هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
متجر Trendol وجهتك المميزة للت... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 53 ]       »     الاجراء الأمثل في حال تعاطي أح... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 260 ]       »     فاتورة منصة عربية عندها أدوات ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 391 ]       »     دورة : تأثيرات السياحة على وقع... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 398 ]       »     دورة : التقنيات الجديدة لشحذ و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 476 ]       »     دورة : إدارة الموارد البشرية ل... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 421 ]       »     دورة : إدارة الموارد البشرية ل... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 407 ]       »     دورة : نظام إدارة سلامة الغذاء... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 413 ]       »     دورة : إدارة أنظمة الأمن الحدي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 408 ]       »     دورة : التحليل المالي والفني ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 411 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
 
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 08-21-2010, 03:17 AM   #6
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي ـ عصر الشيخ الكليني ( ت 329 ه‍ )



2 ـ عصر الشيخ الكليني ( ت 329 ه‍ )

المحدث الأقدم أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي ، مجدد القرن الرابع ، المتوفى سنة 329 ه‍ وقد عاش في عصر الغيبة الصغرى وعاصر من الوكلاء ثلاثة ، وقد احتل بين الطائفة مكانة مرموقة ، وكانت له بين علماء الإسلام منزلة عظيمة ، وننقل بعض ما قاله الكبراء في حقه :
قال النجاشي ( ت 450 ه‍ ) : شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم .
وقال الطوسي ( ت 460 ه‍ ) : ثقة عارف بالأخبار ، جليل القدر .
وقال العامة فيه : من فقهاء الشيعة ، ومن أئمة الإمامية وعلمائهم .
قال السيد بحر العلوم ( ت 1212 ه‍ ) : ثقة الإسلام ، وشيخ مشايخ الأعلام ، ومروج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام ، ذكره أصحابنا . . . واتفقوا على فضله وعظم منزلته (13) .
وكتابه العظيم ( الكافي ) أول الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة في الحديث وأجلها وأوسعها ، والذي مجد به كبار الطائفة وأعلامهم :
فقال المفيد ( ت 413 ه‍ ) فيه : هو من أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة .
وقال الشهيد الأول ( ت 786 ه‍ ) : كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الإمامية مثله .
____________
(13) الرجال ـ للنجاشي ـ : 266 ، الفهرست ـ للطوسي ـ : 161 رقم 603 ، الرجال ـ للطوسي ـ : 495 رقم 27 ، الاكمال ـ لابن ماكولا ـ 4 / 575 ، الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ـ 8 / 364 ، الفوائد الرجالية ـ لبحر العلوم ـ 3 / 325 ، وقد نقلنا هذه الأقوال بواسطة كتاب : الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي ، تأليف السيد ثامر هاشم حبيب العميدي : 140 ـ 143 .
(33)

وقال المازندراني ( ت 1081 ه‍ ) وهو شارح الكافي : كتاب الكافي أجمع الكتب المصنفة في فنون علوم الإسلام ، وأحسنها ضبطا ، وأضبطها لفظا ، وأتقنها معنى ، وأكثرها فائدة ، وأعظمها عائدة ، حائز ميراث أهل البيت ، وقمطر علومهم .
وقال السيد بحر العلوم ( ت 1212 ه‍ ) : إنه كتاب جليل ، عظيم النفع ، عديم النظر ، فائق على جميع كتب الحديث بحسن الترتيب ، وزيادة الضبط والتهذيب ، وجمعه للأصول والفروع ، واشتماله على أكثر الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام (14) .
لقد عقد الشيخ الكليني في كتابه ( الكافي ) بابا في كتاب ( الحجة ) بعنوان : ( باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون ، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم ) .
وأورد فيه ( ثمانية ) أحاديث تدل على ما في العنوان ، ومنها الحديث المذكور سابقا ، عن الإمام الرضا عليه السلام .
وعقد الكليني لهذا الباب بهذا العنوان يدل بوضوح على أن المشكلة كانت معروضة في عصره ، وبحاجة إلى حسم ، فلذلك لجأ إلى عقده .
فلنمر بمضمون الأحاديث ، كي نقف على مداليلها (15) :
الحديث الأول : بسنده عن أبي بصير ، قال :
قال أبو عبد الله عليه السلام : أي إمام لا يعلم ما يصيبه ، وإلى ما يصير ، فليس ذلك بحجة لله على خلقه .
ودلالته على عنوان الباب واضحة .
الحديث الثاني : بسنده عمن أدخل على موسى الكاظم عليه السلام
____________
(14) نقلنا هذه التصريحات من المصدر السابق : 154 ـ 156 .
(15) الأحاديث وردت في الكافي ، الأصول 1 / 258 ـ 260 .
(34)

فأخبر أنه قد سقي السم وغدا يحتضر ، وبعد غد يموت .
ودلالته على علم الإمام بوقت موته واضحة .
الحديث الثالث : بسنده عن جعفر الصادق عليه السلام ، عن أبيه الباقر عليه السلام : أنه أتى أباه علي بن الحسين السجاد عليه السلام ، قال له : إن هذه الليلة يقبض فيها ، وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ودلالته على علم الإمام بليلة وفاته واضحة .
الحديث الرابع : وقد أوردناه في المقطع السابق بعنوان ( عصر الإمام الرضا عليه السلام ) .
الحديث الخامس : بسنده عن الإمام أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام ، وفيه : أن الله غضب على الشيعة وأنه خيره نفسه ، أو الشيعة ، وأنه وقاهم بنفسه .
ودلالته على تخييره بين أن يصيبهم بالموت ، أو يصيبه هو ، وعلى اختياره الموت وقاء لهم ، واضحة .
الحديث السادس : بسنده إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام ، أنه قال لمسافر الراوي : إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول له : يا علي ، ما عندنا خير لك .
ومن الواضح أن هذا القول هو دعوة للإمام إلى ما عند رسول الله ، وهو كناية واضحة عن الموت ، وقد مثل الإمام الرضا عليه السلام وضوح ذلك بوضوح وجود الحيتان في القناة التي أشار إليها في صدر الحديث .
الحديث السابع : بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، أن أباه أوصاه بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره ، وليس عليه أثر الموت ، فقال الباقر عليه السلام : يا بني ، أما سمعت علي بن الحسين عليه السلام ينادي من وراء الجدار : ( يا محمد ، تعال ، عجل ) .

(35)

دلالته مثل الحديث السابق ، في كون الدعوة إلى الدار الأخرى ، والقرينة هنا أوضح ، حين أوصى الإمام بتجهيزه .
ودلالة هذين الحديثين على الاختيار للإمام واضحة ، إذ أن مجرد الدعوة ليس فيها إجبار على الامتثال ، بلى يتوقف على الإجابة الاختيارية لذلك .
الحديث الثامن : بسنده عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان بين السماء والأرض .
ثم خير : النصر ، أو لقاء الله .
فاختار لقاء الله تعالى .
ودلالته على ما في عنوان الباب واضحة ، للتصريح فيه بالتخيير ثم اختيار الإمام لقاء الله .
ومع وضوح دلالة جميع هذه الأحاديث على ما في عنوان الباب كما شرحناه ، فلا يرد نقد إلى الكليني ، ولا الكافي ، ولا هذا الباب بالخصوص ، ومن حاول التهجم على الكتاب والتشكيك في صحة نسخه ، والمناقشة في أسانيد هذه الأحاديث ، فهو بعيد عن العلم وأساليب عمل العلماء .
والتشكيك في دلالة الأحاديث على مدلول عنوان الباب يدل على الجهل باللغة العربية ، ودلالتها اللفظية والبعد عن أوليات علم الكلام بشكل مكشوف ومفضوح ، فلا نجد من اللازم التعرض لكل ما ذكر في هذا المجال ، إلا أن محاولة التهجم على الكتاب ، وأسانيده ، لا بد من ذكرها وتفنيدها ، وهي :
أولا : ما ذكر تبعا لمستشرق أمريكي أثار هذه الشبهة ـ من أن نسخ كتاب ( الكافي ) مختلفة ، وأن هناك فرقا بين رواية الصفواني ، ورواية النعماني ، للكتاب ، وبين النسخة المطبوعة المتداولة .
نقول : إن تلاميذ الكليني الذين رووا عنه كتاب ( الكافي ) بالخصوص

(36)

كثيرون ، وقد صرح علماء الرجال بروايتهم للكتاب عن مؤلفه الكليني ، وهم : الصفواني ، والنعماني ، وأبو غالب الزراري ، وأبو الحسن الشافعي ، وأبو الحسين الكاتب الكوفي ، والصيمري ، والتلعكبري ، وغيرهم (16) .
وإن دلت كثرة الرواة على شيء فإنما تدل على أهمية الكتاب والعناية به ، والتأكد من نصه ، ولا بد أن يبذل المؤلف والرواة غاية جهدهم في تحقيق عملية المحافظة عليه ، والتأكد من بلوغه بالطرق الموثوقة المتعارفة لتحمل الحديث وأدائه .
أما الاختلاف بين النسخ على أثر وقوع التصحيف والسهو في الكتابة ، وعلى طول المدة الزمنية بيننا وبين القرن الرابع على مدى عشرة قرون ، فأمر قد مني به تراثنا العربي ، فهل يعني ذلك التشكيك في هذا التراث ؟ !
كلا ، فإن علماء الحديث قد بذلوا جهودا مضنية في الحفاظ على هذا التراث وجمع نسخه والمقارنة بينها ، والترجيح والاختيار والتحقيق والتأكد من النص ، شأنهم في ذلك شأن العلماء في عملهم مع النصوص الأخرى ، من دون أن يكون لمثل هذه التشكيكات أثر في حجيتها أو سلب إمكان الإفادة منها ، ما دامت قواعد التحقيق والتأكد والتثبت ، متوفرة ، والحمد لله .
أما تهريج الجهلة بأساليب التحقيق ، وبقواعد البحث العلمي في انتخاب النصوص ، وإثارتهم وجود نسخ مختلفة ، فهو نتيجة واضحة للأغراض المنبعثة من الحقد والكراهية للعلم ، وقديما قيل : ( الناس أعداء ما جهلوا ) .
وثانيا : مناقشة الأحاديث المذكورة ، من حيث أسانيدها ، ووجود رجال موسومين بالضعف فيها .
والرد على ذلك : أن البحث الرجالي ، ونقد الأسانيد بذلك ، لا بد أن يعتمد على منهج رجالي محدد ، يتخذه الناقد ، ويستدل عليه ، ويطبقه ، وليس
____________
(16) لاحظ كتاب : الشيخ الكليني ، للسيد العميدي : 96 ـ 112 .
(37)

ذلك حاصلا بمجرد تصفح الكتب الرجالية ، ووجدان اسم لرجل ، والحكم عليه بالضعف أو الثقة ، تبعا للمؤلفين الرجاليين وتقليدا لهم ، مع عدم معرفة مناهجهم وأساليب عملهم .
وإن من المؤسف ما أصاب هذا العلم ، إذ أصبح ملهاة للصغار من الطلبة ، يناقشون به أسانيد الأحاديث ، مع جهلهم بالمناهج الرجالية التي أسس مؤلفو علم الرجال كتبهم عليها ، وبنوا أحكامهم الرجالية على أساسها ، مع أهمية ما يبتني على تلك الأحكام من إثبات ونفي ، ورد وأخذ ، لأحاديث وروايات في الفقه والعقائد والتاريخ وغير ذلك .
كما أن معرفة الحديث الشريف ، وأساليب تأليفه ومناهج مؤلفيه له أثر مهم في مداولة كتبهم والاستفادة منها .
ولقد أساء من أقحم ـ ولا يزال يقحم ـ الطلبة في وادي هذا العلم ، الصعب المسالك ، فيصرفون أوقاتهم الغالية في مناقشات ومحاولات عقيمة ، ويبنون عليها الأحكام والنتائج الخطيرة .
كالمناقشة في أسانيد أحاديث هذا الباب الذي نبحث عنه في كتاب ( الكافي ) للشيخ الكليني ، فقد جهل المناقش أمورا من مناهج النقد الرجالي ، ومن أسلوب عمل الكليني ، فخبط خبط عشواء في توجيه النقد إلى ( الكافي ) .
فمن ناحية : إن قسم الأصول من ( الكافي ) إنما يحتوي على أحاديث ترتبط بقضايا عقائدية ، وأخرى موضوعات لا ترتبط بالتعبد الشرعي ، كالتواريخ وأحوال الأئمة ومجريات حياتهم .
ومن المعلوم أن اعتبار السند ، وحاجته إلى النقد الرجالي بتوثيق الرواة أو جرحهم ، إنما هو لازم في مقام إثبات الحكم الشرعي ، للتعبد به ، لأن طريق اعتبار الحديث توصلا إلى التعبد به متوقف على اعتباره سنديا ، بينما القضايا الاعتقادية ، والموضوعات الخارجة لا يمكن التعبد بها ، لأنها ليست من الأحكام الشرعية ، فليس المراد منها هو التعبد بمدلولها والتبعية للإمام فيها ،

(38)

وإنما المطلوب الأساسي منها هو القناعة والالتزام القلبي واليقين ، وليس شيء من ذلك يحصل بالخبر الواحد حتى لو صح سنده ، وقيل بحجيته واعتباره ، لأنه على هذا التقدير لا يفيد العلم ، وإنما يعتبر للعمل فقط .
نعم ، إن حاجة العلماء إلى نقل ما روي من الأحاديث في أبواب الأصول الاعتقادية ، لمجرد الاسترشاد بها ، والوقوف من خلالها على أساليب الاستدلال والطرق القويمة المحكمة التي يتبعها أئمة أهل البيت عليهم السلام في الاقناع والتدليل على تلك الأصول .
ولا يفرق في مثل هذا أن يكون الحديث المحتوي عليه صحيح السند أو ضعيفة ، ما دام المحتوى وافيا بهذا الغرض وموصلا إلى الاقناع الفكري بالمضمون .
وليس التشكيك في سند الحديث المحتوي على الاقناع مؤثرا لرفع القناعة بما احتواه من الدليل .
وكذا الموضوعات الخارجة ، كالتواريخ وسني الأعمار وأخبار السيرة ، ليس فيها شيء يتعبد به حتى تأتي فيه المناقشة السندية ، وإنما هي أمور ممكنة ، يكفي في الالتزام بها ونفي احتمال غيرها ورود الخبر به .
فلو لم يمنع من الالتزام بمحتوى الخبر الوارد أصل محكم ، أو فرع ملتزم ، ولم تترتب على الالتزام به مخالفة واضحة ، أو لم تقم على خلافه أدلة معارضة ، كفى الخبر الواحد في احتماله لكونه ممكنا .
وإذا غلب على الظن وقوعه باعتبار كثرة ورود الأخبار به ، أو توافرها ، أو صدور مثل ذلك الخبر من أهله الخاصين بعلمه ، أو ما يماثل ذلك من القرائن والمناسبات المقارنة ، كفى ذلك مقنعا للالتزام به .
وبما أن موضوع قسم الأصول من الكافي ، وخاصة الباب الذي أورد فيه الأحاديث الدالة على ( علم الأئمة عليهم السلام بوقت موتهم وأن لهم الاختيار في ذلك ) هو موضوع خارج عن مجال الأحكام والتعبد بها وليس الالتزام به

(39)

منافيا لأصل من الأصول الثابتة ، ولا لفرع من الفروع الشرعية ، ولا معارضا لآية قرآنية ، ولا لحديث ثابت في السنة ، ولا ينفيه دليل عقلي ، وقد وردت به هذه المجموعة من الأحاديث والآثار ـ مهما كان طريقها ـ فقد أصبح من الممكن والمحتمل والمعقول .
وإذا توافرت الأحاديث وتكررت ، كما هو في أحاديث الباب ودلت القرائن الأخرى المذكورة في كتب السيرة والتاريخ ، وأيدت الأحاديث المنبئة عن تلك المضامين حصل من مجموع ذلك وثوق واطمئنان بثبوته .
ولا ينطر في مثل ذلك إلى مفردات الأسانيد ومناقشتها رجاليا .
ومن ناحية أخرى : فإن المنهج السائد في عرف قدماء العلماء ، وأعلام الطائفة ، هو اللجوء إلى المناقشة الرجالية في الأسانيد ، ومعالجة اختلاف الحديث بذلك ، في خصوص موارد التعارض والاختلاف .
وقد يستدل على هذه السيرة وقيام العمل بها ، باعتمادهم في الفقه وغيره على الأحاديث المرسلة المقبولة والمتداولة وإن كانت لا سند لها ، فضلا عن المقطوعة الأسانيد ، في صورة انفرادها بالحكم في الموقف .
وللبحث عن هذا المنهج ، وقبوله أو مناقشته ، مجال آخر .
هذا ، مع أن الكليني لم يكن غافلا ـ قط ـ عن وجود هذه الأسماء في أسانيد الأحاديث ، لتسجيله لها وعقد باب لها في كتابه .
كيف ، وهو من رواد علم الرجال ، وقد ألف كتابا في هذا العلم باسم ( الرجال ) (17) ؟ !
أما اتهام الرواة لهذه الأحاديث بالارتفاع والغلو ، ومحاسبة المؤلف الكليني على إيرادها ، لأنها تحتوي على ثبوت علم الغيب للأئمة عليهم
____________
(17) الرجال ـ للنجاشي ـ : 267 ، جامع الرواة ـ للأردبيلي ـ 2 / 219 ، الفوائد الرجالية 3 / 332 ، أعيان الشيعة 47 / 153 ، مصفى المقال : 427 ، الأعلام ـ للزركلي ـ 8 / 17 ، ولاحظ كتاب : الشيخ الكليني البغدادي ، للسيد العميدي : 120 .
(40)

السلام .
فهذا مبني على الجهل بأبسط المصطلحات المتداولة بين العلماء :
فالغلو اسم يطلق على نسبة الربوبية إلى البشر ـ والعياذ بالله ـ ، بينما هذا معنون ب‍ ( أن الأئمة يعلمون متى يموتون . . . ) فالباب يتحدث عن ( موت الأئمة ) وهذا يناقض القول ب‍ ( الغلو ) وينفيه .
فجميع رواة هذا الباب ، يبتعدون ـ بروايتهم له ـ عن الغلو المصطلح ، قطعا .
فيكف يتهمهم بالغلو ؟ !
هذا ، والكليني نفسه ممن ألف كتابا في الرد على ( القرامطة ) وهم فرقة تنسب إلى الغلاة (18) مما يدل على استيعاب الكليني وتخصصه في أمر الفرق .
فيكف يحاسب بمثل ذلك ؟ !
ثم إن قول الكليني في عنوان الباب : ( وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم ) يعني أن الموت الإلهي الذي قهر الله به عباده وما سواه ، بدون استثناء ، وتفرد هو بالبقاء دونهم ، لا بد أن يشملهم ـ لا محالة ـ ولا مفر لهم منه ، وإنما امتازوا بين سائر الخلائق بأن جعل الله اختيارهم لموتهم إليهم ، وهذا يوحي :
أولا : أن لهم اختيار وقت الموت ، فيختارون الآجال المعلقة ، قبل أن تحتم ، فيكون ذلك بإرادة منهم واختيار وعلم ، رغبة منهم في سرعة لقاء الله ، وتحقيقا للآثار العظيمة المترتبة على شهادتهم في ذلك الوقت المختار .
وهذا أنسب بكون إقداماتهم مع كامل اختيارهم ، وعدم كونها مفروضة عليهم ، وأنسب بكون ذلك مطابقا لقضاء الله وقدره ، فهو يعني إرادة الله منهم
____________
(18) الرجال ـ للنجاشي ـ : 267 ، الفهرست ـ للطوسي ـ : 161 ، معالم العلماء ـ لابن شهر آشوب ـ : 88 ، جامع الرواة 2 / 219 ، لؤلؤة البحرين ـ للبحراني ـ : 393 ، هدية العارفين ـ للبغدادي ـ مج 2 ج 6 / 35 ، الأعلام 8 / 17 ، الفوائد الرجالية 3 / 332 ، أعيان الشيعة 47 / 153 ، ولاحظ كتاب : الشيخ الكليني البغدادي ، للسيد العميدي : 115 .
(41)

لما أقدموا عليه ، من دون حتم .
وإلا ، فإن كان قضاءا مبرما وأجلا حتما لازما ، فكيف يكونون مختارين فيه ؟ ! وما معنى موافقتهم على ما ليس لهم الخروج عنه إلى غيره ؟ !
ثانيا : أن لهم اختيار نوع الموت الذي يموتون به ، من القتل بالسيف ضربة واحدة ، كما اختار الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ذلك ، أو بشرب السم أو أكل المسموم كما اختاره أكثر الأئمة عليهم السلام ، أو بتقطيع الأوصال وفري الأوداج واحتمال النصال والسهام وآلام الحرب ، والنضال ، وتحمل العطش والظمأ ، كما جرى على الإمام سيد الشهداء عليه السلام .
ولا يأبى عموم لفظ العنوان ( لا يموتون إلا باختيار منهم ) عن الحمل على ذلك كله .
مع أن في المعنى الثاني بعدا اجتماعيا هاما ، وهو : أن الأئمة الأطهار عليهم السلام كانوا يعلمون من خلال الظروف ، والأحداث ، والمؤشرات والمجريات ، المحيطة بهم ـ بلا حاجة إلى الاعتماد على الغيب وإخباره ـ أن الخلفاء الظلمة ، والمتغلبين الجهلة ، على حكم العباد والبلاد ، سيقدمون على إزهاق أرواحهم المقدسة بكل وسيلة تمكنهم ، لأنهم لا يطيقون تحمل وجود الأئمة عليهم السلام الرافضين للحكومات الجائرة والفاسدة ، والتي تحكم وتتحكم على الرقاب بالباطل ، وباسم الإسلام ليشوهوا سمعته الناصعة بتصرفاتهم الشوهاء .
فكان الأئمة الأطهار تجسيدا للمعارضة الحقة الحية ، ولو كانوا في حالة من السكوت ، وعدم مد اليد إلى الأسلحة الحديدية ، لكن وجوداتهم الشريفة كانت قنابل قابلة للانفجار في أي وقت ! وتعاليمهم كانت تمثل الصرخات المدوية على أهل الباطل ، ودروسهم وسيرتهم كانت تمثل الشرارات ضد تلك الحكومات !
فكيف تطيق الأنظمة الفاسدة وجود هؤلاء الأئمة ، لحظة واحدة !


فإذا كان الأئمة عليهم السلام يعلمون أن مصيرهم ـ مع هؤلاء ـ هو الموت ، ويعرفون أن الظلمة يكيدون لهم المكائد ، ويتربصون بهم الدوائر ، ويدبرون لقتلهم والتخلص من وجودهم ، ويسعون في أن ينفذوا جرائمهم في السر والخفاء ، لئلا يتحملوا مسؤولية ذلك ، ولا يحاسبوا عليه أمام التاريخ !
ولو تم لهم إبادة هؤلاء الأئمة سرا وبالطريقة التي يرغبون فيها ، لكان أنفع لهم ، وأنجع لأغراضهم !
لكن الأئمة عليهم السلام لا بد أن يحبطوا هذه المكيدة على الظلمة القتلة ، يأخذوا بأيديهم زمام المبادرة في هذا المجال المهم الخطر ، ويختاروا بأنفسهم أفضل أشكال الموت ، الذي يعلن مظلوميتهم ، ويصرخ بظلاماتهم ، ويفضح قاتليهم ، ويعلن عن الإجرام والكيد الذي جرى عليهم ، ولا تضيع نفوسهم البريئة ، ولا دماؤهم الطاهرة ، هدرا .
فلو كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقتل في بيته ، أو في بعض الأزقة والطرق ، خارج المسجد .
فمن كان يفند الدعايات الكاذبة التي بثها بنو أمية بين أهل الشام بأن عليا عليه السلام لا يصلي ؟ ! فلما سمعوا أنه قتل في المسجد ، تنبهوا إلى زيف تلك الدعايات المضللة .
وإذا كان الإمام الحسين عليه السلام ، يقتل في المدينة ، فمن كان يطلع عليه قضيته ؟ ! وحتى إذا كان يقتل في ( مكة ) : فمضافا إلى أنه كان يعاب عليه أن حرمة الحرم قد هتكت بقتله ! فقد كان يضيع دمه بين صخب الحجيج وضجيجهم !
بل إذا قتل الحسين عليه السلام في أرض غير كربلاء ، فأين ؟ ! وكيف ؟ ! وما هو : تفسير كل النصوص التي تناقلتها الصحف ، والأخبار عن جده النبي المختار حول الفرات ؟ وكربلاء ؟ وتربتها الحمراء ؟ !
وهذا الاختيار يدل ـ مضافا إلى كل المعاني العرفانية التي نستعرضها ـ

(43)

يدل على : تدبير حكيم ، وحنكة سياسية ، ورؤية نافذة ، وحزم محكم ، قام به الأئمة عليهم السلام في حياتهم السياسية تجاه الظالمين المستحوذين على جميع المقدرات ، والذين سلبوا من الأمة كل الحريات حتى حرية انتخاب الموت كما وكيفا ووقتا ومكانا .
فإن خروج الأئمة عليهم السلام بتدابيرهم الحكيمة عن سلطة الحكام في هذه المعركة ، وتجاوزهم لإراداتهم ، وأخذ زمام الاختيار بأيديهم ، وانتخابهم للطريقة المثلى لموتهم ، يعد انتصارا باهرا ، في تلك الظروف الحرجة القاهرة .
ولقد قلت ـ عن مثل هذا ـ في كتابي ( الحسين عليه السلام سماته وسيرته ) ما نصه :
( وهل المحافظة على النفس ، والرغبة في عدم إراقة الدماء ، والخوف من القتل ، أمور تمنع من أداء الواجب ؟ ! وتعرقل مسيرة المسؤولية الكبرى ، وهي : المحافظة على الإسلام وحرماته ؟ ! وإتمام الحجة على الأمة بعد دعواتها المتتالية ؟ ! واستنجادها المتتابع ؟ !
ثم هل تعقل المحافظة على النفس ، بعد قطع تلك المراحل النضالية ، والتي كان أقل نتائجها المنظورة : القتل ؟ !
إذ أن يزيد صمم وعزم على الفتك بالإمام على السلام ، الذي كان يجده السد الوحيد أمام استثمار جهود أبيه في سبيل الملك الأموي العضوض ، فلا بد من أن يزيحه عن الطريق .
ويتمنى الحكم الأموي لو أن الحسين عليه السلام كان يقف هادئا ساكنا ـ ولو للحظة واحدة ـ حتى يركز في استهدافه ، ويقتله ! !
وحبذا لو كان قتل الحسين عليه السلام بصورة اغتيال ، حتى يضيع دمه ، وتهدر قضيته ! !
وقد أعلن الحسين عليه السلام عن رغبتهم في أن يقتلوه هكذا ، وأنهم

(44)

مصممون على ذلك حتى لو وجدوه في جحر هامة !
وأشار يزيد إلى جلاوزته أن يحاولوا قتل الحسين أينما وجدوه ، ولو كان متعلقا بأستار الكعبة !
فلماذا لا يبادر الإمام عليه السلام إلى انتخاب أفضل زمان ، وفي أفضل مكان ، وبأفضل شكل ، للقتل ؟ !
الزمان ( عاشوراء ) المسجل في عالم الغيب ، والمثبت في الصحف الأولى ، وما تلاها ( من أنباء الغيب ) التي سنستعرضها .
والمكان ( كربلاء ) الأرض التي ذكر اسمها على الألسن منذ عصور الأنبياء .
أما الشكل الذي اختاره للقتل : فهو النضال المستميت ، الذي ظل صداه ، وصدى بطولاته وقعقعات سيوفه ، وصرخات الحسين عليه السلام المعلنة عن أهدافه ومظلوميته ، مدوية في أذن التاريخ على طول مداه ، يقض مضاجع الظالمين ، والمزورين للحقائق .
إن الإمام الحسين عليه السلام وبمثل ما قام به من الإقدام ، أثبت خلود ذكره ، وحديث مقتله ، على صفحات الدهر ، حتى لا تناله خيانات المحرفين ، ولا جحود المنكرين ، ولا تزييف المزورين ، بل يخلد خلود الحق والدين ) (19) .
وأخيرا : فإن الشيخ الكليني وهو : ( أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ) كما شهد له النجاشي ، قد بنى تأليف كتابه على أساس محكم ، ومن شواهد الإحكام فيه : أنه رحمه الله عقد بابا بعنوان ( باب نادر في ذكر الغيب ) أورد فيه أحاديث تحل مشكلة الاعتراض الأول على ( علم الأئمة للغيب ) وفيها الجواب
____________
(19) الحسين عليه السلام سماته وسيرته : 112 .
وقد وجدت إشارة إلى نحو ما هنا في كتاب ( هزار ويك نكته ) للشيخ حسن زاده آملي : 453 ـ 454 النكتة 660 نقلا عن بعض مشايخه رضوان الله تعالى عليه .
(45)

الصريح لقول السائل للأئمة : ( أتعلمون الغيب ؟ ) ويجعل نتيجة هذا الباب أصلا موضوعا للأبواب التالية :
ومن تلك الأحاديث : حديث حمران بن أعين ، قال لأبي جعفر عليه السلام : أرأيت قوله جل ذكره : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا . . . ) ( الآية (25) من سورة الجن ( 72 ) ) ؟
فقال أبو جعفر عليه السلام : ( إلا من ارتضى من رسول . . . ) ( الآية (26) من سورة الجن ( 72 ) ) وكان ـ والله ـ محمد ممن ارتضاه (20) .
فقد كان الكليني يراعي ترتيب أبواب كتابه ترتيبا ، منهجيا ، برهانيا ، حتى تؤتي نتائجها الحتمية بشكل منطقي مقبول ، فجعل في كتابه ( الكافي ) للدين سدا لا يستطيع الملحدون أن يظهروه بشبههم وتشكيكاتهم ، ولا يستطيعون له نقب


 

رد مع اقتباس
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 07:19 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية