![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
روى عبد الله بن الحسن (عليه السلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) أنه لما أجمع(3) أبو بكر على منع فاطمة (عليها السلام) فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها(4)، واشتملت بجلبابها(5)، وأقبلت في لمة(6) من حفدتها(7) ونساء قومها، تطأ ذيولها(8)، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله(9)، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد(10) من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة(11)، فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش القوم(12) لها بالبكاء. فارتجّ المجلس(13). ثم أمهلت هنيةً(14) حتى إذا سكن نشيج القوم(15)، وهدأت فورتهم(16)، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليها السلام:
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها(17)، وسبوغ آلاء أسداها(18)، وتمام منن والاها(19)، جم عن الإحصاء عددها(20)، ونأى عن الجزاء أمدها(21)، وتفاوت عن الإدراك أبدها(22)، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها(23)، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها(24)، وثنّى بالندب إلى أمثالها(25). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها(26)، وضمّن القلوب موصولها(27)، وأنار في الفكر معقولها(28)، الممتنع من الأبصار رؤيته(29)، ومن الألسن صفته،(30) ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها(31)، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها(32)، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته(33)، وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته(34)، وإعزازاً لدعوته(35) ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته(36) وحياشة منه إلى جنته(37). وأشهد أن أبي محمد (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله(38)، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة(39)، وبنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور(40)، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور(41) ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره(42)، وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه(43). فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها(44)، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها(45) فأنار الله محمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها(46)، وكشف عن القلوب بهمها(47) وجلى عن الأبصار غممها(48)، وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية(49) وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم. ثم قبضه الله إليه رأفة واختيار(50) ورغبة وإيثار بمحمدٍ(51) صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت: أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه(52) وحملة دينه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبلغاؤه إلى الأمم(53): وزعمتم حق لكم(54) لله فيكم، عهد قدّمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم(55): كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بيّنة بصائره(56)، منكشفة سرائره(57)، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه(58)، قائد إلى الرضوان اتّباعه، مؤدٍ إلى النجاة إسماعه(59). به تُنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذّرة، وبيّناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة(60)، وشرائعه المكتوبة. فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس(61) ونماءً في الرزق(62)، والصيام تثبيتاً للإخلاص(63)، والحج تشييداً للدين(64)، والعدل تنسيقاً للقلوب(65)، وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة، والجهاد عز للإسلام، والصبر معونة على استيجاب الأجر(66)، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية من السخط(67)، وصلة الأرحام منماة للعدد(68)، والقصاص حصناً للدماء، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس(69) والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس(70)، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة(71)، وترك السرقة إيجاباً للعفة(72)، وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية، (فاتقوا الله حق تقاته ولا تمتن إلا وأنتم مسلمون) وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فإنه (إنما يخشى الله من عباده العلماء). ثم قالت: أيها الناس اعلموا أني فاطمة، وأبي محمد صلى الله عليه وآله، أقول عوداً وبدءاً(73)، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً(74): (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم(75) عزيزٌ عليه ما عنتم(76) حريص عليكم(77) بالمؤمنين رؤوف رحيم(78))(79)، فإن تعزوه(80) وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزيّ إليه صلى الله عليه وآله. فبلغ الرسالة صادعاً بالنذارة(81)، مائلاً عن مدرجة المشركين(82)، ضارباً ثبجهم(83)، آخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة(84)، يكسر الأصنام، وينكت الهام(85)، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، حتى تفرّى الليل عن صبحه(86)، وأسفر الحق عن محضه(87)، ونطق زعيم الدين(88)، وخرست شقائق الشياطين(89)، وطاح وشيظ النفاق(90)، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفُهتم بكلمة الإخلاص(91) في نفر من البيض الخماص(92)، وكنتم على شفا حفرة من النار(93)، مذقة الشارب، ونهزة الطامع(94)، وقبسة العجلان(95)، وموطئ الأقدام(96)، تشربون الطرق(97)، وتقتاتون الورق(98)، أذله خاسئين(99)، (تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم)(100). فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي(101)، وبعد أن مني ببُهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب(102)، (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله)، أو نجم قرن للشيطان(103)، وفغرت فاغرة من المشركين(104) قذف أخاه في لهواتها(105)، فلا ينكفئ(106) حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويُخمد لهبها بسيفه(107)، مكدوداً في ذات الله(108)، مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله سيد أولياء الله(109)، مشمراً ناصحاً(110)، مجداً كادحاً(111)، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون(112)، تتربصون بنا الدوائر(113)، وتتوكّفون الأخبار(114)، وتنكصون عند النزال(115)، وتفرون عند القتال. فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة النفاق(116)، وسمل جلباب الدين(117)، ونطق كاظم الغاوين(118)، ونبغ خامل الأقلين(119)، وهدر فنيق المبطلين(120). فخطر في عرصاتكم(121)، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين(122)، وللغرة فيه ملاحظين(123). ثم استنهضكم(124) فوجدكم خفافاً(125) وأحمشكم فألفاكم غضاباً(126)، فوسمكم غير إبلكم(127)، وأوردتم غير شربكم(128)، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب(129)، والجرح لما يندمل(130)، والرسول لما يقبر(131)، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة(132)، (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين)(133). فهيهات منكم، وكيف بكم، وأنّى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم(134)، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة(135)، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون، أم بغيره تحكمون (بس للظالمين بدلاً(136))(137)، (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)(138). ثم لم تلبثوا أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها(139) ثم أخذتم تورون وقدتها(140)، وتهيجون جمرتها(141)، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي(142)، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهماد سنن النبي الصفي(143)، تُسرّون حسواً في ارتغاءٍ(144)، وتمشون لأهله وولده في الخَمَر والضراء(145)، ونصبر منكم على مثل حز المدى(146)، ووخز السنان في الحشا(147)، وأنتم تزعمون ألا إرث لنا، (أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)(148). أفلا تعلمون؟ بلى تجلى لكم كالشمس الضاحية(149) أني ابنته. أيها المسلمون أأغلب على إرثيه(150) يا ابن أبي قحافةأفي كتاب الله أن ترث أباك، ولا أرث أبي؟ (لقد جئت شيئاً فرياً(151))(152)، أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله، ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: (وورث سليمان داود)(153)، وقال فيما اقتص من خبر يحيي بن زكريا عليهما السلام إذ قال رب (هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب)(154)، وقال: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)(155)، وقال: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)(156)، وقال: (إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين)(157)، وزعمتم ألا حظوة لي(158)، ولا إرث من أبي لا رحم بيننا! أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم هل تقولون أهل ملتين لا يتوارثان، ولست أنا وأبي من ملة واحدة،؟أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي(159)؟ فدونكها مخطومة مرحولة(160). تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد(161) والموعد القيامة، وعند الساعة ما تخسرون(162) ولا ينفعكم إذ تندمون، (ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه(163) ويحل عليه عذاب مقيم(164)). ![]()
اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا. إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |