محاضرات السيد القزويني 1427 هجري من الليلة السادسة للعاشرة

ليلة السادس من محرم


بسم الله الرحمن الرحيم ..

السلام عليكم احبتي ورحمة الله وبركاته

لندخل في طور الموضوع ..

كعادته سماحته ابتدأ بأية قرآنية
بسم الله الرحمن الرحين
قال تعالى :
" كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم ، وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ، وعسى ان تحبوا شيئا وهو شرٌ لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون "

صدق تعالى عز وجل

في هذه الليلة خدمة منّأ لأهداف الأمام الحسين عليه السلام نذكر فها بحثا فيه أجابة عن سؤال يدور في أذهان الجميع ..

السؤال هو :
لماذا يقدر الله المكاره لبعض الناس ؟؟

بتفصيل قليل يأتي سماحته بمثال لتوضيح السؤال للمستمعين فيقول :

نحن على سبيل المثال نذهب الى المسجد من يوم الجمعة .. نرى انساناً على باب المسجد يطلب المساعدة

يتبادر في ذهننا حينها : لماذا قدر الله الفقر لهذا الانسان ؟؟ والله بقدره ان يجعله غنيا .. وهو على كل شي قدير .. ؟؟؟
ايضا مثال حي اخر ..
انسان مؤمن متدين يموت في شبابه .. لماذا ؟؟ بينما غيره يعيش سنينا كثيره ؟؟ مثل الطاغيه صدام ؟؟؟

الانسان يفكر لماذا يقدر الله المكاره لبعض الناس ؟؟

هناك إجابات متعدده لهذه الظاهرة ...

ونحن لما نريد الاجابه عن هذا السؤال نقول ..

كل مكروه يراه الناس في الحياة سببه واحد من ثلاثة اسباب وعوامل
الاول : انا
الثاني : شخص آخر
الثالث : المقدر الإلهي ..
قبل الاجابة يلزم علينا ان نعلم عملية فرز وفصل بين المكاره التي سببتها المقدرات الإلهية والمكاره التي سببها لا يرجع الى المقدّرات الإلهية ..


نعود للتحليل .. وكما عودنا سماحته بتفسير الشئ اللجوء الى امثلة توضيحيه

ولكي نعرف هذه الاسباب تتطرق سماحته الى توضيح ذلك بالتالي :

الله خلق في الدنيا .. مليارات من القوانين
احد هذه القوانين هو قانون الجاذبيه .. في حالة رمي التفاحة الى الاعلى فان هذه التفاحه تنزل الى الارض ..
ثانيا
احيانا يجتمع قانونان متضادان في مورد واحد فيتغلب القانون الأقوى ..
مثال ذلك : قطعة خشب في الماء ومن ثم ترفع الى فتوضع مباشرة في النار ، فيتعارض هذا بذاك ، فلا تحرق النار الخشب لأن تغلبت الرطوبة على النار ..

اذا هناك قوانين تجتمع فيتغلب الأقوى

ايضا هناك قانون ديني .. " فمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه "

تحليل ذلك يأتي أيضا بمثال .

النبي سمع رجلاً يقول اللهم ارزقني وهو لا يعمل ؟؟
فنزل جبريل الى النبي فقال له .. ثلاث طوائف لا يستجاب الدعاء لهم ..
احدهم : الذي يجلس في داره ويقول اللهم ارزقني ؟؟

هنا يجب عليه الحركه وعلى الله البركه ..

احيانا نسمع فقير نزل عليه كيس فيه نقود .. هذا الشئ حالة استثنائية ..

اذا حتى لو كنت مؤمن يجب عليه ان يعمل لكي يرزقه الله ..
الامام علي عليه السلام : جالسوا ذوي الحظوظ "

حتى لو كنت مريضا اذهب الى الطبيب ..
العلم الحديث يقول : الحمى احيانا لصالح الانسان .. اي على المناعه ان تدافع عن الجسم وكذلك بالنسبة لكريات الدم البيضاء ..

اي ان الله يشفي ولكن الطبيب يلزم مراجعته ..

نبي الله ابراهيم يقول : " واذا مرضت فهو يشفين "

لم يكن هناك مفسر إن عليه ان لا يذهب الى الاطباء اذا مرض .. الا لانه يعرف اسرار الكون وهذا الشئ ظاهر ..

فالله ارشد البشر إلى موارد الدواء وغيرها بالعقل والعلم ..

اذا القانون الاول .. يلزمنا ان نفهم قوانين الكون ..

السبب الثاني : ان يكون المسبب هو شخص آخر ..

ايضا سماحته اتجه الى تفسير ذلك بمثال ..

بعض الافراد يقصرون في تعلم معلومات... ومن يدفع ضريبة ذلك هو الابن ؟؟

الدين يقول : اذا اردت الزواج .. يجب ان ينتبه الى حول اختيار الزوجه .. وبعد الزواج الحياة الزوجيه الخاصه ..
اي انه في حالة خلق نطفة في ليلة النصف من شهر شعبان مثلا او ليلة عيد الأضحى ,, فالابن هنا يولد وبه تشوه خلق ..
اذا الابن هو ضريبه جهل الاب والام .. وذلك عدم تفقههم بالليلة المناسبه لخلق النطفه والجنين ..

احيانا عدم الالتزام يسبب اضرار لذرية حتى لو بعد 16 ظهر ..
القران يقول : " واما الجدار فكان لغلامين وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فأراد ان يبلغ اشدهما "

الائمة قالوا : ابوهم يعني الجد رقم 16
اي ان عليه ان يلتزم بالطيب والاخلاق يسبب فائده لذريته حتى بعد 180 سنه ..

اذا السبب الثاني للمقدرات هو انسان اخر ..

ولكن القرآن يذكر في تسع مكانات : " ولا تزر وازره وزر اخرى .. "

سأل ابو العراء : ماذا تحب ان ترى اذا ابصرت ؟؟
قال :
اريد ان ارى جريان النهر ,, واريد ان ارى النجوم في السماء ..

هنا الضحية يعطى ثوابا مقابل ما لاقاه في الدنيا..

اذا .. اذا لم يكن يسببها عدم سوء الفهم وبالمقدر الإلهي والثاني لم يكن بسسب ما ليس بالمقدر الإلهي ..

اسباب المقدر الإلهي :
اربع اسباب ..

السبب الاول :
المصلحة : مصلحة الانسان قد تقتضي ان يرى مكروه لمده معينه او الى اخر الحياة ..
كمثل رجل رئيس في البصره في زمن الحسين (ع) كان قد سقط فكسرت رجله .. فجاءه شخص يزوره فقال له : لعل من هذا مصلحه .. وكان كسر العظم في السابق شديد الالم البعض يموت بسببه ..
ولما دنت حرب الحسين ارسل ابن زياد الى هذا الرجل ان يأتي له ومعه عشره الاف رجل ليحاربوا الحسين .. فاعتذر بسبب الاصابة .. وصرف ابن زياد عنه النظر .. ولما قتل الحسين قال هذا الرجل :
الحمدلله انه تكسرت رجلي .. لانه يعترف بالحسين .. فهل يحرك يشا ويخسر دنياه ؟؟
اذا المصلحة الخاصه قد تقتضي مده معينه ...

مثال اخر ..

رجل كان دائما يكرر قول : لو كان معي مال لبنيت سقفا للمسجد .. ولو كان معي مال لمددت الفقراء بالمال .. ولو كان معي مال لفعلت كذا.. فسال النبي القوم .. لماذا لا يعطي الله (س) مالا .. فهو لدية الرغبه والاستعداد ؟؟؟

فنزل جبريل فاعطاه درهمين لذلك الرجل .. فاعطاه اياه .. فاشترى الرجل بها خروف .. وباعه بثلاث دراهم وهكذا ,, حتى تكونت لديه ثروه ..
في الماضي كان ياتي المسجد كل يوم .. والان لا ياتي المسجد الا مره في الاسبوع وبعد ذلك صار يأتي مره في الشهر ..
فلما نزلت آية الزكاة .. ارسل رسول الله بعض من اصحابه الى هذا الرجل .. ليأخذ منه الزكاة ولكن ليس اجبارا ان اعطى كان بها وان رفض عودوا ..

فلما ذهبوا للرجل ردهم وقال لهم : ايريد محمد ان يأخذ منّا الجزية ؟؟

فرجعوا للرسوا وسردوا له ما جرى ..

ولكن المكروه احيانا لا يستمر .. فبين المغرب والعشاء ,,يفعل الله ما يشاء ..

نزل جبريل على الرسول فقال له ان يأتي بالدرهمين الذي اعطاهما للرجل .. فستردها الرسول ..

فبعدما اخذ رسول الله الدرهمين منه .. اتى ذئب فأكل بعض منرفانه .. وهكذا الى ان نزل الى مستواه الذي كان عليه سابقا وخسر كل ما ملك ..

لان البركه زالت من المال .. بعدما اخذ الرسول الدرهمين ..

فهو بالنهاية امتحان .. فالله احيانا يقدر المكروه للمصلحه

ولكن لازال معنا هناك ثلاث اسباب اخرى .. تتركب مع نوع المكروه ,, نذكرها في الليلة القادمه ..


الليلة السادسة من محرم الحرام في مأتم الرضا مع سماحة السيد القزويني ..
نواصل


بسم الله الرحمن الرحيم..

" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربّه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن ، واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن "

صدق الله العلي العظيم


اللهم نورنا بنور الايمان والتوفيق للعمل بالقرآن وتدبره ..

افتتح سماحته هذه الآية الكريمة ليواصل ما بدأ به من بحثه في الليلة الماضية .. وهو بحث فكري عقائدي وهو اجابة عن السؤال الذي طرح وهو :
(( لماذا يقدر الله تعالى المكاره لبعض الناس ؟؟))

ذكرنا ان هناك مقدمتين
الاولى : عملية الفرز بين المقدرات التي سببها عدم فهم الانسان لبعض الحقائق الكونية والقوانين التي جعلها الله ..

ثانيا : عملية الفرز التي كان سببها الناس وليس المقدر الالهي .. بل هناك اشخاص هم من يسببون المتاعب لنسلهم لجهلهم بتعاليم الزواج على سبيل المثال ..

الاجابات كانت تتخلص في التالي ..

1. المصلحة : التي قد تقتضي ان يقدر له نوع من المكاره .. والروايات تذكر حديثا قدسيا : " ان من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لكفر ,, وان من عبادي من لايصلحه الا الغنا ولو أفقرته لكفر .. "
اذا وراء كل معلول عله ..

الانسان لما تصيبه من مكاره تجعله يبقى في باب الله تعالى ومع الدعاء ليبني نفسية انسان جديد في داخله . ..
وليس علينا ان نحمل الاخطاء والمكاره الى آبائنا ..

بل علينا ان نغير ما بي انفسنا ونصبوا الى الافضل

فالله تعالى يقول في كتابة الكريم : ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "


وان ببراءة الفطرة في الانسان فأنه يحاول ان يصلح شأنه ,, واذا لم يقدر على المحاوله هناك حل اولي وحل ثانوي
الحل الاولي / هو الله والتوسل به والدعاء الموجه اليه ..
الحل الثانوي : هو قانون ثانوي وهو التوسل بأهل البيت عليهم السلام حتى تنتهي سحابة المكاره بسرعه ..

الامام علي يقول : اذا ضاقت بك الاحوال يوما .. فثق بالواحد الفرد العي
توسل بالنبي فكل خطب .. يهون اذا توسل بالنبي
فكم لله من لطف خفي .. .......... الخ

اذا التوسل بالاولياء هو خارج نطاق القانون الاولي .. اذا علمنا ان سبب المكروه هو المصلحه ..

الاجابة الثانيه لذلك هو الامتحان :

نحن نعلم ان الدينا هي مكان للحياة .. وان المحطة الاخيرة لنا تتبع نتائج الامتحان ..

كمثلنا عندما نعيش فتره الامتحانات في الدنيا كامتحان للمدرسه .. وغيرها

اي اننا في الحياة في الدنيا دائما نعيش فترات من الامتحان ...

ولكن الامتحان احيانا صعب واحيانا اصعب كمثل المواد في المدرسة اللغه الاجنبية او الرياضياات ..
اعلموا ان الامتحان يستمر معنا طوال بقاءنا في الدنيا .. ولا تخلوا من امتحان في كل يوم ..

هناك امتحانات تجرف الانسان ولها وقع على اثر الانسان .. فتكون نتايج الامتحان هي التي تتحكم في مصيره ..

الاية المباركه تقول :" اذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ..."

" فيقول ربي اكرمن " الغنا ليس علامة ان الله يحبه بل هو امتحان ؟؟
" فيقول ربي اهانن " وهذا ايضا في منصة الامتحانات

سيدة في كربلاء خطبت في الكوفه بعد خطبة السيدة زينب عليهما السلام فقالت : " يا اهل الكوفة .. ان الله ابتلاكم بنا .. وابتلانا بكم "

وكتمثيل لوضوح الصورة ..

عندما كان عمر سيدنا ابراهيم عليه السلام 90 عاما انجب له اسماعيل ..
ولما حلم ذات يوم بانه يقتل ابنه .. قال له اسماعيل عليه السلام :" افعل ما رأيت .. فإني إنشاء الله من الصابرين "
وطلب منه حينها ثلاث امور
الاولى : شمر عن ثيابك ... السبب في ذلك قال له : من اجل لا تترشح بدمي فتراه امي ..
الثانية : ان يستعمل سكينا حاده ,,, لكي يقضي امر ربه بسرعه
الثالثه : تعصيب العين .. لكي لا يرى ابراهيم عيون اسماعيل فتوكون هناك نوعا ما من لغة العيون ..

هذا تمثيل رائع وحي من المصائب والابتلائات التي سببه الا متحان ..

الاجابة الثالثه هي : الانتقام :: قال : جاء رجل الى علي عليه السلام فقال اريد ن اصلي صلاة الليل فلا اتوفق .. لماذا ؟؟
فرد عليه (ع) ان رجل قيدتك ذنوبك !!

اذا هنا انتقام فلأجل سبب عرفنا المسبب

الاجابة الرابعه هي :
زيادة الأجر والثواب :
لا مصلحة
لا امتحان
لا انتقام
انما زيادة للاجر والثواب ..

فتحملنا للصعوبات وقدرة ايماننا بثدرة الله عزوجل ..
يجعلنا في قدرة على استقبال المكاره والابتلاءات ...

قال تعالى : " ان لك لدرجات في الجنة لن تنالها الا الشهاده "

كذلك نبي الله محمد (ص) كان يرى في فاطمة الزهراء قدرة على التحمل .. فكان لها من الخدم يرون ابتلاءها ,, حتى اذا اصابتهم مصيبه قالوا فاطمه اصابها كذا وفعلت كذا ..

والى هنا واتوقف .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته