هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 10-18-2011, 10:18 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ



هـــذا القــرآن

قوله تعالى :﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾(الإسراء: 88) .
أولاً- هذا خطاب من الله عز وجل للنبي محمد صلى الله عليه [وآله]وسلم يأمره فيه على لسان رسل ملائكة الوحي أن يخبر كفار مكة بعجزهم عن الإتيان ﴿ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ ، وقد عمَّ بهذا الخبر المؤكَّد بالقسم جميع الخلق ؛ إنسهم وجنهم ، معجزًا لهم ، قاطعًا بعجزهم مجتمعين أو منفردين عن الإتيان بـ﴿ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ إلى يوم القيامة ، ولو تظاهروا عليه . وهذا من أعظم الدلائل على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام في أول الأمر عند كل من سمع هذا الكلام من المشركين وغيرهم من الكفرة والملاحدة .
وفي سبب نزول هذه الآية ذكر ابن عطية :« أن جماعة من قريش قالت للنبي صلى الله عليه [وآله]وسلم : لو جئتنا بآية غريبة غير هذا القرآن ، فإنا نقدر نحن على المجيء بمثل هذا ، فنزلت هذه الآية المصرِّحة بالتعجيز ، المعلمة بأن جميع الخلائق لو تعاونوا إنسًا وجنًّا على ذلك ، لم يقدروا عليه » ، فتكون الآية ردًّا لما قاله الكفار :﴿ لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هذا(الأنفال :31) ، وإكذابًا لهم .
وقال الألوسي :« روي أن طائفة من اليهود قالوا : أخبرنا يا محمد بهذا الحق الذي جئت به ، أحق من عند الله تعالى ، فإنا لا نراه متناسقًا كتناسق التوراة ، فقال صلى الله عليه[وآله] وسلم لهم : أما والله إنكم لتعرفونه أنه من عند الله تعالى ، قالوا : إنا نجيئك بمثل ما تأتي به ، فأنزل الله تعالى هذه الآية » .
وافتتاح الآية الكريمة بهذا الأمر الإلهي الحاسم ﴿ قُلْ ﴾ لإِظهار العناية بما بعد القول ، والتنويه بشرف هذا القرآن العظيم ، والامتنانِ على الذين آمنوا به ؛ إذ كان لهم شفاء ورحمة ، وهو افتتاح مُوحٍ بأن الأمر في هذه العقيدة هو أمر الله تعالى وحده ، ليس لمحمد صلى الله عليه [وآله]وسلم فيه شيء ؛ إنما هو الله الآمر الذي لا مردَّ لأمره ، والحاكم الذي لا رادَّ لحكمه .
واللام في قوله :﴿ لَئِنِ ﴾ هي الموطِّئة للقسم ، دخلت على ( إن ) الشرطية للتوكيد .والمراد من اجتماع الإنس والجن : اتفاقهم وتعاضدهم ، واتحاد آرائهم ؛ سواء كان ذلك مع مشافهة ، أم لا ؛ لأنه لا يشترط في الاجتماع اللقاء والاتصال ، فقد يكون الاجتماع على غير المقارنة والاتصال ، فلا يكون لقاء ، كاجتماع القوم في الدار ، وإن لم يكن هناك اتصال مباشر بينهم.
وقدِّم ﴿ الْإِنْسُ ﴾على ﴿ الْجِنُّ ﴾؛ لأنهم هم المعنيون أولاً بهذا الخطاب ؛ ولأنهم كانوا يزعمون أن القرآن الكريم تنزلت به الشياطين على محمد صلى الله عليه[وآله] وسلم ، فردَّ عليهم القرآن بقول الله تعالى :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾(الشعراء:210-212) .
وقوله تعالى :﴿ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ جواب للقسم الذي ينبىء عنه اللام الموطئة ، وساد مسد جواب الشرط ، وقد أتى منفيًا بـ(لَا ) ؛ كما في قوله تعالى :﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ ﴾(الحشر: 12) . ومن حق هذا الجواب أن يأتي منفيًّا بالأداة (مَا ) ، فيقال :( لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، مَا يأتون بمثله ) ؛ لأن ( مَا ) تكون جوابًا عن دعوى ، وهؤلاء الكفرة ادعوا أنهم يأتون بمثله ، فكان وجه الكلام أن يرد على دعواهم الباطلة تلك ، فيقال : ( ما يأتون ) ؛ ولكنْ عُدِلَ عنه إلى القول :﴿لَا يَأْتُونَ ﴾ ؛ لأن ( لا ) تدل على نفي الجنس نفيًا شاملاً مستغرقًا لكل جزء من أجزاء الزمن الدائم والمستمر ، مع طول النفي وامتداده إلى ما يشاء الله تبارك وتعالى ، فأفاد النفيُ بها أن الإتيان ﴿ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ غير ممكن أبدًا على مرِّ الزمن ، وأنه فوق طاقة الخلق من الإنس والجن ؛ وذلك بخلاف ما لو نفي ذلك بـ( ما ) ، فقيل : ( ما يأتون بمثله ) .. ومن هنا كانت هذه الآية الكريمة مفحمة للكفار ولغيرهم ، وللعالم كله إنسه وجنه في التحدي بإثبات عجزهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن العظيم إلى يوم القيامة ، وأنهم لا يقدرون على ذلك ، مهما حاولوا .
ثانيًا- والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما هذه المِثلية التي تُعجِز الإنس والجن عن الإتيان بها ، وما المراد منها ؟ وهل للقرآن الكريم مثل ؟ وإن كان له مثل ، فما هو ، وأين هو ؟
وقبل الإجابة عن ذلك لا بد من الإشارة إلى أن المراد من قوله تعالى :﴿ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ نَفْيُ قدرة الإنس والجن مجتمعين أو منفردين عن الإتيان بمثل هذا القرآن ، وليس المراد مطالبتهم بالإتيان بهذا المثل ، ويدل على ذلك أمران :
أحدهما : أنه لو كان المراد مطالبتهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، لوجب أن يقال : فأتوا بمثل هذا القرآن . أو يقال : فليأتوا بمثل هذا القرآن ؛ كما قال تعالى في موضع آخر :﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ (البقرة: 23) ، وقوله تعالى :﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ ﴾ (الطور: 34).
والآخر : أنه ليس من المعقول أن يثبت الله عز وجل عجز الإنس والجن عن الإتيان بمثل هذا القرآن على سبيل القطع والجزم ، ثم يطالبهم أن يأتوا بهذا المثل . فالقرآن نفسه أعذر حين أنذر بأنه لا يمكن أن يأتي الجن والإنس بمثله ، وإن اجتمعوا له ، وتظاهروا عليه .
فثبت بذلك أن المراد بقوله ﴿ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ : إثبات عجز الإنس والجن عن الإتيان بمثل هذا القرآن ، وأن ذلك فوق طاقاتهم وقدراتهم .. وهذا هو التحدي الأكبر ، وهو من أعظم الدلائل على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام .
وإذا ثبت عجز الإنس والجن مجتمعين أو منفردين عن الإتيان بمثل هذا القرآن ، كان عجز الإنس عن ذلك من باب أولى . وإنما جمع بين الإنس والجن ؛ لأن محمدًا عليه الصلاة والسلام مبعوثٌ إلى الثقلين معًا . فقد ثبت بنص القرآن والسنة أن الجن منهم المؤمنون ، ومنهم الكافرون ، وأن الكافرين منهم كانوا يستمعون إلى القرآن وهو يتلى ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يجتمع بهم ، ويقرأ القرآن عليهم ، ويدعوهم إلى الإيمان ، وأن كثيرًا منهم من آمن به ، وأن كثيرًا منهم من بقي على كفره ، فمثلهم في ذلك مثل الإنس ؛ ولذلك جمعت الآية الكريمة بينهما في هذا الخطاب :
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ﴾(الأنعام: 130)
ومن هنا نرى أنه لا داع لقول من قال : إن التحدي وقع للإنس دون الجن . أو : إنه وقع للعرب دون العجم . أو غير ذلك من الأقوال التي لا تغني من الحق شيئًا . وهو دليل أيضًا على أن اجتماع الإنس والجن ممكن ، خلافًا لمن ذهب إلى أن المثلية مقدرة مفروضة ، لا يمكن للعقل أن يتصوَّرها ؛ لأن الآية ابتدأت عندهم بافتراض اجتماع الإنس والجن . وهذا الافتراض- كما قال بعضهم- لا يتصور عقلاً ، ممَّا يعني أن نتيجة هذا الافتراض ، وهو المجيء بمثل هذا القرآن ، لا يُتَصوَّر عقلاً ؛ لأن الكلام مسوق مساق التعجيز .
ثالثًا- إذا ثبت مما تقدم أن هذه المثلية التي أعلن الله تعالى على سبيل القطع والجزم عجز الإنس والجن عن الإتيان بها ليست بمثلية مفروضة ، فهذا يعني أنها مثلية معلومة ، وأن للقرآن مِثلاً يماثله في تمام حقيقته وماهيته ، وهذا ما يفهم من قوله تعالى :﴿ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ .
فقوله تعالى :﴿بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ صريح في أن المتحدَّى به هو ( مثل هذا القرآن )، لا القرآن نفسه ، وأن الإشارة بقوله:﴿ هَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ إشارة إلى حاضر موجود ، والتحدِّي إنما وقع بمِثْل هذا الحاضر الموجود. ولو كان مثلاً مقدَّرًا مفروضًا ، لما صحَّ أن يكون مناط تحدٍّ ؛ لأنه لا يجوز التحدِّي بشيء لا يُعلَم ولا يُدْرَى ما هو؟
ثم قال تعالى :﴿ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ ، فكرر لفظ ( المِثْل ) على سبيل التأكيد والتوضيح ؛ لئلا يتوهم متوهم أنه ليس للقرآن مِثْل ، فبُيِّن ذلك بتكرار﴿ بِمِثْلِهِ ﴾ ، ولم يأت التركيب ( لا يأتون به ) ، دفعًا لذلك التوهم ، وأن المراد نفي الإتيان بالمثل ، لا نفي الإتيان بالقرآن .
ومن الغريب أن بعض المفسرين كالشوكانيِّ وأبي السعود والألوسيِّ قد فهموا عكس المراد من هذا التكرار ، فقال الشوكانيُّ :« أظهر في مقام الإضمار ، ولم يكتف بأن يقول : ( لا يأتون به ) ، على أن الضمير راجع إلى المثل المذكور ؛ لدفع توهم أن يكون له مثل معين ، وللإشعار بأن المراد نفي المثل على أي صفة كان » . وقال أبو السعود والألوسي :« وأوثر الإظهار على إيراد الضمير الراجع إلى المثل المذكور ؛ احترازًا عن أن يتوهم أن له مِثْلاً معينًا ، وإيذانًا بأن المراد نفي الإتيان بمثلٍ مَّا » .
وهذا الخطأ في فهم ( المِثْل ) قد قادهم إلى خطأ آخر ، فقال أبو السعود في قوله تعالى :﴿ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ بعد أن نفى أن يكون للقرآن مثل معين :« أي : لا يأتون بكلام مماثلٍ له فيما ذكر من الصفات البديعةِ ، وفيهم العَربُ العاربة أربابُ البراعةِ والبيانِ » . وقال ابن عاشور بعد أن قرر أن المثلية مقدرة مفروضة ، وأن الكلام مسوق مساق التعجيز :« المراد بالمماثلة للقرآن : المماثلة في مجموع الفصاحة والبلاغة والمعاني والآداب والشرائع ، وهي نواحي إعجاز القرآن اللفظي والعلمي » .
أما المعتزلة فتمسكوا بهذه الآية على أن القرآن مخلوق ، فقالوا :« إنه عليه السلام تحدَّى العرب بالقرآن ، والمراد من التحدِّي : أنه طلب منهم الإتيان بمثله . فإذا عجزوا عنه ، ظهر كونه حجة من عند الله على صدقه . وهذا إنما يمكن ، لو كان الإتيان بمثله صحيح الوجود في الجملة . ولو كان قديمًا لكان الإتيان بمثل القديم محالاً في نفس الأمر ، فوجب أن لا يصح التحدي » .
حكى ذلك عنهم الفخر الرازي ، ثم عقَّب عليه قائلاً :« والجواب : أن القرآن اسم يقال بالاشتراك على الصفة القديمة القائمة بذات الله تعالى ، وعلى هذه الحروف والأصوات . ولا نزاع في أن الكلمات المركبة من هذه الحروف والأصوات محدثة مخلوقة ، والتحدي إنما وقع بها لا بالصفة القديمة »(22) .
وقال الباقلاني في كتابه ( إعجاز القرآن ) ، ( فصل فيما يتعلق به الإعجاز ) :« إن قال قائل : بيِّنوا لنا : ما الذي وقع التحدي إليه ؟ أهو الحروف المنظومة ؟ أو الكلام القائم بالذات ؟ أو غير ذلك ؟ قيل : الذي تحداهم به : أن يأتوا بمثل الحروف التي هي نظم القرآن منظومة كنظمها متتابعة كتتابعها مطردة كاطرادها ، ولم يتحدهم إلى أن يأتوا بمثل الكلام القديم الذي لا مثل له ..
وإن كان كذلك ، فالتحدي واقع إلى أن يأتوا بمثل الحروف المنظومة التي هي عبارة عن كلام الله تعالى في نظمها وتأليفها ، وهى حكاية لكلامه ، ودلالات عليه ، وأمارات له ، على أن يكونوا مستأنفين لذلك ، لا حاكين بما أتى به النبي صلى الله عليه [وآله]وسلم » .
وأضاف الباقلاني قائلاً :« وقد جوز بعض أصحابنا : أن يتحداهم إلى مثل كلامه القديم القائم بنفسه . والذي عوَّل عليه مشايخنا ما قدمنا ذكره ، وعلى ذلك أكثر مذاهب الناس »(23)
رابعًا- وتحقيق القول في هذه المسألة التي كثر الخلاف فيها ، وما زال الناس فيها يختلفون : أن للقرآن الكريم مِثلاً يماثله في تمام الحقيقة والماهية ، وأن هذا المِثْلَ معلوم بنصِّ الآية الكريمة. وهذا المِثْل هو الذي أخبر الله تعالى بعجز الثقلين مجتمعين أو منفردين عن الإتيان به، رغم تظاهرهم وتعاونهم على ذلك.
وأذكِّر هنا بما قلته في المبحث الثاني من هذا البحث ، من أن لكل شيء مِثلاً يماثله في تمام الحقيقة والماهية إلا الله سبحانه وتعالى ، فلا شِبْهَ له ولا مِثْل .. وأن مِثْل الشيء يؤخذ من الشيء نفسه ، إذا ما تعذر وجود مِثْل له في الواقع . وأن المأخوذ فرعٌ والمأخوذ منه أصل ، ولفظ المِثْل يطلق على كل من الأصل ، والفرع .



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
قديم 10-18-2011, 10:19 PM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وأضيف إلى ذلك : أن لفظ ( المِثُل ) من الألفاظ المتضايفة التي يقْتَضي وجودُ أحدها وجودَ الآخر ؛ كالنِّصْف، والزَّوْج ، والضِّعْف، وكلُّ لفظ من هذه الألفاظ هو ترَكُّب قدْرَيْن متساويين في تمام الحقيقة والماهيَّة . وهذا يعني- كما ذكرنا- أن للقرآن الكريم مِثْلاً معلومًا ، وأن ذلك المثل المعلوم هو الأصل ، وهذا المِثْل الذي هو الأصل هو الذي أعلن الله عز وجل عجز الإنس والجن عن الإتيان به ، ولم يطالبهم أن يأتوا به . وأما القرآن الذي بين أيدينا فهو فرع مأخوذ من ذلك الأصل . ولمعرفة هذا الأصل الذي أخذ منه مِثْل القرآن الذي بين أيدينا نقرأ قول الله تعالى :
﴿ ق * وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ (ق:1-2) ، ثم قوله تعالى :
﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ (البروج: 21- 22)
فنجد في آية ( ق ) أن الله تعالى قد أقسم بالقرآن المجيد ، ونجد في آية ( البروج ) قرآنًا مجيدًا ، في لوح محفوظ . فما هذا القرآن المجيد الذي أقسم الله تعالى به ، ثم أخبر عنه بصيغة التنكير أنه في لوح المحفوظ ؟
والجواب : أن القرآن هومجموعة القوانين الموضوعية الناظمة للوجود ولظواهر الطبيعة والأحداث الإنسانية، ابتداء من خلق الكون ( الانفجار الكوني الأول ) ، وانتهاء إلى قيام الساعة ، وهو كلمات الله القديمة التي لا تبديل لها ، وسمِّي مجيدًا ؛ لأن السيطرة الكاملة له ، ولا يمكن الخروج عنه ، وهو مطلق ، واللوح المحفوظ هو لوحة التحكم في الكون، وفي هذا اللوح توجد تلك القوانين الناظمة لهذا الوجود .
والمجيد في اللغة هو العظيم والرفيع ، وهو من صفات الباري جل وعلا ، تمجَّد بأفعاله ، ومجَّده خلقه لعظمته . قال تعالى :﴿ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ﴾ (هود: 73) ، وقال :﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾ (البروج: 15) ، فوصف سبحانه نفسه بأنه مجيد ، وجعل صفة القرآن من صفته ؛ لأنه كلام المجيد . وجاء في لسان العرب عن أبي إسحق :« القرآن المجيد ، يريد : الرفيع العالي . وفي حديث عائشة : ناوليني المجيد . أي : المصحف » .
وأما اللوح- كما جاء في لسان العرب- فهو مستودع مشيئات الله تعالى . وكل عظم عريض لوح ، والجمع منهما : ألواح .. وقيل : هو في الهواء فوق السماء السابعة ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب ، وهو من درة بيضاء ، قاله ابن عباس رضي الله عنهما . وقوله تعالى :﴿ مَّحْفُوظٍ ﴾ يعني : مُصَانٌ ، لا يمكن للشياطين أن تتنزَّل بشيء منه ، أو تغيِّر منه شيئًا . وهذا ما أخبرت عنه الآية الكريمة :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ (الشعراء:210-212).
فهل ذلك القرآن المجيد الموجود في لوح محفوظ من الشياطين هو قرآننا الذي بين أيدينا ، أم هو قرآن غيره ؟! وإن لم يكن هو ولا غيره ، فما قرآننا إذًا ، إن لم يكن مِثلاً مأخوذًا منه ؟
ثم نقرأقول الله تعالى :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ* لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ (الواقعة: 75- 79) ، فنجد كيف نفى الله تبارك وتعالى حاجته إلى القسم بمواقع النجوم- على عظمة القسم بها- على أن القرآن كريم ، وأنه في كتاب مكنون ، لا يمسه إلا المطهرون .
والمراد بالكتاب المكنون في أصح الأقوال : الكتاب الذي بأيدي الملائكة ، وهو المذكور في قوله تعالى :﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ *بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ (عبس: 13- 16) . وقيل : هو البرنامج الذي بموجبه تعمل قوانين الكون العامة كمعلومات .
والمكنون : المصون المستور عن الأعين الذي لا تناله أيدي البشر ، هكذا قال السلف . وقال الكلبي : مكنون من الشياطين . وقال مجاهد : لا يصيبه تراب ولا غبار . وقال أبو إسحاق : مصون في السماء .
ووصفه بكونه ( مكنونًا ) ، نظير وصفه بكونه ( محفوظًا ) ؛ فقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ؛ كقوله تعالى :﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾.
ووصفه بأنه ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ دليل على أنه بأيدي الملائكة لا يمسُّه غيرهم ، خلافًا لمن زعم أن المراد به المصحف الذي بين أيدينا ، وأنه لا يمسُّه إلا طاهر ؛ إذ لو كان كذلك ، لوجب أن يقال : ( لا يمسُّه إلا المتطهرون ) ؛ كقوله تعالى :﴿ ِإنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾(البقرة:222) ، فالمتطهِّر فاعل التطهير ، والمطهَّر الذي طهَّره غيرُه . قال حرب في مسائله :« سمعت إسحق في قوله :﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ قال : النسخة التي في السماء ، لا يمسها إلا المُطهَّرون . قال : الملائكة » .
ويدل على ذلك أيضًا أن الآية الكريمة سيقت تنزيهًا للقرآن أن تنزل به الشياطين ، وأن مَحلَّه لا يصِل إليه ، فلا يَمَسُّه إلا الملائكة المَطهَّرون ، فيستحيل على أخابث خلق الله وأنجسهم أن يصلوا إليه ، أو يَمَسُّوه ؛ كما قال تعالى :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ *إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾(الشعراء:210-212) ، فنفى الفعل وتأتِّيه منهم وقدرتهم عليه ، فما فعلوا ذلك ، ولا يليق بهم ، ولا يقدرون عليه ؛ فإن الفعل قد ينتفي عمَّن يحسُن منه ، وقد يليق بمن لا يقدر عليه ، فنفى عنهم الأمور الثلاثة . وكذلك قوله :﴿ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ* كِرَامٍ بَرَرَةٍ (عبس:13-16) ، فوصف محلَّه بهذه الصفات ، بيانًا أن الشياطين لا يمكنهم أن يتنزلوا به .
وأنت إذا تأملت الآية :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ، وجدتها من أظهر الأدلة على نبوة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، وأن هذا القرآن جاء من عند الله ، وأن الذي جاء به روح مُطهَّر ، فما للأرواح الخبيثة عليه من سبيل ، ثم وجدتها أخت الآية الأخرى :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ ، وثبت لك بذلك أن القرآن المجيد الموجود ﴿ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ ، والقرآن الكريم الموجود ﴿ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ) ليس هو القرآن الذي هو بين أيدينا ؛ وإنما هذا القرآن الذي بين أيدينا هو فرع من ذلك الأصل ونسخة منه ، وذلك الأصل هو المراد ﴿بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ .
وهذا القرآن الحاضر الموجود بين أيدينا قد تمت برمجته في اللوح المحفوظ قبل إنزاله إلى سماء الدنيا ، وصيغ صياغة إنسانية بلسان عربي مبين ، ثم نزِّل على محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم منجَّمًا ؛ ليبين لقومه معانيه ؛ كما نصَّت على ذلك الآية الكريمة :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ (إبراهيم: 4) ، فبينت الآية العلة التي أرسل لأجلها الرسول بلسان قومه . وقال تعالى :﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ (يوسف:2) ،﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ (الزخرف: 3)فبين أن القرآن لم يكن عربيًّا قبل إنزاله ، ثم جعل عربيًّا ، وذكر العلة التي لأجلها أنزل عربيًا ، وجعل عربيًّا :﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ .
فقضية عروبة القرآن هذه أن يفهم على قوانين لغة العرب ؛ وإلا فلا يرجى أن يفهم ما يحويه ولا أن يعقل ما فيه ؛ ذلك معنى قوله :﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ . وهذه الصيغة العربية التي صيغ بها القرآن هي صيغة محدثة بلسان إنساني ، وليست بقديمة ، وقد أطلق الله عز وجل عليها مصطلح ( الذكر ) ؛ وذلك ليذكر بها القرآن من الناس ؛ ولهذا قال تعالى :﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾(الأنبياء:2) .
فإذا عرفنا ذلك ، تبين لنا أن ما فهمه علماء التفسير من هذه المثلية ، وروجوا له ، وألفوا فيه المؤلفات الكثيرة ليس هو المراد من هذه المثلية ، وأنها ليست بـ( مثلية مفروضة ) على قول الأكثرين ، أو ( غير مفروضة ) على قول من قال إن المراد بها كلام العرب الذي هو من جنسه في فصاحته أو بلاغته وحسن نظمه ، أو أنها ( مثلية وحي وتنزيل ) ، وأن المراد منها أن يأتوا :﴿ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ﴾(القصص: 49) ، أو غير ذلك من الأقوال التي لا تفسِّر أسلوبًا ، ولا توضح معنى ؛ بل المراد منها : أن للقرآن الكريم مِثلاً يماثله في تمام حقيقته وماهيته ، وأن هذا المثل معلوم ، وهو الذي أخبر الله تعالى بعجز الإنس والجن مجتمعين أو منفردين عن الإتيان به ، ولو تظاهروا عليه . وبهذا الفهم لمعنى المثلية المتحدَّى بها تنحل المعضلة الكبرى التي نشأت بين المعتزلة ، وخصومهم حول خلق القرآن.
ولو كان المراد بهذه المثلية شيئًا مما ذكروا ، لوجب أن يكون نظم الكلام هكذا :﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَقُولُوا مِثْلَ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَقولونَ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ ؛ كما حكي عنهم قولهم :﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (الأنفال:31) ، فتأمل وتدبر ، واعتبر الأمور بأمثالها ، تصب خيرًا وتنطِق صوابًا ، إن شاء الله !!!
بقلم : محمد إسماعيل عتوك


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:08 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية