![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() [ المناقشة الثانية لتحريم عمر للمتعة ] في الإشكالات الواردة على قول عمر بن الخطاب ‹ صفحة 191 › 1 - الأنا في تحريم المتعتين : قوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا محرمهما . لقد أيد الخليفة بان المتعتين كانتا موجودتين أيام النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( هذا جواب من يقول بان المتعة نسخت في عهد الرسالة ) اي بمرأى ومسمع منه ( صلى الله عليه وآله ) . حتى آخر حياته وبلا نهي أو نسخ . إذ لو كانت منسوخة لنسبت الحرمة أو النسخ إلى الله أو إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . ولو فرضنا ثبوت النسخ في علم الخليفة أيام النبوة ( كما يقول الرازي ) لكان اللازم أن يشهد بذلك ، ليكون ذلك حقا واجبا على المسلمين بإطاعته ( ولو أنه خبر واحد ) ولكن ليس له ان يستفيد من كلمة ( انا ) في التحريم لأن الله هو المشرع الأول والنبي ( صلى الله عليه وآله ) مبلغ شريعة الله إلى الناس ، ولا يحق له أن يجعل نفسه مع الله والرسول في التشريع في صف واحد فهو خلاف الأدب ، اللهم إلا إذا قلنا أن هذا التعبير تعبير من لا يعرف اللغة العربية أو على أقل تقدير جاهل بمعاني كلماتها واصطلاحاتها ، وهو غير قادر على وضع الكلمة في المكان المناسب للجملة ، وهذا ما لا يمكن تصوره بالنسبة إلى الخليفة ، لأنه ترعرع في مهد الأدب العربي أنذاك وهو مكة . وانا أحرمهما : يمكن ان يكون حرف ( الواو ) ، كما أن كلمة ( أحرم ) للمتكلم اي : انا أحرم فيكون معنى كلامه هكذا : ان الله أحل المتعة والرسول كذلك والحال انا بنفسي أحرمهما ( المتعتين ) وأعاقب من لا يطيعني بتحريمهما . اي أن أمري هو الناسخ وهو المتبع وإطاعتي أولى من إطاعة الله ورسوله ( والعياذ بالله ) . وهذه ‹ صفحة 192 › الأنانية يمكن ان نشاهدها بصراحة أكثر في الروايات التالية : الف - قول عمر كما في سنن النسائي ( راجع ص 162 رقم 3 ) وهو تحد صارخ لحكم الله ورسوله ! ب - أقوال أبي حفص ( ص 153 رقم 6 وص 154 رقم 11 ) ولعمري هذا هو التحريف بالأحكام الشرعية . ج - عن أبي موسى : إنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك ، حتى لقيته فسألته ، فقال عمر : قد علمت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد فعله وأصحابه ولكني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم ( 1 ) . اي فعله النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه ( بأمر الله ) و ( أنا ) أكره ذلك . د - روى أبو نعيم في " حلية الأولياء ) والمتقي في " كنز العمال " واللفظ للأول قال : إن عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في أشهر الحج وقال : فعلتها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و ( أنا ) أنهى عنها وذلك أن أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا أشهر الحج ( 2 ) و . . . . ه - قول عمر : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء . . . . ( راجع ص 156 ) رواية أبي نضرة عن جابر ، ويكون معنى هذا الكلام : أن الله كان في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) يحل بما شاء وان إشاءة الله هي التي أحلت متعة النساء وأوجبت عمرة الحج ، ولكن إشاءتي هي المفروضة عليكم بدل إشاءة الله . ‹ صفحة 193 › 2 - قول عمر : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمته . وفي رواية أخرى قال للشامي : أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك . أقول :ان هذه العبارة تدل أولا : على أن المتعة لم تكن محرمة ولم ينزل فيها اي تحريم من كتاب الله وسنة نبيه حتى نهي عمر عنها في الشطر الثاني من حكومته . وثانيا : تدل هذه العبارة إلى أن الصحابة كانوا يستمتعون لعدم وجود نهي سابق عنها ، وذلك باعتراف عمر وروايات جابر بن عبد الله وغيره ، وعلى هذا فان كل ما ورد من الروايات بحليتها وعدم نسخها بالقرآن أو بالسنة صحيح لا يشوبه شك ، ومن طرف آخر فان كان ما ورد من النسخ بالقرآن أو من تحريم النبي ( صلى الله عليه وآله ) إياها في خيبر أو فتح مكة أو . . . موضوع قطعا ولا قيمة له . 3 - قول عمر : بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح . وهذا يعني أن موضوع المتعة واحكامها كان مجهولا عند الخليفة أو فهم من كلمة السفاح ما فهمه المتأخرون من معناها اللغوي ( كما ذكرنا ) ، أو وضعت هذه الجملة عن لسان الخليفة لتبرير موقف جماعة من علماء السنة ، الذين لا يعتبرون المتعة نكاحا على الرغم من كثرة استفادتهم من هذه الكلمة ( النكاح ) في المتعة . أو أن هناك سرا جهله الرواة ، أو أغفلوه فلم يصل إلينا خبره . ولكن الذي نفهم من كلام الخليفة انه استنجد بالناس ليبينوا له النكاح والسفاح ليتعرف على حدودهما بصورة جيدة ، وهذا ليس ببعيد فان المراجع لكتاب " الغدير " بحث " نوادر الأثر في علم عمر " يطلع على واقع الأمر أكثر فأكثر ( 1 ) . 4 - أدلة الخليفة في النهي عن المتعتين : ففي متعة الحج يستند الخليفة إلى سببين : أولهما : لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقوهن تحت الأراك ، وإنما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر . ‹ صفحة 194 › وثانيهما : إن أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع وإنما ربيعهم فيمن يطرأ عليهم ( 1 ) . وأما متعة النساء : فيقال : إن سبب نهيه كان في قضية عمرو بن حريث وعمرو بن حوشب و . . . ( راجع ص 148 و 149 ) وما ذكر من الدلائل في نهي الخليفة ، لا تبلغ تلك الدرجة من الأهمية ، إذ أن إساءة التصرف في أمر متعة النساء لا يمكن حلها بوضع قوانين صارمة . وأما في متعة الحج : فلربما أن يكون أحد الأسباب كامنا في ما تعود عليه الناس من الاعتمار في غير أشهر الحج ، حيث كان أهل الجاهلية يعتبرون ذلك من أفجر الفجور في الأرض ، وعمر بن الخطاب كان منهم ولا يمتاز عنهم بشئ ، ولقد كانت قريش ( وعمر من قريش ) تمتنع الامتثال لأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتخالفه أشد المخالفة مما أثار غضبه ( صلى الله عليه وآله ) حيث قال عبد الله بن عباس في حديث له : إن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة ومحرم ( 2 ) . ولا شك في أن رواسب الجاهلية لها أثرها في اتخاذ القرارات . والنقطة الأخرى هي : التوجه إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي لذوي أرومته من قريش ( مكان الحرم ) حتى ولو أدى ذلك إلى المخالفة لكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) ، وأحسب أن موافقة عبد الله بن الزبير في تحريم متعة الحج ناشئ من هذا التفكير وهو تحسين الوضع المادي لعاصمة حكومته . 5 - يقول عمر : والله لا أوتى برجل أباح المتعة الا رجمته . وقال أيضا : لا أوتى ‹ صفحة 195 › برجل تزوج امرأة إلى أجل الا رجمته ( 1 ) . يقول السيد الخوئي ( قدس سره ) ( 2 ) : وهذا من الغريب ، وكيف يستحق الرجم رجل من المسلمين خالف عمر في الفتيا واستند في قوله هذا إلى حكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونص الكتاب ؟ ولنفرض أن هذا الرجل كان مخطئا في إجتهاده أفليست الحدود تدرأ بالشبهات ؟ ! على أن ذلك فرض محض ، وقد علمت أنه لا دليل يثبت دعوى النسخ . وما أبعد هذا القول من مذهب أبي حنيفة حيث يرى سقوط الحد إذا تزوج الرجل بامرأة نكاحا فاسدا أو بإحدى محارمه في النكاح ، ودخل بها مع العلم بالحرمة وفساد العقد ( 3 ) وأنه إذا استأجر امرأة فزنى بها سقط الحد لأن الله تعالى سمى المهر أجرا ، وقد روي نحو ذلك من عمر بن الخطاب أيضا . ( 4 ) انتهى . ويقول الفخر الرازي مبررا رجم الخليفة للمستمتع : قلنا : لعله كان يذكر ذلك على سبيل التهديد والزجر والسياسة ، ومثل هذه السياسات جائزة للإمام عند المصلحة ألا ترى انه ( عليه السلام ) قال : من منع منا الزكاة فانا آخذوها وشطر ماله ( 5 ) . أقول :كان الرازي نسي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) صاحب شريعة ، وأن ما يأمر به وحي منزل من الله لقوله تعالى : " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " ( 6 ) وقوله تعالى : " ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ( 7 ) وقوله تعالى : " قل ما يكون لي أن ‹ صفحة 196 › أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي " ( 1 ) وأن التشريع خاص بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) ولا يجوز لأحد من الناس أن يشترع حدا من حدود الله في غير محله خصوصا في رجم من يستند في حلية المتعة إلى كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) . وإن صح ما نقله الرازي من قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالنسبة لمانع الزكاة فهو نص خاص ولا يتعدى إلى غيره الا اللهم إذا كان منصوص العلة ، والوصول إلى حلية شئ أو حرمته لا يمكن إلا بعد علة منصوصة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مثل علة حرمة الخمر وهي السكر فيصبح كل مسكر حراما . والقياس بين حكم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعمر بن الخطاب ، قياس مع الفارق . نعم لو كان الرازي يعتبر حكم عمر لمصلحة خاصة ارتآها في زمانه لكان فيه نوع من المقبولية . وبتعبير آخر : فان حكم الرجم في غير محله مع عنوان المصلحة أمر غير مقبول للأسباب التالية : أولا : لا بد من ذكر العلة لهذه المصلحة . فمثلا يقول : بما أن غالبية المسلمين يزنون تحت ستار المتعة ( والعياذ بالله ) أو لا يتقيدون بشروطها أو النبي نسخها وهي اليوم تعتبر زنى ، وهذا سبب إشاعة الفساد في المجتمع ولذلك فاني حكمت بالرجم لفاعلها إن كان محصنا أو غير محصن . ولكن لا يوجد اي ذكر للعلة في الروايات . ثانيا : يزول الحكم بزوال المصلحة ، لأنها لابد وأن تكون لفترة معينة وأمد خاص وعنوان ثانوي لا بصورة دائمية ، لأن الله أعرف بالمصالح . ثالثا : إن حكم الرجم للزاني المحصن موجود في السنة فقط ، وإذا كان تهديد الخليفة مأخوذا من سنة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لا سيما إذا كان معتقدا بنسخها فلا داعي لتكراره أو جعله سياسة خاصة واعتباره مصلحة ، وإن لم يكن كذلك اي بمعنى أنه رأى من الصلاح ان يهدد بما يراه مصلحة ثم استمتع أحد المسلمين بعد هذا التهديد فماذا ‹ صفحة 197 › سيفعل الخليفة به ؟ هل يرجمه ؟ أو يكرر التهديد ثانيا وثالثا و . . . فإنه إن لم ينفذ تهديده فسوف يسقط من أعين الناس ولا يصدق له قول بعد ذلك ، وإن أقام الرجم ( لمن لا يستحقه ) ومات المرجوم فمن المسؤول عن دمه ؟ ! . والنقطة الأخرى : أو ليس عدم رجم الخليفة أو إجراء الحد للمستمتعين من الصحابة دالا على عدم نسخ المتعة وحليتها حتى بعد تحريمه ؟ لأنها لو كانت منسوخة لكانت زنى والزاني يقام عليه الحد من جلد ورجم . هذا مع العلم أن المتعة مسبوقة باجراء عقد شرعي والحال ان الخليفة لم يجر الحد للمرأة الراعية التي أصابها رجل بحفنات من تمر ومن دون عقد كما ذكرناه ( في ص 92 ) واعتبر الحفنات من التمر مهرا ودرأ عنها الحد . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الهوامش ‹ هامش ص 190 › ( 1 ) سنن البيهقي 5 / 21 . ‹ هامش ص 192 › ( 1 ) أخرجه مسلم في صحيحه 1 / 472 وابن ماجة في سننه 229 وأحمد في مسند 1 / 50 والبيهقي في سننه ج 5 / 20 والنسائي في سننه 5 / 153 ويوجد في تيسير الوصول 1 / 288 وشرح الموطأ للزرقاني 2 / 179 نقلا عن الغدير 6 / 200 . ( 2 ) حلية الأولياء 5 / 205 وكنز العمال 5 / 86 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 214 . ‹ هامش ص 193 › ( 1 ) الغدير 6 من : ص 83 - 322 . ‹ هامش ص 194 › ( 1 ) كنز العمال 5 / 86 وحلية الأولياء 5 / 205 . ( 2 ) سنن البيهقي 4 / 354 باب العمرة في أشهر الحج وراجع مشكل الآثار للطحاوي 3 / 155 معالم المدرستين 2 / 210 . ‹ هامش ص 195 › ( 1 ) مرآة الزمان للجوزي نقلا عن الغدير 6 / 208 . ( 2 ) البيان : 327 . ( 3 ) الهداية وفتح القدير 4 / 147 نقلا عن البيان وراجع : 92 من هذه الرسالة . ( 4 ) راجع ص 37 . ( 5 ) احكام القرآن للجصاص 2 / 146 راجع : 92 . ( 6 ) سورة النجم 3 و 4 . ( 7 ) الحشر : 7 . ‹ هامش ص 196 › ( 1 ) سورة يونس : 15 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]() 6 - قول عمر : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحلها في زمان ضرورة . . إلى آخر كلامه الذي قاله لعمران بن سوادة . وهذا الاستدلال مردود من وجوه : الف - هذا تفسير من الخليفةوالذي استنبطه من تحليل النبي ( صلى الله عليه وآله ) للمتعة هذه الضرورة غير مذكورة في القرآن ، وآية المتعة حكم عام من دون تقيد . وأما في السنة فان ذكر الضرورة موجود في رواية منسوبة لابن عباس وهي موضوعة كما أثبتنا وفيها اعتبرت المتعة مثل أكل الميتة والدم ولحم الخنزير . ب - الضرورة لا تخص زمنا دون زمن، وهذا دليل على أن تفسير الخليفة خطأ ، أو الخبر موضوع . يقول العلامة الطباطبائي ( قدس سره ): سلمنا أن اباحته كانت باذن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لمصلحة الضرورة ، لكنا نسأل أن هذه الضرورة هل كانت في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أشد وأعظم منها بعده ولا سيما في زمن الراشدين ، وقد كان يسير جيوش المسلمين إلى مشارق الأرض ومغاربها بالألوف بعد الألوف من الغزاة ؟ وأي فرق بين أوائل خلافة عمر وأواخره من حيث تحول هذه الضرورة من فقر وغزوة واغتراب في الأرض وغير ‹ صفحة 198 › ذلك ؟ وما هو الفرق بين الضرورة والضرورة ؟ وهل الضرورة المبيحة اليوم في جو الإسلام الحاضر أشد وأعظم أو في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) والنصف الأول من عهد الراشدين ؟ وقد أظل الفقر العام على بلاد المسلمين ، وقد مصت حكومات الإستعمار والدول القاهرة المستعلية والفراعنة من أولياء أمور المسلمين كل لبن في ضرعهم ، وحصدوا الرطب من زرعهم واليابس ، وقد ظهرت الشهوات من مظاهرها ، وازينت بأحسن زينتها وأجملها ، ودعت إلى اقترافها بأبلغ دعوتها ، ولا يزال الأمر يشتد والبلية تعم البلاد والنفوس ، وشاعت الفحشاء بين طبقات الشباب من المتعلمين والجنود وعمال المعامل ، وهم الذين يكونون المعظم من سواد الإنسانية ونفوس المعمورة . ولا يشك شاك ولن يشك في أن الضرورة الموقعة لهم في فحشاء الزنى واللواط وكل انخلاع شهواني عمدتها العجز من تهيئة نفقة البيت ، والمشاغل المؤقتة المؤجلة المانعة من إتخاذ المنزل والنكاح الدائم بغربة أو خدمة أو دراسة ونحو ذلك . فما بال هذه الضرورات تبيح في صدر الإسلام - ( وهي أقل وأهون عند القياس ) - نكاح المتعة لكنها لا تقوم للإباحة في غير ذلك العهد وقد أحاطت البلية وعظمت الفتنة ؟ ( 1 ) . ج - ذكر الضرورة موجود في كتب السنة في روايتين: إحداهما عن الخليفة ، والثانية عن ابن عباس في قوله : والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير . فسبب الضرورة في الروايتين هما : الفقر ( في رواية عمر ) وما يجوز به من أكل الميتة والدم و . . . ( في رواية ابن عباس ) هنا يطرح هذا السؤال : فإذا كانت المتعة منسوخة بالقرآن والسنة ( كما يقول علماء السنة ) وأنها زنى ( كما قال آخرون ) أو أنها كانت مجهولة عند الخليفة ( قوله : بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح ) ولذلك ‹ صفحة 199 › حكم الخليفة بإجراء الرجم لفاعلها ، ومع هذا كله أفهل يمكن ان يصبح الفقر ضرورة لعمل السفاح ؟ وهل أن ضرورة الاستمتاع تساوي ضرورة أكل الميتة والدم و . . . ؟ فيكون معنى كلام الخليفة جواز استمتاع الملايين من الفقراء المسلمين اليوم في العالم ! وكأن النكاح الدائم الشرعي لا يمكن أن يتحقق بدون مال ، وان الفقراء المحتاجين إلى لقمة العيش يزنون بأجمعهم أو يتزوجون بمتعة الخليفة ! ولا يوجد بينهم نكاح شرعي أبدا ! وأما ضرورة أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فهي مأخوذة من القرآن في قوله تعالى : " إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم " ( 1 ) ولا شك فان هذه الضرورة لأجل انقاذ حياة الإنسان من الموت الحتمي . هنا سؤال : هل أن الإنسان يموت إن لم يقض وطره الجنسي ؟ فإذا كان الجواب بالنفي ، فلا معنى لما يروى عن ابن عباس ؟ وانه مكذوب عليه ، وساحة حبر الأمة بريئة من هذا الكلام . وإن كان الجواب بالإيجاب ومثل أكل الميتة ، فمعناه انه يجوز تفريغ الشهوة في أي موضع كان ( والعياذ بالله ) وذلك لأجل الحفاظ على حياة الإنسان من التلف ! وهذا لا يقبل به مسلم ابدا . د - إن كان رأي الخليفة في حلية المتعةأو حرمتها تابعا للوضع المعيشي للناس ، لكان اللازم عليه ان يعلن أن النكاح بأجل مختص بالفقراء ، وإن الأغنياء لا يحق لهم ذلك ، فيصبح مثل بعض الأحكام الخاصة للفقراء والمساكين مثل مستحقي الزكاة والصدقة . ‹ صفحة 200 › ه - يقول الخليفة : ثم رجع الناس إلى السعة . فان كان يقصد بالناس أهل السعة من أهل المدينة ، فان الأحكام العامة لا تخص بلدا دون بلد ، إذن فما ذنب المسلمين الذين يقطنون خارجها . وإن كان يقصد كل المسلمين ، فهو غير معقول ولا يمكن قبوله ابدا . و - معنى آخر لكلام الخليفة : إن المسلمين كانوا فقراء في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأبي بكر والنصف الأول من خلافته ، ولذلك فان الاستمتاع كان جائزا ، وقد رجعت الناس إلى السعة في النصف الثاني من حكومته ، إذن فما يقول علماء السنة من تحريمها المؤبد إلى يوم القيامة وبدون استناد إلى العلة التي استند عليها الخليفة ؟ والمسألة لا تخلو من أمرين وهما : اما أن كلام الخليفة غير صحيح ، وأما ان تحريمها المؤبد من قبل علماء السنة لا قيمة له . 7 - قول عمر : ثم لم أعلم أحدا من المسلمينعمل بها ولا عاد إليها . ويرد على هذا الكلام : أولا : إذا لم يكن أحد من المسلمين عمل بها فما معنى عدم العود إليها ؟ إذ كان اللازم أن يقول : إن المتعة كانت في عهد الرسول وهي للضرورة أو أنها نسخت وما عاد إليها أحد . ثانيا : إذا لم يكن أحد من المسلمين عمل بها فما معنى قوله : فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث ؟ ثالثا : إذا لم يكن أحد من المسلمين عمل بها فما معنى تحريم المتعة وتهديده بالرجم لفاعلها ؟ رابعا : عدم علم الخليفة لا يدل على عدم العمل بها من قبل أحد ، وقد عمل بها عمرو بن حريث وربيعة بن أمية وغيرهما ، وهذا كلام من يعلم الغيب أو نزل له وحي بذلك ! كما أن عدم علم الخليفة لا يوجب ابتداع حكم من الأحكام أو تحريم ‹ صفحة 201 › ما أنزل الله وما أباحه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 196 › ( 1 ) سورة يونس : 15 . ‹ هامش ص 198 › ( 1 ) تفسير الميزان 4 / 302 . ‹ هامش ص 199 › ( 1 ) البقرة : 173 . |
![]() |
![]() |
#3 |
خادم الحسين
![]() |
![]() 8 - يقول عمر : فالآن من شاءنكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت . هذا القول مردود أيضا بالأدلة الآتية : الأول : أن الخليفة انسحب عن موقفه وغير رأيه عند ما اعترض عليه أحد المسلمين وهو عمران بن سوادة ، فهو يحرم ويحلل بكلام واحد من المسلمين فلو كان يستشير الصحابة في المتعة لأشار إليه جمع غفير منهم بحليتها وقد ذكرنا أسماء البعض منهم . الثاني : لا توجد أية محدودية للأجر ( المهر ) فيمكن أن يكون بقبضة من تمر أو تبر كما أن تعيين المهر من الخليفة لا معنى له . وقد اعترض عليه في السابق على تعيينه حيث قام خطيبا وقال : أيها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو كانت مكرمة عند الله لكان أولاكم بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثني عشر أوقية ، فقامت إليه امرأة فقالت له : يا أمير المؤمنين ! لم تمنعنا حقا جعله الله لنا ؟ والله يقول : " وآتيتم إحداهن قنطارا " فقال عمر : كل أحد أعلم من عمر ، ثم قال لأصحابه : أتسمعونني أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه علي حتى ترد علي امرأة ليست من أعلم النساء ؟ . وفي لفظ الرازي في أربعينه ص 467 : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت ( 1 ) . أقول : إن هذه الرواية كافية للرد على الرازي وغيره . الثالث : كما أنه لا يوجد حد للمهر فكذا لا يوجد حد للأجل ، فكما يمكن أن تكون المدة بأقل من ثلاثة أيام فكذلك يمكن ان تكون بأكثر منها اي : ثلاث سنين ‹ صفحة 202 › أو ثلاثين سنة أو أزيد ، وكما أن هذا التحديد ظلم للزوجين فكذلك هو ظلم للمجتمع وهو سوقه إلى ارتكاب الحرام ، لأن المرأة المتمتع بها يلزم أن تعتد بعد المدة ( ثلاثة أيام ) بخمسة وأربعين يوما أو حيضتين حتى تحل لرجل آخر وإلزام المرأة بالعدة لأجل ثلاثة أيام مع هذا المهر القليل هو ظلم بحقها وجعلها أداة وألعوبة بيد الرجال لقضاء شهواتهم فقط ، والحال أن الشهوة الجنسية هي جزء من أهداف المتعة . الرابع : هل يحق للرجل أن ينكح بقبضة ثم يفارق عن ثلاث بطلاق ، بدون اتفاق سابق مع تبيت نية الطلاق للزوج ؟ وهذا أيضا ظلم آخر . الخامس : قوله : ثم يفارق عن ثلاث بطلاق . فإذا كانت مدة الزواج ثلاثة أيام اذن ما معنى الطلاق وقد ذكرنا سابقا من كتب علماء السنة بأنها ( بعد انقضاء الأجل ) تبين منه بغير طلاق وليس له عليها سبيل . فان صح ما روي عن عمر ، فإنه يدل على جهله بأحكام المتعة . السادس : دلت هذه الرواية على أن الخليفة عدل عن رأيه وقال بحليتها ، فاذن ما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بتحريمها والمنقول من أمهات كتب الحديث مثل الصحاح وكتب التفسير والتأريخ كذب محض وموضوع بوساطة المدلسين والوضاعين المعتمد عليهم عند علماء السنة ، حيث لعبوا في مصير الأمة ومقدراتها في حقول أخرى أيضا . ويظهر أن هذه الروايات وضعت بعد عمر ، فإنه لو كان له أو لأحد الصحابة رواية واحدة في تحريم المتعتين لما توانى عن نقله بل نشرها بين الناس ليبرر بها تهديده وتوعده بالعقاب للعاملين بهما ، ولما احتاج الخليفة إلى هذا العنف والقسوة في الكلام . السابع : ما اعتذر به الخليفة في رواية عمران بن سوادة من قوله : هي حلال لو أنهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية من حجهم مناقض تماما لما قال به في ‹ صفحة 203 › السابق حيث نهى عن الجمع بين الحج والعمرة ( كما ذكرنا ) وانما الصحيح ما رواه البيهقي في السنن الكبرى 4 / 345 باب العمرة في أشهر الحج عن ابن عباس : قال : ما أعمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عائشة في ذي الحجة الا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك ، فان هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون : إذا عفى الأثر وبرأ الدبر ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر ، وكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة ومحرم . كذلك فان قوله لعمران مخالف لما قاله الخليفة في تحريمها : إن أهل مكة لا ضرع لهم ولا زرع وإنما ربيعهم فيمن يفد إليهم ( 1 ) . 9 - يقول الخليفة : ما بال رجال يعملون بالمتعة ولا يشهدون عدولا . . ( راجع ص 96 ) يظهر من كلام الخليفة بان المشكلة ليست قانونية وإنما هي تنفيذية ، وهذا صحيح ، لأن القوانين لا بد لها من منفذ ، وعلى أثر ازدياد السكان أو أي عامل آخر فان المشاكل تبدأ بالظهور شيئا فشيئا ، وهذا أمر طبيعي في تنفيذ كل القوانين في العالم ، بحصول بعض الثغرات عند تنفيذها والحكومات تحاول سدها ، لتنفيذ القوانين على أحسن ما يرام ، ولكن هذا لا يختص بالنكاح المنقطع ، فهو يشمل النكاح الدائم وقوانين الإرث والإجارة والبيع والتجارة وغيرها ، فكان اللازم على الخليفة ان يصر على الإشهاد وكتابة الزواج مثلا ، وإعطاء نسخ مما كتب للزوج والزوجة مع ذكر الشروط والمسائل المتفقة عليها بينهما ، والاحتفاظ بنسخة منه عند المسؤول أو . . . . وليس من حقه النهي عن حكم من أحكام الله بمجرد حصول أية مشكلة . مثال لذلك : كلنا نعلم أن إعطاء القرض لمن يحتاج إليه فيه اجر كبير وثواب ‹ صفحة 204 › عظيم ، فلو أن أحدا من المتداينين أساء التصرف في ذلك فهل يحق للحاكم ان يحرم القرض لرفع هذه الإساءة ؟ كلا . ويؤيد ما ذكرناه من عمل الخليفة ما يروى عن سعيد بن المسيب قوله : رحمة الله على عمر ، لولا أنه نهى عن المتعة لكان الزنى جهارا ( 1 ) ( عكس ما يروى عن علي ( عليه السلام ) وابن عباس ) . فيظهر مما مضى أن أفرادا أساؤوا التصرف في موضوع المتعة ، ولذلك نهى عنها عمر . يقول ابن حزم : وعن عمر بن الخطاب أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط ، وأباحها بشهادة عدلين ( 2 ) . 10 - يقول عمر : فلا أوتي برجل تزوج امرأة إلى أجل . . . . خلافا لما يقوله جمع من علماء السنة بأن المتعة لا تسمى زواجا وان آية المتعة منسوخة بآية " الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم " . 11 - قول الخليفة : ثلاث كن على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنا محرمهن ومعاقب عليهن ، متعة الحج ، ومتعة النساء ، وحي على خير العمل في الأذان . ( راجع ص 99 ) . اجتهاد الخليفة : ذكر متكلم الأشاعرة وزعيمهم القوشچي في " شرح التجريد " أواخر مبحث الإمامة قول الخليفة ، ثم اعتذر عنه بقوله : إن ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع ! ويقول فاضل الأشاعرة الفضل بن روزبهان : قد سبق أن متعة النساء كانت إلى عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم نسخت ، واختلف في أنه تقرر الأمر على الحرمة أو الإباحة ، ‹ صفحة 205 › والنص يقتضي الحرمة كما ذكرنا ، وأكثر العلماء على الحرمة ، وبعض الصحابة كانوا يقولون بالإباحة ، ولكن الأكثرون تابعوا رأي عمر ! واليه ذهب الأئمة الأربعة وسائر أصحاب الحديث . ومن اعترض من الصحابة على عمر لم يبلغه أن الأمر تقرر على الحرمة ، فأي ذنب يتصور فيه لعمر حتى يقول إنه فعل كبيرة ؟ ! نعوذ بالله من هذه الإعتقادات . ثم ما ذكر ( يقصد العلامة الحلي ( قدس سره ) ) في متعة الحج فقد ذكر نهي عمر وأنه نهى عن المتعة ، فان الإمام المجتهد أن يختار طريقا من الطرق المتعددة التي جوزها الشريعة . والحج ينعقد بثلاثة طرق بالإفراد والقران والتمتع ، فكان لعمر أن يختار القران والإفراد وينهى عن المتعة لمصلحة رآها وهذا لا ينافي كونه جائزا ، فان المباح قد يصير منهيا عنه لتضمنه أمرا مكروها وللإمام النهي عنه . وأيضا يحتمل أن عمر سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شيئا في المتعة فعمل بما سمع هو بنفسه ، لأن الدليل عنده يقين ، وأمثال هذا لا يعد من الكبائر كما عده هذا الرجل وأساء الأدب ( 1 ) . أقول : ويرد على كلام القوشجي وروزبهان : أولا : يظهر أن بعض المخالفين للمتعة لم يبق عندهم موضع للدفاع ، وهذا هو آخر متراس يتترسون به ، وآخر سهم يرمونه من كبد القوس ، ولكنه سهم أخيب ، ويظهر من هذا القول أن كل المتاريس ( نسخ المتعة بالقرآن والسنة و . . . ) لا يمكن الاعتماد عليها ، وأن كل المحاولات المبذولة لمقابلة المجوزين باءت بالفشل والخسران ، وثبت لديهم أن نسائجهم أوهن من بيت العنكبوت ، وأن آيات الله أعظم وأجل وأرفع من أن يصبح ألعوبة بيد الأهواء ، " ذلك لأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط ‹ صفحة 206 › أعمالهم " ( 1 ) . هذا وقد اعترف الخليفة بذلك كما في " صحيح مسلم " و " سنن ابن ماجة " وغيرهم بقوله : قد علمت أن النبي فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا بهن معرسين في الأراك . . . ( راجع ص 162 مع مصادره ) . ويقول ابن سيرين : كرهها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ، فان يكن علما فهما أعلم مني ، وإن يكن رأيا فرأيهما أفضل ( 2 ) . وفي صحيح البخاري عن أبي جمرة . . . قال ( اي ابن عباس ) : وكأن ناسا كرهوها . ( راجع ص 172 ) قال القسطلاني في " إرشاد الساري " ( وكأن ناسا كرهوها ) يعني كعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهما ممن نقل الخلاف في ذلك ( 3 ) . وعلى اي حال فان هؤلاء تصوروا أن اجتهاد الخليفة سيحميهم من مهاجمة القرآن الكريم ، حيث يحكم بكفر من يجعل نفسه موضع التشريع أمام شرعة الله وحكمه وأمر نبيه الكريم ، حيث يقول تعالى : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون " ( 4 ) " الظالمون " ( 5 ) " الفاسقون " ( 6 ) ، ويقول تعالى : " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا " ( 7 ) ، ويقول تعالى : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من ‹ صفحة 207 › أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " ( 1 ) . وقد تطرق بعض علماء السنة إلى هذه النقطة ( راجع ص 179 - 187 ) ولو كان لهؤلاء دليل واحد فقط بالتحريم لما وصلوا إلى هذه المرحلة من الضعف في الاستدلال . ثانيا : لا معنى لاجتهاد الخليفة بعد شهادة جماعة من الصحابة بنزول القرآن فيها وبحليتها إبان حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . والنقطة الأخرى هي : ان هذا الاجتهاد لا يجدي غيره ممن لم يؤمر باتباع اجتهاده ورأيه . إذن فتعين ان التحريم كان اجتهادا منه على خلاف قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الإباحة ، ولأجل ذلك لم تتبعه الأمة في تحريمه متعة الحج ، وفي ثبوت الحد في نكاح المتعة ، فان اللازم على المسلم أن يتبع قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأن يرفض كل اجتهاد يكون على خلافه . ثالثا : أي اجتهاد هذا وما قيمته أن يقول أحدهم هذا رأيي ويقول الآخر قال الله وقال رسول الله ، فيصبح الأول صاحب اجتهاد والثاني مجرما يستحق الرجم ؟ رابعا : قول القوشجي وأمثاله باجتهاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهذه الصورة ( في حكم أنزل الله فيه آية في القرآن وأمر به الرسول وغضب من عدم إطاعة البعض لأمره وما نزلت آية تنسخه أو حديث يرفعه فان معناه جواز الخطأ على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في كل ما يقوله ويفعله ، سواء كان في تبليغ الدعوة أو في غيره ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 201 › ( 1 ) تفسير الكشاف 1 / 357 وشرح صحيح البخاري للقسطلاني 8 / 57 نقلا عن الغدير 6 / 98 و 99 . ‹ هامش ص 203 › ( 1 ) مسند أحد 1 / 161 الحديث 2361 وسنن البيهقي 4 / 354 وسنن أبي داود باب العمرة 2 / 204 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 210 . ‹ هامش ص 204 › ( 1 ) كتاب تحريم المتعة لأبي الفضل نصر بن إبراهيم المقدسي ط المدينة المنورة . ( 2 ) المحلي لابن حزم 19 / 520 . ‹ هامش ص 205 › ( 1 ) دلائل الصدق القسم الثاني من 3 : 81 وقد كتب الفضل بن روزبهان كتاب ابطال الباطل للرد على كتاب نهج الحق للعلامة الحلي . ‹ هامش ص 206 › ( 1 ) سورة محمد : 8 . ( 2 ) أخرجه أبو عمر في جامع بيان العلم 2 / 31 وفي مختصر : 111 نقلا عن الغدير 6 / 204 . ( 3 ) ارشاد الساري 3 / 204 . ( 4 ) سورة المائدة : 43 . ( 5 ) سورة المائدة 44 . ( 6 ) سورة المائدة : 46 . ( 7 ) سورة النساء : 61 . ‹ هامش ص 207 › ( 1 ) سورة الأحزاب : 36 . ( 2 ) سورة الأحزاب : 21 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
#4 |
خادم الحسين
![]() |
![]() ملاحظة : لا يوجد عندنا دليل واحد على أن كل ما فعله النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يكن تبليغا بدليل قوله تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ( 2 ) ودلائل أخرى . والحال ان أكثر علماء السنة يقولون بعصمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في تبليغ الدعوة ، وتشريع ‹ صفحة 208 › المتعتين جزء من هذا التبليغ بلا شك ، ولكن القوشجي الذي الف كتاب " شرح تجريد الإعتقاد " للرد على الشيخ الطوسي ( قدس سره ) وحاول أن يدحض كلما جاء به الشيخ لئلا يعزى إليه العجز والتواني في الحجاج ، ثم أتى بكل ما دب ودرج سواء كان حجة له أو وبالا عليه ، ينفي كل قيمة لمقام النبوة والوحي الإلهي ، وينزل مستوى النص المنزل على الرسول ( صلى الله عليه وآله ) إلى أقل منزلة من كلام عمر والذي نسخ باجتهاده ذلك النص ( والمنسوخ أقل رتبة من الناسخ لأن المنسوخ يزول حكمه لقصر عمره ولكن الناسخ يبقى حكمه دائما والى الأبد ) وبهذا رفع القوسچي وروزبهان وغيرهما رتبة كلام عمر إلى رتبة أعلى من كلام الله ورسوله ، لأن اجتهاده نسخ اجتهادهما ! . وعلى هذا الرأي يصبح عمر هو المشرع الأول لهؤلاء ( 1 ) ! . ونحن نعلم أن السائغ من المخالفة الاجتهادية هو : إذا ما قابل المجتهد مجتهدا مثله ، وكذلك فان كلام المجتهد المستند إلى الكتاب والسنة حجة له ولمقلديه . ولكن القوشچي وروزبهان ومن شابههما يعتبرون الباري عز شأنه ورسوله الكريم مجتهدين في مقابل المجتهد عمر ! كما لا داعي لهذا المجتهد الأخير أن يستند في رأيه بالكتاب والسنة ويسري مفعوله على كل المسلمين مر العصور ! ( استغفر الله ) . رابعا : ما ذكره الفضل بن روزبهان ردا على العلامة من أن الحج ينعقد بثلاثة طرق . . . توجيه غير موجه ، لأنه إن كان كذلك فما معنى غضب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من عدم تنفيذ بعض الصحابة القرشيين لأمره في متعة الحج ؟ هل كان ذلك لأمر مباح ؟ خامسا : قول الفضل بن روزبهان : فكان لعمر أن . . . وينهى عن المتعة لمصلحة رآها ، غير مقبول من وجوه : ‹ صفحة 209 › 1 - لا بد من توجيه هذه العلة وذكر المصلحة للناس ليسهل القبول والتطبيق لهم . 2 - أية مصلحة يقتضي نهيه عن أداء عمرة التمتع في أشهر الحج ليعاقب الخليفة فاعليها من المسلمين . فان قلت : لأن أهل مكة ليس لهم ضرع ولا زرع ، قلت : ألم يكن الله عالما بالوضع المعيشي لأهل مكة ليفرض على الناس زيارة البيت الحرام مرتين أو ثلاث أو . . . في السنة ؟ وهل السبب الأول في تشريع الحج هو إغناء أهل مكة ؟ حتى يكون العامل الاقتصادي سببا لتشريع جديد ؟ ولماذا تختص مكة بهذه الميزة دون غيرها ؟ . ربما يقال : ان العامل الإنساني هو الذي دفع الخليفة إلى هذا التشريع . قلنا : إن كان كذلك ، فان استغنى أهل مكة نتيجة هذا التشريع ، ثم افتقر أهل مدينة أخرى ، فهل يأمر الخليفة بنقل الكعبة إلى تلك المدينة ؟ أو يمنع الناس من زيارة البيت الحرام بمكة حتى يعتدل الوضع المعيشي لأهلها ؟ 3 - أية مصلحة تترتب للمسلمين إذا ذهبوا إلى عرفة شعثا غبرا منتنة أجسامهم ؟ وما يضر الخليفة إذا كانت " شعورهم مرجله و . . . . ؟ وما يضره لو دخل المسلم بزوجته محلا بعده العمرة ؟ وما المانع إذا عرس المسلم بزوجته في الأراك وقبل الإحرام للحج ؟ . 4 - أية مصلحة تترتب على نهي المسلم المسافر بإجراء عقد النكاح المنقطع ؟ أفيستخصي هؤلاء ( كما في رواية عبد الله بن مسعود ) لإرضاء الخليفة أو يزنون ليريحوا ضميره ؟ وليت شعري أية مصلحة علم بها عمر ولم يعلم بها الله ورسوله ؟ 5 - لقد ظهر مما سبق ذكره أن الخليفة عمر حرم متعة النساء لأن واحدا من الصحابة جحد ولده وآخر لم يشهد عدلين . ‹ صفحة 210 › وهنا يرد سؤال : لو أن إنسانا أساء استعمال حكم من الأحكام أو قانون من القوانين ، هل المصلحة تقتضي نسخ ذلك الحكم ؟ إذن فلتنسخ القوانين والأحكام مثل الزواج والطلاق والصلاة و . . . وهذا مما لا يمكن الذهاب إليه ولا المساعدة عليه أو الإلتزام به من اي مشرع ومقنن على الإطلاق ، فإذن لا توجد مصلحة لتحريم المتعتين والله ورسوله أعلم بالمصالح . ربما يقال : ان الخليفة عمر حرم المتعتين لمصلحة رآها بنفسه فقط اي تصور أن في النهي مصلحة وهو خليفة المسلمين . قلنا : الف - إن الإمام هو الناقل والمطبق لحكم الله المنزل على رسوله وليس مشرعا . ب - ليس للخليفة أن يشخص المصلحة بوحده ( لأنه غير مستظهر بعلم الغيب ) وكان يلزم له أن يستشير كبار الصحابة ( وهو لم يتم قطعا بدليل مخالفتهم إياه ) ثم يعطي رأيه بالنهاية . ج - فان علم أن رأيه مخالف لمصلحة المسلمين فيجب ان يعلف عن تراجعه عنه . د - لقد ظهر مما سبق : أن الخليفة قد حرم المتعتين خلافا لأمر الله والرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأن الصحابة كانوا يعملون بهما ، كما اعترض بعضهم على نهيه ، وان تحريم عمر لهما لم يكن فيه أية مصلحة للأمة ، وانه لم يسمع عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حكما لم يسمعه غيره ، وهو واحد من الصحابة لا يمتاز عنهم بشئ ، ولم يبق لنا إلا أن نقول إن كلمة خرجت من فم الخليفة وبقي مصرا عليها ، أو رأيا ارتآه فاستبد له أو أثرت عليه وشيجة رحم لقريش التي أسلمت كرها قبل سنين عديدة خوفا من سيوف بني عبد المطلب وصحابة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( وقد انتقم منهم بعد ذلك في قتل أولاد النبي وسبي ‹ صفحة 211 › ذراريه والمذبحة التي قام بها يزيد في واقعة الحرة في المدينة وقتل أكثر من 700 نفر من وجوه المهاجرين والأنصار وحملة القرآن ( 1 ) وأحرقت وهدمت الكعبة التي أصبحت قبلة للمسلمين مرة ( 2 ) في زمن يزيد وأخرى في زمن عبد الملك بن مروان . سادسا : ما احتمله ابن روزبهان من أن عمر سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شيئا في المتعة فعمل بما سمعه بنفسه ، غير وارد ، لأن الروايات التي وردت في متعتي الحج والنساء بلغت حد التواتر . وهنا أسئلة تفرض نفسها : إذا فصل الله ما حرم على الناس " وقد فصل لكم ما حرم عليكم " ( 3 ) فلماذا لم يخبر رسول الله هذا التحريم بقية الصحابة ؟ وهل اختص عمر بابلاغ هذا التحريم دون غيره في النصف الثاني من حكومته ( تحريم متعة النساء ) ولماذا لم يخبر عمر أحدا من الصحابة قبل ذلك الوقت ؟ فمعنى هذا الكلام هو : ان الرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحب أو رضي أن يرتكب المسلمون الحرام من بعد وفاته وحتى أخريات عهد عمر ! ( نعود بالله ) . نعم : الغريق يتشبث بكل حشيش ، وليت الحشيش الذي تشبث به القوشجي وابن روزبهان والرازي يقاوم لحظة واحدة . قال تعالى : " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " ( 4 ) وقال تعالى : " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ‹ صفحة 212 › وأولئك هم الكاذبون " ( 1 ) . هذه هي حجة ابن روزبهان الواهية التي أصبحت وبالا عليه . والأوهن منها قول الرازي في تفسيره في الرد على أدلة الشيعة : وقولهم ( اي الشيعة ) : إن الناسخ إما أن يكون متواترا أو آحادا ، قلنا ( اي الرازي ) : لعل بعضهم ( اي الصحابة ) سمعه ثم نسيه ، وما أدحضها من حجة . 12 - من الإشكالات الواردة على كلامالخليفة عمر قوله : والله إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . ( راجع ص 163 ) . وقوله : وقد علمت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعله وأصحابه ، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين في الآراك . . . ( راجع ص 162 ) . وقوله : ان الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وأنا أحرمهما عليكم وأعاقب عليهما ( راجع ص 154 ) . وقوله : ثلاث كن على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنا محرمهن ومعاقب عليهن متعة الحج ومتعة النساء وحي على خير العمل ( راجع ص 155 ) . أقول : القائل لهذا الكلام بغض النظر عن قائله فإنه كافر قطعا بحكم القرآن والسنة وكافة علماء المسلمين إلا اللهم إذا قطعنا بعدم صحة هذه الروايات . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 207 › ( 1 ) سورة الأحزاب : 36 . ( 2 ) سورة الأحزاب : 21 . ‹ هامش ص 208 › ( 1 ) راجع ص 200 وقول عمر : كل الناس أفقه من عمر . ‹ هامش ص 211 › ( 1 ) تاريخ ابن كثير 8 / 22 و 6 / 234 . ( 2 ) مروج الذهب 3 / 71 وتاريخ اليعقوبي 2 / 251 وتاريخ الخميس 2 / 303 . ( 3 ) الأنعام : 119 . ( 4 ) النحل : 116 . ‹ هامش ص 212 › ( 1 ) النمل : 105 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |