هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 11-08-2010, 04:52 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قال تعالـى :" تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر".



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم

قال تعالـى :" تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر". فعلى مَنْ تتنزل الملائكة ؟


على مَنْ تتنزل الملائكة ؟

سئل في الندوة : في سورة القدر ذكر الله أنَّ الملائكة كانت تنزل وهناك مَنْ قال تنزل الملائكة على النبي صلَّى الله عليه وآله في حياته وفي زمان غيبة النبي صلَّى الله عليه وآله لا بُدَّ أنْ يتنزَّلوا على شخصٍ فمَنْ هو المقصود ؟

فأجاب : ليس شرطاً أنْ تنزل الملائكة على شخص معين غير النبي صلَّى الله عليه وآله ، إلى أنْ قال : أما قضية الملائكة كانوا ينزلون على النبي صلَّى الله عليه وآله فإنهم كانوا ينزلون عليه في أوقات خاصة وفي مناسبات معينة ، ولكن ليس المقصود في ليلة القدر أنَّ الملائكة تتنزل على رسول الله صلَّى الله عليه وآله ، بل قد يكون المقصود والله العالم إنهم ينزلون على الأرض في هذه الليلة لأداء مهماتهم التي أوكلها الله إليهم بما يتعلق بالكون الأرضي للناس أو غيره مما استقل الله بعلمه .[193]

أقول : إنَّ لليلة القدر أسراراً وكفى لإثبات حقيقة ذلك ثبوت نزول القرآن الكريم فيها ، وأنها خير من ألف شهر .

ولأهل الذوق وأولي القلوب في درك بعض حقائقها ونيل شيء من مقاماتها مدارجٌ ومقاماتٌ ، والكلُّ طامعٌ طامحٌ لدركها ، وقد تنافس وما زال أصحابُ الهِمم في سبيل الوصول وفي سبيل الوصال ، فإنَّ فيها يُفرق كلُّ أمرٍ حكيم ، ولهذا بحثٌ نظريٌّ تَرجَمَه أهلُه ، جعلنا الله تعالى من أهل الحبِّ والولاية لأهل الحقِّ سيِّدنا محمد وآله البررة صلَّى الله عليه وآله وعليهم السلام أجمعين .

هذا ولا يكاد يخفى على كلِّ قارئ للقرآن ، متدبِّر في آياته ، متمسِّك بحبل الله معتصِم بالعروة الوثقى سيِّدنا محمد وآله المعصومين صلَّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين ، أنَّ الملائكة بلا إستثناء هم دون خلفاء الله تعالى في أرضه فضلاً ومرتبةً ، وأنَّ منزلة الخليفة ومقامه أعلى وأشرف ، وأتم وأكمل .

قال سبحانه في محكَم كتابه " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون . وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ، فلما أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ماتبدون وما كنتم تكتمون. وإذ قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين .[194]

وقال سبحانه : وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حماءٍ مسنون. فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون .[195]

وقال سبحانه : إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون .[196]

وهذه الآيات الشريفة دليلٌ قطعيٌّ على ما ادَّعيناه ، وفيها إشاراتٌ إلى أسرار وحقائق ، والبحثُ في هذا خارج عن نطاق ما نحن فيه ، ولكن إتماماً للفائدة وإقامةً للحُجَّة ينبغي التعرض إلى بعض الجهات بنحو الاختصار فنقول وعليه سبحانه التكلان .

قوله تعالى : " قال ربك " معناه : قال ربُّ محمد صلَّى الله عليه وآله ، والإضافةُ في المقام لا لتوضيحِ مبهَمٍ أو تعريفِ مجهولٍ تعالى الله سبحانه ، وإنما لبيان شرف المضاف إليه ، وعظيم محله ، وتماميَّة مقامه ، وكمال مرتبته ، وللكشف عن مصداق المخلوق الأكمل ، وتعالى سبحانه أنْ يشتاق لغير الأكمَل ، أو ينظر إلا مِنْ خلاله 0

فالخطابُ لا يكون إلا إليه ، والخيرُ لا يصدر من المولى إلا به ، وأبداً إنه الوجه الذي به ينظر ، ودائماً هو قطب الرحى والمدار لا يكون إلا عليه ، فلا يناسب التعليل إلا إظهار كماله وظهور عينه ومصداقه ، وفي حديث الكساء كفاية لمتأمل0

وإذا تعلَّقتْ مشيئة الحكيم في جعلِ خليفة له في أرض مزرعة الآخرة ، فالمشيئة كانت من ربِّ محمد صلَّى الله عليه وآله ، فلا بُدَّ وأنْ يكون الأصلُ محمداً صلَّى الله عليه وآله 0

فالإضافة لإظهار حقيقة لولا إظهاره تعالى لها فهي محجوبة عمن سواه ، والحقيقة هي : أنَّ لمحمد صلَّى الله عليه وآله شأناً ، فإنَّ في حبه ظهر الكمال في عالم الوجود بخلق مَنْ له الإستعداد والقابلية لأنْ يكون مظهَر أسماء الله تعالى ، وهو صلَّى الله عليه وآله حيث كان ذا القابلية الأتم والإستعداد الأكمل ، فكان ظهور الأسماء بظهوره ظهوراً لا يشوبه قصور ولا نقصان ، و حاشا للكمال الحقِّ المطلق أنْ يشتاق لظهور الأسماء في غير مَنْ تظهر به وفيه بنحوٍ أتم وأكمل ، فكانت الإضافة للكشف عن هذه الحقيقة التي لا نُدرك منها إلا معنى اللفظ على مستوى المدلول الوضعي .

قوله تعالى :" قالوا أتجعل فيها " إلى قوله سبحانه " كنتم تكتمون " يفيد بظاهره جهل الملائكة بعظيم محلِّ الخليفة ، وعدم إطِّلاعهم على خطير آثار ظهوره 0

وما كان منهم لم يكن جدالاً أو إنكاراً ، وإنما بلسان سؤال المُستفهِم المُستعلِم فكان السؤالُ سؤالاً عن السرِّ الذي يجهلون به .

والمولى سبحانه له أنْ يكتفي بإعلامهم بحالهم وواقع أمرهم وأنهم لا يحيطون بشيء من علمه ، ولكنه تعالى اللطيف بعباده ، أراد أنْ يُظهِر لهم شيئاً بحسب ما يطيقون ليكون منهم كمال الإذعان وتمام الإنقياد ، فتقع منهم العبادة له سبحانه عن علم ومعرفة ، ويقع منهم التصديق عن إطمئنان قلب وسكون نفس ، وبالتالي فالعلم خير من الجهل 0

وإذا حصل العلم لهم بأنَّ هناك مَنْ يَفْضُلُهم ويعلوهم ، كان من ثمرات ذلك زيادة الشوق والعزيمة من جهة ، وأمكن أنْ يتحقق منهم التوسُّلُ بالأقرب والأتم والأكمل ، فإنَّ توسُّلَ الكامل بالأكمل لنيل القرب مِن الحقِّ المطلق مظهَرٌ مِن مظاهر العبودية له تعالى ، وتعطيلُ هذا المقام جهلٌ أو ضلال 0

كيف وفي الحاجة إلى المحتاج إليه تعالى يصدق الفقر إليه سبحانه بنحو آكد ، وإظهارُ الفرد الأكمل إظهارٌ لنعمة الله تعالى في مَنْ ظهرت فيه بنحو أعم وأتم ، وبقاؤه مجهولاً محفوظاً في الغيب لا يناسب مقام الكريم الحكيم ، وعدم إظهاره ينافيه شوقه تعالى لظهور تجلِّيات الأسماء والصفات بظهور صاحب المقام الشامخ 0

بل كيف يبقى صاحب المقام الجامع في عالَم الغيب مكنوناً ، وهو الوجه و العين ؟!

ثم إنَّ تعليم الله تعالى لآدم عليه السلام وهو للملائكة مضافاً لإفادته وجود القابل فيه وعدمه فيهم ، يفيد أنَّ تمكَّن آدم عليه السلام أولاً وصيرورته عالماً فعلاً هو الفارق ، وإذا كان الأمر كذلك فهم بعد الإنباء مثله فلا يستحق المقام الإلهي دونهم ، وللزم بطلان توجُّه الأمر الإلهي إليهم بالسجود لمن يماثلوه ويماثلهم .

فينتج مِن ملاحظة تخصيصه تعالى آدم عليه السلام أولاً ، وأمره سبحانه إياهم بالسجود له ثانياً ، ووقوع الخضوع من جميعهم له ثالثاً ، أنَّ ما حصلوا عليه بواسطة إنباء آدم لا يشبه ما تحقَّق له بتوسط تعليمه تعالى ، ويكون إختلاف التعبير أي" علَّم و أنبأ " مشاراً به إلى الإختلاف في نحو العلم ، مع أنَّ الملائكة صرَّحوا بأنهم لا يحصل لديهم علمٌ بشيء إلا بتعليم الله تعالى لهم " لا علم لنا إلا ما علمتنا " ، وإنباء آدم ليس كتعليم الله تعالى ، فيلزم عن هذا بقاؤهم غير عالِمين بعد الإنباء ، أعني لا يكون ما عَلِموه يشبه في حقيقته ما عَلِمَه آدم عليه السلام 0

ولو كانوا مثله إمكانا لمَا فاضلهم ، بل لمَا رَجِع قَصْرُ تعليمه تعالى عليه إلى شيء من الحقِّ ، وإلا فيلزم أنْ يكونوا مثل آدم فعلاً بعد إنبائه إياهم .

هذا وحيث لا تصح الإشارة إلى شيء إلا بعد وجود المشار إليه وحضوره ، فيلزم عن إستعمال إسم الإشارة بخطاب الملائكة أنبئوني بأسماء هؤلاء ، أنَّ للمشار إليهم وجوداً وتحقُّقاً .

والمسمَّيات ذات الوجود لا يُعقل أنْ لا تكون ذات شأن عظيم ، وإلا فأيُّ فضل لمن يعلم أنَّ المعنى الكذائي مسمَّىً بشمس مثلاً ، وأنَّ لها من الخصائص و المميزات ما لها !

إذ مضافاً لظهور الآية وإفادة مدلولها أنَّ للأسماء المشار إلى مسمَّياتها شأناً ومحلاً ، وأنَّ لها سراً خطيراً ومنزلةً رفيعةً ، فإنه لا يُعقل أنْ يكون للمسمَّيات من الشأن والسرِّ ما تعلوا به على الملائكة المقربين فيما لو لم تكن في ذاتها تنطوي على كمال العلم والمعرفة بربِّها ، فإنَّ ذلك العالَم الطاهر المقدس لاحظَّ فيه لغير العلم بالله ، ولا إعتبار بسوى المعرفة به سبحانه ، ولا شأن لغير مَنْ صفا في حبه تعالى شأنه .

وإذا كان في تلك المسمَّيات من السرِّ ما يجهل به الملائكة وما لا يتحمَّل كبراؤهم أنْ يطيقوه ، فلا بُدَّ وأنْ يكونوا ممن يفضلوا الملائكة قدراً ومحلاً وشأناً ، وليس مَنْ يفضلهم إلا مَنْ كان محلاً لعناية الله تعالى فوق ما هم محلٌ له ، وبالتالي مَنْ له الإستعداد والقابلية الأعم والأكمل .

فظهر مِن ملاحظة ما هو واقع ملاك التفضيل أنَّ تلك المسمَّيات أفضل من آدم عليه السلام ، ويكون لآدم من الفضل على الملائكة أنه يعلم شيئاً من سرِّ ومقام تلك المسمَّيات ، وليس أحد يفضل خليفة الله آدم بما هو مُتَعَنْون بعنوان معلِّم الملائكة وفي مقام كونه مسجوداً له إلا سيِّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله .

وبعبارة أخرى : ليس إلا صاحب المقام الجامع وهو مَنْ دنا مِن عرش ربه فكان قاب قوسين أو أدنى ، مَنْ يُحتمَل أنْ يكون لآدم عليه السلام فضلاً في معرفة شيءٍ مِن سرِّه .

وحيث إنه صلَّى الله عليه وآله صاحبُ مقام الإمامة والخلافة التامة والجامعة ، فهو مَنْ لديه العلم بكلِّ شيء قضاءً لما يفيده قوله سبحانه " وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ".[197]

وبما أنه صلَّى الله عليه وآله الوارثُ الأول الحقيقي لكتاب الله الذي ما فرَّط الله فيه مِن شيء " ما فرَّطنا في الكتاب من شيء"[198] ، والذي جعله الله تبياناً لكل شيء " ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء"،[199] بمقتضى قوله تعالى " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا ".[200]

وبما أنه صلَّى الله عليه وآله المظهَر الأتم والمصداق الأكمل بل الكامل لإسم الله تعالى العالِم ، فإنه يكون العلم به صلَّى الله عليه وآله علماً بكل شيء إحاطةً ومعرفةً ، وهذا يتوقف على كينونة غيره مثله قابليةً واستعداداً ، وليس يوجد مصداقٌ لهذا ويكون غيره بل لا يمكن ، وإلا للزم عنه أنْ يكون نفسه وعينه لا شخصاً غيره 0

لذا لا يمكن لآدم أنْ يحيط خبراً وعلماً برسول الله صلَّى الله عليه وآله بما هو صاحب المقام الشامخ -- ولست أعني بقولي بما هو أي بإعتبار ذلك بنحو يصح السلب عنه لولا ملاحظة الإعتبار ، فإنه لا يكون إلا كذلك حقيقةً وواقعاً -- بل ما يستطيعه ليس إلا درك وإدراك شيء منه ، لذا وقع في كتاب الله الحقِّ حكاية تعليم الله لآدم عليه السلام الإسم دون حصول العلم بالمسمَّى0 فإنَّ مَنْ يجهل بحقيقة المسمى ولا يستطيع درك سرِّه ، لا يكون حالُه في إدراكه للمسمَّى بإدراكه شيئاً من سرِّه إلا حالَ مَنْ لا يعلم إلا بالإسم 0

ولك أنْ تقول : حيث لا يُدرِك آدم عليه السلام إلا شيئاً يسيراً مِن حقيقة المصطفَى صلَّى الله عليه وآله فهو كمن لم يعلم إلا بالإسم ، لذا عَبَّرَ القرآن الكريم بإدراك آدم للإسم ، وهذا لا ينافي إدراكه لشيء من سرِّ المسمَّى ، غايته حيث كان سرُّه عظيماً ومميزاته عميقة وشأنه غير متناهىٍ بالنسبة لأيِّ مخلوق ، فوقع التعبير بما عرفت إشارةً إلى عظيم محلِّ ومقام الإنسان الكامل التام صلَّى الله عليه وآله ، وإلى ضيق دائرة قابلية آدم عليه السلام مع كونه معلِّم الملائكة .

والعلمُ بإسم الرسول صلَّى الله عليه وآله علمٌ بجميع الأسماء فإنه الإنسان الجامع العالِم التام الكامل .

وبما أنَّ علياً أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه هو نفس الرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله بنصِّ آية المباهلة " وأنفسنا وأنفسكم "،[201] ولم يأت رسول الله صلَّى الله عليه وآله بغير عليٍّ عليه السلام ممن يمكن أنْ يصدق عليه ذلك ، فإنَّ الزهراء" نساؤنا " والحسنين " أبناءنا " ولو لم يراد من " وأنفسنا " علياً عليه السلام للزم أنْ يكون النبي صلَّى الله عليه وآله داعياً نفسه وهذا لا يصح ، وقد صحَّ عند الفريقين أنه صلَّى الله عليه وآله لم يأت بغير فاطمة وبعلها وابنيها سلام الله عليهم أجمعين .

وأيضاً فإنَّ الأئمة عليهم السلام حيث كانوا ورثةَ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وأصحابَ مقام الإمامة العظمى ، فإنه يصدق بهذا اللحاظ أنهم نفسُ رسول الله صلَّى الله عليه وآله ، وإنْ كان المقام بالأصالة له صلَّى الله عليه وآله ، فيصدق الحديث المروي عن الأئمة - وقد سمعته مِنْ غير واحد ولا يحضرني مصدره - أولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد صلَّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين .

وينتج عن ملاحظة ما أشرنا إليه مضافاً لما في حديث الكساء المتواتر القطعيِّ الصدور --- وفيه " ما خلقت سماء مبنية ولا أرضاً مدحيَّة ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلا لأجلكم ومحبتكم " ولا يجهل أحد من العلماء تواتره قطعاً ، مضافاً لأحاديث كثيرة وردت من طرق الفريقين في بيان وعدِّ فضائل أهل البيت عليهم السلام --- أنَّ الأسماء التي علَّمها الله تعالى لآدم عليه السلام هي أسماء سيِّدنا محمد وأهل بيته البررة ، أعني فاطمة وبعلها وبنيها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، إذ ليس يدانيهم في فضلهم جميع العالَمين مجتمعين ، ولا يُدرِك حقيقتهم إلا خالقهم ومصوِّرُهم سبحانه .

والبحث فيما بحثنا فيه وإنْ لم نؤدِّ حقه ، لكنه حيث كان خارجاً عن المُهمِّ المبحوث فيه إلا من بعض الجهات ، لذا رأينا أنْ نقتصر على ما بيَّناه باختصار 0

هذا وإذا كان آدم عليه السلام وهو بالإضافة إلى الرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله ما عرفت ، قد سجدت له جميع الملائكة - وسجودهم خضوع له وإعتراف منهم بقصورهم عنه ودنوِّهم مرتبةً - وكان لهم معلِّماً ، فإنه يستفاد مِنْ مجموع القرائن أنَّ خليفة الله سبحانه هو المرجِع للخلق وإنْ كانوا مِن الملائكة ، فكيف بمن يكون مرجِعاً لآدم عليه السلام .

وبالتالي فما يناسب مقام مظهَر أسمائه تعالى كمظهَرٍ تام كامل -- مضافاً إلى أنْ يكون مطمع سواه -- هو الإرتباط والتوسل به ، والإستشفاع فيه والرجوع إليه ، وأبداً له مِنْ غيره الخضوع له وإلا فليس له إلا الطرد فيكون مآله إلى الجحيم ، كما هو حال إبليس الذي أبى واستكبر جهلاً وعتواً وعناداً 0

ولا يُتصوَّر مِن الملائكة - بعد أنْ أقرُّوا جميعاً وخضعوا بسجودهم - أنْ يكون لهم حظٌّ في تصرفٍ أو فعل إلا مِنْ خلال مَنْ له خضعوا وسجدوا ، فإنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وقد أمرهم تعالى بأنْ يسجدوا لآدم ، فكان منهم أنْ خضعوا له .

وليت شعري فكيف يكون حالهم مع سيِّد آدم ؟!

فهل كانوا لينزلوا إلى الأرض حيث يستقر فيها سيِّدُهم ولا يكون منهم التنافس إلى مبايعته وتجديد العهد ؟!!

وهل كانوا لينزلوا إلى غير مَنْ هم له خضعوا أزلاً ، لينتشروا مِن عنده ، ولترجع جماعاتهم متزودةً آخذةً محمَّلة بما أمرها الله تعالى أنْ تتزوَّد به وتأخذ وتحمل ؟

وهل يُعقل أنْ تنزل الملائكة إلى الأرض وفيها مَنْ عرفت ، ولا يكون منهم الإسراع بل التنافس في خدمته ؟

وهل يمكن أنْ تنزل إلا إليه أولاً وهو المعلِّم والأستاذ ، وهم إنما خُلقوا لأجل محمد وأهل بيته الأبرار وفي حبهم ؟

بل لا يكون مِن الملائكة إلا المسارعةُ في التشرُّف بالنزول في بيت خليفة الله أولاً ، وعنه يذهبون ومِن عنده يأخذون قضاءً لما يفرضه واقع كينونتهم خاضعين له حقيقةً ، ولا ينافي هذا كون القرآن نَزَلَ به الروح الأمين على قلب الرسول الخاتم صلَّى الله عليه وآله 0

والبحث في تفصيل هذه المقامات ، وتوجيه كثير مِن ظواهر الخطابات والآيات لا يسعه المقام ، وإنْ لم نكن من أهل هذا الميدان .






 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
قديم 11-08-2010, 04:55 PM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وبالجملة فهل مع وجود سيِّد الملائكة في الأرض كان لينزل الملائكة إليها قبل التشرُّف في النزول إلى بيت خليفة الله بل وبداعي الإستئذان منه أيضاً ، والمفروض أنَّ في الأرض لله خليفة ؟

وهذا المعنى ينهض بإثباته مفاد الآيات الواردة في سورة الحجر الحاكية عن ضيف إبراهيم ، وكذلك ما في سورة والذاريات فتدبرها جيداً 0

وملخَّص الكلام : أنه لو حصل للملائكة الإذن في النزول إلى الأرض لأيِّ غرضٍ ، فلا يُعقل لهم ومنهم أنْ ينزلوا إلى غير بيت خليفة الله أولاً ، بل لعل أكابرهم كانوا يعتبرون أمر الله تعالى لهم بالنزول إلى الأرض حال وجود خليفته فيها وسيِّدهم هو الفوز والغنيمة حيث سيكون لهم التشرُّفُ بلقاء سيِّدنا وسيِّدهم .

وفي كتاب تأويل الآيات الظاهرة للسيِّد علي الحسيني الاسترآبادي ما لفظه : وعن الصادق عليه السلام أنه قال : أنها( ليلة القدر) باقية إلى يوم القيامة لأنها لو رُفعت لأرتفع القرآن بأجمعه ، لأنَّ فيها تتنزل الملائكة والروح . وقال سبحانه تتنزل بلفظ المستقبل ولم يقل نزل بلفظ الماضي وذلك حق ، لأنها لا تجيء لقوم دون قوم بل لسائر الخلق فلابُدَّ مِن رجل تنزل عليه الملائكة والروح فيها بالأمر المحتوم في ليلة القدر في كل سنة ، ولو لم يكن كذلك لم يكن بكل أمر. ففي زمن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان هو المنزَل عليه ، ومِن بعده على أوصيائه أولهم أمير المؤمنين وآخرهم القائم عليه السلام ، وهو المنزَل عليه إلى يوم القيامة ، لأنَّ الأرض لا تخلو مِن حُجَّة لله عليها ، وهو الحُجَّة الباقية إلى يوم القيامة ، عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة التامة .

و يؤيد هذا التأويل ما رواه محمد بن العباس رحمه الله - المعروف بإبن الحجَّام - عن محمد بن القاسم عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن صفوان عن إبن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزَّ وجلَّ " خير من ألف شهر" قال : من ملك بني أمية. قال : وقوله " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم" أي من عند ربهم على محمد وآل محمد بكل أمر سلام .[202]

وفيه عن الشيخ الطوسي عن رجاله عن عبد الله بن عجلان السكوني (في حديث) عن الباقر عليه السلام ، وما من بيت من بيوت الأئمة منا إلا وفيه معراج الملائكة لقول الله عزَّ وجلَّ " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام ".....الحديث .[203]

وروى الكليني في الكافي بإسناده إلى أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام قال : سمعته يقول : ما من ملك يهبطه الله في أمر ما يهبطه إلا بدأ بالإمام فعرض ذلك عليه ، وإنَّ مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر .[204]

ويؤيد هذا المعنى ما ورد في متظافر الأخبار من أنهم سلام الله عليهم مختلف الملائكة ، وأيضاً قوله سبحانه" إنّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تنزل عليهم الملائكة "،[205] وأيضاً ما رواه الشيخ الطوسي في أماليه مسنداً عن أمير الؤمنين عليه السلام وفيه " وأُيِّدت بليلة القدر نفلاً وإنَّ ذلك ليجري لي ومَن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار.[206]

وكذا : " والرابعة خُصصنا بليلة القدر وأنت معي فيها وليس لأحد غيرنا [207] ، وراجع البصائر.[208]

وأخيراً فإنَّ الملائكة الذين يتنزَّلون في ليلة القدر لا بُدَّ وأنْ يكون مقصدهم أولاً وجه الله ونوره وحجته وخليفته ، وأنَّى لعاقلٍ أنْ يتصور غير ذلك ، فإنه بالالتفات إلى ما يُمثِّله خليفة الله في الأرض وإلى ما هو محله وما هي مرتبته ، يتحقق القطع لكل متأمل ملتفت أنه لا يكون مِن الملائكة إلا قصد مَنْ سجدوا له وخضعوا .

وفي الختام ، فإني أظنُّ أنَّ السيِّد فضل الله لا يُعرِض عن ما فسَّره الأئمة عليهم السلام وشرحوه ، ولكن لعل عذره أنه لم يُحقِّق ويتحقق ، وإلا فعدم الالتزام بما يقوله أهل البيت لا يصدر ممن يعتقد بهم ما تعتقد الشيعة فيهم .
---------------
[193] الندوة 1 ص184 ط الثانية 1417 --1997

[194] سورة البقرة 30-34.

[195] الحجر28-30

[196] ص71-73.

[197] ياسين (12)0

[198] الأنعام38

[199] النحل89

[200] فاطر 32

[201] آل عمران61

[202] تأويل الآيات ص 792 -793

[203] المصدر السابق

[204] الكافي 1 ص394 0

[205] فصلت آية (30)

[206] امالي الطوسي ص 637-654، ط مؤسسة الوفاء بيروت

[207] امالي الطوسي ص 637-654، ط مؤسسة الوفاء بيروت


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:16 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية