هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 82 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 10-04-2010, 02:23 PM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5058 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي جوانب من علومه وثقافته الامام الصادق ع



فهرس الكتاب

جوانب من علومه وثقافته


1ـ معرفته باللغات

مرّ في تاريخ حياة الإمام الباقر (عليه السلام) أنه كان يعرف العبرية والسريانية، وأن جدته، أي والدة الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، كانت الأميرة الفارسية شهربانوبنت كسرى يزدجرد. فلا عجب أن يعرف الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) هذه اللغات وثقافات أممها، وأن ينطلق في التحدث أو القراءة والكتابة فيها، وسيأتي أثناء عرضنا لبعض الروايات المأثورة عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) ما يثبت ذلك، وفضلاً عن إتقانه لهذه اللغات، كان يعرف النبطية والصقلبية والحبشية ويتحدث بها أيضاً.

أ ـ الفارسية:

عن محمد بن أحمد عن أبي عبد الله قال: دخل عليه قوم من أهل خراسان، فقال ابتداء من غير مسألة: (من جمع مالاً من مهاوش اذهبه الله في نهابر). فقالوا: (جُعلنا فداك، لا نفهم هذا الكلام)، فقال عليه السلام: (ازباد آيد بدم بشود)(1) (مايأتي به الريح يذهب به).

وقال أحمد بن محمد بن الأهوازي عن النضر عن يحيى الحلبي عن أخي مليح عن فرقة: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وقد بعت غلاماً أعجمياً، فرجع إليه، فجعل يغيّر الرسالة فلا يخبره، حتى ظننت أنه سيغضب. فقال له: تكلم بأي لسان شئت، فإني أفهم عنك)(2).

وعن أبي بصير أنه قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده رجل من أهل خراسان وهو يكلمه بلسان لا أفهمه(3).

وأيضاً في (بصائر الدرجات)، دخل على أبي عبد الله (عليه السلام) قوم من أهل خراسان فقال ابتداءً: (من جمع مالاً يحرسه، عذّبه الله على مقداره). فقالوا بالفارسية: (لانفهم العربية). فقال (عليه السلام) لهم: (هركة درم اندوزد جزايش ذوزخ باشد).

وكان مجلسه يجمع أحياناً بين العرب والعجم على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم، فيحدث كلاً منهم بلغته، ويفهمه بلسانه.

وعن أبان بن تغلب قال: غدوت من منزلي بالمدينة وأنا أريد أبا عبد الله (عليه السلام)، فلما صرت بالباب، وجدث قوماً عنده لم أعرفهم، ولم أر قوماً أحسن زياً منهم، ولا أحسن سيماء منهم، كأن الطير على رؤوسهم، فجعل أبو عبد الله (عليه السلام) (يحدثنا بحديث، فخرجنا من عنده، وقد فهم خمسة عشر نفراً منها متفرقوا الألسن، منها اللسان العربي والفارسي والنبطي والحبشي والصقلبي. فقال البعض: ما هذا الحديث الذي حدثنا به؟ قال له آخر لسانه عربي: حدّثني كذا بالعربية. وقال الفارسي: ما فهمت، إنما حدثني كذا وكذا بالفارسية. وقال الحبشي: ما حدثني إلا بالحبشية. وقال الصقلبي: ما حدّثني إلا بالصقلبية، فرجعوا إليه، فأخبروه، فقال (عليه السلام): الحديث واحد، ولكنه فسر لكم بألسنتكم(4).

ب ـ العبرية:

وأما معرفته بالعبرية وتحدثه بها فمما لا شك فيه أيضاً. فقد جاء في ثنايا الأحاديث المروّية عنه ما يثبت ذلك، وسنسوق حديثنا عنه (عليه السلام) استشهاداً لا استقراء.

في (بصائر الدرجات): عن عامر بن علي الجامعي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) (جُعلت فداك، إنا نأكل ذبائح أهل الكتاب، ولا ندري أيسمون عليها أم لا؟(5).

فقال: إذا سمعتوهم قد سمّوا، فكلوا، أتدري ما يقولون على ذبائحهم؟

فقلت: لا.

فقرأ كأنه شبه يهودي، قد عذها، ثم قال: بهذا أمروا.

فقلت: جُعلت فداك، إن رأيت أن نكتبها.

قال: اكتب: (نوح أيوا أدينوا يلهيز ما لحوا عالم أشرسوا أو صوبنوا (يوسعه) موسق ذعال اسطحوا)(6).

وفي حديث آخر جاء النص كالآتي: (باروح أنا دوناي إيلوهنوا ملخ عولام اشرفدشنوا عبسوتا وسينوانوا على هشخيطا). يعني تباركت ‎أنت الله إلهنا مالك العالمين الذي قدّسنا بأوامره، وأمرنا على الذبح(7).

ج ـ النبطية(8):

بدخول الاسلام بلاد الشام وفلسطين (بيزنطة الشرقية) ازداد عدد الأنباط في حاضرة العالم الإسلامي، سواء الأحرار منهم أم الموالي، وكثر التزاوج بينهم وبين العرب، فتعلم البعض النبطية من هذا الاختلاط.

وكان امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف النبطية ويتحدث بها. ولا شك أن أبناءه الكرام الذين تخرجوا من مدرسته وتخلقوا بأخلاقه هم حملة علمه ووارثو فضله(9).

فهذا أمير المؤمنين (عليه السلام) (حين أتى أهل النهروان، نزل (قطفتا) فاجتمع إليه أهل بادوريا)(10) فشكوا إليه ثقل خراجهم، وكلموه بالنبطية، وقالوا أن لهم جيراناً أوسع أرضاً وأقل خراجاً، فأجابهم بالنبطية (رعر روظا من عوديا)، أي معناه، رُبَّ رجز صغير خير من رجز كبير(11).

وهذا يونس بن ظبيان النبطي يحدث الإمام الصادق (عليه السلام) (بالنبطية ويخبره عن أول خارجة خرجت على موسى بن عمران، وعلى المسيح، ثم على أمير المؤمنين بالنهروان. ثمَّ قال لي: كيف (مالح دير بير ماكي

مالح)، يعني عند قريتك، وهو بالنبطية(12).

فمن خلال هذا العرض السريع والاشارات الواضحة، يبين أن الصادق (عليه السلام) (كان على معرفة تامة بلغات أهل عصره وأبناء مجتمعه مهما بعدت أوطانهم واختلفت ثقاقاتهم.

2 ـ الطب

لاريب في أن الإمام جعفراً الصادق (عليه السلام) (كان على إلمام تام بالطب وما يتعلق به. وقد تحدث وأبان، في ما روي عنه، عن الطبائع والأمزجة، وعن الأشياء ومنافعها ومضارها، مما يثبت وقوفه على هذا العلم.

وقد جمع بعض علماء السلف شيئاً كثيراً من آراء الأئمة في الطب وسماه (طب الأئمة). ويروي المجلسي (قد) الكثير عن هذا الكتاب في كتابه (بحار الأنوار)، وكذلك الشيخ الحرّ العاملي في (وسائل الشيعة)، إلا أن هذا الكتاب لا وجود له اليوم.

وقد خصص الإمام الصادق (عليه السلام) (في ما القاه على المفضّل بن عمر الجعفي فصلاً تحدّث فيه عن الطبائع وفوائد الأدوية وتشريح الجسم ومعرفة وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا).

وفي ثنايا كتب الأحاديث وما إليها حديث مستفيض من كلام الإمام الصادق (عليه السلام) (عن خواص الأشياء وفوائدها وعلاج الأمراض والأوجاع والحمية الوقائية. وسنورد بعض هذه الأحاديث للتدليل على هذا القول تدليلاً قاطعاً.

قال محمد بن مسلم سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) (يقول: ما وجدنا للحمى مثل الماء البارد. وفي حديث آخر: الحمّى من فيح جهنم.

فأطفئوها بالماء البارد(13).

وفي وجوب غسل الفاكهة قبل الأكل قال: (إن لكل ثمرة سما، فإذا أتيتم بها فامسكوها واغسلوها بالماء(14).

وفي (الكافي) عن أحمد بن محمد عن بعض أصحابه قال: كنت أجالس أبا عبد الله (عليه السلام) (فلا والله ما رأيت مجلساً أنبل من مجالسه. قال:

فقال لي ذات يوم: من أين تخرج العطسة؟.

فقلت: من الأنف.

فقال لي: أصبت الخطأ.

فقلت جُعلت فداك، من أين تخرج؟

فقال: من جميع البدن، كما وأن النطفة تخرج من جميع البدن... أما رأيت الانسان إذا عطس نفض أعضاءه؟(15).

وهذا ابن ماسوية، أشهر أطباء عصره، ينصت للامام الصادق (عليه السلام) في شرحه وتوضيحه للطبائع وعلى الأمراض. وحدث أبو هفان في محضر ابن ماسوية(16) بأن جعفرا بن محمد (عليه السلام) قال: الطبائع أربع: الدم وهو عبد، وربما قتل العبد سيده، والريح، وهو عدو، إذا سددت له بابا أتاك من آخر. والبلغم وهو ملك يُدارى، والمرة، وهي الأرض إذا رجفت رجفت بمن عليها. فقال ماسوية: أعد عليّ، فوالله ما يُحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف(17).

وهذا طبيب المنصور يحضر عنده ليقرأ عليه كتاب الطب، فإذا به يحضر مرة وعند الصادق (عليه السلام)، فجعل ينصت لقراءته، فلما فرغ، قال: يا أبا عبد الله، أتريد مما معي شيئاً، قال: لا، لأن ما معي خير مما هو معك. قال: ما هو؟ قال: أداوي الحار بالبارد، والبارد بالحار، والرطب باليابس، واليابس بالرطب، وارد الأمر كله إلى الله، واستعمل ما قاله رسول الله وأعلم أن المعدة بيت الأدواء وأن الحمية هي الدواء، وأعود البدن ما اعتاد. قال (الطبيب) وهل الطب إلا هذا؟

قال الصادق: أتراني عن كتب الطب أخذت؟

قال: نعم.

قال: لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه وتعالى. فأخبرني: أأنا أعلم بالطب أم أنت؟

قال: سل.

فسأل عشرين مسألة، وهو يقول لا أعلم. فقال الصادق (عليه السلام): ولكني أعلم(18) وبدأ بشرحها وتفصيلها. وهذا مذكور في كتب الحديث.

وقد فصّل (عليه السلام) الحديث على الهيكل العظمي والأعصاب والجوارح في جسم الانسان وشرحها شرحاً دقيقاً عندما سأله الطبيب النصراني عن ذلك. فقد روى سالم الصرير: أن نصرانياً سأل الصادق (عليه السلام) تفصيل الجسم، فقال (عليه السلام): ان الله تعالى خلق الانسان على اثني عشر وصلاً، وعلى مائتي وستة وأربعين عظماً، وعلى ثلاث مائة وستين عرقاً.

فالعروق هي التي تسقي الجسد كله، والعظام تمسكها، والشحم يمسك العظام، والعصب يمسك اللحم. وجعل في يديه اثنين وثمانين عظماً في كل يد واحد وأربعون عظماً، منها في كفة خمسة وثلاثون عظماً، وفي ساعده اثنان، وفي عضده واحد، وكتفه ثلاثة وكذلك الأخرى.

وفي رجله ثلاثة وأربعون عظيماً، منها في قدمه خمسة وثلاثون عظماً، وفي ساقه اثنان، وفي ركبته ثلاث، وفي فخذه واحد، وفي وركه اثنان، وكذلك في الأخرى. وفي صلبه ثماني عشرة فقارة، وفي كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع، وفي عنقه ثمانية، وفي رأسه ستة وثلاثون عظماً، وفي فيه ثمانية وعشرون واثنان وثلاثون(19).

ولا يتسنى تفصيل الجسم البشري والهيكل العظمي بهذه الدقة إلا لمن اتيحت له فرصة دراسة الطب والتشريح. وقد أفاد الإمام (عليه السلام) غيره بهذا العلم، وتخرج من مدرسته هذه عدد من أصحابه.

ومن خريجي مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) العلمية في مجال الطب والصيدلة جابر بن حيّان الطرطوسي. فهو بالاضافة إلى تخصصه في الكيمياء صنف مؤلفات في الطب أورد منها ابن النديم: (رسالة في الطب) و(كتاب السموم) و(كتاب المجسة) و(كتاب النبض) و(كتاب التشريح)(20).

وكان جابر بن حيّان أول من أشار إلى طبقات العين، فسبق بذلك يوحنا ابن ماسوية المتوفي سنة (243 هـ)، وسبق حنين ابن اسحاق المتوفي سنة (264 هـ)، وهما من اعلام الطب في هذا العصر.

ومن أبناء هذه المدرسة أبو علي الحسن بن فضل، وهو من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) ومن علماء علم الشيعة العظام في عصره الذين برعوا في علم الطب وألفّوا فيه. ومن مؤلفاته (كتاب الطب) و(كتاب النجوم)(21).

3 ـ الكيمياء

تتزايد أهمية الكيمياء يوماً بعد يوم، وتثبت التجارب العلمية الحديثة أن الحياة تتألف من عمليات كيميائية معقدّة، كما ثبت أن الوراثة وليدة للتفاعلات الكيميائية.

بل لعلم الكواكب والأرض تكونت نتيجة لعمليات كيميائية مستمرة، كما أن التغييرات التي تطرأ على الكون هي في كثير من الحالات ذات طبيعة كيميائية.

ومن الشائع الثابت أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان على علم بخواص الأشياء منفردة ومركّبة، وأنه درّس علم الكيمياء في مدرسته قبل اثني عشر قرناً ونصف قرن. واشتهر من تلامذته في هذا العلم هشام بن الحكم المتوفي حوالي سنة (199 هـ) وهو من أصحاب الصادق (عليه السلام) وتلامذته، وله نظرية في جسمية الأعراض كاللون والطعم والرائحة، وقد أخذ ابراهيم بن سيّار النظّام المعتزلي هذه النظرية لمّا تتلمذ على هشام.

وقد أثبتت صحة هذا الرأي النظريات العلمية الحديثة القائلة أن الضوء يتألف من جزيئات في منتهى الصغر، تجتاز الفراغ والأجسام الشفافة، وأن الرائحة أيضاً من جزيئات متبخرة من الأجسام تتأثر بها الغدد الأنفية، وأن المذاق جزيئات صغيرة تتأثر به الحليمات اللسانية.

ومن تلامذة الإمام الصادق (عليه السلام) الذين اشتهروا ببراعتهم في

الكيمياء والعلوم الطبيعية جابر بن حيّان الصوفي الطرطوسي، الذي دوّن وألف خمسمائة رسالة من تقريرات الإمام في علمي الكيمياء والطب في ألف ورقة(22).

وقد ذكر، ابن النديم في الفهرست وأطال فيه الكلام، وذكر له كتبا ورسائل في مختلف العلوم ولا سيما في الكيمياء، والطب، والفلسفة والكلام.

وقد أكبر المؤلفون المسلمون منزلة جابر، وعدّوه مفخرةً من مفاخر الاسلام. ولا بدع، فإن تزيد مؤلفاته على ثلاثة آلاف كتاب ورسالة في مختلف العلوم، وجلها في العوم النظرية والطبيعية التي تحتاج إلى زمن طويل في تجاربها وتطبيقاتها، لجدير بالتقدير والاكبار.

وقد تمكن جابر من تحقيق وتطبيق طائفة كبيرة من النظريات العلمية، أهمها تحضير (حامض الكبريتيك) بتقطيره من الشبّة. وسمّه (زيت الزاج).كما حضر (حامض النتريك) و (ماء الذهب) و (الصودا الكاوية).

وكان جابر أوّل من لاحظ ترسّب (كلورود الفضة) عند إضافة محلول ملح الطعام إلى محلول (نترات الفضة).

وينسب إليه تحضير مركّبات أخرى مثل كربونات البوتاسيوم و كربونات الصوديوم وغير ذلك مما له أهمية كبرى في صنع المفرقعات والاصباغ والسماد الصناعي والصابون وما إلى ذلك.

ولم تقف عبقرية جابر في الكيمياء عند حدّ تحضير هذه المواد فحسب، بل انبعث منها إلى ابتكار شيء جديد في الكيمياء هو ما سمّاه

بعلم (الميزان)، أي معادلة ما في الأجساد والمعادن من طبائع، وقد جعل لكل جسد من الأجساد موازين خاصة بطبائعه، وكان ذلك بداية لعلم المعادلات في طبائع كل جسم(23).

وقد امتد نشاط جابر إلى ناحية أخرى من الكيمياء هي التي يسمونها بالصنعة، أي تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة من ذهب وفضة. ويعدّ جابر رائداً لمن أتى بعده من العلماء اللذين شُغفوا بهذه الناحية من الكيمياء، كالرازي وابن مسكوية والصغرائي والمجيرطي واالجلدكي.

وكانت نظرية تحويل المعادن إلى ذهب أو فضة نظرية يونانية قديمة فُتن بها المسلمون من بعدهم، فوضع جابر فيها رسائل كثيرة، وشرح قواعدها وأصولها بكتبه المتعددة.

يقول ابن النديم: (حدّثني بعض الثقات ممن تعاطى الصنعة إنه (أي جابر) كان ينزل في شارع باب الشام في درب يعرف بدرب الذهب، وقال لي هذا الرجل أن جابراً كان أكثر مقامه بالكوفة، وبها كان يدير (الأكسير) لصحة هوائها، ولمّا أصيب الأزج الذي وجد فيه هاون ذهب، فيه نحو مائتي رطل. كان من موضع دار جابر بن حيّان، فإنه لم يصب في ذلك الأزج غير الهاون فقط)(24).

ويعتقد الدكتور محمد يحيى الهاشمي أن الذي يقصده جابر (بالأكاسير) هو (الراديوم) نفسه، أو أحد الأجسام المشعّة فيقول: (ومما يزيد اعجابنا ادّعاء جابر بأنّ هذا السّر له دخل في جميع الأعمال، واننا إذا أمعنّا النظر في الوقت الحاضر، لوجدنا اكتشاف الأجسام المشعّة التي تؤدي إلى قلب عنصر المادة وتحطيم الذرة لم يمكن من نتائجها القنبلة

الذرية فحسب بل ايجاد منابع قوة جديدة لم تكن تطرق على بال الانسان)(25).

وصلت نظرية (الصنعة) ضرباً من ضروب الآمال والأحلام بل الأوهام وكان من يشتغل بها يُرمى بالعته والهوس، حتى ان الكندي وابن خلدون نبذا هذه الفكرة، وأكدّا عدم امكان تحويل أي عنصر إلى عنصر آخر.

غير أن ما حدث في عام 1919 من تحطيم ذرّات (النتروجين) وتحيلها إلى ذرات (الأكسجين) و (الهيدروجين) قد بدّل مفهوم هذه الفكرة، وأثبت إمكان تحقيقها بالفعل.

وقد تولت بعد ذلك تجارب شطر نواة الذّرة، باستخدام قذائف من جُسيمات (ألفا) أي نوى (الهليوم)، ومن جسميات أخف ولكن أكبر أثراً منها وهي البروتونات أي نُوى (الهدرجين) بعد إطلاقها بسرعة فائقة، وأمكن بذلك شطر نواة الذّرة وتحويل عدد من العناصر إلى عناصر أخرى، كتحويل الهدروجين إلى عنصر الهليوم، وتحويل الصوديوم إلى مغنسيوم، والليثيوم والبورون إلى هليوم، فتحقق فعلاً أمر تحليل العناصر وتحويل بعضها الى بعض.

وقد افرد الاْستاذ محمد يحيى الهاشمي لهذا الموضوع كتابا سماه(الإمام الصادق ملهم الكيمياء)(26)، نحيل إليه القارىْطلبا لمزيد من البحث.

وللمستشرق الفرنسي بول كراوس(27) (Kraus) كتب وبحث مستفيضان حول شخصية جابر بن حيّان العلمية، وإن كان فيهما ما يدعو إلى التأمل والمناقشة، خاصة استبعاد، لبعض هذه النظريات العلمية في عصر الصادق ع. وقد قام الكاتب والعالم المصري اسماعيل مظهر بمناقشة آراء كرواس والرد على ما أورده، من شكوك واهية، في سلسلة مقالات نشرتها مجلة (المقتطف)(28). كما أن الأستاذ أحمد زكي صالح نشر سلسلة أخرى من المقالات في نفس الموضوع في مجلة (الرسالة) المصرية(29). وللفيلسوف الفرنسي هنري كوربلن بدوره مؤلف عن جابر بن حيّان وكتابه الكيمياء(30).

4 - علم الهيئة والنجوم

كان الإمام الصادق (عليه السلام) (من علماء الفلك والنجوم(31)، وله آراء ونظريات في دوران الكرة الأرضية وحركتها، وفي مقدار اشعة النجوم، وحركة الضوء. وكان يلقي دروسه وإفاداته في هذا العلم على تلاميذه وطلاب العلم، ويناقش محترفي علم النجوم، ويصحح آرائهم، ويوضح لهم اخطاءهم.

دخل على الصادق (عليه السلام) (منجم يماني.

فسأله الإمام: ما صناعتك يا سعد؟

قال: أن من أهل بين ننظر في النجوم.

فقال: كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة؟

قال: لا أدري.

قال: فكم ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة؟

قال: لا ادري.

قال: فكم للمشتري من ضوء عطارد؟

قال لا أدري.

قال: فما أسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر؟

قال: لا أدري.

قال: يا أخا أهل اليمن، عندكم علماء؟

قال:نعم. إن عالمهم ليزجر الطير ويقفو الأثر في الساعة الواحدة مسير سير الراكب المجد.

فقال (عليه السلام): إن عالم المدينة(32) أعلم من عالم اليمن، لأن عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الأثر ويزجر الطير، ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس.

قال: ما ظننت أن أحداً يعلم هذا ويدري(33).

كان هذا الفلكي من اليمن التي كانت من مراكز الاهتمام بالنجوم وعلم الفلك بين النهرين وواسط. وقد جاء فلكي من (واسط) ودخل على الإمام الصادق (عليه السلام)، فسأله الصادق (عليه السلام) (عن المنظومة الشمسية وحركة الكرة الأرضية، وجرى بينهما حوار مفصل ورد في (الكافي) نجترئ منه بما يهمنا في هذا المقام.

قال: الفلكي: قلت ا خلفت بالعراق ابصر بالنجوم مني.

فقال الإمام (عليه السلام): كيف دوران الفلك عندكم؟

قال: فاخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها.

فقال الإمام (عليه السلام): إن كان الأمر على ما تقول، فما بال بنات النعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوماً من الدهر في القبلة؟

قال: قلت: والله هذا شيء لا أعرفه، ولا سمعت أحداً من أهل الحساب يذكره.

فقال لي: كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها؟

قال قلت: هذا والله نجم ما سمعت به، ولا سمعت أحداً من الناس يذكره.

قال: سبحان الله، فأسقطتم نجماً بأسره، فعلى ما تحسبون؟

إلى أن قال (عليه السلام): صدقت، أهل الحساب حق، ولكن لا يعمل ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم(34).

وكان من تأثير توجيهات الإمام وارشاداته في علوم الهيئة والفلك أن اهتم تلامذته بهذه العلوم، واشتغلوا بالأرصاد والأزياج والتقاويم والتنجيم والاختبارات وغير ذلك من فروع علم الفلك من أقدم الأزمنة.

كان ابو اسحاق ابراهيم حبيب الفزاري المتوفي عام (161 هـ ـ 777 م)، وهو من أصحاب الإمامين الصادق وموسى بن جعفر (عليه السلام)، أول من عمل الاصطرلاب في الاسلام(35). وأول من ألف فيه. وله في ذلك (كتاب العمل بالاصطرلابات ذوات الحلق)، وكتاب (العمل بالاصطرلاب السطح)(36).

والاصطرلاب لفظة يونانية مأخوذة من كلمة (الاصطرلابون)، ومعناها مرآة النجم (اصطر: النجم، لابون: مرآة). وقيل أنها لفظة فارسية أصلها (ستارة باب) أي كاشف النجم.

وهذا أحمد بن الحسن بن أبي الحسن الفلكي الطوسي،تخصص في علم الفلك حتى اشتهر به، ووضع كتاب (المنار) وكتاب (شرح التهذيب في الامامة) وله في النجوم والفلك كتاب (ريحان المجالس وتحفة المؤانس)، وقد نقل عنه السيد ابن طاووس. وقال عنه في كتابه (فرج المهموم) إن الكتاب عندي، وفيه أحاديث الكواكب وأسرارها واختيارها(37).

وهذا محمد بن مسعود العياشي التميمي، وصفه ابن النديم بقوله: من فقهاء الشيعة الامامية. أوحد أهل دهره وزمانه في غزارة العلم، له كتاب (النجوم والفأر)، و (القيافة والزجر) و(كتاب الطب)(38).

وهذا أبــــو علي الحسن بــن فضال من اصحـــاب الإمام علي بـــن موسى الرضا (عليه السلام)، وله كتاب (النجوم) و(كتاب الطب)(39).



1 - بصائر الدرجات ج7 باب 11 ص 96.

2 - المصدر السابق ج7 باب 12 ص67 (وفيه فلا يخبرنا).

3 - الاختصاص ص325.

4 - بحار الأنوار ج47 ص99، قال الجزري في (صفة الصحابة): كأنما على رؤوسهم الطير، وصفهم بالسكون والوقار وأنه لم يكن فيهم طيش ولا خفة لأن الطير لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن. (أسد الغابة 1/36).

5 - التسمية: النطق باسم الله عند الذبح، عملاً بالآية الكريمة (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) الأنعام آية/121.

6 - ج7 باب11 ص95 وبحار الأنوار ج47 ص81.

7 - المناقب 4: 318 والدمعة الساكبة أيضاً.

8 - ذكر القزويني في عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات عن علي عليه السلام أنه قال: وأن تسألوا عنا فأنا نبط من كوثى ـ أنظر مادة كوثى (على وزن موسى).

9 - وفي عقيدة الشيعة أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده (عليه السلام) يعرفون جميع اللغات ـ بالعلم اللدني من الله سبحانه، ولهم على ذلك أدلة ليس هنا مجال لذكرها.

10 - بادوريا: طسوج من كورة الاستان بالجانب الغربي من بغداد (معجم البلدان).

11 - بصائر الدرجات ج7 ص96.

12 - نفس المصدر ج7 باب 11 ص97.

13 - وسائل الشيعة 2: 647.

14 - المصدر السابق كتاب الأطعمة والأشربة 3: 276.

15 - الأصول من الكافي 3: 657.

16 - هو يوحنا بن ماسوية من أطباء العصر العباسي المشهورين وقد توفي عام 234هـ.

17 - المناقب 4: 259.

18 - المصدر السابق: 4: 260.

19 - المناقب 4: 255 ـ 256.

20 - الفهرست 312.

21 - المرجع السابق.

22 - ابن خنلكان في أحوال الصادق 1: 150 وكتاب الفهرست.

23 - فلاسفة الشيعة ص 63.

24 - الفهرست: 499.

25 - الإمام الصادق ملهم الكيمياء: 156 للاستاذ محمد يحيى الهاشمي /مطبعة النجاح ببغداد/ 1950 م.

26 - الإمام الصادق ملهم الكيمياء: مطبعة النجاح، بغداد، 1950 م.

27 - P.Kraus, Jabir Ibn Hayan

contribution L,histoire Des Idees Scientfiques Dans I,Islam, Le Cair, 1943.

28 - مجلة المقتطف في أعدادها (68: 544 ـ 551 ومن 617 ـ 625).

29 - مجلة (الرسالة) (السنة الثامنة ص 1204 ـ 1206 ومن 1235 ـ 1237 ومن 1268 ـ 1270 ومن 1299 ـ 1302).

30 - أنظر المقدمة.

31 - قولنا إن الإمام عالم بالفلك والنجوم لا يعني أنه فلكي أو منجم.

32 - يقصد الإمام بعالم المدينة نفسه.

33 - بحار الأنوار: 47: 318.

34 - الكافي 8: 351.

35 - فلاسفة الشيعة: ص 74.

36 - الاصطرلاب أنواع منها المسطح والمبطح والتام والهلالي، ومن أجهزة الرصد الأخرى التي صنعها علماء الشيعة اللنبة، والحلقة الاعتدالية ذات الأوتار، وذات الحلق، وذات الشعبتين، وذات الجيب، وذات السمت والارتفاع.

37 - انظر الذريعة إلى تصانيف الشيعة.

38 - الفهرست: 274 ـ 275.

39 - المصدر السابق.




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 08:00 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية