![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
أبو طالب :
( اللواتي . عمان ... ) هو الحجّة قبل النبيّ : السؤال: يقول المعصوم (عليه السلام) : " لولا الحجّة لساخت الأرض " ، ومن المعلوم أنّ الحجّة في يومنا هذا هو الإمام المهدي (عليه السلام) ، فمن هو الحجّة في الفترة التي قبل أن يكون النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) حجّة ؟ الجواب : قد جاء في رواياتنا ، أنّ الحجّة قبل النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو أبو طالب (رضي الله عنه) . قال العلاّمة المجلسي (قدس سره) : " وقد أجمعت الشيعة على إسلامه ، وأنّه قد آمن بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) في أوّل الأمر ، ولم يعبد صنماً قط ، بل كان من أوصياء إبراهيم (عليه السلام) ... " (1) . ولكنّه كان يعمل بالتقية ، أي لم يظهر أنّه حجّة ، وإلاّ لقتل كأهل الكهف . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) : " إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان ، وأظهروا الكفر ، فآتاهم الله أجرهم مرّتين ، وإنّ أبا طالب أسرّ الإيمان ، وأظهر الشرك ، فآتاه الله أجره مرّتين " (2) . ____________ 1- بحار الأنوار 35 / 138 . 2- شرح نهج البلاغة 14 / 70 . الصفحة 200 ************* ( إبراهيم عبد الله . السعودية ... ) آية عدم الاستغفار للمشركين لم تنزل في حقّه : السؤال: هل صحيح أنّ آية : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } نزلت في أبي طالب ؟ الجواب : لا يخفى عليكم : أنّ معاوية بن أبي سفيان انفق الكثير من بيت مال المسلمين في سبيل تزوير الأحاديث ، وتحريف الآيات النازلة في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) ، فوضع في حقّ الإمام علي (عليه السلام) وأبيه أبي طالب (عليه السلام) الأراجيف والتهم انتقاماً منهما . ومن تلك التهم التي وضعها هي : أنّ أبا طالب (عليه السلام) مات مشركاً ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يستغفر لعمّه ، فنزلت الآية الشريفة لتنهاه عن الاستغفار له ، وذلك من خلال وضع الأحاديث المحرّفة في شأن نزول هذه الآية ، والتي ترويها بعض الكتب السنّية ، منها : ما جاء في " صحيح البخاري " عن ابن المسيّب عن أبيه : إنّ أبا طالب لمّا حضرته الوفاة ، دخل عليه النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وعنده أبو جهل ، فقال : أي عم ، قل : لا اله إلاّ الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية : يا أبا طالب ترغب عن ملّة عبد المطّلب ، فلم يزالا يكلّمانه ، حتّى قال آخر شيء كلّمهم به : على ملّة عبد المطلب ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : لاستغفرن لك ما لم أُنه عنه ، فنزلت : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... } (1) . وبهذا المضمون وردت روايات أُخرى بأسانيد مختلفة . والجواب عن هذه الشبهة ، تارة يقع عن الحديث ، وأُخرى عن الآية . أمّا الحديث ففيه : إنّ رواته ورواة الأحاديث الأُخرى بين ضعيف ومجهول ومطعون به ، فالروايات إذاً ضعيفة السند ، خصوصاً وأنّ راويها سعيد بن المسيّب ، الذي اختلف فيه اختلافاً كبيراً ، بين التعديل والتجريح ، ومن ____________ 1- صحيح البخاري 4 / 247 ، التوبة : 113 . الصفحة 201 القادحين فيه ابن أبي الحديد في " نهج البلاغة " (1) ، حيث سلكه في عداد المنحرفين عن علي (عليه السلام) ، وأنّ في قلبه شيئاً منه . إذاً كيف نستطيع أن نأخذ حديثاً في قدح علي (عليه السلام) من شخص متهم عليه ؟ وإذا عرفنا أنّ سعيداً هو القائل : " من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وشهد للعشرة بالجنّة ، وترحّم على معاوية ، كان حقيقاً على الله أن لا يناقشه الحساب " (2) ، فحينئذ نعرف بعد ما أوضح موقفه من معاوية ، قيمة هذا الحديث الذي وضعه في حقّ أبي طالب (عليه السلام) . وأمّا الآية ففيها : 1-تدلّنا رواية البخاري على أنّ الآية نزلت عند احتضار أبي طالب ، ولكنّا إذا رجعنا إلى نزولها وجدناها مدنية ، فبين وفاة أبي طالب ونزول هذه الآية ، ما يزيد على ثمانية أعوام . فمجرى الحديث يدلّ على استمرار استغفار الرسول (صلى الله عليه وآله) لعمّه وهو كذلك ولم ينقطع إلاّ عند نزول هذه الآية : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ ... } . وهنا نتساءل : كيف جاز للرسول (صلى الله عليه وآله) أن يستغفر لعمّه في الفترة التي بعد موته حتّى نزول هذه الآية ؟ وكانت قد نزلت على الرسول آيات زاجرة تنهاه ، وتنهى المؤمنين أن يستغفروا للمشركين ، قبل نزول هذه الآية بأمد طويل ، من تلك الآيات قوله : { لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ } (3) فهل يجوز للرسول (صلى الله عليه وآله) أن يستغفر لعمّه ، ولديه آيات ناهية وزاجرة عن الاستغفار للمشركين ؟ 2-هناك روايات وأقوال تنقض حديث البخاري وغيره في وجه نزول الآية . ____________ 1- شرح نهج البلاغة 4 / 101 . 2- تاريخ مدينة دمشق 59 / 207 . 3- المجادلة : 22 ، وقوله في سورة النساء : 139 و 144 ، وآل عمران : 28 ، والمنافقون : 6 ، وغيرها . الصفحة 202 على سبيل المثال : أ عن الإمام علي (عليه السلام) قال : " سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فذكرت ذلك للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فنزلت الآية المذكورة " (1) . ب وفي رواية أُخرى : وقال المؤمنون : ألا نستغفر لآبائنا كما استغفر إبراهيم ؟ فنزلت (2) . 3-اختلف في تفسير الآية ، فالبعض قال : تحمل معنى النفي لا معنى النهي ، أي : أن الآية تنفي عن الرسول أنّه كان يستغفر للمشركين ، لا أنّها تنهاه عن الاستغفار . إذاً كلّ من استغفر له الرسول فهو مؤمن ما دمنا نقرّ له بالنبوّة والعصمة ، والعمل الحقّ . 4-لو سلّّمنا بحديث البخاري ، فإنّ قول أبي طالب : على ملّة عبد المطّلب ، ليس سوى دليل على إيمانه ، أليست ملّة عبد المطّلب هي الحنفية ، ففي الحقيقة آمن أبو طالب طبقاً لهذه الرواية ، وأنّه أعلن عن إيمانه بشكل تورية ، حتّى لا يشعر به الكفّار من قريش آنذاك . والخلاصة : إنّ الآية لم تنزل بحقّ أبي طالب (عليه السلام) ، وإنّه مات مؤمناً لا مشركاً . ____________ 1- الغدير 8 / 12 ، مسند أحمد 1 / 99 و 131 ، الجامع الكبير 4 / 344 ، المستدرك على الصحيحين 2 / 335 ، فتح الباري 8 / 391 ، مسند أبي يعلى 1 / 458 ، كنز العمّال 2 / 421 ، جامع البيان 11 / 60 ، تفسير القرآن العظيم 2 / 407 ، الدرّ المنثور 3 / 282 ، فتح القدير 2 / 411 . 2- فتح الباري 8 / 391 ، جامع البيان 11 / 57 ، زاد المسير 3 / 345 ، أسباب نزول الآيات : 178 ، تاريخ مدينة دمشق 66 / 329 . الصفحة 203 ************* ( بدر . عمان ) الأدلّة على إيمانه من كتب الفريقين : السؤال: ما الأدلّة على إسلام أبي طالب ؟ الجواب : فقد أجمع علماء الشيعة على إسلام أبي طالب (عليه السلام) تبعاً لأئمّتهم (عليهم السلام) . والأحاديث الدالّة على إيمانه والواردة عن أهل بيت العصمة كثيرة ، وقد جمعها العلماء في كتب مفردة ، وكان من الكتب الأخيرة : " منية الراغب في إيمان أبي طالب " للشيخ الطبسي . وقد أُلّف في إثبات إيمانه الكثير من الكتب ، من السنّة والشيعة على حدّ سواء ، وقد أنهاها بعضهم إلى ثلاثين كتاباً ، ومنها كتاب : " أبو طالب مؤمن قريش " للأُستاذ عبد الله الخنيزي . هذا عدا البحوث المستفيضة المبثوثة في ثنايا الكتب والموسوعات ، ونخصّ بالذكر هنا ما جاء في كتاب " الغدير " للعلاّمة الأميني (قدس سره) في الجزء السابع والثامن منه . وقد نقل العلاّمة الأميني عن جماعة من أهل السنّة : أنّهم ذهبوا إلى ذلك أيضاً ، وكتبوا الكتب والبحوث في إثبات ذلك ، كالبرزنجي في " أسنى المطالب " ، والاجهوري ، والاسكافي ، وأبي القاسم البلخي ، وابن وحشي في شرحه لكتاب : " شهاب الأخبار " ، والتلمساني في " حاشية الشفاء " ، والشعراني ، وسبط ابن الجوزي ، والقرطبي ، والسبكي ، وأبي طاهر ، والسيوطي ، وغيرهم . بل لقد حكم عدد منهم كابن وحشي ، والاجهوري ، والتلمساني بأنّ من أبغض أبا طالب فقد كفر ، أو من يذكره بمكروه فهو كافر (1) . بعض الأدلّة على إيمان أبي طالب : 1- ما روي عن الأئمّة (عليهم السلام) والنبيّ (صلى الله عليه وآله) ممّا يدلّ على إيمانه ، وهم أعرف بأمر كهذا من كلّ أحد . ____________ 1- أُنظر : الغدير 7 / 381 . الصفحة 204 2- نصرته للنبيّ (صلى الله عليه وآله) وتحمّله تلك المشاق والصعاب العظيمة ، وتضحيته بمكانته في قومه ، وحتّى بولده ، أكبر دليل على إيمانه . 3- استدلّ سبط ابن الجوزي على إيمانه ، بأنّه لو كان أبو طالب كافراً ، لشنّع عليه معاوية وحزبه، والزبيريون وأعوانهم، وسائر أعداء الإمام علي (عليه السلام) (1) . 4- تصريحاته وأقواله الكثيرة جدّاً ، فإنّها كلّها ناطقة بإيمانه وإسلامه ، ومنها أشعاره التي عبّر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله : " فكلّ هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر ، لأنّه لم تكن آحادها متواترة ، فمجموعها يدلّ على أمر مشترك ، وهو تصديق محمّد (صلى الله عليه وآله) ومجموعها متواتر " (2) . 5- قد صرّح أبو طالب في وصيّته بأنّه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأنّ ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) قد قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن . وأوصى قريشاً بقبول دعوة الرسول ، ومتابعته على أمره ، ففي ذلك الرشاد والسعادة (3) . 6- ترحّم النبيّ (صلى الله عليه وآله) عليه ، واستغفاره له باستمرار ، وحزنه عليه عند موته ، وواضح أنّه لا يصحّ الترحم إلاّ على المسلم . 7- وبعد كلّ ما تقدّم نقول : إنّ إسلام أيّ شخص أو عدمه ، إنّما يستفاد من أُمور أربعة : أ من مواقفه العملية ، ومواقف أبي طالب قد بلغت الغاية التي ما بعدها غاية في الوضوح والدلالة على إخلاصه وتفانيه في الدفاع عن هذا الدين . ب من إقراراته اللسانية بالشهادتين ، ويكفي أن نشير إلى ذلك القدر الكثير منها في شعره في المناسبات المختلفة . ____________ 1- أبو طالب مؤمن قريش : 274 ، عن تذكرة الخواص : 11 . 2- شرح نهج البلاغة 14 / 78 . 3- روضة الواعظين : 140 ، الغدير 7 / 366 . الصفحة 205 ج من موقف النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) منه ، فالموقف المرضي ثابت منه (صلى الله عليه وآله) تجاه أبي طالب على أكمل وجه . د من إخبار المطّلعين على أحواله عن قرب وعن حسّ ، كأهل بيته ، ومن يعيشون معه ، وقد قلنا : إنّهم مجمعون على ذلك . بل إنّ نفس القائلين بكفره لمّا لم يستطيعوا إنكار مواقفه العملية ، ولا الطعن بتصريحاته اللسانية حاولوا : أن يشبّهوا على العامّة بكلام مبهم لا معنى له ؛ فقالوا : إنّه لم يكن منقاداً !! ومن أجل أن نوفي أبا طالب بعض حقّه ، نذكر بعض ما يدلّ على إيمانه ، ونترك سائره ، وهو يعدّ بالعشرات ، لأنّ المقام لا يتّسع لأكثر من أمثلة قليلة معدودة ، وهي : 1- قال العباس : يا رسول الله ، ما ترجو لأبي طالب ؟ قال : " كلّ الخير أرجوه من ربّي " (1) . 2- قال ابن أبي الحديد : " روي بأسانيد كثيرة ، بعضها عن العباس بن عبد المطّلب ، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة : أنّ أبا طالب ما مات حتّى قال : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله " (2) . 3- كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) رسالة مطوّلة لمعاوية جاء فيها : " ليس أُمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطّلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق " (3) . فإذا كان أبو طالب كافراً ، وأبو سفيان مسلماً ، فكيف يفضّل الكافر على ____________ 1- كنز العمّال 12 / 82 و 153 ، الغدير 7 / 373 و 386 ، الطبقات الكبرى 1 / 125 ، تاريخ مدينة دمشق 66 / 336 ، أنساب الأشراف : 25 . 2- خصائص أمير المؤمنين : 38 ، شرح نهج البلاغة 14 / 71 ، الغدير 7 / 369 . 3- شرح نهج البلاغة 3 / 17 و 15 / 117 ، الغدير 3 / 254 ، وقعة صفّين : 471 ، الإمامة والسياسة 1 / 138 ، المناقب : 256 . الصفحة 206 المسلم ، ثمّ لا يردّ عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان ؟! 4- ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : " إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأُمّي ، وعمّي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية " (1) . 5-وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً : " إنّ الله عزّ وجلّ قال له على لسان جبرائيل : حرّمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك " . أمّا الصلب فعبد الله ، وأمّا البطن فآمنة ، وأمّا الحجر فعمّه يعني أبا طالب ، وفاطمة بنت أسد وبمعناه غيره مع اختلاف يسير (2) . ************ ( ... السعودية ... ) كذب حديث الضحضاح : السؤال: ما هو رأيكم حول حديث الضحضاح ، وهو ما نقله بعض كتب العامّة مستدلاً به على عدم إيمان أبي طالب ، وهو كالآتي : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أبي طالب : " وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح " أو : " لعلّه تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه " (3) ؟ الجواب : هذا الحديث مردود وغير مقبول سنداً ودلالة لأمرين : الأوّل : رواة هذا الحديث ضعفاء في غاية الضعف ، وهم سفيان بن سعيد الثوري ، وعبد الملك بن عمير ، وعبد العزيز بن محمّد الدراوردي ، وهم بين مدلّس ، وسيء الحفظ ، وضعيف ، وكثير الغلط ، ومخلّط و ... (4) . إذاً ، هذا الحديث ساقط من حيث السند ، ولا يمكن الاستدلال به على ____________ 1- الغدير 7 / 378 ، تاريخ مدينة دمشق 66 / 340 ، الإصابة 7 / 203 . 2- الكافي 1 / 446 ، الأمالي للشيخ الصدوق : 703 ، روضة الواعظين : 67 ، الجواهر السنية : 218 ، الغدير 7 / 378 ، ينابيع المودّة 2 / 331 . 3- صحيح مسلم 1 / 135 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 581 . 4- ميزان الاعتدال 2 / 169 و 660 و 633 . الصفحة 207 المدّعى . الثاني : مضمون هذا الحديث يصطدم مع دلالة عشرات الأحاديث والأخبار التي تصرّح وتشير إلى إيمان أبي طالب (عليه السلام) ، وبهذا تسقط دلالته عن الحجّية لأجل التعارض المذكور . وبالجملة : فالحديث المذكور هو من وضع النواصب ، يظهرون به حقدهم للنيل من شخصية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فلو كان أبو طالب (عليه السلام) أباً لأحد خلفاء الجور لم تثار حوله هذه التهم والأكاذيب . والذي نرويه في أبي طالب : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال على جنازته : " وصلت رحماً وجزيت خيراً يا عم، فلقد ربّيت، وكفلت صغيراً، ونصرت وأزرت كبيراً " (1) ، وتألّم كثيراً على موته . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : " يا يونس ما يقول الناس في إيمان أبي طالب " ؟ قلت : جعلت فداك يقولون : هو في ضحضاح من نار يغلي منها أُمّ رأسه ، فقال : " كذب أعداء الله ، أنّ أبا طالب من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقا " (2) . وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه كان جالساً في الرحبة ، والناس حوله ، فقام إليه رجل فقال له : يا أمير المؤمنين إنّك بالمكان الذي أنزلك الله ، وأبوك معذّب في النار ، فقال له : " مه ، فضَّ الله فاك ، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً ، لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله ، أبي معذّب في النار وابنه قسيم الجنّة والنار ، والذي بعث محمّداً بالحقّ إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار ، نور محمّد ونور فاطمة ، ونور الحسن والحسين ، ونور ولده من الأئمّة ، إنّ نوره من نورنا ، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام " (3) . ____________ 1- شرح الأخبار 2 / 557 ، إعلام الورى 1 / 282 . 2- كنز الفوائد : 80 . 3- الأمالي للشيخ الطوسي : 305 و 702 . الصفحة 208 وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قيل له : إنّ الناس يزعمون أنّ أبا طالب في ضحضاح من نار ، فقال : " كذبوا ، ما بهذا نزل جبرائيل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) "، قلت : وبما نزل ؟ قال : " أتى جبرائيل في بعض ما كان عليه ، فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام ، ويقول لك : إنّ أصحاب الكهف اسرّوا الإيمان واظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرّتين ، وإنّ أبي طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك ، فأتاه أجره مرّتين ، وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من الله تعالى بالجنّة " . ثمّ قال (عليه السلام) : " كيف يصفونه بهذا وقد نزل جبرائيل ليلة مات أبو طالب : يا محمّد أخرج عن مكّة ، فما لك بها ناصر بعد أبي طالب " (1) . فهل من الصحيح أن نصدّق هؤلاء الرواة الكذّابين والمدلّسين في روايتهم هذه ؟ ونكذّب أهل البيت (عليهم السلام) الذين طهّرهم الله تطهيراً ؟ ********** ( محمّد ... ... ) ردّ بعض التهم الموجّهة إليه : السؤال: ما تقولون حول هذه الآية : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } (2) . فقد زعم بعض العامّة أنّها نزلت في أبي طالب ، إذ كان هو يمنع الأذى عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ولكن في نفس الوقت لم يؤمن به ، وهذا الإدعاء جاء في كتبهم اعتماداً على بعض الروايات (3) ؟ ____________ 1- بحار الأنوار 35 / 112 . 2- الأنعام : 26 . 3- المستدرك على الصحيحين 2 / 315 ، مجمع الزوائد 7 / 20 ، المعجم الكبير 12 / 104 ، جامع البيان 7 / 228 ، أسباب نزول الآيات : 144 ، الجامع لأحكام القرآن 6 / 406 تفسير القرآن العظيم 2 / 123 ، الدرّ المنثور 3 / 8 ، فتح القدير 2 / 108 ، الطبقات الكبرى 1 / 123 ، تاريخ مدينة دمشق 66 / 323 ، الإصابة 7 / 197 ، أنساب الأشراف : 26 ، البداية والنهاية 3 / 155 ، سبل الهدى والرشاد 2 / 431 . الصفحة 209 الجواب : هذا أيضاً من المزاعم المكذوبة في سبيل دعم الباطل ، ولا يبتني على هذا أيّ أساس علمي متين ، فإنّ الرواية المزعومة في الموضوع هي مرسلة فلا تكون حجّة ، هذا أوّلاً . ثانياً : إنّ الرواة المذكورين في الرواية لا يمتلكون المواصفات اللازمة للوثاقة ، فحبيب بن أبي ثابت كان مدلّساً ، ومغموزاً ، ولا يتابع على أحاديثه (1) . وسفيان الثوري أيضاً كان مدلّساً ، ويكتب عن الكذّابين (2) ، ثمّ مع هذا هل يبقى أدنى شكّ في كذب الحديث ؟!! ثالثاً : ورد عن ابن عباس بعدّة طرق ، ما يدلّ على أنّ الآية نزلت في حقّ مطلق المشركين بنحو عامّ ، وأيضاً جاء هذا التفسير الصحيح للآية عن الآخرين (3) . وبهذا يظهر القول الفصل في الآية ، ويفنّد مزاعم الكذّابين . رابعاً : الظهور الأوّلي المتبادر من الآية بغض النظر عن الروايات والتفاسير هو أنّ الفعلين المذكورين في الآية ينهون وينأون على نمط واحد في جهة الإيجاب أو السلب ، فلا يتبادر من الآية أنّ الفعل الأوّل ينهون هو أمر إيجابي ومطلوب ، وفي نفس الوقت الفعل الثاني ينأون مذموم ومردود ، بل الاثنان هما من طبيعة عمل الكفّار في قبال الإسلام والنبيّ ____________ 1- الثقات 4 / 137، التبيين لأسماء المدلّسين : 19، تهذيب التهذيب 2 / 157، طبقات المدلّسين : 37 ، تقريب التهذيب 1 / 183 . 2- تهذيب التهذيب 4 / 102 ، الجرح والتعديل 4 / 225 ، طبقات المدلّسين : 32 ، تقريب التهذيب 1 / 371 . 3- جامع البيان 7 / 227 ، أسباب نزول الآيات : 144 ، الجامع لأحكام القرآن 6 / 405 ، تفسير القرآن العظيم 2 / 132 ، الدرّ المنثور 3 / 9 ، تفسير الثعالبي 2 / 454 ، البداية والنهاية 3 / 155 ، السيرة النبوية لابن كثير 2 / 131 . الصفحة 210 (صلى الله عليه وآله) ، وهذا ما يؤيّده أيضاً سياق الآيات السابقة عليها ، إذ تصرّح بأنّ موضوع الآية هم الكفّار . خامساً : إنّ الرواية المزعومة متعارضة مع الأدلّة الصريحة على إيمان أبي طالب ، فيسقط الحديث المذكور عن الحجّية . الصفحة 211 </span> ![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |