![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم الآية الثانية قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } سورة مريم الآية 96 قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} من المودة وهي المحبة، بحيث تفيِضُ عليهم المحبةُ من بين أيديهم ومن خلفهم، وتعيش في داخلهم وتنزل عليهم منربِّهم، وذلك هو غاية ما يتمنَّاه الإنسانُ في إيمانه وفي عمله(1). أقول: إنَّ الآيةَ تتحدث ـ بلسان عربي مبين غير ذي عوج لا عجمة فيه ولا لحن ـ عن أنه تعالى سيجعل للذين آمنوا محبةً، ولكن لا ندري هل أنه تعالى سيجعلها لكلِّ مَن آمن؟ سيجعلها في جوف السماء أو في باطن الأرض؟ سيجعل للذين آمنوا محبة في قلوب الكافرين والمنافقين؟ سيجعلها وينقشها في أنفس الملائكة المكرمين؟ وكلُّ ناظرٍ في الآية سيقف لا محالة أمام أمرين مجهوليْن، الأول: مَن هو أو مَن هم أولئك الذين سيجعل لهُمُ الرحمنُ وداً، فهل تشمل كلَّ مؤمن أو أنها تختصُّ بالبعض؟ الثاني: أين سيجعل لهم ذلك؟ أما ما يتعلق بالأمر الأول، فقد يقول قائل: بأنه لا مانعَ من شمول الآية لجميع المؤمنين. فنجيب، أولاً: لو قلنا بأنه لا مانع، إلا أنَّ هذا لا يكفي حتى نلتزم بأنها عامةٌ، بل لا بُدَّ من قيام الدليل، ومع عدم قيامه فتكون الدعوي تخرُّصاً بالغيب. وثانياً: إنَّ جميع المخلوقات، إما أن نقول بأنها تُحبُّ الحقَّ والخيرَ دائماً أبداً، أو أنَّ فيها مَن يُحبُّ الحقَّ وفيها مَن لا يحبُّه. ومن المعلوم جداً، بأنَّ الإنسَ والجنَّ فيهم مَن يُحبُّ نفسَه زيادةً على أيِّ شيء آخر، بل أكثرهم كذلك، وعليه فإذا ما تعارض الحقُّ مع مصالحهم وأهوائهم، فإنه بداهةً لن يُحبُّوه ولن يُؤيِّدوه. والملائكة لا تحبُّ إلا الخير والحق، وباقي المخلوقات إما أن تكون كالإنس والجن، أو تكون كالملائكة. فالخلق جميعاً ـ باستثناء المعصومين (عليهم السلام) أجمعين ـ بين مَن لا يُحبُّ إلا الحقَّ، وبين مَن يحبُّ الحقَّ وغيرَّ الحق أيضاً. فنأتي إلى الذين آمنوا، فأن قلنا بأنَّ الآية تشمل كلَّ مَن آمن، أي أنه سبحانه قد جعل المودة لكلِّ مَن آمن، فهذا يعني أنَّ المودة قد جعلها الله تعالى لكلِّ مَن آمن في قلب كلِّ مؤمن فقط، أو في قلب كلِّ مؤمن وفي قلب كلِّ كافر ومنافق أيضاً، أو في قلوب سائر الخلق. أما الكافر والمنافق، فإنهما ممَّن يُبغِضان المؤمن، وهذا ما نعرفه بالوجدان، وقد تحدَّث المولى سبحانه في كتابه الكريم عن عداوة اليهود والذين أشركوا للمؤمنين، فقال سبحانه {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}(2)، وعداوة النصاري أو كثير منهم للمؤمنين يعرفها كلُّ مَن يعرف التاريخ، إذن لم يجعل سبحانه في قلوب اليهود والنصاري والذين أشركوا المودةَ للمؤمنين. فيبقى من الإنس والجنِّ خصوصُ المؤمن ـ بغضِّ النظر عن المعنى الخاص للمؤمن، وهو لا يشمل غير الإمامي الإثني عشري ـ وهو ما لم يكن معصوماً، فلا يخلو قلبُهُ عن بغضٍ لمؤمن آخر، ولو لأجل ما يأتي به الآخر. على أنَّ هناك الكثيرين من المؤمنين ـ وكل الناس يعرف هذا ـ مَن لا تنتهي المنازعات فيما بينهم، وقد أدَّت وما تزال ليس إلى عدم المحبة بل إلى حروب وحروب، بل حصل هذا وما زال بين مؤمنَيْن من نفس الأب والأم، وحصل وهو حاصل بين مؤمنين من نفس القبيلة ومن نفس العائلة وهكذا. وعليه فلم يكن المولى سبحانه، قد جعل المودة لكل مؤمن في قلب كلِّ مؤمن، فإنَّ التباغضَ حاصلٌ وواقعٌ ولا يُنكره أحدٌ. على أنه لا نحتمل أنه سبحانه سيجعل في قلوب المؤمنين المحبةَ لباقي المؤمنين مهما أتوا به، وهم معرَّضون للوقوع في المعاصي، والمؤمنُ لا محالةَ يُبغِضُ المؤمنَ الآخر حالَ تلبُّسه بالمعصية. أما بالنسبة إلى الملائكة، فلا يمكن أن نُصدِّق بأنهم يُحبُّون جميعَ المؤمنين، فإنَّ من بين المؤمنين مَن يتلبَّس بالمعاصي الكبيرة كالقتل مثلاً والعياذ بالله تعالى، ولا نعرف أنَّ الملائكةَ تحبُّ الباطلَ، أو تُحبُّ مَن كان متجسِّداً فيه الباطلُ حال تجسُّده فيه فعلاً. وأما بالنسبة لسائر الخلق، فقد عرفت أنهم إما حالهم كحال الملائكة، أو كحال الإنس والجان. وعليه فننتهي إلى نتيجةٍ حاصلها، أنه سبحانه لم يجعل المحبةَ والمودةَ لكلِّ مَن آمن عند جميع المخلوقات. ولكنَّ الآيةَ تتحدثُ عن أنه سبحانه قد فرغ عن جَعْلِ المحبة والمودة، وأنت تعرف أنَّ المولى سبحانه إذا أراد شيئاً كان ولا رادَّ له، وقد شاء وأراد أن يجعل المحبة للذين آمنوا وقد جعلها. وأنت تعرف أيضاً، أنَّ ما يجعله اللهُ تعالى ليس يُشبِه ما يجعلُه غيرُه، فإنَّ غيرَ المولى إذا جعل شيئاً لا محالةَ سيتبدل ويتغيَّر تبعاً لتبدُّل الحالات والعوارض وما إلى ذلك، ولكنْ ما يجعله تعالى فهو راسخٌ ثابتٌ، مهما حاول الآخرون وكائناً مَن كانوا، لِهَدْم ذاك البنيان الراسخ. ![]() ![]() ![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |