![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() مناقشة أقوال عمر بن الخطاب المناقشة الأولى : يدافع الفخر الرازي في تفسيره الكبير عن قول عمر ( المذكور في ص 39 ) بهذه الصورة : فلم يبق إلا أن يقال : كان مراده أن المتعة كانت مباحة في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأنا أنهى لما ثبت عندي أنه ( صلى الله عليه وآله ) نسخها . ويعتبر سكوت الصحابة دليلا على علمهم بالحرمة وإلا لزم تكفيرهم وتكفير عمر . الجواب : أولا : إن الصحابة كانوا عالمين بحلية المتعة وعدم نسخها في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . كما ذكرنا . ثانيا : نحن نعلم أن بعض الصحابة استنكروا تحريم الخليفة حضورا أو غيابا في عهده أو بعده حتى ولو سكتوا في مجلسه ، أو أنهم اعترضوا ولكن لم يبلغنا ذلك . المعترضون على حكم الخليفة من الصحابة الف - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ): 1 - قال علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) لعمر ( رض ) : أنهيت عن المتعة ؟ قال : لا ولكني أردت كثرة زيارة البيت ، قال : فقال علي ( رض ) : من أفرد الحج فحسن ومن تمتع فقد أخذ بكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) ( 1 ) . ‹ صفحة 166 › أقول : يظهر من هذه الرواية أن عليا ( عليه السلام ) اعترض على نهي عمر عن المتعة ، ولما سمع توجيهه غير الشرعي قال : من أفرد الحج فحسن . وأعتقد أن هذه الجملة موضوعة ، بدليل قوله ( عليه السلام ) : ومن تمتع اخذ بكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) ولا شك أن عليا لم يكن ليرضى بحكم مخالف لكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) فكأن الراوي أراد أن يقول : إنه لا إشكال في كلام عمر ، لأنه إن لم يكن موافقا لكتاب الله وسنة نبيه فهو غير مخالف لهما ، أو إن هذا النوع من المخالفة للشرع ليس أمرا مهما بدليل قبول علي لها ! إذ كيف يمكن ان يكون الأخذ بغير كتاب الله وسنة نبيه أمرا حسنا ؟ ! . وقد اعترض علي ( عليه السلام ) على عثمان الذي حذا حذو عمر في تحريمه لمتعة الحج : ففي مسند أحمد ( 1 ) عن عبد الله بن الزبير قال : والله إنا لمع عثمان بن عفان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام فيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان ، وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج : إن أتم للحج والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحج ، فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل ، فإن الله تعالى قد وسع الخير . وعلي بن أبي طالب في بطن الوادي يعلف بعيرا له ، فقال : فبلغه الذي قال عثمان ، فأقبل حتى وقف على عثمان فقال : أعمدت إلى سنة سنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورخصة رخص الله تعالى بها للعباد في كتابه تضيق عليهم فيها وتنهى عنها وقد كانت لذي الحاجة ولنائي الدار ؟ ! ثم أهل بحجة وعمرة معا . فأقبل عثمان على الناس فقال : وهل نهيت عنها ؟ ! إني لم أنه عنها إنما كان رأيا أشرت به فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه . وفي موطأ مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن المقداد . . . . حتى دخل ( اي ‹ صفحة 167 › علي ) على عثمان بن عفان فقال : أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة ؟ فقال عثمان ذلك رأيي ، فخرج علي مغضبا وهو يقول : لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا ( 1 ) . وفي سنن النسائي ومستدرك الصحيحين ومسند أحمد . . . . فقال علي : ألم أخبر أنك تنهى عن التمتع ؟ قال : بلى ، قال له ( اي عثمان ) علي : فلم تسمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تمتع ؟ قال : بلى ( 2 ) . وفي ( صحيح مسلم ) و ( مسند أحمد ) و ( سنن البيهقي ) وغيرها واللفظ للأول ، عن شعبة عن قتادة عن عبد الله بن شقيق ، قال : كان عثمان ينهى عن المتعة وكان علي يأمر بها ، فقال عثمان لعلي كلمة ، ثم قال علي : لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أجل ، ولكنا كنا خائفين ! وفي رواية بمسند أحمد : فقال عثمان لعلي إنك كذا وكذا . وفي رواية أخرى : فقال عثمان لعلي قولا ( 3 ) . وفي آخر الرواية : قال شعبة فقلت لقتادة : ما كان خوفهم ؟ قال : لا أدري ( 4 ) . ‹ صفحة 168 › قال ابن كثير : ولست أدري على م يحمل هذا الخوف ، من أي جهة كان ؟ ( 1 ) . وعن سعيد بن المسيب ، قال : اجتمع علي وعثمان بعسفان وكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال علي : ما تريد إلى أمر فعله رسول الله تنهى عنه ؟ فقال عثمان : دعنا منك ! قال : لا أستطيع أن أدعك مني ، فلما رأى علي ذلك أهل بهما جميعا ( 2 ) . وعن مروان بن الحكم قال : شهدت عثمان وعليا وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما ، فلما رأى علي أهل بهما : لبيك بعمرة وحجة معا ، قال : ما كنت لأدع سنة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لقول أحد . وفي لفظ النسائي . . . . فقال عثمان : أتفعلها وأنا أنهى عنها ؟ فقال علي : لم أكن لأدع سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأحد من الناس . وفي أخرى : لقولك . قال ابن القيم بعد إيراد الأحاديث الآنفة : فهذا يبين أن من جمع بينهما كان متمتعا عندهم ، وأن هذا هو الذي فعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد وافقه عثمان أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعل ذلك لما قال له : ما تريد إلى أمر فعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تنهى عنه . لم يقل له . لم يفعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولولا أنه واقفه على ذلك لأنكره ، ثم قصد علي موافقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) والاقتداء به في ذلك وبيان أن فعله لم ينسخ فأهل بهما جميعا تقريرا للاقتداء به و متابعة للقرآن والسنة نهى عثمان متأولا . انتهى ( 3 ) . وعلى الرغم من تشدد عثمان أنه فلقد كان علي ( عليه السلام ) يجاهر بمخالفته ، وذلك من ‹ صفحة 169 › أجل الدفاع عن كتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وبلغ من تشدد عثمان أنه ضرب وحلق من فعل ذلك . فقد روى ابن حزم : أن عثمان سمع رجلا يهل بعمرة وحج فقال : علي بالمهل فضربه وحلقه ( 1 ) . 2 - قول علي المشهور : لولا ما سبق من رأي ابن الخطاب لأمرت بالمتعة ثم ما زنى إلا شقي ( راجع ص 92 ) هذا الكلام منه ( عليه السلام ) هو بالواقع اعتراض واستنكار للخليفة الناهي عن المتعة ، والذي لو لم يكن نهيه عنها لما زنى إلا القليل من الناس الذين بلغوا الغاية القصوى من الشقاء ، ونهيه عنها أوجب فسح المجال للزنى ، وبذلك يتحمل أعباء هذا النهي . ومن هنا نعلم أن المتعة رحمة إلهية تمنع من ارتكاب الفحشاء كما أنها من الطيبات التي بمنعها ترتكب الخبائث ، ورحمة الله هي التي حللت الطيبات لعباده و . . . . ب - أبي بن كعب: أخرج أحمد بن حنبل في مسنده 5 / 143 وذكره الهيثمي في ( مجمع الزوائد 3 / 246 ) نقلا عن أحمد وقال : رجاله رجال الصحيح ، والسيوطي في " جمع الجوامع " كما في ترتيبه 3 / 33 نقلا عن أحمد وفي الدر المنثور 1 / 216 نقلا عن ( مسند ابن راهويه ) وأحمد ولفظه : إن عمر بن الخطاب هم أن ينهى عن متعة الحج فقام إليه أبي بن كعب فقال : ليس ذلك لك قد نزل بها كتاب الله واعتمرنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فنزل عمر . وفي ( زاد المعاد 1 / 220 ) : وقد تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلم ينه عنها ولم ينزل الله تعالى فيها نهيا ( 2 ) . ج - سعد بن مالك: عن محمد بن عبد الله نوفل قال : سمعت عام حج معاوية يسأل سعد بن مالك كيف تقول بالتمتع بالعمرة إلى الحج ؟ قال : حسنة جميلة ، فقال : قد كان عمر ينهى عنها ، فأنت خير من عمر ؟ قال : عمر خير مني وقد فعل ذلك ‹ صفحة 170 › النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو خير من عمر ( 1 ) . د - سعد بن أبي وقاص. عن محمد بن عبد الله : إنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك : لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى . فقال سعد : بئسما قلت يا ابن أخي . قال الضحاك . فان عمر بن الخطاب نهى عن ذلك . قال سعد : قد صنعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصنعناها معه ( 2 ) . ه - عبد الله بن عمر بن الخطاب. عن سالم قال : إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل ، قال : فان أباك كان ينهى عنها . فقال : ويلك إفان كان أبي ينهى عنها وقد فعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمر به ، أفبقول أبي أأخذ أم بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قم عني ( 3 ) . وفي ( صحيح الترمذي ) و ( زاد المعاد ) : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أأمر أبي تتبع أم أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال ( اي عبد الله بن عمر ) : لقد صنعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( 4 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 164 › ( 1 ) أخرجه النسائي في سننه 5 / 153 وتاريخ ابن كثير ولفظه ( وقد فعله النبي ) 5 / 122 قال ابن كثير : اسناده جيد ولم يخرجوه نقلا عن معالم المدرستين 2 / 214 . ( 2 ) نقله النووي في شرح صحيح مسلم 1 / 170 عن القاضي عياض . ( 3 ) تاريخ ابن كثير 5 / 141 . ( 4 ) المصدر السابق . ‹ هامش ص 165 › ( 1 ) سنن البيهقي 5 / 21 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 215 . ‹ هامش ص 166 › ( 1 ) مسند أحمد 1 / 92 حديث 707 وذخائر المواريث 416 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 216 . ‹ هامش ص 167 › ( 1 ) موطأ مالك ، الحديث 40 من باب القرآن في الحج : 336 وابن كثير 5 / 129 . ( 2 ) سنن النسائي 2 / 15 كتاب الحج باب التمتع ، ومسند أحمد 1 / 57 الحديث 402 ومستدرك الصحيحين 1 / 472 وتاريخ ابن كثير 5 / 126 و 129 . ( 3 ) هذا هو الأسلوب المتبع لإخفاء الحقائق . ( 4 ) صحيح مسلم الحديث 158 باب جواز التمتع من كتاب الحج ومسند أحمد 1 / 97 الحديث 756 والرواية الثانية في : 60 الحديث 431 ونظيره الحديث 432 بعده ، وسنن البيهقي 5 / 22 والمنتقى الحديث 2382 وراجع كنز العمال الطبعة الأولى 3 / 33 وشرح معاني الأخبار كتاب مناسك الحج : 380 و 381 وفي تاريخ ابن كثير 5 / 127 بايجاز وقال في 129 منه بعد ايراد الحديث : فهذا اعتراف من عثمان ( رض ) بما رواه علي . ومعلوم ان عليا ( رض ) أحرم في حجة الوداع باحلال النبي . نقلا عن معالم المدرستين 2 / 218 . ‹ هامش ص 168 › ( 1 ) تاريخ ابن كثير 5 / 137 . ( 2 ) صحيح مسلم : 897 ، صحيح البخاري 1 / 190 باب التمتع والإقران ومسند الطيالسي 1 / 16 ومسند أحمد الحديث 1146 وسنن البيهقي 5 / 22 ومنحة المعبود 1 / 210 باب ما جاء في القرآن الحديث 1005 وراجع شرح معاني الآثار 1 / 371 وزاد المعاد 1 / 218 فصل في حجة بين الحج والعمرة وص : 220 ابن كثير 5 / 129 . ( 3 ) زاد المعاد 1 / 218 . ‹ هامش ص 169 › ( 1 ) المحلى لابن حزم 7 / 107 . ( 2 ) نقلا عن الغدير 6 / 203 . ‹ هامش ص 170 › ( 1 ) سنن الدارمي 2 / 35 . ( 2 ) الموطأ لمالك 1 / 148 كتاب الأم للشافعي 7 / 199 سنن النسائي 5 / 52 ، صحيح الترمذي 1 / 157 فقال : هذا حديث صحيح . أحكام القرآن للجصاص 1 / 335 ، سنن البيهقي 5 / 17 تفسير القرطبي 2 / 365 وقال هذا حديث صحيح ، زاد المعاد لابن القيم 1 / 84 وذكر تصحيح الترمذي له ، وغيرها نقلا عن الغدير 6 / 201 . ( 3 ) تفسير القرطبي 2 / 365 نقلا عن الدارقطني . ( 4 ) صحيح الترمذي 1 / 157 ، زاد المعاد 1 / 194 وفي هامش شرح المواهب للزرقاني 2 / 252 . |
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
و - عمران بن سوادة: أخرج الطبري في تاريخه 5 / 32 عن عمران بن سوادة قال : صليت الصبح مع عمر فقرأ سبحان وسورة معها ثم انصرف وقمت معه فقال : ‹ صفحة 171 › أحاجة ؟ قلت حاجة ، قال : فالحق . قال : فلحقت فلما دخل أذن لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإذا هو على سرير ليس فوقه شئ فقلت : نصيحة . فقال : مرحبا بالناصح غدوا وعشيا . قلت : عابت أمتك أربعا . قال : فوضع رأس درته في ذقنه ووضع أسفلها على فخذه ثم قال : هات . قلت : ذكروا أنك حرمت العمرة في أشهر الحج ولم يفعل ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا أبو بكر رضي الله عنه وهي حلال . قال : هي حلال ، لو أنهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية من حجهم ، فكانت قائبة ( 1 ) قوب عامها ، فقرع حجهم ، وهو بهاء : من بهاء الله وقد أصبت . قلت : وذكروا إنك حرمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث .
قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى السعة ثم لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها ، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت . قلت : وأعتقت الأمة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيدها قال : ألحقت حرمة بحرمة وما أردت الا الخير واستغفر الله . قلت : وتشكو منك نهر الرعية وعنف السياق قال : فشرع الدرة ثم مسحها على آخرها ثم قال : أنا زميل محمد - وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر - فوالله إني لأرتع فأشبع ، ‹ صفحة 172 › وأسقي فأروي . وأنهز ( 1 ) اللفوت وأزجر العروض ( 2 ) وأذب قدري وأسوق خطوى وأضم العنود ( 3 ) وألحق القطوف ( 4 ) وأكثر الزجر وأقل الضرب وأشهر العصا وأدفع باليد ، لولا ذلك لأعذرت . قال : فبلغ ذلك معاوية فقال : كان والله عالما برعيتهم ( 5 ) . أقول : يظهر من هذه الرواية ما يلي : 1 - ان المسلمين عابوا على عمر هذه الموارد الأربعة ( وسنشرح المورد الرابع قريبا انشاء الله ) اي أنهم لم يكونوا راضين من تصرفاته وأوامره ونواهيه ، وأنها خلاف كتاب الله وسنة نبيه . 2 - جواب الخليفة في قوله : لو أنهم اعتمروا . . . مناقض تماما لقوله : فكانت قائبة قوب عامها . لأن المعتمر في أشهر الحج يبقى في مكة بعد أعمال العمرة ويحل من إحرامه ثم يحرم مرة ثانية للحج ولا يأتي البيت مرتين ، كما أن الخليفة ذكر سبب فتواه في موضع آخر ( كما ذكرنا ) وقال : ولكني أردت كثرة زيارة البيت . وقال في موضع آخر : إن أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع وإنما ربيعهم فيمن يطرأ عليهم وهو تراجع عن الفتوى . 3 - قول عمر : ولو أنهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية عن حجهم . ولينه في التراجع عن فتواه مخالف لتحريمه المصحوب بالغلظة والشدة وتصريحه بمخالفة الله ورسوله . ‹ صفحة 173 › 4 - قول الخليفة : إن رسول الله أحلها في زمان ضرورة . . . فان الأخبار الواردة بتحليلها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقول الصحابة الكرام ليس فيها قيد الضرورة . مضافا إلى ذلك فان الضرورة لا تخص زمانا دون زمان ، ثم كان اللازم على الخليفة ان يذكر هذا القيد عند تحريمه إياها . 5 - وقوله فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق . فان كان ذلك عن تراض فهو نكاح المتعة ولا إشكال فيه سوى التضييق ، إذا كان بتبييت نية من الزوج وإخفائها عن الزوجة فهو غدر بها بعد الوفاق على الدائم ( عرفا ) ولماذا الالزام بهذا شرعا ولا ملزم بهذا خلاف ما شرع الله ورسوله . 7 - لقد ثبت في هذه الرواية أن كل ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بتحريم المتعة والذي ملأ كتب الصحاح وغيرها وضع بعد عمر ، ولا أساس له من الصحة ، ولذلك يجب على العلماء ان يجددوا النظر في الإعتقاد بصحة ما يروى في هذه الكتب أو غربلتها . ز - عبد الله بن عباس. عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : تمتع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال عروة : نهى أبو بكر عن المتعة . فقال ابن عباس : ما يقول عرية ؟ قال : يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس : أراهم سيهلكون . أقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويقولون : قال أبو بكر وعمر ( 1 ) . وفي قول آخر لابن عباس : يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء ، أقول قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتقولون قال أبو بكر وعمر ( 2 ) . ‹ صفحة 174 › وعن أبي جمرة نصر بن عمران ( 1 ) : قال : سألت ابن عباس ( رض ) عن المتعة فأمرني بها ، وسألته عن الهدي فقال : فيها - في المتعة - جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم . قال : وكأن ناسا كرهوها ، فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي حج مبرور ومتعة متقبلة فأتيت ابن عباس " رضي الله عنهما " فحدثته فقال : الله أكبر سنة أبي القاسم ( صلى الله عليه وآله ) . وقال القسطلاني في إرشاد الساري 3 / 204 ( وكأن ناسا كرهوها ) يعني كعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهما ممن نقل الخلاف في ذلك . الهوامش ‹ هامش ص 171 › ( 1 ) القائبة : البيضة التي تنفلق عن فرخها ، والفرخ : القوب . ضرب هذا مثلا لخلو مكة من المعتمرين في باقي السنة ، وفرع حجهم اي خلت أيام الحج من الناس . ‹ هامش ص 172 › ( 1 ) النهز : الضرب والدفع : واللفوت : الناقة الضجور عند الحلب . ( 2 ) العروض : الناقة تأخذ يمينا وشمالا ولا تلزم المحجة . ( 3 ) العنود : المائل عند القصد . ( 4 ) القطوف : من الدواب التي تسئ السير . ( 5 ) ذكره ابن أبي الحديد في شرحه 3 / 28 نقلا عن ابن قتيبة والطبري . نقلا عن الغدير 6 / 212 . ‹ هامش ص 173 › ( 1 ) مسند أحمد 1 / 337 ، كتاب مختصر العلم لأبي عمر : 226 ، تذكرة الحفاظ للذهبي 5 / 53 ، زاد المعاد لابن القيم 1 / 219 . ( 2 ) زاد المعاد 1 / 215 وهامش شرح المواهب 2 / 328 . ‹ هامش ص 174 › ( 1 ) أخرجه البخاري في صحيحه 3 / 114 كتاب الحج باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ، وذكره السيوطي في الدر المنشور 1 / 217 نقلا عن البخاري ومسلم ، نقلا عن الغدير 6 / 203 و 204 . |
![]() |
![]() |
#3 |
خادم الحسين
![]() |
![]() وفي الصفحات السابقة : ذكرت بعض الروايات عن ابن عباس ولا داعي لتكرارها . قال العيني في ( عمدة القارئ 4 / 562 ) : فان قلت : قد نهى عنها ( اي متعة الحج ) عمر وعثمان ومعاوية ، قلت : قد أنكر عليهم علماء الصحابة وخالفوهم في فعلها والحق مع المنكرين عليهم دونهم . ملاحظة : بما أن نهي عمر عن المتعتين كان بلفظ واحد ولذلك استندت في المناقشة إلى كلتيهما . هذا بعض ما ورد من اعتراض الصحابة على نهي الخليفة ولا فرق في ذلك حضورا أو غيابا ، كما أن اعتراض صحابي واحد يكفي عن اعتراض بقية الصحابة ، لأنه بمثابة اعتراض كل صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وربما كانت الاعتراضات أكثر مما هو مذكور في الكتب ، ولكن المؤرخين اكتفوا بذكر جماعة منهم ، بدليل رواية أكثر من عشرين صحابي بأن آيتي متعة الحج ومتعة النساء محكمة وغير منسوخة ، وأنهم عملوا بها أيام حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، خلافا لما يقوله الرازي في تفسيره ، بل وإن ‹ صفحة 175 › الصحابة لم يسكتوا عن نهيه وأنكروا عليه ذلك ، ولكن أذني الرازي لم يصلهما الإنكار ، وسيأتي سبب سكوت البعض منهم . ثالثا : إن لسكوت الصحابة عللا وأسبابا ، إليك بعضها: الف - فظاظة عمر بن الخطاب وخشونته في التعامل ، كما في الروايات والنصوص الآتية : 1 - رواية عمران بن سوادة ( راجع ص 169 ) حيث يقول لعمر : وتشكو منك نهر الرعية وعنف السياق . قال : فشرع الدرة ثم مسحها حتى أتى على آخرها ، ثم قال : أنا زميل محمد . . . . أقول : قوله : أنا زميل محمد : حاشا لرسول الله ان يكون كذلك فقد قال الله العظيم في حقه : " وإنك لعلى خلق عظيم " . 2 - يقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خطبته المعروفة بالشقشقية : فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض ، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة ( 1 ) . 3 - قيل لابن عمر : إن ابن عباس يرخص في متعة النساء . قال : ما أظن ابن عباس يقول هذا ، قالوا والله إنه ليقوله . قال : أما والله ما كان ليقول هذا في زمن عمر وإن كان عمر لينكلكم عن مثل هذا ( 2 ) وفي رواية أخرى ، فقال ( اي عبد الله بن عمر ) : هلا تزمزم بها في زمان عمر ( 3 ) . وفي رواية أخرى أيضا : أما أن عمر لو أخذ ‹ صفحة 176 › فيها أحدا لرجمه بالحجارة ( 1 ) . 4 - عن مطرف قال : بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال : إني كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي فان عشت فاكتم علي وإن مت فحدث بها إن شئت ، إنه قد سلم علي ، واعلم أن نبي الله قد جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) قال رجل فيها برأيه ما شاء ( 2 ) . وفي رواية : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنها حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه ( 3 ) . وفي لفظ مسلم الآخر ارتأى رجل برأيه ما شاء ، يعني عمر ( 4 ) . 5 - تهديده بالعقاب والرجم على العاملين بالمتعتين . ( وسيأتي الحديث مفصلا عن هذا الموضوع ) . ب - السبب الآخر لسكوت الصحابة هو أن الخليفة نسب التحريم إلى نفسه ، والا لو كان ثمة ناسخ يدعيه من كتاب الله وسنة نبيه وكان الصحابة يرون عدم صحة ذلك النسخ أو الحرمة لوقفوا معترضين ، ولشهدوا بحليتها من الكتاب والسنة ( مثل ادعائه لآية الرجم التي لم يقبلها المسلمون لأنه كان وحده ) ( 5 ) وربما فهم بعض الصحابة من تهديد الخليفة مثل ما فهمه الرازي من جواز التهديد والزجر والسياسة ‹ صفحة 177 › للإمام عند المصلحة . ولكن مع هذا فقد اعترض البعض من الصحابة مشافهة وغيابا كما ذكرنا . ج - إن كان تهديد الخليفة لمصلحة ( كما يجوزه الرازي وغيره ) فان سكوت المسلمين أيضا يمكن ان يكون لمصلحة أو مصالح . وتوضيح ذلك : إن أكثر الصحابة في زمان عمر كانوا مشغولين في الجهاد ومعارك الفتوحات في جبهتي الحرب مع الفرس والروم ، ولم يبق في المدينة من الرجال إلا من سقط عنه تكليف القتال أو منعه الخليفة من مغادرة المدينة لمصلحة رآها ، مثل بني هاشم ، أو حاشيته التي يعتمد عليهم في إدارة شؤون المسلمين مثل كعب الأحبار وغيره ، كما أن زعزعة الاستقرار في عاصمة المسلمين تؤدي بلا شك إلى انهيار قوتهم وضعف معنوياتهم ، وبالتالي تصبح المدينة وهي عاصمة الإسلام تهددها الأخطار من كل مكان ، ولذلك يقول الإمام علي ( عليه السلام ) في خطبته : فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى . . . ( 1 ) كذلك فانا نرى أن عمران بن سوادة لا يعترض على الخليفة أمام المصلين ، على الرغم من أن نهيه عن المتعتين لم يكن خفيا عليهم ، بل يجلس معه سرا ثم ينقل جوابه إلى الناس ، وكذلك سائر الصحابة على هذا المنوال . د - علل أخرى : إن فرضنا أن الصحابة سكتوا لعلمهم بأن متعة النساء ( إحدى المتعتين ) صارت منسوخة ( كما يدعي الرازي ) لكن أو لم يكن المسلمون يعلمون بأن الرجم من حدود الله ولا يشترعه الا نبي ، ورجم من لا يستحق الرجم مخالف للشريعة ؟ ولو سلمنا أن مثل هذه السياسة جائزة للإمام عند المصلحة ! ( كما يقول الرازي ) الا أنه يبرر عمل الخليفة ولا الصحابة ، لأن كلام الخليفة مخالف للشرع وعدم الإنكار عليه يؤدي إلى كفر الصحابة ، فكان اللازم أن ينكروا عليه ، أو يسألوه عن تشريعه لحكم مخالف لكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وهو بدوره يوضح المصلحة ‹ صفحة 178 › لهم ، ولكن كل هذا لم يقع . وكان من الأفضل ان يقول الرازي بأن الخليفة منع ونهى عن المتعتين لمصلحة رآها ، كما نهى عن جملة حي على خير العمل في الأذان و . . . . لنفس السبب ، وسكت المسلمون لإطلاعهم على ما يراه الخليفة من مصالح كسكوتهم في موارد أخرى ! أو أنهم سكتوا لمصالح هم أعرف بها من غيرهم ، أو تكلموا وأنكروا ولكن لم يبلغنا الا استنكار البعض منهم . الا اننا نعلم بأن سكوت البعض منهم لم يكن لتأييد نهي عمر ، لأنهم اعترضوا بعد ذلك حضورا وغيابا . ه - الغيرة على الأعراض والنواميس : هنا سؤال يطرح نفسه وهو : لماذا خولف الخليفة في حقل متعة الحج بأكثر من متعة النساء ؟ وذلك بواسطة الصحابة والتابعين ( وأكثر علماء السنة يقولون في متعة الحج بخلاف ما قاله الخليفة ) . مع أن تحريمه للمتعتين كان بلفظ واحد ؟ أعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى أن الكلام عن متعة النساء ونكاحهن إلى أجل ثقيل على الألسن ، خصوصا إذا أسئ استعماله ، وعرف الاستمتاع عند الناس بمعنى الاستلذاذ والجماع ، والعرب تستقبح تعاطي لفظ الجماع في كلامها المتداول ، بل تستفيد من كلمات هي بالواقع كناية مثل النكاح والوطئ وأمثالهما . ولذلك يقول الراغب : أنه محال أن يكون ( لفظ النكاح ) في الأصل للجماع . . . لأن أسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم تعاطيه ( 1 ) . وينقل صاحب الجواهر ( قدس سره ) عن بعض العلماء قولهم ( 2 ) : حتى قيل أنه لم يرد لفظ النكاح في الكتاب العزيز بمعنى الوطئ ( اي الجماع ) الا في قوله تعالى : " حتى ‹ صفحة 179 › تنكح زوجا غيره " ( 1 ) بل وأحيانا يستفيد القرآن العزيز من كلمات أكثر متانة وارفع أدبا مثل قوله تعلى : " أو لامستم النساء " ( 2 ) أو قوله تعالى : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " ( 3 ) و . . . خصوصا مما يرتبط بالأعراض والنواميس فان أصحاب الشيمة والعربية والغيرة الإسلامية تتأبى من ذكر نواميسها على الألسن ، والخصم عند مناقشة موضوع المتعة يستفيد من كلمات لاذعة وتعابير نابية تقشعر منها الجلود ، ويحتسب القائل بجواز المتعة كعارض بناته وأخواته إلى الآخرين لغرض الاستمتاع بهن . كقول عبد الله بن عمير الليثي لأبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) : أيسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن ذلك ؟ فأعرض عنه الباقر ( عليه السلام ) حين ذكر نساءه ( راجع ص 28 ) . أو قول أبي حنيفة لأبي جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاق : فما يمنعك أن تأمر نساءك يستمتعن ويكسبن عليك ؟ ( 4 ) . وأيضا راجع ( ص 120 ) وما قيل من الشعر في فتوى ابن عباس ، حبر الأمة ، وراجع أيضا ( عنوان تقويم وتحليل في ص 103 ) فإنك تجد الإعلام المكثف من قبل المهرجين والمشينين لسمعة المتعة إلى حد دعا المجوزين بعدم التطرق إلى ذكرها ، أو الاعتراض على الخليفة عمر ( 5 ) ، أو أن بعض المؤرخين أو الرواة استبدلوا كلمة النساء بالحج في المتعة أو ذكروا المتعة من دون قيد وذلك للحفاظ على كرامة من يتولونهم . وإني لا أرى اي فرق في ذكر المتعة وحدها أو بالإضافة إلى النساء أو الحج فإنها تعتبر مخالفة لحكم الله ومقابلة لسنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . ‹ صفحة 180 › اذن فان سكوت الصحابة لا يدل على أنهم تلقوا النسخ عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو أنهم راضون بكلام الخليفة . وإذا جعل الرازي سكوت الصحابة وعدم انكارهم عليه شاهدا على أن عمر تلقى النسخ من الرسول ( صلى الله عليه وآله ) فلماذا لا يجعل إصرار كبار الصحابة على مخالفته ، واستمرارهم حتى بعد تحريمه على الفتوى بحلية المتعة من أعظم النكير عليه ؟ وإذا كانوا غير منكرين عليه ، اذن فما معنى نقمهم وغضبهم من تحريمه لها ؟ ولو قبلنا توجيه الرازي لكلام عمر وهو : أنه نهى عنها لما ثبت أنه ( صلى الله عليه وآله ) نسخها ، فماذا يقول الرازي في متعة الحج وأكثر أهل السنة يعتمرون عمرة التمتع في أشهر الحج ، ويخالفون عمر في نهيه إياها ؟ فقد قال العيني في ( عمدة القاري 4 / 562 ) : فان قلت : روي عن أبي ذر أنه قال : كانت متعة الحج لأصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) خاصة ، في ( صحيح مسلم ) . قلت : قالوا : أما الكتاب فقوله تعالى : " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " . وهذا عام ، وأجمع المسلمون على إباحة التمتع في جميع الأعصار وإنما اختلفوا في فضله ، وأما السنة فحديث سراقة : المتعة لنا خاصة أو هي للأبد ؟ قال : بل هي للأبد ، وحديث جابر المذكور في ( صحيح مسلم ) في صفة الحج نحو هذا ، ومعناه أن أهل الجاهلية كانوا لا يجيزون التمتع ولا يرون العمرة في أشهر الحج الا فجورا فبين النبي ( صلى الله عليه وآله ) إن الله قد شرع العمرة في أشهر الحج وجوز المتعة إلى يوم القيامة ، رواه سعيد بن منصور من قول طاووس وزاد فيه : فلما كان الإسلام أمر الناس أن يعتمروا في أشهر الحج فدخلت العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة . وقد خالف أبا ذر علي وسعد وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين وسائر الصحابة وسائر المسلمين ، قال عمران : تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونزل فيه القرآن فلم ينهنا عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم ينسخها شئ فقال فيها رجل برأيه ما شاء ، متفق عليه . وقال سعد بن أبي وقاص : فعلناها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ‹ صفحة 181 › ( يعني المتعة ) وهذا ( يعني الذي نهى عنها ) يومئذ كافر ، بالعرش ( يعني بيوت مكة ) كذا رواه مسلم . إنتهى . يعني به معاوية بن أبي سفيان كما في ( صحيح مسلم ) . فرأي الخليفة وأمره بالعمرة في غير أشهر الحج عود إلى الرأي الجاهلي قصده أو لم يقصد ، فان أهل الجاهلية كما سمعت كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج . قال ابن عباس : والله ما أعمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عائشة في ذي الحجة الا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك . وقال : كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ( 1 ) . أقول : كيف حاول مسلم تغيير كلمة العرش إلى العرش ( بضمتين ) وذلك لأجل تخفيف الوطأة على معاوية وكلمة كافر خير قرينة على مقصود سعد بن أبي وقاص من أنه لم يكن أنذاك مسلما . وأجاب العيني في " عمده القاري " عما رواه أبو داود في سننه ( 2 ) عن سعيد بن المسيب : أن رجلا من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أتى عمر بن الخطاب فشهد عنده أنه سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة إلى الحج . قال العيني : أجيب عن هذا بأنه حالة مخالفة للكتاب والسنة والإجماع كحديث أبي ذر بل هو أدنى حالا منه ، فإن في إسناده مقالا ( 3 ) . وأجاب عنه الزرقاني : بأن إسناده ضعيف ومنقطع كما بينه الحفاظ ( 4 ) . ‹ صفحة 182 › ويقول ابن القيم ردا على ما أخرجه أبو داود في سننه ( 1 ) : إن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) : هل تعلمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى عن صفف النمور ؟ قالوا : اللهم نعم . قال : وأنا أشهد . قال : أتعلمون أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نهى عن لبس الذهب الا مقطعا ؟ قالوا : اللهم نعم ! قال : أتعلمون أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نهى أن يقرن بين الحج والعمرة ؟ قالوا : اللهم لا . قال : والله إنها لمعهن ، وفي رواية : ولكنكم نسيتم . قال ابن القيم : ونحن نشهد بالله أن هذا وهم من معاوية أو كذب عليه فلم ينه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن ذلك قط ( 2 ) . والطريف أن معاوية يروي رواية أخرى يناقض فيها نفسه : فعن ابن عباس قال : قال لي معاوية : أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند المروة بمشقص ، فقلت له : لا أعلم هذا إلا حجة عليك : قال ابن القيم : وهذا مما أنكره الناس عليه ( 3 ) . المشقص : نصل عريض يرمى به الوحش . أقول : 1 - أن معاوية كان ينهى عن متعة الحج كأسلافه عثمان وعمر . 2 - ان معاوية وضع هذا الحديث بنفسه وذلك تأييدا لمرامه وهو المنع من عمرة التمتع في أشهر الحج وأن بعض الروايات التي رويت في هذا الصدد وضعت في عهده تأييدا لرأي السلطة التي كان زعيمها لا يتأبى عن وضع الحديث . ‹ صفحة 183 › 3 - أراد معاوية ان يقول بأنه أعلم بأحكام الإسلام من صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) . 4 - حاول معاوية ( في الرواية الثانية ) أن يتظاهر بمظهر الإنسان القريب من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليتبجح ولكنه نسي أن كلامه مناقض تماما لما رواه وهو بنفسه من نهي النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن الجمع بين الحج والعمرة . قال العيني في عمدة القاري ، فان قلت : قد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية ، قلت : قد أنكر عليهم علماء الصحابة وخالفوهم في فعلها ، والحق مع المنكرين عليهم دونهم ( 1 ) . ويقول ابن القيم ( 2 ) ردا على ما نسب لعثمان والصحابي العظيم أبي ذر الغفاري : إن تلكم الآثار الدالة على الإختصاص بالصحابة بين باطل لا يصح عمن نسب إليه البتة ، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لا يعارض به نصوص المشرع المعصوم ، ففي صحيحة الشيخين وغيرهما عن سراقة بن مالك قال : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : لا بل لأبد - لأبد الأبد ( 3 ) . وقال أيضا ( 4 ) في رد ما نقل من حديث بلال : وإن هذا الحديث لا يصح أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أخبر عن المتعة أنها للأبد ، فنحن نشهد بالله أن حديث بلال هذا لا يصح عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو غلط عليه ، وكيف تقدمت رواية بلال على رواية الثقات الأثبات . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 175 › ( 1 ) شرح نهج البلاغة للإمام محمد عبده : 33 . ( 2 ) مصنف عبد الرزاق 7 / 502 . ( 3 ) مصنف ابن أبي شيبة 4 / 293 والدرر المنثور 2 / 140 . ‹ هامش ص 176 › ( 1 ) البيهقي 7 / 206 . ( 2 ) صحيح مسلم 1 / 474 ، مسند أحمد 4 / 428 ، سنن النسائي 5 / 149 . ( 3 ) سنن الدارمي 2 / 35 وصحيح مسلم 1 / 474 . ( 4 ) صحيح مسلم 1 / 474 مسند أحمد 4 / 434 وسنن ابن ماجة 2 / 229 والسنن الكبرى 4 / 344 وفتح الباري 3 / 338 نقلا عن الغدير 6 / 200 و 201 . ( 5 ) الإتقان 1 / 101 . ‹ هامش ص 177 › ( 1 ) شرح نهج البلاغة للإمام محمد عبده : 31 . ‹ هامش ص 178 › ( 1 ) الجواهر 29 / 5 و 6 . ( 2 ) الجواهر 29 / 5 و 6 . ‹ هامش ص 178 › ( 1 ) الجواهر 29 / 5 و 6 . ( 2 ) الجواهر 29 / 5 و 6 . ‹ هامش ص 179 › ( 1 ) البقرة : 230 . ( 2 ) النساء : 43 والمائدة : 6 . ( 3 ) البقرة : 187 . ( 4 ) تفسير الصافي 1 / 347 . ( 5 ) وذلك من قبل الصحابة . ‹ هامش ص 181 › ( 1 ) صحيح البخاري 3 / 96 ومسلم 1 / 355 وسنن البيهقي 4 / 345 وسنن النسائي 5 / 180 نقلا عن الغدير 6 / 217 . ( 2 ) سنن أبي داود 1 / 283 . ( 3 ) عمدة القاري 4 / 562 . ( 4 ) شرح الموطأ 2 / 180 . ‹ هامش ص 182 › ( 1 ) باب افراد الحج : 157 . ( 2 ) زاد المعاد 1 / 229 وسنن البيهقي 5 / 20 ومجمع الزوائد 3 / 236 باختصار وتاريخ ابن كثير 5 / 140 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 222 . ( 3 ) البخاري 1 / 207 ومسلم 209 باب التقصير في العمرة وسنن أبي داود 2 / 159 ح 1802 و 1803 من كتاب المناسك ومسند أحمد 4 / 96 - 98 والمنتقى 2 / 270 ح 2579 ، 2580 . ‹ هامش ص 183 › ( 1 ) 4 / 562 . ( 2 ) زاد المعاد 1 / 213 . ( 3 ) صحيح البخاري 3 / 148 كتاب الحج عمرة التنعيم وصحيح مسلم 1 / 346 ، كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف 126 ، سنن ابن ماجة 2 / 230 ، مسند أحمد 3 / 388 وج 4 / 175 ، سنن أبي داود 2 / 282 ، صحيح النسائي 5 / 178 ، سنن البيهقي 5 / 19 نقلا عن كتاب الغدير 6 / 214 . ( 4 ) زاد المعاد 1 / 215 . |
![]() |
![]() |
#4 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
إلى أن قال : قال المجوزون للفسخ : هذا قول فاسد لا شك فيه ، بل هذا رأي لا شك فيه ، وقد صرح بأنه رأي من هو أعظم من عثمان وأبي ذر وعمران بن حصين ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونزل القرآن فقال رجل برأيه ما شاء ، ولفظ مسلم : نزلت آية المتعة في كتاب الله عز وجل ، يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم لم تنزل آية تنسخ متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى مات قال رجل برأيه ما شاء .
وفي لفظ : يريد عمر . وقال عبد الله بن عمر لمن سأله عنها وقال إن أباك نهى عنها : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحق أن يتبع أو أبي ؟ وقال ابن عباس لمن كان يعارضه فيها بأبي بكر وعمر : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتقولون : قال أبو بكر وعمر . فهذا جواب العلماء لا جواب من يقول : عثمان وأبو ذر أعلم برسول الله منكم ، وهلا قال ابن عباس وعبد الله بن عمر : أبو بكر وعمر أعلم برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منا ؟ ولم يكن أحد من الصحابة ولا أحد من التابعين يرضى بهذا الجواب في دفع نص عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهم كانوا أعلم بالله ورسوله وأتقى له من أن يقدموا على قول المعصوم رأي غير المعصوم . ثم ثبت النص عن المعصوم بأنها باقية إلى يوم القيامة ، وقد قال ببقائها علي بن أبي طالب " رضي الله عنه " وسعد بن أبي وقاص ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو موسى ، وسعيد بن المسيب ، وجمهور التابعين . ويدل على أن ذلك رأي محض لا ينسب إلى أنه مرفوع إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن عمر بن الخطاب ( رض ) لما نهى عنها قال له أبو موسى الأشعري : يا أمير المؤمنين ما أحدثت في شأن النسك ؟ فقال : إن نأخذ بكتاب ربنا فان الله يقول : " وأتموا الحج والعمرة لله " . وإن نأخذ بسنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فان رسول الله لم يحل حتى نحر . فهذا اتفاق من أبي موسى وعمر على أن منع المتعة والإحرام بها ابتداء إنما هو رأي منه أحدثه في النسك ليس عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وإن استدل له بما استدل ، وأبو موسى كان يفتي الناس بالفسخ في خلافة أبي بكر ( رض ) كلها وصدرا من خلافة عمر حتى ‹ صفحة 185 › فاوض عمر ( رض ) في نهيه عن ذلك واتفقا على أنه رأي أحدثه عمر في النسك ثم صح عنه الرجوع عنه . انتهى . وقال ابن القيم أيضا : ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمرة تفاديا من غضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) واتباعا لأمره ، فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده ، ولا صح حرف واحد يعارضه ، ولا خص به أصحابه دون من بعدهم ، بل أجرى الله على لسان سراقة أن يسأل هل ذلك مختص بهم ؟ فأجاب : ( بأن ذلك كائن لأبد الأبد ) . فما ندري ما تقدم على هذه الأحاديث ، وهذا الأمر المؤكد الذي غضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على من خالفه . ولله در الإمام أحمد إذ يقول لسلمة بن شيب وقد قال له : يا أبا عبد الله كل أمرك عندي حسن الا خلة واحدة قال : وما هي ؟ قال : تقول بفسخ الحج إلى العمرة ، فقال : يا سلمة : كنت أرى لك عقلا ، عندي في ذلك أحد عشر حديثا صحاحا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أأتركها لقولك ؟ ! . وقال أيضا : وقد روى عنه الأمر بفسخ الحج إلى العمرة أربعة عشر من الصحابة وأحاديثهم كلها صحاح ، وهم عائشة وحفصة أما المؤمنين ، وعلي بن أبي طالب ، وفاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأسماء بنت أبي بكر الصديق ، وجابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدري ، وبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن عباس ، وسبرة بن معبد الجهني ، وسراقة بن مالك المدلجي ( رض ) ( 1 ) . وقال ابن حزم : روى أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من لا هدي له أن يفسخ حجة بعمرة ويحل ، بأوكد أمر جابر بن عبد الله و . . . . خمسة عشر من الصحابة " رضي الله عنهم " . ورواه عن هؤلاء نيف وعشرون من التابعين ، ورواه عن هؤلاء من لا يحصيه الا الله ‹ صفحة 186 › عز وجل فلم يسع أحدا الخروج عن هذا ( 1 ) وقال أيضا : وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) كل من لا هدي معه عموما بأن يحل بعمرة ، وأن هذا هو آخر أمره على الصفا بمكة ، وأنه ( صلى الله عليه وآله ) أخبر بأن التمتع أفضل من سوق الهدي معه ، وتأسف إذ لم يفعل ذلك هو ، وأن هذا الحكم باق إلى يوم القيامة وما كان هكذا فقد أمنا أن ينسخ أبدا ، ومن أجاز نسخ ما هذه صفته فقد أجاز الكذب على خبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهذا ممن تعمده كفر مجرد ، وفيه : أن العمرة قد دخلت في الحج ، وهذا هو قولنا ، لأن الحج لا يجوز إلا بعمرة متقدمة له يكون بها متمتعا ، أو بعمرة مقرونة معه ( 2 ) ولا مزيد . وقال أيضا : قد أفتى بها أبو موسى مدة إمارة أبي بكر وصدرا من إمارة عمر ( رض ) وليس توقفه - عندما بلغه نهي عمر - حجة على ما روي عن النبي و حسبنا قوله لعمر : ما الذي أحدثت في شأن النسك ؟ فلم ينكر ذلك عمر ، وأما قول عمر في قول الله تعالى : " وأتموا الحج والعمرة لله " فلا إتمام لهما الا علمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الناس وهو الذي أنزلت عليه الآية وأمر ببيان ما أنزل عليه من ذلك . وأما كونه لم يحل حتى نحر الهدي فان حفصة ابنة عمر روت عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بيان فعله قالت : سألته : ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك ؟ فقال : إني قلدت هديي فلا أحل حتى أنحر ، ورواه أيضا علي . . . ثم قال : فهذا أولى أن يتبع من رأي رآه عمر . وفي مكان آخر أورد الروايات التي جاء فيها أن فسخ الحج خاص بأصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم استشهد على بطلانها . . . ثم قال : فبطل التخصيص والنسخ وأمن من ذلك أبدا . ‹ صفحة 187 › والله إن من سمع هذا الخبر ثم عارض أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكلام أحد ولو أنه كلام أمي المؤمنين حفصة وعائشة وأبويهما ( رض ) لهالك ! فكيف بأكذوبات كنسيج العنكبوت الذي هو أوهن البيوت عن الحارث بن بلال و . . . . الذين لا يدرى من هم في الخلق ! وليس لأحد أن يقتصر بقوله ( عليه السلام ) : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، على أنه أراد جوازها في أشهر الحج ، دون ما بينه جابر وابن عباس من إنكاره ( عليه السلام ) أن يكون الفسخ لهم خاصة أو لعامهم دون ذلك ، ومن فعل ذلك فقد كذب على رسول الله جهارا . وقال أيضا : وأتى بعضهم بطامة ، وهي أنه ذكر الخبر الثابت عن ابن عباس أنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض فقال قائلهم : إنما أمرهم بذلك ليوقفهم على جواز العمرة في أشهر الحج قولا وعملا . وهذه عظيمة أول ذلك أنه كذب على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في دعواهم : أنما أمرهم بفسخ الحج في عمرة ليعلمهم جواز العمرة في أشهر الحج ، ثم يقال لهم : هبك لو كان ذلك ومعاذ الله من أن يكون أبحق أمر أم بباطل ؟ فان قالوا : بباطل ، كفروا ، وإن قالوا : بحق ، قلنا : فليكن أمره ( عليه السلام ) بذلك لأي وجه كان فإنه قد صار بعد ما أمر حقا واجبا . ثم لو كان هذا الهوس الذي قالوا فلأي معنى كان يخص بذلك من لم يسق الهدي دون من ساق ؟ وأطم من هذا كله أن هذا الجاهل القائل بذلك قد علم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) اعتمر بهم في ذي القعدة عاما بعد عام قبل الفتح ، ثم اعتمر في ذي القعدة عام الفتح ثم قال لهم في حجة الوداع : في ذي الحليفة من شاء منكم أن يهل بعمرة فليفعل ومن شاء أن يهل بحج وعمره فليفعل ومن شاء أن يحل بحج فليفعل ( 1 ) . ففعلوا كل ذلك ، فيالله ‹ صفحة 188 › ويا للمسلمين أبلغ الصحابة " رضي الله عنهم " من البلادة والبله والجهل أن لا يعرفوا مع هذا كله أن العمرة جائزة في أشهر الحج ؟ وقد عملوها معه ( صلى الله عليه وآله ) عاما بعد عام في أشهر الحج ، حتى يحتاج إلى أن يفسخ حجهم في عمرة ليعلموا جواز ذلك تالله إن الحمير لتميز الطريق من أقل من هذا فكم هذا الإقدام والجرأة على مدافعة السنن الثابتة في نصر التقليد ؟ مرة بالكذب المفضوح ، ومرة بالحماقة المشهورة ، ومرة بالغثاثة والبرد حسبنا الله ونعم الوكيل ( 1 ) . أقول : إن كل ما قاله ابن القيم وابن حزم والعيني لا يختص بمتعة الحج ، ولو أنهم تتبعوا موضوع متعة النساء ( وبقية الأحكام التي كانت على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ) لتعرفوا على صورة أبشع من متعة الحج ، واطلعوا على أعذار الرواة المفتعلة التي لا تدعم قولا ولا تغني من الحق شيئا . وإن هؤلاء العلماء تهجموا على من خالف سنة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حتى وإن كانوا من الخلفاء الراشدين وغيرهم ( 2 ) . إذن ماذا يقولون في متعة النساء التي عمل بها أيام أبي بكر وشطر من خلافة عمر ، وقال بحليتها معاوية بن أبي سفيان وعمل بها ؟ وهنا يرد هذا السؤال : لماذا خالف أهل السنة ( جلهم أو كلهم ) أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية في عمرة التمتع في الحج ووافقوا عمر بن الخطاب ( فقط ) في تحريمه لمتعة النساء ؟ مع أن تحريم المتعتين جاء بلفظ واحد ؟ < ص 189 > أقول : ربما السبب في ذلك يعود إلى الضيق الذي يلاقيه المسلمون في الأفراد ( كما في تعبير الإمام علي ( عليه السلام ) ) مما دعا علماء السنة إلى التحقيق بالإفراد والوصول إلى النتيجة المطلوبة ، خصوصا بعد الاطلاع على آراء كبار الصحابة ورواياتهم ، مثل ما ذكره ابن القيم وابن حزم والعيني وأحمد بن حنبل وغيرهم ، فيقول ابن القيم ( 1 ) : وقد روى هذا - اي حج التمتع - عن النبي من سمينا وغيرهم ، وروى ذلك عنهم طوائف من كبار التابعين حتى صار منقولا نقلا يرفع الشك ويوجب اليقين ، ولا يمكن لأحد أن ينكره أو يقول : لم يقع ، وهو مذهب أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومذهب حبر الأمة وبحرها ابن عباس وأصحابه ، ومذهب أبي موسى الأشعري ، ومذهب إمام أهل السنة والحديث أحمد بن حنبل واتباعه ، ومذهب أهل الحديث معه ، إنتهى . فلو أن المسلمين كان يجب عليهم أن يزوروا البيت زورتين ( كما قال عمر ) فإنه كان يوجب عليهم العسر والحرج ، والتحقيق وليد الحاجة ( وليتهم حققوا في كل ما ورد عن غير طريق أهل البيت ( عليه السلام ) ) ليتوصلوا إلى النتيجة التي وصل إليها إخوانهم علماء الشيعة ) ولكن متعة النساء وإن كانت مشابهة لمتعة الحج من نزول آية في القرآن فيها والأخبار الصحيحة الكثيرة الواردة في حليتها وعمل الصحابة بها و . . . . . إلا أن جهل أكثر القائلين بحرمتها ، لأحكامها والخوف من الاتهامات ( كما ذكرنا في ص 176 ) وعدم الاكتراث والتألم لما يحدث حولهم من الزنى والفجور ، جعلها مخبأة مسدولة الستار عليها وأرضية مناسبة للتهجم على مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) . عذر أقبح من الفعل : أخرج البيهقي ( 2 ) عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أتاني جبرئيل وأنا بالعقيق فقال : صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل : عمرة في حجة فقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة . ( راجع ص 159 ) وقد ذكر هذه الرواية جماعة من علماء السنة مثل البخاري وغيره . وبعد 8 صحائف يلتمس عذرا للخليفة فيقول : أراد عمر ( رض ) بالذي أمر به من ترك التمتع بالعمرة إلى الحج تمام العمرة التي أمر الله عزو جل بها ، وأراد عمر ‹ صفحة 190 › ( رض ) أن يزار البيت في كل عام مرتين وكره أن يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج فيلزم ذلك الناس فلا يأتوا البيت الا مرة واحدة في السنة . ثم قال البيهقي : اتبعوا ما أمر به عمر بن الخطاب ( رض ) في ذلك احتسابا للخير ! ( 1 ) . فإذا كان الخليفة يسمع أمر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الذي جاء به جبرئيل من عند الله ثم يخالفه ويتهدد بالعقاب على فاعله ثم ينقله البيهقي وهو عالم من علماء السنة المعروفين ويلتمس له عذرا . . . فعلى الإسلام السلام . وبالنهاية نقول للرازي : إن الخليفة عمر والصحابة كانوا عالمين بحلية المتعتين وعدم نسخهما ، والصحابة لم يسكتوا بل واعترضوا ، والذين سكتوا لم يكن سكوتهم بلا سبب . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 183 › ( 1 ) 4 / 562 . ( 2 ) زاد المعاد 1 / 213 . ( 3 ) صحيح البخاري 3 / 148 كتاب الحج عمرة التنعيم وصحيح مسلم 1 / 346 ، كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف 126 ، سنن ابن ماجة 2 / 230 ، مسند أحمد 3 / 388 وج 4 / 175 ، سنن أبي داود 2 / 282 ، صحيح النسائي 5 / 178 ، سنن البيهقي 5 / 19 نقلا عن كتاب الغدير 6 / 214 . ( 4 ) زاد المعاد 1 / 215 . ‹ هامش ص 185 › ( 1 ) زاد المعاد 1 / 246 . ‹ هامش ص 186 › ( 1 ) المحلي لابن حزم 7 / 101 . ( 2 ) 7 / 103 المحلى . ‹ هامش ص 187 › ( 1 ) قصد ان الأمر بعمرة التمتع كان في بدء الأمر في حجة الوداع تخييريا ونزل القضاء به حتما عند ما كان الرسول في آخر شوط من سعيه . ‹ هامش ص 188 › ( 1 ) المحلى لابن حزم 7 / 102 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 238 . ( 2 ) وقد روآه جرد أبو بكر وعمر وعثمان ( اي أفردوا الحج ) كما في سنن البيهقي 5 / 5 باب من اختار الإفراد أفضل وتاريخ ابن كثير 5 / 123 . وقد تبعهم معاوية بالإفراد . ‹ هامش ص 189 › ( 1 ) زاد المعاد 1 / 249 . ( 2 ) سنن البيهقي 5 / 13 . ‹ هامش ص 190 › ( 1 ) سنن البيهقي 5 / 21 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |