![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
المسألة الثالثة
قوله: " وإن هنالك فئة من المسلمين لا تستطيع أن تعبر عن حبها لعلي إلا بانتقاص بقية أصحابه " (1). فأقول: نعوذ بالله السميع العليم من كل شيطان رجيم ونبرأ إلى الله تعالى من كل قول غير سديد لا يمت إلى الحقيقة بيقين، وكثير من الحقائق والمسلمات تستحيل إلى خرافة ووهم حين يستفرغ المرء وسعه، ويسلخ بعض الوقت في التنقيب عن جذور تلك الحقائق ومصدرها. فكثيرا ما تكون العواطف والأهواء والنزعات، هي العامل الأقوى وراء شيوع قضية ما واستحكامها وفرض نفسها، لتشغل لها مكانا بين الثوابت والمسلمات، كل ذلك بسبب وجود من يحرص على أن تأخذ قضية معينة حجما أكبر من ذاتها ومكانة أعظم مما تستحق، أضف إلى ذلك فقدان المقياس الحقيقي المستند إلى العقل، وتقييم الواقع في تحديد حجم المسائل وإعطائها الموقع المناسب. ولا بد أن نضيف، أن للتقليد الأعمى وعدم تكليف المرء نفسه عناء التحقق من صحة ما اشتهر على الألسن وفي بطون الكتب دورا في تثبيت المسلمات التي لا واقع لها، وما يتبادر أنها حقائق لا تقبل النقاش. والأمثلة على ذلك كثيرة.. فحين أثبت العالم الكبير غاليلو بطلان النظرية السائدة آنذاك وهي ثبات الكرة الأرضية ودوران الشمس حولها، وإثبات عكس تلك النظرية، وهو ____________ (1) المحاضرة بتاريخ 2 / 10 / 1995 - جامعة دمشق. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 29 -------------------------------------------------------------------------------- دوران الأرض حول الشمس، جوبه بمعارضة قوية جدا أدت إلى تكفيره، وملاحقة الكنيسة له ومعاقبته بطريقة مشينة. والمثال على ذلك بين يديك هو دراسة حول هذا الموضوع، فالجهل بعقائد الآخرين يؤدي إلى هذا الإجحاف والإرجاف وما أظن الذي رآه الدكتور في كتب الشيعة من تلك السنن إلا دون ما هو في صحيح البخاري وحده من تلك السنن منها فلم يجعل أهل السنة كتب الشيعة بهذا دون الصحاح الستة وغيرها؟ ولم لا يعتذرون من كتب الشيعة بما اعتذروا به عن كتبهم؟ فإن الإشكال واحد والجواب هو الجواب. وإليك ما أخرجه البخاري في صحيحه (1) بالإسناد إلى أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال: هلم (2) قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت وما شأنهم، قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري؟ فلا أرى يخلص إلا مثل همل النعم " (3). وأخرج في آخر الباب المذكور عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي؟ فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم " (4). ____________ (1) صحيح البخاري: كتاب الرقاق ج 4 ص 94. (2) هلم في لغة الحجاز يستوي فيها المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث تقول: هلم يا زيد وهلم يا زيدان وهلم يا زيدون وهلم يا هند وهلم يا هندات فهي اسم فاعل وفاعله ضمير مستتر تقديره في هذا الحديث أنتم والمعنى بها إنما هم الزمرة. (3) قال السندي في تعليقه على صحيح البخاري - همل النعم تفتح الهاء والميم، الإبل بلا راع أي لا تخليص منهم من النار إلا قليل. (4) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب الحوض. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 30 -------------------------------------------------------------------------------- فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا. وأخرج البخاري في نفس الباب المذكور أيضا عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن النبي قال: " يرد علي الحوض رجال من أصحابي فيحلأون عنه، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري " (بالبخاري، باب الحوض). " وأخرج في الباب المذكور عن سهل بن سعد، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم ". قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها: فأقول: " إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ فأقول: سحقا سحقا لمن غير بعدي (1). وأخرج في الباب المذكور أيضا عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلأون على الحوض (2)، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري ". وأخرج في أول الباب المذكور عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " أنا ____________ (1) قال القسطلاني في شرح هذه الكلمة من إرشاد الساري ما هذا لفظه، لمن غير بعدي أي دينه لأنه لا يقول في العصاة بقيد الكفر سحقا سحقا بل يشفع لهم ويهتم بأمرهم كما لا يخفى. حلأه عن الماء: طرده ومنعه عن وروده. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 31 -------------------------------------------------------------------------------- فرطكم على الحوض (1) وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني (2) فأقول يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ". قال البخاري: تابعه عاصم عن أبي وائل وقال حصين: عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (3): لقيت البراء بن عازب، فقلت له: طوبى لك صحبت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده. وأخرج البخاري في أول باب قوله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا، (4). عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال - من حديث: " وأن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " (5). هذا بعض ما وجدناه في صحيح البخاري. أما ما هو من هذا القبيل في بقية الصحاح وسائر السنن فكثير كثير جدا ومن تتبعه وجده لا يقل عما هو في حديث الشيعة، وحسبك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي الطفيل في آخر الجزء الخامس من مسنده فليراجعه كل طاعن على الشيعة بهذا وأمثاله، وليت الدكتور البوطي تدبر القرآن العظيم ليعلم أن كتب الشيعة التي انتقد أفكارها إنما تستقي من سائغ فراته ولا تستضئ إلا بمصباح مشكاته، (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (6)) نعوذ بالله من الجهل والغرور. ____________ (1) الفرط: بفتحتين: متقدم القوم إلى الماعز يهيئ الولاء والرشاة ويدبر الحياض ويستقي لهم. (2) اختلج الشئ: انتزعه. (3) كل هذه الأحاديث أخرجها البخاري في باب غزوة الحديبية ص 30 من الجزء الثالث من صحيحه عن العلاء بن المسيب عن أبيه. (4) صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق - ص 54 - ج 2. (5) راجع صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب الحوض. (6) سورة الحجرات: الآية: 15. -------------------------------------------------------------------------------- |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |