![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
الحديث الأول :أخرج ابن حنبل , ومسلم , والحاكم , والطبراني وغيرهم بإسنادهم عن عائشة – واللفظ لصحيح مسلم – أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها ليلاً , قالت : فغرت عليه , فجاء فرأى ما أصنع فقال : مالك يا عائشة أغرت ؟ فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك , فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أقد جاءك شيطانك ! قلت : يا رسول الله أو معي شيطان ؟ قال : نعم , قلت : ومع كل إنسان ؟ قال : نعم , قلت : ومعك يا رسول الله ؟ قال : نعم , ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم .
وفي المستدرك , ومعجم الطبراني , وسنن البيهقي , وصحيح ابن خزيمة , فقلت : أما لك شيطان ؟ وفي صحيح ابن حبان , فقلت : ما لي من شيطان (1) . الحديث الثاني : أخرج النسائي في سننه قال : أخبرنا قتيبة , قال : حديثنا الليث , عن يحيى هو ابن سعيد الأنصاري , عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت , أن عائشة قالت : إلتمستُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأدخلت يدي في شعره , فقال : قد جاءك شيطانك , فقلت : أما لك شيطان ! فقال : بلى , ولكن الله أعانني عليه فأسلم (2) . (1)مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 115 , صحيح مسلم ج 8 ص 139 , المستدرك على الصحيحين ج 1 ص 228 , المعجم الأوسط ج 1 ص 70 , السنن الكبرى للبيهقي ج 2 ص 116 , صحيح ابن خزيمة ج 1 ص 328 , صحيح ابن حبان ج 5 ص 260 . (2) سنن النسائي ج 7 ص 72 , السنن الكبرى للنسائي ج 5 رقم 8908 ص 287 . أقول : الحديث الأول قد رواه مسلم في صحيحه , والحديث الثاني مضافاً إلى رواية النسائي له في سننه , وكتابه من جملة صحاح العامة , فنحن نُبيِّن وثاقة رجال سند الحديث (1). (1) 1 – قتيبة بن سعيد , شيخ البخاري ومسلم .( صحيح البخاري ج 1 ص 12 و 18 و22 و 34 و 42 و 52 و 63 و 75 , صحيح مسلم ج 1 ص 31 و 38 و 42 و 47 و 53 و 55 و 60 ). قال المزي : قتيبة بن سعيد , روى عن الليث ابن سعد , روى عنه الجماعة سوى ابن ماجة , ويقصد من الجماعة أصحاب الصحاح ومنهم النسائي .( تهذيب الكمال ج 63 رقم 4852 ص 523 – 527 ). وثقه يحيى بن معين , وأبو حاتم , والنسائي , وأحمد بن أبي خيثمة , والحاكم , وغيرهم . وقال الفرهياني : قتيبة صدوق , ليس أحد من الكبار إلا وقد حمل عنه بالعراق . ( الجرح والتعديل للرازي ج 7 رقم 784 ص 140 , الثقات ج 9 ص 20 , تاريخ بغداد ج 12 رقم 6942 ص 460 – 465 , تهذيب الكمال ج 23 ص 523 – 536 , تذكرة الحفاظ ج 2 رقم 453 ص 446 – 447 , تهذيب التهذيب ج 8 رقم 641 ص 321 – 323 ). 2 – ليث بن سعد من رجال الصحيح .( صحيح البخاري ج 1 ص 12 و 42 و 75 و 96 و 120 و137 و 179 و 183 , صحيح مسلم ج 1 ص 38 و 43 و 64 و 66 و 92 و 94 ). قال المزي : ليث بن سعد روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري , روى عنه قتيبة بن سعيد البلخي . ( تهذيب الكمال ج 24 رقم 5016 ص 255 – 260 ). وثقه ابن سعد أحمد بن حنبل , ويحيى بن معين , وعلي بن المديني , والعجلي , والنسائي , ويعقوب بن شيبة , وغيرهم . وقال أحمد بن صالح الليث بن سعد : إمام قد أوجب الله علينا حقه . وقال ابن حبان في المشاهير : وكان أحد الأئمة في الد نيا فقهاً , وورعاً , وفضلاً , وعلماً . وقال أبو يعلى الخليلي : كان إمام وقته بلا مدافعة . وقال الذهبي : مناقب الليث عديدة , وهو إمام حجة . ( الطبقات الكبرى ج 7 ص 517 , الجرح والتعديل للرازي ج 7 رقم 1015 ص 179 , مشاهير علماء الأمصار رقم 1536 ص 303 , تاريخ أسماء الثقات رقم 1188 ص 196 , تاريخ بغداد ج 13 رقم 6966 ص 4 – 14 , تذكرة الحفاظ ج 1 رقم 210 ص 224 – 226 , تهذيب الكمال ج 24 ص 255 – 277 , تهذيب التهذيب ج 8 رقم 834 ص 412 – 416 ). 3 – يحيى بن سعيد الأنصاري , من رجال الصحيح . ( صحيح البخاري ج 1 ص 2 و 15 و 53 و 58 و 178 وج 4 ص 11 وج 5 ص 52 وج 6 ص 177 , صحيح مسلم ج 1 ص 163 وج 2 ص 62 و 119 و 160 وج 3 ص 3 ). قال المزي : يحيى بن سعيد , روى عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت , روى عنه الليث بن سعد . ( تهذيب الكمال ج 31 رقم 6836 ص 346 – 350 ). وثقه ابن معين , واحمد بن حنبل , والعجلي , وأبو حاتم , وأبو زرعة , والنسائي , وغيرهم . وقال أحمد بن حنبل : يحيى بن سعيد الأنصاري أثبت الناس . وقال علي بن المديني : أصحاب صحة الحديث وثقاته ومَن ليس في النفس من حديثهم شيء : أيوب بالبصرة , ومنصور بالكوفة , ويحيى بن سعيد بالمدينة , و ..(معرفة الثقات ج 2 رقم 1977 ص 352 , الجرح والتعديل للرازي ج 9 رقم 620 ص 147 – 149 , مشاهير علماء الأمصار رقم 581 ص 130 , الثقات ج 5 ص 521 , تاريخ بغداد ج 14 رقم 7446 ص 106 – 110 , تهذيب الكمال ج 31 رقم 6836 ص 146 – 358 , تذكرة الحفاظ ج 1 رقم 120 ص 137 – 139 , تهذيب التهذيب ج 11 رقم 361 ص 194 – 196 ). 4 – عبادة بن الوليد من رجال الصحيح .( صحيح البخاري ج 8 ص 122 , صحيح مسلم ج 6 ص 16 وج 8 ص 32 ). قال المزي : عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت , روى عن عائشة , روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري. (تهذيب الكمال ج 14 رقم 3111 ص 198 – 199 ). وثقه أبو زرعة , والنسائي , والذهبي , وابن حجر , وصحَّح حديثه الحاكم في المستدرك , وذكره ابن حبان في الثقات , وقال الذهبي : مدني , حُجة .( الجرح والتعديل للرازي ج 6 رقم 496 ص 96 , التعديل والتجريح ج 3 رقم 1019 ص 1051 , الثقات ج 5 ص 144 , تهذيب الكمال ج 14 ص 198 – 199 , سير أعلام النبلاء ج 5 رقم 42 ص 107 , من له رواية في كتب السنة ج 1 رقم 2588 ص 534 , تهذيب التهذيب ج 5 رقم 194 ص 100 , تقريب التهذيب ج 1 ص 471 , المستدرك على الصحيحين ج 1 ص 254 وج 3 ص 355 ). تبدُّلُ حقائق الأشياء : أقول : إنَّ الشيطان يُمثِّل الباطل في كل ما تعنيه الكلمة من معنى , والباطل لا محالة لا ينقلب إلى حق , فإنَّ الباطل نقيضُ الحق , والشيء لا يمكن أن ينقلب في حقيقته إلى نقيضه أي إلى حقيقة أخرى مغايرة له في الكنه والذات , والمضمون والآثار . والشيطان الذي يتجسَّد فيه غير الحق , لا محال له في النفس التي لا مكان لها لغير الحق البتة . وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم هو مظهَر الحق ظاهراً وباطناً , فلا باطل عنده , ولا مطمع للباطل فيه , فلا معنى أن يكون له شيطان , أي أن يكون له قرين من الباطل . الشيطانُ قرينُ الفاسق الجاحد : نعم ورد في كتاب الله تعالى أنَّ قرينَ الباطل هو قرينٌ للذي يُعرِض عن ذكر ربه , *<وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمَنِ نُقَيِّض لهُ شَيطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ >* (1) , فإن المعرض عن ذكر ربه قد أظلم قلبُهُ , وفرغ المحل لقرين الباطل فيه , لذا يجد له مكاناً آمناً , فيعشعش فيه , أللهم إلا إذا رجع الإنسان إلى رشده , وجاهد في سبيل ربه , فإنه في هذه الحالة تضيق على القرين الباطل المضائق , إلى أن يرقى إلى مرتبة عالية من التقوى والورع , فإن الشيطان قد ييأس من مقاربته وإن يبقى للشيطان أملٌ ورجاء فيه , ولكن لا ينحو ما هو أمله ورجاؤه في غيره . فالشيطان يبحث عن محل له ومكان يمكث فيه للوسوسة والإغواء , والنفس إذا ما كانت مخلصة تمام الإخلاص لله تعالى , فلا فسحة للشيطان فيها , ولا ثغرة ينفذ من خلالها إلى قلب ذاك الشخص الطاهر النقي . وهذا المعنى هو ما أشار إليه المولى سبحانه في محكم كتابه , فقد اعترف إبليس اللعين أنه لا يتعرض للمخلصين من عباد الله تعالى , فإن تعرُّضه لهم لا يُرتجى منه أثر , *< قَالَ رَبِّ بِمَا أَغوَيِتَني لأُزَيَّنَنَّ لَهُم فِي الأرضِ وَلأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ * إِلاَ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ >* (2). (1) سورة الزخرف الآية 36 . (2) سورة الحجر الآية 39 – 40 . وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم هو المعصوم , الآمن , الكامل , فما معنى أن يكون له شيطان؟ وجودُ الشيطان في النفس أمرٌ عارضٌ : لا يخفى أنَّ آية *<وَمَن يَعشُ ..>* صريحةٌ في أنَّ الشيطان لا يكون قريناً إلا بعد أن يتعامى الإنسان عن ذكر ربه , وإلا بعد أن يُعرِض عن ذكره , وهذا يعني أنَّ الشيطان كقرين أمرٌ عارضٌ نتيجة الابتعاد عن الحق والتعامي والغفلة عنه . فالإنسان لو لم يقرب من الشيطان بالتعدي على حدود الله تعالى , ولو أن الإنسان لم يرد الاقتراب من الشيطان ومواقع تسويلاته , لَمَا كان للشيطان وجود في ساحته , وإنما الشيطان يتَبع في وجود إرادة الإنسان للشر والباطل . قال سبحانه في محكم كتابه مخاطباً إبليس اللعين *<إِنَّ عِبِادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ إِلا مِنَ الغَاوِينَ >* (1) . وهذه الآية صريحة أيضاً في أنَّ الشيطان تابعٌ في وجود في الإنسان ومعه إلى اختيبار الإنسان نفسه , فإن اختار الإنسان اتِّباع الشيطان فهو مستعدٌ للغواية والإضلال , وإلا فإن لم يرد ولم يختر ذلك , فإن الشيطان ممنوع عنه , والإنسان آمن منه , وإن يبقى للشيطان فيه مطمَع . على أن الشيطان نفسه قد أقرَّ للمولى تعالى واعترف أنه لا يقرب عباد الله المخلَصين *< قَالَ فَبِعِزَّتكَ لاَغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ * إِلاَ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ >* (2). (1)سورة الحجر الآية 42 . (2) سورة ص الآية 82 – 83 . فهل لم يكن سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ينظر السيدة عائشة من عباد الله المخلَصين , ولا من عباده المخلِصين ؟! ويتلخص مما أشرنا إليه , أن دعوى وجود شيطان خاص مع كل إنسان دعوى قد أبطلها صريح كتاب الله تعالى. نعم , لا شبهة أنَّ الشيطان موجودٌ في مواقع المعصية , بمعنى أنَّ الإنسان حالَ كونه عاصياً فإنَّ الشيطان يكون له قريناً وصاحباً , ولا مجال لافتراض تحقُّق الابتعاد عن الشيطان من الإنسان العاصي حال كونه عاصياً , فإنَّ التمرُّد على المولى تعالى وعصيانه ليس إلا أثراً من آثار اتِّباع الشيطان في غوايته وإضلاله . ولا نريد أن نناقش في الموضوع من جهة منافاة الحديث للأصول الاعتقادية , وما ذكرناه كافً للتدليل على بطلان وفساد ما نسبوه إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من أن لكل إنسان شيطاناً . وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلاف غير الحق , وما يخالف كتاب الله تعالى هو الباطل , لذا لا يمكن أن يكون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فهمٌ أو رؤية مناقضة للقرآن الكريم , بقطع النظر عن أنه صلى الله عليه وآله وسلم لا رؤية له مستقلة عن جانب الحق تعالى , لذا لا يمكن تصحيح هذا الحديث بأي وجه , فإنَّ مضمونه مخالفٌ لنصٌ القرآن . على أنه لا يصح أن نفترض أن الله تعالى قد خصَّ لطفاً منه ورحمة وتكرماً كل إنسان بشيطان خاص , أو كَلَ إليه شأن إضلال ذاك الشخص وغوايته , فإن هذا المعنى لا يتوافق مع الحكمة الإلهية من جهة , ولا ينسجم مع رحمانيته تعالى ولطفه بعبادة من جهة ثانية . نعم أوجد المولى سبحانه في الإنسان موادَّ وعناصر يمكن أن يُجنِّدها الإنسان للخير والصلاح , ويمكن أن يجندها للشر والفساد , فإذا عصى وتمرَّد بسوء اختياره فقد أمكنَ الشيطانَ منه , ولكنه إذا أطاع ونهى النفس عن الهوى فقد جعل بينه وبين الشيطان موانع وحواجز وعقبات , وكلما قويت واشتدت , ورسخت في العلم الحق والعمل الصالح قدمُهُ , كلما ضعُف الشيطان . أسئلة لا بد منها : فلماذا تريد منا عائشة أن نعتقد بوجود شيطان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ولكن السيدة عائشة لم تُبيِّن لنا أن شيطان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متى رزقه الله تعالى الإسلام ؟ وهل كان ذلك بعد البعثة أو قبلها ؟ ولم تُبيِّن لنا أن الشيطان الذي أسلم بحيث لا مجال فيه لوقوع الارتداد منه بعد ذلك , وقد أعطى العهود والمواثيق الصادقة !! ولم تُبيِّن لنا حقيقة ذلك الشيطان الخاص الذي كان قابلاً للإيمان , هل أنه كباقي الشياطين , أو أنه تعالى خصَّ حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم بشيطان أضعف من بقية الشياطين تلطفاً منه وتحنناً بصيفه وخيرته صلى الله عليه وآله وسلم ! ولم تُبيِّن لنا السيدة عائشة أن شيطان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مسلَّطاً عليه , أو أنه مجرد صاحب مؤنس له ! وهل أن تسلُّطه قد أفلح مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض المواقع , فكان سبباً قوياً في وقوع ما وقع من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع عليه من باطل , ومن نسيان , ومن سحر , ومن نوم على جنابة , ومن شتم وسبَّ للمسلمين !! وكأن السيدة عائشة تريد أن تقول بأن الله تعالى الذي كان يسارع في هوى حبيبه , كان يسارع أيضاً في إرضاء الشيطان الذي كان مع سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم . ولست أدري , أي ربٍّ كان رب عائشة الذي تفضل على كل إنسان بشيطان خاص , يجالسه ويؤاكله , وأينما يذهب ويجيء معه !! ولو سلمنا جدلاً وتنازلنا عن جميع ما تقدم , غير أن الذي لا مجال لغض الطرف عنه , إهمال السيدة عائشة في بيان المدة التي قضاها الشيطان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وإهمال بيان مقدار وكيفية تأثيره وتسلُّطه على النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم . ولا يفوتنا التنبيه هنا أن الحديث الذي روته لنا السيدة عائشة قد اشتمل على معان خطيرة جداً , ولا يسعنا إلا الاشارة . فقول السيدة عائشة : أما لكَ شيطان ! وقولها : ما لي من شيطان , يفيدان معاني قد اتضح مما سبق بيانها . تصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجب : ولا مجال لنا في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أن للسيدة عائشة شيطاناً فإنها غير معصومة وغير كاملة , ولكننا مضطرين إلى تكذيب الشق الآخر في الحديث وهو أن للنبي شيطاناً , لمناقضته ومعارضته مع صريح القرآن الكريم , ناهيك عن الأدلة العقلية . فثبت بحديث عائشة الذي رواه عنها أعلام ثقاتها أنَّ لها شيطاناً , وصريح كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن شيطان عائشة لم يرزقه الله الإسلام فضلاً عن الإيمان . واللطيف , ولطف الله في سر , أنَّ هذا الحديث الذي أريد منه الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتشكيك به , غدا دليلاً قاطعاً على أنَّ لعائشة شيطاناً . والحمد لله وحده , فقد اهتدينا إلى بعض الأسرار الخفية , وأن ما افُترِيَ على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مما مر عليك , كان من وسوسة شيطان عائشة . وهكذا يكون قتيبة بن سعيد , وليث بن سعد , ويحيى بن سعيد الأنصاري , وعبادة بن الصامت , وغيرهم ممن رووا هذا الحديث , المفترون على سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم , يكونون في الحقيقة مفترين على السيدة عائشة حيث أثبتوا لها شيطاناً خاصاً بها . إقرارُ إنه قد جرى بناء العقلاء على اعتبار إقرار العاقل على نفسه حجة , وبالتالي فإقرارُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنَّ له شيطاناً إقرارٌ من عاقل على ما يعلمه من نفسه , وأما دعواه أنَّ شيطانه قد أسلم , فلم يأتِ عليها بدليل وبرهان . وهنا يأتي دور الظالمين المشكِّكين بمقام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبنبوته , فهم في مندوحة عن الأخذ بدعواه أنَّ شيطانه أسلم , ولكنه لا مجال لعدم قبول إلزامهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وللسيدة عائشة بأنَّ له شيطاناً . بمعنى أنه للظالمين أن يُشكِّكوا بمقام وبنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أقرَّ به على نفسه , ولا تملك السيدة عائشة دليلاً ملزِماً لهم بأن يُصدِّقوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن شيطانه أسلم . فيا ترى , هل أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ساذجاً إلى هذا الحد , بحيث لم يتفطن حتى إلى إخفاء وجود شيطان معه , وهو يعلم جيداً أنَّ هذا الاعتراف له لوازمٌ خطيرة جداً ؟ أم أنَّ السيدة عائشة كانت حريصةً على أن لا يفوت المسلمين شيءٌ مما لا يعرفه الله تعالى , وتعرفه هي وحدها في النبي صلى الله عليه وآله وسلم !! والعجيب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مضافاً إلى وجود شيطان له , لم يتفطن إلى إخفاء ذلك , لا لشيء وإنما ليتحقَّقَ من السيدة عائشة كمالُ التصديق منها بنبوتِهِ وكماله , ورفيعِ شأنه , وعظيمِ محله عند ربه جلت كلمته . الباعث على التحريف : والذي نعتقده أن اتلسيدة عائشة أو من وَضَعَ الحديث على لسانها أرادوا دفع الإشكال الوارد على إقرار أبي بكر بأنَّ له شيطاناً يعتريه , ولكنهم غفلوا عن أنَّ الشيطان أبي بكر لم يُسلِم كما هو الحال أيضاً في شيطان ابنته عائشة . فقد أخرج ابن سعد في الطبقات عن وهب بن جرير , عن أبيه , سمعت الحسن يقول : لمَّا بويع أبو بكر قام خطيباً , فلا والله ما خطب خطبته أحدٌ بعد , فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني وُليِّت هذا الأمر وأنا له كاره , ووالله لوددتُ أنَّ بعضكم كفانيه , ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم أقم به , كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبداً أكرمه الله بالوحي وعصمه به , ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني , فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني , وإن رأيتموني زغتُ فقوموني , واعلموا أنَّ لي شيطاناً يعتريني (1) . أقول : ورجال الحديث من أعيان الثقات عندهم (2) . (1) الطبقات الكبرى ج 3 ص 212 , تاريخ مدينة دمشق ج 30 ص 303 . (2) 1 – الحسن البصري , قال المزي : الحسن بن أبي الحسن , البصري , روى عنه جرير بن حازم .(تهذيب الكمال ج 6 رقم 1216 ص 95 – 99 ). أقول : مضافاً إلى كونه من أهم رجال صحيحي البخاري ومسلم , فإن المدائح الواردة فيه من طرق أبناء العامة , لعله لم ترد في حق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عندهم , وهو عندهم أعظم وأجل من أن يقال فيه ثقة . ( الجرح والتعديل للرازي ج 3 رقم 177 ص 40 , تهذيب الكمال ج 6 ص 95 – 126 , من له رواية في كتب الستة ج 1 رقم 1022 ص 322 , تهذيب التهذيب ج 2 رقم 488 ص 231 – 136 ). 2 – جرير بن حازم , من رجال الصحيح .( صحيح البخاري ج 1 ص 120 وج 2 ص 146 و 179 و 224 وج 4 ص 80 و 113 , صحيح مسلم ج 2 ص 183 وج 4 ص 5 و156 و213 وج 5 ص 198 ). قال المزي : جرير بن حازم , روى عن الحسن البصري , روى عنه ابنه وهب بن جرير بن حازم .( تهذيب الكمال ج 4 رقم 913 ص 524 – 527 ). وثقه عبد الرحمن بن مهدي , ويحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني , وابن معين , وابن سعد , والعجلي , وغيرهم . (سؤالات ابن أبي شيبة ص 57 , الطبقات الكبرى ج 7 ص 278 , تاريخ ابن معين للدارمي رقم 220 ص 88 , تاريخ ابن معين للدوري ج 2 رقم 3609 ص 115 , معرفة الثقات ج 1 رقم 214 ص 267 , الجرح والتعديل للرازي ج 2 رقم 1079 ص 504 – 505 , مشاهير علماء الأمصار رقم 1255 ص 250 , الثقات ج 6 ص 144 , تاريخ أسماء الثقات رقم 172 ص 56 , تهذيب الكمال ج 4 رقم 913 ص 524 – 530 , سير أعلام النبلاء ج 7 رقم 43 ص 98 – 102 , من له رواية في كتب الستة ج 1 رقم 768 ص 291 , تهذيب التهذيب ج 2 رقم 111 ص 60 – 61 ). 3 – وهب بن جرير بن حازم , من رجال الصحيح .( صحيح البخاري ج 1 ص 120 وج 2 ص 146 و 179 و 224 وج 4 ص 80 و 113 , صحيح مسلم ج 2 ص 183 وج 4 ص 5 و156 و 213 وج 5 ص 198 ). قال المزي : وهب بن جرير بن حازم , روى عن أبيه جرير بن حازم .( تهذيب الكمال ج 31 رقم 6753 ص 122 ). قال سليمان القزاز : سألت احمد بن حنبل , قلت : أريد البصرة عمن أكتب ؟ قال : عن وهب بن جرير . ووثقه ابن معين , والعجلي , وابن سعد , والنسائي , وغيرهم . (الطبقات الكبرى ج 7 ص 298 , معرفة الثقات ج 2 رقم 1953 ص 344 , الجرح والتعديل للرازي ج 9 رقم 124 ص 28 , تهذيب الكمال ج 31 ص 122 – 124 , تذكرة الحفاظ ج 1 رقم 318 ص 336 – 337 , سير أعلام النبلاء ج 9 رقم 167 ص 442 – 444 , من له رواية في كتب الستة ج 2 رقم 6105 ص 356 , تهذيب التهذيب ج 11 رقم 273 ص 141 – 142 ). أقول : الحسن البصري وإن لم يُدرك أبا بكر , غير أنه أدرك المئات من الصحابة , وحديث مثله لا يُعتبر عند أبناء العامة مرسَلاً , فلاحظ المصادر التي ذكرناها في الهامش السابق عند التعرض له . على أن ما أقرَّ به أبو بكر قد ورد من طرق عدة . فقد أخرج الطبراني بإسناده عن عيسى بن عطية , قال قام أبو بكر الغد حين بويع فخطب الناس فقال :........إن لي شيطاناً يحضرني (1). وأخرج الطبري في تاريخه بإسناده عن عاصم بن عدي , قال : نادي منادي أبي بكر من بعد الغد من متوفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليتم بعث أسامة , ألا لا يبقَيَنَّ بالمدينة أحدٌ من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف , وقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه , وقال : يا أيها الناس إنما أنا بشرٌ مثلكم , وإني لا أدري لعلكم ستكلفوني ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطيق , إنَّ الله اصطفى محمداً صلى الله عليه وآله وسلم على العالمين , وعصمه من الآفات , وإنما أنا متَّبع ولست بمبتدع , فإن استقمت فتابعوني ,وإنَّ زغت فقوموني , وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قُبِض وليس أح من هذه الأمة يطلبه بمظلمة ضربة سوط فما دونها , ألا وإنَّ لي شيطاناً يعتريني (2) . وأخرج ابن عساكر بإسناده عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر أنه خطب الناس , فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال : إني وليتكم ولست بخيركم , ولعلكم تطلبوني بعمل نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم ولستُ هناك , إنَّ نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم كان يُعصَم بلاوحي , وإنَّ لي شيطاناً يغويني (3). وذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة , فقال : ثم إن أبا بكر قام خطيباً , فحمد الله وأثنى عليه ,......إلى أن قال : فإذا رأيتموني قد استقمت فاتبعوني , وإن زغت فقوموني , واعلموا أنَّ لي شيطاناً يعتريني (4) . (1) المعجم الأوسط ج 8 ص 267 , سبل الهدى والرشاد ج 11 ص 258 . (2)تاريخ الطبري ج 2 ص 460 ,البداية والنهاية ج 6 ص 334 . (3) تاريخ مدينة دمشق ج 30 ص 303 . (4) الإمامة والسياسة ج 1 ص 33 – 34 . وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : قال الزبير بن بكار : فلما كان من الغد , قام أبو بكر فخطب الناس , وقال : أيها الناس , إني وليت أمركم ولست بخيركم فإذا أحسنت فأعينوني , وإن أسأت فقوموني , إنَّ لي شيطاناً يعتريني (1). أقول : وإسناد الطبراني , والطبري , وابن عساكر وإن لم يكن سليماً صحيحاً , غير أنه لا معنى لاجتماع الرواة في رواية ذلك وهم غير متَّهمون في ولاء أبي بكر وفي حبِّه . ولو لم يكن إلا أنَّ هذا مما ذكره ابن قتيبة الناصبي (2) , لكفى , فإن مثله لا يمكن أن يتهمه أحد في غاية إخلاصه لأبي بكر . (1)شح نهج البلاغة ج 6 ص 20 . (2) قال الدارقطني : كان ابن قتيبة منحرفاً عن العترة . وقال ابن أبي الحديد : وابن قتيبة غير متَّهم في حق عليٍ عليه السلام , على المشهور من انحرافه عنه . وقال ابن حجر معقباً على كلام السلفي : قلت : والذي يظهر لي أن مراد السلفي بالمذهب النصب , فان في ابن قتيبة انحرافاً عن أهل البيت عليه السلام . (لسان الميزان ج 3 ص 358 – 359 , لسان الميزان ج 3 ص 358 – 359 , شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 19 ص 218 ). تشابهت قلوبهم : ثم إنه ورد على لسان امرأة أبي لهب التعبير بالشيطان عن جبرئيل عليه السلام أو عن الله تعالى . فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما بإسنادهم جندب بن سفيان – واللفظ للبخاري – قال : اشتكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً , فجاءت امرأة فقالت : يا محمد , إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك , لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً , فأنزل الله عز وجل *<وَالضُّحَى * وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى >* (1). أقول : والمرأة هي امرأة أبي لهب كما وقع التصريح بذلك في مستدرك الحاكم , وفي معجم الطبراني أنها بعض بنات عمه , وفي أسباب النزول وتاريخ دمشق , أنها إمرأة من قريش (2). ولكن مع هذا ادَّعى عروة بن الزبير وعبد الله بن شداد أنَّ القائلة هي سيدتنا ومولاتنا خديجة صلوات الله وسلامه عليها , وقد عبَّرت بربك أو بصاحبك . فقد أخرج ابن أبي شيبة , والحاكم , وابن جرير , والواحدي بإسنادهم عن عروة بن الزبير – واللفظ لابن أبي شيبة – قال : أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجزع جزعاً شديداً , فقالت له خديجة : إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعتك , قال : فنزلت :*<وَالضُّحَى * وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى >*(3) . وأخرج ابن جرير بإسناده عن عبد الله بن شداد , أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما أرى ربك إلا قد قلاك , فأنزل الله :*<وَالضُّحَى * وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى >*(4). مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 313, صحيح البخاري ج 6 ص 86 و 97 , صحيح مسلم ج 5 ص 182 , المعجم الكبير ج 2 ص 173 , صحيح ابن حبان ج 14 ص 524 , السنن الكبرى للبيهقي ج 3 ص 14 , أسباب نزول الآيات ص 301. (2) المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 526 , لباب النقول ص 212 , المعجم الكبير ج 2 ص 173 , أسباب نزول الآيات ص 301 , تاريخ مدينة دمشق ج 34 ص 309 . (3)المصنف لابن أبي شيبة ج 7 رقم 126 ص 438 , المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 610 , جامع البيان ج 30 ح 2905 ص 291 , أسباب نزول الآيات ص 302 , لباب النقول ص 213. (4) جامع البيان ج 30 ح 29046 ص 291 . أن يُحرِّف عليها ما يُشينها مع كثرة الدواعي لهم , ولا ان يجد لها خطأ واحداً في قول أو عمل ليسجِّلَه عليها , على الرغم من ظلم التاريخ وجفائه . ثانياً :إنَّ السياق الوارد في الحديثين يكشف عن سوء أدب في التعبير , وسيدتنا خديجة الكبرى عليها السلام وهي سيدة نساء العالمين منزَّهةٌ عن مثل هذا , بل إنَّ أدنى المؤمنات منزَّهة عما هو أدنى من هذا . ثالثاً : لا معنى لبلوغ القائلة لهذا الكلام درجة من الكمال بحيث يبعث ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على إدامة ذكره لها وثنائه عليها كلما سنحت الفرصة , كما سيأتي الحديث عن هذا بالتفصيل (1). رابعاً : إن عروة بن الزبير قد تولَّد بعد وفاة خديجة صلوات الله عليها بما يزيد عن ثلاثين سنة , وقد أشرنا إلى ذلك عند الكلام في أحاديث الطائفة الثالثة , وأما عبد الله بن شداد فقد تولَّد بعد وقعة اُحُد , حيث تزوج أبوه شداد أمة سلمى بنت عميس , ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد رآه (2) . ومقام خديجة صلوات الله عليها أرفع من أن تدنسه ادعاءات واهية , وفرق واضح جداً بين ما حدثتنا به حتى الآن عائشة عن إيمانها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , بحيث لا مجال للتشكيك بحديثها , وبين أن يكون كلام ابن الزبير دليلاً على القدح بإيمان خديجة عليها السلام . ونحن وإن نملك الدليل القاطع على براءة سيدتنا خديجة عليها السلام , وتاريخها يشهد ببراءتها بعشرات الشواهد , ولا يسع المجال لتفصيل القول في هذا , ونكتفي بالإشارة إلى بعض ما ذكره بعض أعلام أبناء العامة . (1) الفصل الثالث ص 279 و 283 . (2) تهذيب الكمال ج 15 رقم 3330 ص 81 – 82 , العلل ج 2 رقم 3524 ص 533 , تقريب التهذيب ج 1 ص 501 , الإصابة ج 4 ص 465 وج 5 رقم 6192 ص 11 . قال ابن حجر , قال : وقد حكى ابن بطال عن تفسير بقي بن مخلد , قال : قالت خديجة عليها السلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حين أبطأ عنه الوحي إنَّ ربك قد قلاك , فنزلت والضحى , وقد تعقَّبه ابن المنير ومن تبعه بالإنكار , لأن خديجة عليها السلام قوية الإيمان , لا يليق نسبة هذا القول إليها (1). وقال ابن كثير معلِّقاً على حديث ابن الزبير وابن شداد : فإنه حديث مرسل من هذين الوجهين , ولعل ذكر خديجة عليها السلام ليس محفوظاً , أو قالته على وجه التأسف والتحزن والله أعلم (2) . (1)فتح الباري ج 3 ص 7. (2) تفسير ابن كثير ج 4 ص 558 . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |