تبليغ العشيرة بالوحي
عن أبي المفضل قال : حدثنا محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاث مائة قال : حدثنا محمد بن حيد الرازي ، عن سلمة بن الفضل الابرش ، عن محمد بن إسحاق : عن عبدالغفار بن القاسم ، قال أبوالمفضل : وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي - واللفظ له - عن محمد بن الصباح الجرجرائي ، عن سلمة بن صالح الجعفي ، عن سليمان الاعمش وأبي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو ، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله : " وأنذر عشيرتك الاقربين دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي يا علي إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتك الاقربين قال : فضقت بذلك ذرعا ، وعرفت أني متى اباديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره ، فصمت على ذلك وجاءني جبرئيل فقال : يا محمد إنك إن لم تفعل ما امرت به عذبك ، ربك فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، وملا لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبدالمطلب حتى اكلمهم وابلغهم ما امرت به ، ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم أجمع وهم يؤمئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فيهم أعمامه أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب ، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعت له فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وآله جذمة من اللحم فنتفها بأسنانه ، ثم ألقاها في نواحى الصفحة ، ثم قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتى صدروا
مالهم بشئ من الطعام حاجة وما أرى إلا مواضع أيديهم وايم الله الذي نفس علي بيده أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعها ، وايم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكلمهم بدره أبولهب إلى الكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال لي من الغد : يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن اكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ، ثم أجمعهم لي ، قال : ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته لهم ، ففعل كما فعل بالامس وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة ، ثم قال : اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا ، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا بني عبدالمطلب إني والله ماأعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله عزوجل أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي ؟ قال : فأمسك القوم ، وأحجموا عنها جميعا ، قال : فقمت وإني لاحدثهم سنا وأرمصهم عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم ساقا ، فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به ، قال : فأخذ بيدي ، ثم قال : إن هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع .
|