![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 127 -------------------------------------------------------------------------------- المسألة الثانية عشرة قال الدكتور البوطي في محاضرته بلندن في مؤتمر الغدير: وأحاسب كل مسلم بقطع النظر عن انتمائه فلا أجد مسلما صادقا مع الله إلا وكان مقتديا بآل بيت رسول الله (عليه السلام). والله الذي لا إله إلا هو لو أن عليا - كرم الله وجهه - اتخذ يوم السقيفة موقفا مستقلا، اتخذ يوم استخلاف أبي بكر لعمر موقفا مستقلا أو يوم الشورى التي بويع على أعقابها لعثمان موقفا مستقلا إذن لتركنا كل نهج واتبعنا نهج علي. ويكرر القسم في آخر كلامه قائلا: ووالله أقولها ثانية لو أن الإمام عليا كرم الله وجهه ورضي الله عنه وعليه السلام اتخذ موقفا مستقلا في عهد من هذه العهود لتركنا كل خط دون خطه (1). فأقول: الناس كافة يعلمون أن الإمام وسائر أوليائه من بني هاشم وغيرهم، لم يشهدوا البيعة، ولا دخلوا السقيفة يومئذ وكانوا في معزل عنها وعن كل ما كان فيها، منصرفين كلهم إلى خطبهم الفادح بوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقيامهم بالواجب من تجهيزه لا يعنون بغير ذلك وما واروه في ضريحه الأقدس حتى أكمل أهل السقيفة أمرهم، فأبرموا البيعة وأحكموا العقد وأجمعوا - أخذا بالحزم - على منع كل قول أو فعل يوهن بيعتهم، أو ____________ (1) مجلة الموسم: العدد السابع - ص 695 والمحاضرة بعنوان كيف أفهم الغدير أو (الإسلام والعلم الحديث). -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 128 -------------------------------------------------------------------------------- يخدش عقدهم، أو يدخل التشويش والاضطراب على عامتهم. فأقول: أين كان الإمام عن السقيفة وعن بيعة الصديق ومبايعيه ليحتج عليهم؟ وأنى يتسنى الاحتجاج له أو لغيره بعد عقد البيعة وقد أخذ أولو الأمر والنهي بالحزم وأعلن أولو الحول والطول تلك الشدة. وهل يتسنى في عصرنا الحاضر لأحد أن يقابل أهل السلطة والدولة، بما يرفع سلطتهم ويلغي دولتهم؟ وهل يتركونه وشأنه لو أراد ذلك؟ هيهات هيهات، فقس الماضي على الحاضر، فالناس ناس والزمان زمان. وإن عليا (عليه السلام) لم ير الاحتجاج عليهم يومئذ أثرا إلا الفتنة التي كان يؤثر ضياع حقه على حصولها في تلك الظروف إذ كان يخشى منها على بيضة الإسلام وكلمة التوحيد كما أوضحناه سابقا حيث قلنا: إنه مني في تلك الأيام بما لم يمن به أحد إذ مثل على جناحيه خطبان فادحان، الخلافة بنصوصها ووصاياها إلى جانب تستصرخه وتستفزه بشكوى تدمي الفؤاد وحنين يفتت الأكباد والفتن الطاغية إلى جانب آخر تنذره بانتقاص شبه الجزيرة وانقلاب العرب واجتياح الإسلام وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة وقد مردوا على النفاق وبمن حولهم من الأعراب وهم منافقون بنص الكتاب بل هم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله وقد قويت شوكتهم بفقده (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية بين ذئاب عادية ووحوش ضارية، ومسيلمة الكذاب، وطليحة ابن خويلد الأفاك وسجاح بنت الحرث الدجالة، وأصحابهم الرعاع الهمج قائمون في سحق الإسلام وسحق المسلمين - على ساق والرومان والأكاسرة والقياصرة وغيرهم كانوا للمسلمين بالمرصاد، لكن الإمام أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة وأقول لحضرة الدكتور أول موقف اتخذه الإمام (عليه السلام) عن بيعة السقيفة هو تخلفه عن تلك البيعة. ونحن نعلم والكل عالم بذلك بأن تخلف علي (عليه السلام) عن بيعة السقيفة فهذا دليل واضح على عدم الرضى منهم مستدلين بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي مع الحق والحق مع علي. وإن تخلف علي (عليه السلام) عن بيعة السقيفة واتخاذه الموقف المستقل -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 129 -------------------------------------------------------------------------------- فقد ذكره البخاري في صحيحه (1) عن عروة عن أم المؤمنين عائشة. " إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسلت إلى الخليفة أبي بكر (رض) تسأله ميراثها من أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أفاء الله تعالى عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر (رض): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا نورث ما تركناه صدقة فأبى الخليفة أبو بكر أن يدفع لفاطمة (عليها السلام) منها شيئا فوجدت فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر، فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد أبيها ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها ليلا. ولم يؤذن لها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي (عليه السلام) من الناس وجه حياة فاطمة (عليها السلام) ولما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس علي مصالحة أبي بكر ولم يكن يبايع تلك الأشهر " ويقول الفيروز آبادي في (القاموس) كغيره من أئمة اللغة إن كلمة (وجدت) معناها: غضبت. وأخرج البخاري في (صحيحه) أنه قال: " فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبي " (2). وأخرج ابن حجر العسقلاني في كتابه (الإصابة) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك وأخرجه الحاكم في (مستدركه) (3). فأقول: فلو كانت بيعة السقيفة مرضية عنده ومقبولة لديه (عليه السلام) وكانت حقه لاستحال أن يتخلف عنها من لا يفارق الحق إطلاقا وهو معه دائما وأبدا كما هو صريح الحديث فتأخر الإمام عن بيعتهم ولو أسرع إليهم ما تمت له حجة ولا سطع لشيعته برهان لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من خلافة المسلمين هذا أولا. ثانيا: وهناك موقف آخر رفض الإمام (عليه السلام) الحكم بسيرة الشيخين ____________ (1) صحيح البخاري: ج 3 ص 37 باب غزوة خيبر - كتاب المغازي. (2) صحيح البخاري: ج 2 ص 212 باب منقبة فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). الإصابة لابن حجر العسقلاني: ج 8 ص 157، المستدرك للحاكم: ج 3 ص 154 وصححه على شرط البخاري ومسلم. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 130 -------------------------------------------------------------------------------- وأتيت بذكره حضرة الدكتور هذا الموقف في كتابك فقه السيرة النبوية فلو كانت سيرة الشيخين صحيحة ومطابقة لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رفضها الذي لا يفارق الحق، وعندما اشترط عليه عبد الرحمن بن عوف أن يحكم بسنة الله ورسوله وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر. فقال له الإمام (عليه السلام) أحكم بسنة الله ورسوله واجتهادي.. وأما بسيرة الشيخين فلا... فقبل الخليفة عثمان بتلك الشروط فآلت إليه الخلافة فهذا موقف متميز يقفه الإمام منهم ومن سيرتهم المخالفة لقول الله ورسوله ولو كانت صحيحة لما اتخذ الإمام ذلك الموقف الذي كان يقفه منهم، فسكت فالظروف يومئذ لا تسع مقاومة بسيف ولا مقارعة بحجة. وإليك ثلة من موارد احتجاج الإمام وأقواله.. لأن الكلمة هي موقف أشد من القتال بالسيف والسنان. كان الإمام يتحرى السكينة في بث النصوص عليه ولا يقارع بها خصومه احتياطا على الإسلام، واحتفاظا بريح المسلمين واعتذر عن سكوته وعدم مطالبته في تلك الحالة بحقه فقال: " لا يعاب المرء بتأخير حقه إنما يعاب من أخذ ما ليس له " (1). وكان له في نشر النصوص عليه طرق تجلت الحكمة فيها بأجلى المظاهر ألا تراه ما فعل يوم الرحبة إذ جمع الناس فيها أيام خلافته لذكرى يوم الغدير وما جاء في مناشدته هذا المقطع التاريخي الذي حاول من خلاله أن يعيد لذاكرة الأمة (قضية الغدير) وأبرز مواقفه يوم الشورى حيث أكد للناس أجمع أن مشاركته في الشورى لا تلغي حقه الأصيل في الخلافة المنصوص عليها في يوم الغدير (2). وما جاء في تلك المناشدة هذا المقطع من حديث علي (عليه السلام): " فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كنت مولاه فعلي ____________ (1) التشيع - نشؤوه - مراحله - مقوماته - للعلامة السيد عبد الله الغريفي (وراجع شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي). قادتنا: ج 4 / 13. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 131 -------------------------------------------------------------------------------- مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره ليبلغ الشاهد الغائب غيري؟ قالوا: " اللهم لا ". ثم قال لهم الإمام (عليه السلام): " أنشد الله كل امرئ ومسلم سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم ما قال، إلا قام فشهد بما سمع، ولا يقم إلا بمن رآه فقام ثلاثون من الصحابة فيهم اثنا عشر بدريا فشهدوا بما سمعوه من نص الغدير (1) وهذا غاية ما يتسنى في تلك الظروف الحرجة بسبب قتل عثمان وقيام الفتنة في البصرة والشام. وحسبك ما أخرجه أصحاب السنن من حديثه (عليه السلام) في الوليمة التي أولمها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في دار عمه شيخ الأباطح بمكة يوم أنذر عشيرته الأقربين وهو حديث طويل جليل (2) وكان الناس ولم يزالوا يعدونه من أعلام النبوة وآيات الإسلام لاشتماله على المعجز النبوي بإطعام الجم الغفير في الزاد اليسير وقد جاء في آخره: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ برقبته فقال: " إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا " (3). وكم احتج الإمام أيام الشورى وهذا ما يتسنى له في تلك الأوقات، (حكمة بالغة فما تغن النذر) ويوم الشورى (4) أعذر من أنذر ولم يبق من خصائصه ومناقبه شيئا إلا احتج به وكم احتج أيام خلافته متظلما وبث شكواه ____________ (1) راجع نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 18 ص 168 ط مصر تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. ومناشدة الإمام أمير المؤمنين للصحابة الحديث الغدير في يوم الرحبة. راجع: الإمامة والسياسة: ابن قتيبة ج 1 ص 11 و 143 ط مصطفى محمد. وج 1 ص 11 و 155 ط الحلبي بمصر - وج 1 ص 18 و 133 ط سجل العرب بالقاهرة. (2) المناقب: للخوارزمي الحنفي ص 224 ط الحيدرية. كفاية الطالب: للكنجي الشافعي ص 386 ط الحيدرية. (3) كنز العمال: ج 15 ص 100 ج 286 ط 2. (4) احتجاج الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في يوم الشورى يوجد وراجع فيه: علي بن أبي طالب: ابن المغازلي الشافعي ص 212 - 118. المناقب للخوارزمي الحنفي ص 222 - 225. كفاية الطالب: للكنجي الشافعي ص 386 ط الحيدرية. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 132 -------------------------------------------------------------------------------- على المنبر متألما، حتى قال: " أما والله لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا " إلى آخر الخطبة (1). وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): " اللهم إني أستعينك على قريش ومن أعانهم فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه " (2). وقد قال له قائل: " إنك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص، فقال: بل أنتم والله لأحرص وإنما طلبت حقا لي وأنتم تحولون بيني وبينه (3). وقال (عليه السلام): " أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا؟ كذبا علينا وبغيا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى، إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم " (4). ____________ ميزان الاعتدال للذهبي: ج 1 ص 442. فرائد السمطين: للحمويني الشافعي: ج 1 ص 320 - 322. (1) راجع: العقد الفريد لابن عبد ربه: المتوفي قبل الشريف الرضي ب 31 سنة على الضبط وينقل لنا صاحب الغدير 28 مصدر الخطبة الشقشقية والإرشاد للشيخ المفيد. (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 2 ص 495 وج 3 ص 26 ط مصر. (3) شرح نهج البلاغة: خطبة / 167 ص 300 ط مصر. الإمامة والسياسة: ابن قتيبة: ج 1 ص 134 سجل العرب بالقاهرة. (4) شرح نهج البلاغة خطبة 143 - ج 2 ص 249 ط مصر. وينقل الخطبة أيضا صاحب كتاب تذكرة الخواص - للسبط ابن الجوزي بصيغة أخرى - الشقشقية. |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |