أدلة منكري الحسن و القبح:
أدلة منكري الحسن و القبح:
منكري الحسن و القبح العقليين هم الأشاعرة لأنهم يعتقدون بأن العقل لا يستطيع أن يدرك ما هو الحسن و ما هو القبيح قائلين بأن تحكيم العقل في باب التحسين و التقبيح يستلزم نفي الحرية عن المشيئة الإلهية و تقييدها بقيدٍ، إذ على القول بالحسن و القبح و إدراك العقل لهما يجب أن يفعل الله سبحانه و تعالى على طبق العقل و على طبق ما يحسنه و يقبحه فلكي تبتعد عن هذا التقييد و عن هذا القول علينا أن نقول بأنه لا حسن إلا ما حسنه الشارع و لا قبح إلا ما قبحه فالله سبحانه و تعالى حر في أفعاله حتى و إن عاقب المتقين و أكرم المجرمين و يعدّ هذا حسنا منه و ليس لأحد أن يعاقبه أو يعترض على ذلك.
لكن رأي الإمامية و المعتزلة هو تماما عكس هذا الرأي فالإمامية و المعتزلة المعبر عنهم بالعدلية يعتقدون بأن الإنسان لديه إختيار في أعماله و يستطيع بواسطة العقل أن يدرك الحسن من القبيح و لهذا العقل يحكم بصدق رسالة المصطفى محمد (ص) و إنحراف الرسالات الأخر و لهذا نستطيع أن نعرف بأن رسالتنا تهدي إلى الكمال و ترشد الإنسان إلى الصواب و لا توصلنا إلى الهلاك ، كما و إنّا نعتقد بأنّا على الحق و الآخرون من أي مذهب كانوا على الباطل.
قال الشيخ الأشعري : فإن قال قائل هل لله سبحانه و تعالى أن يؤلم الأطفال في الآخرة ؟ قيل له لذلك و هو عادل إن فعله ، إلى أن قال : و لا يقبح منه أن يعذب المؤمنين و يدخل الكافرين الجنان و إنما نقول أنه لا يفعل ذلك لأنه أخبرنا أن يعاقب الكافرين و هو لا يجوز عليه الكذب في خبره.
يشبّه الأستاذ جعفر السبحاني الأشاعرة بالسوفسطائيين الذين أنكروا حتى العينيات و الحقائق الخارجية و قد شككوا حتى في وجود أنفسهم و الواقع أن الأشاعرة القدماء كانوا كالسوفسطائيين لا يقبلون شيئا و لا يقفون حتى عند البديهيات لكن الذين يقاربون عصرنا و المتأخرين منهم عندما وقفوا أمام الكم الهائل من أدلة الإمامية و المعتزلة لم يستطيعوا أن يقاوموا ذلك و لهذا قبلوا من الحسن و القبح جزءا فقالوا لا يمكن المناقشة فيه و رفضوا القسم الآخر و هو إمكانية إدراك العقل لاستحقاق الثواب و العقاب للأفعال حتى و إن كانوا في داخل ضمائرهم يعترفون بالحسن و القبح لأن مسألة التحسين و التقبيح يوجد فيها أمور لا يمكن أن يرفضها العقل السليم فكل إنسان بعقله السليم يستطيع أن يميز ما هو الحسن ليحصل على ذلك الثواب و يستطيع أن يميز ما هو القبيح الذي يستحق عليه العقاب و يعرف ماذا عليه أن يفعل ليمتدح من قبل الناس و ماذا عليه أن لا يفعل لكي لا يذمه الآخرون لأن لكل إنسان فطرة سليمة قد خلقه الله عليها و هو يستطيع بواسطة هذه الفطرة و بواسطة ما يلائم و ما يضاد هذه الفكرة أن يميز ما هو القبيح و ما هو الحسن.
|