![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
لفرق بين شَرَى واشْتَرَى في التعبير القرآني
موقع أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم قال الله تعالى في سورة يوسف : ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ * َقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾(يوسف:20-21) ، فاستعمل سبحانه الفعل :( شرى ) في الآية الأولى ، والفعل :( اشترى ) في الثانية ، فدل أن بينهما فرثًا في المعنى ، فما هذا الفرق ؟ أولاً- ويجيب الدكتور أنس العمايرة عن ذلك ، فيقول : ( شَرَى واشْتَرَى ) كلمتان قرآنيتان متفقتان في الجذر اللغوي : ( شري ) ، كثير من أصحاب المعاجم ساوى بين الصيغتين ؛ كابن فارس في المقاييس ، وابن منظور في اللسان ؛ إذ يقول : « شَرى الشيءَ يَشْريه شِرىً وشِراءً واشْتَراه سَواءٌ ، وشَراهُ واشْتَراه ُ: باعَه . قال الله تعالى :﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ﴾ (يوسف:20) » . وكذا الفيروزآبادي ؛ إذ يقول :« شَراهُ يَشْرِيه : مَلَكَه بالبيع ، وباعَهُ كاشْتَرَى ... وكلُّ مَنْ تَرَكَ شيئاً ، وتَمَسَّكَ بغيرِهِ ، فقَدِ اشْتَراهُ ؛ ومنه :﴿ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بالهُدَى ﴾ » . وإلى ذلك ذهب الرازي ، والفيومي ، وهو مذهب الجوهري وأبي البقاء ؛ إذ يقول : « كل من ترك شيئا ، وتمسك بغيره ، فقد اشتراه » . ويوضح ذلك الفيومي ، فيقول : « وإنما ساغ أن يكون الشراء من الأضداد ؛ لأن المتبايعين تبايعًا الثمن والمثمن ، فكلّ من العوضين مبيع من جانب ، ومشري من جانب » . وإلى ذلك ذهب بعض المفسرين كالبغوي الذي يرى أن كلتيهما تؤديان نفس المعنى ، فيقول :« ﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ﴾(النساء:74) قيل : نزلت في المنافقين . ومعنى يشرون . أي : يشترون » . وإلى ذلك ذهب القرطبي ، و الشوكاني ؛ إلا أن بينهما تضادًّا في المعنى ، في لغة القرآن ، كما سيتضح لك ذلك بعد قليل . حول الأصل اللغوي : الكلمتان يجمعهما الأصوات الثلاثة : ( ش ر ي ) ، وهي دالة في أصل اللغة على : البيع والشراء مُمَاثَلةً ، وفي ذلك يقول ابن فارس : « الشين والراء والحرف المعتل أصول ثلاثة : أحدهما : يدل على تعارض من الاثنين في أمرين أخذًا وإعطاءً مُمَاثَلةً ، والآخر : نبتٌ ، والثالث : هَيْجٌ في الشيء وعلُوّ .. فالأول قولهم : شَرَيتُ الشيء واشتريتُه ؛ إذا أخذته من صاحبه بثمنه . وربما قالوا : شريتُ ؛ إذا بعتَ ، قال الله تعالى : ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ﴾(يوسف:20) ، ومما يدل على المماثلة قولهم : هذا شَرْوَى هذا . أي : مِثْلُه . وفُلاَنٌ شَروَى فلانٍ ... » . وقال شهاب الدين الهائم المصري (ت:815) :« ﴿ اشتروا الضلالة بالهدى ﴾ : استبدلوا . وأصل هذا أن من اشترى شيئا بشيء فقد استبدل منه . واشتقاق الاشتراء من الشروى ، وهو: الميل ؛ لأن المشترى يعطى شيئًا ويأخذ شيئًا . والاشتراء : أخذ الشيء الثَمِن عِوَضًَا ، وهو الابتياع ، والشراء : البيع ، يمد ويقصر ، ومنه : ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾(يوسف:20)، ويستعمل للابتياع ، كما يستعمل الاشتراء للبيع أيضًا ، والباء تدخل على المتروك » . قال الراغب :« الشراء والبيع متلازمان ، فالمشترى دافع الثَّمَن وآخذ المُثْمَنِ ، والبائع دافع المُثْمَنِ وآخذا الثَّمَن ، هذا إذا كانت المُبايعة والمُشَارَاةُ بِنَاضٍّ وسِلْعَةٍ . فأما إذا كان بيع سلعة بسلعة صح أن يُتَصَورَ كلُ واحد منهما مُشتريًا وبائعًا ؛ ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء يستعمل كل واحد منهما في موضع الآخر ... ويجوز الشراء والاشتراء في كل ما يَحْصُلُ به شئٌ ؛ نحو : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾(آل عمران:77) ... » . 1- شَرَى ( بـاع وأخذ الثمن ) ( شَرَى ) فعل ماض ثلاثي ، ورد في القرآن الكريم في أربعة مواضع بالصيغ التالية : ( شَرَوْا ، َشَرَوْه ُ، يَشْرِي ، يَشْرُونَ ) ، وجاءت كلها بمعنى : بـاع وأخذ الثمن ، سواء أكان البيع لسلعة ، أم للدنيا ، أم للنفس . وهذا موافق لِما ذهب إليه أكثر العرب ، يقول الأزهري : « وللعرب في شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان ، فالأَكثر منهما أَن يكون شَرَوا : باعُوا ، واشْتَرَوا : ابْتاعوا . وربما جعلُوهما بمَعنى : باعوا » . وقال الراغب :« وشريت بمعنى: بعت أكثر» . وجاء في المعجم الوسيط : « شراه: باعه ؛ ومن ذلك قوله تعالى :﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾(يوسف:20) ، فالآية تتحدث عن يوسف عليه السلام، وتخبر أن الذين أخرجوه من البئر قاموا ببيعه مقابل ثمن قليل » . ومثلها كذلك: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ﴾(النساء:74) . أي : يبيعون الحياة الدنيا لله مقابل الأجر والثواب والجنة في الآخرة . وقال تعالى :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ﴾(البقرة:207) . أي : يبيع نفسه لله لنيل مرضاته وجنته ، وكذا قوله تعالى :﴿ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:102) ؛ إذ تتحدث عن اليهود ، فقد باعوا أنفسهم وحرموها الجنة والإيمان مقابل عرض زائل في الدنيا . قال ابن كثير: « أي بئس البديل ما استبدلوا به من السحر عوضا عن الإيمان ومتابعة الرسول لو كان لهم علم بما وُعِظوا به » . فإذن : هذه أربعة مواضع– لا خامس لها- ذُكِرتْ فيها الكلمة ، وجاءت كلها بمعنى : باع ، وبالتالي أستطيع أن أجزم أن معنى هذه الكلمة في القرآن هو : باع ، وإن ساوت معظم كتب اللغة بينها ، وبين اشترى على عادتها في التوسعة في الاستعمال اللغوي . ومن الملاحظ أن ( باء البدل ) دخلت على المأخوذ دون المتروك . أي : دخلت على المادة المأخوذة ، لا على المادة المتروكة ، فدخلت على ( الدراهم ) التي أخذها من ترك يوسف وباعه ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ﴾ ، وكذا دخلت على الآخرة في قوله تعالى :﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ﴾ ، وهذا خلاف لما تقرره كتب اللغة من أن الباء تدخل على المتروك . 2- اشْتَرَى ( أخذ السلعة ودفع الثمن ) ( اشْتَرَى ) فعل ماض خماسي ، ورد بالاشتقاقات التالية : ( اشْتَرَى ، اشْتَرَاه ، اشْتَرَوُا، يَشْتَرِي ، يَشْتَرُونَ ، وَلا تَشْتَرُوا ، لا نَشْتَرِي ، لِيَشْتَرُوا ) . وقد ورد في القرآن الكريم إحدى وعشرين مرة ، كلها كانت بمعنى : دفع الثمن وأخذ ما يقابله . جاء في المعجم الوسيط :« واشتراه : أخذه بثمن . من ذلك قوله تعالى :﴿ َقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾(يوسف:21) . أي : الذي دفع الثمن وأخذ يوسف من الذين باعوه . وقال تعالى :﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾(البقرة:102) ، الحديث عن اليهود السحرة الذين نبذوا التوراة وراء ظهورهم وكذبوا محمدًا e ، هؤلاء علموا أن ليس لهم نصيب في الآخرة ؛ لأنهم استبدلوا السحر بالإيمان ، فهم باعوا الإيمان والإسلام الذي جاء به سيد الأنام e مقابل أخذهم السحر وعملهم به . فمعنى اشتراه هنا : أخذه ، والضمير عائد على السحر . وقال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ﴾(التوبة:111) . أي : اشترى الله Y أنفس المؤمنين وأخذها منهم– وذلك في جهاد الأعداء- وأعطاهم الثمن وهو الجنة . وقال تعالى :﴿ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً ﴾(المائدة:106) . أي : لا نأخذ مقابل قَسَمِنَا وحلفِنا كاذبين عوضًا » . وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ (البقرة:16) . أي : أخذوا الضلالة وفضلوها ودفعوا الهدى واستغنوا عنه واستبدلوه . وقريب من هذا المعنى كل من الآيات التالية :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾(البقرة:86) ، ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾(البقرة:90) ، ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ﴾(البقرة:175) ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالأِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(آل عمران:177) ، ﴿ اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ (التوبة:9) ، ﴿ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾(آل عمران:187) ، ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾(البقرة:79) ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ ﴾(البقرة:174) ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ ﴾(آل عمران:77) ، ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴾(النساء:44) ، ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً ﴾(لقمان:6) ، إما أخذ الغناء مقابل الثمن ، أو أخذ الشرك مقابل الإيمان ، أو اختيار حديث الباطل على حديث الحق ، أو ما يضر على ما ينفع . وجاء بالنفي في موضع :﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾(آل عمران:199) ، وهو إخبار ومدح لفئة من أهل الكتاب المؤمنين بمحمد e الذين من صفاتهم أنهم لا يأخذون ثمنا قليلاً مقابل آيات الله . ![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |