هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 81 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 05-20-2011, 02:56 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الآية السادسة عشر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِه



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم

الآية السادسة عشر قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ ‏يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ على الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ على الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ ‏فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ‏ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ‏وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}‏سورة المائدة الآية 54‏
قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: ولكن هل الآيةُ تشير إلى جماعة معينة من هؤلاء ‏المؤمنين المخلصين؟ ربما كانت بعضُ الأحاديث أو التفاسير تتضمن الإشارةَ ‏إلى ذلك، ولكن هذا ‏داخل في عالم التطبيق على بعض الأفراد الطليعيين الذين عاشوا في عصور الإسلام الذهبية في ‏عهد الدعوة والجهاد، لأنَّ الآيةَ تسير مع الزمن لتوحي ‏لكل جيل من أجيال المسلمين، أنَّ الإسلام ‏هو الرسالة التي يجب عليه أن يحتضنها ويرعاها بكل قوة، وأن يستمر عليها بكل إخلاص، وأنَّ ‏عليه أن يعي جيداً دوره فلا ‏يغتر أبداً بحجم هذا الدور بالمستوي الذي يُخيَّل إليه أنَّ الإسلام سوف ‏يموت ويزول إذا ابتعد هو عن الساحة، فإنَّ هناك أكثر من جيل في علم الله ينتظر الفرصة التي ‏‏ينتصر فيها للإسلام بعيداً عن كل زهو وعظمة وخيلاء(1).‏
أقول: هذا كلامه، ولكنْ قبل الدخول في صلب الموضوع لا بُدَّ من أن ننظر في ما ذكره.‏
قوله: ربما كانت بعض الأحاديث أو التفاسير... ألخ ليس في محله، فإنَّ هذا النحو من الكلام يدلُّ ‏على عدم كون السيد محمد حسين ممَّن يتفاعل مع ما صدر وَوَرَد عن ‏أئمة العترة الطاهرة (عليهم ‏السلام)، لأنَّ بعض هذه الأحاديث قد وَرَد وثبت عن أئمة العترة الطاهرة (عليهم السلام).‏
وإذا ما كانت بعض الأحاديث واردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، فإنَّ المتعيِّن أن يظهر منه ‏على أقل التقادير شيءٌ من الاهتمام بالأحاديث والأخبار الواردة عن أئمة ‏العترة الطاهرة (عليهم ‏السلام)، وإلا فأيُّ فرقٍ بين مَن يزعم بأنه يتَّبِع الأئمة وبين مَن لا يتبعهم إذا ما كانا على حد سواء ‏في عدم الاستشهاد بما ورد عنهم (عليهم ‏السلام)؟!!‏
وثانياً: كان على السيد محمد حسين أن يتعرَّض لبعض ما ورد من أخبار فيما يتعلَّق بتفسير الآية، ‏حتى يقفَ عليها القارئُ لتفسيره، ليري هل أنها لا تشتمل إلا على مجرد ‏الإشارة كما ذكر هو.‏
ثم ماذا يقصد من قوله: «تتضمن الإشارة....»، فإنَّ النصوصَ والأخبارَ والتي سيوافيك التعرُّضُ ‏لبعضها فيها من الصراحة والتنصيص ما لا يخفى على كل ذي لسان ‏عربي.‏
وثالثاً: إن الدعوي بأنَّ النصوص وردت في مقام بيان المصداق، وأنها نصوص تطبيقيَّةٌ وليست ‏تفسيريَّةً، مما لا يمكن قبولُه.‏
ذلك أنَّ نصوص التطبيق تختصُّ بالموارد التي لا تكون الآيةُ مشتمِلةً على خصوصيَّة وميزة ‏وفضيلة، لا يمكن أن يقع المشاركة فيها بين أقوام أو جماعات.‏
فمثلاً آية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ..} لا يمكن الالتزامُ بأنَّ ما ‏ورد في تفسيرها كان من بابِ التطبيق ومن بيان أحد المصاديق، والأمر ‏لا يكاد يحتاج إلى ‏تفصيل وبيان.‏
نعم لا ندعي أنَّ أحداً لا يُحبُّ اللهَ تعالى ولا يحبُّه اللهُ تعالى إلا سادتنا محمد وآله الأطهار (عليهم ‏السلام)، ولكنَّ مرتبة حبِّ الله تعالى لهم وحبهم له لم يصل إليها أحدٌ ‏أزلاً، ولن ينالها أحدٌ أبداً.‏
ورابعاً: ليست الآية في مقام بيان أنه سبحانه عند ارتداد قوم سيأتي بقوم يحبهم ويحبونه ولو بنحو ‏من الأنحاء أو بمعنى من المعاني، بل صريح الآية أنَّ القوم الذين سينتصر ‏سبحانه بهم لدينه، هم ‏ممَن يحبهم الله تعالى ويحبونه بشكل مطلق، وهذا المعنى لا ينطبق إلا على مَن كان في تمام ‏تقلباته وسائر أحواله في الموقع الذي يُحبُّه الله تعالى فيه، ‏وهذا يعني أنهم أناسٌ لا يعايشون الظلمَ ‏والطغيانَ والباطلَ أبداً ودائماً، ظاهراً وباطناً، فهم إذن خصوص المعصومين المطهرين.‏
وإن شئتَ تفصيلاً بما يفسح له المجال فنقول: ‏
لنتعرَّف على أصحاب هذه الآية لا بُدَّ أولاً من النظر في ما ورد فيها من كلمات شريفة، ذات ‏مداليل لا نحتمل إلا كونها واقعيَّةً بعيدةً عن أيِّ نحو من أنحاء المبالغة، أو ‏التصوير المعتمِد على ‏إلغاء بعض الاعتبارات.‏
ومن البديهي أن نلتزم بكونِ الخطابِ القرآني الحاكي عن شيءٍ ما، خطاباً لا يحمل في طياته أيَّ ‏نحو من أنحاء إلغاء بعض الجهات أو الوجوه والاعتبارات، وهكذا الحال ‏في خطاب النبي الأكرم ‏‏(عليهما السلام) وكلام أهل بيته الأطهار (عليهم السلام).‏
فقولُ سيد الشهداء (عليه السلام) «ما رأيت أصحاباً أوفى وأبر من أصحابي» محمولٌ على إرادة ‏مدلوله فيما يشمل جميع أصحابه، ومحمول على تفضليهم على أصحاب ‏كلِّ نبي مرسل أو وصي ‏نبي، فإنَّ الدنيا من أول الدهر إلى قيام الساعة حاضرةٌ لدي الإمام المعصوم، ولو كان في مقام ‏التفضيل بالنسبة لقوم دون قوم لما كان لإطلاق ‏كلامه (عليه السلام) وجه، بل للزم أن يُخصِّصه ‏ويُقيِّده.‏
نعم يتأتَّى ممَن تخفى عليه الحقيقة، أو يجهل بوجود المخالِف، أو يغفل عن ثبوت وصفٍ منافٍ لما ‏يذكره، يتأتَّى منه أن يُطلِق كلامه ولا يستثني، إما مسامحةً في التعبير، أو ‏للوجوه المذكورة أي ‏بسبب الغفلة أو الجهل وما يشاكلهما.‏
وقول الرسول الأكرم (عليهما السلام) «عليٌّ مع الحق والحق مع عليٌّ»، لا يُراد به أنَّ علياً كذلك ‏في أكثر الأحوال وغالب الموارد، بل يريد (صلى الله عليه وآله) أنَّ ‏علياً كذلك حقيقة وواقعاً، فإنَّ ‏كلامه (عليهما السلام) خالٍ عن أيِّ نحو من إنحاء المسامحة، وإلا لبَطُل أن يكون قولُ النبيِّ ‏‏(عليه السلام) وتقريرُه وفعلُه حجةً، ولبَطُل أن ‏يكون (صلى الله عليه وآله) في كل شأن من ‏الشؤون أسوة وقدوة.‏
نعم إذا لم نلتزم بعصمتهم (عليهم السلام) وتنـزُّههم عن الغفلة والسهو، لتطرَّق إلى كلامهم ‏‏(عليهم السلام) الخدشةُ ولورد إشكالاتٌ يصعب بل لا مصير لحلها، وللزم ‏الالتزام بما لا يمكن ‏الالتزام به، وبهذا تعرف أنَّ القائل بعدم عصمة المعصوم في جميع الأمور بما يشمل ‏الموضوعات الخارجية واهمٌ غافلٌ جداً، بقطع النظر عما حققناه في ‏محله تبعاً لمحققي وأعلام ‏المذهب الحق من رجوع العصمة إلى مرتبة من العلم، يستحيل معه الوقوع في أيِّ نحو من أنحاء ‏الاشتباه، لأنَّ ملكةَ العصمة غيرُ قابلة للتجزئة ‏والتفكيك، بل أمرها دائرٌ بين الوجود أو العدم، ومن ‏البداهة أن يحصل الأثر مع وجود المقتضي، وأصحابُ النفوس الطاهرة المطهَّرة لا محلَّ فيهم ‏لأيِّ مقدار من الباطل ‏والخلو عن الحق، فلا وجودَ للمانع في ساحتهم المقدسة، ولا يسمح المجال ‏لتفصيل القول في هذا المطلب الشريف.‏
هذا حال الأولياء فيما يتكلمون به ويُخبِرون عنه، فكيف بكلام المولى سبحانه وقرآنه الذي لا يأتيه ‏الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الذي لا يأتيه باطل مهما كان ‏الباطل مغفوراً من جهة المخلوق ‏ونادراً.‏
فقوله سبحانه {وَأن مِنْ شَيْءٍ إِلاَ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} لا بُدَّ وأن يُحمل على معناه الحقيقي، وإن لم نُوفَّق ‏للوقوف على معرفة وحقيقة تسبيح ما لا يحصى من المخلوقات.‏
وقوله سبحانه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إن هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى} لا مجال لاحتمال إرادة أنه (عليهما ‏السلام) غالباً كذلك وفي جلِّ الأمور، بل هو (عليهما السلام) كذلك ‏حقيقةً وواقعاً وفي تمام ‏الحالات وجميع التقلبات وسائر الموارد.‏
وهكذا الشأن في جميع الخطابات القرآنية التي من هذا القبيل، فـ{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ‏آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} مفاده أنَّ ‏أمير المؤمنين مولى الخلق، ‏وبه المقتدي وإليه المرجع، وهو المتكفِّل برعايتِهم ونظْمِ شؤونهم، فهو الوليُّ المطلق بالمطلق ‏للمطلق، وإلا لما كان لإطلاق كلام المولى سبحانه من ‏وجه، والمفروض أنه تعالى لم يستثنِ.‏
وقد أشار العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان إلى بعض ما ألمحنا إليه فلاحظ كلامه الغني ‏التام(2).‏
وعليه ففي دراسة النص القرآني، لا بُدَّ وأن نُخضِعه لهذه الضابطة التي أشرنا إليها في ما يكون ‏النصُّ متحمِلاً لذلك، لأنه ليست جميعُ الآيات تخضع لتلك الضابطة.‏
فمثلاً قوله سبحانه{إن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ} لا يعني أنه عند تحقُّق ‏الاستغفار مئة مرة مثلاً، فإنَّ الله سيغفر لهم، إذ ليس للعدد شأنٌ في ذلك، ‏فليس للعدد مزيةٌ ‏واعتبارٌ، لأنه لم يكن المقصود إلا بيان أنَّ الله تعالى لن يغفر لأولئك، فالآية من هذه الحيثيَّة ‏خاضعةٌ للضابطة التي أشرنا إليها، وإن كانت من جهة العدد ‏ليست خاضعة لذلك.‏
هذا وقد اشتملت الآية التي نبحث فيها على ذكر أوصاف في القوم الذين يأتي الله تعالى بهم، وأنهم ‏يحبهم الله تعالى ويحبونه، وأنهم متواضعون للمؤمنين، مجاهدون في ‏سبيل الله تعالى ولا يخافون ‏لومة لائم.‏
ولأيِّ شخص أن يدَّعي أنه يحبُّ اللهَ تعالى، ولكن قد يصدِّقُه في دعواه تلك عملُه وقد يكذِّبُه، ‏وهكذا الحال في أمر ادَّعاء التواضع والقيام بواجب الجهاد وعدم الخوف ‏من غير الله تعالى.‏
لكنما ليس لأحدٍ أن يدعي بأنَّ اللهَ تعالى يُحبُّه، إلا إذا اطلَّع على الغيب، والاطلاعُ على الغيب في ‏زمن الرسول الأكرم (عليهما السلام) هو من مختصاته، فأن أخبر عن ‏الغيب فهو، وإلا فإنَّ مدَّعي ‏الاطلاع على الغيب من غير جهته (عليهما السلام) مكذَّبٌ.‏
والآيةُ أيضاً تتحدث عن قوم لا يخافون في أيِّ حال من أحوالهم لومة لائم، وليس ذلك إلا لما ‏عندهم من اليقين بالله تعالى.‏
تتحدث عن قوم يجاهدون في سبيل الله تعالى، طالبين رضاه لا يبتغون إلا ذلك.‏
تتحدث عن قوم لا يعرف الآخرون منهم إلا التواضعَ للمؤمنين، والترفُّعَ على الكافرين، والغلظةَ ‏عليهم.‏
تتحدث عن قوم يحبون الله تعالى، ومن الطبيعي أن يكون عملُهم مجسِّداً بحقٍّ لذلك الحب، والذي ‏يعني أنهم لا يرتكبون ما يُبغضه المولى سبحانه، وإلا فإنَّ ادِّعاءهم حبهم ‏له تعالى، سيكون محضَ ‏لقلقة لسان.‏
تتحدث الآية عن قوم يحبهم الله تعالى، وإذا ما كان يمارس أولئك القوم أيَّ نحو من أنحاء الباطل، ‏فمن البديهي أن لا يكونوا ممَن يُحبهم الله تعالى، فإنَّ حبَّه تعالى لشخص ‏يتمثَّل في حبه له من ‏ناحية التزامه بالحق ليس إلا، لأنَّ الله تعالى لا يُحبُّ جُزافاً، بل كلُّ عاقل إنما يُحبُّ مَن يحب من ‏موقع تجسُّد الحقِّ والحقيقة في مَن يُحب، كلٌّ ‏وبحسب ما يرى ما هو الحق وما هي الحقيقة.‏
وإذا ما التفتنا إلى عدم تخصيصِ وعدم تقييدِ هذه الصفات التي أُشير في الآية المباركة إليها بحال ‏من الأحوال وفي موطن من المواطن، فإنَّ مفاد الآية أنَّ القوم الممدوحين بما ‏مُدِحوا به، صفتهم ‏كذلك في تمام الأحوال وفي جميع شؤونهم وتقلباتهم.‏
فهم ممَن يحبهم الله تعالى ويحبونه دائماً، وهكذا في بقية الصفات، وهذا يعني بل يدل بوضوح، ‏على أنَّ أولئك القوم يُمثِّلون الخيرةَ والصفوةَ من الخلق في كل زمن.‏
ثم إنَّ الآية تدل أيضاً، على أنَّ عمليةَ استبداله سبحانه القوم المرتدين بقوم يحبهم ويحبونه، لا ‏يختص بوقت أو في ظرف معين، بل تكاد الآية تكون صريحةً على أنه ‏سبحانه كلما تحقَّقَ ‏الارتداد، فسوف يأتي بقوم صفتهم ما أُشيِر إليه في الآية، ومن هنا فلا تكون مفسَّرة ومنطبِقَة على ‏قوم في زمن خاص.‏
نعم لا تنطبق إلا على قوم صفتهم ما عرفت.‏
ثم إننا لا نريد أن نغفل عن أنَّ القوم متفاوتون في درجة الخشية لله تعالى وفي بقية الصفات، ‏فكونُ قوم يحبهم الله تعالى لا يعني بحال أنهم غيرُ متفاضلين من هذه الناحية، ‏فالأنبياء جميعاً ممَن ‏يحبهم الله تعالى، ووقوعُ التفاضل بينهم وأنهم درجات عند ربهم، أمرٌ مفروغ عنه، وليس موضع ‏شك أو تشكيك، قال سبحانه {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا ‏بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ}.‏
لذا ليس بالضرورة أن نرى انطباق العنوان على القوم بنحو واحد بل، قد يكون من جملة القوم مّنْ ‏لا يدانيه جميعُهم مجتمعين، وهذا لا ينافي كونهم جميعاً ممن يحبهم الله ‏تعالى.‏
نعم لا بد وأن يكون جميعُهم من الأبرار والأخيار.‏
ثم من ناحية ثانية، ليس بالضرورة أن لا يصح إلحاقُ مَن ليس مثلهم من تلك الجهات بهم، نعم لا ‏يُلحَقون بهم من تلك الجهات الفاقدين لمميزاتها فافهم جيداً.‏
فإذا قيل بأنَّ الآيةَ منطبِقةٌ على أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) ومَن معه، فهذا ليس يعني أنَّ كلَّ ‏مَن كان مع علي (عليه السلام) هو ممَن يحبه الله بنحو مطلق، بل هي ‏صفة البعض منهم، وهم ‏المقصود من كونهم مصداقاً للآية فحسب.‏
ولا نريد أن نعطي الشواهد والتي لا تكاد تُحصى على أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، كان ‏أشجعَ القوم وأعظمهم خشيةً لله تعالى، وعلى أنه لم يعرف المشركون ‏والكافرون أشدَّ منه بأساً ‏عليهم باستثناء الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وأنه لم يعرف المؤمنون رجلاً أكثرَ منه ‏تواضعاً، وأنه كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، حاله في ‏ذلك حال الرسول الأكرم محمد (عليهما ‏السلام)، فإنَّ اشتهارَ هذا الأمر وعدمَ وجود مَن ينكر هذا المعنى ـ بغض النظر عن بعض ‏المعاندين والمنافقين ـ يكفينا مؤونة ‏البيان.



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
قديم 05-20-2011, 03:12 PM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ولكننا نريد أن ننقل بعض ما سطَّره أبناء العامة في كتبهم المعتمَدة، مما شهد به الرسول الأكرم ‏‏(عليهما السلام) لعليٍّ (عليه السلام) أنه يحبه اللهُ ورسولُه ويحب اللهَ ‏ورسولَه (عليهما السلام)، ‏وبعد شهادة سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله)، فإننا لا نُقيِم أيَّ وزن وأيَّ اعتبار لشهادة غيره، ‏ومع ثبوت الشهادة وهي ثابتة، فإنَّ انطباقَ ‏الآية على أمير المؤمنين (عليه السلام) يكون أمراً ‏قطعياً.‏
فقد أخرج البخاري في صحيحه بإسناده عن سهل بن سعد، أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ‏قال يوم خيبر: لأعطينَّ هذه الرايةَ غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب ‏اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ‏ورسولُه، قال: فلما أصبح الناسُ غَدَوا على رسول الله (عليهما السلام) كلهم يرجو أن يُعطاها، ‏فقال (صلى الله عليه وآله): أين عليُّ بن أبي ‏طالب، فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال ‏‏(صلى الله عليه وآله): فأرسِلوا إليه، فأُتيَ به فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عينيه، ‏ودعا له فبرأ حتى كأن لم ‏يكن به وجعٌ، فأعطاه الرايةَ... (الحديث)، وأخرجه أيضاً بإسناده عن ‏سلمة الأكوع.‏
وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده عن بريدة، وأيضاً بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ‏وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وسهل بن سعد.‏
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجال أحمد رجال الصحيح.‏
وأخرج الحديث ابن عساكر في تاريخ دمشق بإسناده عن ابن عباس، وبإسناده عن ابن عمر، ‏وسلمة، وأبي هريرة، وبريدة وغيرهم من الصحابة، وأورده وأخرجه الكثير ‏من حُفَّاظِهم ‏ومحدثيهم كمسلم، والنسائي، والطبراني، وابن أبي شيبة، وابن حبان، ومحب الدين الطبري، ‏والطبري صاحب التأريخ، وابن كثير، وابن الدمشقي، ‏والصالحي الشامي، والمحاملي، والأحوذي، ‏والحاكم النيسابوري، والبيهقي، وابن سعد، والخطيب البغدادي، والدارقطني، وابن سيد الناس، ‏والترمذي، والمتقي الهندي، ‏وابن الأثير، وابن حجر ـ وجميع هؤلاء من أبناء السُّنة ـ وغيرهم ‏كثير جداً(3).‏
وبالجملة فحديثُ الراية مقطوعٌ صدورُه متواتَرٌ نقله مجمعٌ على صحته.‏
وقد ثبت أيضاً من طرق أبناء السُّنة، أنَّ أمير المؤمنين ممَن يحبه الله تعالى ورسوله (صلى الله ‏عليه وآله)، بل أنه أحب الخلق إلى الله سبحانه وإلى رسوله الأكرم (صلى الله ‏عليه وآله).‏
قال الطبراني ـ من أبناء السُّنة: حدثنا أحمد قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد ‏الرزاق قال: أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أنس بن ‏مالك، قال أهدت أم أيمن إلى ‏النبي (صلى الله عليه وآله) طائراً بين رغيفين، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هل عندكم ‏شيء؟ فجاءته بالطائر، فرفع يديه فقال: ‏اللهم ائتني بأحبِّ خلقك إليك، فجاء علي (عليه ‏السلام).الحديث(4).‏
أقول: والسند صحيح عند أبناء السُّنة(5).‏
وأخرجه البخاري في تاريخه بإسناده عن عثمان الطويل عن أنس بن مالك، وكذا أخرجه ‏الترمذي والنسائي بإسنادهما عن السدي عن أنس بن مالك مثله، ‏وأخرجه الطبراني أيضاً بإسناده ‏عن سفينة مولى النبي (عليهما السلام).‏
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار وأبو يعلى ‏باختصار كثير، ورجال أبي يعلى ثقات. وعن سفينة وكان خادماً ‏لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ‏قال أهدى لرسول الله (عليهما السلام)....الحديث، رواه البزار والطبراني باختصار، ورجال ‏الطبراني رجال الصحيح غير فطر بن خليفة ‏وهو ثقة.‏
وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بإسناده عن يحيى بن سعيد عن أنس بن ‏مالك، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد رواه ‏عن أنس جماعة من أصحابه ‏زيادة على ثلاثين نفساً، ثم صحت الرواية عن علي وأبي سعيد الخدري وسفينة.‏
وقال القندوزي في ينابيع المودة: وقد روي أربعة وعشرون رجلاً حديث الطير عن أنس، ‏منهم سعيد بن المسيب والسدي إسماعيل، ولابن المغازلي حديث ‏الطير من عشرين طريقاً، فراجع ‏على سبيل المثال(6).‏
هذا وقلما تجد مصدراً عند أبناء السُّنة في الحديث والرجال والسيرة، إلا وقد ذُكر فيه ‏حديث الطير أو أشير إليه، ولا يسع المجال لأكثر مما ذكرنا، فإنَّ فيه ‏الكفاية بل ويزيد.‏
وإذ قد تمهد لك هذا، فإنك تهتدي إلى ما يتحقَّقُ به لديك القطعُ واليقينُ بأنَّ المقصودَ من ‏القوم في زمن نزول آية {مَن يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ‏اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} هو ‏أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، فإنه (عليه السلام) مَن قتل المارقين ‏والناكثين والقاسطين بإجماع المسلمين، وما ‏عُلِم من شجاعته وزهده وتواضعه للمؤمنين، لا يكاد ‏ينكره حتى أشد المعاندين وأبغض النواصب.‏
فقد أخرج أحمد بن حنبل في مسنده والبخاري ومسلم في صحيحهما والبيهقي في سننه ـ ‏واللفظ للبخاري ـ بإسنادهم عن أبي سعيد الخدري قال: بينما ‏نحن عند رسول الله (عليهما السلام) ‏وهو يقسم قسماً إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله إعدل، فقال: ‏ويلك ومَن يعدل إذا لم أعدل، قد ‏خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله إئذن ‏لي فيه فاضرب عنقه، فقال: دعه فإنَّ له أصحاباً يُحقِّر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع ‏صيامهم، ‏يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر ‏إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى ‏نضيه وهو ‏قدحه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتُهم رجل ‏أسود إحدي عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة ‏تدردر، ويخرجون على حين فرقة من ‏الناس. قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعتُ هذا الحديث من رسول الله (عليهما السلام)، وأشهد أنَّ ‏عليَّ بن أبي طالب قاتلهم وأنا ‏معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فأُتيَ به حتى نظرتُ إليه على نعت ‏النبي (عليهما السلام) الذي نعته.‏
وقد تواتر عند أبناء السُّنة إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) عن مروق طائفة من الناس، ‏وأنه يتولى قتلهم أولى الطائفتين بالحق وأقربهما إليه، وثبت عندهم ‏من نَقْلِ ثقاتهم وأثباتهم، ما قاله ‏الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الخوارج المارقين.‏
فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل والبخاري ومسلم والطبراني وابن كثير بإسنادهم ‏عن يسير بن عمرو قال: قلت لسهل بن حنيف ـ واللفظ ‏للبخاري ـ هل سمعت النبي (صلى الله ‏عليه وآله) يقول في الخوارج شيئاً؟ قال: سمعته يقول وأهوي بيده قِبَلَ العراق: يخرج منه قومٌ ‏يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ‏يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية.‏
وأخرجه أيضاً أبو داود الطيالسي بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس، وأيضاً أخرجه ابن ‏أبي شيبة بإسناده عن شريك عن أبي برزة، وبإسناده عن أبي الزبير ‏عن جابر بن عبد الله ‏الأنصاري.‏
واختصاراً للمطلب نذكر كلامَ ابن كثير، فقد قال في البداية والنهاية ـ على الرغم مما ‏عُرف عنه من النصب والعداوة لأمير المؤمنين(عليه السلام)ـ: ‏الأخبارُ بقتال الخوارج متواترةٌ ‏عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأنَّ ذلك من طرق تفيد القطع عند أئمة هذا الشأن، ووقوعُ ‏ذلك في زمان علي (عليه السلام) ‏معلومٌ ضرورةً لأهل العلم قاطبة.‏
أقول: وعليه فسواء كان منا إثبات نزول الآية في أمير المؤمنين وأصحابه أم لم يكنْ، فإنَّ ما ‏نقلناه لك من ثبوت كونه أحب الخلق إليه تعالى، وأنه ممَن يحبه الله سبحانه ‏ورسوله (صلى الله ‏عليه وآله)، مع ما اشتهر من أمر شجاعته وتواضعه للمؤمنين يكفي.‏
فكيف إذا ما انضم إلى ذلك ما نقلناه آنفاً من خبر الخوارج، ويزيدك بصيرةً ما رواه ‏أعلام أبناء السُّنة، من أنه سيتولَّى قَتْل الخوارج أولى الناس بالحق ‏وأقربهم إليه، وبديهي جداً أنهم ‏أولى بأن يكونوا ممَن يحبهم الله تعالى بل وأنهم من أحب الخلق إليه تعالى، بغض النظر عما ثبت ‏من طرق أبناء العامة من أنَّ أمير المؤمنين ‏هو أحبُّ الخلق إلى الله تعالى ورسوله (صلى الله ‏عليه وآله).‏
فقد أخرج أبو داود الطيالسي، والصنعاني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم، وأبو داود ‏السجستاني، والنسائي، والبيهقي، والحاكم النيسابوري ـ ‏والكلام للبخاري ـ بإسنادهم عن أبي ‏سعيد أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) ذكر قوماً يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس ‏سيماهم التحالق، قال: هم شرُّ الخلق ‏أو من أشر الخلق، يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق، وفي لفظ ‏آخر: يلي قتلهم أولاهم بالحق، وفي لفظ ثالث: يلي قتلهم أولى الطائفتين بالحق، وفي لفظ رابع: ‏أقرب ‏الطائفتين من الحق.‏
وأخرج أبناء السُّنة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنَّ أمير المؤمنين علياً (عليه ‏السلام) هو من سيقاتل على تأويل القرآن.‏
فقد أخرج أحمد بن حنبل، والنسائي، والحاكم النيسابوري، وابن حبان، وابن عساكر، ‏والخوارزمي بإسنادهم عن رجاء الزبيدي قال: سمعت ‏أبا سعيد الخدري يقول: كنا جلوساً ننتظر ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، قال: فقمنا معه فانقطعت ‏نعله، فتخلَّف عليها عليٌّ (عليه ‏السلام) يخصفها، فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومضينا ‏معه ثم قام ينتظره وقمنا معه، فقال: إنَّ منكم مَن يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلتُ على ‏تنزيله، ‏فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر، فقال: لا ولكنه خاصفُ النعل، قال: فجئنا نبشِّره، قال: ‏وكأنه قد سمعه.‏
قال الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بعد أن أورد الحديث: هذا حديث صحيح ‏على شرط الشيخين.‏
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وإسناده حسن.‏
أقول: وأخرجه ابن عساكر أيضاً بإسناده عن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ‏وبإسناده عن عبد الرحمن بن بشير، وكذا أخرجه ابن الأثير وابن ‏حجر بالإسناد عن الأخير، ‏وأخرجه الخوارزمي بإسناده عن أبي ذر.‏
وقال الصالحي الشامي في سبل الهدي والرشاد: وأخرج الحاكم وصحَّحه والبيهقي، عن أبي ‏سعيد.... الحديث، وقال: وروي أبو يعلى برجال الصحيح عن أبي ‏سعيد..... الحديث(7).‏
وهكذا يثبت بنحو اليقين الذي لا يخالطه شكٌّ ومن طريق أهل السُّنة، أنَّ المرادَ من القوم ‏في زمن نزول الآية عليٌّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه، ‏ويبقى أن نناقشهم في صحة ما ‏زعمه أبناء العامة من إنطباق الآية على غيره، وفعلاً فقد كنا قد قطعنا شوطاً مهماً في هذا ‏المضمار، ولكنْ بدا لنا بعد ذلك أن نعمد إلى ‏البحث في ذلك بنحو مستقل نسأله تعالى أن يوفق ‏لإتمامه.‏
هذا وقال ابن البطريق: ذكر الثعلبي في تفسير قوله تعالى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ‏وَيُحِبُّونَهُ} قال: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأنها نزلت ‏فيه.‏
وأخرج فرات في تفسيره عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ ‏بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: عليٌّ (عليه السلام) وشيعته.‏
وعن الشيخ الطوسي والطبرسي في تفسيريهما، وقال أبو جعفر وأبو عبد الله ’، ورُوي ‏ذلك عن عمار وحذيفة وابن عباس: أنها نزلت في أهل البصرة ومن ‏قاتل علياً (عليه السلام)، ‏فرُوي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال يوم البصرة: «والله ما قُوتِل أهلُ هذه الآية حتى ‏اليوم» وتلا هذه الآية، ومثل ذلك روي حذيفة ‏وعمار وغيرهما(8).‏
وقال الشيخ المفيد في الإفصاح: وتظاهر الخبر عنه (عليه السلام) أنه قال يوم البصرة: ‏والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ ‏مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ‏اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ..} مثل ذلك عن عمار وحذيفة وغيرهما من أصحاب النبي (صلى الله ‏عليه وآله).‏
وقال في موضع ثانٍ من الإفصاح: وقد صح أنه ـ عليٌّ (عليه السلام) ـ المراد بقوله ‏تعالى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.
وقال في موضع ثالث: وذكرنا عن خيار الصحابة أنها نزلت في أهل البصرة، بما رويناه ‏عن حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر، وقد جاءت الأخبار بمثل ‏ذلك عن أمير المؤمنين (عليه ‏السلام)، ووردت بمعناه عن عبد الله بن مسعود.‏
وقال زين الدين العاملي في الصراط المستقيم: روت الفرقة المحقة أنها في عليٍّ (عليه ‏السلام)، ورواه الثعلبي في تفسيره.‏
وقال في موضع آخر: وقد روي كثير من الناس أنها نزلت في المرتدين يوم الجمل ‏بحربهم لعليٍّ (عليه السلام).‏
هذا وليعلم بأنَّ كونَ المراد من القوم في الآية في زمن النزول هو أميرُ المؤمنين وشيعته ‏الخلص، لا ينافي أن يكون هو الإمام الحجة المهدي المنتظر روحي فداه ‏وأصحابه الأخيار.‏
بل لا بُدَّ وأن يكون للآية في الزمن الآخر مصداقٌ، وإلا لماتت الآية، والقرآن حي لا ‏يموت أبداً.‏
وقد ورد في بعض أخبار العترة الطاهرة (عليهم السلام)، بأنَّ المراد من القوم الإمام قائم ‏آل محمد (عجل الله فرجه)، وهذا المعنى محمولٌ على ما ألمحنا إليه ‏من ضرورة أن يكون للآية ‏مصداقٌ تنطبِق عليه.‏
وهل يكون في زمن ظهور ولي الله الأعظم روحي فداه إلا هو وأصحابه الخلص؟! والذي ‏ببركة ظهور مولانا صاحب الزمان (عجل الله فرجه) تُملأُ ‏الأرض قسطاً وعدلاً، ولا يكون ذلك ‏إلا من خلال بركة حضور وبسط يد مَن يحبه الله تعالى ورسوله ويحب الله ورسوله (عليهما ‏السلام).‏
فقد أخرج النعماني في الغيبة بإسناده عن سليمان بن هارون العجلي قال: قال: سمعت أبا ‏عبد الله (عليه السلام) يقول: إنَّ صاحبَ هذا الأمر محفوظةٌ له ‏أصحابه لو ذهب الناس جميعاً أتى ‏الله له بأصحابه، وهم الذين قال الله عزَّ وجل{وَالنُّبُوَّةَ فَأن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً ‏لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} وهم الذين قال الله ‏فيهم {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ على ‏الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ على الْكَافِرِينَ}(9).‏



----------------------------‏‏------------------
‏(1) من وحي القرآن ج8 ص 224‏
‏(2) تفسير الميزان ج5 ص 381‏
‏(3)من مصادر أبناء السُّنة: مسند احمد بن حنبل ج 5 ص 353 وج1 ص 133، فضائل الصحابة ص 15 ‏‎–‎‏ 16، صحيح البخارى ج ‏‏5 ص 76 ‏‎–‎‏ 77 وج 4 ص ‏‏11، مجمع الزوائد ج 6 ص150، مصنف الصنعاني ج5 ص 287، تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 88 ‏إلى‎ ‎‏96، صحيح مسلم ج5 ص 195 وج7 ص122، السنن ‏الكبري للنسائي ج 5 ص 46 وج 5 ص 111 إلى 114، خصائص أمير ‏المؤمنين ص 50 و82، المعجم الكبير ج 7 ص 31 و36، المصنف ج 8 ص 525، الثقات ‏لابن حبان ج 2ص 266، صحيح ابن ‏حبان ج15 ص 382، ذخائر العقبى ص 72، تاريخ الطبرى ج 2 ص 300، البداية والنهاية ج 4 ص 212 السيرة النبوية ج 3 ‏ص ‏‏351، جواهر المطالب ج 1 ص 178، سبل الهدي والرشاد ج 10 ص 61 أمالي المحاملي ص 324، تحفة الأحوذى ج10 ص 158 ‏المستدرك على الصحيحين ‏ج3 ص 132و437، السنن الكبري للبيهقي ج9 ص131، الطبقات الكبري لابن سعد ج2ص 110، تاريخ ‏بغداد ج 8 ص5 علل الدارقطني ج3 ص277، عيون ‏الأثر ج2 ص135، سنن الترمذي ج5 302، كنز العمال ج10 ص 462 وج 13 ‏ص134، أسد الغابة ج4 ص 26، الإصابة ج1 ص38 وج 4 ص466‏
‏(4) المعجم الأوسط ج 2 ص 206‏
‏(5) أما أحمد: فهو ـ كما ذكر الطبراني في الحديث الذي قبل هذا ـ ابن الجعد الوشاء، شيخ ابن عدى وقد أكثر من الاعتماد عليه في ‏الكامل، وقال الدراقطني: ليس ‏به بأس، وقال الذهبي الشيخ الثقة العالم ووثقه البيهقي بمقتضى ما ذكره في السنن الكبري ج10 ص ‏‏199، وراجع سؤالات حمزة ص 137 وتاريخ بغداد ج5 ص ‏‏260 وسير أعلام النبلاء ج 14 ص 148 ‏
وأما سلمة: فهو شيخ أبي حاتم وقد وصفه بأنه صدوق، ووثقه أبو حاتم وصالح بن محمد والنسائي وأبو نعيم وابن حبان، وقال الحاكم: ‏هو محدث أهل مكة والمتفق على ‏اتقانه وصدقه، وقال الذهبي: الإمام الحافظ الثقة فراجع الجرح والتعديل ج1 ص 362 وج4 ص 164 ‏والثقات ج 8 ص 287 وطبقات المحدثين بأصبهان ج 2ص ‏‏248 وتذكرة الحفاظ وج 2 ص 543 وج 12 ص 256 وتهذيب التهذيب ‏ج 4 ص 129.‏
وأما عبد الرزاق: فقد وثقه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم ويحيى بن معين والعجلي وابن حبان وابن عساكر والذهبي بل قال ‏يحيى: لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام ‏ما تركنا حديثه، فراجع الجرح والتعديل ج 6 ص 38 والتعديل والتجريح ج 3 ص ‏‏1039والثقات ج 8 ص 412 والكامل ج 5 ص 311 ومعرفة الثقات ج 2 ص ‏‏93 وتاريخ مدينة دمشق ج 36 ص 160 وتهذيب ‏الكمال ج 18صفحة 51 إلى 61 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 364 ومن له رواية في كتب الستة ج 1 ص 651 ‏وميزان الاعتدال ج2 ص ‏‏609 وتهذيب التهذيب ج 6 ص 278 إلى 280‏
وأما الأوزاعي وابن أبي كثير: فهما عند نقاد الحديث عند العامة من الأئمة الأعلام، فقيل في الأول أنه أحد أئمة الدنيا وإمام زمانه وأبلغ ‏من هذا وما يقرب منه ويفوق ‏التوثيق، وقيل في الثاني أنه ما بقي على وجه الارض مثل يحيى بن أبي كثير وأنه من العباد العلماء ‏الاثبات، وبالجملة فهما من أئمة الحديث عندهم ومن الأثبات وممن يتبع ‏قولهم، فراجع تاريخ ابن معين للدوري ج 1 ص 167 ص 325 ‏وج 2 ص 142 وص 269 والعلل لأحمد بن حنبل ج 2 ص 494 والتاريخ الكبير للبخاري ج 8 ‏ص 302 والجرح والتعديل ج 5 ص ‏‏266 وتاريخ أسماء الثقات ص 260 ومشاهير علماء الأمصارص 285 والتعديل والتجريح ج 1ص 494 وج 3 ص1083 وص ‏‏‏1398 ومعرفة الثقات ج 2 ص 83 وص 357 وتهذيب الكمال ج 13 ص 504 وج 17 ص 307 وج31 ص504 إلى510 وتاريخ ‏بغداد ج 41 ص 183 ‏وتذكرة الحفاظ ج 1ص 128و178 ومن له رواية في كتب الستة ج 1 ص 638 وج 2 ص 373 وتهذيب ‏التهذيب ج 11 ص 41 وص 235، ولم نتعرض لتوثيق ‏الصحابة فان السنة يعتقدون بعدالتهم جميعاً
‏(6) من مصادر أبناء السُّنة: التاريخ الكبير ج 2ص 2، المصنف لابن أبي شيبة ج 7 ص 503، سنن الترمذي ج 3 ص 123 وج ‏‏5ص 300، السنن الكبري للنسائي ‏ج 5ص 107، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 52، مسند أبي يعلى ج 7 ص 105، المستدرك ‏على الصحيحين ج 3 ص130، الكامل ج 6 ص 457، المعجم ‏الكبير ج 7 ص 82 و131، مجمع الزوائد ج 9 ص 125 - 126، ‏المناقب للموفق الخوارزمي ص 313 ينابيع المودة ج 1ص 175 ‏‎–‎‏ 176‏
‏(7)من مصادر أبناء السُّنة: مسند أحمد بن حنبل ج 3 ص 5 و25 و32 و33 و48 و82 و486، صحيح البخارى ج 4 ص 178- ‏‏179وج 8 ص53 و219، ‏صحيح مسلم ج3 ص112 - 113 و116، المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص192 و 193 وج 8 ص 738، ‏مسند أبي داود الطيالسي ص288و350، المعجم الكبير ‏للطبراني ج6 ص91، المصنف لعبد الرزاق الصنعاني ج 10 ص151، سنن ‏أبي داود ج2 ص406، السنن الكبري للنسائي ج 5 ص 158- 159، السنن الكبري ‏للبيهقي ج8 170و187، المستدرك على ‏الصحيحين ج 2 ص 154وج3 ص123، البداية والنهاية ج6ص241 - 243، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص131، ‏صحيح ابن ‏حبان ج 15ص 385، تاريخ مدينة دمشق ج42 ص451 - 455، أسد الغابة ج3 ص282، ذخائر العقبى ص 110، الإصابة ج ‏‏4ص245، مجمع ‏الزوائد ج 6ص 244، نظم درر السمطين ص 115و118، المناقب للخوارزمي ص 88 و260، سبل الهدي والرشاد ‏ج10ص150 وج 11ص 290‏
‏(8)بحار الأنوار ج 17 ص 175 وج 36 ص32 و39 ص 18 و52 ص 370 وج66 ص 352 وج 97 ص 363، الإفصاح ص ‏‏125 ـ 126 و131 ـ 132 ‏و136، الإيضاح ص 199، العمدة ص158 و 288، خصائص الوحي المبين ص 197، تفسير فرات ‏ص 123، تفسير التبيان ج 3 ص 555، تفسير مجمع البيان ج ‏‏3 ص 358، تفسير جوامع الجامع ج 1 ص 509، تفسير الصافي ج 2 ‏ص 42، تفسير نور الثقلين ج 1 ص 642، نهج الايمان ص 329، مناقب أهل البيت للشيرواني ‏ص 94 تأويل الآيات ج 1 ص 149، ‏الصراط المستقيم ج1 ص 287 وج2 ص3 ‏
‏(9) كتاب الغيبة للنعماني ص 316، تفسير العياشي ج 1 ص 326، تفسير القمي ج 1 ص 170، بحار الأنوار ج 13ص 577 وج ‏‏72 ص 49، ينابيع المودة ج 3 ‏ص 337 ‏



 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 02:46 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية