المرحلة الثالثة: (مرحلة المعرفة الجذرية للمذهب الاثني عشري).
المرحلة الثالثة: (مرحلة المعرفة الجذرية للمذهب الاثني عشري).
والأمر الثالث الذي يجب مراعاته والالتزام به حينما نريد طرح (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) على إخواننا الوهابيين، حتى لا يتعرضوا للانزلاق والخطأ، وحتى لا يرتكبوا جريمة التشويه في حق (حقائق الاثني عشرية وخصائصها)، وحتى نقنعهم بضرورة التقريب بين الاثني عشرية والوهابية؛ هو أنْ ندرس هذه المرحلة بعد ادراك المرحلة الأُولى والمرحلة الثانية. وسبق أنْ ذكرنا هدف المرحلتين السابقتين، أما ا لهدف الرئيسي لهذه المرحلة فيتبلور في معرفة جذور المذهب الاثني عشري.
ولعله مما يحتم الالتزام بهذا المنهج ـ الذي وضعناه لغرض تصحيح منهج الجماعة الوهابية في دراسة الاثني عشرية، ولغرض التقريب بين الاثني عشرية والوهابية ـ أنْ ندرك حقيقة هامة، وهي: إنّنا وجدنا أنّ الطابع العام فيما كتبه أتباع الجماعة الوهابية ومقلدوهم من بعض أهل السنَّة المعاصرين حول الاثني عشرية؛ كان يبدأ بالبحث عن جذور المذهب الاثني عشري قبل أنْ يقوم بدراسة تحليلية لمضامين ومحتويات هذا المذهب، أي قبل أنْ يدرس المرحلة الثانية، مع أنّه لا خلاف بين العلماء المحققين أنّ المعرفة الجذرية ـ لأيّ مذهب من المذاهب ـ تنبثق انبثاقاً ذاتياً من (المعرفة التحليلة)؛ فالمعرفة الجذرية للمذهب الاثني </span>الصفحة 150 عشري هي فرع عن التحليل الكامل لحقائقه وخصائصه (المرحلة الثانية في هذا المنهج). وكل دراسة عن مذهب ـ أيّ مذهب من المذاهب ـ لا تقوم على أساس هذا الترتيب العلمي بين المرحلتين تعتبر دراسة فاشلة، لا يمكن أن يرتضيها العقل السليم ولا الشرع الحكيم.
إنّ مشكلة أتباع الجماعة الوهابية أنهم يبحثون عن (حقيقة نشأة الاثني عشرية)، مع أن هذه الحقيقة من صميم المعرفة الجذرية، ولا علاقة لها بالمعرفة التحليلية المرتبطة بالحقائق الأربع للمذهب الاثني عشري. ولو قاموا بدراسة تحليلية لـ (حقيقة الألوهية والنبوة في المذهب الاثني عشري)، و(حقيقة الشرائع والأحكام في المذهب الاثني عشري)، و(حقيقة أهداف المذهب الاثني عشري)، و(حقيقة معنى بعض المصطلحات عند المذهب الاثني عشري)؛ لما أمكن لهم أن يخلطوا بين نشأة الاثني عشرية ونشأة فِرَق الغلاة، فما دامت تلك الحقائق الأربع السابقة ـ عند الاثني عشرية ـ مستلهمة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة؛ فلا بد أن تكون جذور المذهب الاثني عشري ـ منابعه وهويته ونشأته ـ إسلامية، وإلاّ سنقع في مشكلة التناقض.
* * * *
وفي هذه المرحلة سوف ندرس ما تبقى من الحقائق الثمان التي أشرنا إليها، وهي الحقائق الأربع التي لم نذكرها.
ونحب أن ننبه ـ هنا ـ إلى أنّ الحقائق الثلاث (حقيقة منابع الاثني عشرية، وحقيقة هوية الاثني عشرية، وحقيقة نشأة الاثني عشرية وعلل هذه النشأة) ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعرفة الجذرية للمذهب الاثني عشري. أما حقيقة الإمامة في المذهب الاثني عشري فقد سبق أن أشرنا إلى أنّها ترتبط بالمعرفة التحليلة للمذهب الاثني عشري.
ولعله مما يحتم هذا المنهج أنْ ندرك بصورة مختصرة وسريعة هذه الحقائق الأربع الهامة.
|