![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 12 -------------------------------------------------------------------------------- 1 ـ التوحيد في العبادة أساس دعوة الأنبياء التوحيد في العبادة يُشكِّل أساس دعوة الأنبياء في جميع عهود الرسالة السماوية، والمقصود منه دعوة الإنسان إلى عبادة الله، وردعه عن عبادة غيره أيّاً كان. فالتوحيد في العبادة، وتحطيم أغلال الشرك والوثنيّة، هو الحجر الأساس للتعاليم السماوية، فكأنّ الأنبياء والرسل لم يُبْعَثوا إلاّ إلى هذا الهدف الوحيد وهو، تثبيت دعائم التوحيد ومكافحة الشرك بعامّة ألوانه، وأخصّ منها بالذكر، الشرك في العبادة. لقد جاءت تلك الحقيقة في الذكر الحكيم بجلاء، إذ قال تعالى: { ولقد بعثنا في كلّ أُمة رسولا أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } (النحل/36). وقال سبحانه: { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنّه لا إله إلاّ أنا فاعبدون } (الأنبياء/25) وفي موضع آخر يصف القرآن الكريم التوحيد في العبادة: الأصل المشترك بين جميع الشرائع السماوية إذ يقول: { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبدَ إلاّ إيّاه ولا نشرك به شيئاً } (آل عمران/64). إنّ القرآن الكريم يصوِّر موقفَ المشرك في الحياة بالذي خرّ من السماء فلا يكون مصيره إلاّ طُعماً للصقور والنسور، أو ملقىً في مكان سحيق، قال سبحانه: { ومن يشرك بالله فكأنّما خرّ من السماء فتخطّفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } (الحج/31) فما هذا إلاّ لأنّ المشرك اعتمد في الحياة على ما ليست له مسحة من الواقعية أو لمسة -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 13 -------------------------------------------------------------------------------- من الصدق فاعتمد على المخلوق المحتاج، واتّخذه عماداً في حياته، وزعم أنّه ينفع ويضرّ مع أنّه ليست له أيّة مقدرة لحفظ نفسه فضلا عن صيانة عابده، فأشبه بمن خرّ من السماء فليس له أيّ صائن يصونه من السقوط أو يحفظه من شرور الطيور أو السقوط في مهاوي الأودية. فنبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب هذه الآيات ووفقَ ما وَصَلَنا من حياته، كافح الشرك في العبادة بكل حول وقوة، وجعله السبيل إلى سائر دعواته، كما كافح سائر ألوانه وإن كان التركيز على الشرك في العبادة أكثر. فالمسلم لا يدخل في حظيرة الإسلام إلاّ بالاعتقاد بهذا الأصل الذي لا يقبل التخصيص ولا التقييد، فالعبادة بمعناها الحقيقي، مختصة بالله سبحانه لا تعمّ غيره وإشراك الغير معه ظلم وتعدٍّ على حدود الله قال سبحانه حاكياً عن أحد عباده الصالحين: { يا بُنيّ لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلمٌ عظيم } (لقمان/13). فعلى ضوء ذلك فكل عمل في الشريعة الإسلامية يجب أن ينطبق على هذا الأصل ولا يتعدّاه، حتى لو ورد في حديث، أو نقل عن إمام شيء يزاحم ذلك الأصل فهو كذب على النبي أو الإمام، وهو مرفوض يضرب عرض الجدار. 2 ـ البدعة في الدين وهناك أصل آخر له الأهمية الخاصة بعد ذلك الأصل وهو حرمة البدعة والتدخّل فيما يرجع إلى الشريعة الإلهية من عند نفسه، وذلك لأجل حصر التشريع في الله سبحانه، وانّه ليس لأحد الدخول في تلك -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 14 -------------------------------------------------------------------------------- الحظيرة، أعني: حظيرة التشريع، وأنّه ممّا يختص به سبحانه، فمن نازعه في التشريع وأدخل في شريعته ما ليس منه، فهو مبطل مبتدع، وفي الذكر الحكيم آيات كثيرة تُحْصِر التشريع في الله سبحانه وتسلب ذلك الحق عن غيره، نشير إلى بعضها: قال سبحانه: { إن الحكم إلاّ لله أمر ألاّ تبعدوا إلاّ إيّاه ذلك الدِّين القيّم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون } (يوسف/40) والمراد من الحكم، هو التشريع والتقنين، بقرينة قوله: { أمر ألاّ تبعدوا إلاّ إيّاه }. ويقول سبحانه: { وكيف يحكّمونك وعندهم التَّوراة فيها حكم الله ثم يتولّون من بعد ذلك وما أُولئك بالمؤمنين } (المائدة/43). ترى أنّه سبحانه يذمُّ اليهودَ في إعراضهم عن التوراة وفيها حكم الله وتحكيم النبي الأكرم، وما هذا إلاّ لأنّ التشريع خاص بالله تعالى وليس لأحد في التشريع أيّ حقّ. يقول سبحانه في ذمّ اليهود وأحبارهم حيث كانوا يعدلون عن حكم الله إلى حكم آخر طمعاً في الدنيا إذ ينددهم بقوله: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون } (المائدة/44). وقال: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الظّالمون } (المائدة/45). وقال: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الفاسقون } (المائدة/47). فهذه الآيات ونظائرها، دليل على أنّه ليس لأحد الحكم إلاّ وفق ما شرّع الله، ومن خرج في حكمه عن إطار التشريع الإلهي فهو كافر وظالم وفاسق. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 15 -------------------------------------------------------------------------------- وهناك كلمة قيّمة عن أحد أئمة أهل البيت محمد الباقر (عليه السلام) إذ يقول: " الحكم حكمان: حكم الله، وحكم أهل الجاهلية فمن أخطأ حكمَ الله حكم بحكم أهل الجاهلية "(1). إنّ الآيات الدالّة على ذم التشريع والتدخل في شؤون الله تعالى كثيرة تجمعها البدعة في الدين، من غير فرق بين الإفتاء بما خالف الكتاب والسنّة أو إدخال ما لم يرد فيها ورميه بالله، فالمعنى الجامع للبدعة هو الافتراء على الله ورسوله ونشر المفترى بين الأُمة باسم الدين، يقول سبحانه: { ومن أظلم ممّن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنّه لا يفلح الظالمون } (الأنعام/21). ترى أنّه سبحانه يُلقِّن النبيَّ الأكرم أن يجيب المشركين الذين اقترحوا عليه أن يأتي بغير هذا القرآن أو يبدّله فيقول: { قل ما يكون لي أن أُبدّله من تلقاء نفسي إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليَّ إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم } (يونس/15). وقال الرسول: " إنّ أصدقَ الحديث كتاب الله، وإنّ أفضل الهدى هدى محمد، وشر الأُمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار "(2). يقول ابن حجر في تفسير قوله: { وشرّ الأُمور محدثاتها }: " المحدثات جمع محدثة، المراد ما أحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمّى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة "(3). ____________ 1- الوسائل: 12، الباب 5 من أبواب صفات القاضي، الحديث 6. 2 و 3- العسقلاني: فتح الباري في شرح البخاري: 13/153. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 16 -------------------------------------------------------------------------------- فهذان الأصلان اللّذان أشرنا إليهما على وجه الإيجاز، ممّا اتّفقت عليها الأُمة الإسلامية جمعاء على اختلاف مذاهبهم في الأُصول والفروع، ولا تجد حكيماً أو متكلماً أو فقيهاً ينبس ببنت شفة على خلاف ذلك، فكيف لا وشعار المسلمين في جميع العصور على أن لا معبود إلاّ إيّاه، ولا حاكم ومشرّع إلاّ هو. فالمسلم يتلو كل يوم قوله: { إيّاك نعبد وإيّاك نستعين } (الحمد/5). كما يتلو قوله سبحانه: { يا أيّها الَّذين آمنوا لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله واتّقوا الله إنّ الله سميعٌ عليم } (الحجرات/1). وقوله سبحانه: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبيناً } (الأحزاب/36). وقوله سبحانه: {إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتقون } (الأنعام/153). فالمُبْتدع هو المشرّع المعرِضُ عن سبيل الله، التابعُ لغير سبيله، المفرِّق جماعة المسلمين عن سبيله سبحانه، لا بل هو المفتري الكذّاب الذي يفتري على الله سبحانه ويقترف أفضح المعاصي فمصيره إلى النار. * * * إذا وقف على موقف الأصلين فالهدف هو تبيين مفهوم التوسّل وبيان أقسامه وأحكامه في ضوء الكتاب والسنّة ولا تتخطاهما قيد شعرة، فما سوّغه الكتاب والسنّة النبوية، جعلناه في قائمة التوسّل المشروع، وما خالفهما، تركناه في قائمة الممنوع والمرفوض، -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 17 -------------------------------------------------------------------------------- وسيوافيك أنّ الممنوع منه، ما يمسّ كرامة التوحيد في العبادة، أو يكون تدخلا في أمر التشريع، ومصداقاً للبدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان. وقد اعتمدنا في فهم أحكامه، على غُرّ الآيات ومحكماتها، وصحاح السنّة وحسانها والسيرة الرائجة بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان التي نكشف بها عن وجود دليل عليه وصل إليهم ولم يصل إلينا. ولم نتّخذ في ذلك موقفاً مسبقاً حتى نُخْضِع الأدلة عليه، بل اتّبعنا مرامي الكتاب ومقاصد السنّة. * * * |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |