![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
في الثاني من رجب من عام 212هـ استقبلت المدينة المنورة ميلاد أول أبناء الإمام الجواد (عليه السلام)، وعمَّ البيت الهاشمي فرح عظيم، فسمّاه والده علياً باسم جده الرضا وجده الأكبر أمير المؤمنين، وكناه بأبي الحسن ومشت ألقابه الكريمة تعبر عن محياه الكريم وسيرته الزكية، فكان النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل. وعندما انتقل إلى مدينة سامراء وسكن محلة كانت تسمى (عسكر) سمي أيضاً العسكري أو الفقيه العسكري.
بقي الإمام (عليه السلام) في مدينة جده بقية خلافة المعتصم وأيام خلافة الواثق، حيث اشتهرت مكارمه في الآفاق، فلما ملك المتوكل، خشي منه القيام ضده فاستقدمه، ليكون قريباً منه يراقبه ويسهل الضغط عليه. ويبدو أنه لم يستقدمه إلا بعد أن توالت عليه الرسائل من الحجاز تخبره بأن الناس في الحرمين يميلون إليه، وكانت زوجة المتوكل التي يبدو أنه أرسلها لاستخبار الأمر ممن بعثوا الرسائل. ويبدو من طريقة استقدام الإمام أن المتوكل كان شديد الحذر في الأمر، حيث بعث بسرية كاملة من سامراء إلى المدينة لتحقيق هذا الأمر.. كما سبق. وقد كتب المتوكل إلى الإمام رسالة رقيقة جاء فيها: فقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد الله بن محمد عما كان يتولى من الحرب والصلاة بمدينة الرسول إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقك، واستخفافه بقدرك، وعندما قرنك به ونسبك إليه من الأمر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه وصدق نيتك وبرّك وقولك وأنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه(1). وكان هذا الرجل قد كتب رسالة إلى المتوكل يتهم الإمام فيها بأنه ينوي القيام ضده، وكتب الإمام رسالة إلى المتوكل ينفي تلك التهمة، ثم أضاف: وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل وأمره بإكرامك وتبجليك والانتهاء إلى أمرك ورأيك، والتقرب إلى الله وإلى أمير المؤمنين بذلك. وأمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إلى وجهك(2). وعندما نزل الإمام مدينة سامراء أراد المتوكل النيل من شخصيته عند الناس فأمر أن يسكن دار الصعاليك لمدة أيام ثلاث، قبل أن يدخل عليه وهو لا يعلم أن قدر الإمام عند الله، أو عند عباد الله الصالحين ليس بما يسكنه من دار أو يحوزه من ثروة، وإنما بزهده في درجات الدنيا ورغبته فيما عند الله، فلا يزداد بتواضعه وصبره على الأذى في جنب الله إلاّ زلفى من الله. وهكذا دخل عليه بعض شيعته (صالح بن سعد) في ذلك المكان المتواضع وقال له: جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتشهير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك، ولكن الإمام أراه بعض مكرماته ثم قال له: (حيث كنا فهذا لنا عتيد ولسنا في خان الصعاليك)(3). وقد فتش الموالون لأهل البيت عن موضع ذلك الخان فاشتروا مكاناً معيناً قريباً من مرقد الإمام الهادي (عليه السلام) وحولوه إلى مركز ديني بأمل أن يكون هو موضع ذلك الخان الذي تشرف بمقام الإمام فيه برهة من الوقت. ويبدو أن الإمام كان يقود في تلك الفترة من مقامه في سامراء الخط الرسالي وبطرقه الخاصة، وقد استطاب السكن فيها حتى قال (عليه السلام): (أخرجت إلى سر من رأى كرهاً ولو أخرجت عنها، أخرجت كرهاً، قال الراوي: ولِمَ يا سيدي؟ قال: لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلة دائها)(4). والمتوكل العباسي المعروف بشدَّة بطشه وبغضه لأهل البيت، وإرهابه ضد الشيعة، أراد أن يبقى أعظم وأقوى معارضيه قريباً منه حتى يسهل عليه القضاء عليه أنى شاء. إلا أن الإمام قد كاد بإذن الله كيداً، حيث أخذ ينفذ إلى عمق سلطته، ويمد نفوذه إلى أقرب أنصاره، وهكذا فعل. في هذا الوقت كانت أم المتوكل تنذر للإمام، ولعل القصص التالية تعكس جانباً من تأثير الإمام في بلاطه: (مرض المتوكل من خراج خرج به، فأشرف منه على التلف، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة، فنذرت أمه إن عوفي أن يحمل إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) مالاً جليلاً من مالها). وقال له الفتح بن خاقان: لو بعثت إلى هذا الرجل يعني أبا الحسن فسألته فإنه ربما كان عنده صفة شيء يفرج الله به عنك، قال: ابعثوا إليه فمضى الرسول ورجع، فقال: خذوا كسب الغنم فديفوه بماء ورد، وضعوه على الخراج فإنه نافع بإذن الله. فجعل من بحضرة المتوكل يهزأ من قوله، فقال لهم الفتح: وما يضر من تجربة ما قال فوالله إني لأرجو الصلاح به، فأحضر الكسب، وديف بماء الورد ووضع على الخراج، فانفتح وخرج ما كان فيه، وبشرت أم المتوكل بعافيته فحملت إلى أبي الحسن (عليه السلام) عشرة آلاف دينار تحت ختمها فاستقل المتوكل في علته(5). ![]()
اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا. إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |