![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
آية التطهيروالعصمة سماحة العلامة الشيخ مهدي البحراني موقع دار السيدة رقية ع للقرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(1) تعتبر هذه الآية الكريمة من أبرز الآيات الدالة على فضل اهل البيت(عليهم السلام) وعصمتهم ولكي نتعرف على ذلك لابد من التأمل في الألفاظ الواردة في الآية المباركة، وهي: الرجس، والارادة ـ (فهل هي ارادة تكوينية او تشريعية) وما هو الفرق بينهما، واهل البيت، فمن هم أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله). ـ اما الرجس: فهو لغة: القَذَر. من الرجاسة وهي القذارة. والقذارة قد تكون بحسب ظاهر الشيء، وهي هيئة في الشيء توجب التجنب والتنفر منه. كرجاسة الخنزير. قال تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}(2). وقد تكون بحسب باطنه. وهي الرجاسة والقذارة المعنوية ـ كالشرك والكفر أو العمل السيئ. قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ}(3). وقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ}(4) حيث ان الاوثان لا رجس فيها بذاتها وانما يكون الرجس في عبادتها من دون الله تعالى ـ أي الشرك ـ الذي هو من الامور الباطنية والمعنوية. قال الفخر الرازي في تفسيره(5) : الرجس في الاصل الشيء القذر... وقيل يقع على الاثم وعلى العذاب وعلى النجاسة وعلى النقائص. وقال الراغب في مفرداته(6): الرجس يعني الشيءالقذر سواء من ناحية كونه قذراً منفراً لطبع الانسان. أو بحكم العقل أو الشرع أو جميعها، فالرجس له أربع حالات من حيث طبع الانسان و من حيث ما هو خارج عن طبعه، وفسره في بعض التعابير بأنه الذنب أو الشرك أو العقيدة الباطلة أو البخل أو الحسد. وبالتأمل في الآيات الكريمة نستكشف منها ان للرجس مراتب متفاوتة ـ مادية ظاهرية ـ و معنوية باطنية، ويتصف به العمل كما يتصف به المتلبس بذلك العمل. ويتعلق بالاعتقادات الباطلة كما يتعلق بالأخلاق والسلوك والملكات. بل يتعلق بالقلب وتوجه النفس. وبحكم الضدية الواقعة بين الرجس والطهارة نجد تلكم المراتب ثابتة للطهارة أيضاً فهي قد تكون ظاهرية وتتعلق بالامور المادية. وقد تكون معنوية وتتصف بها الامور الباطنية. ويشير الى الاولى قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ}(7). حيث ان من الواضح كون هذه الطهارة المكتسبة من الماء هي تلك الطهارة المادية الظاهرية وأيضاً قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ}(8) . ويشير الى الثانية قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ}(9) فانه يشير الى نوع آخر من الطهارة ـ وهي الباطنية ـ. هذا و بما أن ـ أل ـ في لفظ ـ الرجس ـ الوارد في الآية تفيد العموم، لأنها للجنس و ليست للعهد. فعليه يكون معنى الآية المباركة ان الله شاء أن يبعد كل أنواع الرجس عنهم(عليهم السلام). فهم ـ نظراً لاطلاق لفظ الرجس ولما له من معنى واسع يشكل كل أنواعه من الذنب والشرك والبخل والحسد والفسوق الظاهري والباطني والأخلاق والعادات السيئة التي تشمئز منها النفوسـ مطهرون بارادة الله من كل هذه الامور. وبذلك تكون الآية مثبتة لعصمة النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وان ارادته تعالى: لابد وان تتحقق في ابعاد الرجس عن هذه الاسرة النبوية وهذا لايعني سوى (ضمان عصمتهم) مفهوماً. لبداهة كون الشرك والذنب من أجلى مصاديق الرجس والقذارة. ولاشك أن نفي الرجس بشكل مطلق يقتضي نفي الذنوب مطلقاً. كما ان وجود لفظ (انما) الدال على الحصر ـ وضعاً ـ وظهوراً ـ في الآية. دليل على ان هذه المنقبة خاصة بأهل البيت(عليهم السلام) قال العلامة في ميزانه(10): ففي الآية قصران قصر الارادة في اذهاب الرجس والتطهير وقصر اذهاب الرجس والتطهير في اهل البيت(عليهم السلام). وأما (الارادة): فهل في قوله تعالى: يريد الله. الارادة التشريعية أو التكوينية، وبعبارة اخرى: هل ان الله تعالى أمر أهل البيت بعدم ارتكاب الذنوب والقبائح، أو أنه تعالى زرع الطهارة في نفوسهم؟ بديهي أن المراد ليس المعنى الأول (التشريعية) لعدم انحصار الارادة التشريعية (التكليف باداء الواجبات وترك المحرمات) بأهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) بل هي شاملة كل الناس بلا استثناء في حين ان وجود لفظ انما في الآية يدل على اختصاص وانحصار الامر في أهل البيت(عليهم السلام). فالارادة هنا تكوينية إذن ـ لكن ليس بذلك المعنى الذي يستلزم القول بالجبر وأن أهل البيت(عليهم السلام) مجبورون بالعصمة بل المراد ان الائمة(عليهم السلام) كالأنبياء(عليهم السلام) ـ وكما سيأتي الحديث عن ذلك لا يذنبون مع قدرتهم على ارتكاب الذنب، لأن الله تعالى قد منحهم سلسلة من المعارف والمبادئ الفطرية التي تدعوهم الى الطهارة من قبيل ما نجده في مثل العاقل الذي تمنعه معرفته ومبادؤه الفطرية من خروجه الى الشارع عارياً أو أكله القذارات، مع قدرته على ذلك. ان المعصومين(عليهم السلام) يمتلكون نوعين من القابلية (لياقة ذاتية موهوبة) لهم من قبل الله تعالى ـ ليكونوا اسوة للناس ـ (ولياقة اكتسابية من خلال اعمالهم وملكاتهم الداخلية، ومن مجموع هاتين القابليتين التي لا تخلو إحداهما على أقل تقدير عن صبغة اختيارية. ليحصل لهم هذا المقام السامي. وبتعبير آخر ان المشيئة الالهية توفر الارضية للتوفيق الى بلوغ هذا المقام الشامخ. حتى يكون ترك الذنب بالنسبة لهم محالاً عادياً. لا عقلياً، تماماً كما يستحيل على انسان عالم مؤمن أن يصطحب معه الى المسجد خمراً، وكما يستحيل أن يأخذ العاقل الجمرة بيده ـ فان هذا الاستحالة ليست جبرية وعن كره بل هي ناتجة عن اختيارهما. فالاستحالة هنا ليست عقلية ـ لتستلزم الجبر ـ بل هل استحالة طبيعية وعادية. بمعنىان العرف يرىان صدور مثل هذا العمل من المؤمن و العاقل مستحيل من دون تعارض مع كونه فعلاً اختيارياً له. وعين هذا يقال بالنسبة للأنبياء والأئمة(عليهم السلام) فمن المحال صدور الذنب منهم ـ نتيجة اللطف الالهي بهم ـ و ان كانوا قادرين على ذلك. وهذا اللطف الالهي ـ كسائر الالطاف الالهية ـ ليس اعتباطياً بل يخضع لحسابات خاصة. كما يشير القرآن الكريم الىذلك في شأن ابراهيم الخليل(عليه السلام) حيث جعله للناس اماماً بعد فلاحه في تجاوز الابتلاءات الالهية اذ يقول: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(11). وإذا لاحظنا بعض الأحاديث الشريفة نجدها تفسر لنا ذلك اللطف الالهي ـ العصمة ـ والوجه في اشتراطه في الامامة: فقد جاء في حديث عن الامام الثامن علي بن موسى الرضا(عليه السلام): (هو معصوم مؤيد موفق مسدد قد امن الخطايا والزلل والعثار يخصه الله بذلك ليكون حجة على عباده و شاهده على خلقه)(12) . وعن الامام أمير المؤمنين(عليه السلام): (ان الله انما امر بطاعة رسوله لانه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية الله وانما امر بطاعة اولي الأمر لانهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية الله، فهم أولوا الأمر والطاعة لهم مفروضة من الله ورسوله لا طاعة لأحد سواهم) كما في قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}(13). ![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |