبة بظلمة ، نًّور الشمعةُ مشوب بشيء من الظلام ، ونُّور المصباح مشوب بشيء من الظلام أيضاً ، نُّور الشمس أيضاً مشوب بشيء من الظلام ، ولووصل الإِنسان إلى درجة النُّور الذي لَا يشوبه الظلام أصلاً ما تحمل الإِنسان مواجهتها ، لَا يستطيع الِإنسان أن يواجه طاقة من النُّور لَا ظلام فيها ، يواجه طاقة من النُّور لَا نقص فيها ، لَا يستطيع أن يواجهها لماذا ؟

اقرأ قوله تعالى " وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي" كيف القصة ؟ ، "فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا " أفرز طاقة من النُّور ، خلق طاقة من النُّور تبارك وتعالى ، أفاض على الجبل طاقة من النُّور صافية لَا ظلام فيها ، ذلك الجبل الصلب الجماد تحول إلى رماد نتيجة هذه الطاقة وموسى ما أستطع أن يرى شيء حتى أغشي عليه "وَخَرَّ موسَى صَعِقًا "

إذن النُّور الحسِي له درجات ، النفس الشيء بنُّور الإمام ، نُّور الِإمام أيضاً له درجات نُّور الهداية له درجات ، كيف القرآن نفسه يقول لو تلاحظ تعبيرات القرآن تعبيرات دقيقة ، تحكِي عن درجات ومراتب للنًّور ، نُّور الِإيمان مثلاً القرآن يعبر بكلمة النُّور فقط بدون إضافة ، " أَومَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا " هذه الدرجة درجةٌ من درجات النُّور ، أحياناً القرآن يعبر بِالنُّور المُضاف نُّورهم ، نورنّا ، هذه الِإضافة تعني درجة ثانية من درجات النُّور غير درجة السابقة ، الِإضافة تعني درجة أخرى.

من درجات النًّور مثلاً " يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ "- يوم القيامة - " نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيِهمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَاأتَممْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " هذا النُّور المُضاف أعلى من الدرجة الَأولى وأحياناً القرآن لَا ، يعبر بِتعبير أبلغ النُّور والمُضاف إليه تعالى ، لَا يضيف النًّور إلى البشر بل يضيفه إِليه سبحانه وتعالى " مثل نُّوره "ما قال نُّورهم ، مثل نُّّوره هذه درجة إلى درجات السابقة " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " الله ما ترك شيء إلاّ وضع فيه حصة وقسط من النُّور ، ولكن نُّوره أين ؟ ، السموات والأرض كلها منيرة ، ولكن نُّوره أين ، من أين هذه الَأنوار؟

" مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْديِ اللهِ لِنُورِهِ مَن يَشَاءِ وَيَضْربُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " النُّور الَأول النُّور الصَافِي ليس فيه ظلمة ، المُتصل بالشجرة " يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ " ثم يتولد منه نُّور آخر هُو نُّور المشكاة .

ثم يتولد نُّوراً ثالثاً وهُو نُّور المكان والغرفة ، كُلّ نُّور أقل من النُّور الذي قبله ، لذلك الآية القرآنية بعد أن ذكرت هذا المثل ماذا قالت "نُّورٌ عَلَى نُورٍ " ولكن أين نُّوره - أعلى الدرجات- ؟

" يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ " أعلى درجات النُّور المُضاف إِليه الله تبارك وتعالى ، " يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ " .

إذن للنُّور الإيمانِي درجات مًختلفة ، ودرجات متفاوتة ، الِإمام أو الولي عندما يعرج نحو ربه ، الصلاة معراج المؤمن ، الصلاة عروج تعرج فيها الرًّوح إلى أفق أرحب إلى أفق أعلى ، الصلاة معراج المؤمن ، عندما تعرج الرُّوح في الصلاة أوفِي الدعاء أو العبادة ، أي عبادة أخرى ، يصل الِإنسان إلى أول درجة من درجات النُّور ، ويخضع لنظام تكامل نظام تفاعل من نُّورٍ إلى نُّور ، إذا بلغ إلى هذه الدرجة من الدرجات النّور هل يكتفي بذلك ؟

لَا ، يرى نفسه مُقصر ، نحنُ من نكتفي بذلك ، النّور لأهله ولسنا منهم ، نحنُ في قوله تعالى " وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى " أين نحن عن النّور ؟!

الَأوليّاء والَأئمة يطلبون النُّور بشغف وعطش وظمأ ، الصلاة معراج للنُّور ونحو النُّور فَإِذا وصل إلى المرحلة الَأولى من النذُور رأى نفسه مقصر وعَاصِي ومُذنب ، هُو لم يرتكب خطأ ولكن يرى نفسه مقصّراً ،بمعنى أن طاقة مؤهله إلى درجة أعلى ، كلما وصل إلى درجة من النُّور رأى أنه أهل قادر ومستعد وطاقته مؤهلة إلى درجة أعلى ، فَدائماً في أي مرتبة من مراتب النُّور يرى نفسه مقصراً ، ويعبر عن هذا التقصير بالذنب بالمعصية ، ويبكِي ويتألم ويتأوه ، لِأجل أنه في حالة تصاعد وتكامل نوري .

إلى أن يصل إلى درجة التي ينكشف فيها تمام الَأستار ، إلى أن يصل إلى درجة التي يقول عنها أبو الحسن عليه السّلام " ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبلٌ وبعده وفوقه وتحته وفيه " ويصل إلى الدرجة التي يقول الحسين عليه السلام " أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهِر لك ؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ؟ ومتى كانت الآثار تدلّ هي التي توصل إليك "

إذن هذه الأدعية وذكر الذنوب والمعاصِي ، لَا يتنافى مع العصمة ، هذا مجرد بيان للتصاعد النُورِي والتكامل النُّورِي الذي يشعر به الِإنسان في مرتبة من مراتبه أنه ما زال مقصراُ بحسب طاقته واستعداده مع أنه لم يرتكب خطأ ولَم يرتكب ذنباً .

الاتجاه الثالث : الَاتجاه الجمعِي ، مَا معنى الاتجاه الجمعِي ؟

الشعور على قسمين : شعور فردِي وشعور جمعِي ، مثلاً عندما أصاب بمرض أو بهم ، هذا الهم خاص بِي أنا ، مثلاً عندما يكون عندِي سوء تعامل ، سوء تفاهم مع صدِيق أو أهل ، هذا الهم فردِي ، وليس همًّا جماعِيا ، أما الَأم ، الَأم أذا أصيب أولَادها بسوء أو بظروف قاسية ، ماذا يحصل لها ؟ ، شعور وألم وحزن ، وتأوه هذا الألم شعور جمعي ، وليس شعور فردي ، الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام مندرجة تحت الشعور الجمعي ، لَا الشعور الفردِي ، كيف ؟

هُنا وجهان ، وجه برهانِي ووجه وجدانِي :

1- الوجه البرهانِي يستند إلى أمور ثلاثة :

الَأمر الأول : هناك ربط وجودِيّ بين أنفس أهل البيت وبين سَائِر الَأنفس ، يوجد ربط بين أنفسهم الطَاهِرة وبين سَائِر الَأنفس كيف ؟ ، الله سبحانه خلق هذا الوجود بسماواته وأراضيه ونجومه ومجراته ، وأنسه وَجنّه وأملاكه خلقه لماذا ؟ ، هذا الوجود بتمامه ، خلقه لماذا ؟

خلقه من أجل الوصول إلى الكمال ، هذا الوجود بتمامه يتحرك من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة ، كل الكون يتحرك حتى هذه النواة في صلب الذرة ، هِي نواة متحركة ، كُلّ شيء في هذا الوجود يعيش حركه دائبة واقعية وظاهِرية ، جوهرية وعرضية ، الوجود كله في مسيرة حركة نحو ماذا ؟ ، نحو الكمال ، لكِي يصل إلى الكمال ومنهم الِإنسان ، الِإنسان يظنّ أنه لا يتحرك ، لَا ، هو يتحرك نحو مقصد معين " يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ " .

الوجود كله يتحرك نحو الكمال ، ومن أجل ذلك خلق الوجود ، خلق لكي يصل إلى الكمال اللائق ، وصول الوجود ومسيرة الوجود إلى الكمال يتوقف على وسائل وأدوات تأخذ بمسيرة الوجود وتوصله إلى الكمال ، لَا يمكن أن تسير علة الوجود ومسيرة الوجود إلى الكمال إِلاّ أذا كانت هناك آليات ووسائِل تأخذ بيد الوجود وتوصله إلى الكمال ، وإلاّ لا يصل إلى هذا الكمال ، ما هِي هذه الأدوات ؟

الله سبحانه خلق أشخاص وودع فيهم طاقة عملاقة وجبارة وطاقات كامنة ، وبهذه الطاقات يستطيع هؤلاء أن يأخذوا بمسيرة الوجود إلى الكمال ، فوصول هذا الوجود إلى الكمال بوسيلة هؤلاء وطاقاتهم التي تأخذ مسيرة الوجود إلى الكمال ، فتوصل الوجود إلى ذروة الكمال ، فمن هؤلاء الأشخاص الذين خلقهم لِأجل مسيرة الوجود للكمال .

في الحديث القدسي : " ما خلقت سماء مبنيّة، ولا أرضاً مدحيّة، ولا قمراً منيراً، ولا شمساً مضيئة، ولا فلكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فلكاً يسري؛ إلا في محبّة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء "، قيل ومن تحت الكساء ، قال :"هم فَاطِمةٌ وأبوها وبعلها وبنوها "ما هو ربط الوجود بهم ؟

هذا هو الرابط ، الوجود خلق للكمال ، وهم الشرط والوسائل والوسائِط في إيصال مسيرة الوجود للكمال ، لأنهم أعطوا طاقة الكمال فهم الذين يأخذون مسيرة الكون للكمال ، لذلك تقرأ في الزيارة الجامعة " بكم فتح الله ، بكم يختم...بكم ينزّل الغيث...الخ " ، وبعض الَأحاديث الواردة عن الَإمام علي عليه السّلام يقول" لولا الحجة لساخت الَأرض بِأهلها " لَا تصل إلى كمالها.

الَأمر الثانِي : هذا الربط الوجودي بين الأنفس الطاهرة وبين الوجود ، هذا الربط يعبر عنه الفلاسفة ، الشرط المتمم لقابلية القابل لا مصحح لفاعلية الفَاعل - اشرح باختصار- ، مثلاً لدينا ورق ونّار ، النّار هِي الفَاعِل ، والورق هُو القَابِل ، الورق هُو الذي يحترق بالنّار ، النّار نسميها فَاعِل والورق نسيمه قَابِل ، الورق لَا يحترق بالنّار إِلاّ أذا كان جافاً ، أما أذا كان مبلولاً بالماء لَا يحترق بالنّار سريعاً فلَابد أن يجفّ أولاً ، الجفاف شرط ، ولكن هل هو شرط مصحح لقابلية الفَاعِل ؟، بمعنى أن النّار لَا يمكن أن تحرق الورق إِلاّ أذا كان الورق جافاً؟

لَا ، هذا شرط لَا يصحح فَاعِلية الفَاعِل ، النّار تفعل فعلها ، لكن شرط متمم لقابلية الفَاعِل ، يعني الورق لَا يكون فيه قابلية للاحتراق إِلاّ أذا كان جافاً ، فالجفاف شرطاً فِي تمام قابلية القابِل ، وليس شرطاً في فَاعِلية الفَاعِل .

الله تعالى خلق أهل البيت عليه السلام وأنت تقول خلقهم كواسطة لِإيصال الوجود إِلى الكمال ، هل الله محتاج إلى خلقهم ؟ألا يستطيع أن يوصل الوجود إلى كمال بدونهم ؟!

لَا ، ليس شرطا مصححا لفاعلية الفَاعل ، فاعليته وقدرته تبارك وتعالى لَا تتوقف على هذا الشرط ، فليس هم شرط مصحح لفاعلية الفَاعل ، إذن هم متمم لقابلية القابل ، أي : هذا الوجود متى يمتلك الطاقة متى يمتلك الاستعداد للإيصال إلى الكمال ؟! ، إنما يملك الوجود الطاقة والاستعداد والقابلية للوصول إلى الكمال بماذا ؟ ، بوجود أهل البيت عليه السّلام ، فهم متممٌ لقابلية القابل وليسوا مصححاً لفاعلية الفَاعِل تبارك وتعالى .

الَأمر الثالث ، من وجهين :

الوجه الأول : إذا كان بين أهل البيت وبين هذا الكون ، و بين أنفسنا - أقرب شيء إلينّا- ، إذا كان بين أنفسهم وأنفسنا ربط وجودِي ، معناه أنهم يشعرون بمشاعِرنّا ، يشعرون بآلامنّا ، يشعرون بِهمومنا ، يشعرون بذنوبنا وأخطائنّا ، ويشعرون بمعاصينّا ويشعرون بتجاوزاتنّا ، إذن النبي أو الِإمام عندما يبكِي أو يتألم ويتأوه ، ويتحسر على الذنوب والمعاصِي ، لَا لأنه أرتكب ذنباً ، بل لَأنه يحمل شعور الَأنفس ، يحمل هموم الَأنفس ، يحمل ذلك الألم نتيجة الذنوب ، ذنوب الَأنفس ، لأن بين أنفسنّا وأنفسهم ربطاً وجودِياً ، لذلك يشعرون بذنوبنّا ومعاصينّا

اقرأ قوله تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " الرسول رحمة للأمة ولِأصحابه لماذا قال رحمة العالمِين ؟ هذا معناه ربط وجودِي ،لو لم يكن هناك ربط وجودِي بين نفسه القدسية وبين جميع العالمِين ، من أنس وجنّ وملاك وسماء وأرض ولو لم يكن هناك ربط بين العالمين ما قال تعالى " وما أرسلنّاك إلاّ رحمة للعالمِين " تقرأ قوله تعالى " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ " ما معنى أولى ؟ ، يعني ولي أمر هذا أيضا كافِي أن يكون ولي أمر المسلمين ، حتى أنفسنا وليّ عليها ؟!

حقّا كان هو الحاكم ويدير شؤون الحكم في زمانهم ، لأن القرآن يقول ليست فقط هذه الولاية ، لا ...أولى حتى من نفسهم ، له الولاية على الأنفس لأنه هناك ربطاً وجودياً بين نفسه الطَاهِرة وبين الَأنفس ، وإِلاّ لما كانت له ولاية على الَأنفس " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وهو نفسه يقول هذه الولاية ليست خاصة بِي " ألست أولى بكم من أنفسكم " قالوا : بلى يا رسول الله ، قال :" فمن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " إذا تقرأ في الزيارة الجامعة " وأنفسكم بالنفوس "،ما معنى أنفسكم بالنفوس ؟! ، " أثاركم في الَآثار " ؟

هذا هو الرابط الوجودِي ، فَالإمام يملك شعور جمعِي ناشئاً من الربط الوجودِي بين نفسه الطَاهِرة وبين الَأنفس ، وهذا الشعور الجمعِي يعبر عن معاصينّا وَذنوبناً ، وألأمنّا ويبكِي لِأجلنّا ، ويتحسر لِأجلنّا .

الوجه الثانِي : الوجه الوجدانِي طبيعِي ، علاقة الإمام بنّا كَعلاقة الأم الحنون بِأبنائها ، كيف الأم الحنون تذوب حزناً على أولادها .؟ ،لَا تنام إذا مرض أحد من أولادها ، لَا تحمل برغد العيش إذا شاهدت ولد مهموم من أولَادها، تحمل هموم أولَادها ، لَا يوجد رابط وجودِي بين الَأم وأولادها ، أنجبتهم وانتهى ، انتهت العلاقة الوجودِية ولكن مع ذلك تشعر الأم أنا أولَادها قلبها ، ليس شعور كلام فقط ، لَا هذا الشعور واقعِي تشعر الَأم أن أولَادها قلبها ، روحها ، فؤادها ، تتألم لهم ، تبكِي عليهم ، تحزن عليهم أكثر ممّا يحزنوا على أنفسهم ، بل تتألم أكثر مما يتأملون لِأنفسهم .

علاقة الإمام بنا تماماً هِي علاقة الأم بأبنائها ، كعلاقة الإمام أو النبي بنّا ، النبي مُحَمّدِ صلى الله عليه وآلِه يقول " أنا وأنت يا علي أبوا هذه الَأمة " هل هذا الكلمة فارغة ؟ لَا ، يعني نشعر بآلامها وهمومها ، وأحزانها ونبكِي على ذنوبها ومعاصيها ، هذا معنى الآية " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ " من أنفسكم أي الربط الوجودِي أو الرابط الوجدانِي ، ولِأجل هذا الرابط " عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَّحِيمٌ " .

إذن أدعية الأئمة ليست اعتراف بالذنب أو الخطيئة ، لَا ، أدعية الِأئمة يتحدثون عنا ، عن ذنوبنّا ، عن معاصينّا ، عن همومنّا وأحزاننّا ويتألمون لنّا أكثر مما نتألم لِأنفسنّا ، ويتحسرون علينّا ويتأثّرون لِأجلنّا أكثر مما نتأثر لِـ أنفسنّا ، وليس هذا غريب عليهم ، أبواب الرحمة الحسن بني علي عليه السّلام يوم عَاشُوراء كان يبكي قيل ما يبكيك يا أبا عبد الله وأنت سيد شباب أهل الجنّة ؟ ، قال: " ما بكيت على نفسي ، أبكِي على هؤلاء القوم يدخلون النّار بسب قتلِي" ، الحُسين يبكِي على أعدائه .

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 05:32 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية