خبر الراهب بحيرا
(قال المؤلف) وممال يدل على أن ابا طالب كان عالما بنبوة ابن اخيه قبل بعثته ولما بعث صلى الله عليه وآله آمن به وصدقه وحماه وايده ونصره، ما خرجه ابن عساكر الشافعي في تأريخه المختصر (ج 1 ص 267 طبع روضة الشام سنة (1329) ه) قال: إنه صلى الله عليه وآله قدم بصرى من نواحي دمشق قبل أن يوحى إليه وهو صغير (على قول كان له تسع سنين وعلى قول كان له اثنتا عشرة سنة) مع عمه أبي طالب وقدمها مرة ثانية في تجارة لخديجة مع غلامها ميسرة، قال: روي عن أبي موسى قال: خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب (بحيرا) هبطوا وحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به
[14]
فلا يخرج إليهم، ولا يلتف، فبينما هم يحلون رحالهم إذ به قد جعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين (كل ذلك يسمعه أبو طالب) فقا له اشياخ من قريش: وما علمك قال: انكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر الا خر ساجدا (له) ولا يسجدون إلا لنبي، وإني لاعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع له طعاما فلما أتاهم به، وكان هو في رعية الابل قال: أرسلوا إليه، فاقبل وعليه غمامة تضلله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوا إلى فئ الشجرة، فلما جلس (صلى الله عليه وآله وسلم مال فئ الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه، قال: فبينما، هو قائم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فان الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه، فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم ؟ قالوا: جئنا إن النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق الا بعث إليه باناس، وانا قد أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذا، قال فهل خلفتم خلفكم احدا هو خير منكم ؟ قالوا: لا، إنما اخترنا خيرة لطريقك هذا، قال: أفرأيتم إن أراد الله أمرا أن يمضيه هل يستطيع احد ان يرده ؟ قالوا: لا قال: فبايعوه فاقاموا معه، قال: فأتاهم فقال: أنشدكم الله أيكم وليه ؟ قال أبو طالب أنا فلم يزل يناشده حتى رده (إلى مكة. (قال المؤلف) وان كان هذا الحديث ضعيفا ولكن يوخذ به في باب الفضائل على القاعدة التي ذكرت في الحديث، وهو عند علماء أهل السنة مجمع عليه كما ذكره ابن حجر في اول كتاب (تطهير الجنان) المطبوع بهامش (ص 26) من الصواعق، وهذا الحديث هو حديث بحيرا
[15]
ولكن نقل بالمعنى وزيد فيه ما ليس منه. (قال المؤلف) وقد أخرجنا حديثا نحوه مفصلا من الخصائص الكبرى للسيوطي الشافعي في هذا الختصر، فيه دلالة واضحة على ما نحن بصدده، وخرج في ذيل تاريخ ابن عساكر (ج 1 ص 268) أن الحديث المتقدم خرجه الترمذي في كتابه، وذكره البزاز في مسنده مع اختلاف وذكر في التأريخ ايضا (ج 1 ص 268) بسنده عن ابي مجلز (انه قال) لما مات عبد الله (عليه السلام والد النبي صلى الله عليه وآله) عطف عبد المطلب أو أبو طالب على محمد (صلى الله عليه وآله) فكان لا يسافر سفرا إلا كان معه فيه، فتوجه نحو الشام فنزل منزلا فاتاه فيه راهب فقال: إن فيكم رجلا صالحا فقال: إن فينا من يقري الضيف، ويفك الاسير، ويفعل المعروف، فقال: أرجو أعلى من هذا ثم (أشار إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: أين أبو هذا الغلام ؟ فقيل له: هذا وليه، فقال له: احتفظ به ولا تذهب به إلى الشام إن اليهود حساد، وإني أخشاهم عليه، قال ما أنت تقول ذلك ولكن الله يقوله، فرده وقال: اللهم إني أستودعك محمدا ثم إن الراهب مات. (قال المؤلف) ثم إن ابن عساكر ذكر قضية بحيرا الراهب واطعامهم الطعام في (ج 1 ص 269 ص 271) وسيمر عليك تفصيل حديثه نقلا من الخصائص، ولفظه يوافق لفظ السيوطي الشافعي في الخصائص، غير أن السيوطي زاد كلمات في الحديث شرحا له، وذكر أن أبا طالب عليه السلام قال في ذلك أبياتا، منها: فما رجعوا حتى رأوا من محمد * أحاديث تجلو غم كل فؤاد فذكر ستة ابيات بعده تراها بعد الحديث فيما يأتي،
|