![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
الفرق بين الفؤاد والقلب
موقع أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم أولاً- يطلق علماء اللغة لفظ { القلب } على لبِّ كل شيء وخالصه ، ويطلقونه أيضًا على اللحمة الصنوبرية المعروفة في الجانب الأيسر من صدر الإنسان ، ثم يطلقون لفظ { الفؤاد } على { القلب } ، فيعرِّفون كلاًّ منهما بالآخر . ومنهم من فرَّق بينهما بأن الفؤاد كالقلب ؛ لكن يقال له : فؤاد ، إذا اعتُبِر فيه معنى التفؤُّد . أي : التوقُّد . ومن أهل الحديث من فرَّق بينهما بأن الفؤاد هو غشاء القلب ، والقلبُ حبَّتُه وسُوَيْداؤُه . ودليلهم على ذلك الحديث الذي أخرجه البخاريُّ عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم ، قال :« أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا » . قال الخطَّابي معلِّلاً لوصف الأفئدة بالرقَّة ، والقلوب باللِّين :« لأن الفؤاد غشاء القلب ، فإذا رقَّ ، نفَذ القول وخلَص إلى ما وراءه ، وإذا غلظ ، بعُد وصوله إلى داخله ، وإذا كان القلب ليِّنًا ، علق كل ما يصادفه » . وقال صاحب ( فيض القدير ) معقِّبًا على الحديث السابق :« الفؤاد والقلب ، وإن كانا واحدًا ، على ما عليه الأكثر ؛ لكن الخبر ينبئ عن التمييز بينهما ، وهو أن الفؤاد سمِّي به لتفؤُّده ، والقلب سُمِّيَ قلبًا لكثرة تقلبه ؛ فكأنه أراد بالأفئدة ما يظهر منها للأبصار ، وبالقلوب ما يظهر منها للبصائر ». وفي ( النهاية في غريب الحديث والأثر ) لابن الأثير :« الفؤاد : القلب . وقيل : وسطه . وقيل : الفؤاد : غِشَاء القلب ، والقلبُ حَبَّتُه وسُوَيْدَاؤُه ، وجمعه : أفئدة » . وسئل الدكتور حسام النعيمي في برنامج ( لمسات بيانية ) عن الفرق بين الفؤاد والقلب ، فذكر في جوابه بعض الأقوال السابقة ، واختار منها القول الذي ينصُّ على أن المراد بالفؤاد : غشاء القلب ، ثم قال :« عندما نقول : اخترنا هذا المعنى ، لا نعني أننا نلغي المعاني الأخرى ؛ لأن هذا كلام وآراء علمائنا .. لكن لنا أن نختار عندما يقال : كذا وكذا ، وعندنا أكثر من رأي للعلماء من خلال إطلاعهم على لغة العرب .. الشاهد الذي بين أيدينا يقوِّي الاختيار ؛ ففي الحديث :« أَتاكم أَهلُ اليمن ، هم أَرقُّ أَفئِدةً وأَلْيَنُ قلوبًا» ، ذكر الفؤاد والقلب ، وذكر الفؤاد بالرقّة ، وهي الشفافية للشيء الرقيق ، واللين للشيء السميك الذي له بُعد . فالقلب ليِّن ، والفؤاد رقيق » . وانتهى الدكتور النعيمي من ذلك إلى القول :« الفؤاد هو الغشاء الذي يغطِّي ، والحديث الذي بين أيدينا ، يوضِّح ذلك بشكل لا لبس فيه ؛ لأنه استعمل الكلمتين في مكان واحد ، واستعمل للفؤاد الرقة ، وللقلب اللين . واللين غير الرقة .. والله أعلم ! » . ويتحصل مما تقدم أن في الفؤاد أقوال أشهرها ثلاثة : الأول : الفؤاد هو القلب ، وعليه أكثر العلماء . والثاني : الفؤاد هو عين القلب ، أو باطنه ، أو وسطه . والثالث : الفؤاد هو غشاء القلب . والقلبُ حبَّتُه وسُوَيْداؤُه . واختار الدكتور النعيمي من هذه الأقوال المضطربة والمتناقضة القول الثالث دون أن يلغي الأقوال الأخرى ؛ لأنها- على حدِّ تعبيره- كلام وآراء علمائنا ، لنا أن نختار من أقوالهم ما نشاء ، وليس لنا أن نلغي قولاً من تلك الأقوال . ثانيًا- ونعود بعد هذا إلى الحديث الشريف ، وهو الشاهد الذي اعتمد عليه أهل الحديث في التفريق بين { الفؤاد } ، و{ القلب } ، واعتمد عليه الدكتور النعيمي في اختياره لمعنى الفؤاد بأنه غشاء القلب ، والذي يوضِّح هذا المعنى- كما قال- بشكل لا لبس فيه ؛ لأنه استعمل الفؤاد ، والقلب في مكان واحد ، ثم استعمل للفؤاد الرقة ، وللقلب اللين :« أَتاكم أَهلُ اليمن ، هم أَرقُّ أَفئِدةً وأَلْيَنُ قلوبًا»، ونسأل : هل الفؤاد هو غشاء القلب حقًّا ؟ وهل الحديث يوضِّح هذا المعنى بشكل لا لبس فيه ؟ ثم نقول : كيف يوضِّح الحديث هذا المعنى ، وهو يغاير بين الأفئدة والقلوب ؟ فالأفئدة شيء ، والقلوب شيء آخر بنصِّ الحديث نفسه . ومثله ما رواه الديلمي عن عوف بن مالك الأشجعي ، عن النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم ، قال :« كلوا السفرجل ؛ فإنه يُجِمُّ الفؤاد ، ويشجِّع القلب ، ويحسِّن الولد » ، فغاير بين الفؤاد ، والقلب . أما نسبة الرقة إلى الأفئدة ، واللين إلى القلوب فلا تعني أبدًا أن الأفئدة هي أغشية القلوب . وإذا كان لعلمائنا العذر في تفسيرهم للفؤاد بالقلب أو بغشائه أو بباطنه ، فليس لنا نحن العذر في ذلك أبدًا ؛ لأننا نعيش في عصر غير عصرهم . ولو أنهم بعثوا من قبورهم وعاشوا في عصرنا ، لألغوا هم بأنفسهم كثيرًا من أقوالهم ، وبدَّلوا الكثير منها بأقوال أخرى غيرها ؛ كقولهم هنا : إن الفؤاد هو القلب ، أو غشاؤه ، والقلب هو حبَّته وسويداؤه ، أو نحو ذلك من الأقوال التي لا تجدي نفعًا ، ولا تفسر معنى . ومن يتتبع استعمال لفظ { القلب } ، ولفظ { الفؤاد } في اللغة والقرآن والحديث ، يجد أن بينهما فرقًا من وجهين : أحدهما : أن { القلب } في الأصل مصدر سُمِّيَ به الجسم الصنوبري المعروف ، ويجمع على : قلوب ، واشتقاقه من ( القاف واللام والباء ) ، وهو- على ما قال ابن فارس- أصلان صحيحان :« أحدهما : يدلُّ على خالصِ شيءٍ وشريفه . والآخر : على ردِّ شيء من جهة إلى جهة . فالأول : القلب : قلب الإنسان وغيره ، سمِّي ؛ لأنه أخلص شيء فيه وأرفعه . وخالصُ كل شيء وأشرفُه : قلبُه . والآخر : قَلَبْتُ الثوبَ قَلْبًا » . وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال :« إنما سمِّي القلب قلبًا ؛ لأنه يتقلَّب » ؛ وكأنه ذهب به إلى الأصل الآخر الذي ذكره ابن فارس ، وجعله أصلاً للأول ، ودليله عليه قول رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم :« مَثَلُ القلب مَثَلُ ريشة بفلاة من الأرض تقلِّبها الرياح ظهرًا لبطن » . وعن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول :« قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرِّفها حيث شاء » . وكان رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم يقول في دعائه :« يا مُصِرِّفَ القلوب ! صَرِّفْ قلوبنا إلى طاعتك » . أما { الفؤاد } فهو اسم مأخوذ من قولهم : فَأدْتُ اللحمَ وافتأدته ، إذا شويته ، ويجمع على : أفئدة . و( الفاء والألف والدال )- على ما قال ابن فارس- « أصل صحيح يدل على حُمَّى ، وشدَّةِ حَرارة ؛ من ذلك : فأدت اللحم : شويته » . وقال الخليل :« وسُمِّيَ الفؤادُ لِتَفَؤُّدهِ . أي : لِتَوَقُّده . وفُئِِدَ الرجلُ فهو مَفؤودٌ . أي : أصابَه داءٌ في فؤاده » . وفي اللسان :« فأَدَهُ يَفْأَدُهُ فَأْدًا : أَصابَ فؤادَه . وفَئِدَ فَأَدًا : شكا فُؤَادَه ، وأَصابه داء في فؤاده ، فهو مَفؤُودٌ » . فالمَفْؤُودُ هو الذي أُصيبَ فؤادُه . ومثله المَصْدُور الذي أُصيب صدرُه ، والمَقْلوبُ الذي أُصيبَ قلْبُه . وفي تفصيل أوصاف الجبان وترتيبها قالوا :« رجل جبانٌ ، وهيَّابةٌ ، ثم مَفْؤودٌ ، إذا كان ضعيف الفؤاد ، ثم وَرَعٌ ضَرَعٌ ، بتحريك الأول والثاني ، إذا كان ضعيف القلب والبدن » . ويتحصَّل من ذلك : أن القلب في الأصل مصدر سمِّي به الجسم الصنوبري قلبًا لتقلُّبه ، ومادته { قلب يقلب } ، وأن الفؤاد في الأصل اسم سمِّي به الفؤاد فؤادًا لتفؤُّده ، ومادته { فأد يفأد } ، والمادتان مختلفتان لفظًا ومعنى . والوجه الثاني : أن { القلب } مقرُّه الجانب الأيسر من صدر الإنسان ، وإليه الإشارة بقول الله عز وجل :﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾(الحج: 46) ، وهو العضو الرئيس في الدورة الدموية والمسئول عن مدِّ خلايا الجسم بالغذاء والطاقة ، وعليه أن يوفر لكل جهاز من أجهزة الجسم ما يكفيه من الغذاء في حالتي الاعتدال والتفريط . ويرى العلماء أن أي تقصير في عمل القلب سوف ينعكس سلبًا على الجسد كله . وهذا ما يشير إليه الحديث الشريف :« ألا ، وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا ، وهي القلب » . والمضغة هي القطعة من اللحم ، وهي بقدْر ما يُمضَغ . وعُبِّر بها- هنا- عن مقدار القلب في الرؤية ، وخُصَّ القلب بذلك ؛ لأنه أميرُ الجسد كله ، وبصلاح الأمير تصلُح الرعيَّة ، وبفساده تفسُدُ . وفيه تنبيهٌ على تعظيمِ قَدْر القلب ، والحثِّ على صلاحه وسلامته ؛ إذ لا ينفع عند الله إلا القلبُ السليم ؛ كما قال تعالى :﴿ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾(الشعراء: 88-89) ، وكان النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول في دعائه :« اللهم إني أسألك قلبًا سليمًا » . وفي مسند الإمام أحمد عن أنس عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، قال :« لا يستقيم إيمانُ عبد حتى يستقيمَ قلبُه » . أما { الفؤاد } فمقرُّه مُخُّ الإنسان ، وهو أحد المناطق التكليفية العقلية العليا في المخ ، وهي السمع والبصر والفؤاد ، وإليها الإشارة بقول الله عز وجل :﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾(الإسراء: 36) ، وقد أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن هذه المناطق تتعامل مع المسموعات والمرئيَّات بكفاءة عالية ، لم يتم الكشف عنها إلا مؤخرًا ؛ فالإنسان يسمع أولاً وينفعل بما يسمع ، ويبصر ثانيًا وينفعل بما يبصر ،ثم يتفأَّد بما يسمع ويبصر . وبتعبير آخر : إن اكتساب العلوم والمعارف إنما يحصل بعد الانتقال من مرحلة الإدراك الحسي بالسمع والبصر إلى مرحلة الإدراك العقلي . وهذه هي طريقة تعلم المعارف والخبرات ، وكلها تجيء بحسب الترتيب الذي ذكره القرآن ، وهو الإدراك الحسي أولاً ، ثم الإدراك العقلي ثانيًا . ودليل ذلك واضح في أن الطفل يولد لا يعلم شيئًا ، ثم تتوالى عليه المدركات الحسية وتتكاثر عن طريق السمع ثم البصر ، فإذا ما صارت مجموعة المدركات الحسية كافية ، يأتي دور الفؤاد ؛ ليعقل ويعي ما أدركه الطفل منها بحواسه . وهذا ما أشارت إليه الآية القرآنية الكريمة :﴿ وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾(النحل: 78) . وقد لاحظ العلماء أن مركز السمع يتقدم مركز البصر في مُخِّ الإنسان ، حيث يوجد الأول في الفصِّ الصدْغي الأمامي من المخ ، وهو المسئول عن فهم اللغة المنطوقة من الآخرين والمسموعة من الفرد وأداته الأذن ، ويوجد الثاني في الفص المؤخري من المخ ، وهو المسئول عن فهم اللغة المكتوبة من الآخرين والمقروءة من الفرد وأداته العين . وبين هذين المركزين يوجد الفؤاد بمناطقة المتعددة ؛ كمناطق العواطف والغرائز والإحساس بالألم والاختيار بين البدائل . وقد كشف العلماء عن وجود منطقة في وسط الفؤاد تسمَّى منطقة { البيان } ، وتعرف بمنطقة { فيرنيكا } ، وهي المنطقة البينية المسئولة عن فهم كل من اللغة المنطوقة والمكتوبة . وتعطيل هذه المناطق الثلاثة – أعني : السمع والبصر والبيان- يؤدي إلى أن يصبح الإنسان أََصَمَّ لا يسمع ، وأَعْمَى لا يبصر ، وأَبْكَمَ لا ينطق . وهذا ما عبَّرت عنه الآية القرآنية الكريمة في وصف المنافقين والكافرين :﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ﴾(البقرة: 18-171) ، تأمل كيف أتى لفظ { بُكْمٍ } متوسِّطًا بين لفظ { صُّمٍّ } و{ عُمْيٍِ } ، إشارة إلى موقع منطقة { البيان } بين مركز السمع من الأمام ، ومركز البصر من الخلف في المخِّ . و{ البُكْمُ }- كما جاء في لسان العرب- هم { المسلوبو الأفئدة } ، مفرده : أبكم ، واشتقاقه من : بَكَم . والبَكَمُ بفتحتين : الخَرَسُ مع عِيٍّ وبَلَهٍ . يقال : بَكِمَ فهو أَبْكَمُ . وفي الفرق بين الأخرس ، والأبكم قال الأَزهري :« الأَخْرسُ خُلِقَ ولا نُطْقَ له ؛ كالبَهيمة العَجْماء . والأَبْكَمُ الذي للسانه نُطْقٌ ، وهو لا يعْقِل الجوابَ ، ولا يُحْسِن وَجْه الكلام » . وخلاف الأبكم : الفصيح الذي يعقل الجواب . وقد ضرب الله تعالى المثل بهما في بقوله :﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾(النحل:76) . وهكذا يشير قول الله عز وجل ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ﴾ في إعجاز باهر إلى المنطقة البينية التي هي إحدى مناطق الفؤاد في مخ الإنسان ، والتي تقع بين مناطق السمع والبصر ، وفيها يتم عقل البيان ، وتربطها ألياف ترابطية بمنطقة { بروكا } المسئولة عن إصدار اللغة المنطوقة، والتي تقع في الفص الجبهي السائد من المخ . وقد صدق الشاعر العربي إذ قال : إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا وقيل : إنما قال :« إِنَّ الْبَيَانَ لَفِي الْفُؤَادِ ... » . وما أحسن قول الباخرزي : قالَتْ : وقد فتَّشْتُ عنها كلّ منْ ... لاقيتُهُ منْ حاضرٍ ، أَو بادِي أَنا في فُؤادِكَ فارْمِ لَحْظكَ نحوهُ ... تَرَنِي فقلتُ لها : وأَينَ فُؤادي ثالثًا- ونقرأ قول الله تعالى :﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ﴾(القصص: 10) ، فنجد في وصف فؤاد أم موسى بالفراغ إشارة واضحة إلى فقدان الذاكرة . فبعد أن ألقت الأم بابنها الرضيع في اليمِّ والتقطه فرعون ، أصيبت بصدمة فقدت على أثرها ذاكرتها ، فأصبح فؤادها فارغًا من الوعد الذي تلقته من الله تعالى ، قبل أن تلقي بابنها في اليمِّ . لقد أنساها عِظَمُ البلاء ما كان من وعد الله تعالى لها ، وعهده إليها أن يرد إليها ابنها ، وكادت لتبديَ به ، لولا أن ربط الله على قلبها . والربْطُ على القلب : تأنيسُه وتقويتُه . رويَ عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أنه قال :« كادت أمُّ موسى أن تقول : وا ابناه ! وتخرجَ سائحةً على وجهها » .. ففؤاد أم موسى أصبح معطلاً ، بينما كان قلبها- صاحب اليد العليا- في هذه القضية حاضرًا . وهذا يؤكد أن الفؤاد أداة من أدوات القلب ، مثله في ذلك مثل السمع والبصر .
آخر تعديل السيد عباس ابو الحسن يوم
10-19-2011 في 06:55 AM.
|
|
|
![]() |
![]() |
![]() |