![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() مناقشة آراء الطائفة الأولى وهي تشكل الأقلية من المخالفين وأكثر أصحابها من المتأخرين . وهم على صنفين : الف - القائلون بعدم وجود آية صريحة في القرآن حول المتعة وأنها لم تكن مباحة في الإسلام . . . أولا : لقد صرح أكثر علماء السنة والمفسرين منهم بأن آية " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن " نزلت في النكاح المنقطع ، فمن هؤلاء : 1 - أخرج أبو جعفر الطبري المتوفي 310 ه في تفسيره ج 5 / ص 9 بإسناده عن أبي نضرة قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء ، قال : أما تقرأ سورة النساء ؟ قال : قلت : بلى ، قال : فما تقرأ فيها " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " ؟ قلت له : لو قرأتها هكذا ما سألتك ، قال : فإنها كذا . وفي حديث : قال ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك ( ثلاث مرات ) . وأخرج عن قتادة في قراءة أبي بن كعب : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . وأخرج باسناد صحيح عن شعبة عن الحكم قال : سألته عن هذه الآية أمنسوخة هي ؟ قال : لا وقال علي : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى الا شقي ( 1 ) . وروى عمر بن مرة أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ : " فما استمتعتم به منهن إلى ‹ صفحة 50 › أجل مسمى " . وعن مجاهد : إنها في الآية ، يعني نكاح المتعة . وعن أبي ثابت : إن ابن عباس أعطاني مصحفا فيه : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " ( 1 ) . 2 - قال علاء الدين البغدادي في " تفسيره الخازن " 1 / 357 : قال قوم : المراد من حكم الآية هو نكاح المتعة وهو أن ينكح امرأة إلى مدة معلومة بشئ معلوم ، فإذا انقضت تلك المدة بانت منه بغير طلاق ، ويستبرئ رحمها ، وليس بينهما ميراث و كان هذا في ابتداء الاسلام ثم نهى رسول لله عن المتعة ، ثم ذكر روايات ابن عباس ومنها : أن الآية محكمة لم تنسخ ( 2 ) . 3 - أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفي 458 باسناده في " السنن الكبرى " 7 / 205 عن محمد بن كعب عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال : كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرأون هذه الآية " فما استمتعتم . . . إلى أجل مسمى " ( 3 ) . 4 - وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب لم تنزل آية بعدها تنسخها فأمرنا بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومات ولم ينهنا عنها وقال رجل برأيه ما شاء ( البخاري 3 / 151 ) ( 4 ) . 5 - ذكر أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي : المتوفي 745 في تفسيره 3 / 218 قراءة ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " وقال : قال ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم : إن الآية في نكاح المتعة ، ‹ صفحة 51 › وقال ابن عباس لأبي نضرة : هكذا أنزلها الله ( 1 ) . 6 - قال الحافظ عماد الدين بن كثير الدمشقي المتوفي 774 في تفسيره 1 / 474 : وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة ، ولا شك انه كان مشروعا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك ، ثم قال بعد ذكر بعض أقوال النسخ : وكان ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرأون : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . وقال مجاهد : نزلت في نكاح المتعة ( 2 ) . 7 - قال أبو بكر بن سعدون القرطبي المتوفي 567 في تفسيره 5 / ص 130 عند بيان الاختلاف في معنى الآية : قال الجمهور : ان المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام . وقرأ ابن عباس وأبي وسعيد بن جبير : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . ثم يقول القرطبي في ص 133 : وقال أبو بكر الطرسوسي : ولم يرخص في نكاح المتعة الا عمران بن حصين وابن عباس وبعض الصحابة وطائفة من أهل البيت ( ثم أضاف ) وسائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين على أن هذه الآية منسوخة . وقال أيضا في تفسير قوله تعالى : " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة " : قال القائلون بأن الآية في المتعة هذه إشارة إلى ما تراضيا عليه من زيادة في مدة المتعة في أول الإسلام ، فإنه كان يتزوج المرأة شهرا على دينار مثلا فإذا انقضى الشهر فربما كان يقول : زيديني في الأجل أزدك في المهر ، بين أن ذلك كان جائزا عند التراضي ( 3 ) . 8 - ذكر الحافظ أبو زكريا النووي الشافعي في " شرح صحيح مسلم " 9 / 181 ‹ صفحة 52 › ان عبد الله بن مسعود قرأ : " فما استمتعتم . . . إلى أجل مسمى " ( 1 ) . 9 - قال الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفي 911 ه في " الدر المنثور " : أخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس : كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرأون هذه الآية : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في " المصاحف " والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال : قرأت على ابن عباس . . . ( وقد ذكرناه عن الطبري في ص 22 ) . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ، وأخرج ابن الأنباري في " المصاحف " عن سعيد بن جبير قراءة أبي بن كعب : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل " . وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قراءة ابن عباس . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد : " فما استمتعتم به منهن " قال : يعني نكاح المتعة . وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن الحكم انه سئل عن هذه الآية أمنسوخة قال : لا ( 2 ) . 10 - وقال فخر الدين أبو محمد عثمان بن علي الزيلعي في " تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق " : قال مالك : هو نكاح المتعة جائز ، لأنه كان مشروعا فيبقى إلى أن يظهر ناسخه ، واشتهر عن ابن عباس تحليلها وتبعه على ذلك أكثر أصحابه من ‹ صفحة 53 › أهل اليمن ومكة ، وكان يستدل على ذلك بقوله تعالى : " فما استمتعتم به " . . . ( 1 ) . 11 - قال القاضي الشوكاني المتوفي 1250 في تفسيره 1 / 414 : قد اختلف أهل العلم في معنى الآية فقال الحسن ومجاهد ( 2 ) وغيرهما : المعنى فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الشرعي فآتوهن أجورهن اي مهورهن . وقال الجمهور : ان المراد بهذه الآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام ويؤيد ذلك قراءة أبي بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن " . ثم نهى عنها النبي ( صلى الله عليه وآله ) كما صح ذلك من حديث علي قال : نهى النبي عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، ثم ذكر حديث النهي عنها يوم فتح مكة ويوم حجة الوداع ، فقال : فهذا هو الناسخ ، وحكي عن سعيد بن جبير نسخها بآية الميراث إذ المتعة لا توارث فيها . وعن عائشة والقاسم بن محمد نسخها بآية : " والذين هم لفروجهم حافظون " . ثم قال في قوله تعالى : " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة " اي من زيادة أو نقصان في المهر فان ذلك سائغ عند التراضي . هذا عند من قال بأن الآية في النكاح الشرعي ، واما عند الجمهور القائلين بأنها في المتعة ، فالمعنى : التراضي في زيادة مدة المتعة ونقصانها أو في زيادة ما دفعه إليها في مقابل الاستمتاع بها أو نقصانه ( 3 ) . 12 - ذكر شهاب الدين أبو الثناء السيد محمود الآلوسي البغدادي المتوفي 1270 في تفسيره 5 / 5 قراءة ابن عباس وعبد الله بن مسعود الآية : " فما استمتعتم ‹ صفحة 54 › به منهن إلى أجل مسمى " ثم قال : ولا نزاع عندنا في أنها أحلت ثم حرمت ، والصواب المختار ان التحريم والإباحة كانا مرتين ( 1 ) . 13 - قال ابن جزي محمد بن أحمد الغرناطي المتوفي 741 في تفسيره " التسهيل " 1 / 137 : قال ابن عباس وغيره : معناها : إذا استمتعتم بالزوجة ووقع الوطئ ، فقد وجب إعطاء الأجر وهو الصداق كاملا . وقيل : إنها في نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل من غير ميراث ، وكان جائزا في أول الإسلام فنزلت هذه الآية في وجوب الصداق فيه ، ثم حرم عند جمهور العلماء ، فالآية على هذا منسوخة بالخبر الثابت في تحريم نكاح المتعة . وقيل : نسختها آية الفرائض ، لان نكاح المتعة لا ميراث فيها . وقيل : نسختها " والذين هم لفروجهم حافظون " وروى عن ابن عباس : جواز نكاح المتعة . وروى : أنه رجع عنه ( 2 ) . وغيرهم من العلماء والمفسرين الذين ذكرنا آراء البعض منهم في الصفحات السابقة . أقول : يظهر مما سبق من أقوال المفسرين والعلماء ما يلي : 1 - إن الآية خاصة في نكاح المتعة . 2 - ان جماعة من الصحابة والتابعين قرأوا آية المتعة بزيادة " إلى أجل مسمى " مثل ابن عباس وأبي بن كعب ، وسعيد بن جبير ، والسدي وعبد الله بن مسعود وغيرهم مما يؤكد على عدم امكان تفسير الآية بغير المتعة . 3 - يؤكد جمع من الصحابة على أن الآية محكمة وغير منسوخة . ‹ صفحة 55 › 4 - الاضطراب في النقل حول المبيحين للمتعة مثل عبد الله ابن عباس وعلي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) وسعيد بن جبير ومجاهد الذين بلغت أحاديثهم حد التواتر ونسبة القول بمخالفتهم إياها . 5 - الاختلاف في ذكر الآيات والروايات الناسخة لها . 6 - اعتبار المتعة بعنوان ( نكاح ) خلافا لمن يعتبرها زنا أو سفاحا . 7 - الاختلاف في زمان النهي عن المتعة . 8 - ذكر معنى المتعة وحدودها وحليتها في ابتداء الإسلام . 9 - القول بالنسخ دال على أن الآية نزلت في المتعة ، وسيأتي الكلام ببطلان النسخ مفصلا انشاء الله . اذن فادعاء عدم وجود آية في القرآن حول المتعة باطل وغير صحيح. ثانيا : لقد قال جماعة من الصحابة والتابعين بإباحتها ( غير من ذكرناهم آنفا ) مثل عبد الله بن عمر وأسماء بنت أبي بكر ومعاوية بن أبي سفيان وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وسمرة بن جندب وسلمة بن أمية بن خلف ، ومعبد بن أمية بن خلف وعمرو بن حريث والزبير بن العوام وطاووس اليماني وعطاء أبو محمد المدني وزفر بن أوس ، وغيرهم ( 1 ) . إذن فالقول بأن المتعة لم تكن مباحة في الإسلام ، وانه ليس بيد أحد دليل لإباحتها و . . . إنما ينم عن جهل قائله . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 46 › ( 1 ) كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 2 ص 93 و 94 . ( 2 ) نقلا من كتاب حقوق المرأة في الإسلام للشهيد المطهري ( قدس سره ) ص 44 . ‹ هامش ص 49 › ( 1 ) هذا الحديث مذكور أيضا في تفسير الثعلبي والرازي وتفسير ابن حيان وتفسير النيسابوري والدر المنثور بعدة طرق عند تفسير الآية . ‹ هامش ص 50 › ( 1 ) نقلا عن الغدير : ج 6 ، ص 229 و 206 و 230 . وقد ذكرنا هذا الأخير في السابق . ( 2 ) نقلا عن الغدير : ج 6 ، ص 229 و 206 و 230 . وقد ذكرنا هذا الأخير في السابق . ( 3 ) نقلا عن الغدير : ج 6 ، ص 229 و 206 و 230 . وقد ذكرنا هذا الأخير في السابق . ( 4 ) نقلا عن الغدير 6 / 208 . ‹ هامش ص 51 › ( 1 ) الغدير 6 / 233 و 230 و 231 . ( 2 ) الغدير 6 / 233 و 230 و 231 . ( 3 ) الغدير 6 / 233 و 230 و 231 . ‹ هامش ص 52 › ( 1 ) الغدير 6 / 232 . ( 2 ) الدر المنثور 2 / 140 . ‹ هامش ص 53 › ( 1 ) نقلا عن الغدير 6 / 223 . ( 2 ) لقد ذكرنا عن الطبري وابن كثير وابن حيان والسيوطي ان مجاهدا من رواة القول بنزولها في المتعة . ( 3 ) نقلا عن الغدير 6 / 235 . ‹ هامش ص 54 › ( 1 ) نقلا عن الغدير 6 / 235 ، 233 . ( 2 ) نقلا عن الغدير 6 / 235 ، 233 . ‹ هامش ص 55 › ( 1 ) نقلا عن الغدير 6 / 221 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]() ب - القائلون بأن آية المتعة هي تكرار لآية النكاح الدائم ، والمراد من الاستمتاع هو الجماع والانتفاع . ‹ صفحة 56 › يقول الفيروز آبادي في كتابه " تنوير المقايس من تفسير ابن عباس " : " فما استمتعتم " استنفعتم " به منهن " بعد النكاح " فآتوهن " فأعطوهن " أجورهن " مهورهن ( 1 ) . وقد قال آخرون تارة بالاستناد إلى قول ابن عباس ومجاهد ، كما في تفسير " التسهيل " لابن جزى ، وهامش " تفسير الخازن " لأبي محمد البغوي ، والقاضي الشوكاني في تفسيره ، وتارة بتفسير منهم مثل تفسير أبى السعود العماري الحنفي ، ( هامش تفسير الرازي ) وغيره ، بأن الآية في النكاح الدائم . ملاحظة : ذكرنا قول مجاهد من تفسير ابن كثير ، وقول ابن عباس من تفاسير أخرى عكس ما في تفاسير " التسهيل " ، والبغوي وسيأتي الحديث مفصلا انشاء الله عن رأي ابن عباس وما نسب إليه وهذا الكلام مردود من وجوه : 1 - فإنه لا يشك ذو انصاف وسليقة حسنة ومن تعرف على أصول البلاغة بأن التكرار في الكلام العادي قبيح وغير مقبول من الناحية الأدبية ، فكيف يقبل صدوره من الله في القرآن الكريم ، الذي بلغ من البلاغة واعجاز البيان إلى درجة تحدى كل المتضلعين بالأدب ورجال البلاغة وكل الإنس والجن ، على أن يأتوا بسورة من مثله أو بآية فما تمكنوا ، وهو يكرر كلاما قاله وأكد عليه قبل بضع آيات وبدون اي مبرر : فهذا خلاف الأصل ، بل إن هذا يقتضي التأسيس وبيان حكم جديد ، خصوصا بعد الانتقال منه إلى ذكر المحرمات من النساء في قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم " . . . الخ وقد بين تبارك وتعالى وبكل وضوح حكم النكاح الدائم وملك اليمين والزنى ، ولا ضرورة لبيان الحكم مرة أخرى ، الا اللهم إذا قلنا أن في ذكر الآية حكم تخصيص أو تقييد حيث قال تعالى : " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا ‹ صفحة 57 › بأموالكم محصنين غير مسافحين " . يقول العلامة الطباطبائي في " الميزان " 4 / 275 : ربما قيل : ان قوله تعالى : " وأحل لكم . . . . غير مسافحين " حيث قيد حلية النساء بالمهر وبالإحصان من غير سفاح ولا إحصان في النكاح المنقطع . . . ولذلك لا يرجم الرجل المتمتع إذا زنى لعدم كونه محصنا ، يدفع كون المتعة مرادة بالآية . قال : ولكن يرد عليه ما تقدم من أن المراد بالإحصان في قوله : " محصنين غير مسافحين " هو إحصان العفة دون إحصان التزوج لكون الكلام بعينه شاملا لملك اليمين كشموله النكاح . ولو سلم أن المراد بالإحصان هو إحصان التزوج ، عاد الأمر إلى تخصيص الرجم في زنا المحصن بزنا المتمتع المحصن بحسب السنة دون الكتاب ، فان حكم الرجم غير مذكور في الكتاب . من أصله . ملاحظة : للمزيد من المعلومات في هذا الموضوع يمكن مراجعة آراء العلامة الطباطبائي ( قدس سره ) المذكورة في ص 21 و 26 . 2 - قال أبو بكر الرازي : إنه تعالى ذكر المحرمات بالنكاح أولا في قوله : " حرمت عليكم أمهاتكم * ثم قال في آخر الآية : " وأحل لكم ما وراء ذلكم " . فكان المراد بهذا التحليل ما هو المراد هناك بهذا التحريم ، لكن المراد هناك بالتحريم هو النكاح ، فالمراد بالتحليل هيهنا أيضا يجب أن يكون هو النكاح . وقد أجابه الفخر الرازي بقوله : أما الذي ذكره في الوجه الأول فكأنه تعالى ذكر أصناف من يحرم على الإنسان وطؤهن ، ثم قال : " وأحل لكم ما وراء ذلكم " . اي وأحل لكم وطئ ما وراء هذه الأصناف ، فأي فساد في هذا الكلام ( 1 ) ؟ ‹ صفحة 58 › ملاحظة : لقد التزم البعض من علماء السنة بتأويل الآية بالنكاح الدائم كما التزموا بأنها منسوخة ، ولازم هذا أن يكون النكاح الدائم منسوخا ، والمفروض أن المتعة عندهم منسوخة ، فعلى هذا لا يبقى طريق تحل فيه الفروج الا ملك اليمين ، وهذا لا يمكنهم الإلتزام به ، فلا بد أن يبطل تأويلهم الآية بالنكاح الدائم ، أو يبطل قولهم بالنسخ . 3 - قال تعالى : " فما استمتعتم . . . . ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما " ( 1 ) . يقول الطبرسي ( قدس سره ) : من قال : بأن المراد من قوله : " فما استمتعتم " : الانتفاع والجماع ، قال : المراد " لا حرج " و " لا إثم عليكم فيما تراضيتم به " من زيادة مهر أو نقصانه أو حط أو إبراء أو تأخير . وقال السدي : معناه لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من استئناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل المضروب في عقد المتعة ، يزيدها الرجل في الآجر وتزيده في المدة ، وهذا قول الإمامية وتظاهرت به الروايات عن أئمتهم . . . ( 2 ) . أقول : سياق الآية الكريمة من قوله تعالى : " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم " إلى آخرها يدل على اختصاصها في المتعة ، إذ أن التراضي لا يقع عادة بعد الفريضة في الدوام ، بل يحصل قبل العقد وإبرام العهد ، وذلك في مقدار المهر من تزييد أو تقليل ، كما أن الطرفين يعلمان بدوام العقد ووجوب النفقة وسائر الأحكام ولا معنى لتراض آخر . إن قلت : إنه يزيدها في المهر ، قلت : ان هذه الزيادة لا تسمى مهرا أو أجرا عند العرف بل تسمى هبة أو هدية أو ‹ صفحة 59 › ما شابه ذلك ، وهي غير مختصة بهما بل بين أي انسان وانسان آخر . نعم إن تصورنا زيادة فإنها قد تكون في الإنفاق ، ولكنه يعبر من طرف واحد ولا يقال له ( تراضي ) والذي هو من باب التفاعل ، كما أن هذه الزيادة في الاتفاق لا تسمى مهرا فلذلك ليس هذا محله . والحال ان للمتعة اجلا محدودا ( بعكس الدوام ) والتراضي يمكن ان يحصل في زيادة المدة والتي تتبعها الزيادة في الأجر ، والتراضي بعد الفريضة صادق في هذا الموضع وهو أليق بالمقام . ولذلك نرى صاحب القاموس ( الفيروز آبادي ) الذي فسر كلمته : " استمتعتم " ب استنفعتم ( كما ذكرنا ) ، عندما يصل إلى هذا الموضع لا يجد طريقا سوى تفسير بقية الآية في المتعة ، فيقول في كتاب تنوير المقياس من تفسير ابن عباس 7 ص 55 : " ولا جناح عليكم " ولا حرج عليكم " فيما تراضيتم به " فيما تنقصون وتزيدون في المهر بالتراضي " من بعد الفريضة " الأولى التي سميتم لها " إن الله كان عليما " فيما أحل لكم المتعة " حكيما " فيما حرم عليكم المتعة . ويقال : عليما باضطراركم إلى المتعة حكيما فيما حرم عليكم المتعة . انتهى كلامه . فيكون التراضي بهذه الصورة : هو يرضيها بزيادة في المهر وهي ترضيه بزيادة في الأجل فيتحقق التراضي المطلوب في الآية ، ولا يمكن ذلك الا إذا قلنا بان الآية خاصة في المتعة . وقد أشار القرطبي في تفسيره وكذلك القاضي الشوكاني إلى معنى التراضي في أحد القولين راجع ص 49 و 51 من هذه الرسالة . ملاحظة : قد يطلق الأجر ويراد به المهر في العقد الدائم ، كما في قوله تعالى : " ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن آجورهن " ( 1 ) . وفي قوله تعالى : ‹ صفحة 60 › " فانكحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن " ( 1 ) وفي قوله تعالى : " يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك " ( 2 ) . كما أن كلمة المهر وردت في روايات كثيرة من أهل البيت ( عليهم السلام ) في المتعة فراجع باب 17 و 21 و 27 وأبواب أخرى في " وسائل الشيعة " من أبواب المتعة . 4 - من القائلين بأن آية : " فما استمتعتم به منهن " . . الخ هي في النكاح الدائم هو أبو جعفر النحاس الذي نقلنا كلامه في ص 34 حيث يرد عليه : الف - هذه الرواية انفرد النحاس بذكرها عن طريق علي بن طلحة عن ابن عباس وليس لها ذكر في كتب أخرى . ب - هذه الرواية تخالف أولا لما نقلها بنفسه في نفس الكتاب حيث قال : وقال جماعة من العلماء : كانت المتعة حلالا ثم نسخ الله جل شأنه ذلك بالقرآن ، ومما قال هذا سعيد بن المسيب هو يروي عن ابن عباس وعائشة ، وهو قول القاسم وسالم وعروة . ومناقضة لما نقل عن ابن عباس في كتاب " تنوير المقياس من تفسير ابن عباس " والمذكور في ص 53 من هذه الرسالة ، ثانيا . ج - يقول النحاس في شرحه للرواية التي نقلها : الا أن تهبه أو تهب منه . وهذه الكلمة الأخيرة اي : أو تهب منه . مخصوصة في النكاح المنقطع وغير واردة في الدوام البتة ، لأنها اي المرأة تهب الزوج الصداق وهي تستوهب منه الأجل ولا غير ، وهذا هو قول المجوزين . د - استناده إلى روايات متناقضة في ص 103 و 104 مثل ما روى عن ابن عباس والربيع بن سبرة وخلطه في الشرح مما يدل على تحيزه في هذا الأمر . راجع ‹ صفحة 61 › كلامه في ص 34 من هذه الرسالة . 5 - وأما بالنسبة إلى قول النسفي المذكور في ص 34 : بأن نظم القرآن الكريم يأباه . . الخ يجيبه السيد الطباطبائي في تفسيره قائلا : فكلامه يعطى أنه جعل المراد من المسافحة مجرد سفح الماء وصبه - أخذا بالأصل اللغوي المشتق منه - ثم جعله أمرا منوطا بالقصد ، ولزمه أن الازدواج الموقت بقصد قضاء الشهوة وصب الماء سفاح لا نكاح ، وقد غفل عن أن الأصل اللغوي في النكاح أيضا هو الوقاع ، ففي لسان العرب : قال الأزهري : أصل النكاح في كلام العرب الوطئ ، ولازم ما سلكه أن يكون النكاح أيضا سفاحا ، ويختل به المقابلة بين النكاح والسفاح على أن لازم القول بأن قصد صب الماء يجعل الازدواج الموقت سفاحا أن يكون النكاح الدائم بقصد قضاء الشهوة وصب الماء سفاحا ، وهل يرضى رجل مسلم أن يفتي بذلك ؟ فان قال : بين النكاح الدائم والمؤجل في ذلك فرق : فان النكاح الدائم موضوع بطبعه على قصد الإحصان بالازدواج وإيجاد النسل وتشكيل البيت ، بخلاف النكاح المؤجل . فهذا منه مكابرة ، فان جميع ما يترتب على النكاح الدائم من الفوائد كصون النفس عن الزنى والتوقي عن اختلال الأنساب ، وإيجاد النسل والولد ، وتأسيس البيت يمكن أن يترتب على النكاح المؤجل ، ويختص بأن فيه نوع تسهيل وتخفيف على هذه الأمة ، يصون به نفسه من لا يقدر على النكاح الدائم ، أو لعدم قدرته على نفقة الزوجة ، أو لغربة أو لعوامل مختلفة أخرى تمنعه عن النكاح الدائم . وكذا كل ما يترتب على النكاح المؤجل - مما عده ملاكا للسفاح - كقصد صب الماء وقضاء الشهوة فإنه جائز الترتب على النكاح الدائم ، ودعوى أن النكاح الدائم بالطبع موضوع للفوائد السابقة ، ونكاح المتعة موضوع بالطبع لهذه المضار اللاحقة - على أن تكون مضارا - دعوى واضحة الفساد . ‹ صفحة 62 › فان قال : إن نكاح المتعة لما كان سفاحا كان زنا يقابل النكاح . رد عليه : بأن السفاح الذي فسره بصب الماء أعم من الزنى ، وربما شمل النكاح الدائم ولا سيما إذا كان يقصد صب الماء ( 1 ) . انتهى كلامه " ره " . وما نقله النسفي عن أبي بصير عن الصادق ( عليه السلام ) ( في ص 34 من هذه الرسالة ) واستدلاله على نفي زوجية المرأة المتمتع بها ، دليل على جهله وقصر فهمه وعدم ادراكه لكلام الإمام ( عليه السلام ) الذي يروي عنه الشيعة العشرات من الأحاديث المعتبرة بحليتها ، وبل باستحبابها في موارد خاصة . ويرد الفخر الرازي على كلام أبى بكر الرازي بقوله : واما قوله : ثالثا : الزنا إنما سمي سفاحا لأنه لا يراد منه الا سفح الماء ، والمتعة ليست كذلك ، فان المقصود منها سفح الماء بطريق مشروع مأذون فيه من قبل الله ، فان قلتم : المتعة محرمه ، فنقول : هذا أول البحث ، فلم قلتم : إن الامر كذلك ، فظهر أن الكلام رخو ( 2 ) . ولو أن النسفي كان يمعن النظر في كلام الإمام ( عليه السلام ) لعلم أنه ( اي الإمام ) قصد من كلامه " لا ولا من السبعين " : ان حكم امرأة المتعة يختلف عن الدائمة من حيث العدد ، بل يجوز الزواج منهن بأكثر من أربع . وذكره ( عليه السلام ) لعدد السبعين انما هو من باب المبالغة . ومعناه : اي يجوز الزواج حتى بسبعين من نساء المتعة وبدون التقيد بالأربع . هذا ولم ينف ( عليه السلام ) زوجيتها . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 56 › ( 1 ) تنوير المقياس : 55 . ‹ هامش ص 57 › ( 1 ) تفسير الرازي 10 / 53 . ‹ هامش ص 58 › ( 1 ) النساء : 24 . ( 2 ) مجمع البيان 3 / 33 . ‹ هامش ص 59 › ( 1 ) سورة الممتحنة : 10 . ‹ هامش ص 60 › ( 1 ) سورة النساء : 25 . ( 2 ) سورة الأحزاب : 50 . ‹ هامش ص 62 › ( 1 ) الميزان 4 / 301 . ( 2 ) تفسير الرازي 10 / 53 . تم تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |