![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
#11 |
مشرف عام
![]() |
![]()
ضمان الطبيب :
إذا باشر الطبيب المريض فأتلف فحاله حال سائر الأجراء والصناع في أصل الضمان مع تفصيل في الموضوع وحاصله : إن الطبيب إما أن يكون قد أخذ البراءة من المريض أو وليه أو لا ؟ ولكل من القسمين حكمه الخاص : ‹ صفحة 241 › أولا - إذا لم يأخذ البراءة من المريض أو وليه فهنا : 1 - تارة يكون الطبيب هو المباشر في العلاج بأن شربه الدواء ، أو أجرى عليه عملية جراحية ، فالظاهر أن المعروف هو الضمان ( 1 ) ولا فرق بين أن يكون المريض بالغا وعاقلا أو لا ؟ 2 - وتارة يكون آمرا بشرب الدواء بأن يقول للمريض : اشرب الدواء الفلاني ، فشرب ، فاستشكل في العروة ( 2 ) في ذلك إلا أن يكون سببا أقوى بحيث ينتسب التلف إليه لا إلى المباشر وهو شارب الدواء ، وتبعه على ذلك صاحبا المستمسك ( 3 ) والمستند ( 4 ) ، ولكن اختار في مفتاح الكرامة ( 5 ) الضمان . 3 - وثالثة أن يكون واصفا للدواء كأن يقول : إن دواءك كذا وكذا ، فقد مال في العروة ( 6 ) إلى عدم الضمان أيضا ، ووافقه صاحبا المستمسك ( 1 ) والمستند ( 2 ) ، بينما اختار في مفتاح الكرامة الضمان . قال : " وكذلك - أي يضمن - إذا شرب بوصفه ، كما إذا قال له : مرضك كذا ودواؤه النافع له كذا ، كما هو المتعارف من أحوال الأطباء يشخص المرض ويصف له الدواء . . . " ( 3 ) . وقال الإمام الخميني في تحرير الوسيلة - بعد نفي الضمان في صورة توصيف الدواء فقط - : " نعم لا يبعد الضمان في التطبب على النحو المتعارف " ( 4 ) أي المتداول حاليا . وهناك تفصيل آخر رتبوا عليه الحكم وحاصله : إن الطبيب : 1 - إذا كان قاصرا أي غير عالم بالفن . 2 - أو كان مقصرا في العلاج مع علمه في فنه . 3 - أو كان قد عالج من دون إذن ‹ صفحة 242 › المريض أو وليه ، مع علمه وعدم تقصيره ، فأدى علاجه إلى التلف فهو يضمن في هذه الصور الثلاث ، وقد نقل عدم الخلاف في ذلك عاملي في مفتاح الكرامة ( 1 ) . 4 - وأما إذا كان الطبيب ماهرا ولم يكن قد قصر في علاجه ، وأخذ الإذن من المريض في علاجه ، فقد وقع الخلاف بين ابن إدريس وغيره من الفقهاء ، فالمنقول عن ابن إدريس هو عدم الضمان ، والمعروف من سائر الفقهاء قديما وحديثا - إلا من تردد على أثر كلام ابن إدريس - هو الضمان . وعبارته في السرائر هي : " ومن تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من ولي من يطببه ، أو صاحب الدابة وإلا فهو ضامن إذا هلك بفعله شئ من ذلك . هذا إذا كان الذي جنى عليه الطبيب غير بالغ ، أو مجنونا ، فأما إذا كان عاقلا مكلفا فأمر الطبيب بفعل شئ ففعله على ما أمره به ، فلا يضمن الطبيب سواء أخذ البراءة من الولي أو لم يأخذ ، والدليل عليه ما قلناه : إن الأصل براءة الذمة والولي لا يكون إلا لغير المكلف . فأما إذا جنى على شئ لم يؤمر بقطعه ولا بفعله ، فهو ضامن سواء أخذ البراءة من الولي أو لم يأخذ " ( 1 ) . ولا بد من الإشارة إلى أن كلمة " الإذن " قد خلت عنه كثير من العبارات ، ولكن ظاهرهم ذلك ، قال صاحب مفتاح الكرامة : " وليعلم : أن التقييد بكون العلاج بإذنه قد خلت عنه عبارات القدماء صريحا ، لكنه ظاهرهم - كما في غاية المراد - وهو الذي فهمه ابن إدريس منهم . والمحقق ومن تأخر عنه جعلوا النزاع بين ابن إدريس والجماعة مع الإذن ، وقد قلنا : إن الظاهر أن ابن إدريس حمل كلام المتقدمين على صورة عدم الإذن وجعلهم موافقين له . . . " ( 2 ) . ثم ذكر الكتب المصرحة بالضمان مع عدم التقييد بالإذن ، والكتب المصرحة بالضمان معه . ثانيا - إذا باشر مع أخذ البراءة من المريض أو وليه : بحث الفقهاء حول صحة أخذ ‹ صفحة 243 › الطبيب البراءة من المريض أو وليه ، وفي المسألة قولان : الأول - صحة الاستبراء ، فإذا أخذ الطبيب البراءة قبل العلاج وعالج فاتفق التلف فلا ضمان عليه لما في رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام " من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو ضامن " ( 1 ) . ونسب هذا الرأي إلى كثير من أساطين الفقهاء كالشيخين وأتباعهما وأبي الصلاح وابن البراج والآبي وفخر المحققين والشهيد وأبي العباس والمقداد والمحقق الأردبيلي وصاحب الرياض ( 2 ) واختاره صاحب الجواهر ( 3 ) والسيد اليزدي ( 4 ) والسيد الحكيم ( 5 ) والإمام الخميني ( 6 ) والسيد الخوئي ( 7 ) وغيرهم . الثاني - عدم صحته لأنه إبراء عما لم يجب وإسقاط حق قبل ثبوته ، وقيل : إن أول من قال به هو ابن إدريس ، ولكن لم تثبت هذه النسبة وعبارته في السرائر خالية عن ذلك ، كما تقدم . نعم يظهر من الجواهر : أن أول من نسب ذلك إلى القول هو المحقق حيث قال : " وهل يبرأ بالإبراء قبل العلاج ؟ قيل : نعم . . . وقيل : لا يبرأ . . . " ( 1 ) وعلق عليه في الجواهر قائلا : " ولكن لم نتحقق القائل قبل المصنف وإن حكي عن ابن إدريس . . . نعم يظهر من الفاضل التردد فيه كالمصنف هنا حيث اقتصر على نقل القولين . . . " ( 2 ) . وهناك بعض المحاولات للتخلص من المشكلة منها : 1 - ما ذكره في مستند العروة ( 3 ) وحاصله : أن هذا الحكم ( أي الإبراء قبل العلاج والتلف ) وإن كان مخالفا للقواعد العامة التي منها : عدم صحة الإبراء عما لم يثبت بعد ، ولكن لما ورد النص الخاص في ‹ صفحة 244 › هذا المورد الخاص فينبغي التعبد به وإن خالف القاعدة . 2 - إن الاشتراط - هنا - إنما هو بمنزلة شرط السقوط في العقد مثل شرط سقوط الخيار في العقد ، وهو وإن كان من قبيل شرط النتيجة ، ولكن لا بأس به إذا كان المقصود منه إنشاء النتيجة أي ( السقوط ) في ضمن العقد ( 1 ) . هذا إذا كان الشرط على نحو شرط النتيجة ، وأما إذا كان على نحو شرط الفعل بأن يشترط الطبيب في ضمن العقد أن يبرئه الولي أو المريض - في صورة عدم الوفاة - عن الجناية الحاصلة بسبب علاجه فالظاهر لا إشكال فيه لمطابقته للقواعد ، وإن لم أعثر على من صرح به . من هو المبرئ ؟ اختلفت كلمات الفقهاء حول المبرئ للطبيب أهو المريض أو الولي أو كلاهما ؟ هذا فيما إذا كان المريض بالغا وعاقلا وكاملا ، وأما إذا كان صبيا أو مجنونا ( أي مولى عليه ) فلا خلاف في أن المبرئ لا بد وأن يكون الولي لا المريض . ومهما يكن فقد قال السيد العاملي في مفتاح الكرامة - بعد نقل عدم الضمان في صورة الاستبراء عن جماعة - : " . . . وهذا منهم على اختلاف كلامهم في المبرئ أهو الولي أم المريض أم هما . . . ؟ " ( 1 ) . وممن صرح بلزوم إذن المريض صاحب الجواهر حيث قال : " والظاهر اعتبار إذن المريض في ذلك مع فرض كونه كامل العقل ، ولا يكفي إذن الولي ، إذ لا ولي له في هذا الحال ، وإنما هو أولى بنفسه ، وكون الولي هو المطالب بعد ذلك لا يرفع سلطنته الآن على نفسه ، وما في الخبر المزبور محمول على إرادة الولي في ذلك ، الشامل للمريض ورب المال . وقول الشهيد في غاية المراد وغيره باعتبار إذن الولي أو المريض ، محمول على التفصيل الذي ذكرناه ، لا أن المراد الاكتفاء بإذن الولي مع كمال عقل المريض . . . " ( 2 ) . ومع ذلك فقد قال السيد اليزدي في العروة : " إذا تبرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه ولم يقصر في الاجتهاد ‹ صفحة 245 › والاحتياط برئ على الأقوى . . . " ( 1 ) . ولم يعلق صاحب المستمسك ولا صاحب المستند على هذا الترديد ، فلا بد من حمل ذلك إما على ما قاله صاحب الجواهر ، أو على التخيير . وللإمام الخميني - في تحرير الوسيلة - تفصيل آخر قال : " الظاهر براءة الطبيب ونحوه من البيطار والختان بالإبراء قبل العلاج ، والظاهر اعتبار ابراء المريض إذا كان بالغا عاقلا فيما لا ينتهي إلى القتل ، والولي فيما ينتهي إليه ، وصاحب المال في البيطار ، والولي في القاصر ، ولا يبعد كفاية إبراء المريض الكامل العقل حتى فيما ينتهي إلى القتل ، والأحوط الاستبراء منهما " ( 2 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 241 › ( 1 ) المستمسك 12 : 79 . ( 2 ) العروة : الإجارة ، فصل 4 ، المسألة 5 . ( 3 ) المستمسك 12 : 80 . ( 4 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 249 . ( 5 ) مفتاح الكرامة 7 : 264 . ( 6 ) العروة : الإجارة ، فصل 4 ، المسألة 5 . ( 1 ) المستمسك 12 : 80 . ( 2 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 249 . ( 3 ) مفتاح الكرامة 7 : 264 . ( 4 ) تحرير الوسيلة 2 : 560 ، الديات - موجبات الضمان - المباشرة ، المسألة 4 . ‹ هامش ص 242 › ( 1 ) مفتاح الكرامة 7 : 264 . ( 1 ) السرائر 3 : 373 . ( 2 ) مفتاح الكرامة 7 : 264 . ‹ هامش ص 243 › ( 1 ) الوسائل 18 : 195 ، باب 24 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 1 . ( 2 ) حكى ذلك عنهم في الجواهر 42 : 46 . ( 3 ) نفس المصدر . ( 4 ) العروة : الإجارة ، فصل 4 ، المسألة 6 . ( 5 ) المستمسك 12 : 81 . ( 6 ) تحرير الوسيلة 2 : 56 . ( 7 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 250 . ‹ هامش ص 243 › ( 1 ) الوسائل 18 : 195 ، باب 24 من أبواب موجبات الضمان ، الحديث 1 . ( 2 ) حكى ذلك عنهم في الجواهر 42 : 46 . ( 3 ) نفس المصدر . ( 4 ) العروة : الإجارة ، فصل 4 ، المسألة 6 . ( 5 ) المستمسك 12 : 81 . ( 6 ) تحرير الوسيلة 2 : 56 . ( 7 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 250 . ( 1 ) الجواهر 42 : 47 . ( 2 ) نفس المصدر . ( 3 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 250 . ‹ هامش ص 244 › ( 1 ) المستمسك 12 : 81 ، الجواهر 42 : 47 . ( 1 ) مفتاح الكرامة 10 : 272 . ( 2 ) الجواهر 42 : 48 . ‹ هامش ص 245 › ( 1 ) العروة : الإجارة ، فصل 4 المسألة 6 . ( 2 ) تحرير الوسيلة 2 : 560 الديات ، موجبات الضمان ، المباشرة المسألة 6 . |
![]() |
![]() |
#12 |
مشرف عام
![]() |
![]()
الإجارة على الواجبات :
بحث الفقهاء في صحة الإجارة على الواجبات وعدمها ، ولأجل أن يتضح الموضوع جيدا لا بد من تحديد محل الخلاف بينهم فنقول : إن البحث عن صحة الإجارة على الواجبات يمكن فرضه في موردين : الأول - أن يستأجر الشخص لإتيان واجبات نفسه كأن يستأجره ليصلي أو يصوم أو يحج عن نفسه أو يزيل النجاسة عن المسجد أو يقضي أو يفتي ليسقط الواجب الكفائي عن نفسه . وهذا هو القسم المهم في بحث الإجارة على الواجبات ، لابتلائه بالإشكالات العديدة . الثاني - أن يستأجر الشخص لإتيان واجبات شخص آخر ، كأن يستأجر ليحج عن الغير أو يصلي أو يصوم أو يزيل النجاسة أو غير ذلك . وهذا القسم وإن كان مهما أيضا في حد نفسه ، لكن لم يكن موردا للمناقشة - كثيرا - كالقسم الأول ، بل يندرج تحت عنوان النيابة التي يمكن دفع كثير من الإشكالات بها . أما : القسم الأول - وهو استئجار الشخص لإتيان واجباته : فلا بد من الإشارة إلى أن البحث - هنا - إنما يتم ويصح مع ملاحظة بعض الأمور ، وهي : ‹ صفحة 246 › 1 - ينبغي أن لا يكون الفعل الواجب مطلوبا على نحو المجانية كالأذان والقضاء والإفتاء وأمثال ذلك - كما قيل - فإنه إذا كان كذلك فلا يكون موردا للإجارة ( 1 ) . 2 - ينبغي ألا يكون حقا للغير على المكلفين ك " تجهيز الميت " - على ما قيل - فإن المستفاد من الأدلة - حسبما يقال - هو أن للميت حقا على الأحياء ، وهو تجهيزه بما فيه من التغسيل والتكفين والتدفين ( 2 ) . 3 - يرى بعض الفقهاء أنه يلزم أن يكون العمل المستأجر عليه ذا منفعة عائدة إلى المستأجر بنحو ما ، فلا يصح إجارة الشخص لإتيان الصلاة الواجبة عليه من دون فرض منفعة عائدة إلى المستأجر ( 3 ) . بينما لا يرى السيد الخوئي ذلك ( 4 ) . 4 - إن مورد البحث هو أخذ الأجرة على طبيعي الواجب لا الخصوصية ، فإنه - لا إشكال ظاهرا - في جواز الأجرة عليها ، فلو أخذ الشخص الأجرة ليصلي صلاة صبحه في المسجد فلا بأس به ( 1 ) الآن وبعد أن اتضحت هذه الأمور نرى ما هي الأقوال في المسألة . اختلفت الأقوال في المسألة اختلافا شديدا وعمدتها هي : 1 - عدم الجواز مطلقا : وقد نسب ذلك إلى المشهور ( 2 ) . 2 - التفصيل بين التعبدي فلا يجوز ، والتوصلي فيجوز ، وهو منسوب إلى فخر المحققين ( 3 ) . 3 - التفصيل بين الكفائي التوصلي فيجوز وبين غيره فلا يجوز ، وقد حكاه الشيخ عن فخر المحققين في الإيضاح أيضا ( 4 ) . 4 - التفصيل بين ما يجب على الأجير عينا أو كفاية وجوبا ذاتيا فلا يجوز ، وبين الواجبات الكفائية التوصلية ‹ صفحة 247 › فيجوز كالصناعات الواجبة لانتظام المعاش ، وهذا القول محكي عن صاحب الرياض في رياضه ( المتاجر ) ويبدو من الإمام الخميني اختياره ( 1 ) . 5 - التفصيل بين ما كان الغرض الأهم منه الآخرة فلا يجوز وما كان الغرض الأهم منه الدنيا فيجوز ، فجعل من أمثلة القسم الأول : الفقاهة والأمر بالمعروف وتجهيز الموتى والطبابة وإغاثة المستغيثين ، ومن أمثلة الثاني : الحياكة والصناعة والتجارة . . . ذهب إليه صاحب مفتاح الكرامة ( 2 ) . 6 - عدم الجواز في التعبدي مطلقا ، والتفصيل في التوصلي بين الكفائي فيجوز مطلقا والعيني فيجوز فيما كان وجوبه للضرورة ، ولا يجوز فيما كان لحفظ النظام . وهذا القول منسوب إلى صاحب المصابيح ( 3 ) . 7 - عدم الجواز في العيني التعييني والكفائي التعبدي . والجواز في الكفائي التوصلي والتخييري . والتردد في التخييري التعبدي . وهو مختار الشيخ الأعظم في المكاسب ( 1 ) . 8 - عدم الجواز في الواجبات العبادية إذا كان الفاعل يفعلها عن نفسه ( كصلاة الظهر ) وجواز ذلك في العبادات التي يفعلها لغيره ( كإزالة النجاسة عن المسجد ) بشرط قبولها للنيابة ، وجواز ذلك أيضا في غير العبادات . وهو مختار السيد الحكيم في المستمسك ( 2 ) . 9 - جواز أخذ الأجرة مطلقا ، ذهب إليه السيد الخوئي ( 3 ) . المؤاخذات على القول بالجواز : أهم المؤاخذات على القول بالجواز هي : الأولى - منافاة أخذ الأجرة على العبادات مع توقفها على قصد الأمر ، فإن ‹ صفحة 248 › الواجب العبادي يحتاج إلى قصد القربة في حين أن عقد الإجارة يوجب انقلاب داعي قصد القربة إلى داعي أخذ الأجرة ، وهو مستلزم لفساد العبادة ، فصحة الإجارة - إذن - تستلزم فساد العبادة . وأجيب عن ذلك : 1 - باختصاص هذا التعليل بالواجبات العبادية فلا يشمل التوصلية ، لعدم اشتراط قصد القربة فيها . 2 - اطراد الإشكال في المستحبات العبادية مع أن الكثير منهم يلتزم بصحة الإجارة فيها . 3 - منع المنافاة - عند كثير منهم - إذا كانت الأجرة ملحوظة بنحو الداعي إلى الداعي ( 1 ) . 4 - أن قصد القربة الخالصة المحضة قد لا تحصل إلا في المعصومين عليهم السلام وأما بالنسبة إلى غيرهم فقد يكون لجلب منفعة دنيوية كقضاء حاجة ، أو دفع ضرر دنيوي كدفع البلاء ، أو جلب منفعة أو دفع ضرر أخرويين كطلب الجنة والبعد عن النار ، ومن المعلوم أن ذلك لا يضر بعبادية العبادة ، فمن يصلي طلبا لحاجة دنيوية ( كالمال مثلا ) لا تكون صلاته باطلة ، ولعله إلى هذا أشار بقوله تعالى : ( وادعوه خوفا وطمعا ) ( 1 ) و ( يدعوننا رغبا ورهبا ) ( 2 ) . إذن فالغرض من العبادة - غالبا - هو انتفاع العبد ، ولا يضر ذلك بعبادية العبادة ( 3 ) . الثانية - والمؤاخذة الثانية المهمة هي : أن الفعل الواجب يكون بوجوبه مستحقا لله تعالى وملكا له ، وما كان للغير لا يجوز تمليكه لله تعالى . وقد سجلت هذه المؤاخذة من الشيخ كاشف الغطاء في شرحه على القواعد . ولكن نوقشت : بأن ملكية الله تعالى للواجبات لا تخلو من صور ، وهي : 1 - أن تكون ملكية حقيقية وتكوينية وهي المعبر عنها بالملكية الاشراقية ، وفي هذه الصورة لا تختص الواجبات بذلك ، بل كل ما في الوجود ومنها أفعال الإنسان المتصفة بالأحكام ‹ صفحة 249 › الخمسة ( الواجب والحرام والمباح . . . ) تكون ملكا له ، وهذه الملكية لا تنافي ملكية الإنسان أيضا لأنهما طوليتان ، فملكية الإنسان في طول ملكية الله . 2 - أو ملكية اعتبارية ، فهي واضحة الفساد ، فليس لله تعالى ملكية اعتبارية للأشياء . 3 - أو بمعنى أن له إلزام المكلف بإتيان الواجبات واستحقاق العقاب على المخالفة ، فهذا لا يمنع من إمكان تمليك العمل الواجب للغير ودعوى المنافاة مصادرة ( 1 ) . القسم الثاني - الاستئجار على إتيان الواجب عن الغير : ولا بد من الالتفات - هنا - إلى نقطة هامة وهي : أن إتيان العبادات الواجبة وجوبا عينيا عن الغير لا يصح فرضه إلا إذا كان الغير ميتا ، أو في بعض صور الحج كمن ثبت الوجوب عليه ولم يحج وهو عاجز فعلا عن السفر ، أو كمن أفسد طوافه ورجع إلى بلاده ، وأمثال ذلك من الموارد المعدودة . وأما غير العبادية ( التوصلية ) سواء كانت كفائية أو عينية فيمكن فرض إتيانهما عن الغير مطلقا ، وذلك مثل الاستئجار للجهاد من قبل الغير ( المستأجر أو غيره ) أو إزالة النجاسة كذلك ، فيمكن فرض الاستئجار فيه عن الحي أيضا . وبعد اتضاح هذه النقطة نقول : إن البحث عن الإجارة لإتيان الواجب عن الغير يدخل في عنوان " النيابة " وسوف يأتي البحث عنه مستوفى إن شاء الله ( راجع : النيابة ) ، ولكن نشير هنا إلى ذلك إجمالا فنقول : 1 - أما بالنسبة إلى الواجبات العبادية فأهم إشكال يتوجه على مسألة النيابة هو مسألة قصد القربة ، فالذين يستشكلون في النيابة يقولون : كيف يجتمع قصد النائب الإتيان بالفعل قربة إلى الله مع قصده لإتيانه بداعي الأجرة ؟ ولذلك قالوا بصحة تبرع الصلاة والصوم وغيرها من العباديات عن الميت ، وعدم صحة الاستئجار عليها ( 1 ) . والحل المعروف للإشكال هو : أن ‹ صفحة 250 › الإجارة إنما تقع على أن يجعل الأجير نفسه نائبا عن المنوب عنه وفي محله ، وهذا العمل لا يحتاج في تحققه إلى قصد القربة ، بل بمجرد أن ينوي الشخص أن يصير نائبا عن الشخص الآخر تتحقق النيابة ، نعم إن متعلق النيابة - وهو الفعل العبادي حسب الفرض - يحتاج إلى قصد القربة فهو بعد فراغه عن جعل نفسه نائبا ولو بداعي الأجرة ينوي إتيان الفعل بداعي القربة ، ولا منافاة بينهما ( 1 ) . وبتوجيه آخر : إن عمل النيابة يمكن أن يقع مع قصد القربة - امتثالا للأوامر الواردة في النيابة عن الأموات بل الأحياء في بعض الأحيان - كما يمكن أن يقع من دون ذلك إما غفلة عن تلك الأوامر ، أو لعدم الاعتناء بها ، فيصبح الشخص نائبا عن غيره مع عدم قصد القربة في أصل النيابة . ومن جهة أخرى قد تجب النيابة بسبب الإجارة ، أي إن هذا الأمر التبرعي قد يجب بسبب الإجارة ، وعندئذ لا يخرج النائب عن عهدته إلا بامتثال متعلق الإجارة وهو إتيان الأمر العبادي بقصد القربة ، ولا منافاة بين ذلك وبين أخذ الأجرة ( 1 ) . وهناك تقريبات وتوجيهات أخر لسنا بصدد التعرض لها فعلا . 2 - وأما بالنسبة إلى الواجبات التوصلية ، فنقول : إن الواجب التوصلي تارة يكون عينيا وتارة كفائيا . فإذا كان توصليا عينيا فلا إشكال ظاهرا في أخذ الأجرة عليه ، كما إذا وجب إزالة النجاسة عن الثوب مقدمة للصلاة فيجوز استئجار شخص آخر لذلك . ويشهد لذلك السيرة المتصلة بزمن المعصومين عليهم السلام . وأما إذا كان الواجب توصليا كفائيا ، فإما أن يجب ذلك على الأجير أيضا أو لا ؟ فإذا فرضنا عدم وجوبه كفاية على الأجير فلا إشكال في استئجاره عليه أيضا كما إذا وجب الجهاد على القادرين - الواجدين للشرائط كالمركوب والعتاد وأمثال ذلك - كفاية ، فكان الواجد راغبا عن الذهاب فاستأجر من لا عتاد ولا مركب له ، ودفع له ما يحتاج إليه ، فلا ‹ صفحة 251 › إشكال ظاهرا في صحة الاستئجار في هذه الصورة أيضا ( 1 ) . وأما إذا كان واجبا على المستأجر والأجير - معا - كفاية ، فإن كان المستأجر استأجره لإتيان الواجب من قبل نفس الأجير فيدخل في القسم الأول ، وإن استأجره لإتيان الواجب من قبله أي المستأجر ، فيأتي فيه البحث ، وذلك كمن استأجر شخصا آخر لإزالة النجاسة عن المسجد في حين أنه كان واجبا كفائيا بالنسبة إليهما معا ، أو كمن استؤجر للأمر بالمعروف من قبل المستأجر في حين أنه كان واجبا على الأجير أيضا . والظاهر أنه لا إشكال في هذه الصورة إلا الإشكال المتقدم في القسم الأول وهو : أن الواجب بوجوبه يكون ملكا لله تعالى ، وما كان كذلك فلا يمكن تمليكه للغير ، وقد تقدم الجواب عنه فراجع . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 246 › ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 461 . ( 2 ) المكاسب : 63 ، القضاء للمحقق الرشتي 1 : 86 . ( 3 ) المكاسب : 61 . ( 4 ) مصباح الفقاهة 1 : 461 . ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 468 . ( 2 ) الجواهر 22 : 116 ، والمكاسب : 61 ( الخامس مما يحرم التكسب به ) ، والمستمسك 6 : 227 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 459 ، والمكاسب : 63 . ( 4 ) نفس المصدر . ‹ هامش ص 247 › ( 1 ) الرياض 1 : 505 ، تحرير الوسيلة : المكاسب المحرمة ، المسألة : 18 ، والإجارة ، المسألة : 34 . ( 2 ) مفتاح الكرامة 4 : 92 ، 7 : 196 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 460 . ( 1 ) المكاسب : 62 - 64 ، مصباح الفقاهة 1 : 460 . ( 2 ) المستمسك 6 : 229 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 460 . ‹ هامش ص 248 › ( 1 ) المستمسك 6 : 228 . ( 1 ) الأعراف : 56 . ( 2 ) الأنبياء : 90 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 463 . ‹ هامش ص 249 › ( 1 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 375 ومصباح الفقاهة 1 : 471 والمكاسب : 62 والمستمسك 6 : 228 . ( 1 ) القضاء ( للمحقق الرشتي ) 1 : 73 و 80 . ‹ هامش ص 250 › ( 1 ) المكاسب : 65 ، القضاء 1 : 80 . ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 475 نقلا عن المحقق النائيني . ‹ هامش ص 251 › ( 1 ) راجع الجواهر 21 : 31 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
#13 |
مشرف عام
![]() |
![]()
الإجارة على المحرمات :
إن الإجارة على العمل المحرم إنما تتصور على أنحاء : الأول - أن يؤجر نفسه للعمل الحرام فيكون متعلق الإجارة نفس العمل المحرم ، كالمرأة تؤجر نفسها للبغاء وسقي الخمور والقيادة ، أو كإيجار المساكن والدكاكين محلا لإحراز المحرمات أو بيعها . وهذا لا خلاف ( 1 ) في حرمته تكليفا وفساده وضعا . الثاني - أن تقع الإجارة على العين ومن دون أن يكون أصل الاستئجار للحرام ولكن يشترط المؤجر على المستأجر أن ينتفع بالعين بالانتفاعات المحرمة ، كأن يؤجره دارا ويشترط عليه أن يجعله محلا للدعارة . وقد ادعى صاحب الجواهر ( 2 ) والشيخ ( 3 ) الأنصاري عدم الخلاف في حرمة ذلك كالصورة الأولى . ومع ذلك فقد استظهر في مصباح الفقاهة ( 4 ) - مع اعترافه بعدم الخلاف في الحكم - عدم البطلان لابتناء المسألة على ‹ صفحة 252 › مفسدية الشرط للعقد ، وهو غير تام . الثالث - أن يكون ترتب الحرام داعيا لا شرطا مصرحا به في العقد . والمعروف بين الفقهاء هو القول بحرمته ، ونسبه في الجواهر ( 1 ) إلى ظاهر الأصحاب ، وادعى الشيخ ( 2 ) عدم الخلاف في حرمته . وظاهر كلامهم وقوع العقد فاسدا أيضا . الرابع - أن يكون المؤجر عالما بترتب الحرام ولم يكن مشروطا ولا داعيا للانتفاع المحرم ، كمن آجر داره ممن يعلم بأنه سيجعله محلا للفسق والفجور ، أو آجر دابته ويعلم أن المستأجر يحمل عليه الخمر . والمعروف بين الفقهاء هو عدم الحرمة ، فقد نسب في الجواهر ( 3 ) إلى المشهور القول بالكراهة ، ونسب في المكاسب ( 4 ) عدم التحريم إلى الأكثر . نعم حكى في الجواهر ( 1 ) عن ظاهر كلام الشيخ في التهذيب ، والعلامة في المختلف ، والشهيد في حواشيه والمسالك والروضة ، ونهاية الشيخ - في خصوص المسكن والحمولات - القول بالحرمة مع العلم مطلقا . ................................................. هامش ص 251 ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 164 ، مستند العروة ( الإجارة ) : 43 . وراجع الجواهر 22 : 30 . ( 2 ) الجواهر 22 : 30 . ( 3 ) المكاسب : 16 . ( 4 ) مصباح الفقاهة 1 : 164 . ‹ هامش ص 252 › ( 1 ) الجواهر 22 : 30 . ( 2 ) المكاسب : 16 . ( 3 ) الجواهر 22 : 31 . ( 4 ) المكاسب : 16 . ( 1 ) الجواهر 22 : 33 . |
![]() |
![]() |
#14 |
مشرف عام
![]() |
![]()
أخذ الأجرة على المستحبات :
وهنا تارة يستأجر الشخص لإتيان المستحب من قبل نفسه ، وتارة من قبل المستأجر . أولا - إذا استأجر من يأتي بالمستحب من قبل نفسه ، وهنا لا بد من فرض منفعة عائدة إلى المستأجر كما لو فرضنا أنه استأجر شخصا ليعيد صلاته ليقتدي به الأجير مثلا ، وأما إذا لم تعد منفعة إليه فهي غير صحيحة كما لو استأجره ليصلي صلاته الاستحبابية ( النوافل ) . وعلى أي حال ، فالإشكال المتقدم في أخذ الأجرة على الواجبات - وهو منافاة قصد القربة مع داعي أخذ الأجرة - يأتي هنا أيضا ، فإن حصول النفع - وهو ‹ صفحة 253 › صحة الاقتداء به - يتوقف على قصد القربة وهو مناف لأخذ الأجرة عليه ، فمن تخلص عنه هناك يتخلص عنه هنا أيضا . ثانيا - إذا استأجر من يأتي بالمستحب من قبل المستأجر ( أي نيابة ) . وهذا تارة يتوقف إتيانه على قصد القربة وتارة لا يتوقف . أما غير المتوقف فلا إشكال فيه كمن استأجر من يبني مسجدا ، فإن نفس بناء المسجد لا يتوقف تحققه على قصد القربة ، نعم استحبابه وحصول الثواب عليه يتوقف عليه ، فالبناء وهو الأجير يأخذ الأجرة على البناء ويتحقق - بالفعل - بناء المسجد ، والمستأجر يحصل على ثواب بناء المسجد لقصده بذلك التقرب إلى الله تعالى ، ومثل ذلك من استأجر من يمشي في قضاء حوائج الناس . وأما المتوقف مثل العبادات القابلة للنيابة كالحج والزيارة ونحوها فيصح أيضا ، لأن النيابة في حد ذاتها لا تحتاج إلى قصد القربة ، نعم الفعل المنوب فيه يحتاج فيه إلى ذلك ، وبذلك يحصل المستأجر ( المنوب عنه ) على الثواب ( 1 ) ، وقد تقدم توجيه ذلك فيما سبق . راجع : الاستئجار على إتيان الواجب عن الغير . مظان البحث : 1 - الإجارة . 2 - المكاسب المحرمة : أنواع ما يحرم المعاملة عليه ، أخذ الأجرة على الواجبات . 3 - القضاء : أخذ الأجرة على القضاء . 4 - الديات : موجبات الضمان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 253 › ( 1 ) راجع المكاسب : 64 ، مصباح الفقاهة 1 : 476 . ( 2 ) المصباح المنير : " جوز " . |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |