![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
البحث الاول
السعادة والشقاء في رحم الأم الطفل بين الوراثة والتربية - الشيخ محمد تقي فلسفي - ج 1 - ص 56 - 60 قال الله تعالى في كتابه العظيم : « رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا » ( 1 ) . يتطلب هذا البحث دقة وتعمقا من الجهتين : العلمية والدينية . وللتمهيد إلى صلب الموضوع لا بد من توضيح بعض الأمور التي تتعلق بالبحث . هذا ولا يغيب عن البال أن الاكتشافات العلمية الحديثة ساعدت على فهم بعض الآيات والروايات كثيرا . ومن تلك الموارد موضوعنا اليوم ، حيث نأمل أن نتمكن من الاستفادة من التجارب العلمية الحديثة للوصول إلى أسرار بعض الآيات ، ونكات بعض الروايات المتعلقة بالموضوع ، والآن لنبدأ بذكر المقدمات : معنى السعادة والشقاء إن أول نقطة يجب فهمها من الروايات والأحاديث في موضوع السعادة والشقاء وعلاقتهما برحم الأم ، هو فهم معنى السعادة والشقاء . ‹ صفحة 57 › السعادة : حسن الحظ . ويشمل كل ألوان الخير والراحة والرفاه والبركة . . والشقاء : سوء الحظ . ويشمل جميع صنوف الشر والقلق والضيق والشدة . . . ومن هنا يظهر شمول كلتا الكلمتين واتساع دائرتيهما لكثير من المعاني ولكن كثيرا من الناس ينتقلون من لفظة ( الشقاء ) إلى معنى فقدان الإيمان والمعصية فقط . فالشقي عندهم هو المنغمس في الجرائم والمعاصي ، في حين أن الجريمة إحدى مراتب الشقاء فقط . وهناك كثير من الأمور لا تعد ذنوبا أو معاصي في عرف الشرع لكنها – مع ذلك - توجب الشقاء للإنسان . كما تصرح بذلك بعض الروايات ، نكتفي بنقل واحدة منها : قال النبي ( ص ) : « أربع من السعادة وأربع من الشقاوة . فالأربع التي من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب البهي . والأربع التي من الشقاوة : الجار السوء والمرأة السوء ، والمسكن الضيق ، والمركب السوء » ( 1 ) . وبالرغم من أن المسكن الضيق والمركب السوء ليسا من الأمور التي توجب للانسان معصية أو جريمة . فإننا نجد الرسول الأعظم ( ص ) يعدهما من أسباب شقاء الانسان . وإذا كان المركب السوء والمسكن الضيق من شقاوة الرجل فيمكن اعتبار العمى والجنون منها بطريق أولى ، فإذا خلق الطفل أعمى في بطن أمه ، أو ولد مجنونا لجنون في أبيه أو حمق في أمه . . . فيمكن القول بأنه كان شقيا في رحم أمه . قانون الوراثة أدرك الانسان منذ أمد بعيد ، أن الموجود الحي ينقل كثيرا من الصفات والخصائص إلى الأجيال التي تليه ، فالجيل اللاحق يكتسب صفات الجيل ‹ صفحة 58 ›السابق . فبذرة الزهرة تحفظ في نفسها خصائص الساق والورقة والزهرة والألوان الطبيعية لها ، وبعد الانبات تأخذ بإظهار تلك الخصائص واحدة تلو الأخرى . إن بذرة المشمش تشتمل على جميع الصفات المائزة للشجرة التي وجدت منها ، فعندما تزرع هذه البذرة ، وتنبت ، وتأخذ بالنمو تظهر تلك الصفات تدريجيا . وهكذا فالقطةالصغيرة تشبه أبويها في هيكلها وشعرها ومخالبها . وترث صفات أسلافها . وكذلك الطفل الإفريقي فهو يشبه أبويه في سواد البشرة وتجعد الشعر ، ووضع الأنف ولون العيون في حين أن الطفل الأوروبي يرث المميزات التي يختص بها العنصر الذي ينتمي إليه أبواه في لون البشرة والعيون والشعر ووضع الأنف وما شاكل ذلك . وبصورة موجزة نقول : إن قانون الوراثة من القوانين المهمة في حياة الموجودات الحية . وهذا القانون هو الذي يكفل للنبات والحيوان والانسان بقاء صورها النوعية الخاصة بها . . . وعلى هذا الأساس يكتسب الأبناء صفات الآباء من دون حاجة إلى أي نشاط إرادي منهم . عامل الوراثة حققت العلوم التجريبية انتصارات رائعة في مختلف مظاهر الطبيعة . وبذلك كشفت اللثام عن كثير من الحقائق التي كانت مجهولة لدى السابقين ولقد ساير ( علم الأجنة ) و ( البحث عن الخلية ) التقدم العلمي في المجالات الأخرى في تكامله وتوسعه يوما بعد يوم . لقد استطاع العلماء أن يفحصوا الموجودات الصغيرة بواسطة أجهزة قوية ومكرسكوبات ( مجاهر ) دقيقة ، توصلوا أخيرا إلى أن منشأ ظهور الموجود الحي هو وحدة صغيرة جدا تسمى ( الخلية ) ، وهذه تتكامل تحت شروط معينة ، وتظهر بصورة حشرة أو حيوان أو إنسان . إن اكتشاف هذا السر الدفين عقد قانون الوراثة أكثر ، وأدى إلى توسع البحوث فيه والتساؤل عن أسرار هذه الخلية وكيفية تأثير عوامل الوراثة فيها وأين تكمن ؟ . « لقد صرف علماء الحياة وقتا كثيرا خلف الميكرسكوبات في ‹ صفحة 59 › البحث عن أسرار الخلية . فإن المسألة كانت محاطة بمشاكل عديدة . فهم كانوا يواجهون الخلية من جهة وكيف أن هذا العضو المادي يحتفظ بخواصه الفيزياوية والكيمياوية ، ومن جهة أخرى كانوا يصطدمون بقوانين الوراثة التي أخذت تتضح حسب معادلات رياضية دقيقة تبعا لقانون ( مندل ) » . « فأين يكمن عامل الوراثة ؟ وفي أي جزء من الخلية ؟ وعلى أي الأعضاء يقع عبء هذه الظاهرة ؟ أي جزء من ( البروتوبلازم ) وأي جانب من ( النواة ) يجعل الطفل يرث شكل أنف أمه وعيني أبيه . والصفة الفلانية من أجداده ؟ ! » ( 1 ) وبعد الجهود العظيمة والتتبع الدقيق توصل العلماء إلى أن في الخلية ( نواة ) بيضية الشكل ذات جدار مرن ، توجد في داخلها أجسام صغيرة تظهر عند انقسام الخلية ، ولقد أسموها ب ( الكروموسومات ) . « ولقد توصل كثير من علماء الحياة إلى معرفة أعدادها وأثبتوا أن كل خلية من خلايا جسم الانسان تحوي 48 كروموسوما ، وخلية الفأرة 40 ، والذبابة 12 ، والحمص 12 ، والطماطم 24 ، والنحلة 32 . . . ألخ » ( 2 ) ولقد خطا العلماء في تحقيقاتهم العلمية في هذا المضمار خطوة أخرى ، فتوصلوا إلى أن في ( الكروموسومات ) أجساما صغيرة جدا أطلقوا عليها اسم ‹ صفحة 60 › ( الجينات ) ، وأثبتوا أن هذه الأجسام هي الناقلة للصفات الوراثية في الحقيقة . فالجينات هي التي تؤثر في انتقال صفات الشعر والبشرة ووضع الأنف والشفتين وغير ذلك من الصفات من الآباء والأمهات إلى الأولاد . « ولقد أثبت علم الوراثة الحديث ، أن الصفات الوراثية تنتقل بواسطة الكروموسومات وتتوزع توزيعا خاصا في الخلايا التناسلية وعليه فإن لهذه الكروموسومات أجزاء صغيرة جدا يبلغ عددها العشرات والمئات تسمى ب ( الجينات ) ، وهي تكون العوامل الوراثية . لقد توصلوا إلى وضع هذه الجينات في نوع من الذباب اسمه ( دروزوفيل ) وعينوا مراكز تلك الجينات بالنسبة إلى الكروموسومات وعرفوا أبعادها . . . » ( 1 ) « إن الصفات الوراثية ترتبط بعوامل معينة تسمى ب ( الجينات ) وإن عددها كثير جدا . هذا ولا تخلو الجينات من تأثير على بعضها البعض . فقد يرتبط تأثير واحد بعدة جينات بمعنى أن كلا منها ينقل جزء معينا من تلك الخواص والصفات . . . » ( 2 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 56 › ( 1 ) سورة نوح ، الآية : 26 . ‹ هامش ص 57 › ( 1 ) مكارم الأخلاق ص 65 . ‹ هامش ص 59 › ( 1 ) تاريخ علوم ص 707 ، تأليف بي ييروسو ترجمة حسن صفاري وهو كتاب قيم طبع سنة 1954 م للمرة الخامسة والستين باللغة الفرنسية عدا الترجمات إلى اللغات الأخرى . ( 2 ) المصدر نفسه . وهنا يلاحظ أن عدد هذه الكروموسومات زوجي في كل خلية ، فكروموسومات خلية الانسان 24 زوجا ، والفأرة 20 زوجا ، والذبابة 6 أزواج ، وهكذا . . . فهذه تنقسم عند تكوين الخلايا التناسلية في الأحياء إلى قسمين لكي لا يتعاظم عددها بل يبقى ثابتا في كل نوع . لأن بقاءها على حالها يؤدي إلى تضاعف عددها لاجتماع الخلايا الذكرية والأنثية ، وهكذا تزداد في كل مرة إلا أن انقسامها يجعل عددها ثابتا . وهذا الانقسام يسمى بالانقسام الخيطي . ‹ هامش ص 60 › ( 1 ) چه ميدانيم ؟ بنياد أنواع ص 69 . ( 2 ) چه ميدانيم ؟ سرطان ص 42 . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |