![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() المسألة الثانية : في المسح على الخفين أطبقت الشيعة على عدم جواز المسح عليهما ، سائرين في ذلك على نهج الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ومستضيئين في ذلك بحجج مروية عنهم ، فمنها : ما رواه الكلبي النسابة عن الصاق ( عليه السلام ) في حديث قال : قلت له : ما تقول في المسح على الخفين فتبسم ، ثم قال : " إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شئ إلى شيئه ، ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم " ( 1 ) . ومنها : ما وراه أبو الورد قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إن أبا ظبيان حدثني أنه رأى عليا ( عليه السلام ) أراق الماء ثم مسح على الخفين ، فقال : " كذب أبو ظبيان ، أما بلغك قول علي ( عليه السلام ) فيكم : سبق الكتاب الخفين " ؟ فقلت : فهل فيها رخصة ؟ فقال : " لا ، إلا من عدو تتقيه ، أو ثلج تخاف على رجليك " ( 2 ) . ومنها : ما رواه زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : " جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفيهم علي ( عليه السلام ) فقال : ما تقولون في المسح على الخفين ؟ فقام المغيرة بن شعبة ، فقال : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يمسح على الخفين . فقال علي ( عليه السلام ) : قبل المائدة أو بعدها ؟ فقال : لا أدري . فقال ( عليه السلام ) : سبق الكتاب الخفين ، إنما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة " ( 3 ) . أما فقهاء أهل السنة فقد ذكر لهم ابن رشد ومحيي الدين ابن عربي ثلاثة أقوال، وذكر الدسوقي أربعة أقوال ، وحكى النووي عن المحاملي ستة آراء كلها منسوبة إلى مالك بن أنس . فحاصل الأقوال ثمانية . الأول : وجوب المسح على الخفين إذا كان لابسا لهما . قال الدسوقي : قاله في ( التوضيح ) ( 4 ) . ‹ صفحة 133 › الثاني : استحباب المسح عليهما . وهو قول الحنابلة [ أ ] وبعض الحنفية [ ب ] وبعض المالكية [ ج ] ( 1 ) . الثالث : الجواز للمسافر دون الحاضر . وهذا أحد الأقوال التي ذكروها ، وهو قول مالك بن أنس [ ا ] وابن الحاجب [ ب ] ( 2 ) . الرابع : الجواز للحاضر دون المسافر . الخامس : الجواز مؤقتا . السادس : الجواز على الكراهة . فقد نسب النووي والمحاملي هذه الأقوال الثلاثة إلى مالك أيضا ( 3 ) . السابع : الجواز رخصة وعلى الإطلاق . وهو قول جمهور فقهاء أهل السنة ، حتى روي عن أبي حنيفة أن المسح على الخفين من شرائط أهل السنة [ أ ] . وشدد الكرخي فيه - كما حكي عنه - قائلا : أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين [ ب ] . ونسب مثل قوله إلى أبي حنيفة أيضا [ ج ] ، وقال أبو يوسف بجواز نسخ الكتاب بخبر المسح على الخف [ د ] ( 4 ) . والعجب من أبي حنيفة والكرخي خوفهما الكفر على من لا يرى مثل رأيهم في المسح على الخفين ، ومن عد أبي حنيفة إياه من أهل البدعة ، مع أن الأقوال الثلاثة كما تراها ، وكما قال ابن رشد : ( مروية عن الصدر الأول وعن مالك ، وكان من الصحابة من يرى أن آية الوضوء ناسخة لتلك الآثار ، وهو مذهب ابن ‹ صفحة 134 › عباس ( رضي الله عنه ) ) ( 1 ) . وفي المحلى : ( المانعون من المسح على الخفين من الصحابة رضي الله عنهم أكثر من المانعين من المسح على العمامة ) ( 2 ) . وقال القرطبي : ( قال ابن عباس ( رضي الله عنه ) : إن المسح على الخفين منسوخ بسورة المائدة ) ( 3 ) . وقد استدل الجمهور للجواز بأخبار مستفيضة في مصادرهم ، أشهرها ما رووه عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والمغيرة بن شعبة وسعد بن أبي وقاص وبلال بن رباح وجرير بن عبد الله البجلي ، وهي : 1 - أخرج أبو داود عن علي ( رضي الله عنه ) قال : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يمسح على ظاهر خفيه " ( 4 ) . 2 - أخرج البخاري عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه خرج لحاجته فأتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء ، فصب عليه حين فرغ من حاجته ، فتوضأ ومسح على الخفين ( 5 ) . 3 - أخرج النسائي عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه مسح على الخفين ( 6 ) . 4 - أخرج مسلم عن بلال أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح على الخفين والخمار . 5 - أخرج مسلم عن جرير أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه ، فقيل : تفعل هذا ؟ فقال : نعم رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بال ثم توضأ ومسح على خفيه ( 7 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 132 › ( 1 ) وسائل الشيعة 1 : 458 ، ب 38 ، ح 4 . ( 2 ) تهذيب الأحكام 1 : 352 / 1092 ، الإستبصار 1 : 76 / 236 ، وسائل الشيعة 1 : 458 ، ب 38 ، ح 5 . ( 3 ) تهذيب الأحكام 1 : 361 / 1091 ، وسائل الشيعة 1 : 458 ، ب 38 ، ح 6 . ( 4 ) حاشية الدسوقي 1 : 141 . ‹ هامش ص 133 › ( 1 ) [ أ ] ، [ ب ] الفقه على المذاهب الأربعة 1 : 135 [ ج ] حاشية الدسوقي 1 : 141 . ( 2 ) بداية المجتهد 1 : 19 ، الفتوحات المكية 1 : 449 ، المجموع 1 : 476 ، حاشية الدسوقي 1 : 141 [ ا ] ، [ ب ] فتح الباري 1 : 244 [ ا ] المدونة الكبرى 1 : 45 ، الجامع لأحكام القرآن 6 : 100 ، مفاتيح الغيب 6 : 167 ، بدائع الصنائع 1 : 8 ، أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 348 . ( 3 ) المجموع ( النووي ) 1 : 476 . ( 4 ) [ ب ] ، [ د ] المبسوط ( السرخسي ) 1 : 98 ، شرح العناية 1 : 99 [ أ ] بدائع الصنائع 1 : 8 [ ب ] إرشاد الساري 1 : 278 [ ج ] فتح القدير 1 : 99 [ د ] أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 348 . ‹ هامش ص 134 › ( 1 ) بداية المجتهد 1 : 19 . ( 2 ) المحلى 2 : 61 . ( 3 ) الجامع لأحكام القرآن 6 : 93 . ( 4 ) سنن أبي داود 1 : 44 / 162 . ( 5 ) صحيح البخاري 1 : 66 / 203 ، صحيح مسلم 1 : 140 / 274 . ( 6 ) سنن النسائي 1 : 82 . ( 7 ) صحيح مسلم 139 / 272 ، 142 / 275 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]() نظرة فيما استدل به الجمهور من الأخبار أما بالنسبة إلى ما رووه عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقد تقدم ما أشرنا إليه سابقا من ‹ صفحة 135 › مراحل التحريف في ذلك الخبر ، فهذه آخر مرحلة من مراحل التحريف فيه ، فبعد أن اكتسب المحرفون المهارة والتجارب من المراحل القبلية ، حرفوها بشكل كامل . فراجع الخبر بأسانيده كي يتضح لك الأمر . وأما بالنسبة إلى خبر المغيرة بن شعبة ، فلا شك أنه كان قبل نزول المائدة ، لأن القصة كانت في غزوة تبوك ( 1 ) . وأما بالنسبة إلى خبر سعد ، فسترى إنكار عمار بن ياسر عليه ثم المحاكمة إلى عمر بن الخطاب وحل المشكلة من قبل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في خبر ، وإنكار عبد الله بن عمر عليه ثم المحاكمة إلى الخليفة وحل المسألة من قبل عبد الله بن عباس ( رضي الله عنه ) ، كما في خبر آخر . وأما بالنسبة إلى خبر بلال ، فلا يبعد أن يكون عدم نزع النبي ( صلى الله عليه وآله ) لخفيه ومسحه على قدميه فيهما ، وبعد بلال منه سببا لتوهم بلال أنه يمسح على خفيه كتوهمه في المسح على العمامة ، كما قال جابر ( رضي الله عنه ) : ( رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حسر العمامة عن رأسه ومسح على ناصيته ، وكان بلال بعيدا منه ، فظن أنه مسح على العمامة حين لم يضعها عن رأسه ) ( 2 ) . وأما على العموم ، فنقول : أولا : إن جميع أخبارهم في المسح كان قبل نزول المائدة ، لأنه قد ثبت عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وابن عباس ( رضي الله عنه ) وعائشة وغيرهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما مسح بعد ما أنزلت المائدة ، كما يأتي عن قريب . وثانيا : لا يبعد أن يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح على خفيه لأجل إزالة الغبار منهما . ويؤيده ما رواه مسلم عن المغيرة بن شعبة ، قال : كنت مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) . . . فتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم مسح على الخفين ( 3 ) . فإن ظاهر الخبر أن المسح كان بعد إتمام ‹ صفحة 136 › وضوئه الذي توضأه للصلاة . وثالثا : يمكن أن يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح على قدميه بدون نزع خفيه ، فتوهم هؤلاء أنه يمسح على الخفين . ويؤيده بعض الأخبار المروية من الطرفين : فمن طريق الشيعة ما رواه الصدوق : ( ولم يعرف للنبي ( صلى الله عليه وآله ) خف إلا خفا أهداه له النجاشي ، وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا ، فمسح النبي ( صلى الله عليه وآله ) على رجليه وعليه خفاه ، فقال الناس : إنه مسح على خفيه ) ( 1 ) . ومن طريق أهل السنة ما رواه محدثو القوم عن بريدة وابنه عبد الله والمغيرة ابن شعبة أن النجاشي أهدى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خفين ساذجين أسودين ، فلبسهما ومسح عليهما ( 2 ) . وما روي عن ابن عمر أنه قال : ( إذا لم يكن الخف يغطي جميع القدم فليس هو بخف ، يجوز المسح عليه ، وكان خفاف المهاجرين والأنصار مخرقة مشقوقة ، وكانوا يمسحون عليها ) ( 3 ) . وما رواه البيهقي عن الثوري : ( وكان خفاف المهاجرين والأنصار مخرقة مشقوقة ) ( 4 ) . هذا ، مع اختلاف الألفاظ في رواياتهم ، ففي رواية المغيرة [ أ ] وحذيفة [ ب ] جاء : ( ومسح على نعليه ) بدل : ( خفيه ) . وفي لفظ آخر للمغيرة : ( رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يمسح على الجوربين والنعلين ) [ ج ] وفي ثالث له : ( يمسح على النعلين والقدمين ) [ د ] . وفي رابع له : ( ومسح قدميه وعلى خفيه ) [ ه ] فهذا ظاهر في أنه مسح على قدميه في النعلين ( 5 ) . ‹ صفحة 137 › والأكثر صراحة من جميع ذلك ما رواه أوس بن أبي أوس قال : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) توضأ ومسح بالماء على قدميه ، وكان فيهما خفان ) ( 1 ) . وأما بالنسبة إلى خبر جرير بن عبد الله البجلي فهو أقوى أدلة القوم حجة في المسح على الخفين كما قال الحافظ العسقلاني ( 2 ) ، وأشهر أخبارهم دليلا على جوازه . أخرجه جميع أهل السنن والمسانيد في تصنيفاتهم ، ونقله مفسروهم في تفاسيرهم واستدل به فقهاؤهم في تأليفاتهم ، مع الإتيان بقول إبراهيم : ( كان يعجبهم هذا الحديث ، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ) . فأقول : إن تعجبهم به كان بلا طائل ، وسرورهم به كان بلا موجب ، لأن جريرا أسلم قبل نزول المائدة بيقين . فقد قال ابن سعد وابن قتيبة وابن حبان والبلاذري وابن الجوزي ونقله الطبري عن الواقدي : إن جريرا قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سنة عشر ، في رمضان ( 3 ) . قال ابن سعد : ( أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال : قدم جرير بن عبد الله البجلي سنة عشر المدينة ، ومعه قومه مائة وخمسون رجلا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك " . فطلع جرير على راحلته ومعه قومه ، فأسلموا وبايعوا ) ( 4 ) . ‹ صفحة 138 › قال زيني دحلان : ( وقد شهد جرير حجة الوداع ، فكان إرساله إلى ذي الخلصة بعدها ) ( 1 ) . قال ابن حجر العسقلاني : ( اختلف الناس في وقت إسلامه ، ففي الطبراني ( الأوسط ) من طريق الحصين بن عمر الأسلمي ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال : لما بعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) أتيته فقال : " ما جاء بك " ؟ قلت : جئت لأسلم ، فألقى إلي كساءه وقال : " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " . وجزم ابن عبد البر بأنه أسلم قبل وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأربعين يوما . وهو غلط ، ففي الصحيحين عنه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال له : " استنصت الناس " في حجة الوداع ( 2 ) . وجزم الواقدي بأنه وفد على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في شهر رمضان سنة عشر ، وأنه بعثه إلى ذي الخلصة بعد ذلك ، وأنه وافى مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) حجة الوداع من عامه . وفيه عندي نظر ، لأن شريكا حدث عن الشيباني عن الشعبي عن جرير قال : قال لنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " إن أخاكم النجاشي قد مات " الحديث . أخرجه الطبراني ( 3 ) فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر ، لأن النجاشي مات قبل ذلك ) ( 4 ) . فقد اتضح أن جريرا كان في حجة الوداع مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقينا ، سواء قلنا بإسلامه في سنة عشر ، أو قبل ذلك ، أو في أول البعثة . واتضح أن إسلامه كان قبل نزول المائدة قطعا ، سواء قلنا بنزولها عندما كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعرفات أو بعد ذلك عند رجوعه إلى المدينة في الطريق أو بعد وصوله إلى المدينة . القول الثامن : عدم جواز المسح على الخفين مطلقا ، وأنه منسوخ بآية المائدة . وهو مروي في كتب القوم عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) [ أ ] وابن عباس ( رضي الله عنه ) [ ب ] وعائشة ‹ صفحة 139 › [ ج ] وعبد الله بن عمر [ د ] وأبي هريرة [ ه ] وزيد بن علي [ و ] ويحيى بن عبد الله بن الحسن [ ز ] ومالك [ ح ] وأبي بكر بن داود [ ط ] وبعض الحنابلة [ ي ] ومنسوب إلى الخوارج [ ك ] وهو قول بعض أئمة الزيدية [ ل ] وادعى بعضهم إجماع آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) على ذلك [ م ] . وروي عن الإمام الحسين بن علي ( عليه السلام ) : " إنا ولد فاطمة رضي الله عنها لا نمسح على الخفين " [ ن ] ( 1 ) . فقد استدل هؤلاء : أولا : بكتاب الله : * ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) * فإن الله أمر بطهارة الأرجل ، ولا شك أن الخف ليس برجل . وثانيا : ببعض أخبار مروية عن الصحابة والتابعين في ذلك . فمنها : ما أخرجه أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وعلي بن عباس والإمام قاسم بن محمد والبيهقي وغيرهم عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أنه قال : " سبق الكتاب الخفين " ثم قال الإمام قاسم بن محمد : وهو في ( أصول الأحكام ) و ( الشفاء ) ( 2 ) . ومنها : ما رواه علي بن عباس وغيره عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليه الصلاة والسلام أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح قبل نزول المائدة ، فلما نزلت آية ‹ صفحة 140 › المائدة لم يمسح بعدها ( 1 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 134 › ( 1 ) بداية المجتهد 1 : 19 . ( 2 ) المحلى 2 : 61 . ( 3 ) الجامع لأحكام القرآن 6 : 93 . ( 4 ) سنن أبي داود 1 : 44 / 162 . ( 5 ) صحيح البخاري 1 : 66 / 203 ، صحيح مسلم 1 : 140 / 274 . ( 6 ) سنن النسائي 1 : 82 . ( 7 ) صحيح مسلم 139 / 272 ، 142 / 275 . ‹ هامش ص 135 › ( 1 ) سنن الدارقطني 1 : 195 وسنن النسائي 1 : 62 . ( 2 ) المبسوط ( السرخسي ) 1 : 101 . ( 3 ) صحيح مسلم 1 : 140 / 77 . ‹ هامش ص 136 › ( 1 ) من لا يحضره الفقيه 1 : 48 / 10 ، وسائل الشيعة 1 : 461 ، ب 38 ، ح 15 . ( 2 ) سن أبي داود 1 : 42 / 154 ، سنن ابن ماجة 1 : 182 / 549 ، سنن البيهقي 1 : 282 ، 283 ، كشف الغمة 1 : 45 . ( 3 ) كشف الغمة 1 : 45 . ( 4 ) السنن الكبرى 1 : 283 . ( 5 ) [ أ ] أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 350 ، سنن أبي داود 1 : 43 / 159 ، سنن الترمذي 1 : 167 / 99 ، وصححه . [ ب ] سنن البيهقي 1 : 100 وجامع البيان 6 : 134 . [ ج ] ، [ د ] كشف الغمة 1 : 45 . [ ج ] سنن ابن ماجة 1 : 185 / 559 . [ ه ] المعجم الأوسط 6 : 154 / 5315 . ‹ هامش ص 137 › ( 1 ) كشف الغمة 1 : 37 . ( 2 ) تفسير المراغي 6 : 63 . ( 3 ) الطبقات الكبرى 2 : 110 والمعارف 1 : 292 وتاريخ الصحابة ( ابن حبان ) : 59 وأنساب أشراف 1 : 384 وفي ط بيروت : 492 والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم 3 : 383 وتاريخ الطبري 2 : 408 . ( 4 ) الطبقات الكبرى 2 : 110 . ‹ هامش ص 138 › ( 1 ) السيرة النبوية 2 : 339 . ( 2 ) صحيح البخاري 1 : 44 / 121 و 5 : 147 / 2405 و 8 : 45 / 6869 و 117 / 9080 وصحيح مسلم 1 : 53 / 65 . ( 3 ) المعجم الكبير 2 : 323 / 2346 - 2348 و 2350 . ( 4 ) الإصابة في تمييز الصحابة 1 : 582 . ‹ هامش ص 139 › ( 1 ) [ ب ] ، [ ج ] ، [ ه ] ، [ ح ] ، [ ك ] الجامع لأحكام القرآن 6 : 93 ، 100 [ أ ] ، [ ب ] ، [ ج ] ، [ ه ] المصنف ( ابن أبي شيبة ) 1 : 185 ، 186 [ أ ] ، [ ب ] ، [ ج ] ، [ م ] الاعتصام بحبل الله 1 : 214 - 219 [ أ ] ، [ و ] ، [ ن ] مسند الإمام زيد : 74 ، 75 [ ط ] ، [ ك ] ، [ ل ] البحر الزخار 1 : 69 [ ج ] ، [ ه ] ، [ ح ] نيل الأوطار 1 : 177 [ ب ] ، [ ج ] ، [ ه ] فتح القدير ، 1 : 99 [ ب ] ، [ ج ] ، [ ح ] مفاتيح الغيب 6 : 167 [ ك ] ، [ ح ] ، [ ط ] المجموع 1 : 476 [ أ ] ، [ ب ] السنن الكبرى 1 : 272 ، 273 [ ح ] ، [ ب ] بداية المجتهد 1 : 19 [ أ ] ، [ د ] إرشاد الساري 1 : 278 [ ح ] ، [ ك ] فتح الباري 1 : 244 ، رحمة الأمة 1 : 26 ، تحفة الأحوذي 1 : 313 [ ط ] ، [ ك ] حلية العلماء 1 : 159 [ ج ] ، [ ب ] المبسوط 1 : 98 وبدائع الصنائع 1 : 8 [ ز ] مقاتل الطالبيين : 468 [ ي ] الإنصاف 1 : 169 [ ح ] أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 348 ، حاشية الدسوقي 1 : 141 ، وذكر القول في الفتوحات المكية ، 1 : 449 . ( 2 ) مسند الإمام زيد : 75 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 218 ، المصنف ( ابن أبي شيبة ) 1 : 186 ، السنن الكبرى 1 : 272 ، نيل الأوطار 1 : 177 ، لسان الميزان 7 : 120 . ‹ هامش ص 140 › ( 1 ) مسند الإمام زيد بن علي : 72 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 217 . |
![]() |
![]() |
#3 |
خادم الحسين
![]() |
![]() ومنها : ما روي عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أنه أقام اثنين وعشرين شاهدا من الصحابة عند عمر ، فشهدوا أن المسح كان قبل نزول المائدة . قال الشوكاني : ( وأما القصة التي ساقها الأمير الحسين في ( الشفاء ) وفيها المراجعة الطويلة بين علي ( عليه السلام ) وعمر واستشهاد علي ( عليه السلام ) لاثنين وعشرين من الصحابة فشهدوا بأن المسح كان قبل المائدة ، فقال ابن البهرام : لم أر هذه القصة في شئ من كتب الحديث ) ( 2 ) . الحمد لله الذي لم يجعل رؤية الأشخاص شرطا لصحة الروايات ، لا ابن البهرام ولا الشوكاني . فإليك القصة بإسنادها أخذها أحد أئمة الزيدية عن ثلاثة من كتبهم . قال الإمام قاسم بن محمد : ( وفي ( شرح التجريد ) : أخبرنا أبو الحسين بن إسماعيل قال : حدثنا الناصر ( عليه السلام ) قال : حدثنا محمد بن منصور قال : حدثنا أحمد ابن عيسى عن حسين عن أبي خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي ( عليهم السلام ) قال : لما كان في ولاية عمر جاء سعد بن أبي وقاص فقال : يا أمير المؤمنين ما لقيت من عمار ؟ قال : وما ذلك ؟ قال : خرجت وأنا أريدك ومعي الناس ، فأمرت مناديا فنادى بالصلاة ثم دعوت بطهور فتطهرت ومسحت على خفي وتقدمت أصلي ، فاعتزلني عمار ، فلا هو اقتدى بي ولا هو تركني فجعل ينادي من خلفي : يا سعد الصلاة بغير وضوء . فقال عمر : يا عمار ، اخرج مما جئت به . فقال : نعم ، كان المسح قبل المائدة . فقال عمر : يا أبا الحسن ، ما تقول ؟ قال : " أقول : إن المسح كان من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بيت عائشة ، والمائدة نزلت في بيتها " . فأرسل عمر إلى عائشة . فقالت : كان المسح قبل المائدة . وقالت لعمر : والله لأن ‹ صفحة 141 › تقطع قدماي بعقبيهما أحب إلي من أن أمسح عليهما – يعني : الخفين - قال عمر : لا نأخذ بقول امرأة ، ثم قال : أنشد الله امرأ شهد المسح من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما قام . فقام ثمانية عشر رجلا كلهم رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يمسح وعليه جبة شامية ضيقة الردنين ، فأخرج يديه من تحتها ، ثم مسح على خفيه . فقال عمر : ما ترى يا أبا الحسن ؟ فقال : " سلهم قبل المائدة أو بعدها " ؟ فسألهم ، فقالوا : لا ندري . فقال علي ( عليه السلام ) : " أنشد الله امرأ مسلما علم أن المسح كان قبل المائدة لما قام " . فقام اثنان وعشرون رجلا ، فشهدوا . فتفرق القوم ، وهؤلاء يقولون : لا نترك ما رأينا ، وهؤلاء يقولون : لا نترك ما رأينا ) . ثم قال الإمام الزيدي وهو في ( أصول الأحكام ) و ( الشفاء ) ( 1 ) . وأشار إليها الإمام يحيى المرتضى مستدلا بها على نسخ أخبار المسح على الخفين في ( البحر ) ( 2 ) . وأخرجه أبو علي الكوفي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) باختصار ( 3 ) . ومنها : ما رواه علي بن عباس عن زيد بن علي عن أبيه عن جده الحسين بن علي ( رضي الله عنه ) قال : " إنا ولد فاطمة - رضي الله عنها - لا نمسح على الخفين ، ولا كمة ولا خمار ولا جهاز " ( 4 ) . ومنها ما أخرجه أحمد بن حنبل والبيهقي وأخرجه الطبراني عن كل من مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) ، - واللفظ لأحمد - ، قال ابن عباس ( رضي الله عنه ) : ( أنا عند عمر ( رضي الله عنه ) حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين ، فقضى عمر لسعد ، فقلت : يا سعد ، قد علمنا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح على خفيه ، ولكن ‹ صفحة 142 › أقبل المائدة أم بعدها ؟ فقال : روح أو بعدها . قال : لا يخبرك أحد أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح عليهما بعد ما أنزلت المائدة . فسكت عمر ) . ثم قال البيهقي : أخبرنا بصحة ذلك أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ( 1 ) . أقول : وقد تقدم ما رواه الطبراني في ( الأوسط ) عن ابن عباس أنه قال : ( ذكر المسح على القدمين عند عمر سعد وعبد الله بن عمر ، فقال عمر : سعد أفقه منك . فقال عمر : يا سعد ، إنا لا ننكر أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح ، ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة ) ؟ . وقد ذكرنا هناك أن فيه تأملا ، ووجهه أنه جاء في لفظ أحمد والبيهقي كما رأيت ، وكذلك في لفظ البخاري : ( المسح على الخفين ) بدل : ( المسح على القدمين ) ( 2 ) . فيفهم أن لفظ : ( المسح على القدمين ) كان خطأ من الرواة مع أن المذكور في النسخة الموجودة عندنا من الأوسط هو ( المسح على الخفين ) ( 3 ) . فيكون حاصل الجمع بين الخبرين هكذا : أخبر سعد المسح على الخفين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأنكر عليه ابن عمر ، ثم تحاكما إلى الخليفة وابن عباس ( رضي الله عنه ) عنده فأراد عمر تجليل سعد بن وقاص في مقابل ابنه فقال : ( سعد أفقه منك ) ، ثم أبدى الخليفة تردده وجهله بحكم المسألة فقال : ( يا سعد ، إنا لا ننكر أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح ، ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة ) ؟ ، فبين لهم ابن عباس ( رضي الله عنه ) حكم المسألة قائلا : ( لا يخبرك أحد أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح بعد المائدة ) . فسكت عمر . ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) أنه قال : ( ما أبالي مسحت على الخفين أو مسحت على ظهر بختي هذا ) ( 4 ) . ‹ صفحة 143 › وما روي عنه : ( لأن أمسح على ظهر عير في الفلاة أحب إلي من أن أمسح على الخفين ) ( 1 ) . ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة وبعض أئمة الزيدية عنه أيضا أنه قال : " سبق الكتاب الخفين " . قال القاسم بن محمد : وهذا في ( أصول الأحكام ) و ( الشفاء ) ( 2 ) . ومنها : ما روي عنه : سئل ابن عباس ( رضي الله عنه ) هل مسح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الخفين فقال : ( والله ما مسح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الخفين بعد نزول المائدة ، ولأن أمسح على ظهر عير في الفلاة أحب إلي من أمسح على الخفين ) ( 3 ) . ومنها : ما أخرجه أحمد والبلاذري وغيرهما عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) أنه قال : ( سلوا هؤلاء الذين يرون المسح : هل مسح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد نزول المائدة ؟ والله ما مسح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد نزول المائدة ، ولأن أمسح على ظهر عابر بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على الخفين ) ( 4 ) . وما رواه الإمام الزيدي عن ( شرح التجريد ) و ( أصول الأحكام ) و ( الشفاء ) هكذا : قال ابن عباس : ( مسح رسول الله على الخفين ، فاسأل الذين يزعمون : أقبل المائدة أم بعدها ؟ ما مسح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد المائدة ، ولأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على الخفين ) ( 5 ) . ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ، ونقل الإمام قاسم بن محمد عن ( شرح التجريد ) و ( أصول الأحكام ) و ( الشفاء ) عن عائشة قالت : ( لأن أخرهما بالسكاكين أحب إلي من أن أمسح عليهما . يعني : الخفين . أو لأن أخرهما أو أخر أصابعي بالسكين أحب إلي من أن أمسح عليهما ) ( 6 ) . ومنها : ما روي عنها : ( لأن أقطع رجلي بالموسى أحب إلي من أن أمسح على ‹ صفحة 144 › الخفين ) ( 1 ) . وما روي عنها : ( لأن تقطع قدماي أحب إلي من أن أمسح على الخفين ) ( 2 ) . ومنها : ما أخرجه البخاري في التاريخ أنه سئل أبو هريرة عن المسح فقال : ( يسلخهما ) ( 3 ) . ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة وبعض الزيدية عن أبي هريرة أنه قال : ( ما أبالي على ظهر خف مسحت أو على ظهر حمار ) ( 4 ) . ثم لا بأس أن ننقل كلام اثنين من أكابر العلماء حول الاستدلال في منع المسح على الخفين : الأول : ليحيى المرتضى من أئمة الزيدية . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 140 › ( 1 ) مسند الإمام زيد بن علي : 72 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 217 . ( 2 ) نيل الأوطار 1 : 177 . ‹ هامش ص 141 › ( 1 ) الاعتصام بحبل الله 1 : 218 . ( 2 ) البحر الزخار 1 : 69 . ( 3 ) الجعفريات : 24 . ( 4 ) مسند الإمام زيد : 74 . ‹ هامش ص 142 › ( 1 ) مسند الإمام أحمد بن حنبل 1 : 366 ، السنن الكبرى 1 : 273 ، المعجم الكبير 11 : 73 / 11140 . ( 2 ) صحيح البخاري 1 : 66 / 202 ، المنتقى من أخبار المصطفى 1 : 107 / 295 . ( 3 ) المعجم الأوسط 3 : 283 / 2902 عن إبراهيم بن نائلة . ( 4 ) المصنف 1 : 186 . ‹ هامش ص 143 › ( 1 ) شرح العناية على الهداية 1 : 99 . ( 2 ) المصنف 1 : 186 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 219 . ( 3 ) بدائع الصنائع 1 : 7 . ( 4 ) مسند الإمام أحمد بن حنبل 1 : 323 ، أنساب الأشراف 1 : 131 ، المبسوط ( السرخسي ) 1 : 98 . ( 5 ) الاعتصام بحبل الله المتين 1 : 218 . ( 6 ) المصنف 1 : 186 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 219 . ‹ هامش ص 144 › ( 1 ) فتح القدير 1 : 99 . ( 2 ) المبسوط ( السرخسي ) 1 : 98 ، شرح العناية 1 : 99 . ( 3 ) التاريخ الكبير 3 : 220 . ( 4 ) المصنف ( العبسي ) 1 : 186 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 219 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
#4 |
خادم الحسين
![]() |
![]() قال الإمام الزيدي : ( والإمامية والخوارج وأبو بكر بن داود لا يجزئ ، للآية ، ولقوله ( صلى الله عليه وآله ) لمن علمه : " فاغسل رجليك " . وألغى المسح ، وقوله بعد غسلهما : " لا يقبل الله الصلاة من دونه " ، وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : " ويل للعراقيب من النار " ، وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : " لا يقبل الله صلاة امرئ " . . . الخبر . فأما أخبارهم فمنسوخة بآية المائدة ، لقصة عمار مع ابن أبي وقاص ، وقول ابن عباس ( رضي الله عنه ) : ( ما مسح رسول الله ) ، وعن علي ( عليه السلام ) : " سبق الكتاب الخفين " وغير ذلك . قالوا : لا تنافي ، فلا نسخ . قلنا : بل نسخ الإجزاء كاستقبال بيت المقدس ، ولتصريح أكابر الصحابة . قالوا : أسلم جرير بعد المائدة ، وروى المسح . قلنا: روايتنا أرجح ، وللقدح في جرير ، سلمناه فلعله رآه قبل إسلامه . قالوا : في نزعهما حرج كالجبائر . ‹ صفحة 145 › قلنا : في حل الجبائر ضرر . وقد نقل كثير منهم عن علي ( عليه السلام ) كقولهم . قلنا : ولعل وجه قدح الإمام الزيدي في جرير بن عبد الله هو ما ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي ، حيث قال : روى الحارث بن حصين أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دفع إلى جرير بن عبد الله نعلين من نعاله ، وقال : " احتفظ بهما ، فإن ذهابهما ذهاب دينك " . فلما كان يوم الجمل ذهبت إحداهما ، فلما أرسله علي ( عليه السلام ) إلى معاوية ذهبت الأخرى . ثم فارق عليا ( عليه السلام ) واعتزل الحرب . وذكر العلامة المعتزلي أنه كان من المبغضين لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) . وروى عن ابنه أنه قال : هدم علي دارنا مرتين ( 2 ) . وما رواه البلاذري أن جرير بن عبد الله رجع أعرابيا بعد أن دعا عليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بسبب كتمانه لحديث الغدير ( 3 ) . الكلام الثاني : للمفسر الكبير الإمام فخر الدين الرازي . قال الإمام : ( وأطبقت الشيعة والخوارج على إنكاره - أي المسح على الخفين - واحتجوا بأن ظاهر قوله تعالى : * ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) * يقتضي إما غسل الرجلين أو مسحهما ، والمسح على الخفين ليس مسحا للرجلين ولا غسلا لهما ، فوجب ألا يجوز بحكم نص هذه الآية . ثم قالوا : إن القائلين بجواز المسح على الخفين إنما يعولون على الخبر ، لكن الرجوع إلى القرآن أولى من الرجوع إلى هذا الخبر ، ويدل عليه وجوه : الأول : أن نسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز . والثاني : أن هذه الآية في سورة المائدة ، وأجمع المفسرون أن هذه السورة لا ‹ صفحة 146 › منسوخ فيها البتة ، إلا قوله تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ) * فإن بعضهم قال : هذه الآية منسوخة ، فإذا كان كذلك امتنع القول بأن وجوب غسل الرجلين منسوخ . والثالث : أن خبر المسح على الخفين بتقدير أنه كان متقدما على نزول الآية كان خبر الواحد منسوخا بالقرآن ، ولو كان بالعكس كان خبر الواحد ناسخا للقرآن . ولا شك أن الأول أولى لوجوه : الأول : أن ترجيح القرآن المتواتر على خبر الواحد أولى من العكس . وثانيها : أن العمل بالآية أقرب إلى الاحتياط . وثالثها : أنه قد روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : " إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله ، فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه " . وذلك يقتضي تقديم القرآن على الخبر . ورابعها : أن قصة معاذ تقتضي تقديم القرآن على الخبر . الوجه الرابع في بيان ضعف هذا الخبر : أن العلماء اختلفوا فيه ، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( لأن تقطع قدماي أحب إلي من أن أمسح على الخفين ) . وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) أنه قال : ( لأن أمسح على جلد حمار أحب إلي من أن أمسح على الخفين ) . وأما مالك فإحدى الروايتين عنه أنه أنكر جواز المسح على الخفين . ولا نزاع أنه كان في علم الحديث كالشمس الطالعة ، فلولا أنه عرف فيه ضعفا ، لما قال ذلك . والرواية الثانية عن مالك أنه ما أباح المسح على الخفين للمقيم وأباحه للمسافر مهما شاء من غير تقدير فيه . وأما الشافعي وأبو حنيفة وأكثر الفقهاء فإنهم جوزوه للمسافر ثلاثة أيام بلياليها من وقت الحدث بعد اللبس . وقال الحسن البصري : ابتداؤه من وقت لبس الخفين . وقال الأوزاعي وأحمد : يعتبر وقت المسح بعد الحدث . قالوا : فهذا الاختلاف الشديد بين الفقهاء يدل على أن الخبر ما بلغ مبلغ الظهور ‹ صفحة 147 › والشهرة ، وإذا كان كذلك وجب القول بأن هذه الأقوال لما تعارضت تساقطت ، وعند ذلك يجب الرجوع إلى ظاهر كتاب الله تعالى . الوجه الخامس : أن الحاجة إلى جواز المسح على الخفين حاجة عامة في حق كل المكلفين ، فلو كان ذلك مشروعا لعرفه الكل ، ولبلغ مبلغ التواتر ، ولما لم يكن الأمر كذلك ظهر ضعفه ) ( 1 ) . الحاصل : قد عرفت أن جميع الأخبار المروية في المسح على الخفين كان قبل نزول المائدة ، وما صدر عن بعض الصحابة من المسح على الخفين كان إما بسبب عدم درايتهم بحكم المسألة ، أو بسبب اشتباه الأمر عليهم عندما مسح النبي ( صلى الله عليه وآله ) على قدميه بدون نزع الخف ، كما تقدم . ولأجل ذلك اقتصرنا في الكلام في مسألة المسح على الخفين على القدر اللازم من جواز المسح عليه أو عدمه ، ومن أراد الوقوف على تفصيل اختلافات القوم في ( ابتداء المدة ) و ( التوقيت في المسح ) و ( مسح المقيم والمسافر ) و ( كيفية الخف ) و ( الخف فوق الخف ) و ( المسح عليهما بعد الطهارة وعدمه ) و ( محل المسح من الخف ) و ( المقدار المجزئ منه ) و ( في بطلان الوضوء أو المسح فقط بنزع الخفين ) ، فليراجع : ( حلية العلماء ) للقفال الشافعي و ( المبسوط ) للسرخسي الحنفي و ( المقدمات ) لابن رشد المالكي و ( الإنصاف ) للمرداوي الحنبلي و ( المحلى ) لابن حزم الظاهري ، وغيرها من الكتب المفصلة للجمهور . وفي الختام لا بأس بأن نتبرك بذكر خبر مروي عن إمام المتقين ( عليه السلام ) في ذلك : عن أبي بكر بن حزم قال : توضأ رجل ، فمسح على خفيه ، فدخل المسجد فصلى ، فجاء علي ( عليه السلام ) فوطئ على رقبته ، فقال " ويلك تصلي على غير وضوء " ؟ فقال : أمرني عمر بن الخطاب . قال : فأخذ بيده ، فانتهى به إليه ، فقال : " انظر ما يروي هذا عليك " ، ‹ صفحة 148 › ورفع صوته . فقال : نعم أنا أمرته ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح . قال : " قبل المائدة أو بعدها " ؟ قال : لا أدري ؟ قال : " فلم تفتي وأنت لا تدري ، سبق الكتاب الخفين " ( 1 ) . ‹ صفحة 149 › فهرست المصادر . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 145 › ( 1 ) البحر الزخار 1 : 69 ، 71 . ( 2 ) شرح نهج البلاغة 4 : 74 - 75 . ( 3 ) أنساب الأشراف : 2 : 386 . ‹ هامش ص 147 › ( 1 ) مفاتيح الغيب 6 : 166 ، 167 . ‹ هامش ص 148 › ( 1 ) تفسير العياشي 1 : 297 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |